منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى الحديث وعلومه (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=44)
-   -   إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=14458)

algeroi 30-10-2007 09:34 AM

إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة على صوت واحد

جمع و إعداد أبو عبد الله يوسف الزاكوري المالكي المغربي

تنبيه :جل هذه الفتاوي هي من بحثي الخاص و الكتب التي أعزو إليها عندي إما مطبوعة أو مصورة ، و حق النشر محفوظ لكل مسلم بشرط العزو إلى صاحب البحث .


1 –إمام دار الهجرة الجبل الحبر البحر مالك بن أنس – رحمه الله-

أ - يقول محمد العتبي الأندلسي المالكي ( المتوفى سنة 255هـ) في العتبية 1/298 : قال ابن القاسم : قال مالك في القوم يجتمعون جميعا فيقرؤن في السورة الواحدة مثل ما يفعل أهل الإسكندرية ، فكره ذلك و أنكر أن يكون من فعل الناس .
ب - وقال العتبي كذلك في العتبية 1/242: وسئل عن القراءة في المسجد فقال لم يكن بالأمر القديم و إنما هو شيء أحدث ، و لم يأت آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها . والقرآن حسن .
ج- وسئل العتبي كذلك في 2/17 عن دراسة القرآن بعد صلاة الصبح في المسجد يجتمع عليه نفر فيقرؤون في سورة واحدة فقال : كرهها مالك و نهى عنها و رأى أنها بدعة .
د –قال ابن رشد ( الفقيه المالكي طبعا و ليس الفيلسوف الهالك )في البيان و التحصيل (1/298): إنماكرهه (يقصد الإمام مالكا)لأنه أمر مبتدع ليس من فعل السلف ، و لأنهم يبتغون به الألحان و تحسين الأصوات بموافقة بعضهم بعضا و زيادة بعضهم في صوت بعض على نحو ما يفعل في الغناء ،فوجه المكروه في ذلك بين ، و الله أعلم .

2- الملك المغربي العلوي العظيم المولى سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل – قدس الله روحه-

قال رحمه الله في خطبته العصماء المباركة التي كتبها بقلمه لخطباء المساجد يخطبون بها في الجُمَع يحذر فيها من اتباع أهل البدع وينكر عليهم جملة من البدع منها الاجتماع في المواسم بالإنشاد والآلات والرقص وأوعدهم بالعقوبة إن لم ينتهوا، قال : ((والذكر الذي أمر الله به ، وحث عليه ومدح الذاكرين به ، هو على الوجه الذي كان يفعله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن على طريق الجمع ورفع الأصوات على لسان واحد ، فهذه سنة السلف وطريقة صالحي الخلف ، فمن قال بغير طريقتهم فلا يستمع ، ومن سلك غير سبيلهم فلا يتبع { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصير}، { قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ، وسبحان الله وما أنا من المشركين}، فما لكم يا عباد الله ولهذه البدع ؟! أأمناً من مكر الله ؟! أم تلبيسا على عباد الله !؟ أم منابذة لمن النواصي بيده ؟! أم غروراً لمن الرجوع بعدُ إليه ؟! فتوبوا واعتبروا ، وغيروا المناكر واستغفروا ، فقد أخذ الله بذنب المترفين من دونهم ! وعاقب الجمهور لما أغضوا عن المنكر عيونهم ، وساءت بالغفلة عن الله عقبى الجميع ، ما بين العاصي والمداهن المطيع ! أ فيزين لكم الشيطان وكتاب الله بأيديكم ؟ أم كيف يضلكم وسنة نبيكم تناديكم !؟ فتوبوا إلى رب الأرباب ، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون )).
و للفائدة فإن العلامة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله قد أفرد هذه الخطبة بالطبع وصدرها بمقدمة نافعة في مكتبة و مطبعة الساحل بالرباط أملك نسخة منها و الحمد لله . و قد أفردها بالطبع كذلك غيره كمحمد الكتاني في فاس .


3 – الإمام أبو بكر الطرطوشي محمد بن الوليد الفهري الأندلسي المالكي المتوفى سنة 520هـ

أ - يقول في كتابه العجاب "الحوادث و البدع " و هو مطبوع عدة مرات ، يقول (117-118) : ((و قرآة القرآن جماعة ضمن البدع ، غير أنه أجازه بالإدارة أي : أن يقرأ هذا ، ثم يقرأ الذي بعده .)).
ب – ويقول كذلك في الصفحة 118 ناقلا عن مختصر ما ليس في المختصر لابن شعبان قول مالك : (( و الذين يجتمعون و يقرؤون سورة واحدة حتى يختموها ، يختمها كل واحد على إثر صاحبه مكروه منكر ، و لو قرأ أحدهم منها آيات ، ثم قرأ الآخر على إثر صاحبه ، و الآخر كذلك ، لم يكن به بأس ، هؤلاء يعرضون بعضعهم على بعض.))


4- الإمام الأصولي أبو إسحاق ابراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة 790 هـ


أ - يقول في كتابه المعطار : "الإعتصام "2/396: ((ونقل أيضا إلى أهل المغرب الحزب المحدث بالإسكندرية وهو المعتاد في جوامع الأندلس وغيرها فصار ذلك كله سنة في المساجد إلى الآن فإنا لله وإنا إليه راجعون))
ب- و يقول فيه أيضا 2/301: ((وخرج أيضا - وهو في العتبية من سماع ابن القاسم - عن مالك رحمه الله أنه سئل عن قراءة قل هو الله أحد مرارا في الركعة الواحدة فكره ذلك وقال هذا من محدثات الأمور التي أحدثوا
ومحمل هذا عند ابن رشد من باب الذريعة ولأجل ذلك لم يأت مثله عن السلف وإن كانت تعدل ثلث القرآن - كما في الصحيح - وهو صحيح فتأمله في الشرح
وفي الحديث أيضا ما يشعر بأن التكرار كذلك عمل محدث في مشروع الاصل بناء على ما قاله ابن رشد فيه
ومن ذلك قراءة القرآن بهيئة الاجتماع عشية عرفة في المسجد للدعاء تشبها بأهل عرفة ونقل الأذان يوم الجمعة من المنار وجعل قدام الإمام))
ج –و يقول فيه أيضا 2/321: ((ومنها ما هو مكروه كما يقول مالك في إتباع رمضان بست من شوال وقراءة القرآن بالإدارة والاجتماع للدعاء عشية عرفة )) .
قلت : و معنى مكروه عند مالك رحمه الله هو الحرام و البدعة كما تقدم عن ابن رشد .
د – سئل أبو إسحاق الشاطبي عن قراءة الحزب بالجمع هل يتناوله قوله عليه السلام : [و ما اجتمع قوم في بيت ] الحديث .كما وقع لبعض الناس ، أهو بدعة ؟
فأجاب : إن مالكا سئل عن ذلك فكرهه ، وقال لم يكن من عمل الناس .
و في العتبية سئل عن القراءة في المسجد ، يعني على وجه مخصوص كالحزب و نحوه فقال : لم يكن بالأمر القديم , وإنما هو شيء أحدث .))
ثم قال : ((و لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها .)) المعيار 11/112 و سيأتي ذكره.


5 – أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المشهور بابن الحاج

يقول في كتابه : "المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات و التنبيه على بعض البدع و العوائد التي انتحلت و بيان شناعتها و قبحها " 2/224/225 : ((وينبغي له أن ينهى من يقرأ الأعشار وغيرها بالجهر و الناس ينتظرون صلاة الجمعة أو غيرها من الفرائض ، لأنه موضع النهي لقول النبي صلى الله عليه و سلم : {لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن } و لا يظن ظان أن هذا إنكار لقراءة القرآن ، بل ذلك مندوب إليه بشرط أن يسلم من التشويش على غيره من المصلين و الذاكرين و التالين و المتفكرين وكل من كان في عبادة))

6 – العلامة أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي المتوفى سنة 914 هـ

يقول في كتابه الكبير المطبوع تحت إشراف الدكتور محمد حجي و نشرته وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية المغربية مشكورة سنة 1401هـ الموسوم ب"المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية و الأندلس و المغرب" الجزء11 الصفحة 115/116 :: ((و أما قراءته بالإدارة في وقت معلوم على ما نص فيه السؤال وما أشبهه ، فأمر مخترع ، وفعل مبتدع ، ولم يجر مثله قط في زمان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا في زمن الصحابة رضي الله عنهم ، حتى نشأ أقوام خالفوا عمل الأولين ، وعملوا في المساجد بالقراءة على ذلك الوجه الإجتماعي الذي لم يكن قبلهم ، فقام عليهم العلماء بالإنكار و أفتوا بكراهيته .و إن العمل به كذلك مخالفة لمحمد صلى الله عليه و سلم و أصحابه ، وذلك أن قراءة القرآن عبادة ، إذا قرأه الإنسان على الوجه الذي كان الأولون يقرؤون ، فإذا قرأ على غيره كان قد غيرها على وجهها فلم يكن القارئ متعبدا لله بما شرع له))

7- الإمام المجدد محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله المتوفى سنة 1407هـ

قال رحمه الله في كتابه " الحسام الماحق " : ((اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه". رواه مسلم من حديث أبي هريرة .

لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة)) ثم شرع يذكر جملة من مفاسد هذه البدعة .


8- الشيخ ضياء الدين أبو المودة خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المالكي المعروف بالجندي المتوفى سنة 767 هـ

نقل عنه الإمام تقي الدين الهلالي في الحسام الماحق قوله : (قال في مختصره عاطفاً على المكروهات : ( و جهر بـها في مسجد كجماعة ) ) .فلما بحثت في كتاب مختصر خليل لم أجد هذا الكلام بهذا اللفظ و إنما وجدت قوله : ((وكره سجود شكر، أو زلزلة، وجهر بها بمسجد، وقراءة بتلحين: كجماعة وجلوس لها لا لتعليم.)) الجزء1 ص29، فلعل هذا ما أحال عليه الإمام الهلالي رحمه الله .

9 – الشيخ محمد كنوني المذكوري مفتي رابطة علماء المغرب

قال في كتابه "الفتاوى" - و هذا الكتاب قد حظي بتقديم العلامة عبد الله كنون الأمين العام للرابطة- ، قال : ((الجواب عن السؤال العاشر : حول قراءة القرآن بالصفة الجماعية ، على النحو الذي يفعله قراؤنا .
قال رحمه الله بعد أن ذكر السنة في القراءة : ولكن العمل في المغرب جرى بالإجتماع للقراءة في المساجد و غيرها ، ومن المقرر المعلوم أن الإمام مالكا رحمه الله يقول بكراهة ذلك حيث قال : ليست القراءة في المساجد بالأمر القديم و إنما هو شيء أحدث . و لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها ...إلى أن قال : و الذي ينبغي الأخذ به هو عمل السلف الصالح ، و منهم الإمام مالك رضي الله عن الجميع .))
10- إمام المذهب محمد بن سحنون (المتوفى سنة256هـ)

قال رحمه الله في كتاب آداب المعلمين: { و لقد سئلَ مالكٌ عن هذه المجالسِ التي يُجتمعُ فيها للقراءةِ فقالَ: بدعةٌ، و أرى للوالي أن ينهاهم عن ذلك و يحسنَ أدبهمَ، و لْيعلِّمهم الأدبَ، فإنه من الواجبِ للهِ عليهِ النصيحةُ، و حفظُهم و رعايتُهم).
ص:83. طـ:الشركة الوطنية للنشر و التوزيع، الجزائر العاصمة.
تنبيه : أفادني بهذا النقل عن ابن سحنون أخونا أبو أنس عبد الهادي السعيدي جزاه الله خيرا .

