المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لأجمل ما قيل في السيف العربي


المنصور
19-05-2009, 11:16 PM
الشعر العربي القديم لم يغادر ذاكرتنا وذائقتنا لما فيه من قوة وابتكار ومعاصرة. من هذا الشعر اخترنا في حلقات عدة قطوفاً من أجمل الأبيات التي صاغها كبار الشعراء من الجاهلية وحتى الأندلس مروراً بالعصر الراشدي والأموي والعباسي. وتأتي هذه السلسلة من ضمن قراءات لأجمل ما قيل في السيف العربي.


الطبيب
حصاني كان دلاّل المنايا
فخاض غمارها وشرى وباعا
وسيفي كان في الهيجا طبيباً
يداوي رأس من يشكو الصداعا
ملأت الأرض خوفاً من حسامي
وخصمي لم يجد فيها اتساعا
إذا الأبطال فرّت خوف بأسي
ترى الأقطار باعاً أو ذراعا
(عنترة)
حكّم سيوفك
حكّم سيوفك في رقاب العُذّل
وإذا نزلت بدار ذلّ فارحل
وإذا بليت بظالم كن ظالماً
وإذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل
وإذا الجبان نهاك يوم كريهة
خوفاً عليك من ازدحام الجحفل
فاعص مقالته ولا تحفل بها
واقدم إذا حقّ اللقا في الأوّل
واختر لنفسك منزلاً تعلو به
أو مت كريماً تحت ظلّ القسطل
فالموت لا ينجيك من آفاته
حصن ولو شيّدته بالجندل
موت الفتى في عزة خير له
من أن يبيت أسير طرف أكحل
(عنترة)
وسلي الفوارس
وسلي الفوارس يخبروك بهمّتي
ومواقفي في الحرب حين أطاها
وأزيدها من نار حربي شعلة
وأثيرها حتى تدور رحاها
وأكثر فيهم في لهيب شعاعها
وأكون أول واقد بصلاها
وأكون أول ضارب بمهنّد
يفري الجماجم لا يريد سواها
وأكون أول فارس يغشى الوغى
فأقود أول فارس يغشاها
والخيل تعلم والفوارس أنني
شيخ الحروب وكهلها وفتاها
يا عبل كم من فارس خليته
في وسط رابية يعدّ حصاها
يا عبل كم من حرّة خلّيتها
تبكي وتنعي بعلها وأخاها
يا عبل كم من مهرة غادرتها
من بعد صاحبها تجرّ خطاها
وأنا المنية وابن كل منية
وسواد جلدي ثوبها ورداها
(عنترة)
أنا الرجل الضّرْب
أنا الرجل الضّرْبُ الذي تعرفونه،
خشاشٌ كرأس الحيّة المتوقّد
فآليت لا ينفكّ كشحي بطانة
لعضب رقيق الشفرتين مهنّد
حسام، إذا ما قمت منتصراً به
كفى العود منه البدء ليس بمعضد
أخي ثقة، لا ينثني عن ضريبة
إذا قيل: “مهلاً” قال حاجزه: “قدي”
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني
منيعاً إذا بلّت بقائمه يدي
(طرفة بن العبد)
نطاعن
نطاعن ما تراخى الناس عنّا،
ونضرب بالسيوف إذا غُشينا
بسمر من قنا الخطيّ لُدن
ذوابل أو ببيض يعتلينا
نشقّ بها رؤوس القوم شقّا
ونخليها الرقاب فيختلينا
كأن جماجم الأبطال فيها
وُسُوقٌ بالأماعز يرتمينا
نَحُزّ رؤوسهم في غير برّ
فما يدرون ماذا يتّقونا
كأن سيوفنا فينا وفيهم
مخاريقٌ بأيدي لاعبينا
كأن ثيابنا منا ومنهم
خُضبن بأرجوان أو طُلينا
(عمرو بن كلثوم)
أسياف يقمن
إليكم يا بني بكر إليكم
ألمّا تعلموا منا اليقينا
ألمّا تعلموا منّا ومنكم
كتائب يطّعنّ ويرتمينا
نقود الخيل دامية كلاها
إلى الأعداء لاحقة بطونا
علينا البيض واليلب اليماني
وأسياف يقمن وينحنينا
علينا كل سابغة دلاص
ترى تحت النجاد لها غضونا
(لبيد بن ربيعة)
لقيتهم
لقيتهم بمثلهم فأمسوا
