المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأثر حتى النخاع بالعقلانية الفكرية المناهضة للنص الديني بوكروح وقع في خطيئة علمية حين تبنّى أفكارا


أمازيغي مسلم
22-04-2015, 02:55 PM
تأثر حتى النخاع بالعقلانية الفكرية المناهضة للنص الديني

بوكروح وقع في خطيئة علمية حين تبنّى أفكارا سبقه إليها المستشرقون / الحلقة الأولى




الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

سبق لنا أن نشرنا على هذا المنتدى مقالات عديدة تتناول بعض مقاصد المستشرقين من خلال دراساتهم وبحوثهم ومؤلفاتهم التي تعرضت لأصول التشريع الإسلامي، وأعظمها دون شك:" القرآن الكريم"، وأن يأتي:" العبث بالقرآن الكريم والطعن فيه" من هؤلاء، فذلك:" أمر مفهوم"، لأن:" الشيء من معدنه لا يستغرب"، وكما قيل:" لا ذنب بعد الكفر!!؟"، ولكن: أن يأتي:" العبث والتلاعب بالقرآن الكريم" ممن ينتسب للإسلام، ويحسب من مثقفيه، فذلك أمر يدعو للتعجب والاستغراب!!!!!!؟؟؟؟؟؟.
ولكن:" التعجب والاستغراب": يزولان حين ندرك بأن ذلك:" المنتسب للإسلام": ليس في حقيقة الأمر سوى:" مجتر لكلام المستشرقين!!؟"، وحينئذ حق لنا نتساءل بمثل سائر:" متى يستقيم الظل، والعود أعوج!!؟"، وصدق من قال:" كل إناء بالذي فيه ينضح!!؟".
إن الضجة التي أحدثها:" بوكروح" مؤخرا حول القرآن الكريم: ليست في حقيقتها سوى:" رجع ورجيع صدى!!؟" لما سبقه إليه المستشرقون، وقد أجاد الأستاذ الفاضل:"خير الدين هني" في الرد عليه من خلال هذا المقال:" الماتع الرائع": الذي ننشر حلقته الأولى، فجزاه الله خير الجزاء، وإلى المقال:


إن فكرة:" إعادة ترتيب القرآن": التي دعا إليها السيد بوكروح، هي فكرة للمستشرقين:( نولدكه ـ وهنري ماسي ـ وبر وكلمان ـ وجاك بيرك ـ وبلاشير وغيرهم...).
وقد رأيت من المفيد: أن أصدر هذا المقال بما يشبه المدخل، للدكتور البروفسور والأكاديمي الأمريكي (ريموند فارين)، المتحصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية. المتحصل على الدكتوراه في 2006.
يقول هذا الأستاذ:" لقد أذهلتني دقة نظم القرآن الكريم، وتماسك هيكله في التناظر والتناسق. وكلما قرأت القرآن زادت دهشتي بسبب سمو لغته، وعمق معانيه وتدرج استدلالاته. لقد استحوذ علي حتى صرت مهووسا به. وأصبح محور تركيزي بحثا ودراسة". ثم أرفد قائلا: "ومما أدهشني أن الكثير من المستشرقين اعتقدوا أن قصائد الشعر الجاهلي الفصيحة تفتقر إلى البنيوية". ووضح عكس هذا الزعم لأن الحقيقة غير ذلك، لأن العديد من قصائد الشعر الجاهلي المتميزة تمتلك التماسك في شكل نسق هيكلي تمثل حلقة.
وكانت الجماهير تدرك البنية المركزية للشعر الكلاسيكي بوضوح، وكذلك رأيت الكثير من المستشرقين ينتقدون القرآن ويفترضون عدم وجود هيكل رئيس تنسجم فيه مفاصل الآيات والسور. ورأيي هو عكس ذلك، حيث إن ترتيب القرآن جاء وفقا للتناظر والتناسق ويحدث التماثل في القرآن الكريم في شكل تواز متماسك الصلابة، على سبيل المثال: abab وعلى مثال abba وبتركيز شديد على abcba، ثم يقول الشكل الأخير هو الأكثر شيوعا. وقدم أمثلة رائعة يقابل فيها بين التناظر والتماثل. وهي دراسة فريدة من نوعها أدهشت العلماء في العالم.
وفي هذا الموضوع أثار الأستاذ بوكروح: مشكلة إعادة ترتيب القرآن الكريم ترتيبا زمنيا، أي حسب مناسبة النزول. لاعتبارات علمية ومعنوية حسبما فهمته من تحليله الذي تضمنه مقاله المنشور في جريدة الشروق بتاريخ 14 / 4 / 2015.
وقد قدم في مقاله تحليلا مقتضبا، ولكنه كان وافيا للغرض المراد. عما بدا له مما يمكن أن يظهر من تناقض في معاني بعض الآيات. حينما نقرأها حسب الترتيب الحالي بالمصحف العثماني. بينما يظهر ـ من وجهة نظره ـ معناها جليا وفي وضوح تام تربطه علاقة التسلسل المنطقي والانسجام التام فيما لو أعدنا ترتيبه ترتيبا زمنيا. ونحن لا نشك في حسن نية الأستاذ ونبل قصده. وحبه لدينه وقرآنه. ولكننا نخالفه الرأي للأسباب التالية:

أولا: الأستاذ بوكروح تلقى تعليما نظاميا حتى انتهى إلى الجامعة، وهو كاتب وسياسي، مع أنني لم أحظ بقراءة بعض ما كتبه لنطلع على منهجه في البحث وأسلوبه في الكتابة وتوجهات أفكاره وبعد نظره، لأن الكتابة هي المرآة التي تعكس عقل الإنسان وصورته الباطنية.
ولكن مع ذلك يمكن أن نستنبط فكر الأستاذ وتوجهاته من خلال تدخلاته وطريقة تحليله للمشكلات المطروحة في العالم الإسلامي، إذ يظهر على تفكيره التوجه العقلاني الحداثي الذي استقاه من المصادر الغربية من خلال احتكاكه ومطالعاته لكونه مثقفا باللغة الأجنبية.
فدرجة التأثر بادية عليه وبشكل واضح، فهو بدون شك مطلع على السيرورة التاريخية للنهضة الأوروبية، وما انبثق عنها من ثورة في مناهج البحث العلمي، حينما أعلنوا ثوراتهم على التقليد ومركزية العقل. ووضعوا مبادئ جديدة لصيغ الأنظمة التي تنقل العقل من التبعية للموروثات الدينية والأخلاقية المحافظة، إلى الحرية والانعتاق من سلطة النص الديني والتحرر من أغلاله التي كبلت العقل وجعلته رهينة خرافات لأفكار بالية.
إذن، فالسيد بوكروح: مـتأثر حتى النخاع ب:" العقلانية الفكرية": التي بمقتضاها ينشط الفكر بتصورات سليمة تناهض العقل الديني المتزمت والمرتبط ـ حسب رأيه ـ بعصور الانحطاط التي اشتغلت بالدروس الصوفية والدروس النصية. ومازالت تضرب بثقلها إلى يوم الناس هذا، ظهر ذلك في تعريضه المتضمن في قوله: "العودة بنا إلى ستة قرون مضت- والعودة بنا إلى إسلام قرطبة!!؟": في إشارة إلى تزمت فكر:" السيد وزير الشؤون الدينية".
وفي رأيه دائما، فإن تلك السلطة، قد بقيت تدور حول ثقافة نصية ميتة موروثة ومستهلكة في دوائر مغلقة، من غير تطعيمها بحياة جديدة تضفي عليها مسحة من روح العصر الذي نعيشه، فصارت هذه السلطة لا تهتم إلا بالنقول والشروح والتعليقات والحواشي وسندات العنعنة، وما اختلف فيه العالم الفلاني مع العالم الفلاني في كلمة أو مصطلح، أو فتوى في مسألة بسيطة لا تتجاوز فقه الوضوء والغسل.
فالسيد بوكروح - حسب اعتقادي إذا لم أكن مخطئا- تثيره مسألة الحداثة بشكلها العام، وما صاحبها في مسيرة المجتمعات الغربية منذ عصر النهضة. التي شملت مختلف مظاهر الحياة ( علمية ـ فنية ـ ثقافية ـ اجتماعية- اقتصادية ـ سياسية... ). وهو على حق إذا كان يقصد الحداثة العلمية المتعلقة بالعلوم التقنية التي تمكن المسلمين من بناء حضارة مادية (بناء مصانع ومعامل ومخابر... ) تنتج التكنولوجيا العسكرية والمدنية، مثلما فعلته إيران وباكستان اليوم.
فلقد استطاعت هاتان الدولتان المسلمتان امتلاك الروح الحقيقية للحداثة، (مع تمسكهما بموروثهما الثقافي)، فانتقلتا من التحديث (استيراد التكنولوجيا وتركيبها) إلى الحداثة الصناعية التي تكسب المسلم المعاصر المهارات والتقانة، فيتمكن من امتلاك أسرار التكنولوجيا بالاختراع والابتكار والاكتشاف.
أما الحداثة التي تدعو في ثورتها الفكرية إلى وجوب التخلي عن معايير القيم الدينية والأخلاقية والثقافية، وإلى فرض سلطة العقل على النقل بالمطلق، وإخضاع ماهية وجود ما وراء الطبيعة إلى الحس، وتقييد وظيفة الإنسان بالمتعة واللذة الدنيوية. وتحليل النّصوص بالمنهج الموضوعي، وإلغاء المناهج القديمة التي وضعت للتحقيق في الرواية والخبر. وأسانيد العنعنة... والخروج على إجماع الأمة في أمر متفق عليه......الخ. فأعتقد أن الحداثة بهذا المفهوم تدخل في الدوائر الحمراء عند المسلمين. ولا يقبلها مسلم عميق الإيمان بإسلامه. ولقد استبطنت هذا كله من مفرداته ومصطلحاته.، وكذا من التسمية التي أطلقها على حزبه ذات يوم "حزب التجديد".

ثانيا: وبناء على هذا كله، فإن المستوى الفكري والجامعي للأستاذ بوكروح، وكونه كاتبا مفكرا، يمنعانه من الوقوع في الخطيئة العلمية والمنهجية.
فالأمانة العلمية تقتضي منه أن يعرض على القارئ مصادره التي استقى منها أفكاره، ويوثق كلامه وآراءه ويؤصلها من مصادر ومراجع لمؤلفين قدامى ومعاصرين. ثم يعرض أفكاره ومواقفه ومناهجه في البحث. حتى يتمكن القارئ من معرفة مصدر الفكرة من أين استقاها.
وبذلك يكون منسجما مع مبادئ البحث العلمي التي تتطلب التوثيق والتأصيل. ويكون قد حافظ على الأمانة العلمية وأصّل الفكرة، فتصير المعلومة ذات قيمة علمية تعتمد في البحوث والدراسات والرسائل الجامعية.
لقد وقع الأستاذ بوكروح في خطيئة علمية ومنهجية، حينما نسب إلى نفسه أفكارا سبقه إليها كثير من المستشرقين والكتاب المسلمين المعاصرين وحتى بعض القدماء ( ولم يوثقها).

ثالثا: ظهر هذا الخطأ واضحا، حينما سأله بعض من تواصل معه بالسؤال التالي: قال السيد بوكروح: "سألني آخرون أيضا لماذا لم يتطرق أحد لموضوعنا هذا منذ 14 قرنا؟ أجاب: أعتقد أنه ينبغي إن بقي ذلك ممكنا أن يطرح السؤال على أولئك الذين لم يتطرقوا إليه. وليس علي فيما يخصني أنا لا يسعني إلا أن أنبه أنه لو سألنا كل من اكتشف شيئا، لماذا لم يفكر فيه 8 مليارات من البشر الذين سبقوه إلى الحياة لما تمكنا من التواصل اليوم عبر المواقع التي تطرح علي فيها السؤال، لأنها لم تكن لتوجد أصلا مع أذهان تفكر على هذا النحو. اعتراض مثل هذا لا يمكن أن يصدر إلا عن واحد من العلماء المزيفين. كما لا يمكن أن يعجز إلا شخصا من مستوى التفكير والتعبير الذي يحمله أمثال وزير الشؤون الدينية الذي يعدنا بالعودة إلى إسلام قرطبة". جريدة الشروق14/4/2015.
من هذا المثال الواضح المنقول من مقاله، يتضح لنا أن الأستاذ بوكروح، يؤكد للقراء بما ليس فيه شك أن مسألة الدعوة إلى إعادة ترتيب القرآن الكريم ترتيبا زمنيا هو من ابتكار واختراع جادت به قريحته ومواهبه.
ولم يكتف بإظهار هذه المواهب فحسب، بل مضى في تجاوز العلماء الذين نقدوه ووصفهم بأوصاف غير لائقة،( العلماء المزيفون )، لا يمكن أن تصدر عن رجل مثقف مثله.
ومع ذلك، فأنا لا أختلف معه كثيرا في هذا التوصيف الذي ينطبق على البعض وليس على الكل، فهو عمم الحكم رغم أنه كان يقصد أناسا هو يعرفهم ويقصدهم وله معهم خصومة، وإذا كان في ذلك ذنب، فلا يقع عليهم بقدر ما يقع على وسائل الإعلام. التي لمعت صورهم وخصصت لهم جلسات وندوات، ونوهت بهم وروجت لهم ورفعت مقامهم، وأغدقت عليهم بالعطايا والإكراميات، ومنحتهم الألقاب العلمية مجانا ( العلامة الفهامة الجهبذ الأديب...) من غير جهد علمي بذلوه في كتابة أو تأليف أو دراسة وتحقيق. ومن ثم يصدق عليهم قول علماء الإعلام المناسباتي.
والسيد بوكروح، يعتب على غيره ممن يسميهم العلماء المزيفين، لكونهم لا يقدرون على الكتابة والتـأليف، ويقع في أشنع مما وصفهم به، لأن من باب الأمانة العلمية كان عليه أن يشير في كتاباته وإجاباته عن السائلين إلى المصادر التي أخذه منها فكرته. وهي مصادر المستشرقين الذين أخذ عنهم هذه الفكرة ونسبها إلى نفسه من غير أن يتحرج.
لقد طرح هذه الفكرة منذ بداية القرن الماضي الكثير من المستشرقين المعروفين، حتى عند طلاب الثانوي والقراء العاديين. وليس معقولا أن يقول لنا الأستاذ بأنه غير مطلع على أبحاثهم في هذا الموضوع، لأن تأثيرهم على تفكيره واضح جدا. حتى أسلوبه في الكتابة صورة مطابقة لكتابتهم (انظر مقاله في جريدة الشروق ولاسيما المقطع الأخير) 14/4/2015.
ولقد استفاض المستشرقون في هذا الموضوع أيما استفاضة. دعوا إلى وجوب إعادة كتابة القرآن الكريم بالمنهج الموضوعي الذي يراعي وحدة الموضوع، وتناسق الأفكار وترابط المعاني وانسجامها مع المناسبة. ولا يتيسر لهم ذلك- حسب مذهبهم - إلا بإعادة ترتيب القرآن الكريم حسب نزوله، أي: بترتيبه ترتيبا زمنيا. لأن ذلك حسب زعمهم يجعله مقبولا من الوجهة العلمية في الغرب.