انتهى

عبد الله ياسين 31-10-2007 08:52 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
روى الإمام مسلم في صحيحه ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَنْ ‏ ‏نَفَّسَ ‏ ‏عَنْ مُؤْمِنٍ ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كُرَبِ ‏ ‏الدُّنْيَا ‏ ‏نَفَّسَ ‏ ‏اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كُرَبِ ‏ ‏يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا ‏ ‏يَلْتَمِسُ ‏ ‏فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا اِجْتَمَعَ قَوْم فِي بَيْت مِنْ بُيُوت اللَّه يَتْلُونَ كِتَاب اللَّه تَعَالَى وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنهمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَة , وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة )
قِيلَ : الْمُرَاد بِالسَّكِينَةِ هُنَا : الرَّحْمَة , وَهُوَ الَّذِي اِخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاض , وَهُوَ ضَعِيف , لِعَطْفِ الرَّحْمَة عَلَيْهِ , وَقِيلَ : الطُّمَأْنِينَة وَالْوَقَار وَهُوَ أَحْسَن , وَفِي هَذَا : دَلِيل لِفَضْلِ الِاجْتِمَاع عَلَى تِلَاوَة الْقُرْآن فِي الْمَسْجِد , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور , وَقَالَ مَالِك : يُكْرَه , وَتَأَوَّلَهُ بَعْض أَصْحَابه , وَيُلْحَق بِالْمَسْجِدِ فِي تَحْصِيل هَذِهِ الْفَضِيلَة الِاجْتِمَاع فِي مَدْرَسَة وَرِبَاط وَنَحْوهمَا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , وَيَدُلّ عَلَيْهِ الْحَدِيث الَّذِي بَعْده فَإِنَّهُ مُطْلَق يَتَنَاوَل جَمِيع الْمَوَاضِع , وَيَكُون التَّقْيِيد فِي الْحَدِيث الْأَوَّل خَرَجَ عَلَى الْغَالِب , لَا سِيَّمَا فِي ذَلِكَ الزَّمَان , فَلَا يَكُون لَهُ مَفْهُوم يُعْمَل بِهِ .اهــــــــ



algeroi 01-11-2007 07:00 AM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
(الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، و بعد: قال العلامة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه " الحسام الماحق " : " اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة . لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :
الأولى: أنـها محدثة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ".
الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً ".
الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس و استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن و يترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، و ذلك محرم بلا ريب . الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل : جاء ، و شاء ، و أنبياء ، و آمنوا ، و ما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، و لا شك في أن ذلك محرم و خارج عن آداب القراءة ، و قد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، و هو الجمع بين الوقف و الوصل ، كتسكين باء ( لا ريب ) و وصلها بقوله تعالى :"فيه هدى" قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه : الجمع بين الوصل و الوقف حرام * نص علـيه غير عـالم هـمام
الخامسة: أن في ذلك تشبهاً بأهل الكتاب في صلواتـهم في كنائسهم. فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك، و الطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة و قد زجر الله عن ذلك بقوله في سورة محمد :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" و نحن نشاهد معظم من يقرأ على تلك القراءة لا يتدبر القرآن و لا ينتفع به، و تا الله لقد شاهدت قُراء القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته و لا برؤية القبور و لا بما يقرؤونه من القرآن، فقبح الله قوماً هذا حالهم (و بعداً للقوم الظالمين) . قال أبو إسحاق الشاطبي في (الاعتصام): ( و اعلموا أنه حيث قلنا: إن العمل الزائد على المشروع يصير وصفاً له أو كالوصف فإنما يعتبر بأحد أمور ثلاثة: إما بالقصد، وإما بالعبادة، و إما بالزيادة أو بالنقصان . إما بالعبادة كالجهر و الإجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان، فإن بينه و بين الذكر المشروع بوناً بعيداً إذ هما كالمضادين عادة، وكالذين حكى عنهم ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال مَرَّ عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحُوا عَشرَا و هللوا عشرَا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أو أضل؟ بل هذا "يعني أضل" ). و في رواية عنه : أن رجلاً كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا و كذا مرة "الحمد لله"، قال فمر بـهم عبد الله بن مسعود فقال لهم: ( هُديتم لما لم يُهدَ نبيكم، وإنكم لتمسكون بذنب ضلالة ) ، وذكر لهم أن ناساً بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم و قد كوم كل رجل بين يديه كوماً من حصى قال: فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد و يقول : " لقد أحدثتم بدعة و ظلماً و كأنكم فقتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علمًا ").انتهى

عبد الله ياسين 03-11-2007 06:07 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 74182)
(الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، و بعد: قال العلامة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه " الحسام الماحق " : " اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة . لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :
الأولى: أنـها محدثة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ".
الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً ".
الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس و استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن و يترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، و ذلك محرم بلا ريب . الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل : جاء ، و شاء ، و أنبياء ، و آمنوا ، و ما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، و لا شك في أن ذلك محرم و خارج عن آداب القراءة ، و قد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، و هو الجمع بين الوقف و الوصل ، كتسكين باء ( لا ريب ) و وصلها بقوله تعالى :"فيه هدى" قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه : الجمع بين الوصل و الوقف حرام * نص علـيه غير عـالم هـمام
الخامسة: أن في ذلك تشبهاً بأهل الكتاب في صلواتـهم في كنائسهم. فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك، و الطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة و قد زجر الله عن ذلك بقوله في سورة محمد :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" و نحن نشاهد معظم من يقرأ على تلك القراءة لا يتدبر القرآن و لا ينتفع به، و تا الله لقد شاهدت قُراء القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته و لا برؤية القبور و لا بما يقرؤونه من القرآن، فقبح الله قوماً هذا حالهم (و بعداً للقوم الظالمين) . قال أبو إسحاق الشاطبي في (الاعتصام): ( و اعلموا أنه حيث قلنا: إن العمل الزائد على المشروع يصير وصفاً له أو كالوصف فإنما يعتبر بأحد أمور ثلاثة: إما بالقصد، وإما بالعبادة، و إما بالزيادة أو بالنقصان . إما بالعبادة كالجهر و الإجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان، فإن بينه و بين الذكر المشروع بوناً بعيداً إذ هما كالمضادين عادة، وكالذين حكى عنهم ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال مَرَّ عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحُوا عَشرَا و هللوا عشرَا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أو أضل؟ بل هذا "يعني أضل" ). و في رواية عنه : أن رجلاً كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا و كذا مرة "الحمد لله"، قال فمر بـهم عبد الله بن مسعود فقال لهم: ( هُديتم لما لم يُهدَ نبيكم، وإنكم لتمسكون بذنب ضلالة ) ، وذكر لهم أن ناساً بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم و قد كوم كل رجل بين يديه كوماً من حصى قال: فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد و يقول : " لقد أحدثتم بدعة و ظلماً و كأنكم فقتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علمًا ").انتهى


قوله صلى الله عليه و سلّم " يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ " يدل بصريح المفهوم على وجود حالتين للإجتماع على الذكر :

الحالة الأولى : أن يقرأ الكلّ بحيثُ تنتظم أصوات الذاكرين على صوت واحد وهو ما يُعرف بالذكر الجماعي وقد يُسميه بعضهم بقراءة الإدارة بصوت واحد ، والأوّل أشهر ، و هذه الحالة ذكر الإمام النووي رحمه الله أنها :مَذْهَبنَا - أي المذهب الشافعي - وَمَذْهَب الْجُمْهُور , وَقَالَ مَالِك : يُكْرَه , وَتَأَوَّلَهُ بَعْض أَصْحَابه.اهــ

الحالة الثانية : أن يقرأ الواحد تلو الآخر و تُعرف شهرة بقراءة الإدارة.


وقد أشار بعضهم لكلتا الحالتين، قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله [ الفتاوى الكبرى ] :
وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء ومن قراءة الإدارة قراءتهم مجتمعين بصوت واحد. وللمالكية وجهان في كراهتها ، وكرهها مالك ، وأما قراءة واحد والباقون يتسمعون له فلا يكره بغير خلاف وهي مستحبة ، وهي التي كان الصحابة يفعلونها : كأبي موسى وغيره .اهــــ

و عليه فمن المقرر في الأصول أنّ :


أ - النص المُطلق يبقى على اطلاقه حتى يثبت في الشرع نصٌ يخصّصه :
من المعلوم أنّ اللّفظ المُطلق في قوله صلى الله عليه و سلّم : " يتلون كتاب الله " يدلّ دلالة واضحة على أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه و سلّم لم يُخصّص قوله بقراءة الإدارة دون الذكر الجماعي أو العكس بل أطلق، ممّا يدلك على أنّ كلتا الحالتين مطلوبتين شرعاً فمن حصر الحديث بحالة و منع الأخرى فهو مُطالب بالإتيان بالدّليل الشرعي على هذا المنع و إلاّ فقد عطّل عموميات النص و قيّد ما أطلقه الشارع الحكيم بدون دليل.

بـ - النص العام يُعمل به في جميع جزئياته :
قوله صلى الله عليه و سلّم : "وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ" عام يشمل جميع الأوقات فمن خصّصه بوقت ونهى عنه في وقت آخر، فعليه بالدّليل من الكتاب أو السنة على هذا النهي و إلاّ فقد خّصص عموم النص بغير دليل.

فإذا تقرر هذا قلنا :

بأيّ حق تتحكّمون في دلالة اللّفظ و ما هو دليلكم على تخصيص الحديث بقراءة الإدارة دون الذكر الجماعي مع أنّ النبي صلى الله عليه و سلّم أطلق ولم يُخصّص حالة دون أخرى و لم ينهى صلى الله عليه و سلّم عن وقت بعينه للإجتماع على الذكر (علماً أنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز) ؟!


فإن قُلت لم يثبت ذالك عن السلف رضوان الله عليهم قُلنا لك :

1 - و من قال منهم - رضوان الله عليهم - مع احتمال الحالة في النص أنّ الفعل بدعة ؟!

2 - على فرض صحة هذا الإدّعاء ! ، ما هو دليلكم على أنّ عدم الفعل مع وجود الأدلة من الكتاب أو السنة يدل على بدعية الفعل ؟!

3 - روى الإمام البخاري في صحيحه :عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي قَالَ فَيَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِي قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنْ النَّارِ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ

قال محدث الدنيا الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله كما تجده في [ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ] :
قَوْله ( يُسَبِّحُونَك وَيُكَبِّرُونَك وَيَحْمَدُونَك ) ‏
وَيُؤْخَذ مِنْ مَجْمُوع هَذِهِ الطُّرُق الْمُرَاد بِمَجَالِس الذِّكْر وَأَنَّهَا الَّتِي تَشْتَمِل عَلَى ذِكْر اللَّه بِأَنْوَاعِ الذِّكْر الْوَارِدَة مِنْ تَسْبِيح وَتَكْبِير وَغَيْرهمَا وَعَلَى تِلَاوَة كِتَاب اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى وَعَلَى الدُّعَاء بِخَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَفِي دُخُول قِرَاءَة الْحَدِيث النَّبَوِيّ وَمُدَارَسَة الْعِلْم الشَّرْعِيّ وَمُذَاكَرَته وَالِاجْتِمَاع عَلَى صَلَاة النَّافِلَة فِي هَذِهِ الْمَجَالِس نَظَر , وَالْأَشْبَه اِخْتِصَاص ذَلِكَ بِمَجَالِس التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَنَحْوهمَا وَالتِّلَاوَة حَسْب , وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَة الْحَدِيث وَمُدَارَسَة الْعِلْم وَالْمُنَاظَرَة فِيهِ مِنْ جُمْلَة مَا يَدْخُل تَحْت مُسَمَّى ذِكْر اللَّه تَعَالَى.اهــ

قال العلاّمة العارف بالله الشيخ أحمد زروق المالكي رحمه الله في القواعد :
فإن قيل : يجتمعون و كل على ذكره فالجواب : إن كان سراً فجدواه غير ظاهرة و إن كان جهراً و كل على ذكره فلا يخفى ما فيه من إساءة الأدب بالتخليط وغيره مما لا يسوغ في حديث الناس فضلا عن ذكر الله فلزم جوازه بل ندبه بشرطه.اهــ

روى الإمام مسلم في صحيحه قال حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏ابْنُ جُرَيْجٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ ‏ ‏وَاللَّفْظُ لَهُ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنَا ‏ ‏عَبْدُ الرَّزَّاقِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏ابْنُ جُرَيْجٍ ‏ ‏أَخْبَرَنِي ‏ ‏عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا مَعْبَدٍ ‏ ‏مَوْلَى ‏ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏أَخْبَرَهُ أَنَّ ‏ ‏ابْنَ عَبَّاسٍ ‏ ‏أَخْبَرَهُ ‏ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَنَّهُ قَالَ قَالَ ‏ ‏ابْنُ عَبَّاسٍ ‏ ‏كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ

فقل لي بربك :

هل كانت أصواتهم ترتفع بالتكبير و التسبيح و الإستغفار بحيثُ تنتظم و تتّفق على صوت واحد فيتميّز التكبير من التسبيح من الإستغفار أم كانت أصواتهم رضون الله عليهم ترتفع من غير توافق بحيثُ يتداخل تسبيح هذا مع تكبير ذاك ؟!!!

كيف استطاع سيّدنا عبد الله ابن العباس رضي الله عنهما أنّ يُميّز صوت الذكر، إن كانوا مجتمعين على أذكار مختلفة أو متفقة كلٌّ يعلوا صوته على صوت الآخر من غير أن يحصل التوافق في الألفاظ ؟!!!

أمّا عن أثر سيّدنا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه :

قال خاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمه الله في رسالته [ نتيجة الفكر في الجهر بالذكر ] وهي ضمن كتاب [ الحاوي للفتاوي ] :
فإن قلت : فقد نقل عن ابن مسعود أنه رأى قوماً يهللون برفع الصوت في المسجد، فقال : ما أراكم إلا مبتدعين، حتى أخرجهم من المسجد .
قلت :هذا الأثر عن ابن مسعود يحتاج إلى بيان سنده، ومن أخرجه من الأئمة الحفاظ في كتبهم، وعلى تقدير ثبوته فهو معارض بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة، وهي مقدمة عليه عند التعارض، ثم رأيت ما يقتضي إنكار ذلك عن ابن مسعود، قال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الزهد : ثنا حسين بن محمد، ثنا المسعودي، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل قال : هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر، ما جالست عبد الله مجلسًا قط إلا ذكر الله فيه.اهــــ

قال بَقِيَّة الْمُجْتَهِدِينَ بَرَكَة بِلَاد اللَّه الْأَمِين أَحْمَدُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ حَجَرٍ الشَّافِعِيُّ رحمه الله [ انظر الْفَتَاوَى الْفِقْهِيَّة الْكُبْرَى ] :
وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُهَلِّلُونَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : مَا أُرَاكُمْ إلَّا مُبْتَدِعِينَ حَتَّى أَخْرَجَهُمْ مِنْ الْمَسْجِدِ , فَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ بَلْ لَمْ يَرِدْ ; وَمِنْ ثَمَّ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ يَنْهَى عَنْ الذِّكْرِ ; مَا جَالَسْتُ عَبْدَ اللَّهِ مَجْلِسًا قَطُّ إلَّا ذَكَرَ اللَّهَ فِيهِ , وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.اهــــ

قال الإمام عبد الرؤوف المناوي رحمه الله في [ فيض القدير شرح الجامع الصغير ] :
وأما ما نقل عن ابن مسعود من أنه رأى قوماً يهللون برفع الصوت في المسجد فقال ما اراكم إلا مبتدعين وأمر بإخراجهم فغير ثابت‏.‏ و بفرض ثبوته يعارضه ما في كتاب الزهد لأحمد عن شفيق بن أبي وائل قال هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر ما جالسته مجلساً قط إلا ذكر الله فيه، وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت البناني‏:‏ إن أهل الذكر ليجلسون إلى ذكر الله وإن عليهم من الآثام مثل الجبال وغنهم ليقومون من ذكر الله ما عليهم منها شئ .اهــــ

قال الإمام العلاّمة المُفسر محمود الآلوسي البغدادي رحمه الله كما تجده في تفسيره المسمى [ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ] :
وما ذكر في الواقعات عن ابن مسعود من أنه رأى قوماً يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد لا يصح عند الحفاظ من الأئمة المحدثين، وعلى فرض صحته هو معارض بما يدل عليه ثبوت الجهر منه رضي الله تعالى عنه مما رواه غير واحد من الحفاظ أو محمول على الجهر البالغ.اهــــ

هذا و للحديث بقية و الله أعلم

و السلام عليكم


عبد الله ياسين 04-11-2007 08:06 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 74182)
الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" . رواه مسلم من حديث أبي هريرة . لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة : ...

