المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسرحية بعنوان لا شرف بعد اليوم لطلاب السنة 1 ثانوي علمي.


haryd12
03-02-2010, 05:22 PM
الشخصيات:
محمود الشريف: البطل الرئيسي، مدرس ثم مدير مدرسة يستمر في الترقية حتى يصبح مديرا للمديرية.
فطومة: زوجته متعلمة ولكن بدون عمل، ربة بيت.
عادل، حنان، حازم، سامر وسلوى: أبناء وبنات محمود وفطومة.
اللواء يحيى: محافظ المحافظة.
العقيد بدر : مدير المديرية.
مسعود: أخو فطومة، مدرس، في مدرسة محمود.
نادر :سكرتير مجلس المدرسة.
صالح الأدهم،
حمود عبد الجليل: صديقا محمود يشاركانه كل همومه.
صمام الأمين، وحسين الأكسر: صديقان سابقان لمحمود، انخرطا لاحقا في التجارة والأعمال الحرة.
عبد الوكــيل: مقاول.
مخلوس: تاجر جملة.
أبوبكر: متعهد مشتقات نفطية وخدمات السيارات.
ســــــوار :صاحب مؤسسة صرافة وتجارة العملة.
ناصر : مدير مكتب مدير المديرية.
عبد الحميد وعبد الوهاب: طالبان متفوقان في الرياضيات.
مدراء عموم.
مهنئون.
مواطنون.
طلاب.
مدرسون.
جمهور غفير من مختلف الفئات.
الفصل الأول
المشهد الأول
(فصل دراسي فيه كراسي تمتلئ بالطلاب والطالبات، مكتب المدرس بجوار اللوحة حيث يقوم محمود مدرس الرياضيات بتوزيع نتائج امتحان الفصل في مادة الرياضيات على الطلاب)
محــــــــــــمود: صباح الخير أيها الأحباب، طبعا كلكم متلهفون لسماع نتائج الامتحان، وفي حقيقة الأمر، أنا مبسوط من النتيجة العامة هناك إجابات تثلج الصدر تدل على عبقريات قادمة إذا ما تمت رعايتها وحرص أصحابها على المواظبة والمثابرة ليتحولوا من مجرد متلقين للنظريات
الرياضية إلى مبدعين ومبتكرين، وأنا سأخص هنا بعض الأسماء أرجو أن ما يتحسس البقية لأن الكل يمكن أن يتحول إلى عبقري، ولكنني فقط أشير إلى بعض المبدعين في إجاباتهم، مثلا الطالب عبدالحميد.......، إنهض يا عبدالحميد!
عبد الحـــــميد: (ينهض من وسط الصف)
محــــــــــــمود: (مواصلا) عبد الحميد يا أحبابي ابتكر طريقة لحل للمعادلة ذات المجهولين من الدرجة الثانية، من عنده، أنا لم أشرحها لكم وستدرسونها في السنة القادمة، وهو أتى بهذا الحل دون أن يتعلمه ولكنه ابتكره من عنده، وهذا هو الابتكار الذي نبحث عنه عند كل الطلاب، طبعا أنا حاولت أن أجد غلطة ولو صغيرة عند زميلكم عبد الحميد ولكن فشلت ولذلك فقد حصل عبد الحميد على العلامة كاملة، ولو كان هناك أكثر من 100% لأعطيته إياها، أرجو أن تتكرموا بالتصفيق له تقديرا على هذا التفوق والعقلية الابتكارية.
(تصفيق عاصف لعبد الحميد الذي يتقدم لا ستلام ورقته وهو مملوء بالحرج والخجل المصحوب بالشعور بالظفر)
محــــــــــــمود: (مواصلا): طبعا عبد الحميد ليس الوحيد ذا العقلية الابتكارية، زميلكم عبد الوهاب أيضا ابتكر طريقة مغايرة لحل المسألة المتعلقة بتماس الدائرتين معتمدا على نظرية المثلث القائم الزاوية، وأنا أيضا أحييه فقد حصل على العلامة كاملة.
(تصفيق عاصف لعبد الوهاب الذي يتقدم لاستلام ورقته)
محــــــــــــمود: (يواصل) وطبعا هناك حوالي خمسة إلى ستة طلاب وطالبات ممن حصلوا على العلامة كاملة وإن بدون ما أسميته بالعمليات الابتكارية، وهناك زملاء وزميلات لكم حصلوا على علامة جيدة جدا وهم ممكن يطبقوا المادة فيما لو عملوا قليلا من العصف الذهني، سأورد أسماءهم أثناء التوزيع، وهناك زملاء وزميلات لكم يمكن بجهد إضافي أن يتحولوا من مجرد ناجحين إلى متفوقين، وهناك آخرين أرجو منهم أن يعيدوا العام الدراسي وأن يتعبوا قليلا ليتمكنوا من الفوز بل ومن التفوق مثل بقية الزملاء.
(يسيطر على القاعة قدر من الوجوم، وفي هذه اللحظة يبدأ محمود بمناداة الأسماء وتوزيع أوراق نتائج الامتحان).