آراء المستشرقين ودوافعهم:
وإليكم بعض هذه الآراء المضللة التي استند إليها غلاة الاستشراق، لتقفوا بأنفسكم على التوافق العجيب بين آراء هؤلاء المستشرقين وآراء الأستاذ بوكروح. لتروا الفرق بينهما يكمن في أن السيد بوكروح استخدم التورية والمراوغة اللفظية والمعنوية للتستر على نحله لتلك الأفكار.

أولا:
وضعوا خططا محكمة في المخابر السرية المستقاة من القساوسة والأديرة عبر المراحل التاريخية، بحسب الزمان والمكان والهدف والغاية. وحددوا الوسائل والأدوات والتقنيات التي ينفذون بها تلك الخطط، للالتفاف على المحاور الكبرى التي يقوم عليها عمود الإسلام.
فكانت (العقيدة والنبوة والقرآن الكريم والثقافة والعلوم، ومناهج البحث ومصادر التوثيق وأصل العرب). هي المحاور الأساسية في عملهم لغرض التشكيك في كل ما يتعلق بالإسلام، حتى يضعفوه في نفوس المسلمين، وهذا بعض ما خططوه:
النبوة الخاتمة: تجندت الحركة الاستشرافية التبشيرية في الغرب والشرق ـ إلا أقلهم ـ عبر الجامعات والملتقيات والمحاضرات والكتابات، كأدوات ملائمة لخدمة الأهداف المرسومة في الدوائر الرسمية، في مجالها السياسي والاقتصادي والديني والثقافي، ولقد آلت على نفسها العمل في نطاق سري تكتمي، إذ تتظاهر في العلن والسر وكأنها تعمل على تحقيق أهداف نبيلة، تتمثل في وجوب إعادة النظر في دراسة الآثار الشرقية، اعتمادا على مناهج علمية بعيدة عن الأوهام والخرافات والقداسة الدينية التي أضفاها العلماء المسلمون على النصوص.
إنهم يعملون بدون كلل ولا ملل من أجل زرع بذور الشك في نفوس المسلمين، مما يؤدي إلى ضعف العاطفة الدينية في نفوسهم ولا سيما المتنورين منهم ممن درسوا بلغاتهم، وتشبعوا بثقافات بلدانهم، وانبهروا بعلومهم وفنونهم وتكنولوجياتهم. وهي الغاية النهائية التي يسعون إليها. لأن هؤلاء المتنورين هم من ستسند إليهم المسؤوليات السامية في بلدانهم. فيصبحون وكلاء يعملون لصالح بلدانهم.
وبعد أن شككوا في نبوة محمد (ص) معتبرين النبي صلى الله عليه وسلم ليس إلا رجلا مصلحا متقولا على الله، قاده طموحه السياسي إلى ابتداع دين أتى به العرب ليسودهم.

ثانيا: وبعد أن نفوا عنه النبوة، انتقلوا إلى فكرة أخرى ليضلوا بها الناس، وهي الادعاء بأن النبي (ص) أخذ الإسلام من اليهودية والمسيحية.
قال سيدني فيشر: في كتاب (الشرق الأوسط في العصر الإسلامي)، إن الإسلام نسخة مشوهة عن اليهودية. وأيده في هذا القول (نفتالي فيدر) في كتابه (محاضرات للشرق الوسط)، الذي جاء فيه: "واتفق لمحمد في أثناء رحلاته أن يعرف شيئا قليلا عن عقائد اليهود والنصارى، وقال (جولد تزهيمر) في كتابه (العقيدة والشريعة)، ترجمة الدكتور موسى وزميله ص15، "تبشير النبي محمد ليس إلا مزيجا منتخبا من معارف وآراء دينية عرفها أو استقاها بسبب اتصاله بالعناصر اليهودية والمسيحية وغيرها التي تأثر بها تأثرا عميقا"، وقال (نيكل سون) في كتابه الصوفية في الإسلام: "والإسلام الذي وضعه محمد تأثر فيه بالتعاليم الدينية السابقة تعاليم اليهودية والمسيحية". وبالأخص مسيحية الكنيسة السريانية. ثم إن محمدا في اقتباسه حرّف الفهم فيما اقتبسه لأنه حكم ناتج عن منزلته وقيمته الإنسانية في فهمها. (يقصد أن النبي لم يفهم حقيقة الوهية عيسى، يؤلهون عيسى وينفون النبوة عن محمد. هذا هو المنهج والمنطق العلمي عندهم.
ولقد رددت بإسهاب واستفاضة على هذه الأضاليل في كتابي:(الرد على شبهات المستشرقين) ط،1/2005. فندت فيه هذه الأقاويل المزيفة بالدليل العلمي والبرهان المنطقي والشاهد التاريخي.

ثالثا: التشكيك في مناهج البحث التوثيقية، وصحة النقول من المصادر التاريخية التي وضعها العلماء المسلمون قديما، وفي نقل الروايات والأخبار وتحقيق الحوادث وضبط التواريخ وكتابة السيرة النبوية.

رابعا: نفي الشعر الجاهلي برمته، لكونه مادة وضعها المسلمون للاستدلال به على صحة معجزة القرآن الكريم. وكتب في هذا الموضوع المستشرق الانجليزي (مرجليوث) ونشره سنة 1925. واقتفى أثره طه حسين في كتابه (الشعر الجاهلي) سنة 1926.

خامسا: اتهام العرب بالطوطمية، قال مرجليوث في رسالة بعث بها إلى جورجي زيدان، حينما طبع كتابه الشهير تاريخ التمدن الإسلامي: "إن مسألة الأمومة دونت فيها مجلدات كثيرة عندنا ذهب أكثر أصحابها إلى أن العائلة القديمة للعرب ليس فيها أب معلوم، بل ترأسها أم كثيرة الرجال، (يعني سفاحا)، وحق الأبوة أمر مستحدث إدخاله عند العرب، لم يسبق عهد النبي بكثير. وأنساب العرب كلها أكاذيب.....إلى أن قال: إن قبائل العرب أكثرهم يشبه المسمى طوطم عند الأمم المتوحشة. أعني حيوانا ينتسبون إليه بجهلهم بترتيب الطبيعة، فيصدر عن انتسابهم إليه سنن وقوانين لا تخفى آثار بعضها عند العرب الجاهليين". [الرد على شبها المستشرقين لكاتب هذا المقال.ص12]. والقصد من هذه الفرية، أن العرب أبناء زنى، ولا نسب لهم ولا أصل ولا فصل. ومن كان هذا أصله فلا يمكن أن تكون فيه النبوة.

انتهت الحلقة الأولى، وتتبع بالثانية إن شاء الله.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

الطيب
22-04-2015, 03:49 PM
السلام عليكم
أخي الكريم ..وهل آيات القرآن رتبت بوحي من السماء؟
وإن لم يكن كذلك....قماذا بعد الوحي؟

أمازيغي مسلم
29-04-2015, 02:15 PM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

الأخ الفاضل:" الطيب".
بارك الله فيك على تشريفك لمتصفحي بتساؤلك، وسرني كثيرا أن يكون متصفحي هذا سببا في عودتك لمنتدياتنا، ومشاركتك هذه حملت رقم:(7)- رغم أنك من قدماء أعضاء منتدياتنا-، لأن سنة تسجيلك هي:(2007)، فمرحبا بعودتك مرة أخرى.

أخي الكريم: تجد إجابة وافية لتساؤلك تحت هذا الرابط:
http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=299416

تقبل تحيتي.

أمازيغي مسلم
29-04-2015, 02:17 PM
الباحث:" خير الدين هني" يرد على:" نور الدين بوكروح" في

الحلقة الثانية تحت عنوان:

"هؤلاء دعوا إلى إعادة ترتيب القرآن قبلك!!؟".

سادسا: التشكيك في القرآن الكريم: وهو موضوعنا الذي نحن بصدد تناوله. فلقد ذهبوا إلى وجوب إعادة ترتيبه بحسب مناسبة النزول، والسبب في ذلك حسب زعمهم أن ترتيب القرآن تم بأمر من محمد، وباجتهاد الصحابة لدواع سياسية.
وهو ـ في نظرهم ـ ليس وحيا من الله سبحانه لقنه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، بينما يعتبره المسلمون منزلا من السماء، لذلك أضفوا عليه هالة من القداسة والتبجيل، وجعلوا ترتيبه توقيفيا بأمر من الله سبحانه. لا يجوز تغييره. بإجماع علمائهم.
ومن هنا سهل عليهم الطعن في قدسية القرآن الكريم. حينما زعموا أن القرآن الكريم تعرض للتحريف والتبديل، وإخفاء بعض السور والمقاطع منه. التي تضمنتها نسخ بعض الصحابة. كنسخ عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب وعبد الله بن عباس..
لذلك سموا المصحف الجامع الذي اتفق عليه كل الصحابة بأمر من عثمان رضي الله عنه بمصحف عثمان، وهنا اتفق المستشرقون مع الشيعة الروافض في مذاهبهم المضللة على أن القرآن الكريم تعرض للتحريف، مع اختلاف غاية كل من الفريقين.
والخطيئة التي وقع فيها المستشرقون من هذه الوجهة ـ بعدما نفوا عن القرآن صفة الوحي المنزل ـ أنه في نظرهم لا يخرج عن كونه ديوان شعر أو كتاب نثر، ألفه محمد بمواهبه الخارقة.
وكأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان شاعرا استوقفته الأطلال فبكى واستبكى، أو كان ناثرا استثارته هموم الناس وأشجانهم. فالقرآن ليس شعرا يخضع لقواعد القافية وأوزان الشعر، وليس نثرا تحكمه وحدة الموضوع وترابط الأفكار. بل هو كلام الله منزل يتضمن العقيدة والعبادة والمعاملات والأحكام والتشريع والسياسية والعلاقات الدولية والحرب والسلم. والإخبار بما كان وبما يكون والقصص والوعد والوعيد.... نزل مفرقا، بحسب المناسبة والظروف في آيات ضمت إلى بعضها بأمر من الله تبارك وتعالى. لذلك كان أمرها توقيفيا لا يجوز المساس به.
ولذلك كانت وحدة الموضوع التي ينادي بها المستشرقون، والسيد بوكروح غير موفقة مع القرآن الكريم والسور، وإن رتبت بحسب النزول، فهي متباينة في وحداتها المعنوية بسب مناسبة النزول.. وحتى في الصور المكية أو المدنية تستحيل وحدة الموضوع، لأن الآيات تتضمن وحدات معنوية متباينة في غرضها وهدف نزولها. حتى ولو رتبنا السور بحسب النزول.
ودعوة المستشرقين في هذا الموضوع، دعوة باطل يراد بها باطل. لأن هذا المنهج يتفق مع إبداعات الإنسان شعرا ونثرا. لكون هذا الإنتاج يتناول غرضا واحدا، (وصف، رثاء، غزل، هجاء، مدح...) ينظم في أفكار أساسية يحكمها الترابط المعنوي والمنطقي. لأنها نظمت في وقت واحد وزمن واحد وظروف واحدة وغرض واحد.
يضاف إلى ذلك كله، أن القرآن نسق غريب في نسجه اللغوي، بديع في تركيبه المعنوي، عميق في بيانه البلاغي، مؤلف على غير سابق مثال، عرفه الناس من خصائصه الإعجازية، إنه ركب من وحدات معنوية تطول أحيانا عند الإطناب، وتقصر أحيانا أخرى عند الإيجاز، ذات معان مستقلة في زمان نزولها، ومكان حدوثها، رصت إلى بعضها رصا من غير أن تترك نشازا صوتيا، أو ركاكة لفظية، فأضفت عليه مسحة من الجمال الفني، وعذوبة في الذوق المعنوي.
أعجز البلغاء في محاكاته، وأعيا الفصحاء في مقارعته، وأخزى المعاندين في مناكبته. وأدهش المغرضين ببيانه، وأقنع الحكماء ببلاغته، وأفرح المؤمنين بتبشيراته، وزجر الملحدين بإنذاراته. ولو كان بإمكان المستشرقين والمكذبين به أن يأتوا بمثله على سبيل المحاكاة أو المعاندة لأتوا به ليثبتوا للناس أنه كلام بشر. وبما أنهم عجزوا هم وأشياعهم فهذا هو الدليل القاطع على نزوله وحيا من السماء.
وحين استغلق على قلوب هؤلاء المستشرقين ومن مشى في ركابهم من الحداثيين المسلمين دعاة التنوير والتقارير، لم يعد بمقدورهم إدراك ذلك السمو الذي ميز القرآن الكريم عن غيره من كلام العرب، واعتبروه نصا عاديا، سهل عليهم الدعوة إلى وجوب إخضاعه لمعايير التحليل العلمي والأدبي. من صدق العاطفة ووحدة الموضوع وترابط الأفكار وانسجام المعاني، ووضوح الغرض...الخ.
وإذا جاز للمستشرقين اعتبار ذلك، لكونهم غير مسلمين، ومعادين للأمة، فإنه لا يجوز من الوجهة الأخلاقية للمثقفين العرب الجري وراء أقوالهم الضالة، من غير تحفظ ولا احتياط، بدعوى رفع مستوى الوعي لدى الأمة المنهوكة والمهزومة، وتجديد وتحديث مناهج البحث لدراسات الثقافة التراثية بكل عناصرها ومكوناتها، لكونها ثقافة ميتة تجاوزها الزمن على حد تعبير الأستاذ بوكروح.