يدّعي صاحب البحث أنّ الذكر الجماعي لم يكن معروفاً عند السلف و ابتدعه الخلف و بالضبط المغاربة ، فهل هذا صحيح ؟!

الجواب :

1- صاحب هذا الكلام محجوج بالأحاديث التي سبق بيانها ، ومن المعلوم في علم الأصول
أنّ السُنّة هي أقواله و أفعاله و تقريراته صلى الله عليه و سلّم، ولكنّ المُعترض غفر الله له يريدُ أن يحصر هذا التعريف في أفعاله صلى الله عليه و سلّم فقط ، فدلالة الحديث غير كافية عنده لدا تراه يطلبُ دليلاً من فعله صلى الله عليه و سلّم أو فعل السلف و كأنّ قوله صلّى الله عليه و سلّم غير معمول به إلاّ إذا كان مقروناً بفعله صلوات ربي و سلامه عليه ، لعمري ما فائدة أقواله - صلى الله عليه و سلّم - إذاً ؟!

2 - قال
سيّدنا الإمام الشافعي رضي الله عنه كما تجده في [ الْأُمّ لِلشَّافِعِيِّ ] :
( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْعِيدَيْنِ وَأُحِبُّ الْغُسْلَ بَعْدَ الْفَجْرِ لِلْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فَإِنْ تَرَكَ الْغُسْلَ تَارِكٌ أَجْزَأَهُ ( قَالَ ) وَأُحِبُّ إظْهَارَ التَّكْبِيرِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى فِي لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَلَيْلَةِ النَّحْرِ مُقِيمِينَ وَسَفَرًا فِي مَنَازِلِهِمْ وَمَسَاجِدِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ وَيَغْدُونَ إذَا صَلَّوْا الصُّبْحَ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ وَيُكَبِّرُونَ بَعْدَ الْغُدُوِّ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ إلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يَفْتَتِحَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ ( قَالَ الْمُزَنِيّ ) : هَذَا أَقْيَسُ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ وَلَمْ يُحْرِمْ إمَامُهُ وَلَمْ يَخْطُبْ فَجَائِزٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ ء تَعَالَى ء فِي شَهْرِ رَمَضَانَ { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي بَكْرٍ يُكَبِّرُونَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ وَشَبَّهَ لَيْلَةَ النَّحْرِ بِهَا , إلَّا مَنْ كَانَ حَاجًّا فَذِكْرُهُ التَّلْبِيَةُ .اهــــ

هل كان كلّ واحد منهم يجهر بالتكبير منفرداً بحيثُ تعمُّ الفوضى في المسجد أم كان تكبيرهم رضوان الله عليهم بصوت واحد ؟!

فإن قُلت ذاك خاص بالعيد قُلنا لك : وهل تنقلبُ البدعة التي هي شرّ الأمور إلى سنّة في أيام العيد ؟!

قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه [ التبيان في آداب حملة القرآن ] :
اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهرة فقد صح عن النبي من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنه قال ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده قال الترمذي حديث حسن صحيح وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكره الله فيمن عنده رواه مسلم وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم وعن معاوية رضي الله عنه أن النبي خرج على حلقة من أصحابه فقال ما يجلسكم قالوا جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده لما هدانا للإسلام ومن علينا به فقال أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حديث حسن صحيح والأحاديث في هذا كثيرة وروى الدارمي بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له نورا وروى ابن أبي داود أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين وعن حسان بن عطية والأوزاعي أنهما قالا أول من أحدث الدراسة في مسجد دمشق هشام بن إسماعيل في قدمته على عبدالملك وأما ما روى ابن أبي داود عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عرزب أنه أنكر هذه الدراسة وقال ما رأيت ولا سمعت وقد أدركت أصحاب رسول الله يعني ما رأيت أحدا فعلها وعن وهب قال قلت لمالك أرأيت القوم يجتمعون فيقرؤون جميعا سورة واحدة حتى يختموها فأنكر ذلك وعابه وقال ليس هكذا تصنع الناس إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه فهذا الإنكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف ولما يقتضيه الدليل فهو متروك والاعتماد على ما تقدم من استحبابها لكن القراءة في حال الاجتماع لها شروط قدمناها ينبغي أن يعتنى بها والله أعلم.اهــــ

فها هو سيّدنا الإمام الشافعي و كذالك الإمام النووي المُلقّب بالشافعي الصغير ينقلان الذكر الجماعي عن السلف رضوان عليهم .

فهل حقّاً لم يثبت الذكر الجماعي عن السلف و إنما هو على حدّ تعبير صاحب البحث عفا الله عنّا و عنه ، بدعة قبيحة اخترعها الخلف من أهل المغرب ؟!

هذا والله أعلم

وللحديث بقية و السلام عليكم


عبد الله ياسين 05-11-2007 07:46 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 74182)
الأولى: أنـها محدثة و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: " و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ".

اشترط أهل العلم في البدعة ألاّ تندرج تحت أصل عام في الشرع ، الشرط المنتفي في مسألتنا هنا و لو كان الذكر جماعي بدعة لما شمله قوله المُصطفى صلى الله عليه و سلّم.


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 74182)
الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً ".

هذا في من يجهرون بالذكر بغير توافق للأصوات فيحصل التداخل في الألفاظ و تعمّ الفوضى ( على عكس الذكر الجماعي المنتظم ) و لا أدلّ على ذالك من مناسبة الحديث.

والله أعلم

و السلام عليك

algeroi 06-11-2007 02:26 PM

وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعتذر على تاخري في التعليق اخي الفاظل فانه راجع الى اسباب تقنية رغم محا ولتي ارساله في العديد من المرات

وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين

اخي الفاظل جعلك الله مباركا اينما حللت اعلم اخي ان كل كلمت تكتبها اظعها من نفسي للموظع الائق فارجو ان تكون كذالك

والان مع التعليق

يدّعي صاحب البحث أنّ الذكر الجماعي لم يكن معروفاً عند السلف و ابتدعه الخلف و بالضبط المغاربة ، فهل هذا صحيح ؟!
صاحب القول المنتقد هو العلامة تقي الدين الهلالي كما هو واظح في البحث اعلاه وهو غير صاحب البحث فقليلا من الدقة اخي الفاظل
والشيخ الكريم لا يتحدث هنا عن تاريخ ظهور هاذه البدعة باطلاق ولكنه يتحدث عن ظهورها في بلده واهل مكة ادرى بشعابها كما هو معلوم فاذا علمنت ذالك زال الاشكال والحمد لله
الجواب :
1- صاحب هذا الكلام محجوج بالأحاديث التي سبق بيانها
بل الاحاديث لا تدل على ما تذهب اليه اخي الكريم وتحقيق مفهومها الصحيح هو مناط المباحثة كما لا يخفى
و الحجة معه وما يزعمه المخالف مفتقر الى دليل خاص
واما من يستدل بالحديث الصحيح حديث مجالس الذكر بجواز قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ،الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده" ، ويقولون ان عبارة " يتلون " تدل على جواز ذلك، فاننا نرد عليهم بقولنا :
ان هذا الحديث حجة لمن يقول ببدعيتها وحجة على من يقول بسنيتها ، وذلك من وجهين اثنين :
الاول لغوي والثاني فقهي.
فاما المسالة اللغوية : فان النبي صلى الله عليه وسلم قال " يتلون كتاب الله ويتدارسونه " ، فهذه الواو واو عاطفة ،ومعلوم عند اهل اللغة ان الواو العاطفة تفيد التشريك في الحكم اي انها تشرك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم وقد تفيد ايضا التشريك في الكيفية اذا اقترنت بقرينة ،وبماأن القرينة لم تأتي في الحديث فيمكن أن نأخذها من الفعل الواقع بعد أداة العطف .
وفعل " يتدارسونه "معطوف على " يتلون " ، وبهذا يجوز لنا ان نقول : بما ان المدارسة لا تكون جماعية فالتلاوة لا تكون جماعية .
واما المسالة الفقهية : فاننا نرد عليهم باربع قواعد فقهية اجمع عليها العلماء سلفا وخلفا:

الاولى : " كل نص لم يرد عليه فهم السلف الصالح فالاستدلال به باطل "
وهذا الحديث قد قيل للصحابة قبلنا ، وهم اكملنا فهما للدين لانهم شاهدوا الوحي وكتبوه وعاصروا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا كله لم يقرؤوه جماعة .فهل نحن احسن هديا منهم ؟ وهل نحن احرص على تطبيق السنة منهم ؟والله ثم والله لو كان خيرا لسبقونا اليه .

الثانية : " الاصل في العبادة التوقف حتى يثبث الدليل على الجواز "
وذلك لان الله تعالى يتقرب اليه عن علم لا عن جهل .


الثالثة : " كل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وانتفاء المانع فتركه سنة والعمل به بدعة "
فهذا العمل قد تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وهو العبادة والتقرب الى الله زلفى ، وانعدام ما يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ،

الرابعة : "ربط أصل شرعي بكيفية غير شرعية يصبح بدعة "
فقراءة القرآن لا ننكر أنها أصل شرعي -حاشا لله - ولكن ننكر الكيفية جماعيا بصوت واحد .
إذن فقراءة القرآن بهذه الكيفية مخالفة وابتداع وتركها والتخلي عنها موافقة واتباع