محــــــــــــمود(يقرأ الأسماء): بثينة أحمد عبد الله، 95%
(تصفيق)
محــــــــــــمود: (يواصل): حسين صالح حمود، 65% زهرة منصر الزهيري، 100 % (تصفيق)
مصلح علي الرديني، 45%
كرامة عبد الواسع شوعي 77%
روزا فرج الحاشدي 66%
سامي علي ناصر، 98%
ناصر عقيل درهم، 51%
عادل محمود الشريف 39%
(يتلفت الطلاب باستغراب، إلى بعضهم وإلى عادل، فهو ابن المدرس وقد رسبه في مادته وهذا ما لم يحصل من قبل)
محــــــــــــمود: (يتجاهل الصخب الذي أحدثته الواقعة فيحاول السيطرة على الصف مرة أخرى).
(مواصلا) شيماء ثابت محمود، 75%
ـ غلام مشرف خان، 88%
أنيسة دعبول ناصر، 43%
علي حسن الهمام 52%
حسن عبد الله البطش 66%
حسينة عبود قاطش 56%
(يواصل محمود قراءة النتيجة بصوت يتراجع تدريجيا حتى يختفي الصوت)
يسدل الستار
المشهد الثاني
( في منزل محمود, منزل عادي، غرفة استقبال فيها عدد من الكراسي والكنبات، وطاولة صغيرة في الوسط، يدخل محمود مفتشا في بعض الأوراق ويتقاطر أفراد الأسرة للإحاطة به في صمت ، ثم يسأل محمود).
محــــــــــمود: فطومة يا فطومة!
فـــــــطومة: (تجيب من غرفة داخلية) أيوه يا محمود.
محــــــمود: هاتوا لنا إذا معاكم غدا لأن باقي معي اجتماع بعد الظهر، وعاوز أرتاح شويه، قبل ما أروح الاجتماع.
فـــــــطومة: (تدخل حاملة سفرة بلاستيكية، وصحن وبعض أوعية المطبخ، ولكنها تخاطبه ببعض الغضب) الغدا جاهز يا محمود، بس قل لي أيش المصيبة اللي سويت لنا اليوم؟
محــــــــــمود: أيش من مصيبة، حصلت وأنا لا أعلم بها.
فـــــــطومة: كيف لا تعلم بها وأنت اللي صنعتها؟
محمود: قولي لي أيش اللي حصل بلا حريق أعصاب ،(متسائلا) حد مات من العيال لا سمح الله؟ والا حد حصل له مكروه من الأسرة؟
فـــــــطومة: لا, لا, لا حد مات ولا حد حصل له مكروه، إلا انته جبت لنا المصايب والمكاره.
محــــــــــمود: يا مرة أسألش بالله خففي عليا وافصحي لي أيش المشكلة على شان أقدر أفكر كيف با نحلها مع بعض.
فـــــــطومة: ولا با نحلها مع بعض ولا حاجة، أنت اللي صنعتها وأنت اللي با تحلها.
محــــــــــمود: (يحاول السيطرة على أعصابه) طيب ممكن تقولي لي أيش حصل وتريحيني من حريق الدم؟
فـــــــطومة: اللي حصل أنك رسبت ابنك في الامتحان عنوة من بين كل الطلاب، عاد شي مصيبة أكبر من هذه؟
محــــــــــمود: (يتنفس الصعداء ويحاول استعادة الهدوء) يا فطومة خافي الله أنا قلت ما أدري أيش اللي استوى، فزعتيني خليتيني أفقد أعصابي، واروح بعيـــــــــــد.
فـــــــطومة: (بعد أن تترك ما بيديها على الطاولة وهي ما تزال قائمة) ما فيش أبعد من هذه الجريمة اللي سويتها اليوم.
محــــــــــمود: يا بنت الناس هذه قضية عادية كل الأسر فيها طلاب يرسبون في الامتحان، ولما يعيدوا السنة ينجحون إذا شدوا حيلهم، وبعدين عادل مش الوحيد الذي رسب في الرياضيات، على الأقل هو حصل على 39 علامة، هناك من حصل على خمس وسبع علامات.
فـــــــطومة: أني ما يهمني الناس أني يهمني ابني وبس.
محــــــــــمود: خلاص إذا ما يهمك الناس عادل من الناس قفلي على الموضوع.
فـــــــطومة: عادل مش من الناس عادل إبني وإبنك يا محمود، عمرك سمعت عن مدرس يفشل ابنه؟
محــــــــــمود: (يتساءل بغضب) يعني أنت تشتيني أنجحه فقط لأنه إبني؟
فـــــــطومة: وليش لا، مش مفروض أنك رب الأسرة ومسؤول عن مستقبل أولادك.
محــــــــــمود: أنا رب الأسرة، مسئول عن تربيته ومصاريفه وتعيلمه، لكن ليس من حقي أمنحه علامات لا يستحقها لمجرد إنه إبني، ولو كل واحد ينجح ابنه الفاشل لخرب التعليم من زمان.
فـــــــطومة: يا رجل خاف الله روح شوف حالة الولد من يوم عاد من المدرسة وهو قافل على نفسه الغرفة ومش راضي يكلمنا.
محــــــــــمود: من حقه أن يغضب، ولو كنت محله لغضبت أنا أيضا، ويمكن الغضب يخليه يشد حيله ويضاعف جهده.
فـــــــطومة: (بصوت مملوء بالعاطفة والانكسار) أني خايفة يعمل بنفسه حاجة.
محــــــــــمود: ولا يعمل ولا حاجة، وبعدين هذه مش أول مادة يرسب فيها عادل، وفي كل مرة يزعل شويه وينسى.