بهم شين من الضّرب الخلاط
فأُبنا والسيوف مفلّلاتٌ
بهنّ لفائف الشّر السباط
بضرب في الجماجم ذي فروج
وطعن مثل تقطاط الرّهاط
(المتنخّل بن عويمر الهذلي)
لدى الحرب
فهلاّ لدى الحرب العوان صبرتم
لوقعتنا والموت صعب المراكب
طررناكم بالبيض حتى لأنتم
أذلّ من السّقبان بين الحلائب
لقيتكم يوم الخنادق حاسراً
كأن يدي بالسّيف مخراق لاعب
ويوم بعاث أسلمتنا سيوفنا
إلى حسب في جذم غسّان ثاقب
يجرّدن بيضاً كل يوم كريهة
ويغمدن حمراَ خاضبات المضارب
(قيس بن الخطيم )
أجالدهم
أجالدهم يوم الحديقة حاسراً
كأن يدي بالسيف مخراق لاعب
بسيف كأن الماء في صفحاته
طحارير غيم أو قرون جنادب
(قيس بن الخطيم )
ليل تهاوى
وجيش كجنح الليل يزحف بالحصى
وبالشوك والخطيّ حمراً ثعالبه
غدونا له والشمس في خدر أمها
تطالعنا والطلّ لم يجر ذائبه
كأن مثار النقع في رؤوسنا
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
(بشار بن برد)
يلوح
وقد أعددتُ للحدثان حصناً
لو أن المرء تنفعه العقول
طويل الرأس أبيض مشمخرّاً
يلوح كأنه سيف صقيل
جلاه القين ثمّت لم تشنه
بشائنة ولا فيه فلول
(أحيحة بن الجلاح)
مثل الملح
أعددتُ للهيجاء موضونةً
مُتَرصّة كالنهي بالقاع
أخفرها عني بذي رونق
أبيض مثل الملح قطّاع
صدق حسام وادق حدّه
ومجنإٍ أسمر فزّاع
لا نألم القتل ونجزي به الـ
أعداء كيل الصّاع بالصاع
(أبو قيس بن الأسلت)
وما قتل الأحرار
رأيتك محض الحلم في محض قدرة
ولو شئت كان الحلم منك المهنّدا
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
ومن لك بالحرّ الذي يحفظ اليدا
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
ووضع النّدى في موضع السيف بالعلى
مضرّ كوضع السيف في موضع النّدى
(المتنبي)
سيوف الهند
إن كان يجمعنا حبّ لغرّته
فليت أنّا بقدر الحب نقتسم
قد زرته وسيوف الهند مغمدة
وقد نظرت إليه والسيوف دم
فكان أحسن خلق الله كلهم
وكان أحسن ما في الأحسن الشيم
(المتنبي)
للرمح شاتم
حقرت الردينيات حتى طرحتها
وحتى كأن السيف للرمح شاتم
ومن طلب الفتح الجليل فإنما
مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم
(المتنبي)
أصدق
السيف أصدق إنباء من الكتب
في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في
متونهنّ جلاء الشك والرّيب
والعلم في شهب الأرماح لامعة
بين الخميسين لا في السبعة الشهب
(أبو تمام)
الخادم
إن يخدم القلمُ السيف الذي خضعت
له الرّقاب ودانت خوفه الأمم
فالموت والموت لا شيء يغالبه
ما زال يتبع ما يجري به القلم
كذا قضى الله للأقلام مُذ بريت
أن السيوف لنا مذ أرهفت خدمُ
(ابن الرومي)
من غير هزّ
خيرُ ما استعصمت به الكف عضب
ذكرٌ متنه أنيث المهزّ
ما تأملته بعينيك إلا
أبرقت صفحتاه من غير هزّ
مثله أفزع الشجاع إلى الدّر
ع فغالى بها عن كل برّ
وما أبالي أصمّمت شفرتاه
في محزّ أو جازتا عن محزّ
(ابن الرومي)
فيه المنايا
ولي صارمٌ فيه المنايا كوامنٌ
فما يُنضّ إلا لسفك الدماء
ترى فوق متنيه الفرند كأنه
بقية غيم رقّ دون سماء
(ابن المعتز)
فارس العرب
يا بشر ما لي والسيف والحرب