، ومن المعلوم في علم الأصول أنّ السُنّة هي أقواله و أفعاله و تقريراته صلى الله عليه و سلّم،
ليس هاذا هو موطن النزاع بل اصغر طويلب في الكتاب يعرف ذالك
ولكنّ المُعترض غفر الله له يريدُ أن يحصر هذا التعريف في أفعاله صلى الله عليه و سلّم فقط ،
وغفر لك فاين دليلك على ما تزعم الا ترى اخي الفاظل انك قولته ما لم يقله بل نسبة اليه مالم يرد في قوله اطلاقا
فدلالة الحديث غير كافية عنده لدا تراه يطلبُ دليلاً من فعله صلى الله عليه و سلّم أو فعل السلف و كأنّ قوله صلّى الله عليه و سلّم غير معمول به إلاّ إذا كان مقروناً بفعله صلوات ربي و سلامه عليه ، لعمري ما فائدة أقواله - صلى الله عليه و سلّم - إذاً ؟!
كيف تقول ذالك اخي الكر يم فائدة أقواله - صلى الله عليه و سلّم - ان تفهم على وجهها الصحيح الوجه الذي اراده صلى الله عليه وسلم ثم ان لازم قولك اخي الفاظل -رغم اني لا الزمك به لانك ارفع عندي درجة من ذالك- تعارض اقواله وافعاله صلى الله عليه وسلم وهاذا القول ظاهر البطلان
2 - قال سيّدنا الإمام الشافعي رضي الله عنه كما تجده في [ الْأُمّ لِلشَّافِعِيِّ ] :
( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْعِيدَيْنِ وَأُحِبُّ الْغُسْلَ بَعْدَ الْفَجْرِ لِلْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فَإِنْ تَرَكَ الْغُسْلَ تَارِكٌ أَجْزَأَهُ ( قَالَ ) وَأُحِبُّ إظْهَارَ التَّكْبِيرِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى فِي لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَلَيْلَةِ النَّحْرِ مُقِيمِينَ وَسَفَرًا فِي مَنَازِلِهِمْ وَمَسَاجِدِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ وَيَغْدُونَ إذَا صَلَّوْا الصُّبْحَ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ وَيُكَبِّرُونَ بَعْدَ الْغُدُوِّ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ إلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يَفْتَتِحَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ ( قَالَ الْمُزَنِيّ ) : هَذَا أَقْيَسُ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ وَلَمْ يُحْرِمْ إمَامُهُ وَلَمْ يَخْطُبْ فَجَائِزٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ ء تَعَالَى ء فِي شَهْرِ رَمَضَانَ { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي بَكْرٍ يُكَبِّرُونَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ وَشَبَّهَ لَيْلَةَ النَّحْرِ بِهَا , إلَّا مَنْ كَانَ حَاجًّا فَذِكْرُهُ التَّلْبِيَةُ .اهــــ
ليس هاذا من مواطن النزاع بل هاذه حيدة اخي الكريم
هل كان كلّ واحد منهم يجهر بالتكبير منفرداً بحيثُ تعمُّ الفوضى في المسجد أم كان تكبيرهم رضوان الله عليهم بصوت واحد ؟!
فإن قُلت ذاك خاص بالعيد قُلنا لك : وهل تنقلبُ البدعة التي هي شرّ الأمور إلى سنّة في أيام العيد ؟!
نعم تنقلب فاي مخالفة لهدي النبي صلى اله عليه وسلم كما او كيفا تعد من هاذا لقبيل وماقولك اخي الفاظل في ابطال الركعة الزائدة عن الحد المشروع للفريضة او بطلان الحج الذي هو من ابر الاعمال اذا كان الى غير مكة ما اظنك اخي الكريم ستقول وهل تنقلبُ البدعة التي هي شرّ الأمور إلى سنّة في أيام العيد ؟!
نعم اخي الفاظل هاذه هي السنة ونحن في انتظار دليل المخالف من عمل الصحابة رظوان الله عليهم ولا دليل فالقاعدة ان يبقى الامر على اصله وهو الحظر
يقول العلامة الشنقيطي (أن عامة النظر في المصلحة المرسلة إنما هو فيما عقل معناه ، فلا تقع المصالح المرسلة في العبادات التي لا يعقل معناها ، ذلك لأن مبناها على التوقف وعدم الالتفات إلى المعاني وإن ظهرت لبادي الرأي وقوفاً مع ما فهم من مقصود الشارع فيها من التسليم على ما هي عليه ، بخلاف العبادات التي يعقل معناها ، وكذا العادات والمعاملات فإنها جارية على المعنى المناسب الظاهر للعقول ، يضاف إلى ذلك أن العبادات التي لا يعقل معناها حق خاص للشارع ، ولا يمكن معرفة حقه كماً ولا كيفاً وزماناً ومكاناً وهيئة إلا من جهته ، فيأتي به العبد على ما رسم له ، ولهذا لم يوكل هذا النوع من العبادات إلى آراء العباد ، فلم يبق إلا الوقوف عند ما حده ، بينما تهدى العقول البشرية في الجملة إلى معرفة حكم وعلل ومعاني ما سوى ذلك ، ولذلك جاز دخول المصالح في هذا دون ذاك .ا.هـ
وعليه فإن المصالح المرسلة لا تدخل في العبادات التي لا يعقل معناها إلا من جهة الوسائل ، وفرق بين الوسائل والعبادات فالوسائل مطلوبة لغيرها ، أما العبادات فمطلوبة لذاتها . ومن ذلك جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه )
و نص على ذلك ابن تيمية رحمه الله فقال : والضابط في هذا – والله أعلم – أن يقال إن الناس لا يحدثون شيئاً إلا لأنهم يرونه مصلحة ، إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه ، فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه الناس مصلحة نظر في السبب المحوج إليه ، فإن كان السبب المحوج إليه أمراً حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا فهنا قد يجوز إحداث ما تدعوا لحاجة إليه ، وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته .
وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه ، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد ، فهنا لا يجوز الإحداث ، فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجوداً لو كان مصلحة ولم يفعل ، يعلم أنه ليس بمصلحة . وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخلق فقد يكون مصلحة …
فما كان المقتضي لفعله موجوداً لو كان مصلحة . وهو مع هذا لم يشرعه ، فوضعه تغيير لدين الله ، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدين . من الملوك والعلماء والعباد ، أو من زل منهم باجتهاد
وقال الشاطبي رحمه الله :
سكوت الشارع عن الحكم على ضربين :
أحدهما : أن يسكت عنه لأنه لا داعية له تقتضيه ، ولا موجب يقدر لأجله ، كالنوازل التي حدثت بعد ذلك ، فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تقرر في كلياتها ، وما أحدثه بعد السلف الصالح راجع إلى هذا القسم ، كجمع المصاحف وتدوين العلم وتضمين الصناع ، وما أشبه ذلك مما لم يجر له ذكر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تكن من نوازل زمانه ولا عرض للعمل بها موجب يقتضيها ، فهذا القسم جارية فروعه على أصوله المقررة شرعاً بلا إشكال ، فالقصد الشرعي فيها معروف …
والثاني : أن يسكت عنه وموجبه المقتضي له قائم ، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمان ، فهذا الضرب السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا يزاد فيه ولا ينقص ، لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجوداً ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه ، كان ذلك صريحاً في أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة ، ومخالفة لما قصده الشارع ، إذ فهم من قصده الوقوف عندما هنالك ، لا زيادة عليه ولا نقصان منه .

حول الاستدلال بقاعدة العموم
إن الطريقة الصحيحة لمعرفة الحق من الباطل هي النظر في الأدلة بتجرد عن الهوى قال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (القصص:50) وقال: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (الجاثـية:23) ، فمن صفات أهل السنة والجماعة أنهم ينظرون في النصوص بتجرد عن الهوى، بخلاف أهل البدعة فإنهم يبحثون عما يوافق أهواءهم، من مناصب ومزايا، وقد يتمثل الهوى في أحقاد على بعض أهل السنة، وذلك جعلهم يبحثون في النصوص الشرعية عما يوهم صحة بدعتهم، ويجدون له أي علاقة تعضدها، ويتركون النصوص الصريحة في تحريم البدع وفي النص على مخالفتها أحياناً، يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7)، فأهل البدعة تمسكوا بالمتشابه الذي يحتمل أمرين من ناحية الدلالة، وتركوا الواضح الذي لا مراء فيه، فإن النصوص تنقسم إلى هذين القسمين: منها ما هو واضح الدلالة، ومنها ما يحتاج إلى بيان.
فما هو المخرج إذن؟
المخرج من هذا الباب الخطير هو أن نرد المتشابه إلى المحكم من النصوص ففيه البيان، وأذكر على سبيل المثال: المجسمة الذين اعتبروا أن صفات الله  الواردة في القرآن والسنة هي على سبيل التجسيم والتشبيه، بناء على شبهتهم بأننا مخاطبون بما نفهم ونعلم، فقالوا _ وعلى رأسهم مقاتل بن سليمان _: إن صفة اليد لله تعالى الواردة في قوله تعالى: ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ )(المائدة: من الآية64)، لا نفهم منها إلا ما عرفناه في اللغة من كلمة ]يد[ سوى اليد التي تشبه أيدينا، فكانوا يقولون: إن لله يدين مثل أيدينا، ووجهاً مثل وجوهنا، فشبهوا الله بخلقه، واستدلوا بالآيات التي تثبت الصفات، وتغافلوا عن الآية المحكمة في هذا الباب وهي قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11)، وما تركوا الآية الواضحة التي كالشمس في رابعة النهار، واستدلوا ببعض القرآن إلا للهوى الذي تشربته قلوبهم.
ولو فتح الباب للناس ليفهموا من القرآن والسنة ما يريدون لضل الناس، ولما ثبت الدين، ولتغير الدين، وتحرف، فلو ساغ للمؤول للصفات أن يفسر مثل قوله : « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له»( )، فلو ساغ له أن يفسر النـزول بمعنى نزول ملك من الملائكة مثلاً( )، لتحرف الدين.
ولساغ للمشبه أن يفسر الحديث بأنه ينـزل كما ينـزل البشر، ويدخل في السماء الدنيا. والصحيح أنه ينـزل بكيفية لا يعلمها إلا هو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11).
ولساغ للرافضة أن يفسروا قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)(البقرة: من الآية67)، قالوا: هي عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، نعم ، الضلال يجر الضلال وفتح الباب للناس في هذا المجال، خطير جِدُّ خطير.
فالفهم الصحيح للدين لا بد وأن يستند إلى فهم الصحابة، ليس إلى الهوى ولا إلى غيره، بل حتى اللغة لا تقوى على مخالفة فهم الصحابة وإليك هذا المثال:
قول الله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (المائدة:38)، واليد في اللغة لها إطلاقات، فمن مفصل الكتف إلى أطراف الأصابع يسمى يد، ومن مفصل الكف إلى أطراف الأصابع يسمى يد، فمن أين نقطع اليد؟ من مفصل الكف أم من مفصل الكتف؟
فسر الصحابة الكرام قطع اليد هنا من مفصل الكف ، هكذا ينبغي أن يُفهم الدين، فلو جاء من يريد التشدد، ودفعه الهوى إلى القول بأن القطع يكون من الكتف، رددنا عليه قوله بفهم الصحابة الكرام، رضي الله عنهم وأرضاهم.
ولذلك فقول النبي : «كل بدعة ضلالة»، وقوله : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وقوله : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، أي مردود عليه، فهذا العموم هل هو على إطلاقه؟ أم هناك خصوص؟ وهل كل بدعة؟ أم تستثنى بعض البدع؟ وإلى أي مدى يكون هذا التحريم للبدع؟ وإلى أي مدى يجب البعد عن كل محدثة، وهل كل ما لم يعمله الصحابة يعتبر بدعة؟ لكي نرد على هذه الأسئلة:

إليك هذا الأثر الذي يبين لنا كيف فهم الصحابة الدين؟ وكيف فهموا القرآن والسنة النبوية؟ وكيف فهموا الأحاديث التي تنهى عن البدع؟ وهذا الأثر يبين فهم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود  وهو مَنْ في مكانته  ! يقول عنه عمر بن الخطاب : كنيفٌ ملئ علماً، ولما أرسله إلى العراق ليعلمهم كتب إليهم: "إنني قد بعثت إليكم عماراً أميراً وابن مسعود معلماً ووزيراً وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدر فاسمعوا لهما واقتدوا بهما وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي"( ¬¬).
قال الدارمي _ رحمه الله _: أخبرنا الحكم بن المبارك أنا عمر بن يحيى قال سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد قلنا لا حتى خرج فلما خرج قمنا إليه جميعاً فقال له أبو موسى يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أنفاً أمراً أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيراً قال فما هو فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرونَ الصلاة في كل حلقةٍ رجلٌ وفي أيديهم حصى فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك أو انتظار التابعين. قال: أفلا أمرتهم أن يعدُّوا سيئاتهم وضمنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم، ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقةً من تلك الحلق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون قالوا يا أبا عبد الله حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم  متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدي من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه إن رسول الله  حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم.
فقال عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج
ونقف هنا مع عبارتين من هذا الأثر: -
أ‌.قول الراوي: (ما قلتُ لهم شيئاً انتظار رأيك أو انتظار التابعين)، وهنا يؤخذ من هذه العبارة فوائد:
1- أن السلف الصالح كانوا يحترمون رأي الصحابة غاية الاحترام، وما ذاك إلا لعلمهم بعظم فهمهم للدين وسابقتهم في الإسلام، وأنهم هم الذين عاصروا نزول القرآن وعاصروا التشريع فعندهم ما ليس عند غيرهم من العلم، وهذا مما لا يتمارى فيه اثنان.
2- أن الجلسة التي كان فيها ذكر الله بهذه الطريقة أثارت هذا التابعي بفطرته وتسلحه بالعلم، وهكذا جميع الأمور المريبة تثير من سلمت فطرته ولم تتعكر بشيء من الآراء المخالفة للدين، ثم هو لم ينكر عليهم، ولكنه قد أحس بغرابة هذا الأمر، ولكنه لم يفعل شيئاً وذلك إما لتوخيه الحكمة في الإنكار، وإما ليعلم علم اليقين بخطورة هذا الفعل، من الصحابة أو التابعين.
3- ويؤخذ من هذه العبارة أيضاً أن تلك الجلسة لم يكن فيها صحابي واحد، ولا أحد من كبار التابعين، وهذا صريح من كلام الراوي، ويؤيد ذلك قوله: (رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج)، ومعلوم أن الخوارج لم يكن فيهم صحابي واحد.
الجواب على احتجاجهم بالنصوص الواردة في مدح الذاكرين بصيغة الجمع ، وادعاؤهم أن هذا يقتضي اجتماعهم على الذكر بشكل جماعي ، وللجواب على هؤلاء يقال :
إن الحث على الذكر بصيغة الجمع ومدح الذاكرين بصيغة الجمع لا يقتضي الدلالة على استحباب أو جواز الذكر الجماعي ولا يلزم منه ذلك . بل غاية ما في هذه النصوص الدلالة على استحباب الذكر لجميع المسلمين ، والحث عليه ، وسواء كان ذلك على وجه الانفراد ، أو الاجتماع ، ظاهراً ، أو خفياً .
وقال الطرطوشي : (( هذه الآثار(72) تقتضي جواز الاجتماع لقراءة القرآن الكريم على معنى الدرس له والتعلم والمذاكرة وذلك يكون بأن يقرأ المتعلم على المعلم ، أو يقرأ المعلم على المتعلم ، أو يتساويا في العلم ، فيقرأ أحدهما على الآخر على وجه المذاكرة والمدارسة هكذا يكون التعليم والتعلم ، دون القراءة معاً .
وجملة الأمر أن هذه الآثار عامة في قراءة الجماعة معاً على مذهب الإدارة ، وفي قراءة الجماعة على المقرئ ... ومعلوم من لسان العرب أنهم لو رأوا جماعة قد اجتمعوا لقراءة القرآن على أستاذهم . ورجل واحد يقرأ القرآن ، لجاز أن يقولوا : هؤلاء جماعة يدرسون العلم ، ويقرؤون العلم والحديث . وإن كان القارئ واحد(73) .
وأما الآثار التي استدلوا بها عن عمر وعبد الله بن العباس رضي الله عنهما ، وميمونة رضي الله عنها .مما ذكره المعترض او اسقطه فيجاب عنها وجوه :
منها
أنها غير صريحة في التكبير الجماعي بالشكل الذي يدعو إليه من يقولون بمشروعية الذكر الجماعي ، بل غاية ما فيها أن الناس تأسَّوا بعمر رضي الله عنه فكبروا مثله وبأصوات مرتفعة ، وبسبب تداخل واختلاط الأصوات مع كثرة الحجيج فقد ارتجت منى بالتكبير . ولا يفهم منه أن عمر رضي الله عنه كان يكبر ثم يسكت حتى يرددوا خلفه بصوت رجل واحد . وإلا فإن أئمة المذاهب المتبوعة لم ينقل عنهم الإقرار للذكر والتسبيح والتكبير بصوت واحد فلو فهموا منه ما فهمه دعاة الذكر الجماعي لقالوا به . ولكنهم فهموا هذه الآثار - والله أعلم - على ما سبق ذكره في أول هذا الوجه .