فـــــــطومة: بس يا محمود هذا ابنك وأنت السبب في رسوبه، هل فكرت بهذا؟
محــــــــــمود: أنا لست السبب في رسوبه هو سبب ما يلاقي من نتائج، لو أنه شد حيله شويه كان نجح ، ولو ضاعف جهده كان يمكن يطلع ضمن المتفوقين لكن أيش أسوي له؟ راجل مش عاوز يتعلم، أنجحه بالغصب؟
فـــــــطومة: لكنك كان يمكن تساعده وتخليه يفوز، (ثم مؤنبة) حرام عليك يا راجل.
محــــــــــمود: (بغضب) أقول لك إذا كررت هذا الكلام أنا سيكون لي معك تصرف ثاني، كيف تسمحين لنفسك تدفعيني نحو ارتكاب جريمة الغش والكذب هكذا بأعصاب باردة؟ هل تعتقدين أنني بلا ضمير وما عندي إحساس حتى أرسب الفاشلين كلهم وأنجح ابني، وبعدين كيف سيكون موقفي أمام الطلاب والطالبات الذي يعرفون مستوى عادل، الذي طوال السنة لم يحل حتى مسألة رياضية واحدة، ولا مرة حتى دخل في المناقشة الشفوية، ودائما في التمارين علامته أقل من
50%، ولا يعرف الفرق بين عملية الجمع، والمعادلة ذات المجهول الواحد.
فـــــــطومة: بس يا محمود. . .
محــــــــــمود: (يغضب ويرد بصرامة شديدة) أقول لك بس، قفلي على الموضوع قبل ما أغلط في حقك وحق نفسي، أنت مش عارفة أنني تصديت لزميلي الذي قدم ابنه بعلامة واحدة على بنت عامل النظافة، المتفوقة؟ أم أنك لا تعلمين أنني تضاربت مع التاجر الذي جاء يقدم لي هدية على شان أفوز ابنه؟
فـــــــطومة: طيب وأيش استفدت من كل هذا؟
محــــــــــمود: استفدت أنني أقمت كلمة الحق ونهيت عن كلمة الباطل، استفدت أنني أمرت بالمعروف ونهيت عن منكر، استفدت أنني حافظت على نقاوة ضميري وهذا مبدأ لن أحيد عنه حتى لو كنت المتضرر منه أنا ذات نفسي، افتهم لك يا فطومة؟
فـــــــطومة: (بما يشبه الاستسلام) طول عمرك دماغك ناشف مثل الحجر (ثم تذهب باتجاه المطبخ)
يسدل الستار
المشهد الثالث
(مكتب مدير المدرسة، كرسي ومكتب المدير مع غرفة استقبال عادية، يتغير فيها عدد الموجودين بين وافدين ومغادرين.
يتقاطر المدرسون وبعض الشخصيات الاجتماعية للمباركة لمحمود بمناسبة تعيينه مدير المدرسة ثم اجتماع مجلس المدرسة)
مهــــــــــــنئ1: على كلٍ. . . .نحن فقط جئنا نقدم التهاني لأنفسنا وللأستاذ محمود، فألف مبروك وأرجو أن تسمح لنا بالمغادرة يا أستاذ.
محـــــــــــــمود: (ينهض لتوديعه) الله يبارك فيك شكرا لك.
مهـــــــــــنئ 2: مبروك ونسأل الله أن يوفقك يا أبو عادل.
محـــــــــــــمود: (يودعه) شكرا لك . . ألله يوفقنا جميعا.
(ينهض جزء كبير من المهنئين يقبلون الأستاذ محمود الذي يبادلهم العناق ثم ينصرفون ولا يبقى إلا المدرسون، أعضاء مجلس المدرسة).
محـــــــــــــمود: (يعلن بدء اجتماع مجلس المدرسة) طيب يا زملاء، نحن اليوم وفي أول اجتماع لمجلس المدرسة سنتوقف عند القضايا العامة ولن نخوض في التفاصيل فهذا متروك لاجتماعات قادمة، هل اكتمل أعضاء المجلس؟
نـــــــــــــادر: الغالبية موجودة، لم يتغيب إلا الأستاذ حسن، وهو مسافر للعمرة، والأستاذ عثمان ما زال في استراحة بعد العملية، والأستاذ مسعود لا أدري سبب تأخره وقد يأتي في أي لحظة.
محـــــــــــــمود: غريبة! أيش أخر مسعود وهو البارح كان عندي وبلغته شخصيا بالاجتماع وأبدى استعداده للحضور؟
محـــــــــــــمود: (يواصل) على كل، أشتي أقول لكم اليوم وفي أول اجتماع لمجلس المدرسة أنه أنا كنت رافض أمسك الإدارة، وحاولت أتهرب ولكن دون
جدوى، وعندما وجدت نفسي مضطرا للقبول بالمهمة أنا اشترطت على إدارة التربية أن لا يتدخل أحد في عملي، وأن أعمل بمبادئي التي يعلمها الجميع الكل يصيح: "الأمانة، الصدق، العدل وإعطاء كل ذي حق حقه".
محـــــــــــــمود: يا سلام، والآن أقول لكم، هذا الشعار سأحققه من خلال التقيد بروح القانون.
(في هذه اللحظة يدخل مسعود عضو المجلس وصهر المدير).