وقبل أن أتناول المستشرقين الذين دعوا إلى ذلك: أقدم بعض المفكرين المسلمين المعاصرين الذين دعوا إلى هذا الترتيب.

"سيد قطب":
ومن العلماء المسلمين المعاصرين الذين دعوا إلى إعادة ترتيب القرآن الكريم ترتيبا نزوليا، هو:" سيد قطب" - رحمه الله- ، صاحب الظلال. وقد استهوته هذه الفكرة لكونها تمثل منهجا مثاليا للحركة كما كان يراها. ولكنه تراجع عن هذه الفكرة في آخر الأمر، لما تبين له استحالة ذلك. ولقد جاء في كتاب عبد الفتاح الخالدي. (المنهج الحركي ص 111) قوله: "أما ترتيب السور في المصحف فيبدو أن سيد قطب قد اقتنع بعد تجربة في عرضه للسور في كتابه، (مشاهد القيامة في القرآن) حسب النزول. باستحالة الجزم بالترتيب الزمني المقطوع به. وعلى هذا الأساس وبخطورة الآراء التي نتجت عن ذلك بمخالفة ذلك لاتفاق المسلمين منذ زمن عثمان إلى العصر الحديث".
وجاء في بحث قيّم للأستاذ:" رياض عمراوي" بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية كلية أصول الدين والشريعة. شعبة التفسير وعلوم القرآن، أنه ورد في رسالة للأزهر، كتبها:" يوسف راشد" بوزارة العدل المصرية في مجلة الأزهر، فجاء فيها بما نصه، "إن ترتيب القرآن في وضعه الحالي يبلبل الأفكار ويضيع الفائدة من تنزيل القرآن، لأنه يخالف منهج التدرج التشريعي الذي روعي في النزول. ويفسد نظام التسلسل الطبيعي للفكرة، لأن القارئ إذا انتقل من سورة مكية إلى سورة مدنية اصطدم صدمة عنيفة، وانتقل بدون تمهيد إلى جو غريب عن الجو الذي كان فيه. وصار كالذي ينتقل من درس في الحروف الأبجدية إلى درس في البلاغة". (مقال النقد الفني لمشروع ترتيب القرآن الكريم حسب نزوله).


المستشرقون هم أول من دعا إلى إعادة ترتيب القرآن الكريم:

المستشرق:" ثيودور نولدكه": يعتبر نولكه (مستشرق ألماني، 1836-1930) وهو شيخ المستشرقين الألمان، من أوائل المستشرقين الذين أثاروا مسألة إعادة ترتيب القرآن الكريم، "وفق ترتيب النزول. ولقد أفنى جزءا كبيرا من حياته، معتمدا على كتاب أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي من رجال القرن الخامس، (تاريخ القرآن لأبي عبد الله الزنجاني ص، 71).
ويقال بأنه ندم في آخر حياته على الجهد الكبير الذي بذله في علم، لا يمكن أن يصل فيه إلى نتائج قطعية، بسبب اختلاف الروايات وتضاربها.
وجاء هذا الترتيب في كتابه الذي ألفه في ثلاثة أجزاء، "تاريخ القرآن"، ولقد هلل المستشرقون بهذا العمل الزائف. وأخذوا على أنفسهم العمل به في أبحاثهم ودراساتهم، زاعمين أن القرآن الكريم يفتقر إلى التماسك الداخلي، وهو الرأي الذي ذهب إليه الأستاذ بوكروح.
ثم إن:" نولدكه" وبقية المستشرقين: يعانون من مشكلة الاستعانة بالأسانيد، لأنهم يرتابون في مناهج العلماء المسلمين، وللإشارة حتى يعلم القراء بأن المسألة قديمة ومعروفة، وليست من ابتكار الأستاذ بوكروح، لأنها مازالت تطرح بقوة في الجامعات الأمريكية حتى الآن.

قال:" هينري ماسي":{ إن ترتيب سور القرآن وآياته ليس بأمر من الله سبحانه، وإنما وضع بعد وفاة النبي}، ثم دعا إلى وجوب إعادة ترتيبه زمنيا. (مناهج البحث في الإسلاميات لدى المستشرقين وعلماء الغرب، ص 248).

ويقول:" بروكلمان":{ إن زيدا رتب هذا الجمع، السور حسب طولها. وابتدأ بأطولها. بعد الفاتحة التي وضعها على رأس السور كلها ( ولذلك أمره ليس توقيفيا)، وعلى هذا المنوال جمع القرآن أيضا أبي بن كعب والمقداد بن عمرو وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري}.( تاريخ الأدب العربي ص410).

" جاك بيرك": قام بترجمة القرآن الكريم، وأشار في مقدمته بأن هناك قضايا كثيرة أثارها المستشرقون فيما يخص بنية النص القرآني، أهو مصنوع أم منزل؟. (يعني الشك في القرآن) إلى أن قال:{ لم يتم الاهتمام في البداية إلا بأطول سبع سور}.( القرآن وأوهام مستشرق): لمحمد حسين أبو العلا ط1 الكتاب العربي للمعارف بمصر،ص 13).
ثم يخلص إلى القول:{ .. ومع ذلك تتسع المسافة بين النزول والترتيب لدرجة التناقض!!؟}.
وهذا ما جاء في مقال السيد بوكروح حينما تناول تفسير آيات الخلق بحسب الترتيب الموجود في المصحف، فيكون المعنى غير مترابط ومنسجم مع الحقيقة العملية حسبما ذهب إليه في تخريجته.

ويرى المستشرق الفرنسي:" بلا شير" وفق ما يراه ملائما لظروف العصر، فيقول:{ فترتيب القرآن بحسب ما هو موجود لا يوفر تركيبا دقيقا وموضوعيا}. ( يعني متناقض)، ويذهب إلى ضرورة العدول عن هذا المنهج إلى منهج آخر يراعى فيه ترتيب القرآن حسب المراحل والموضوعات والتدرج مما يهيئ وحدة نفسية وتاريخية أنسب بالترجمة، وأكثر ملاءمة وقراءة أيسر وأجمل في نظر الغرب.

وهذا المعنى هو الذي قصده السيد بوكروح في مقاله الصادر في:( جريدة الشروق بتاريخ14/4/2015)، ولكنه استخدم التورية والمراوغة اللفظية للتعمية في تناول الموضوع!!؟.
أليست هذه أدلة دامغة وكافية للاستدلال بها على أن الأستاذ بوكروح تأثر بالدراسات الاستشراقية حتى النخاع!!؟، وأخذ عنهم من غير تحفظ ولا احتياط، ورغم ذلك، فقد تحدى العلماء المزييفين حسبما يسميهم!!؟، للرد عليه بالحجة والبرهان.
ولكن المسألة: لا تتطلب تخصصا كبيرا، ليقف المرء بنفسه ومن غير عناء كبير على درجة التضليل التي جاءت في مثل هذه الدعاوى لتحريف القرآن الكريم تحت عناوين جذابة وبراقة، (التجديد والإصلاح): لمخادعة البسطاء من الناس الذين سماهم السيد بوكروح ذات يوم ب:" الغاشي!!؟". (تقابل هذه الكلمة في الفصحى كلمة الأوباش).
وكأن القرآن الكريم صار به اعوجاج من ضروب الزمن، فظهر هؤلاء المجددون المصلحون، ليزيلوا عنه ما علق به من تحريف واعوجاج!!؟، وهنا يمكن أن تتكشف للقارئ المتبصر الحقيقة، وهي: أن السيد بوكروح يتكلم بطريقة منتقاة فيها كثير من الدهاء، كما لا يظهر في صورة عاكسة لآراء المستشرقين ومذاهبهم.
وهنا تظهر الحالة النفسية للسيد بوكروح في قمة سعادتها، لكونها تبنت طرحا مبتكرا لمعالجة مشكلة علمية ومنهجية: تعيد للقرآن انسجامه وتوازنه وترابطه عبر سلسلة من التحسينات تصيب تركيبته المعنوية والتاريخية عبر علاقة دراماتيكية لا تنفك عن سيرورته النزولية.
وقد استغل الفراغ الكبير في الحركة النقدية ضمن الساحة الثقافية، وعلم أن المثقفين حينما رأوا تقهقر مكانتهم في المجتمع من طرف الرسميين ووسائل الإعلام والمجتمع: انكفؤوا على أنفسهم، وانصرفوا إلى الاهتمام بشؤونهم الخاصة، ولم يصبحوا يهتمون بأمور الثقافة والنقد، لذلك سوغ لنفسه هذا الانتحال والاقتباس الذي أضر بسمعته كمثقف ومسلم ومسؤول!!؟.
وقد فعل مثل ذلك:" طه حسين": حين كان يبحث عن الشهرة والمجد، وتبوأ المكانة الرفيعة، فألف كتابه الشهير:(الشعر الجاهلي) سنة1926: مقتبسا أفكار المستشرق الشهير:(مرجليوث): الذي نشر بحثا مطولا سنة 1925: شكك من خلاله في الأدب الجاهلي، بل نفاه كلية!!؟، لأن التاريخ العربي والإسلامي: أصبح غير صالح كمادة حيوية: لدراسة الآثار العربية والإسلامية بالمنهج التضليلي الذي يرومه المستشرقون.
ولكن مصر ليست الجزائر، فما إن نشر كتابه حتى هب إليه الكتاب والنقاد فمرمطوه، وفضحوا أمره أمام الناس.
ولقد أرهق السيد بوكروح نفسه حين راح في مقاله المذكور سابقا، في بيان الفائدة المعنوية والعلمية التي نحصل عليها، حين نعيد ترتيبه ترتيبا زمنيا، (وهذا المصطلح الترتيب الزمني الذي استعمله السيد بوكروح هو مصطلح وضعه المستشرقون)، وليس ابتكارا من عنده، وبهذا الطرح الغريب: يكون هؤلاء الناس قد عطلوا عن العقل قدراته الخارقة في فهم العلاقة بين المعاني القرآنية في دلالاتها المختلفة ضمن بعض الآيات التي لم ترتب نزوليا.
تصوروا أن العقل - هذا الكائن العجيب- الذي بنى المعرفة ذاتيا ووضع لها قواعدها وأصولها، وطوع العلوم العقلية بتعقيداتها، يعجزه إدراك العلاقة المعنوية والمنطقية في آيات خلق الإنسان في بضع آيات موجودة في سور غير مرتبة ترتيبا نزوليا!!؟.
إن السيد بوكروح نراه يمجد العقل إلى أقصى درجات التمجيد، ويقدمه على النقل إذا بدا له بينهما تعارض، حتى إذا عنت له بعض الأفكار النيرة، وسطعت في ذهنه تناسى ذلك التمجيد!!؟، فهذه النظرة المحقرة للعقل ـ وإن كانت من غير قصد- هي:" نظرة سفسطائية": تجاوزت حدود الاحترام لهذا الكائن العبقري.
والسيد بوكروح يستعرض عضلاته بقوة على المثقفين المعربين الذين سماهم:" العلماء المزيفين!!؟" تارة، وب:" خلفاء الأنبياء!!؟" تهكما تارة أخرى. لكونهم يحملون ثقافة ميتة على حد تعبيره، وهي الثقافة التي لا تروق مناهج البحث لدى الحداثيين المجددين.
وأنا أستبطن مراده جيدا من خلال المصطلحات التي تعوّد على استعمالها في كتاباته وتدخلاته، وهي المصطلحات التي اعتاد على ترديدها:" دعاة الحداثة من اللبراليين والعلمانيين!!؟".
وهو لا يقصد المثقفين باللغة الأجنبية، لأنه يقاسمهم روابط الولاء لكل ما هو:" غربي واستشراقي!!؟"، فسخطه العميق الذي يظهر على محياه، وهو يتكلم بدون تحفظ ولا احتياط على علماء الدين والشباب المتدين والإسلام السياسي هو: الشاهد على ما يكنه من مشاعر غير ودية لهم.
وأصدقكم القول، إنني لم أقف على خبر لمثقف تحدى زملاءه بأن يأتوا مثله، إلا ما جاء في:" رسالة التربيع والتدوير" للجاحظ حينما رد على أحد أدعياء العلم، حيث تجنى عليه ذلك الداعي في مجال هو أصغر منه.
وكذلك في المساجلات التي أحدثتها فترة الصراع بين القديم والجديد في مصر بين:" طه حسين" الذي نصب نفسه مجددا، وكان يبحث عن الشهرة مع خصومه من المحافظين وعلى رأسهم الدكتور :"زكي مبارك" الذي كان يطلق على نفسه لقب الدكترة، وهو خريج السوربون، فوقف له بالمرصاد وأفحمه في كثير من المناسبات، لأنه لم يكن على صواب في أطروحاته وخرجاته.