وعلى نهج المعترض فسنوسع معه البحث الى لذكر الجماعي باطلاق ونتحفه باقوال القدماء والمعاصرين
ودرج على منوالهم فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم، فمن ذلك :

1 - ذكر الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في كتابه ( بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ) ، عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى : أن رفع الصوت بالتكبير بدعة في الأصل ، لأنه ذكر . والسنة في الأذكار المخافتة ؛ لقوله تعالى : { ادعوا ربكم تضرعاً وخفية } [ الأعراف : 55 ] . ولقوله r : (( خير الدعاء الخفي ))(83) . ولذا فإنه أقرب إلى التضرع والأدب ، وابعد عن الرياء فلا يترك هذا الأصل إلا عند قيام الدليل المخصص . انتهى .
وقال العلامة المباركفوري في ( تحفة الأحوذي ) : اعلم أن الحنفية في هذا الزمان ، يواظبون على رفع الأيدي في الدعاء بعد كل مكتوبة مواظبة الواجب ، فكأنهم يرونه واجباً، ولذلك ينكرون على من سلم من الصلاة المكتوبة وقال : اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام . ثم قام ولم يدع ولم يرفع يديه . وصنيعهم هذا مخالف لقول إمامهم الإمام أبي حنيفة ، وأيضاً مخالف لما في كتبهم المعتمدة . انتهى .
2 - ومما يتعلق بمذهب مالك رحمه الله في الذكر الجماعي ما جاء في كتاب ( الدر الثمين ) للشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي : كره مالك وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقيب الصلوات المكتوبة جهراً للحاضرين . ونقل الإمام الشاطبي في كتابه العظيم ( الاعتصام )(86) قصة رجل من عظماء الدولة ذوي الوجاهة فيها موصوف بالشدة والقوة ، وقد نزل إلى جوار ابن مجاهد . وكان ابن مجاهد لا يدعو في أخريات الصلوات، تصميماً في ذلك على المذهب - مذهب مالك - لأن ذلك مكروه فيه. فكأن ذلك الرجل كره من ابن مجاهد ترك الدعاء ، وأمره أن يدعو فأبى فلما كان في بعض الليالي قال ذلك الرجل : فإذا كان غدوة غد أضرب عنقه بهذا السيف . فخاف الناس على ابن مجاهد فقال لهم وهو يبتسم : لا تخافوا ، هو الذي تُضرب عنقه في غدوة غد بحول الله . فلما كان مع الصبح وصل إلى دار الرجل جماعة من أهل المسجد فضربوا عنقه . انتهى .
3 - وأما مذهب الشافعي رحمه الله ، فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في ( الأم ) : وأختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله بعد الانصراف من الصلاة ، ويخفيان الذكر إلا أن يكون إماماً يجب أن يُتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تُعُلِّم منه ثم يُسِرُّ ، فإن الله عز وجل يقول : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها } [ الإسراء : 110 ] يعني - والله تعالى أعلم - الدعاء ، ولا تجهر : ترفع . ولا تخافت : حتى لا تسمع نفسك . انتهى .
وقال الإمام النووي في المجموع : اتفق الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى على أنه يُستحب ذكر الله تعالى بعد السلام ، ويُستحب ذلك للإمام والمأموم والمنفرد والرجل والمرأة والمسافر وغيره ... وأما ما اعتاده الناس أو كثير منهم من تخصيص دعاء الإمام بصلاتي الصبح والعصر ، فلا أصل له . انتهى . قلت : ولقائل أن يقول : نفيه للتخصيص في هذين الوقتين يدل على جواز الدعاء في جميع الصلوات ، ويبطل هذا الزعم قول النووي نفسه في ( التحقيق ) : يندب الذكر والدعاء عقيب كل صلاة ويسر به ، فإذا كان إماماً يريد أن يعلمهم جهر ، فإذا تعلموا أسر . انتهى .
4 - وأما ما يتعلق بمذهب الحنابلة ، فقد قال ابن قدامة في ( المغني ): ويُستحب ذكر الله تعالى والدعاء عقيب صلاته ، ويُستحب من ذلك ما ورد به الأثر ، وذكر جملة من الأحاديث ، فيها شيء من الأذكار التي كان r يقولها في دبر كل صلاة مكتوبة .
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن الدعاء بعد الصلاة ، فذكر بعض ما نقل عنه r من الأذكار بعد المكتوبة ، ثم قال : وأما دعاء الإمام والمأمومين جميعاً عقيب الصلاة فلم ينقل هذا أحد عن النبي r . انتهى .
قلت : وفيما يختص بدعاء الإنسان منفرداً من غير جماعة فإنه إذا كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً فليس ثم مانع يمنعه من الدعاء إذا بدأ بالأذكار المسنونة والتسابيح المشروعة في أعقاب الصلوات ، وقد دل على ذلك كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله الكريم r وهدي السلف الصالح رضي الله عنهم . أما الدليل من الكتاب العزيز ، فقول الله تعالى : { فإذا فرغت فانصب . وإلى ربك فارغب } [ الشرح : 7 - 8 ] .
وقد ورد في الكلام على هاتين الآيتين ، في إحدى الروايتين : فإذا فرغت من صلاتك ، فانصب إلى ربك في الدعاء وسله حاجـتك . نقل هذا ابن جرير الطبريفي تفسيره وابن أبي حاتم) ، والسمعاني، والقرطبي) ، وابن الجوزي ، وابن كثير ، والشوكاني، والسعدي ، وغيرهم من المفسرين .
قال السعدي رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين : { فإذا فرغت فانصب } أي إذا تفرغت من أشغالك، ولم يبق في قلبك ما يعوقه فاجتهد في العبادة والدعاء . { وإلى ربك } وحده { فارغب } أي أعظم الرغبة في إجابة دعائك ، وقبول دعواتك ولا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره ، فتكون من الخاسرين . وقد قيل : إن معنى هذا : فإذا فرغت من الصلاة ، وأكملتها فانصب في الدعاء . { وإلى ربك فارغب } في سؤال مطالبك . واستدل من قال هذا القول على مشروعية الدعاء والذكر عقب الصلوات المكتوبات . والله أعلم(99) . انتهى .
وأما من السنة ، فعن أبي أمامة قال : قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع ؟ قال (( جوف الليل الآخر ، ودبر الصلوات المكتوبات )) . رواه الترمذي(100) وقال : هذا حديث حسن.
وقد جاءت بذلك فتاوى العلماء قديماً وحديثاً :
فمن القديم ما ذكره ابن مفلح قال : قال مهنا : سألت أبا عبد الله عن الرجل يجلس إلى القوم ، فيدعو هذا ، ويدعو هذا ويقولون له : ادع أنت . فقال : لا أدري ما هذا ؟! أي : أنه استنكره .
وقال الفضل بن مهران : سألت يحيى بن معين وأحمد بن حنبل قلت : إن عندنا قوماً يجتمعون ، فيدعون ، ويقرأون القرآن ، ويذكرون الله تعالى ، فما ترى فيهم ؟
قال : فأما يحيى بن معين فقال : يقرأ في مصحف ، ويدعو بعد الصلاة ، ويذكر الله في نفسه ، قلت : فأخ لي يفعل ذلك . قال : أنهه ، قلت : لا يقبل ، قال : عظه . قلت : لا يقبل . أهجره ؟ قال : نعم . ثم أتيت أحمد فحكيت له نحو هذا الكلام فقال لي أحمد أيضاً : يقرأ في المصحف ويذكر الله في نفسه ويطلب حديث رسول الله . قلت : فأنهاه ؟ قال : نعم . قلت : فإن لم يقبل ؟ قال : بلى إن شاء الله ، فإن هذا محدث ، الاجتماع والذي تصف(101) .
وقال الإمام الشاطبي في بيان البدع الإضافية ما نصه : (( كالجهر والاجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان . فإن بينه وبين الذكر المشروع بوناً بعيداً إذ هما كالمتضادين عادة ))وقال ابن الحاج : (( ينبغي أن ينهى الذاكرون جماعة في المسجد قبل الصلاة، أو بعدها، أو في غيرهما من الأوقات . لأنه مما يشوش بها ))
وقال الزركشي : (( السنة في سائر الأذكار الإسرار . إلا التلبية ))
جاء في ( الدرر السنية ) : (( فأما دعاء الإمام والمأمومين ، ورفع أيديهم جميعاً بعد الصلاة ، فلم نر للفقهاء فيه كلاماً موثوقاً به . قال الشيخ تقي الدين : ولم ينقل أنه r كان هو والمأمومون يدعون بعد السلام . بل يذكرون الله كما جاء في الأحاديث )).
وجاء في فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا ما يلي : (( ختام الصلاة جهاراً في المساجد بالاجتماع ، ورفع الصوت ، من البدع التي أحدثها الناس ، فإذا التزموا فيها من الأذكار ما ورد في السنة ، كانت من البدع الإضافية )). وقال في موضع آخر : (( إنه ليس من السنة أن يجلس الناس بعد الصلاة بقراءة شيء من الأذكار ، والأدعية المأثورة ، ولا غير المأثورة برفع الصوت وهيئة الاجتماع .. وأن الاجتماع في ذلك والاشتراك فيه ورفع الصوت بدعة ))
وجاء في الفتاوى الإسلامية للشيخ ابن عثيمين : (( الدعاء الجماعي بعد سلام الإمام بصوت واحد لا نعلم له أصلاً على مشروعيته )) .
وقال الشيخ صالح الفوزان : (( البدع التي أحدثت في مجال العبادات في هذا الزمان كثيرة ، لأن الأصل في العبادات التوقيف ، فلا يشرع شيء منها إلا بدليل . وما لم يدل عليه دليل فهو بدعة ... ثم ذكر بعض البدع . وقال : ومنها الذكر الجماعي بعد الصلاة لأن المشروع أن كل شخص يقول الذكر الوارد منفرداً )(فأصل الدعاء عقب الصلوات بهيئة الاجتماع بدعة ، وإنما يباح منه ما كان لعارض ،
قال الإمام الشــاطبي - رحمه الله - : (( لو فرضنا أن الدعاء بهيئة الاجتماع وقع من أئمة المساجد في بعض الأوقات : للأمر يحدث عن قحط أو خوف من ملم لكان جائزاً .. وإذا لم يقع ذلك على وجه يخاف منه مشروعية الانضمام ، ولا كونه سنة تقام في الجماعات ، ويعلن به في المساجد كما دعا رسول الله دعاء الاستسقاء بهيئة الاجتماع وهو يخطب )).
وإنما كان هذا الدعاء بعد الصلوات بهيئة الاجتماع بدعة ، مع ثبوت مشروعية الدعاء مطلقاً ، وورود بعض الأحاديث بمشروعية الدعاء بعد الصلوات خاصة ، وذلك لما قارنه من هذه الهيئة الجماعية ، ثم الالتزام بها في كل الصلوات حتى تصير شعيرة من شعائر الصلاة . فإن وقع أحياناً فيجوز إذا كان من غير تعمد مسبق، فقد روي عن الإمام أحمد - رحمه الله - أنه أجاز الدعاء للإخوان إذا اجتمعوا بدون تعمد مسبق ، وبدون الإكثار من ذلك حتى لا يصير عادة تتكرر ،
وقال شيخ الإسلام : (( الاجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن مستحب إذا لم يتخذ ذلك عادة راتبة كالاجتماعات المشروعة ولا اقترن به بدعة منكرة ))(112) وقال : (( أما إذا كان دائماً بعد كل صلاة فهو بدعة ، لأنه لم ينقل ذلك عن النبي r والصحابة والسلف الصالح ))(113) .