محـــــــــــــمود: أين كنت يا مسعود، ألم أقل لك البارح أن موعد الاجتماع هو الساعة العاشرة صباحا؟ والآن الساعة صارت الحادية عشرة؟
مســـــــــــعود: أنا آسف يا صهير، كبست علي نومة ولم أقم إلا قبل عشر دقائق وجئت جري إلى هنا.
محـــــــــــــمود: (بحدة غير خافية) هنا ما فيش صهير، هنا مكان عمل، والصهارة مكانها ثاني، وبعدين ما دمت عارف أن معك عمل صباحا من أجبرك تجلس مخزن إلى وقت متأخر؟
مســـــــــــعود: يا أستاذ محمود، كان عندي ضيوف وبعدين أنت عارف أننا
ما نقدر نتخلى عن القات. . .
محـــــــــــــمود: خلاص خلاص، عرفنا، القات الذي خزنت مش أصلي، يا مسعود، القات ما منه إلا المصائب، (ثم موجها حديثه إلى بقية أعضاء المجلس) لو ما القات كان نحن قد صرنا زي بلاد الدنيا، مش جالسين تحت نير الجهل والتخلف والحاجة، وانتظار إعانات الخارج، ومنتجات الخارج، وخبرات الخارج، (ثم مغيرا نبرة الحديث) طيب يا أستاذ مسعود، رجاء هذه آخر مرة
تتأخر فيها، لا ترغمني على البدء بإجراءات عقابية.
على كل حال، دعونا نعود إلى موضوعنا،كنت أقول للزملاء أنني أكره أن أصطدم بالناس أو أن أدخل في خصام مع أحد، لكن عندما يكون الموضوع هو الحق فأنا على استعداد أن أختلف حتى مع أقرب أقربائي، فأرجو أن تستوعبوا هذه الجزئية جيدا، هذا أولا، ثانيا: العمل في المدرسة (أي مدرسة) هو عمل جماعي، عمل تكاملي لا أنا أستطيع أن أعمل حاجة بدونكم ولا أنتم معا أو فرادى قادرين أن تعملوا شيء بدون الآخرين، طبعا المدرسة مسئولية الكل وليست مسئولية المدير وحده، فأرجوا أن تفهموا أن مهمتنا مشتركة، وكل نجاح هو نجاح للجميع، وكل فشل سنكون مسئولين عنه جميعا، حتى لو كان المتسبب فيه هو مراسل المدرسة، أو البستاني، هل فهمتم قصدي أيها الزملاء.
(الكل يقابل كلام المدير بالتصفيق علامة على الموافقة واستيعاب الأفكار الواردة فيه).
محـــــــــــــمود: إذن ننهي الاجتماع اليوم وسنلتقي الأسبوع القادم وفي هذا المكتب، الساعة العاشرة صباحا من يوم السبت، تفضلوا كل واحد يشوف شغله.
(ينصرف المدرسون)
يسدل الستار
المشهد الرابع
(مكتب مدير المدرسة، محمود يعالج بعض الأوراق بينما يدخل مسعود غاضبا وبلهجة تفتقد إلى اللياقة يخاطب محمود)
مســـــــــــــعود: أيش هذا يا محمود، مالك حامي علينا وكأننا ارتكبنا جريمة؟
محـــــــــــــمود: (وما يزال منشغلا بمراجعة بعض الأوراق) عن ماذا تتحدث يا أستاذ مسعود؟
مســـــــــــــعود: يا صهير حرام عليك، (ثم متسائلا) خصم يوم على شان تأخرت ساعتين عن الدوام؟
محـــــــــــــمود: (بغضب وحدة) أولا: أنا سبق وقلت لك، الصهير هنا ليس مكانها، الصهير مكانها البيت، ونحن هنا زملاء عمل ولسنا صهير وصهيره، هذا أولا وأرجو أن لا أسمعها منك مرة ثانية في المدرسة، ثانيا إذا كان الخصم على الغياب حرام فما هو الحلال،؟ أن أعطيك ما لا تستحق؟ أن أسجلك حاضرا وأنت غائب، أم أن أعطيك مكافأة على غيابك وأعاقب الحاضرين بسبب حضورهم مثلا؟ أنت غبت ساعتين والساعتين فيها حصتين عندك، وبقي الطلاب بلا مدرس، ولو كل واحد فعل مثلك لأصبحت المدرسة، بلا مدرسين.
مســـــــــــــعود: بس يا محمود أنت عارف أنني قد كلفت الأستاذ طاهر.
محـــــــــــــمود: أريد أن أبلغك أنت وبقية الزملاء المدرسين، التكليف ممنوع، على الإطلاق وإذا هناك ظرف قاهر يستدعي هذا النوع من العلاقة الممقوتة يجب إبلاغ المدير، أو النائب في حالة غياب المدير، وبعدين الأستاذ طاهر لم يحضر وقد خصمت عليه مثلك رغم أنه ليس لديه حصة في هاتين الساعتين ولا في اليوم كله.
مســـــــــــــعود: والله هذا ظلم، ظلم، حرام عليك يا راجل اتق الله هذه مصاريف أولادي.
محـــــــــــــمود: لما انت عارف أنها مصاريف أولادك، فما عليك إلا أن تكف عن الاستهتار، وتحضر الدوام في وقته وبعد الدوام إذهب حيث ما تشاء.