تأمل عقل
03-05-2015, 12:57 PM
أي موضوع يطرح للنقاش ويقدم فيه رأيا مخالفا للمألوف والمعروف عند غالبية الناس الا وقوبل باستغراب أو الغاء أو اتهام ،والسيد بوكروح قدم موقفه ،ولم يدعى أنه أول من فكر فيه ،كان يجب عليه فقط أن يذكر فهرسا علميا عن كل من طرح نفس الرأي...وطرح السابقين للموقف لايمنع طرحه الآن من أي باحث يريد الحقيقة وهو ينتمي الى الأمة ،والحكم على النوايا لايكون خارج ماصرح به صاحب الفكرة.
سيطرة فكرة أجمعت الأمة،واتفق علماء الأمة،ومنذ السلف ,,,,جعل عقولنا لاتقبل أي تفكير خارج اطار المتعارف عليه.لنحلل الأفكار وننتقد دون مس بالأشخاص
لاننسى أن المستشرقين لهم سلبيات في محاولتهم اخضاع النص القرءاني لمقاييس النص البشري ،لأنهم أصلا يتعاملون مع النص المكتوب أمامهم دون حكم مسبق أنه وحي من الله.لكنهم خدموا الإسلام كثيرا اذ نقلوه الى الغرب باقلامهم الغربية مما دفع عددا كبيرا من المفكرين للبحث حول افسلام والقرءان خاصة

sabrina88
07-05-2015, 08:21 AM
ازدراء العقل و تجريم العقلانية و التفكير هو من خصائص الفكر الخرافي الذي يجمع بين المتناقضات و ينكر الحقائق و البديهيات التي تثبتها التجربة و الواقع و العقل...

العقل الخرافي هو من يعتبر العلم هو ما كان فيه قال و حدثنا و ما سوى ذلك سوى وسواس الشياطين...

الطيب
07-05-2015, 08:36 AM
السلام عليكم
هل لك في ترتيب أيات وسور القرآن الكريم نصا دينيا ترد به على بوكروح وغيره؟
أم أنك تجد في من عملوا على ترتيبه أول مرة آلهة ؟

بالله عليك.....ماذا لو أتتك طليقتك من 4 او 5 سنوات لتنسب لك مولودا ؟
وهل كنت لتدهن وجهك بنخامة النبي -صل الله علية وسلم- وتشرب بوله لو كنت زمانه؟
ثم ماذا عن من أتاك باخبار طوافه -صل الله عليه وسلم على نسائه في ضحوة نهار وكن تسع؟

لا حول ولا قوة إلا بالله

أمازيغي مسلم
12-05-2015, 10:56 AM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

حين كتب العضو:" الطيب" مشاركته رقم:(2): ظننت بأنه يقصد مباحثة علمية، فأجبته بمشاركتي رقم:(3)، وقد أحلته فيها على متصفحي الآخر، وفيه إجابة وافية لتساؤليه، ومتصفحي بعنوان:" ادعاء أن ترتيب آيات القرآن وسوره من وضع الصحابة".
وقد توقعت بأنه سيجيب برد علمي على ما ورد على ذلك المتصفح، وإذ به يفاجئنا بمشاركته رقم:(7): التي كرر واجتر فيها نفس شبهات المستشرقين الطاعنين في الدين!!!؟؟؟، وقد أجبنا وأجاب عليها غيرنا سابقا بما فيه كفاية تغنينا عن:" تكرار المكرر!!؟"، و:" اجترار المجتر!!؟"، فما عليه إلا البحث عنها، والرجوع إليها، وسيجد فيها:" الجواب الكافي"، و:" الدواء الشافي" لما طرحه من شبهات!!؟، وقبل ذلك، أدعوه إلى التأمل جيدا في هذه الآية، وذلك الحديث:

أما الآية، فقوله تعالى:[ إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا].
وأما الحديث، فقوله عليه الصلاة والسلام:"... الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك...".

ومن المستحسن، بل من الواجب على كل من تصدى للكلام في:" الله تعالى أو كتابه أو رسوله أو شرائعه" – خاصة- لمن خالط قصده دخن!!؟-: أن يتدبر جيدا قوله تعالى:
[ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ . إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ . مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ . وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ. وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ. لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ].
وليتأمل أيضا قوله تعالى:[ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ].
وأبلغ ما أختم به نصحي لهؤلاء قول:" الخبير العليم":[ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ. قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ].

أمازيغي مسلم
12-05-2015, 10:57 AM
حين قرأت المشاركتين رقم:(5)،(6): تذكرت هذه:" الخاطرة:الماتعة الرائعة":التي يقول فيها صاحبها:

" في جلسةٍ بمناسبة زواج أحد الإخوة، ومن أقدار الله تعالى: أن فتحنا موضوع:" التعلمُن وتأثر بعض الناس به"، فكان أن شخصاً خاطبني بـ:" أنتم تقدّسون التفاسير!!؟"، فلا زال يجادلني بالباطل، حتى قلتُ له:" طيب: هب أننا رمينا كل التفاسير في البحر، واخترناكم أيها المتعالمون، لكي تجددوا لنا الدين".
فقاطعني قائلا:" نعم هذا ما نريده: أن تطلقوا أيدينا، لنعيد تفسير المقدّس!!؟" .
فقُلتُ له:" طيب أنا سأطلق يديك، لتفسّر لي قول الله تعالى:[ والعاديات ضبحا * فالموريات قدحا * فالمغيرات صبحا * فأثرن به نقعا * فوسطن به جمعا ].
فسكت، ثم أعدتُ سؤاله، فقال لي:" أنا لستُ متعمّقاً في اللغة العربيّة!!!؟؟؟".

فقلتُ:" هذا حال المرجفين: يعرفون أنّهم لا يملكون أبسط العلوم التي ينبغي أن يضبطها المفسّرون، وينادون بإهمال التراث ورميِه، ويحتقرون العلماء!!؟.
إن هؤلاء الذين يدعون بأنهم:" عقلانيون مجددون!!؟": يبدؤون أول الأمر ب:" نصرة منهج التجديد دون ضبط لشروطه ومصطلحاته!!؟"، وذلك يقودهم إلى:" رد كلام أهل العلم"، ثم إلى:" إسقاط التراث"، ثم:" إسقاط تقعيد العلوم الإسلاميّة"، ثم:" الضرب في الإجماع"، و:" ردّ قطعيات الإسلام"، ثم:" رد أحاديث الآحاد"، فينتهي بهم الأمر إلى:" ردّ السّنة بأجمعها.!!؟".
وقد رأينا بعض آثارهم هنا وهناك، ولله في خلقه شؤون!!؟.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

sabrina88
20-05-2015, 12:32 PM
تبقى العقلانية هي الأساس الحقيقي للعلم و الفكر و الدليل على ذلك هو كل ما يحيط بنا من منتجات العقل ابتداء من لوحة المفاتيح الى السيارة و الطائرة و الباخرة و ناطحات السحاب مرورا بالأقمار الصناعية و الكهرباء التي أنارت بيوت و مصانع العالم..الى النظريات العلمية في شتى المجالات و العلاجات المبتكرة للكثير من الأمراض الخطيرة التي أنقذت أرواح الملايين من البشر عبر العصور..مرورا الى المعلومات الثمينة التي توصل اليها العقل و استغلها لاختراق الافاق و لخير البشرية جمعاء..الى أرقى النظريات في ميدان العلوم السياسية و الاجتماعية التي مكنت البشرية من ابتكار أرقى نظم الحكم و السياسة و الاقتصلاد ، و ان لم تكن مثالية الا أنها تعد أفضل ما توصل اليه العقل البشري ، و لا تزال تسعى لمراحعة أخطائها و تصحيح ذاتها بنفسها ، كل هذا دون الادعاء انها تملك الحقيقة المطلقة بل هي تعترف بكل تواضع أنها مازالت تجتهد و تتطور باستمرار سعيا نحو ما يحقق الخير و السعادة و الرفاهية لجميع البشر

تأمل عقل
25-05-2015, 07:47 PM
ماذا يبقى للإنسان اذا عطل عقله؟ وماهو الفرق بين الإنسان السيد والإنسان شبه انسان ،هو في كلمة واقعية أنا أدركت؟أنا قررت ؟أنا فعلت؟أنا اكتشفت أن....وبعدما درست الآيات و.....،بينما الآخر يكون ظل غيره يكرر ماقال الأجداد والسابقون وينظر لذاته أنه مجرد أصغر اصبع في رجل أحد عمالقة السلف ....بل يستغرب هل تقارن نفسك بالصحابة؟هل تقارن عصرنا بعصر السلف؟كأن السلف ملائكة معصومين مجتمعهم ذهبي ،ونحن شياطين ومجتمعنا ترابي غير خصب,,,,
الإنسان بلا عقل لا انسان
العقل بلاحرية اتخاذ القرار وهم
ومن كان مجرد ظل سوف يبقى ابد الدهر خيال يغيب عند غياب الضوء ومصدر ظله
والسيد بوكروح أراد أن يكون الإنسان السيد بعد كان ظلا أمينا لمالك ابن نبي حاول التحرر منه باعطاء الحرية لعقله في السياحة النقدية عبر كل مجالات المعرفة خاصة المسلمات وبديهيات المجتمع في عمومه....ولايمكن لأي كان الحق في أن يشك في ايمان واسلام بوكروح’بل فقط ربما غير العمامة والمشط بالقبعة ومابعد الحلاقة

أمازيغي مسلم
30-05-2015, 03:03 PM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:




يحاول بعضهم جاهدا:" خلق إشكالية بين النقل والعقل في الإسلام!!؟"، وحقيقة الأمر: مخالف لما يروج له هؤلاء لسبب أو لآخر!!؟.
وهذا مبحث نفيس لأحد إخواننا الأفاضل يدحض دعوى العقلانيين، فإليكموه مع تصرف يسير:

من أصول:" أهل السنة والجماعة" العقدية العظيمة أن:


( العقل الصّريح لا يُخالف النّقل الصّحيح ).


وهذا الأصل من:" أنفع وأهمّ أصول الاعتقاد"، فلا يمكن أن يتعارض العقل الصّريح والنّقل الثّابت الصّحيح أبدًا.
فإذا وُجِد ما يوهم التعارض بين النّقل والعقل، فاعلم أنّ هناك أحدَ أمرين:

- إمّا أن يكون النصّ غيرَ صحيحٍ.
- أو أن يكون العقل غيرَ صريح.

ويجب البحث عن صحّة النصّ[1]، فإن ثبت بالسّند الصّحيح: لزم أن يُحكم على العقل: أنّه غير سليم صريح، و:" العقل الصّريح" هو:" القلب السّليم الّذي نهل من ينابيع الكتاب والسنّة وآثار سلف هذه الأمّة".
فإذا توفّر هذا الشّرطان:( صحّة النص وسلامة العقل )، فلا يمكن أبدًا أن يكون هناك تعارض أو تناقض.
ويدلّك على ذلك: أنّ كلّ من ادّعى التّعارض بين العقل والنّقل: تراهم من المخالفين لمعتقد:" أهل السنة والجماعة"، فخالفوا بذلك الأصلين السّابقين، ولم يُسمع حرفٌ واحدٌ عن أهل السنّة والجماعة: أنّهم ردُّوا نصّا صحيحا لأنّه خالف العقل، كلّ هذا لتوفّر هذين الشّرطين:

- " صحّة النّقل": فهم لا يبنون الاعتقاد إلاّ على النّقول الثّابتة كما مرّ.
- و" سلامة العقل من الآفات الدخيلة عليه": كالتّعصّب للمشايخ، والتّأثّر بعلم الكلام، والوقوع في فلسفات الغربيّين، ونحو ذلك.

ولأهمّية هذا الأصل أفرده شيخ الإسلام:" ابن تيمية" رحمه الله بمؤلّف خاصّ ماتع رائع، وهو كتابه الكبير المفيد:" درء تعارض العقل والنقل ".
وإنّما ركّز أهل العلم على هذه القاعدة: لرواج المذهب الكلامي القائم على المقدّمات الفلسفيّة، ومن أخطر ذلك: ما وضعه الرّازي:(544هـ/606هـ) في مؤلفه: " أساس التّقديس".
وملخّص ما قاله في:" أساس التّقديس ":
{ أنّه إذا تعارض العقل والنّقل، فلا يخرج عن أن يكون أحد أربعة أحوال، إمّا:
- أن نقبلهما معا، وهذا محال، لأنّ النّقيضين لا يجتمعان، ومن أمحل المحال اجتماع الضدّين في الحال.
- أن نردّهما معا، وهذا محال، لأنّ في ذلك طعنا في النّقل والعقل معا.
- أن نقدّم النّقل على العقل، وهذا محال أيضا، لأنّ العقل هو الطّريق إلى معرفة صحّة النّقل، فلو طعنّا فيه: لطعنّا في النّقل أيضا، فلم يبق إلاّ:
- أن نقدّم العقل على النّقل، بضرب من التّأويل.

