المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستشراق ليس كله شر


ل.ب.هواري
08-11-2012, 05:49 PM
لا يعتبر الاستشراق كله شر ولا يجب ا ن نحكم عليه بذلك قبل ان نقراء هذا الموضوع الذي يدور حول نوع آخر من المستشرقين من أصحاب الحوار بين الأديان

من بين المستشرقين المنصفين الذين درسوا الإسلام بطريقة موضوعية وحيادية وابتعدوا عن كل ألوان التحامل المعهود في مثل هذه القضية الحساسة . هو الباحث الروسي والمستشرق اليكسي جورافسكي من أعماله الرائعة و المميزة التي نحتاج لدراسته في زماننا هذا هو كتابه الذي ألفه حول الإسلام والمسيحية حيث سلط الضوء على قضية الحوار بين أتباع هاتين الديانتان وكذلك إشكالية صورة الإسلام المشوهة في الوعي الأوروبي الغربي فهو يعرض تصورات الغرب المسيحي عن الإسلام عبر مراحل التاريخ ويشير الى ما كان منتشرا في المجتمعات الغربية من تصورات مشوهة عن الإسلام و المسلمين ولكن المؤلف كان يرد على هذه التصورات الخاطئة لعدم اتفاقها مع الواقع .
علينا ان نتعرف على وجهات النظر تلك الغربية المسيحية حول الإسلام عبر مراحل التاريخ لانها لا تزل تشكل الخلفية الفكرية لما يدور في أوساط المجتمع الغربي الأوروبي اليوم – خاصة في وسائل الإعلام – من فهم خاطئ للإسلام وتشويه لتعاليمه السمحاء
اليكسي يعتبر من المستشرقين القلائل الذين أنصفوا الاستلام ونافحوا عن الحق وكانوا يريدون وجه الحق فقط بكل أمانة علمية لم يتاثرو بالميول العقائدي و لا بالانحياز لقد ضرب بالخرافة عرض الحائط الخرافة التي كانت تنسجها مؤسسة الكنيسة منذ بداية ظهور وسطوع شمس هذا الدين العظيم .
في كتابه "الاستلام و المسيحية" يذكر المؤلف اليكسي الفضل الكبير الذي لعبه العرب المسلمين في تنامي الحضارة الأوروبية وانتفاضتها ضد الجمود بسبب عصور مظلمة من حكم الكنيسة التي سيطرة على مجريات الحياة في أوروبا وكانت هي الأمر الناهي وصاحبة القرار الأول . كانت أوروبا بسبب الكنيسة تعيش أزمة هوية وانحطاط أخلاقي وكذلك حضاري بسبب هيمنة مؤسسة الكنيسة عليها فلولا تلك التحرشات المسيحية و الصدامات التي لم يعرها المسلمين أنادك أي أهمية وتعامل معها بهدوء وبلا مبالاة "انظر مثلا من هم السبب في نشوب الحروب الصليبية " في المقابل كان موقف المسيحيين الأوروبيين بخلاف ذلك منفعلا وغير متسامح روحيا لان الإسلام في تصوره مكان تحديا فتطلب ذلك الرد عليه ومقاومته هناك كانت الحاجة للغرب الأوروبي أن يتعرف على خصمه ودراسته فادى ذلك إلى الاحتكاك به أكثر فأكثر فظهرت أولا الدراسة الكلاسيكية حول الإسلام التي كانت على شكل اقتباسات ثقافية فقد كانت معلومات الأوروبيين عن العرب المسلمين في تلك البداية ضئيلة جدا ومشوهة ومشوشة حيث أثارت بعض دراستهم الجغرافية الوصفية عن أعراب شبه الجزيرة العربية وكأنهم هم العرب فقط –الذين يقيمون حياتهم على النهب و اللصوصية- وظهور الدين الإسلامي كعقيدة توحيدية لم يظهر في أوروبا إلا بصعوبة .
ان فتح اسبانيا وصقلية من طرف العرب المسلمين لفت انظر الأوربيين إليهم بشكل واسع ولكن ظهورهم في الأراضي الأوربية قوبل بوصفه كارثة حلت على الغرب المسيحي فهو يعادل الاجتياح البربري على المراكز الحضارية و الثقافية في العالم ...!!!
إن الفار أسقف قرطبة في عام 854 م اشتكى من كون المسيحيين الشباب ياخدون من الادب العربي اكثر مما ياخدونه من اللاتينية ويقرؤون الأشعار و الحكايات العربية ويدرسون مؤلفات اللاهوتيين العرب و الفلاسفة بينما يتجاهلون تماما التعليقات والشروحات اللاتينية على الكتاب المقدس .
ويعد اليكسي الكم الكبير من المؤلفات و العلمية و الفلسفية التي ألفها مسلمون ولم ينسى الفضل الكبير الذي لعبته الترجمة العربية لأعمال الفلاسفة القدماء كابقراط و اقليدس و بطليموس و جيلنوس .
بداء الغرب المسيحي يتهافت على مؤلفات علماء المسلمين وقد اهتموا بترجمة مؤلفات وأعمال الفلاسفة العرب كما ترجم يوحنا الاسباني مؤلفات ابن سينا في المنطق و الفيزياء وميتافيزقيا وفي مسائل النفس وفي عام 1180 م أضيفت في أوروبا أول مجموعة لاتينية لمؤلفات ابن سينا ضمت عددا من رسائل كتاب الشفا وتبعها ترجمة للقانون في الطب الذي لعب الى جانب كتاب الأسس لابي بكر الرازي وما وصل عن طريق العرب من مؤلفات جيلينوس تأثيرا هائلا في تطور الطب في أوروبا .
وقد رد المؤلف على الكثير من المزاعم التي كانت تدور حول العقيدة الإسلامية أنادك وكذلك القصة المزعومة حول وثيقة بحيرة التي تدعي بان النبي صلى الله عليه وسلم تعلم على يد الراهب بحيرة وصفها بالأسطورة القديمة
ويختم سفره الجليل باوضع المسيحيين في العالم الاسلامي
و اخيرا ان المؤلف من خلال كتابه هذا حاول ان يقرب لنا قضية الحوار بين الديانتان الاسلامية والمسيحية وقد وضعها في قالبها الاصلي وهو الرجوع الى تاريخ العلاقات بين الأمتين وفهم ما كان يدور انادك من سواء فهم وعدم الدراية بثقافة الاخر وعقيدته رغم الجهود التي بدلت من اجل التبادل الثقافي
ان قضية الحوار اصبحت تشكل في عالم اليوم ضرورة من ضرورات العصر للتغلب على العديد من المشكلات الحياتية على جميع المستويات وقد اشر المؤلف الى هذا حين قال : ان الحوار قد اصبح احدى السمات المميزة للعصر الحالي
ويسرني ان انهي هذا الموضوع بمقولة قالها عالم اللاهوت الالماني هانز كونج : لن يكون هناك سلام بين الامم مالم يكن هناك سلام بين الاديان ولن يكون هناك سلام بين الاديان مالم يكن هناك حوار بين الاديان
و الحمد لله رب العالمين

ابن الواحات
03-11-2014, 09:10 PM
إذن جاز لنا أن نقول أن إبليس ليس كله شر، ذلك أنه أرشد أحد الصحابة إلى تلاوة آية الكرسي إذا هو أخذ مضجعه.
ماذا جنينا من حوارات الأديان المزعومة غير التنازلات والانبطاح، لا أحد ينكر ذلك إلا الذي سلك مسلك النعام.