مســـــــــــــعود: يا أخي أنا كان عندي ضيوف وخزننا وبعدين كبست علي نومة ما قمت إلا الساعة حد عشر.
محـــــــــــــمود: النومة ما كبست عليك، أنت كنت مخطط لها مسبقا، بدليل أنك اتفقت مع طاهر يغطي عنك وهو لم يف بوعده، يا أخي متى با تتحرروا من هذه الآفة المدمرة وتحولوا قيمة القات إلى مصاريف فعلية للأولاد، وبعدين تقدر تقول لي ألا تشعر بالعار يوم أولادك حفاة، وملابسهم أقرب إلى ملابس الشحاتين؟ وأنت مدرس اللغة العربية والتربية الإسلامية؟
مســـــــــــــعود: والله يا أخي هذه ظروف، ما فيش فلوس من أين أجيب فلوس لهذه الكتيبة من الحفاة العراة، كما تقول؟
محـــــــــــــمود: والقات من أين تجيب له فلوس؟ يعني أنت تستكثر خمسمائة ريال كل خمسة أشهر على طفلك ولكنك مستعد تخزن كل يوم بألف ريال، والله أعلم أيش من بلاوي تتبعه ليليا هل هذا منطق يقوله مدرس ثانوي؟ مربي فاضل تتربى على يديه الأجيال؟
مســـــــــــــعود: المهم رجعنا إلى موضوعنا، أرجوك يا محمود، إلغ قرار الخصم وأنا مستعد أعمل تعهد بعدم تكرار الغياب.
محـــــــــــــمود: أنت تعهدت لي المرة الماضية ولم تف بتعهدك، أنا اضطررت أخصم عليك على شان تفي بتعهداتك وتحرص فعلا على مصاريف أولاد.
مســـــــــــــعود: بس يا محمود. . . .
محـــــــــــــمود: أنا هنا الأستاذ محمود وأرجوك إغلق النقاش في الموضوع.
مســـــــــــــعود: بس خليني أفهمك.
محـــــــــــــمود: تفهمني ماذا ؟ تقول لي أن القات كان قوي وسبب لك سهر طول الليل؟ هذا أمر معرف ولا يحتاج إلى تفهيم، والحل هو الإقلاع عن القات وليس الغياب عن المدرسة والاعتذار للمدير.
مســـــــــــــعود: يا محمود.
محـــــــــــــمود: (بغضب وصرامة) مرة أخرى يقول لي "يا محمود". . (ثم بصيغة آمرة) لو سمحت قفل على الموضوع نهائيا. . .
مســـــــــــــعود: طيب. . .
محـــــــــــــمود: (يقاطعه) المقابلة انتهت ، مع السلامة.
(ينصرف مسعود منكسرا)
يسدل الستار
المشهد الرابع
بعد مرور فترة طويلة نسبيا
(في مكتب مدير المديرية، مكتب مؤثث تأثيثا فاخرا نسبيا، أفضل من المكتب السابق، يجلس محمود، والعقيد بدر مدير المديرية)
العقـــــيد بدر: (مخاطبا السكرتير) لو سمحت يا ناصر، أتركنا وحدنا وأجل لي المواعيد ساعة واحدة فقط.
ناصــــــــــر: أمرك يا أفندم (ينصرف مغلقا الباب على بدر ومحمود).
بــــــــــــــدر: أنا استدعيتك من شأن أبلغك خبر مهم وسعيد بالنسبة لك، وبالنسبة لقطاع التربية في المديرية بشكل عام.
محــــــــــــمود: شكرا لك يا أفندم وأنا كلي آذان صاغية.
بـــــــــــــــــدر: يا أستاذ محمود أنت تعلم أن إدارة التربية والتعليم في المديرية شاغرة منذ ثلاثة أشهر بدون مدير منذ انتقال الأستاذ عبد الله، إلى ديوان الوزارة، والجماعة الذين يشتغلون بالنيابة لا أحد منهم تتوفر فيه مواصفات مدير المديرية.
محــــــــــــمود: الله يعينهم والله أن العمل متعب والمهمات شاقة إلى درجة لا يمكن تصورها.
بــــــــــــــدر: المهم أحببت أبلغك أن الاختيار وقع عليك لتولي أدارة التربية في المديرية، وأنا مكلف من المحافظة بإبلاغك الخبر وأريدك تجهز نفسك للانتقال إلى المديرية، وبدء العمل هناك
محــــــــــــمود: (يهز رأسه بما يشبه التعجب) هاه. . .يعني هو هذا الخبر السعيد الذي تريد إبلاغه لي؟
بــــــــــــــدر: نعم أعتقد أنها سعادة مشتركة لك ولكل المديرية؟
محــــــــــــمود: ومن قال لك أنني سأسعد بهذا الخبر؟
بــــــــــــــدر: أكيد، هذه ترقية والناس يدورون لها بالسراج وأنت جاءتك جري بلا تعب.
محــــــــــــمود: والله لا أدري أن كان الخبر سعيدا بالنسبة للمديرية أم لا؟ أما بالنسبة لي فهو لا يحمل أي سعادة، لأنه لا يحمل لي معه سوى الهم والغم وحريق الأعصاب، ولذلك فأنا أعتذر لكم وأرجو أن تبلغ الجهات التي اتخذت القرار اعتذاري عن القبول به وشكري لهم على الثقة.
