المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرميصاء رضوان الله عليها


المنصور
01-05-2009, 06:43 PM
بيتها.. و نسبها
أنصارية, خرزجية , تجارية اختلفوا في اسمها و لكنها اشتهرت بالرميصاء و عرفت بكنيتها أم سليم بنت سلمان النجارى لها برسول الله بعد صلة الإسلام صلة القرابة فقد كان بنو النجار أخوال أبيه و هى غصن ناضر من شجرة طيبة المنبت نامية الفروع مباركة الثمار فأخوها حرام بن سلمان أحد القرأّء السبعين الذين غدر بهم المشركون فى بئر معونة و هو الذي وقف يناديهم : إني رسول الله إليكم فأتاه آت من خلفه و طعنه طعنة فاجرة فلما أحس حرارة السنان فى جسده قال قولته المؤمنة فزت :فزت ورب الكعبة .
و أختها أم حرام بنت سلمان زوج عبادة بن الصامت التي أخبرها الرسول عليه الصلاة و السلام أن من أمته أناسا يركبون البحر مجاهدين فى سبيل الله كالملوك على الأسرة . فقالت ادع الله أن يجعلني منهم فقال: أنت منهم و حقق الله نبوءة رسوله و استشهدت في غزوة بحرية إلى بلاد الروم زمن معاوية و كانت في صحبة زوجها
الزوجة :
تزوجت أم سليم في الجاهلية مالك بن النضر النجارى فولدت منه انسا" فلما جاء الله بالإسلام أسلمت مع السابقين إليه من الأنصار ثم قامت بواجبها كمؤمنة تبتغى نشر دعوتها و كزوجة تحب الخير لزوجها فعرضت عليه الإسلام فأخذته حمية الجاهلية و غضب عليها و ما لبث أن تركها و فر إلى الشام فهلك هناك و كانت أم سليم تقول : لا أتزوج حتى يبلغ انس و يجلس في المجالس . و هذا ما جعل انسا" يقول بعد : جزى الله أمي عني خيرا" لقد أحسنت ولايتي.
ثم تقدم لها أبو طلحة يخطبها و هو يومئذ مشرك و قال لها لقد جلس أنس و تكلم فقالت له : يا أبا طلحة : اما اني فيك راغبة و ما مثلك يرد و لكنك رجل كافر و وأنا امرآة مسلمة لا يجوز لي أن أتجوزك قال في استغراب : ماذا دها كي يا رميصاء ؟ أين أنت من الصفراء و البيضاء ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ يريد الذهب و الفضة ) .
قالت في ثقة و يقين : لا أريد صفراء و لا بيضاء فأنت امرؤ تعبد ما ل يسمع و لا يبصر و لا يغنى عنك شيئا"
أما تستحي يا أبا طلحة أن تعبد خشبة من الأرض نجّرها لك حبش بني فلان ؟‍ إن أسلمت فذلك مهري لا أريد من الصداق غيره .
بهذه الكلمات النابضة بالقوة و الإيمان اهتزت موازين أبى طلحة القديمة و تغيرت و جهته فلم يجد سبيلا" إلا أن يقول : من بالإسلام يا رميصاء ؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ .
قالت : لك بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فاذهب إليه .. فانطلق أبو طلحة يريد الرسول و كان جالسا" بين أصحابه فلما رآه قال : جاءكم أبو طلحة و غزة الإسلام بين عينيه .. و أسلم أبو طلحة أمام النبى و أخبره بما قالت الرميصاء فزوجه إياها على ما شرطت .
إن الشأن في المرآة أن تتباهى بعظم مهرها و ما بذل لها من درهم و دينار لكن أم سليم و ضعت تقليدا" جديدا" فأصبحت القرون من بعدها تباهى بها و بعظمة موقفها . قال ثابت البناني بعد أن روى حدث زواجها : فما بلغنا أن مهرا" كان أعظم منه إنها رضيت الإسلام مهرا" .
عاشت أم سليم مع أبى طلحة زوجة وفية ودودا" تسره إذا نظر و تطيعه إذا أمر و تحفظه إذا غاب و زاد سعادتهما أن رزقا بغلام صبيح احبه أبو طلحة حبا" شديدا" . و كنوه " أبو عمير " و كان النبى عليه الصلاة و السلام يمازحه إذا زار أم سليم و قد دخل عندها يوما" فوجده حزينا" فقال النبى : (ما لأبى عمير حزينا" ) ؟ فقالت يا رسول الله مات نغيره الذي كان يلعب به ( النغير هو طائر كالعصفور أخمر المنقار ) فجعل النبى يقول له ما زحا" : يا أبا عمير .. ما فعل النغير
و شاء الله أن يمتحن الزوجين السعيدين في زينة عشهما و ثمرة حبهما و فلذة كبديهما لتترك أم سليم للتاريخ مأثرة أخرى للمرأة المسلمة في سجل الخلود فقد مرض الغلام و ألح عليه المرض و شغل به أبوه و حزن عليه أشد الحزن و كان يغدو و يروح على رسول الله فإذا عاد سأل عن الغلام . و في إحدى روحاته إلى النبى اختطف المنون الغلام الصبيح المليح فماذا صنعت الام و قد فقدت ولدها و قرة عينها
إننا نرى بعض النساء يكدرن الأزواج و البيوت بدون مكدر و بعضهن يجعلن من الحادث الصغير مصيبة كبرى تشق عليها الجيوب و تلطم الخدود بيد أن أم سليم كانت طرازا" ممتازا" من بنات حواء .
لقد هيأت أمر الصبى فغسلته و كفنته و حنطته و سجت عليه ثوبا" ثم أرسلت أنسا" يدعو أبا طلحة و أمرته ألا يخبره بوفاة ابنه حتى تكون هى أول من تخبره و جاء أبو طلحة و سأل : كيف الغلام ؟ قد هدأت نفسه و أرجو أن يكون قد استراح .
و ظن الزوج الأب انه قد عوفي و كان صائما" فقدمت له إفطاره فأفطر و أقبل الليل فتزينت و تطيبت ثم تعرضت له فأصاب منها و قضى و طره فلما أصبح اغتسل و أراد أن يخرج فقالت : يا أبا طلحة .. أرأيت لو أن قوما" أعاروا أهل بيت عارية فطلبوا عار يتهم ألهم أن يمنعوها ؟ قال : ليس لهم ذلك إن العارية مؤداة لأهلها فلما انتزعت منه هذا الجواب قالت : إن الله أعارنا ابننا فلانا" ثم أخذه منا فاحتسبه عند الله ..
قال انا لله و انا إليه راجعون تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بابني ؟
و ذهب إلى النبى عليه الصلاة و السلام فصلى معه و أخبره بما كان منهما فقال النبى صلى الله عليه و سلم ( بارك الله لكما في ليلتكما ). و صعد الدعاء المحمدي فتفتحت له أبواب السماء فولد لهما من تلك الليلة عبد الله بن أبى طلحة والد اسحق بن عبد الله الفقيه التابعي الجليل و اخوته و قد كانوا تسعة كلهم حمل عنه العلم و ختم القرآن .