وإنّ نجمي للهو والطرب
فلا تثق بي فإنني رجل
أكعّ عند اللقاء والطلب
وإن رأيت الشراة قد طلعوا
ألجمت مهري من ظاهر الذّنب
ولست أدري ما الساعدان ولا التّـ
رس وما بيضة من اللّبب
همّي إذا ما حروبهم غلبت
أي الطريقين لي إلى الهرب
لو كان قصف وشرب صافية
مع كلّ خود تختال في السّلب
والنوم عند الفتاة أرشفها
وجدتني ثم فارس العرب
(أبو نؤاس)
لم يلتفت
مصنع إلى حكم الردى فإذا مضى
لم يلتفت وإذا قضى لم يعدل
متوقّد يبري بأول ضربة
ما أدركت ولو أنها في يذبل
فإذا أصاب فكل شيء مقتّل
وإذا أصيب فما له من مقتل
(البحتري)
صريع
صريع تقاضاه السيوف حشاشة
يجود بها والموت حمرٌ أظافره
أدافع عنه باليدين ولم يكن
ليثني الأعادي أعزل الليل حاسره
ولو كان سيفي ساعة الفتك في يدي
درى الفاتك العجلان كيف أساوره
(البحتري)
ليس فتى
أريد من الأيام كل عظيمة
وما بين أضلاعي لها أسد ورد
وليس فتى من عاق حمل سيفه
إسارٌ وخلاه عن الطلب القدّ
(الشريف الرضي)
إذا عربي
إذا عربي لم يكن مثل سيفه
مضاء على الأعداء أنكره الجدّ
وما ضاق عنه كل شرق ومغرب
من الأرض إلاّ ضاق عن نفسه الجِلد
إذا جرّدته
لي منهم سيف إذا جرّدته
يوماً ضربت به رقاب الأعصر
صعب إذا نوب الزمان استصعبت
متنمّر للحادث المتنمّر
فإذا عفا لم تدر غير مملّك
وإذا سطا لم تلق غير مظفّر
وكفاك من حبّ السماحة أنها
منه بموضع مقلة في محجر
فغمامه من رحمة وعراصه
من جنّة ويمينه من كوثر
(ابن هانيء الأندلسي)
فثاروا إلينا
فثاروا إلينا في السواد فجهجهوا
وصوّت فينا بالصّباح المثوّب
فشنّ عليهم هزّة السيف ثابت
وصمّم فيهم بالحسام المسيّب
وظَلْتُ بفتيان معي أتقيهم
بهنّ قليلاً ساعة ثم خيّبوا
لقد خرّ منهم راجلان وفارس
كميّ صرعناه وقرم مسلّب
(الشنفرى)
حكمه
فالسيف يأخذ حكمه من مغفر
وطلى ويأخذ منه سنّ المبرد
لو كان يعقل لم تنلك له يدٌ
لكن أصابك منه مجنون اليد
(مهيار الديلمي)
كالقبس المشعل
سيف عمرو وكان فيما سمعنا
خير ما أغمدت عليه الجفون
أوقدت فوقه الصواعق ناراً
ثم شابت به الزّعاف القيون
فإذا ما هززته بهر الشمـ
س ضياء فلم تكن تستبين
يستطير الأبصار كالقبس المشـ
عل ما تستقر فيه العيون
وكأن الفرند والجوهر الجا
رِيَ في صفحتيه ماء معين
نعم مخراق ذي الحفيظة في الهيـْ
جا بعضّاتها ونعم القرين
ما يبالي إذا انتضاه لضرب
شمأل سطت به أم يمين
وكأن المنون نيطت إليه
فهو من كل جانبيه منون
(ابن يامين)
ذكرٌ
ذكر يرونقه الدماء كأنما
يعلو الرجال بأرجوان فاقع
وترى مضارب شفرتيه كأنها
ملح تناثر من وراء الدارع
(النمري)
شعشعة
فالطعن شعشعة والضرب هيقعة
ضرب المعوّل تحت الديمة العضدا
وللقسيّ أزاميل وغمغمة
حِسّ الجنوب تسوّي الماء والبردا
(عبد مناف بن ربعي)
المشطّب
متى أحمل السيف المشطّب أصبحت
طغاة الورى ذلاً عراة المناكب
وما الخير إلا في السيوف وهزها
والقائها في الهام أو في الحواجب
بها ندرك الفردوس والحور والعلا
معاً والمعالي والتماس المناقب
وحمل الفتى للسيف في الله ساعة
كستين عاماً من عبادة راهب
فما لي إلا السيف حصن ومفزع
إلى أن ألاقي السيف والسيف صاحبي
(ابراهيم الحضرمي)