بــــــــــــــدر: يا راجل ما هذا الكلام الذي أسمع؟ معقولة واحد يحصل ترقية في اقل من سنة وقفزة مباشرة من درجة مدير إدارة إلى درجة مدير عام ويرفض، هل أنت متأكد أنك بكامل وعيك؟
محــــــــــــمود: لو لم أكن بكامل وعيي لقبلت بالقرار، لكن وعيي هذا هو الذي جعلني أعتذر عن قبوله، وعلى كل أنتم لستم في أزمة، العشرات سيتقافزون تسابقا على هذه المهمة وبمقدوركم اختيار أحدهم.
بــــــــــــــدر: أنا لم أقل أننا في أزمة مدير، نحن في أزمة نوعية المدير، كل العشرات وربما المئات الذين تقول عليهم ليست فيهم المواصفات المطلوبة، ومن فيه واحدة أو اثنتين، تنعدم عنده عشر أو أثنعشر خصلة من المطلوب في مدير التربية للمديرية.
محــــــــــــمود: والله في الحقيقة أنا قد لا أكون الأفضل، لكن اعتذاري لا علاقة له بالمواصفات أو عدمها، أنا أعتذر لأسباب شخصية، أنا أعتبر مدير مدرسة مهمة كبيرة علي ومع ذلك قبلتها على مضض وأنا ناوي أعتذر عنها بمجرد نهاية العام الدراسي، أما مدير مديرية فهي أكبر بكثير من قدراتي ومن طموحاتي.
بــــــــــــــدر: (بشيء من الدعابة) مدير أي مديرية ماذا؟ وأنا وين وديتني؟
محــــــــــــمود: عفوا أنا أقصد مدير التربية في المديرية أما أنت
فياسين عليك وألله يعينك على ما أنت فيه من جبهة معقدة وساخنة.
بــــــــــــــدر: خلنا نعود لموضوعنا، ما هي شروطك ونحن مستعدون نوافق لك عليها؟
محــــــــــــمود: شروطي أن تقبلوا اعتذاري
بــــــــــــــدر: (يقاطعة بشيء من الحسم) الموضوع ليس باختيارك، الموضوع قل لنا متى ستباشر العمل؟
محــــــــــــمود: أنا لن أباشر وأنا غير مقتنع.
بــــــــــــــدر: أذكرك أننا عندما عينناك مديرا للمدرسة رفضت، واليوم أنت تعلم القفزة النوعية التي حققتها الثانوية، ونحن نريد أن ننقل هذه القفزة إلى مدارس المديرية كلها هذا كل ما في الأمر.
محــــــــــــمود: والله شف يا سيادة المدير، أنا لا أدعي الكمال لكن في المدرسة خبرتي فيها وعلاقتي بالمدرسين والطلاب وتعاون الآخرين معي هو الذي ساعد على النجاح، هذا إذا كان هناك نجاح، لكن المديرية، هذا بحر، بل قل محيط من المشاكل، والتعقيدات والخصومات والعراقيل والعوائق التي لا تنفع معها النزاهة والكفاءة بقدر ما تتطلب إمكانيات، وصلاحيات، وقبل هذا رغبة واستعداد وكل هذه الشروط غائبة يا سيادة العقيد.
بــــــــــــــدر: أنت عليك الرغبة والعزيمة ونحن علينا نوفر لك الصلاحيات والإمكانيات وكل الشروط الباقية، هاه أيش قلت؟
محــــــــــــمود: والله أنا قلت قولتي وخلصت.
بــــــــــــــدر: (بعصبية وحسم) اسمع يا أستاذ محمود، أنا الآن صار لي ساعتين وانت جالس تتدلل علي، أعرف أن عندك كفاءة وخبرة، ونزاهة وإخلاص لكن هذا لا يعني أن نسمح لك تبتزنا، الناس منتظريني في الخارج ولن أضيع اليوم كله معك، أقول لك منتظر منك الرد، ليس بالموافقة أو الرفض ولكن بموعد تسلم العمل في مكتب التربية في المديرية، الآن أعتذر لك، بسبب
انشغالي، وبعد يومين سوف أبلغ مكتب التربية في المحافظة لإصدار قرار التعيين وقد سبق واتفقنا معهم قبل اسبوع على هذا.
محــــــــــــمود: طيب أنا لي شروط
بــــــــــــــدر: خلاص خلاص كل شروطك مقبولة من غير ما تقول عليها. ..(ثم بعد برهة) والآن دعني أنصرف لبقية المنتظرين وننتظرك في اجتماع مجلس المديرية لبدء العمل ولتعريفك على بقية الزملاء المدراء. . . .اتفقنا؟
محــــــــــــمود: والله ما أقول لك إلا خير ، دعني أفكر، وسأرد عليك لاحقا.
بــــــــــــــدر: فكر على مهلك، (ينهض لتوديعه) مع السلامة!