وقد راج هذا الكلام بين أتباعه حتّى عدّوه:" فتحا عظيما، ونصرا عزيزا!!؟"، فجاء شيخ الإسلام:" ابن تيمية" رحمه الله، فنقض هذا الكلام من أساسه، وذلك في كتب عديدة له، أشهرها:"درء تعارض العقل والنّقل" في أحد عشر مجلّدا، و:"بيان تلبيس الجهميّة" في جزئين، وترى كثيرا من تلك:" التّأصيلات العلمية" في مواضع كثيرة من مجموع الفتاوى وخاصّة المجلّد الخامس والسّادس.
وملخّص كلام:" ابن تيمية" رحمه الله في ردّه، أنّ ما قاله الرّازي وغيره مردود من طريقين:

1- الطّريق الأوّل: طريق المنع:
- وهو أنّ النّقل الصّحيح: لا يمكن أن يخالف العقل الصّريح، وذلك ما سبق بيانه آنفا.
- وهو أنّ العقل: لا ينضبط، وما علّق على ما لا ينضبط: لا ينضبط أيضا؛ بدليل أنّنا نرى كثيرا منهم ينفي بدلالة العقل: ما أثبته الآخر بدلالة عقله!؟.
- أنّه يمكن أن نجعل القسمة أكثر من ذلك، بأن يقال: يقدّم النّقل أحيانا، ويقدّم العقل أحيانا أخرى، والرّاجح هو: ما دلّت القرائن على صحّته.

2- الطّريق الثّاني: طريق التّسليم:
سلّمنا أنّ القسمة رباعيّة، ثمّ سلّمنا أن العقل الصّريح :قد يخالف النّقل الصّحيح، فيقال: قولكم:
إنّهما لا يقبلان معا، صحيح.
وإنّهما لا يطرحان معا، صحيح.
أمّا قولكم: لو قدّمنا النّقل على العقل: كان ذلك طعنا في العقل الّذي به عرفنا صحّة النّقل، فهذا غير صحيح، من وجهين اثنين:

أوّلهما: ما فررتم منه: وقعتم فيه!!؟، لأنّ تقديم العقل على النّقل: فيه اتّهام أيضا للعقل، لأنّ العقل شهد بصحّة النّقل، ثمّ ادّعى غلطه!!؟.

ثانيهما: كون العقل دليلا على النّقل: لا يعني أنّه صواب في جميع أحيانه، ومثل ذلك:" مثل من سأل عن طبيب ماهر حاذق، فدلّه أحدهم عليه، وبعد ذلك أراد هذا الدالّ على الطّبيب أن تُعرض عليه آراء الطّبيب وأحكامه!!؟، فما قبله كان صوابا، وما رفضه كان باطـلا!!؟، ولا ريب أنّ هذا لا يقول به عاقل!!؟.

* من المسائل الفرعيّة تحت هذا الأصل:
وحتّى يتّضح هذا الأصل أكثر، فإليك بعض ما أوردوه من النصوص الّتي ادّعوا أنّها تعارض العقول، ونبيّن أنّ هذه النّصوص: إن ثبتت صحّتها، فإنّها لا يمكن أن تعارض العقل.

- المثال الأوّل: قـوله تعـالى:[أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ]، وقول النـبيّ صلّى الله عليه وسلّم للجارية:" أَيْنَ اللهُ ؟". قالت: فِي السَّمَاءِ. (رواه مسلم).
فقالوا: لو أخذنا بظاهر هذا الحديث والآية: للزِم من ذلك أن يكون الله تعالى داخلَ السماء لأنّ حرف ( في ) في اللّغة العربية للظّرفية، وهذا محال.

والجواب على ذلك من وجهين: بالمنع والتّسليم:

أمّا المنع فيقال: ليس بالضّرورة أن تكون ( في ) هنا للظّرفية، بل هي بمعنى (على)؛ فإنّ ( في ) تأتي في اللّغة العربيّة بمعنى على، ومصداق ذلك قول الله تعالى:[هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا]، وقوله حكاية عن فرعون:[ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ]، [طـه: من الآية71]: على الأرض، وعلى جذوع النّخل.

وأمّا الجواب بالتّسليم فنقول: إن سلّمنـا أنّ المراد بـ: ( في ) هو الظّرفية، فإنّنا لا نسلّم بأنّ المراد بـ ( السّماء ) هي ذات الأطباق الزّرقاء، بل المراد بها:" العلوّ"، فإنّ كلّ ما علاك، فهو سماءٌ، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى:[ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً]، وقوله:[يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ].
والماء: لا ينزل من السّماء الزّرقاء، بل من السّحاب المسخّر بين السّماء والأرض.
والأمر المنزّل من عند الله تعالى: يُقبض من تحت العرش فوق السّماوات السّبع.
فعلى هذا: لا يكون في الآية ما يتعارض مع العقل، بل هي موافقة له كل الموافقة؛ لأنّ العقل السليم يفرض صفة العلو المطلق لله تعالى.

- المثال الثّاني: ما يُروى عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم:" الحَجَرُ الأَسْوَدُ يَمِينُ اللهِ تَعَالَى فِي الأَرْضِ، فَمَنْ قَبَّلَهُ وَصَافَحَهُ فَكَأَنَّمَا قَبَّلَ يَدَ اللهِ تَعَالَى وَصَافَحَ يَمِينَهُ".
فقالوا: هذا الحديث يتعارض مع العقل؛ لأنّه يثبت عقيدة الحلوليّة، وأن الله تعالى حالّ معنا، فهو يثبت أنّ أحدًا يصافح الله تعالى.
والجواب أن يقال:
لا يجوز الحكم قبل النّظر في صحّة النّقل، وفي صراحة العقل.
* فهذا الكلام إذا نظرنا إليه من حيث الثّبوت، فهو لا يصحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإسناده مظلم[2].
وقد رُوِي عن ابن عبّاس رضي الله عنه بسند ضعيف أيضا.
إذًا فإنّ هذا النّقل فَقَدَ أحد الشّرطين وهو: صحّة السّند.
* ثمّ لو سلّمنا بأنّه صحّ عن ابن عبّاس رضي الله عنه، وأنّه ليس للرّأي فيه مجال، وابن عبّاس ليس ممّن يأخذ عن أهل الكتاب، وثبت له حكم الرّفع، فإنّه لا يتعارض مع العقل من وجوه:

أولها: أنّ ابن عبّاس رضي الله عنه قال:" يَمِين اللهِ تعالى فِي الأرْضِ"، ولم يطلق هذه اليمين، فهي يمين مقيّدة بأنّها في الأرض، ويمين الله تعالى ليست في الأرض، وإنّما هي في السّماء، فعلم أنه لم يرد حقيقة يمين الله تعالى.

والثّاني: أنّه قال:" فمن صافحه وقبله فكأنّما صافح"، وغاية ما في هذا: أنّه تشبيه، ومن المعلوم بالعقل: أن المشبه ليس هو المشبّه به، فدل هذا على أنه أراد التقريب، وضرب المثل فقط لا إرادة التّمثيل، وذلك لأنّ عادة الملوك إذا دخل عليهم رعاياهم: قبّلوا أيديَهم، ولله المثل الأعلى".انظر:( مجموع الفتاوى:6/397).

- المثال الثّالث: ما رواه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:" إِنَّ الْإِيمَانَ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةَ يَمَانِيَةٌ، وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ".

فقالوا: ظاهر هذا الحديث يدعو إلى الحلول، إذ فيه إثبات أنّ الرّحمن حالٌّ ببعض مخلوقاته.
والجواب:
إنّ الحديث ضعيف أيضا، فقيل منكر، وقيل شاذّ[3].
ثمّ إنّه لو صحّ، فإنّ كلمة ( نفَس ): ليس المقصود منها:" النّفس المعروف"، بل هي من: نَفَّس يُنفِّس تنفيسًا، أي من: التفريج.
أي: إنّ تفريج الله لعباده: يكون من قِبل اليمن، وهذا هو الذي حصل، فإن الله تعالى نفَّس على عباده في حروب الردّة بأهل اليمن، فهم أهل إيمانٍ وحكمة.
فعلى هذا المعنى الصحيح الّذي هو ظاهر اللفظ، لا يكون في الحديث أي إشكال، ولله الحمد والمنة".انظر:( مجموع الفتاوى:6/398).

( فائدة ) أوّل قياس فاسد عُورض به النّصوص..
قال:" ابن القيّم" رحمه الله في:(الصّواعق المرسلة:3/998):
"إنّ معارضة الوحي بالعقل: ميراث عن الشيخ أبي مرّة [وهو من ألقاب الشّيطان]، فهو أوّل من عارض السّمع بالعقل، وقدّمه عليه، فإنّ الله سبحانه لما أمره بالسجود لآدم: عارض أمره بقياس عقلي مقدّماته:[خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ]، إذن فـ:[أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ]، و: الفاضل لا يسجد للمفضول!!؟".
وقد ردّ عليه من وجوه عديدة، فلا تفوّتها عليك، وانظرها للاستفادة.

الهوامش:
[1] والمراد بالنصّ هنا هو النصّ من السنّة، لأنّ القرآن كلّه متواتر.

[2] " منكر، أخرجه أبو بكر بن خلاّد في " الفوائد " (1/224/2)، و ابن عديّ (17/2)، وابن بشران في " الأمالي " (2/3/1)، والخطيب (6/328)، وعنه ابن الجوزي في " الواهيات " (2/84/944) " [ الضّعيفة (1/223)].

[3] كما في " الضّعيفة " (3/ص 96) رقم 1097.

sabrina88
31-05-2015, 12:13 PM
عند تعارض العقل مع النقل نأخذ بالعقل لأن العقل هو الفيصل بين الصواب و الخطأ..فلا معنى للنقل ما لم يعيه العقل و يحكم عليه

أمازيغي مسلم
01-06-2015, 12:57 PM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:



أتفهم عجز المخالف عن الرد العلمي المفصل، واكتفائه بجملة يتيمة:" لا تسمن من جهل، ولا تغني من علم!!؟"، ذلك أن:" فاقد الشيء لا يعطيه!!؟".
ولعل المخالف: لم يستوعب ما أشرنا إليه في مشاركتنا السابقة لطولها، فتيسيرا عليه: نختصر له القول فيها، وأقصد بذلك:" مسألة تعارض العقل مع النقل"، فنقول:

نذكر ابتداء بالقاعدة العظيمة: ( العقل الصّريح لا يُخالف النّقل الصّحيح ).
فلا يمكن أن يتعارض العقل الصّريح، والنّقل الثّابت الصّحيح أبدًا.
فإذا وُجِد ما يوهم التعارض بين النّقل والعقل، فاعلم أنّ هناك أحدَ أمرين:
- إمّا أن يكون النصّ غيرَ صحيحٍ.
- أو أن يكون العقل غيرَ صريح.

ويجب البحث عن صحّة النصّ، فإن ثبت بالسّند الصّحيح: لزم أن يُحكم على العقل: أنّه غير سليم صريح، و:" العقل الصّريح" هو:
" القلب السّليم الّذي نهل من ينابيع الكتاب والسنّة وآثار سلف هذه الأمّة".
فإذا توفّر هذا الشّرطان:( صحّة النص وسلامة العقل )، فلا يمكن أبدًا أن يكون هناك تعارض أو تناقض.
وأهل السنّة والجماعة: لم يردُّوا نصّا صحيحا لأنّه خالف العقل، كلّ هذا لتوفّر هذين الشّرطين:

- " صحّة النّقل": فهم لا يبنون الاعتقاد إلاّ على النّقول الثّابتة كما مرّ.
- و" سلامة العقل من الآفات الدخيلة عليه": كالتّعصّب للمشايخ، والتّأثّر بعلم الكلام، والوقوع في فلسفات الغربيّين، ونحو ذلك.

وإنّما ركّز أهل العلم على هذه القاعدة: لرواج المذهب الكلامي القائم على المقدّمات الفلسفيّة، ومن أخطر ذلك: ما وضعه:" الرّازي" في مؤلفه: " أساس التّقديس"،وملخّصه:
{ أنّه إذا تعارض العقل والنّقل، فلا يخرج عن أن يكون أحد أربعة أحوال، إمّا:
- أن نقبلهما معا، وهذا محال، لأنّ النّقيضين لا يجتمعان، ومن أمحل المحال اجتماع الضدّين في الحال.
- أن نردّهما معا، وهذا محال، لأنّ في ذلك طعنا في النّقل والعقل معا.
- أن نقدّم النّقل على العقل، وهذا محال أيضا، لأنّ العقل هو الطّريق إلى معرفة صحّة النّقل، فلو طعنّا فيه: لطعنّا في النّقل أيضا، فلم يبق إلاّ:
- أن نقدّم العقل على النّقل، بضرب من التّأويل}.

والرد على كلام:" الرازي" من طريقين:

1- الطّريق الأوّل: طريق المنع:
- وهو أنّ النّقل الصّحيح: لا يمكن أن يخالف العقل الصّريح، وذلك ما سبق بيانه آنفا.
- وهو أنّ العقل: لا ينضبط، وما علّق على ما لا ينضبط: لا ينضبط أيضا؛ بدليل أنّنا نرى كثيرا منهم ينفي بدلالة العقل: ما أثبته الآخر بدلالة عقله!؟.
- أنّه يمكن أن نجعل القسمة أكثر من ذلك، بأن يقال: يقدّم النّقل أحيانا، ويقدّم العقل أحيانا أخرى، والرّاجح هو: ما دلّت القرائن على صحّته.