أقول أخيراً لمن نظر في هذا المقال ، أن ينظر بعين الإنصاف مع تحر لإتباع الدليل ، وإياك إياك أن ترد الكلام لمجرد أن صاحبه لا يعرف ، أو كون العامة على خلاف ذلك ، فإن الله لم يتعبدنا بأقوال الرجال ، ولا بقول الأكثرية ، وإن من المقرر عند العلماء ، " أن شيوع الفعل وانتشاره لا يدل على جوازه كما أن كتمه وقلة العمل به لا يدل على منعه " .
( قال محمد بن أسلم الطوسي :- " ومن له خبرة بما بعث الله تعالى به رسوله ، وبما عليه أهل الشرك والبدع اليوم في هذا الباب وغيره ، علم أن بين السلف وبين هؤلاء الخلوف من البعد أبعد ما بين المشرق والمغرب ، وأنهم على شيء والسلف على شيء .
كما قيل :-
سارت مشرقة وسرت مغرباً *** شتان بين مشرق ومغرب .
والأمر – والله – أعظم مما ذكرنا . وقد ذكر البخاري في الصحيح عن أم الدرداء رضي الله عنها ، قالت : دخل عليّ أبو الدرداء مغضباً ، فقلت له : ما لك ؟ فقال : والله ما أعرف فيهم شيئاً من أمر محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنهم يصلون جميعاً .
وقال الزهري : دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي . فقلت له : ما يبكيك ؟ فقال ما أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة . وهذه الصلاة قد ضيعت ، رواه البخاري .
وهذه هي الفتنة العظمى التي قال فيها ابن مسعود رضي الله عنه : كيف انتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ، وينشأ فيها الصغير ، تجري على الناس ، يتخذونها سنة ، إذا غيرت ، قيل غيرت السنة ، أو هذا منكر .
وهذا مما يدل على أن العمل إذا جرى على خلاف السنة ، فلا عبرة به ، ولا التفات إليه ، فإن العمل قد جرى على خلاف السنة منذ زمن أبي الدرداء وأنس .
" وذكر أبو العباس أحمد بن يحيى قال : حدثني محمد بن عبيد بن ميمون : حدثني عبد الله بن إسحاق الجعفري قال : كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة . قال : فتذاكروا يوماً السنن فقال رجل كان في المجلس : ليس العمل على هذا . فقال عبد الله : أرأيت إن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام ، أفهم الحجة على السنة ؟ فقال ربيعة : أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء ".فالمسلم الحق هو الذي " لا يغلبه شيوع البدع عن تفهم السنن ، فإن العوائد كما أنها تبني أصولاً وتهدم أصولاً ، فإنها ملاكة ، والإنفكاك منها يحتاج إلى ترويض النفس ، وإلزامها بالسنن
وما أجمل ما رواه الإمام الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث بالسند الصحيح عن الأوزاعي قال :- عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوها لك بالقول ) .
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . والله الهادي إلى سواء السبيل .

عبد الله ياسين 06-11-2007 06:42 PM

رد: وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين


اخي الفاظل جعلك الله مباركا اينما حللت اعلم اخي ان كل كلمت تكتبها اظعها من نفسي للموظع الائق فارجو ان تكون كذالك

هذا من لطفك و طيب معدنك

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
والان مع التعليق

يدّعي صاحب البحث أنّ الذكر الجماعي لم يكن معروفاً عند السلف و ابتدعه الخلف و بالضبط المغاربة ، فهل هذا صحيح ؟!
صاحب القول المنتقد هو العلامة تقي الدين الهلالي كما هو واظح في البحث اعلاه وهو غير صاحب البحث فقليلا من الدقة اخي الفاظل

أعلمُ ذالك و كلامي موجّه لبحث الشيخ وتجدُ ذالك واضحاً في المُشاركات السابقة حيثُ كنتُ أقتبسُ كلامه و أضعه قبل التعقيب عليه، يعني كلّ تعقيب مُعلّق بالجزئية المُقتبسة من كلامه هو فالأمر واضح و الحمد لله ربّ العالمين.

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
والشيخ الكريم لا يتحدث هنا عن تاريخ ظهور هاذه البدعة باطلاق ولكنه يتحدث عن ظهورها في بلدهواهل مكة ادرى بشعابها كما هو معلوم فاذا علمنت ذالك زال الاشكال والحمد لله

اقرأ جيّداً ما خطّته يمينك من كلام الشيخ :

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير....

1- الشيخ يجزم أنّ الإجتماع على الذكر الذي كان في عهد المُصطفى صلوات ربي و سلامه عليه إنما كان بقراءة الواحد تلو الآخر أي ما أسميناه من قبل بقراءة الإدارة يعني لازم كلامه لا وجود للذكر الجماعي آنذاك !

2- الشيخ يجزم أنّ الأمر بقي على ذالك إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية باستثناء بلاد المغرب في العصر الأخير !

يعني و ببساطة الشيخ لم يكن يتكلم عن تاريخ ظهورالذكر الجماعي ببلاده فقط كما تريد أن تُفهمنا ! بل هو أطلق و تكلم بصريح العبارة عن جميع البلاد الإسلامية ، اللّهمّ إلاّ إذا كنت تريدُ أن تُفهمنا أنّ جميع البلاد الإسلامية عند الشيخ هي بلاده فقط !

يُتبع بإذن الله

والسلام عليكم

patient_calme 07-11-2007 12:39 AM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
جزاك الله خيرا

عبد الله ياسين 09-11-2007 01:32 PM

رد: وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين
 
أخي الكريم كنتُ أحسبك ترتفعُ عن طريقة النسخ و اللّصق اللاّموضوعي أثناء الحوار و عُجبي لا ينقضي من نقلك للكلام دون عزوٍ الى أصحابه ! على طريقة - للأسف - الكثير ممّن ينتحلون سياسة " خُذ مِن هُنَا و هُنَا و ضَع هُنَا و قُل مُؤَلِّفُهُ أنَا !"

ولتعلم أخي الكريم :

1- النقولات من الغير غالباً ما تفتقر للموضوعية فهي لا تُعالج بالشكل الكافي الجزئية المتنازع فيها بين طرفي الحوار بل في الغالب قد تزيد في تشعّب
و تفرّع الموضوع.

2- من بركة القول أن يُنسب الى قائله كما ذكر أهل العلم ، قال الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله في كتابه [ المزهر في علوم اللغة وأنواعها ]:
شكر العلم عزوه إلى قائله
فصل ومن بركة العلم وشكره عزوه إلى قائله
قال الحافظ أبو طاهر السلفي : سمعت أبا الحسن الصيرفي يقول : سمعت أبا عبدالله الصوري يقول : قال لي عبد الغني بن سعيد : لما وصل كتابي إلى عبد الله الحاكم أجابني بالشكر عليه وذكر أنه أملاه على الناس وضمن كتابه إلي الاعتراف بالفائدة وأنه لا يذكرها إلا عني وأن أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثهم قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري قال : سمعت أبا عبيد يقول : من شكر العلم أن تستفيد الشئ فإذا ذكر لك قلت : خفي علي كذا وكذا ولم يكن لي به علم حتى أفادني فلان فيه كذا وكذا فهذا شكر العلم . انتهى
قلت - أي السيوطي - : ولهذا لا تراني أذكر في شئ من تصانيفي حرفا إلا معزوا إلى قائله من العلماء مبينا كتابه الذي ذكر فيه.
اهــــ تدبّره أخي فإنه جدّ نفيس.

ومع ذالك فتعقيباً على ما تنقله من غيرك دون عزو ! ، نقول :


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)

الجواب :
1- صاحب هذا الكلام محجوج بالأحاديث التي سبق بيانها
بل الاحاديث لا تدل على ما تذهب اليه اخي الكريم وتحقيق مفهومها الصحيح هو مناط المباحثة كما لا يخفى
و الحجة معه وما يزعمه المخالف مفتقر الى دليل خاص


هذا الكلام ينطبقُ أصلاً على مدّعي التحريم فهو من خصّص الحديث بحالة دون أخرى مع أنّ نص الحديث لا يحتمل ذالك كما سبق بيانه بما يُغني عن إعادته هنا، فعليه بالتدليل على هذا التخصيص و أنّى له ذالك.



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
واما من يستدل بالحديث الصحيح حديث مجالس الذكر بجواز قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ،الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده" ، ويقولون ان عبارة " يتلون " تدل على جواز ذلك، فاننا نرد عليهم بقولنا :
ان هذا الحديث حجة لمن يقول ببدعيتها وحجة على من يقول بسنيتها ، وذلك من وجهين اثنين :
الاول لغوي والثاني فقهي.
فاما المسالة اللغوية : فان النبي صلى الله عليه وسلم قال " يتلون كتاب الله ويتدارسونه " ، فهذه الواو واو عاطفة ،ومعلوم عند اهل اللغة ان الواو العاطفة تفيد التشريك في الحكم اي انها تشرك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم وقد تفيد ايضا التشريك في الكيفية اذا اقترنت بقرينة ،وبماأن القرينة لم تأتي في الحديث فيمكن أن نأخذها من الفعل الواقع بعد أداة العطف .
وفعل " يتدارسونه "معطوف على " يتلون " ، وبهذا يجوز لنا ان نقول : بما ان المدارسة لا تكون جماعية فالتلاوة لا تكون جماعية .


هب أننا سلّمنا لك هذا الإستدلال اللّغوي ! :

1- لا يزال المُسلمون قديماً و حديثاً في المشارق و المغارب يتدارسون علوم القرآن جماعة و بصوت واحد كقراءة المُتون و غيرها ، فمن قال من العقلاء أنّ المدارسة الجماعية لمتن الشاطبية في القراءات السبع يُعتبر بدعة ؟!!!

2- قد ذكرنا من قبل قول الإمام النووي - رحمه الله - في التبيان :
...وروى ابن أبي داود أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا ...اهــــ

فالإستدلال لا يقوم على ساق !

والسلام عليكم


القلم الكاتب 09-11-2007 01:47 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
ولله بدعة حسنة و انا مداوم عليها في المساجد

عبد الله ياسين 09-11-2007 06:36 PM

رد: وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
الاولى : " كل نص لم يرد عليه فهم السلف الصالح فالاستدلال به باطل "
وهذا الحديث قد قيل للصحابة قبلنا ، وهم اكملنا فهما للدين لانهم شاهدوا الوحي وكتبوه وعاصروا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا كله لم يقرؤوه جماعة .فهل نحن احسن هديا منهم ؟ وهل نحن احرص على تطبيق السنة منهم ؟والله ثم والله لو كان خيرا لسبقونا اليه .


هل تجد في فهم السلف رضوان الله عليهم من خصّص الحديث الدال على مشروعية الذكر الجماعي بحالة دون أخرى ؟!

فإن قُلت دليلنا عدم ثبوت ذالك عن السلف قلنا لك :

1 - قد أثبت الإمام الأئمة كالإمام النووي - رحمه الله - وغيره فعل ذالك عن جماعات من أفاضل السلف والخلف.

2 - لازم هذا المنطق أنّ
السلف رضوان الله عليهم فعلوا كلّ التطوّعات و المستحبات ، و عليه يتوجّب علينا ترك كلّ عملٍ مُستحب لم يأتنا دليل عليه من فعل السلف ! أي يحرم علينا مثلاً تسبيح الله أو الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلّم مائة ألف مرّة أو صيام عشرة أيام تطوّعاً لله أو ...إلخ ، إذ كلّ ذالك لا يوجد دليل تفصيلي من فعل السلف أو نص بعينه من الكتاب و السنة يدلّ عليه اللّهمّ إلاّ ما ثبت من نصوص عامة غيرُ مُقيّدة تحثُ عليه ، و معلوم بطلان هذه النتيجة حتى عند صغار الطلبة.

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
الثانية : " الاصل في العبادة التوقف حتى يثبث الدليل على الجواز "
وذلك لان الله تعالى يتقرب اليه عن علم لا عن جهل .

الثالثة : " كل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وانتفاء المانع فتركه سنة والعمل به بدعة "
فهذا العمل قد تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وهو العبادة والتقرب الى الله زلفى ، وانعدام ما يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ،

عجباً لهذا النفي بغير دليل ! مع أننا ذكرنا ما يلي :

1- قال الإمام النووي رحمه الله كما سبق ذكره : اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهرة فقد صح عن النبي ...اهــــ

2-
روى الإمام مسلم في صحيحه قال حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏ابْنُ جُرَيْجٍ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ ‏ ‏وَاللَّفْظُ لَهُ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنَا ‏ ‏عَبْدُ الرَّزَّاقِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏ابْنُ جُرَيْجٍ ‏ ‏أَخْبَرَنِي ‏ ‏عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا مَعْبَدٍ ‏ ‏مَوْلَى ‏ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏أَخْبَرَهُ أَنَّ ‏ ‏ابْنَ عَبَّاسٍ ‏ ‏أَخْبَرَهُ ‏ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَأَنَّهُ قَالَ قَالَ ‏ ‏ابْنُ عَبَّاسٍ ‏ ‏كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ.اهــــ

نُعيد طرح السؤال علّك تُجيب :

هل كانت أصواتهم ترتفع بالتكبير و التسبيح و الإستغفار بحيثُ تنتظم و تتّفق على صوت واحد فيتميّز التكبير من التسبيح من الإستغفار أم كانت أصواتهم رضون الله عليهم ترتفع من غير توافق بحيثُ يتداخل تسبيح هذا مع تكبير ذاك ؟!


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
الرابعة : "ربط أصل شرعي بكيفية غير شرعية يصبح بدعة "
فقراءة القرآن لا ننكر أنها أصل شرعي -حاشا لله - ولكن ننكر الكيفية جماعيا بصوت واحد .
إذن فقراءة القرآن بهذه الكيفية مخالفة وابتداع وتركها والتخلي عنها موافقة واتباع


كيف تكون الكيفية غير شرعية و هي ثابتة عن السلف كما قال الأئمة و النصوص تدلّ عليها فالتفريع على أصلٍ غير سليم يؤذي الى نتائج غير سليمة كما هو الحال مع صاحب الكلام.

ملحوظة :

1- طريقة النسخ و اللّصق
التي استعملها الأخ الكريم "algeroi"، جعلتنا نُعيد الكلام الذي سبق و كتبناه في المُشاركات أعلاه إذ من قرّأ مداخلته الأخيرة يتبيّن له أنّ الأخ المُعترض لم يُعلّق على ما أوردناه من أدلّة بل انتهج سياسة الهروب الى الأمام و راح يُفسّر الماء بعد جُهدٍ بالماء و لله في خلقه شؤون.