محــــــــــــمود: مع السلامة
( يغادر بينما يستمر بدر في استقبال المتابعين)
يسدل الستار
المشهد الخامس
(مكتب متوسط التأثيث، اللقاء مع مدراء المدارس، لمناقشة أوضاع التعليم في المديرية)
محــــــــــــمود: (يرأس اجتماع مدراء مدارس المديرية) طيب يا إخواني الحقيقة، هذا الاجتماع ليس بجديد، فكلكم حضرتم الاجتماعات السابقة، وأنا واحد منكم، أنا أردت اليوم أن نغير في طريقة المناقشة، فبدلا من أن نستمع إلى كل مدير ليقدم كل ما لديه من مشاكل عن مدرسته، وغالبا لا نخرج بحلول، أقترح أن نتناول في كل اجتماع مشكلة، مثلا اليوم نناقش مشكلة الغش، والاسبوع اللي بعده نناقش تسرب الطلاب، والذي يليه مشكلة تعليم الفتاة وهذا لا يمنع من مناقشة أية مستجدات تستحق التوقف، ما رأيكم؟
الجميع: (يرفعون أيديهم علامة الموافقة) موافقون.
محــــــــــــمود: إذن دعونا نبدأ بأهم قضية، وهي قضية الغش في الامتحانات، أريد أن أسمع آراؤكم في هذه القضية ومقترحاتكم للحلول، لأنه يا إخواني من العار علينا أن ينجح أبناؤنا عن طريق الغش، ويصلون إلى الجامعات وهم بحاجة إلى دورة في محو الأمية الأبجدية.
مـــــــــــــــدير 1: يا أستاذ نحن في مدرسة الشهداء ليس لدينا غش نحن، قضينا على الغش لكن المشكلة أن الطلاب ينتقلون إلى المدارس المجاورة التي تسمح بالغش.
مـــــــــــــــدير 2(يبدو أنه مدير إحدى المدارس المجاورة لمدرسة الشهداء) هذا كذاب، يمكن ما عندهم غش، لكنهم يبيعون الشهائد المدرسية للطلاب وهم بالبيوت، لا حتى أبناء المهاجرين يعطونهم شهائد ثانوية عامة، ويرسلونها لهم بالبريد إلى بلدان إقامتهم، ومش هذه المدرسة وحدهم، عادأنا باقول لك على المدارس اللي توظف مغتربين وهم يشتغلون في الخارج، وفي مقدمتها مدرسة المجد.
مـــــــــــــــدير3: يا أستاذ محمود، أرجو أن تسأل الأخ مدير مدرسة التفوق الذي تكلم قبل قليل، كم كانت حصته الشهر الماضي من استقطاعات المدرسين، التي يتقاسمها هو والصراف، ويحولها إلى مقصف المدرسة الذي يملكه، أو مدير مدرسة النهار الذي يبيع الوظائف الجديدة كل وظيفة بنصف مليون؟
مـــــــــــــــدير4: هذا افتراء وأنا أتحدى مدير مدرسة المجد يثبت ما يقوله أو تحيلونا إلى التحقيق أنا وياه، أنا ما كنت أرغب في الحديث، لكن الأخ أرغمني أقول لكم على ظاهرة خطيرة وهي بيع المنح الخارجية التي يقوم بها الزميل مدير مدرسة المجد، وتعطى المنحة لمن يدفع أكثر.
محــــــــــــمود: ( بعد صمت طويل) ما شاء الله، هذا فقط ونحن نناقش النقطة الأولى وهي الغش، كيف لو انتقلنا إلى بقية النقاط، طيب حد عنده شيء آخر يحب يضيفه؟
مـــــــــــــــدير 2 :يا أستاذ محمود على ذكر الغش، أنا أبلغك عن بعض المدارس التي تستأجر مغششين أيام الامتحانات النهائية، وعادهم يجمعون رسوم من الطلاب يدفعونها للمغششين، وهناك تخصصات، هناك مغشش للفيزياء، وآخر للجغرافيا، ومغشش للأحياء والرياضيات، وحتى التربية الإسلامية وعلوم القرآن.
مـــــــــــــدير5:أنا أريد من سيادتكم الوقوف أمام ظاهرة خطيرة أخرى تتعلق بالمشاريع التربوية، يا أستاذ هناك مدراء مدارس يعطون شهائد إنجاز للمقاولين على مشاريع لم تنجز، بل هناك من أعطى شهادة لمشروع لم يبدأ العمل به، أنا أتساءل: من المستفيد من هذا السلوك؟ وما السر وراءه؟ ولماذا يذهب المقاولون ولا يعودون لإتمام المشاريع التربوية؟
مديــــــــــــر 4: وبعض المدارس يبدأ التشقق يظهر عليها قبل استخدامها.
مديــــــــــــر 5:وبعضها ينهار فوق الطلاب وقد يؤدي إلى ضحايا ووفيات كل حصل في المبنى الجديد لمدرسة الجيل التي انهار الجزء الحديث بعد خمسة أشهر من استلامه واستخدامه.
