المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي/ غض البصر


أبو عبد الرحمن2
21-03-2009, 01:54 PM
أمرالله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}.
ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج فإن الحوادث مبدؤها من البصر كما أن معظم النار من مستصغر الشرر تكون نظرة ثم تكون خطرة ثم خطوة ثم خطيئة؟ ولهذا قيل: من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه: اللحظات والخطرات واللفظات والخطوات. فينبغى للعبد أن يكون بواب نفسه على هذه الأبواب الأربعة ويلازم الرباط على ثغرها فمنها يدخل عليه العدو فيجوس خلال الديار ويتبر ما علوا تتبيرا.
فصل:
وأكثر ما تدخل المعاصي على العبد من هذه الأبواب الأربعة فنذكر في كل واحد منها فصلا يليق به.
فأما اللحظات: فهي رائد الشهوة ورسولها وحفظها أصل حفظ الفرج فمن أطلق نظره أورده موارد الهلاك. وقد قال: النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الأخرى".
وفي المسند عنه صلى الله عليه وسلم:"النظرة سهم مسموم من سهام إبليس, فمن غض بصره عن محاسن امرأة لله أورث الله في قلبه حلاوة إلى يوم القيامة". هذا معنى الحديث. وقال:"غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم". وقال:"إياكم والجلوس على الطرقات. قالوا يا رسول الله مجالسنا مالنا بد منها. قال:"فإن كنتم لا بد فاعلين فأعطوا الطريق حقه. قالوا وما حقه؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام".
والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان فإن النظرة تولد خطرة ثم تولد الخطرة فكرة ثم تولد الفكرة شهوة ثم تولد الشهوة إرادة ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع. وفي هذا قيل:"الصبر على غض البصر أيسر من ألم ما بعده"

الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة بلغت في قلب صاحبها كمبلغ السهم بين القوس والوتر



والعبد ما دام ذا طرف يقلبه في أعين العين موقوف على الخطر

بسرور مقلته ما ضر مهجته لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

ومن آفات النظر: أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات فيرى العبد ما ليس قادرا عليه ولا صابرا عنه وهذا من أعظم العذاب: أن ترى ما لا صبر لك عنه ولا عن بعضه ولا قدرة لك عليه قال الشاعر:

وكنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر

وهذا البيت يحتاج إلي شرح. ومراده: أنك تري ما لا تصبر عن شيء منه ولا تقدر عليه فإن قوله:"لا كله أنت قادر عليه"نفى لقدرته على الكل الذي لا ينتفي إلاّ بنفي القدرة عن كل واحد واحد.
وكم من أرسل لحظاته فمن أقلعت إلاّ وهو يتشحط بينهن قتيلا كما قيل:

يا ناظرا ما أقلعت لحظاته حتى تشحط بينهن قتيلا

ولي من أبيات:

مل السلامة فاغتدت لحظاته وقفا على طلل يظن جميلا

ما زال يتبع أثره لحظاته حتي تشحط بينهن قتيلا

ومن العجب أن لحظة الناظر سهم لا يصل إلى المنظور إليه حتي يتبوء مكانا من قلب الناظر ولي من قصيدة:

ياراميا بسهام اللحظ مجتهدا أنت القتيل بما ترمي فلا تصب

يا باعت الطرف يرتاد الشفاء له أحبس رسولك لا يأتيك بالعطب

وأعجب من ذلك أن النظرة تجرح القلب جرحا فيتبعها جرح على جرح ثم لا يمنعه ألم الجراحة من استدعا تكرارها. ولي أيضا في هذا المعنى:

مازلت تتبع نظرة في نظرة في نظرة في إثر كل مليحة ومليح



- وتظن ذاك دواء جرحك وهو في ال تحقيق تجريح على التجريح

فذبحت طرفك باللحاظ وبالبكا فالقلب منك ذبيح أي ذبيحوقد قيل: أن جنس اللحظات أيسر من دوام الحسرات






منقول من كتاب:
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

لابن قيم الجوزية

ريماس الشرق
21-03-2009, 03:31 PM
شكرا اخي على الموضوع المتميز
و الله بالفعل شبابنا بنات و ذكور يحتاجون لمثل هذه المواضيع التذكيرية

جزاك الله خيرا

nabil_faa1975
22-03-2009, 06:47 PM
أبو عبد الرحمان جزاك الله خيرا،
أخي الفاضل كثيرا ما أنصح نفسي وأصدقائي بغض البصر والابتعاد عن هذه الخطايا، التي تميت القلب، وتضعف عزيمة النفس في الدين، لكني أصطدم بواقع البعض يقول لي: إننا نحاول غض البصر لكننا لم نعد قادرين لعدة أسباب منها أن كثيرا من فتيات اليوم ونسائه يلبسون ما يجذب نظرة الرجل ، إن لم يكن هذا في مكان العمل فهو في الشارع، فترانا ننظر ثم نستغفر الله ونتوب ، ثم ننظر وهكذا، حقيقة أخ أبو عبد الرحمان هذا الأمر يتطلب جهدا وعظيا عظيما ليستقر في النفوس ومن ثمة يتجنب ما يغضب الله عز وجل.
تحياتي ومزيدا من الوعظ ننتظر

أبو عبد الرحمن2
23-03-2009, 08:45 AM
أبو عبد الرحمان جزاك الله خيرا،
أخي الفاضل كثيرا ما أنصح نفسي وأصدقائي بغض البصر والابتعاد عن هذه الخطايا، التي تميت القلب، وتضعف عزيمة النفس في الدين، لكني أصطدم بواقع البعض يقول لي: إننا نحاول غض البصر لكننا لم نعد قادرين لعدة أسباب منها أن كثيرا من فتيات اليوم ونسائه يلبسون ما يجذب نظرة الرجل ، إن لم يكن هذا في مكان العمل فهو في الشارع، فترانا ننظر ثم نستغفر الله ونتوب ، ثم ننظر وهكذا، حقيقة أخ أبو عبد الرحمان هذا الأمر يتطلب جهدا وعظيا عظيما ليستقر في النفوس ومن ثمة يتجنب ما يغضب الله عز وجل.
تحياتي ومزيدا من الوعظ ننتظر


وأياك أخي الفاضل

بارك الله فيك