2- الطّريق الثّاني: طريق التّسليم:
سلّمنا أنّ القسمة رباعيّة، ثمّ سلّمنا أن العقل الصّريح:قد يخالف النّقل الصّحيح، فيقال: قولكم:
إنّهما لا يقبلان معا، صحيح.
وإنّهما لا يطرحان معا، صحيح.

أمّا قولكم: لو قدّمنا النّقل على العقل: كان ذلك طعنا في العقل الّذي به عرفنا صحّة النّقل، فهذا غير صحيح، من وجهين اثنين:

أوّلهما: ما فررتم منه: وقعتم فيه!!؟، لأنّ تقديم العقل على النّقل: فيه اتّهام أيضا للعقل، لأنّ العقل شهد بصحّة النّقل، ثمّ ادّعى غلطه!!؟.

ثانيهما: كون العقل دليلا على النّقل: لا يعني أنّه صواب في جميع أحيانه، ومثل ذلك:" مثل من سأل عن طبيب ماهر حاذق، فدلّه أحدهم عليه، وبعد ذلك أراد هذا الدالّ على الطّبيب أن تُعرض عليه آراء الطّبيب وأحكامه!!؟، فما قبله كان صوابا، وما رفضه كان باطـلا!!؟، ولا ريب أنّ هذا لا يقول به عاقل!!؟.

ملاحظة: إذا كان للمخالف جواب، فليفصل القول كتفصيلنا هنا، وليناقشنا فيما كتبناه – نقطة نقطة-، وما سوى ذلك، فهو:" رقم على الماء، وخط في الهواء!!؟".

sabrina88
02-06-2015, 04:01 PM
ردا على أمازيغي مسلم :


أتفهم عجز المخالف عن الرد العلمي المفصل، واكتفائه بجملة يتيمة لا تسمن من جهل و لا تغني من علم، ذلك أن فاقد الشيء لا يعطيه.

رب جملة يتيمة هي أبلغ من رد طويل عريض ...هناك الكثير من الايات القرانية التي تعد قمة في البلاغة لايجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة...فقد تكون الكلمات بسيطة المبنى الا أنها عميقة المعنى...كالقول المأثور و الحكمة و المثل.. فلا تستهن بما قل ودل...

ولعل المخالف: لم يستوعب ما أشرنا إليه في مشاركتنا السابقة لطولها، فتيسيرا عليه: نختصر له القول فيها

لا...من هذا الناحية اطمئن فأنا دودة كتب..كيف أعجز عن قراءة نصك كاملا و أنا ألتهم الكتب كما الشوكولاطة..ثم انه سبق لي و أن قرأت العشرات من النصوص الشبيهة بنصك..بمعنى أن هذا الموضوع ليس جديدا علي..
.
نذكر ابتداء بالقاعدة العظيمة: ( العقل الصّريح لا يُخالف النّقل الصّحيح ).
فلا يمكن أن يتعارض العقل الصّريح، والنّقل الثّابت الصّحيح أبدًا.
فإذا وُجِد ما يوهم التعارض بين النّقل والعقل، فاعلم أنّ هناك أحدَ أمرين:
- إمّا أن يكون النصّ غيرَ صحيحٍ.
- أو أن يكون العقل غيرَ صريح.

تقول اذا وجد تعارض بين النقل و العقل فهذا يعني أن النقل غير صحيح..طيب..لماذا اذن ناقضت قولك عندما قلت : اذا وجد ما يوهم..لاحظ هنا كلمة ما يوهم : هي هنا تفيد في أنك تنفي وجود تناقض بين النقل و العقل...كلامك متناقض : أنت مستعد أن تقبل بخطأ النقل اذا ثبت تعارضه مع العقل..لكنك ترجع في كلامك و تنفي حتى احتمال حصول هذا التعارض... عندما تؤكد أن أي تعارض يين العقل و النقل انما هو توهم...

ويجب البحث عن صحّة النصّ فإن ثبت بالسّند الصّحيح لزم أن يُحكم على العقل

صحة النص تثبت بالعقل و ليس بالسند الصحيح...لأنه قبل أن نحكم على السند ان كان صحيحا أم لا...ينبغي علينا أولا أن عرضه على العقل ليحكم عليه ان كان كذلك...ثم ان صحة السند وحدها لا تكفي لذلك ينبغي علينا الاستعانة بوسائل أخرى : كالمتن الذي ينبغي عرضه على العقل و على نتائج البحوث التجريبية للتحقق من صحته..و حتى أسس و معايير السند ينبغي أن تخضع بدورها للنقد و المراجعة لأنها نتاج اجتهادات بشرية و كما هو معلوم كل ما هو بشري هو عرضة للخطأ لأنه غير معصوم..

" العقل الصّريح" هو القلب السّليم الّذي نهل من ينابيع الكتاب والسنّة وآثار سلف هذه الأمّة".

هذه مغالطة...العقل ليس هو القلب لأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم الى كافة أنحاء الجسد..أما ان كنت تقصد بالقلب هو العواطف و مشاعر الايمان و التقوى.. فحتى هذه..كلها مصدرها العقل و ليس القلب ..

فإذا توفّر هذا الشّرطان:( صحّة النص وسلامة العقل )، فلا يمكن أبدًا أن يكون هناك تعارض أو تناقض.
وأهل السنّة والجماعة: لم يردُّوا نصّا صحيحا لأنّه خالف العقل، كلّ هذا لتوفّر هذين الشّرطين:

بأي وسيلة استنتجوا صحة تلك النصوص...ستقول لي : بالعقل و لكنك هنا أنت تناقض نفسك فمن جهة تقول أن تلك النصوص مخالفة للعقل..و من جهة أخرى أنت تؤكد صحتها حتى قبل عرضها على العقل..رجاء حدد موقفك :
اما أن تلك النصوص صحيحة و بالتالي فهي ليست متعارضة مع العقل..
و اما أنها متعارضة مع العقل وبالتالي فهي ليست صحيحة...اذ لا توجد منطقة وسطى بين الصواب و الخطأ..

و تقول لي أن أهل السنة و الجماعة لا يردون نصوصا رغم مخالفتها للعقل..اذن على أي أساس ينتقدون الأديان الأخرى التي تتضمن دياناتهم تناقضات و تحريفات و أمورا لاعقلانية..؟

- " صحّة النّقل"فهم لا يبنون الاعتقاد إلاّ على النّقول الثّابتة كما مرّ.

المفروض أن تبنى على الاقتناع و ليس على التسليم المطلق بالنقول الثابتة..و الا ما الفرق بيننا و بين الشعوب الأخرى كالبوذيين و الهندوس الذين هم مقتنعين بصحة نصوصهم و كتبهم والدينية..

- و" سلامة العقل من الآفات الدخيلة عليه": كالتّعصّب للمشايخ، والتّأثّر بعلم الكلام،

ضف الى ذلك الانحياز الى الأهواء و الرغبات و الأفكار المسبقة...كذلك رفض الأدلة و البراهين التي تخالف ما تم تلقيننا اياه...

والوقوع في فلسفات الغربيّين، ونحو ذلك.

الفلسفة انسانية و هي ليست محصورة في الغرب فقط ..بل هي انتاج مشترك بين عقول جميع أبناء الحضارات الانسانية
الأسس و القوانين المنطقية و كذا العمليات التي تجري في العقل البشري هي نفسها عند جميع البشر..لذلك لا يصح أن نطلق على هذه الوظائف العقلية أسماء جغرافية كالغرب و الشرق

وإنّما ركّز أهل العلم على هذه القاعدة: لرواج المذهب الكلامي القائم على المقدّمات الفلسفيّة، ومن أخطر ذلك: ما وضعه:" الرّازي" في مؤلفه: " أساس التّقديس"،وملخّصه:
{ أنّه إذا تعارض العقل والنّقل، فلا يخرج عن أن يكون أحد أربعة أحوال، إمّا:
- أن نقبلهما معا، وهذا محال، لأنّ النّقيضين لا يجتمعان، ومن أمحل المحال اجتماع الضدّين في الحال.
- أن نردّهما معا، وهذا محال، لأنّ في ذلك طعنا في النّقل والعقل معا.
- أن نقدّم النّقل على العقل، وهذا محال أيضا، لأنّ العقل هو الطّريق إلى معرفة صحّة النّقل، فلو طعنّا فيه: لطعنّا في النّقل أيضا، فلم يبق إلاّ:
- أن نقدّم العقل على النّقل، بضرب من التّأويل}.

والرد على كلام:" الرازي" من طريقين:

1- الطّريق الأوّل: طريق المنع:
- وهو أنّ النّقل الصّحيح: لا يمكن أن يخالف العقل الصّريح، وذلك ما سبق بيانه آنفا.
- وهو أنّ العقل: لا ينضبط، وما علّق على ما لا ينضبط: لا ينضبط أيضا؛ بدليل أنّنا نرى كثيرا منهم ينفي بدلالة العقل: ما أثبته الآخر بدلالة عقله!؟.
- أنّه يمكن أن نجعل القسمة أكثر من ذلك، بأن يقال: يقدّم النّقل أحيانا، ويقدّم العقل أحيانا أخرى، والرّاجح هو: ما دلّت القرائن على صحّته.

2- الطّريق الثّاني: طريق التّسليم:
سلّمنا أنّ القسمة رباعيّة، ثمّ سلّمنا أن العقل الصّريح:قد يخالف النّقل الصّحيح، فيقال: قولكم:
إنّهما لا يقبلان معا، صحيح.
وإنّهما لا يطرحان معا، صحيح.

أمّا قولكم: لو قدّمنا النّقل على العقل: كان ذلك طعنا في العقل الّذي به عرفنا صحّة النّقل، فهذا غير صحيح، من وجهين اثنين:

أوّلهما: ما فررتم منه: وقعتم فيه!!؟، لأنّ تقديم العقل على النّقل: فيه اتّهام أيضا للعقل، لأنّ العقل شهد بصحّة النّقل، ثمّ ادّعى غلطه!!؟.

هذا الكلام اطناب لا ضرورة له و لن يضيف شيئا الى ما تم قوله

ثانيهما: كون العقل دليلا على النّقل لا يعني أنّه صواب في جميع أحيانه

أوافقك الرأي و على ضوء هذه الحقيقة ينبغي علينا اخضاع كل شيء للمراجعة و النقد بما في ذلك الموروث الديني و ما تضمنه من كتب الفقه و التفسير و الأحاديث و اجتهادات الشيوخ و الأئمة و الفقهاء..

و في النهاية حتى لو لم يكن العقل دائما على صواب... يبقى هو وسيلتنا الوحيدة للحكم على الأمور بالخطأ و الصواب..

ملاحظة: إذا كان للمخالف جواب، فليفصل القول كتفصيلنا هنا، وليناقشنا فيما كتبناه – نقطة نقطة-، وما سوى ذلك، فهو:" رقم على الماء، وخط في الهواء!!؟".

ها قد قمت بالرد عليك بشكل أكثر تفصيلا...هل ارتحت الان ؟؟؟

أمازيغي مسلم
04-06-2015, 11:10 AM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

سنعود للتعليق بالتفصيل على ردك بإذن الله – نقطة نقطة - ريثما نتفرغ لقراءته بعد الانتهاء من بعض أشغالنا، .

أمازيغي مسلم
10-06-2015, 12:41 PM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:



هذه تعليقات يسيرة على تعقيبات مخالفنا، أسوق قوله أولا، ثم أتبعه بتعليق عليه، فأقول وبالله توفيقي:



قولك:{ هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تعد قمة في البلاغة لإيجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة}.
التعليق: احتفظ بقولك هذا، لأننا سنحتاجه بعد قليل!!؟.

قولك:{ تقول إذا وجد تعارض بين النقل و العقل، فهذا يعني أن النقل غير صحيح..طيب..لماذا إذن ناقضت قولك عندما قلت : اذا وجد ما يوهم..لاحظ هنا كلمة ما يوهم: هي هنا تفيد في أنك تنفي وجود تناقض بين النقل و العقل...كلامك متناقض...أنت مستعد أن تقبل بخطأ النقل اذا ثبت تعارضه مع العقل..لكنك ترجع في كلامك و تنفي حتى احتمال حصول هذا التعارض عندما تؤكد أن أي تعارض يين العقل و النقل انما هو توهم...}.
التعليق:
يظهر بكل وضوح أنك لم تحسن قراءة فقرتي التي علقت عليها بكلامك هذا!!؟.
فلماذا تقولني ما أقل!!؟، ومن قال لك إنني أقول:{ إذا وجد تعارض بين النقل و العقل، فهذا يعني أن النقل غير صحيح}، هكذا بالإطلاق، ودون قيد!!؟.
إن كلامنا واضح:" وضوح الشمس في رابعة النهار!!؟"، فقد قلنا لك الآتي:
" نذكر ابتداء بالقاعدة العظيمة:(العقل الصّريح لا يُخالف النّقل الصّحيح ).
فلا يمكن أن يتعارض العقل الصّريح، والنّقل الثّابت الصّحيح أبدًا.
لقد وصفنا:" النقل" بالثابت الصحيح، و:" العقل" بالصريح، ولم نذكرهما مجردين من ذينك الوصفين، والفرق بين الإطلاقين كالفرق بين السماء والأرض.
وأما ما توهمه عقلك بأنني تناقضت في قولي الذي علقت عليه بقولك بعدها:{ طيب..لماذا إذن ناقضت قولك عندما قلت : اذا وجد ما يوهم..لاحظ هنا كلمة ما يوهم: هي هنا تفيد في أنك تنفي وجود تناقض بين النقل و العقل...كلامك متناقض...أنت مستعد أن تقبل بخطأ النقل اذا ثبت تعارضه مع العقل..لكنك ترجع في كلامك و تنفي حتى احتمال حصول هذا التعارض عندما تؤكد أن أي تعارض يين العقل و النقل انما هو توهم...}.
التعليق: قولي:" إذا وجد ما يوهم..."، هذا بالنسبة لعقول البشر القاصرة، وأما في ذات الأمر، وواقع شريعة رب العباد، فإن:" الحكيم العليم: لا يوحي بنقل صحيح: يخالفه عقل صحيح" – فحاشا شرائعه أن تتناقض فيما بينها، أو تناقض عقلا صريحا-، وصدق من قال:" إن المشرع يأتي بما تحار فيه العقول، لا بما تحيله!!؟".
فما فهم أنه:" تناقض بين نقل صحيح، وعقل صريح"، فمرده إلى:" ذات الإنسان: لا إلى شريعة الديان"، ولذلك قسم النبي عليه الصلاة والسلام المجتهد إلى صنفين:" مصيب ومخطئ"، فمن أصاب في حكمه، فهو: توفيق من ربه، ومن أخطأ في حكمه، فمرده إلى قصور في اجتهاد عقله.