محــــــــــــمود: طيب أولا شكرا للذين تحدثوا وللذين أصغوا لهم، وأحب أن أقول لكم، أنني وخلال الشهر الماضي منذ وجودي في هذا المكتب، عكفت على كل المخالفات وأعددت ملفا لكل نوع من المخالفات، عندي ملف لبيع الشهائد المدرسية من أول ابتدائي حتى ثالث ثانوي (يخرج ملفا من فوق الطاولة ويشير إليه) وفيه أكثر من خمسين قضية جاهزة لتسليمها للنيابة، وعلى كل واحد أن
يعد نفسه لمقابلة النيابة إما لإثبات البراءة أو لتقبل العقوبة التي قد تصل إلى السجن عشر سنوات، وهناك ملف لبيع الوظائف (يخرج ملفا مشابها ويشير إليه) وعندي أكثر من خمسين وظيفة التي تباع سنويا، وعارف من البائع ومن المشتري، والمبالغ، وكيف توزع، وهي في طريقها إلى النيابة، وعندي
ملفات مشابهة، للتغذية المدرسية التي يبيعها البعض للتجار مباشرة قبل خروجها من مستودعات الوزارة، وملف عن المتاجرة بالمواد المختبرية ومواد البوليتكنيك، وعندي ملف عن المنح الدراسية المباعة، تصوروا أن المنح تذهب لأولاد الأغنياء فقط لأنهم يستطيعون أن يدفعوا، حتى وإن كان أبناءهم فاشلين، بينما أبناء الفقراء حتى لو كانوا متفوقين، محرومين من الدراسة في الخارج بل وحتى في الداخل، وعندي ملف عن الموظفين المهاجرين، هل تعلمون أن جزء من موظفينا هم عمال لحام وبائعي أقمشة، وسباكين في دول الجوار، ورواتبهم تتقاسمها أسرهم وبعض مدراء المدارس، ومسجلينهم حاضرين، على مدار السنة؟ وعندي ملف عن الاستقطاعات غير القانونية، وعندي ملف عن الذين وظفوا أولادهم، وعادهم في الصف السابع، وملف للذين استحدثوا وظائف لزوجاتهم وهن لا يجدن القراءة والكتابة، كل هذه القضايا أعددت لكل منها ملف متكامل استشرت فيه خبراء قانونيين، والملفات جميعها في طريقها إلى النيابة العامة وبعضها قد سلمت للنيابة وعلى كل واحد أن يتحسس رأسه ويستعد للمثول أمام ممثل النيابة العامة.
(ثم بنبرة خطابية) يا إخواني أنا لم أمض في هذا المكتب سوى شهرين، لكنني رأيت الأهوال، تصوروا كل هذا الخراب وكل هذا التدمير في مؤسسة يفترض أنها مسؤولة عن صنع أخلاق الناس وبناء شخصياتهم وإعدادهم لمواجهة المستقبل، المفترض أنه أفضل، وأشتي أقول لكم أن الفساد في المقاولات أو في الطرقات أو في المشتريات أو في المبيعات أو حتى في قطاع المال، ضحاياه من المواد العينية أو من النقود وهذا كله يمكن تعويضه ولو بعد أعوام أو عقود، لكن الفساد في قطاع التربية والتعليم ضحاياه هم البشر، بضمائرهم، وقيمهم، ومستقبلهم،. . . .الفساد في التربية والتعليم سرطان مدمر، لأنه يقتل أهم ما في الإنسان، أخلاقه وعقائده وقيمه وآماله، ويحوله إلى حيوان يلبس لباس الإنسان، حيوان ناطق يتهندم ويتزين بكل أشكال المظاهر الزائفة لكنه مجرد من أهم ما في الإنسان، وهو الضمير والإحساس بالمسئولية.
يا إخواني إذا خربنا هذه الجبهة فنحن لا نقضي على الماضي أو الحاضر بل نقضي على المستقبل، تخيلوا عندما يتخرج طبيب لا يجيد حقن المريض بإبرة، وعندما يتخرج قضاة وقانونيون لا يفقهون القانون، وعندما يأتينا معلمون بحاجة إلى من يعلمهم مبادئ القراءة والكتابة، أو مهندسون لا يفقهون قياس المساحات أو الفرق بين الزاوية القائمة والزاوية المستقيمة’ والأهم من
هذا عندما يكون كل هؤلاء مجردين من الضمائر والقيم والأخلاقيات، تصوروا شكل المستقبل الذي ننتظره للأجيال التالية، أقول لكم سيلعننا التاريخ، وسيديننا مؤرخو القرون القادمة وسيقولون علينا أننا مجرمون لأننا عبثنا بتاريخهم، أضعنا حاضرهم ودمرنا مستقبلهم، باختصار يا إخواني، على كل من
ارتكب واحدة أو أكثر من هذه المخالفات أن يتوقع استدعاءه من النيابة العامة في أي لحظة وكل واحد يعرف نفسه ولا أريد أن أذكر أسماء، فالنيابة هي من سيقول لكم.
(صمت مطبق يسيطر على القاعة والمدراء كل يتلفت إلى من حواليه).
محــــــــــــمود: هل عندكم ما تودون قوله؟ أم نكتفي بهذا لليوم ونلتقي السبت الرابع من الشهر القادم، إن شاء الله؟
(لم يعلق أحد ).
محــــــــــــمود: إذن شكرا لكم، يمكنكم الانصراف، وأحب أن أقول لكم ان ما تعرضنا له اليوم ليس كل شيء، نحن عندنا مدارس متميزة في عملها سنتكلم عنها مرة قادمة ولدينا حوافز للمدارس المثالية، ويستطيع كل مدير مدرسة أن يصنع من مدرسته مدرسة مثالية، والذين تورطوا في مخالفات يستطيعون أن يقلصوا من عدد تلك المخالفات لعل هذا سيكون عامل مساعد في تخفيف العقوبات عليهم، وربما الاكتفاء بالعقوبات التحذيرية.
تفضلوا عودوا إلى مدارسكم، ونلتقي الشهر القادم.
(ينفض الاجتماع وينصرف مدراء المدارس)
يسدل الستارclap clap clap clap cupidarrow cupidarrow cupidarrow