المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جيل لن يتكرر...


ريماس الشرق
28-05-2009, 08:59 PM
أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن




الخطاب رضي الله عنه وكان في




المجلس وهما يقودان رجلاً من



البادية فأوقفوه أمامه




‏قال عمر: ما هذا




‏قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا



قتل أبانا




‏قال: أقتلت أباهم ؟




‏قال: نعم قتلته !




‏قال : كيف قتلتَه ؟



‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته



، فلم ينزجر، فأرسلت عليه ‏حجراً



، وقع على رأسه فمات...




‏قال عمر : القصاص ....



‏الإعدام



.. قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا



يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن



أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة



شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟



‏ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا



يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا



‏يحابي ‏أحداً في دين الله ، ولا



يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ،



ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص



منه ..



‏قال الرجل : يا أمير



المؤمنين : أسألك بالذي قامت به



السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة



، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في



البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك



‏سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ،



والله ليس لهم عائل إلا الله ثم



أنا


قال عمر : من يكفلك



أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود



إليَّ؟




‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا



يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا



داره ‏ولا قبيلته ولا منزله ،



فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست



على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ،



ولا على ناقة ، إنها كفالة على



الرقبة أن تُقطع بالسيف ..





‏ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع



الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن ‏يمكن



أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت



الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه



‏وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل



هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً



هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ،



فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ،



ونكّس عمر



‏رأسه ، والتفت إلى الشابين :



أتعفوان عنه ؟



‏قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد



أن يُقتل يا أمير المؤمنين..




‏قال عمر : من يكفل هذا أيها



الناس ؟!!




‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته



وزهده ، وصدقه ،وقال:



‏يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله




‏قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو



كان قاتلا!




‏قال: أتعرفه ؟




‏قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله؟




‏قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ،



فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن



شاء‏الله




‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه



لو تأخر بعد ثلاث أني



تاركك!



‏قال: الله المستعان يا أمير



المؤمنين ...




‏فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث



ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع



‏أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم



بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه



قتل ....




‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر



الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ،



وفي العصر‏نادى ‏في المدينة :



الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ،



واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر



‏وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين



الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير



المؤمنين!




‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ،


وكأنها تمر سريعة على غير عادتها



، وسكت‏الصحابة واجمين ،



عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا



الله.



‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر



، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد



‏لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ،



لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب



بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في



الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا



تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس



دون أناس ، وفي مكان دون مكان...




‏وقبل الغروب بلحظات ، وإذا



بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر



المسلمون‏ معه




‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو



بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك ‏وما



عرفنا مكانك !!




‏قال: يا أمير المؤمنين ، والله



ما عليَّ منك ولكن عليَّ من



الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا



يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي



كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في



البادية ،وجئتُ لأُقتل..



وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء



بالعهد من الناس




فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا



ضمنته؟؟؟



فقال أبو ذر :



خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من



الناس



‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا



تريان؟



‏قالا وهما يبكيان : عفونا عنه



يا أمير المؤمنين لصدقه..



وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب



العفو من الناس !



‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه



تسيل على لحيته .....




‏جزاكما الله خيراً أيها الشابان



على عفوكما ،



وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ



‏يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته



، وجزاك الله خيراً أيها الرجل



‏لصدقك ووفائك ...



‏وجزاك الله خيراً يا أمير



المؤمنين لعدلك و رحمتك....



‏قال أحد المحدثين :



والذي نفسي بيده ، لقد دُفِنت



سعادة الإيمان ‏والإسلام



في أكفان عمر!!.




مما تصفحت