2- سنعلّق على بعض النقاط الأخرى لاحقاً ، أمّا مُعظم ما أورده الأخ
"algeroi" من إعتراضات غيره ! فتجد الجواب عليه في المُشاركات السابقة.

يتبع بإذن الله

والسلام عليكم

algeroi 10-11-2007 10:31 AM

اد ما عليك ولا عليك
 
يبدو ان الضربات القوية التي تلقاها الاخ الفاضل قد اسقطت قناع الحياء عن وجهه وجردته من مسوح الادب وهو معذور في ذالك فالصراخ على قدر الالم كما يقال
واحتراما لعقل القاريء وحفاظا على وقته نقول :

اد ما عليك ولا عليك

فمن حيث العلن يكفي ما تقدم فقد افقدت هاذه النقول المباركة عن جملة من الاعلام الذين هم منار الاسلام المخالف توازنه واخرجته مما ادعاه وصار الى مذهب اهل السباب اقرب

لا تحسـبنَّ الـعلمَ ينفعُ وحدَه * مـا لم يـتوَّج ربُّه بخــلاقِ
والعـلمُ إِن لم تكتنفهُ شـمائلٌ * تُـعْليهِ كان مطيةَ الإِخفـاقِ
كم عالـمٍ مدَّ العلومَ حبـائلاً * لوقـيعةٍ وقطيـعةِ وفــراقِ
وفقيـهِ قومٍ ظل يرصدُ فـقهُ * لمكـيدةٍ أو مُسْـتَحِلِّ طـلاقِ
وطبـيبِ قـومٍ قد أحلَّ لطبهِ * مـا لا تحلُّ شريعـةُ الخـلاقِ
وأديـبِ قومٍ تستحقُّ يميـنهُ * قطعَ الأناملِ أو لظى الإِحـراقِ

ومن حيث الادب فعلى نفسها تجني البراقش وعلى الجاني السلام
وانتهى بحمد الله الكلام

عبد الله ياسين 10-11-2007 01:37 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 78957)
يبدو ان الضربات القوية التي تلقاها الاخ الفاضل قد اسقطت قناع الحياء عن وجهه وجردته من مسوح الادب وهو معذور في ذالك فالصراخ على قدر الالم كما يقال

عفا الله عنك ، يا أخي لسنا في حلبة ملاكمة حتى تستعمل هذه الألفاظ التي لا تمتُّ لآداب الحوار البنّاء بأيّ صلّة.

من يقرأ كلامك هذا يحسبك قد انكشف عنك الحجاب واطّلعت على ما يدور في خبايا عباد الله !

فأنت سامحك الله تُسئ الظنّ بمن تُحاور و تُسقط عليه التُّهم ليس إلاّ أنّه نصحك - من باب الأمانة العلمية - أن تنسب المُشاركات التي تأتي بها من هُنا و هُناك ، لأربابها عوض أن تنسبها لنفسك ! فأين العيْب في هذا ؟! حقّاً افعل خيْراً تلقى شرّا ً !


قُلت :

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 78957)
واما من يستدل بالحديث الصحيح حديث مجالس الذكر بجواز قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ،الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه : "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده" ، ويقولون ان عبارة " يتلون " تدل على جواز ذلك، فاننا نرد عليهم بقولنا :
ان هذا الحديث حجة لمن يقول ببدعيتها وحجة على من يقول بسنيتها ، وذلك من وجهين اثنين :
الاول لغوي والثاني فقهي.
فاما المسالة اللغوية : فان النبي صلى الله عليه وسلم قال " يتلون كتاب الله ويتدارسونه " ، فهذه الواو واو عاطفة ،ومعلوم عند اهل اللغة ان الواو العاطفة تفيد التشريك في الحكم اي انها تشرك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم وقد تفيد ايضا التشريك في الكيفية اذا اقترنت بقرينة ،وبماأن القرينة لم تأتي في الحديث فيمكن أن نأخذها من الفعل الواقع بعد أداة العطف .
وفعل " يتدارسونه "معطوف على " يتلون " ، وبهذا يجوز لنا ان نقول : بما ان المدارسة لا تكون جماعية فالتلاوة لا تكون جماعية .
واما المسالة الفقهية : فاننا نرد عليهم باربع قواعد فقهية اجمع عليها العلماء سلفا وخلفا:

الاولى : " كل نص لم يرد عليه فهم السلف الصالح فالاستدلال به باطل "
وهذا الحديث قد قيل للصحابة قبلنا ، وهم اكملنا فهما للدين لانهم شاهدوا الوحي وكتبوه وعاصروا النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا كله لم يقرؤوه جماعة .فهل نحن احسن هديا منهم ؟ وهل نحن احرص على تطبيق السنة منهم ؟والله ثم والله لو كان خيرا لسبقونا اليه .

الثانية : " الاصل في العبادة التوقف حتى يثبث الدليل على الجواز "
وذلك لان الله تعالى يتقرب اليه عن علم لا عن جهل .


الثالثة : " كل ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وانتفاء المانع فتركه سنة والعمل به بدعة "
فهذا العمل قد تركه النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود الداعي وهو العبادة والتقرب الى الله زلفى ، وانعدام ما يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ،

الرابعة : "ربط أصل شرعي بكيفية غير شرعية يصبح بدعة "
فقراءة القرآن لا ننكر أنها أصل شرعي -حاشا لله - ولكن ننكر الكيفية جماعيا بصوت واحد .
إذن فقراءة القرآن بهذه الكيفية مخالفة وابتداع وتركها والتخلي عنها موافقة واتباع


و الرّسالة الأصلية التي نسختها كلّها دون عزوٍ ! مُتداولة على الشبكة و تجدها بعنوان :"الإقناع والقناعة لمن سأل عن حكم قراءة القرآن جماعة" !

ألا ترى أخي الكريم أنّه يحقّ لنا أن نسألك : أين الأمانة العلمية ؟!

ومن
واجبك نحونا أن تُجيب حتى تبرّر اتّهاماتك لنا و تعذر أمرك أمام الله يوم لا ينفع مالٌ و لا بنون ؟!


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 78957)
واحتراما لعقل القاريء وحفاظا على وقته نقول :
اد ما عليك ولا عليك

فمن حيث العلن يكفي ما تقدم فقد افقدت هاذه النقول المباركة عن جملة من الاعلام الذين هم منار الاسلام المخالف توازنه واخرجته مما ادعاه وصار الى مذهب اهل السباب اقرب
لا تحسـبنَّ الـعلمَ ينفعُ وحدَه * مـا لم يـتوَّج ربُّه بخــلاقِ
والعـلمُ إِن لم تكتنفهُ شـمائلٌ * تُـعْليهِ كان مطيةَ الإِخفـاقِ
كم عالـمٍ مدَّ العلومَ حبـائلاً * لوقـيعةٍ وقطيـعةِ وفــراقِ
وفقيـهِ قومٍ ظل يرصدُ فـقهُ * لمكـيدةٍ أو مُسْـتَحِلِّ طـلاقِ
وطبـيبِ قـومٍ قد أحلَّ لطبهِ * مـا لا تحلُّ شريعـةُ الخـلاقِ
وأديـبِ قومٍ تستحقُّ يميـنهُ * قطعَ الأناملِ أو لظى الإِحـراقِ

ومن حيث الادب فعلى نفسها تجني البراقش وعلى الجاني السلام
وانتهى بحمد الله الكلام

1- كلّ مُشاركات الفقير الى ربه موجودة أعلاه و ليس فيها شئ ممّا تنوّه اليه ولله الحمد و المنّة ، وليس لدي ما أقوله لك أخي الكريم إن كنت تعتبر بيان الحقائق و التناصح بين الأخوة أقرب الى مذهب أهل السباب مع أنّ نبي الرحمة أخبرنا أنّه :" لا خير في قوم لا يتناصحون بينهم " ؟!

2- إن كان في ما ادّعيته عليك شئ من الباطل فعليك بالمُقابلة و البيان عوض المُقاطعة و الكُتمان.

والسلام عليكم

algeroi 10-11-2007 03:22 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
كيف وانت ترمي اخاك بالخيانة واي جريمة بعد الشرك والكفر اكبر

اما النصيحة فالله اعلم بعبيده وما ضنك بمن يقضي وقته علما ومدارسة ومذاكرة وفقها اتراه لايقبل النصيحة ام تراه يقضي وقته في مثل ما مضى بيننا عبثا لا اضنني كذالك بل هاذا ابعد ما يكون عنك وعن امثالك اخي الفاضل بل هاذا ما دفعني الى التعليق على تعليقك

اما العزو فما اضنني نسبت شيئا لنفسي ومن هو هاذا ال algeroi
اليس اسما مستعارا لايدل على احد بل لايدل الا على ما يحمله صاحبه من حب ونصح ورغبة عارمة في نصح اخوانه

وما ضنك اخي الفاضل بساحة شائكة اضطربت فيها الافكار واختلطت فيها المفاهيم
واضحت فيها الاسماء حاجبا عن فهم الحقائق
ما ضنك اخي الفاضل بساحة اضحى فيها المسلم غريبا بل يتيما بين اقوام لئام حيث لاعلم ولا حلم ولا ادب
ما اضنني نسبت شيئا لنفسي اخي الفاظل وليكن ما احمله نقلا "فرب حامل فقه ليس بفقيه"

ارجو ان تعذرني ان قسوت عليك ولكن الله وحده يعلم القصد من ذالك وهو الهادي الى سواء السبيل والسلام عليكم

عبد الله ياسين 10-11-2007 03:44 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 79160)

كيف وانت ترمي اخاك بالخيانة واي جريمة بعد الشرك والكفر اكبر

هناك فرقٌ كبير بين أن أدعوك للتأصيل في النقل حفاظاً على الأمانة العلمية و بين أن أرميك بالخيانة ، فالأوّل كان و لا يزال مطلوباً و الثاني ليس له أثر في ما سبق.

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 79160)
اما النصيحة فالله اعلم بعبيده وما ضنك بمن يقضي وقته علما ومدارسة ومذاكرة وفقها اتراه لايقبل النصيحة ام تراه يقضي وقته في مثل ما مضى بيننا عبثا لا اضنني كذالك بل هاذا ابعد ما يكون عنك وعن امثالك اخي الفاضل بل هاذا ما دفعني الى التعليق على تعليقك

اما العزو فما اضنني نسبت شيئا لنفسي ومن هو هاذا ال algeroi
اليس اسما مستعارا لايدل على احد بل لايدل الا على ما يحمله صاحبه من حب ونصح ورغبة عارمة في نصح اخوانه

وما ضنك اخي الفاضل بساحة شائكة اضطربت فيها الافكار واختلطت فيها المفاهيم
واضحت فيها الاسماء حاجبا عن فهم الحقائق
ما ضنك اخي الفاضل بساحة اضحى فيها المسلم غريبا بل يتيما بين اقوام لئام حيث لاعلم ولا حلم ولا ادب
ما اضنني نسبت شيئا لنفسي اخي الفاظل وليكن ما احمله نقلا "فرب حامل فقه ليس بفقيه"

ارجو ان تعذرني ان قسوت عليك ولكن الله وحده يعلم القصد من ذالك وهو الهادي الى سواء السبيل والسلام عليكم

يا أخي حصل خير إن شاء الله و كان الغرض - و الله أعلم بالنّيات - التنبيه على مساوئ النقل من مصادرالله أعلم بصحتها و لا أخالُك نسيت قول سادتنا رحمهم الله : " إن كنت ناقلاً فالصّحة و إن كنت مدّعيًا فالدّليل ".

ثمّ إنّ الرّسالة المقصودة ، تحوي كلام و قواعد لا تثبت عند التمحيص ناهيك عن فقدانها للتأصيل ضف الى ذالك سوء التطبيق كدليله اللّغوي.

وقد سبق و أن أشرنا الى بعض ذالك ، وسيأتي المزيد و سيتبيّن لك مساوئ النسخ و اللّصق و التي غالبًا ما تفتقر للموضوعية كما ذكرنا من قبل.

هذا و الله أعلم

والسلام عليكم


عبد الله ياسين 10-11-2007 05:49 PM

رد: وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
ومن المعلوم في علم الأصول أنّ السُنّة هي أقواله و أفعاله و تقريراته صلى الله عليه و سلّم،
ليس هاذا هو موطن النزاع بل اصغر طويلب في الكتاب يعرف ذالك
ولكنّ المُعترض غفر الله له يريدُ أن يحصر هذا التعريف في أفعاله صلى الله عليه و سلّم فقط ،
وغفر لك فاين دليلك على ما تزعم الا ترى اخي الفاظل انك قولته ما لم يقله بل نسبة اليه مالم يرد في قوله اطلاقا


نعم هو لم يقله في بحثه و لا أخاله يقوله في غيره ، لكن هذه مخاطبة بلازم كلامه فافهم يرعاك الله.