قولك:{ كيف يتم إثبات صحة السند بدون عرضه أولا على العقل ليحكم عليه بالصواب أو الخطأ...ثم ان صحة السند وحدها لا تكفي لذلك ينبغي علينا الاستعانة بوسائل أخرى : كالمتن الذي ينبغي عرضه على العقل و على نتائج البحوث التجريبية للتحقق من صحته..و حتى أسس و معايير السند ينبغي أن تخضع بدورها للنقد و المراجعة لأنها نتاج اجتهادات بشرية و كما هو معلوم كل ما هو بشري فهو، عرضة للخطأ لأنه غير معصوم.. }.
التعليق: لقد كنت صريحا في الجهر بمذهبك:" العقلاني"، فحاكمت النقل إلى العقل المجرد!!؟، لكنك لم تخبرنا هل المقصود هو:" عقلك أم عقل آخر!!؟"، لأن ما يراه عقلك صائبا، فيراه عقل غيرك خطأ!!؟، ولا مزية لعقلك على عقل غيرك.
ومرة أخرى: تبرهن على منهجك العقلاني: المخالف طولا وعرضا لمذهب جمهور علماء الإسلام سابقا ولاحقا، فقلت:{ كالمتن الذي ينبغي عرضه على العقل و على نتائج البحوث التجريبية للتحقق من صحته}.
لما أعوز العقلانيين: الحديث عن الأسانيد الصحيحة: لم يجدوا مخرجا للطعن فيما دلت عليه سوى عرض متونها على:" عقولها القاصرة!!؟"، وعلى:" نتائج البحوث التجريبية ": المضطربة المتغيرة بين فترة وأخرى!!؟، فتصير الشريعة:" ألعوبة بين أيدي وعقول هؤلاء!!؟".


قولك:{ هذه مغالطة...العقل ليس هو القلب، لأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد..أما إن كنت تقصد بالقلب هو العواطف و مشاعر الإيمان و التقوى، فحتى هذه كلها مصدرها العقل و ليس القلب}.
التعليق: هنا سنحتاج إلى قولك الذي ذكرنا بالاحتفاظ به ابتداءا حين كتبت الآتي: { هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تعد قمة في البلاغة لإيجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة}.
وردا على قولك:{ العقل ليس هو القلب، لأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد}.
أذكرك ب:" آيات قرآنية تعد قمة في البلاغة لإيجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة"، وتبين بأن:" القلب: يعقل ويتدبر ويفقه ويتذكر"، فإليكها:

[وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ].
[أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ].
[أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا].
[إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ].
أعتقد بأن تلك:{ الآيات القرآنية التي تعد قمة في البلاغة لإيجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة}: تكفيك لدلالتك على خطأ تصورك في:" مسألة تعقل القلب!!؟".
ومن باب:" زيادة الخير خير"، ولأنك قلت عن القلب بأنه:{ مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد}، فإليك ولغيرك هذا المبحث:" الرائع الماتع":ردا على مذهبك في:" تعقل القلب:

قال الشيخ المحدث العلامة:" الألباني" رحمه الله في:( السلسلة الصحيحة: 6 / 465) ما يأتي مناقشا أحد الأطباء حول مضمون الحديث الصحيح:" إن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده و إذا فسدت فسد سائر جسده، ألا وهي القلب ".

{ اجتمعت مع أحد الأطباء هنا في ( عمان ) ، فأخذ يحدثني ببعض اكتشافاته الطبية - و زملاؤه من الأطباء في ريب منها كما أفاد هو - منها أن بجانب السرة من كل شخص مضغة صغيرة هي سبب الصحة و المرض ، و أنه يعالج هو بها الأمراض ، و أنها هي المقصودة - زعم- بقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " إذا صلحت .. «، فلما عارضته بقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: " ألا و هي القلب «. قال: " هذه الزيادة غير صحيحة «. قلت : كيف و هي في الحديث عند البخاري ؟! قال: هل البخاري معصوم ؟ قلت: لا، و لكن تخطئته لابد لها من دليل، ببيان ما يدل على ما ذكرت من ضعفها. قال : هي مدرجة ! قلت: من قال ذلك من علماء الحديث، فإن لكل علم أهله المتخصصين به. قال: سمعت ذلك من أحد كبار علماء الحديث في مصر.
و قد سماه يومئذ، و لم أحفظ اسمه جيدا. فقلت: إن كان قال ذلك فهو دليل على أنه ليس كما وصفته في العلم بالحديث، فإنه مجرد دعوى لم يسبق إليها، و لا دليل عليها. ثم قلت له: يبدو من كلامك أنك تفهم بالحديث أنه يعني الصلاح و الفساد الماديين ؟ قال : نعم . قلت له: هذا خطأ آخر، ألا تعلم أن الحديث تمام حديث أوله: " إن الحلال بين و الحرام بين.. " الحديث، و فيه: " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه " الحديث ، فهذا صريح في أنه في الصلاح و الفساد المعنويين . فلم يجب عن ذلك بشيء سوى أنه قال: لو أراد ذلك لقال: " ألا و إن في الإنسان.. " مكان " الجسد " ! قلت: هذا غير لازم، فإنهما بمعنى واحد، و بذلك فسره العلماء، فيجب الرجوع إليهم، و ليس إلى الأطباء ! و لم أكن مطلعا يومئذ على هذا اللفظ الذي أنكره، فبادرت إلى تخريجه بعيد وقوفي عليه، لعل في ذلك ما يساعده و أمثاله على الرجوع إلى الصواب. و الله الهادي.

و قد جرنا الحديث إلى التحدث عن القلب و أنه مقر العقل و الفهم ، فأنكر ذلك ، و ادعى أن العقل في الدماغ ، و أن القلب ليس له عمل سوى دفع الدم إلى أطراف البدن:[ كما قلت أنت في مشاركتك هنا:{ أن القلب مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد}].
قلت: كيف تقول هذا و قد قال الله تعالى في الكفار:( لهم قلوب لا يفقهون بها)، و قال:( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور).
فحاول تأويل ذلك على طريقة بعض الفرق الضالة في تعطيل دلالات النصوص ، و قلت له: هذه يا دكتور قرمطة لا تجوز ، ربنا يقول: ( القلوب التي في الصدور ) لا في الرؤوس ! و أقول الآن : من فوائد الحديث قول الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "( 1 / 128 - 129 ) : " و فيه تنبيه على تعظيم قدر القلب و الحث على صلاحه ، والإشارة إلى أن لطيب الكسب أثرا فيه ، و المراد المتعلق به من الفهم الذي ركبه الله فيه . و يستدل به على أن العقل في القلب. و منه قوله تعالى: ( فتكون لهم قلوب يعقلون بها )، و قوله تعالى: ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ).
قال المفسرون: أي عقل، و عبر عنه بالقلب لأنه محل استقراره «. ثم إن تلك الزيادة التي أنكرها الطبيب المشار إليه يشهد لها آيات كثيرة في القرآن الكريم، جاء فيها وصف القلب بالإيمان و الاطمئنان و السلامة ، و بالإثم ، و المرض والختم و الزيغ و القسوة ، و غير ذلك من الصفات التي تبطل دعوى أنه ليس للقلب وظيقة غير تلك الوظيفة المادية من ضخ الدم . فأسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من المرض و الزيغ ، و اتباع جهل الجاهلين من الكفار و غيرهم}. انتهى كلام الشيخ المحدث العلامة:" الألباني" رحمه الله.

هذا ما تيسر التعليق عليه، وسنتم البقية في مشاركة قادمة إن شاء الله تعالى.

sabrina88
15-06-2015, 10:53 AM
رد على أمازيغي مسلم




بعد قليل

sabrina88
15-06-2015, 06:20 PM
رد على أمازيغي مسلم

كلامي باللون البنفسجي

التعليق:

يظهر بكل وضوح أنك لم تحسن قراءة فقرتي التي علقت عليها بكلامك هذا!!؟.
فلماذا تقولني ما أقل!!؟، ومن قال لك إنني أقول:{ إذا وجد تعارض بين النقل و العقل، فهذا يعني أن النقل غير صحيح}، هكذا بالإطلاق، ودون قيد!!؟.
إن كلامنا واضح:" وضوح الشمس في رابعة النهار!!؟"، فقد قلنا لك الآتي:
" نذكر ابتداء بالقاعدة العظيمة:(العقل الصّريح لا يُخالف النّقل الصّحيح).

فلا يمكن أن يتعارض العقل الصّريح، والنّقل الثّابت الصّحيح أبدًا.

كلامك كان واضحا لذا لا داعي للتملص منه..

لقد وصفنالنقلبالثابت الصحيح، و العقلبالصريحولم نذكرهما مجردين من ذينك الوصفين، والفرق بين الإطلاقين كالفرق بين السماء والأرض.

على أي أساس حكمت على صحة النقل ؟

وأما ما توهمه عقلك بأنني تناقضت في قولي الذي علقت عليه بقولك بعدها:{ طيب..لماذا إذن ناقضت قولك عندما قلت : اذا وجد ما يوهم..لاحظ هنا كلمة ما يوهم: هي هنا تفيد في أنك تنفي وجود تناقض بين النقل و العقل...كلامك متناقض...أنت مستعد أن تقبل بخطأ النقل اذا ثبت تعارضه مع العقل..لكنك ترجع في كلامك و تنفي حتى احتمال حصول هذا التعارض عندما تؤكد أن أي تعارض يين العقل و النقل انما هو توهم...}.
التعليق: قولي:" إذا وجد ما يوهم..."، هذا بالنسبة لعقول البشر القاصرة

اذا كان العقل قاصرا و عاجزا عجزا مطلقا عن التفريق بين الوهم و الحقيقة كما تقولين فقد سقط عن صاحبه التكليف و رفع عنه القلم لأنه هنا هو في حكم المجنون..وحده المجنون من يعجز عن التفريق بين الواقع و الأوهام

، وأما في ذات الأمرو واقع شريعة رب العباد فإن الحكيم العليم لا يوحي بنقل صحيح يخالفه عقل صحيح، فحاشا شرائعه أن تتناقض فيما بينها أو تناقض عقلا صريحا و صدق من قال:" إن المشرع يأتي بما تحار فيه العقول، لا بما تحيله!!؟".

و لكن المفسرين و المؤولين الذين يقومون بتفسير النص و تأويله.. يقعون في الكثير من الأخطاء و التناقضات و الاختلافات أثناء قيامهم بالتفسير و التأويل...طبعا ففي النهاية هم بشر...فهل تجرئين على الزعم بأن كل التفسيرات و الـتأويلات التي قدمها المفسرون هو الكلام الرباني المحض الذي لا تشوبه شائبة من تأثيرات البشر الخطائين ؟؟؟؟؟

سأعطيك مثالا واحدا فقط :

تفسير فخر الدين الرازي للاية : ( خلق لكم من أنفسكم ازواجا.... الى اخر الاية ) هو كالتالي...أنقله لك حرفيا :

( خلق لكم )
"دليل على أن النساء خلقن كخلق الدواب والنبات وغير ذلك من المنافع ، كما قال تعالى : ( خلق لكم ما في الأرض )و هذا يقتضي أن لا تكون مخلوقة للعبادة والتكليف ، فنقول : خلق النساء من النعم علينا وخلقهن لنا وتكليفهن لإتمام النعمة علينا لا لتوجيه التكليف نحوهن مثل توجيهه إلينا وذلك من حيث النقل والحكم والمعنى ، أما النقل فهذا وغيره ، وأما الحكم فلأن المرأة لم تكلف بتكاليف كثيرة كما كلف الرجل بها ، وأما المعنى فلأن المرأة ضعيفة الخلق سخيفة فشابهت الصبي ، لكن الصبي لم يكلف فكان يناسب أن لا تؤهل المرأة للتكليف ، لكن النعمة علينا ما كانت تتم إلا بتكليفهن لتخاف كل واحدة منهن العذاب فتنقاد للزوج وتمتنع عن المحرم ، ولولا ذلك لظهر الفساد"

انتهى كلام الرازي و الان أخبريني عن رأيك بصراحة تامة :

هل هذا الكلام هو التفسير الصحيح للاية ؟ هل توافقين الرازي على كلامه ؟ ألا ترين أن كلامه في حاجة الى المراجعة أم أنه يقبل بلا نقاش ؟
و الأهم أجيبيني بصراحة :

هل ترين أن ادراك الأخطاء الواردة في هذا التفسير يحتاج الى كفاءات فقهية عالية ؟؟؟؟؟


فما فهم أنه:" تناقض بين نقل صحيح، وعقل صريح"، فمرده إلى:" ذات الإنسان: لا إلى شريعة الديان"، ولذلك قسم النبي عليه الصلاة والسلام المجتهد إلى صنفين:" مصيب ومخطئ"، فمن أصاب في حكمه، فهو: توفيق من ربه، ومن أخطأ في حكمه، فمرده إلى قصور في اجتهاد عقله.