الأم :
رأينا فى الصورة السابقة نموذجا" للأم حين تفقد ولدها و يبقى زوجها و نعرض الآن صورة للم حين تفقد زوجها و يبقى ولدها .
لقد فارقها مالك بن النضر و ترك لها انسا" غلاما" فأبت أم سليم أن تتزوج حتى يشب عن الطوق و يجلس و يتكلم و قد رووا أنها قالت لانس حين رضيت بأبي طلحة زوجا" قم يا انس فزوج أبا طلحة فكان وليها في عقدها
إننا إذا ذكرنا فضل أنس بن مالك الذي صحب رسول الله و خدمه عشر سنين و سجل لنا من حياته و أقواله و أعماله و أخلاقه الكثير و عاش قرابة قرن من الزمان يروى و يفتى و يعلم و يربى فلنذكر صاحبة الفضل على أنس و هى أمه التي عرفت أين تضعه و كيف تختار له المدرسة و المعلم ؟
فكانت المدرسة بيت النبوة و كان المعلم محمدا" رسول الله
قال أنس : قدم النبى المدينة و أنا ابن عشر سنين فأخذت أمي بيدي فانطلقت بي إلى رسول الله فقالت : يا رسول الله .. انه لم يبق رجل و لا امرأة من الأنصار إلا قد أتحفك بتحفة واني لا أقدر على ما أتحفك به إلا ابني هذا فخذه فيلخدمك و لا انتهرني و لاعبس في وجهي .
و كانت تمده بتوجيهها السديد في مصاحبة رسول الله رأته مرة في طريق فقالت : إلى أين يا أنس فقال : في سر رسول الله فأوصته هذه الوصية الجليلة :احفظ على رسول الله سره .
و أحبت أن تغمر ابنها بكل ما تستطيع من بركة الرسول الكريم . قالت له مرة : يا رسول الله .. خادمك أنس ادع الله له فقال : ( اللهم أكثر ماله وولده و بارك له في ما أعطيته ) فكان انس اكثر الأنصار في البصرة مالا" و عاش حتى رأى من ذريته أكثر من مائة نسمة .

إسلامها :
أسلمت أم سليم عن بصيرة نيرة و عرفت مهمتها من أول يوم فعرضت الأسلام على زوجها الأول فأبى و فارقها و دعت أبا طلحة حين خطبها إلى الإسلام فأسلم و تزوجها كانت أثيرة عند رسول الله لعمق إيمانها و جلال مواقفها و قوة شخصيتها فكان يزورها و يكرمها و يقيل عندها و عند أختها أم حرام اذ كانتا في دار واحدة و كأنه بذلك يعزيهما عن موت شقيقهما حرام فى بئر معونة شهيدا" في سبيل الله .
و كانت شديدة الحب لرسول الله . حدث أنس قال : سليم .. ما الذي تصنعين ؟ قالت : هذا عرقك نجعله في طيبنا و هو من أطيب الريح .أتانا النبى صلى الله عليه و سلم فقال عندنا : (نام القيلولة ) فعرق فجاءت أم سليم بقارورة نسلت فيها العرق فاستيقظ النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا أم
و كانت تغزو مع النبي في فريق من النساء المؤمنات يقمن ببعض الخدمات للجيش فيسقين القوم و يسعفن الجرحى و ينقلنا القتلى و يقمن على المرضى فإذا دعا الموقف في موقعة من المواقع إلى حمل السلاح تحول الغزال أسدا" ووقفت المرأة إلي جانب الرجل تصد بسلاحها أعداء الله .
و كذلك رأينا أم سليم في غزوة حنين حين كمن المشركون و انكشف المسلمون تتخذ خنجرا" فيسألها أبو طلحة فتقول : اتخذته ان دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه .
و حدث أنس قال دخل النبي علينا و ما هو إلا انا و أمي و أم حرام خالتي فقال : لنا قوموا لاصلي لكم و كان ذلك في غير وقت الصلاة فصلى بنا فجعلني عن يمينه ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير
قالت أم سليم : لقد دعا لي رسول الله حتى ما أريد زياده
تلك هى أم سليم .. نموذج كريم للزوجة الصالحة و الأم الفاضلة و مثل رفيع للمرأة المسلمة فى عقلها الناضج و عاطفتها المتزنة و إرادتها القوية و إيمانها العميق