مازلت تخلطين بين الاجتهاد البشري و بين النفي المطلق لاحتمال وجود تناقض بين النقل و العقل و الفرق بين القولين شاااااسع

قولك:{ كيف يتم إثبات صحة السند بدون عرضه أولا على العقل ليحكم عليه بالصواب أو الخطأ...ثم ان صحة السند وحدها لا تكفي لذلك ينبغي علينا الاستعانة بوسائل أخرى : كالمتن الذي ينبغي عرضه على العقل و على نتائج البحوث التجريبية للتحقق من صحته..و حتى أسس و معايير السند ينبغي أن تخضع بدورها للنقد و المراجعة لأنها نتاج اجتهادات بشرية و كما هو معلوم كل ما هو بشري فهو، عرضة للخطأ لأنه غير معصوم.. }.
التعليق: لقد كنت صريحا في الجهر بمذهبك:" العقلاني"، فحاكمت النقل إلى العقل المجرد!!؟، لكنك لم تخبرنا هل المقصود هو:" عقلك أم عقل آخر!!؟"، لأن ما يراه عقلك صائبا، فيراه عقل غيرك خطأ!!؟، ولا مزية لعقلك على عقل غيرك.

نعم.. أنا أجاهر باتباع المنهج العقلاني..أين المشكلة...؟؟؟هل هذا عيب أم عار أم ماذا ؟؟؟؟
وحدها الشعوب الخرافية من تقوم بتجريم العقلانية و ازدرائها...لأن العقلانية هي نقيض للخرافة...

ومرة أخرى: تبرهن على منهجك العقلاني: المخالف طولا وعرضا لمذهب جمهور علماء الإسلام سابقا ولاحقا، فقلت:{ كالمتن الذي ينبغي عرضه على العقل و على نتائج البحوث التجريبية للتحقق من صحته}.

نعم و مازلت كذلك... فهل كنت تتوقعين مني أن أغير رأيي من فقرة لأخرى...
لست مضطرة لاتباع اجماع العلماء...لقناعتي بأن الاجماع ليس دليلا على الصواب...أما القول بأن العقول قاصرة فهذه حجة تستغل في الضحك على أذقان البسطاء.. و كذا في قمع المفكرين الأحرار الباحثين عن الحقيقة...

و بعيدا عن الغيبيات..العقل ليس قاصرا عن ادراك العالم التجريبي و ان عجز عن فهم بعض الظواهر و الأشياء اليوم... فهو قادر على ذلك غدا و التاريخ يشهد على ذلك...بل ان العقل توقع وجود أشياء لم يكن يتصور وجودها أحد و لم تخطر على بال أحد..كعوالم الكوانتوم و جسيمات هيجز و غير ذلك من الأمور المكتشفة حديثا ..و فعلا أثبتت التجارب العلمية صدق توقعات العقل..و بعد كل هذا تقولين عن العقل قاصر ؟؟؟ برأيك هل الكمبيوتر الذي تستعملينه الان و وصلة الأنترنيت التي تتصلين من خلالها تصدر من عقل قاصر ؟؟؟

أعوز العقلانيين: الحديث عن الأسانيد الصحيحة: لم يجدوا مخرجا للطعن فيما دلت عليه سوى عرض متونها على:" عقولها القاصرة!!؟"، وعلى:" نتائج البحوث التجريبية ": المضطربة المتغيرة بين فترة وأخرى!!؟، فتصير الشريعة:" ألعوبة بين أيدي وعقول هؤلاء!!؟

أولا :

لو تراجعي مشاركتي السابقة سترين أنني انتقدت السند أيضا...بالمناسبة على أي أساس تم اثبات صحة السند هذا السؤال الذي لم تجيبي عنه بعد ؟؟

ثانيا :

اذا كانت العلوم التجريبية التي هي أقرب للدقة و الصواب...و هي على ما هي عليه من حيادية و موضوعية...لا تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة بل تصحح ذاتها باستمرار فكيف يدعي غيرها امتلاك الحقيقة المطلقة ؟؟؟؟

قولك:{ هذه مغالطة...العقل ليس هو القلب، لأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد..أما إن كنت تقصد بالقلب هو العواطف و مشاعر الإيمان و التقوى، فحتى هذه كلها مصدرها العقل و ليس القلب}.
التعليق: هنا سنحتاج إلى قولك الذي ذكرنا بالاحتفاظ به ابتداءا حين كتبت الآتي: { هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تعد قمة في البلاغة لإيجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة}.
وردا على قولك:{ العقل ليس هو القلب، لأن القلب هو مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد}.
أذكرك ب:" آيات قرآنية تعد قمة في البلاغة لإيجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة"، وتبين بأن:" القلب: يعقل ويتدبر ويفقه ويتذكر"، فإليكها:
[وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ].
[أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ].
[أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا].
[إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ].
أعتقد بأن تلك:{الآيات القرآنية التي تعد قمة في البلاغة لإيجازها معاني كثيفة في كلمات خفيفة}: تكفيك لدلالتك على خطأ تصورك في:" مسألة تعقل القلب!!؟".

برأيي أن القلب المقصود هنا حسب سياق الايات هو العقل لأنه هو الذي يتضمن وظائف متعددة تشمل حتى العاطفة و الانفعالات... فكما يعلم الجميع أن مصدر العواطف و المشاعر و الايمان هو العقل و هي مرتبطة بالأميجدالا التي هي جزء صغير يقع في الدماغ و متخصص في الانفعالات..و عليه فان القلب المقصود في الايات ليس هو القلب بمعناه المادي التشريحي ، لأن العلم التجريبي أثبت أن القلب هو مجرد مضخة لضخ الدم أما وظائف التدبر و التفكر و الوعي و مشاعر الخشوع و الايمان فهي كلها من اختصاص العقل و ليس القلب...و اسأل أي طبيب أعصاب و ابحث عن أي أبحاث علمية مصادق عليها ستتحقق من ذلك...و الدليل على ذلك هو أنه أجريت عمليات زرع القلب على الكثير من المرضى..و لكن و لا واحد من المرضى غير قناعاته الدينية بعد خضوعه لعملية زرع القلب...
فهل زرع قلب ملحد لمريض مؤمن حوله الى ملحد؟ ..و هل زرع قلب مؤمن لمريض ملحد حوله الى مؤمن ؟؟
و ماذا عن أولئك الذين زرعت لهم قلوب اصطناعية ؟؟؟

أترى هنا كم تفيدنا نتائج العلم التجريبي في اعادة تأويل و تفسير النص من منظور جديد كان قد غاب عن القدماء لقصور أدواتهم و معارفهم...أترى أن ليس كل ما يعرفه المفسرين القدماء هو الحقيقة المطلقة التي لا تقبل النقاش .؟؟؟؟؟

ومن باب:" زيادة الخير خير"، ولأنك قلت عن القلب بأنه:{ مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد}، فإليك ولغيرك هذا المبحث:" الرائع الماتع":ردا على مذهبك في:" تعقل القلب:
قال الشيخ المحدث العلامة:" الألباني" رحمه الله في:( السلسلة الصحيحة: 6 / 465) ما يأتي مناقشا أحد الأطباء حول مضمون الحديث الصحيح:"إن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده و إذا فسدت فسد سائر جسده، ألا وهي القلب { اجتمعت مع أحد الأطباء هنا في ( عمان ) ، فأخذ يحدثني ببعض اكتشافاته الطبية - و زملاؤه من الأطباء في ريب منها كما أفاد هو - منها أن بجانب السرة من كل شخص مضغة صغيرة هي سبب الصحة و المرض ، و أنه يعالج هو بها الأمراض ، و أنها هي المقصودة - زعم- بقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " إذا صلحت .. «، فلما عارضته بقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: " ألا و هي القلب «. قال: " هذه الزيادة غير صحيحة «. قلت : كيف و هي في الحديث عند البخاري ؟! قال: هل البخاري معصوم ؟ قلت: لا، و لكن تخطئته لابد لها من دليل، ببيان ما يدل على ما ذكرت من ضعفها. قال : هي مدرجة ! قلت: من قال ذلك من علماء الحديث، فإن لكل علم أهله المتخصصين به. قال: سمعت ذلك من أحد كبار علماء الحديث في مصر.
و قد سماه يومئذ، و لم أحفظ اسمه جيدا. فقلت: إن كان قال ذلك فهو دليل على أنه ليس كما وصفته في العلم بالحديث، فإنه مجرد دعوى لم يسبق إليها، و لا دليل عليها. ثم قلت له: يبدو من كلامك أنك تفهم بالحديث أنه يعني الصلاح و الفساد الماديين ؟ قال : نعم . قلت له: هذا خطأ آخر، ألا تعلم أن الحديث تمام حديث أوله: " إن الحلال بين و الحرام بين.. " الحديث، و فيه: " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه " الحديث ، فهذا صريح في أنه في الصلاح و الفساد المعنويين . فلم يجب عن ذلك بشيء سوى أنه قال: لو أراد ذلك لقال: " ألا و إن في الإنسان.. " مكان " الجسد " ! قلت: هذا غير لازم، فإنهما بمعنى واحد، و بذلك فسره العلماء، فيجب الرجوع إليهم، و ليس إلى الأطباء ! و لم أكن مطلعا يومئذ على هذا اللفظ الذي أنكره، فبادرت إلى تخريجه بعيد وقوفي عليه، لعل في ذلك ما يساعده و أمثاله على الرجوع إلى الصواب. و الله الهادي.
و قد جرنا الحديث إلى التحدث عن القلب و أنه مقر العقل و الفهم ، فأنكر ذلك ، و ادعى أن العقل في الدماغ ، و أن القلب ليس له عمل سوى دفع الدم إلى أطراف البدن:[ كما قلت أنت في مشاركتك هنا:{ أن القلب مجرد مضخة تضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسد}].
قلت: كيف تقول هذا و قد قال الله تعالى في الكفار:( لهم قلوب لا يفقهون بها)، و قال:( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور).
فحاول تأويل ذلك على طريقة بعض الفرق الضالة في تعطيل دلالات النصوص ، و قلت له: هذه يا دكتور قرمطة لا تجوز ، ربنا يقول: ( القلوب التي في الصدور ) لا في الرؤوس ! و أقول الآن : من فوائد الحديث قول الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "( 1 / 128 - 129 ) : " و فيه تنبيه على تعظيم قدر القلب و الحث على صلاحه ، والإشارة إلى أن لطيب الكسب أثرا فيه ، و المراد المتعلق به من الفهم الذي ركبه الله فيه . و يستدل به على أن العقل في القلب. و منه قوله تعالى: ( فتكون لهم قلوب يعقلون بها )، و قوله تعالى: ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ).
قال المفسرون: أي عقل، و عبر عنه بالقلب لأنه محل استقراره «. ثم إن تلك الزيادة التي أنكرها الطبيب المشار إليه يشهد لها آيات كثيرة في القرآن الكريم، جاء فيها وصف القلب بالإيمان و الاطمئنان و السلامة ، و بالإثم ، و المرض والختم و الزيغ و القسوة ، و غير ذلك من الصفات التي تبطل دعوى أنه ليس للقلب وظيقة غير تلك الوظيفة المادية من ضخ الدم . فأسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من المرض و الزيغ ، و اتباع جهل الجاهلين من الكفار و غيرهم}. انتهى كلام الشيخ المحدث العلامة:" الألباني" رحمه الله.
هذا ما تيسر التعليق عليه، وسنتم البقية في مشاركة قادمة إن شاء الله تعالى.


أولا :
الحديث عن مضغة الى جانب السرة ...الخ : هذا الكلام ليس علميا و لا علاقة له بالطب..ففي الطب لا نتحدث عن المضغة..ثم ان أسباب الأمراض كثيرة و معقدة منها الأسباب الجينية و الوراثية و المناعية و البيئية و الوبائية و قد تكون هناك أسباب أخرى تتعلق بالعنف أو الحوادث العارضة.. فكيف تختزلين كل الأمراض التي تصيب الانسان في مضغة صغيرة موجودة بجانب السرة ؟؟؟ هل هذا كلام ؟؟؟؟
ثانيا :
ليس المفسرين هم المؤهلين للتعريف بالعقل و القلب بل العلماء التجريبيين..و الكلام الذي قاله الشيخ الألباني لا يعتد به لأنه ليس أهلا لمناقشة المسائل الطبية فلا هو متخصص في طب القلب و لا هو عالم بيولوجي..
هل أصدر بحثا علميا يتعلق بالقلب ؟؟؟ في أي مجلة علمية أو طبية نشره ؟؟؟ و هل صادق المجتمع العلمي على أبحاثه أم أن الألباني يطلق الكلام على عواهنه ؟؟؟؟

أمازيغي مسلم
18-06-2015, 03:10 PM
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

سنعود للتعقيب على تعليقات المخالف حينما نجد متسعا من الوقت بإذنه تعالى.