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
فدلالة الحديث غير كافية عنده لدا تراه يطلبُ دليلاً من فعله صلى الله عليه و سلّم أو فعل السلف و كأنّ قوله صلّى الله عليه و سلّم غير معمول به إلاّ إذا كان مقروناً بفعله صلوات ربي و سلامه عليه ، لعمري ما فائدة أقواله - صلى الله عليه و سلّم - إذاً ؟!
كيف تقول ذالك اخي الكر يم فائدة أقواله - صلى الله عليه و سلّم - ان تفهم على وجهها الصحيح الوجه الذي اراده صلى الله عليه وسلم

ذاك البيت القصيد ، قد سبق و بيّنّا مفهوم الحديث عند جمهور أهل العلم و أنّهم رحمهم الله طبّقوه على قراءة الإدارة و كذالك الذكر الجماعي ، فمن أخبركم أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم أراد الحالة الأولى دون الأخرى ؟! ولا تقل لي لم يثبت فعل ذالك عن السلف ! فقد نقلنا لك من فعل السلف وإقرار الأئمة ما يروي الغليل و يشفي العليل.

هل لديكم جواب ؟

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
ثم ان لازم قولك اخي الفاظل -رغم اني لا الزمك به لانك ارفع عندي درجة من ذالك- تعارض اقواله وافعاله صلى الله عليه وسلم وهاذا القول ظاهر البطلان

هذا يلزُم من يطلبُ دليلاً من فعله و لا يكتفي بدلالة قوله صلى الله عليه و سلّم كما هو الحال عند المُخالف !

أما نحن فنتّبع ما فهمه جمهور أهل العلم من الحديث و اكتفينا بقوله صلى الله عليه و سلّم دون طلب دليل آخر من فعله أو فعل السلف و إن كان ذالك ثابت عنهم كما ذكر الأئمة رحمهم الله.

فمن يلزمه هذا القول برأيك ؟!

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
قال سيّدنا الإمام الشافعي رضي الله عنه كما تجده في [ الْأُمّ لِلشَّافِعِيِّ ] :
( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) : وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ حُضُورُ الْعِيدَيْنِ وَأُحِبُّ الْغُسْلَ بَعْدَ الْفَجْرِ لِلْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فَإِنْ تَرَكَ الْغُسْلَ تَارِكٌ أَجْزَأَهُ ( قَالَ ) وَأُحِبُّ إظْهَارَ التَّكْبِيرِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى فِي لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَلَيْلَةِ النَّحْرِ مُقِيمِينَ وَسَفَرًا فِي مَنَازِلِهِمْ وَمَسَاجِدِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ وَيَغْدُونَ إذَا صَلَّوْا الصُّبْحَ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ وَيُكَبِّرُونَ بَعْدَ الْغُدُوِّ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ إلَى الصَّلَاةِ وَقَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ حَتَّى يَفْتَتِحَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ ( قَالَ الْمُزَنِيّ ) : هَذَا أَقْيَسُ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ وَلَمْ يُحْرِمْ إمَامُهُ وَلَمْ يَخْطُبْ فَجَائِزٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ ء تَعَالَى ء فِي شَهْرِ رَمَضَانَ { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ } وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي بَكْرٍ يُكَبِّرُونَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ وَشَبَّهَ لَيْلَةَ النَّحْرِ بِهَا , إلَّا مَنْ كَانَ حَاجًّا فَذِكْرُهُ التَّلْبِيَةُ .اهــــ
ليس هاذا من مواطن النزاع بل هاذه حيدة اخي الكريم


1- ليست حيدة بل هي في صلب الموضوع ، أليس التكبير الجماعي في العيدين من جنس الذكر الجماعي ؟! ألم تشاهد في القنوات الفضائية الذكر جماعي ( تكبير و تسبيح و صلاة على النبي صلى الله عليه و سلّم ) و بصوت واحد داخل الحرم المكي في أيام التشريق ، هل يوجد بدع داخل الحرم ؟!

2- لو قرأت فتاوى المُخالف ، لوجدته يقول ببدعية التكبير الجماعي في العيدين لأنّه يراه من قبيل الذكر الجماعي ، فما بالك تفرّق بين الحالتين من غير فارق مع أنّ من تعتمد عليهم لا يرون ذالك
؟!

ومن فرّق بين المُتماثلات في حال *** فقد جاء بأمحل المُحال

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
هل كان كلّ واحد منهم يجهر بالتكبير منفرداً بحيثُ تعمُّ الفوضى في المسجد أم كان تكبيرهم رضوان الله عليهم بصوت واحد ؟!
فإن قُلت ذاك خاص بالعيد قُلنا لك : وهل تنقلبُ البدعة التي هي شرّ الأمور إلى سنّة في أيام العيد ؟!
نعم تنقلب فاي مخالفة لهدي النبي صلى اله عليه وسلم كما او كيفا تعد من هاذا لقبيل وماقولك اخي الفاظل في ابطال الركعة الزائدة عن الحد المشروع للفريضة او بطلان الحج الذي هو من ابر الاعمال اذا كان الى غير مكة ما اظنك اخي الكريم ستقول


أنت تُخلط بين العبادة التي حدّدها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم كمّاً و كيْفاً و بين ما أطلقه صلوات ربي و سلامه عليه.


1- أما تمثيلك بزيادة ركعة في الصلاة أو تغيير شعائر الحج فهو من قبيل الأوّل ، بالنسبة للصلاة فقد قال الحبيب صلوات ربي و سلامه عليه : " صلّوا كما رأيتموني أصلّي " وعليه فهي من العبادة المُحدّدة و كذالك في الحج قال سيّدي وقرّة عيني محمّد صلى الله عليه و سلّم :" خذوا عنّي مناسككم " وقال أيضًا : " الحجّ عرفة " وقال ربنا في تحديد وقت الحجّ [ سورة البقرة : 197
] : الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ

2- ومن قبيل الثاني الذكر المُطلق ، فمن المعلوم أنّ عبادة قراءة القرآن لم يُحدّد أوقاتها و لا كيفياتها الشارع الحكيم ولذالك قال ربُنا [
سورة آل عمران : 191 ]: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وقال أيضًا [ سورة الأحزاب ] : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)

ولو كان فهمكم صحيحًا للزمكم :

1- أن لا تقرأوا القرآن إلاّ عند المواطن التي ثبت وقرأ فيها رسول الله صلى الله عليه و سلّم !

2- أن لا تزيدوا و لا تُنقصوا من مقدار التلاوة في صلاة التهجّد و غيرها على القدر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم !

3- تبديع الإستفتاح بكلام الله عند انعقاد المؤتمرات و الملتقيات و التجمّعات فهي الأخرى ليست من فعل السلف !

الى غير ذالك من الإلزامات التي تدلّ على ضعف هذا الفهم.

فكلّ من قيّد عبادة أطلقها الشارع الحكيم أو أطلق عبادة قيّدها الدين القويم من غير دليل شرعي سليم ، فقد جانب الصّواب و أتى بالعُجاب.

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
وهل تنقلبُ البدعة التي هي شرّ الأمور إلى سنّة في أيام العيد ؟!
نعم اخي الفاظل هاذه هي السنة ونحن في انتظار دليل المخالف من عمل الصحابة رظوان الله عليهم ولا دليل فالقاعدة ان يبقى الامر على اصله وهو الحظر


أمّا هذه فممّا تُضحك الثكلى ! ، كيف تقول ذالك و ربُنا يقول في كتابه [ سورة الأعراف : 157 ] : وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ فكلّ حرام فهو من جنس الخبيث و كلّ حلال فهو من جنس الطّيب ، فأيّ دينٍ هذا الذي يأمُرك أن تعبد الله في أيّام العيد بالأمور التي يقول عنها أنّها شرّ الأمور من جنس الخبائث ؟!!!

هذا و الله أعلم و للحديث بقية


عبد الله ياسين 13-11-2007 02:56 PM

رد: وقفة مع ملاحظات الفاظل ياسين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 76900)
يقول العلامة الشنقيطي (أن عامة النظر في المصلحة المرسلة إنما هو فيما عقل معناه ، فلا تقع المصالح المرسلة في العبادات التي لا يعقل معناها ، ذلك لأن مبناها على التوقف وعدم الالتفات إلى المعاني وإن ظهرت لبادي الرأي وقوفاً مع ما فهم من مقصود الشارع فيها من التسليم على ما هي عليه ، بخلاف العبادات التي يعقل معناها ، وكذا العادات والمعاملات فإنها جارية على المعنى المناسب الظاهر للعقول ، يضاف إلى ذلك أن العبادات التي لا يعقل معناها حق خاص للشارع ، ولا يمكن معرفة حقه كماً ولا كيفاً وزماناً ومكاناً وهيئة إلا من جهته ، فيأتي به العبد على ما رسم له ، ولهذا لم يوكل هذا النوع من العبادات إلى آراء العباد ، فلم يبق إلا الوقوف عند ما حده ، بينما تهدى العقول البشرية في الجملة إلى معرفة حكم وعلل ومعاني ما سوى ذلك ، ولذلك جاز دخول المصالح في هذا دون ذاك .ا.هـ
وعليه فإن المصالح المرسلة لا تدخل في العبادات التي لا يعقل معناها إلا من جهة الوسائل ، وفرق بين الوسائل والعبادات فالوسائل مطلوبة لغيرها ، أما العبادات فمطلوبة لذاتها . ومن ذلك جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه )
و نص على ذلك ابن تيمية رحمه الله فقال : والضابط في هذا – والله أعلم – أن يقال إن الناس لا يحدثون شيئاً إلا لأنهم يرونه مصلحة ، إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه ، فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه الناس مصلحة نظر في السبب المحوج إليه ، فإن كان السبب المحوج إليه أمراً حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا فهنا قد يجوز إحداث ما تدعوا لحاجة إليه ، وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته .
وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه ، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد ، فهنا لا يجوز الإحداث ، فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجوداً لو كان مصلحة ولم يفعل ، يعلم أنه ليس بمصلحة . وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخلق فقد يكون مصلحة …
فما كان المقتضي لفعله موجوداً لو كان مصلحة . وهو مع هذا لم يشرعه ، فوضعه تغيير لدين الله ، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدين . من الملوك والعلماء والعباد ، أو من زل منهم باجتهاد
وقال الشاطبي رحمه الله :
سكوت الشارع عن الحكم على ضربين :
أحدهما : أن يسكت عنه لأنه لا داعية له تقتضيه ، ولا موجب يقدر لأجله ، كالنوازل التي حدثت بعد ذلك ، فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تقرر في كلياتها ، وما أحدثه بعد السلف الصالح راجع إلى هذا القسم ، كجمع المصاحف وتدوين العلم وتضمين الصناع ، وما أشبه ذلك مما لم يجر له ذكر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تكن من نوازل زمانه ولا عرض للعمل بها موجب يقتضيها ، فهذا القسم جارية فروعه على أصوله المقررة شرعاً بلا إشكال ، فالقصد الشرعي فيها معروف …
والثاني : أن يسكت عنه وموجبه المقتضي له قائم ، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمان ، فهذا الضرب السكوت فيه كالنص على أن قصد الشارع أن لا يزاد فيه ولا ينقص ، لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجوداً ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه ، كان ذلك صريحاً في أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة ، ومخالفة لما قصده الشارع ، إذ فهم من قصده الوقوف عندما هنالك ، لا زيادة عليه ولا نقصان منه .


هذا الكلام لا يلزمنا من وجهين :

1 - فهم الجمهور للأحاديث الدالة على الذكر الجماعي تدعمه قواعد و أصول فهم النصوص
الشرعية.

2 - ثبوت
الذكر الجماعي عند السلف كما ذكر أئمتنا رحمهم الله


أمّا في ما يتعلّق بتركه صلى الله عليه و سلم فقد قال
العلّامة المُفسّر الآلوسي رحمه الله عند تفسيره لقول الله عزّ و جل [ سورة الحشر : 7 ] : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ، أقول قال رحمه الله كما تجده في [ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ] :
واستنبط من الآية أن وجوب الترك يتوقف على تحقق النهي ولا يكفي فيه عدم الأمر فما لم يتعرض له أمراً ولا نهياً لا يجب تركه.
اهــــــ

وعليه فالترك وحده يدلّ على جواز الترك فقط أمّا وجوب الترك - كما يُريد المُخالف أن يستدلّ به في مسألتنا - فهو متوقف على تحقق النهي.

قال الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري الحسني رحمه الله تعالى في رسالته [ حُسن التفهّم و الدرك لمسألة الترك ] :

الأدّلة التي احتج ﺑﻬا أئمّة المسلمين جميعًا هي :

الكتاب والسنّة - لا خلاف بينهم في ذالك - و إنّما اختلفوا في الإجماع والقياس.

فالجمهور احتج ﺑﻬما وهو الراجح لوجوه مقرّرة في علم الأصول.

وتوجد أدّلة مختلف فيها بين الأئمّة الأربعة وهي الحديث المرسل وقول الصحابي ، وشرع من قبلنا ، والاستصحاب ، والاستحسان وعمل أهل المدينة والكلام عليها مبسوط في كتاب الاستدلال من جمع الجوامع للسبكي.

ماهو الحكم الشرعي ؟

الحكم هو خطاب الله المتعّلق بفعل المكّلف، و أنواعه خمسة :
١- الواجب أو الفرض : و هو مايثاب فاعله ويعاقب تاركه مثل الصّلاة والزكاة وصوم رمضان وبر الوالدين.

٢- الحرام : و هو ما يعاقب فاعله ويثاب تاركه ،مثل الربا والزنا و العقوق والخمر.

٣- المندوب : و هو مايثاب فاعله ولا يعاقب تاركه،مثل نوافل الصّلاة.

٤- المكروه : و هو مايثاب تاركه ولا عقاب على فاعله،مثل صلاة النافلة بعد صلاة الصبح أو العصر.

٥-المباح أو الحلال : و هو ماليس في فعله ولا تركه ثواب ولا عقاب مثل أكل الطيّبات والتجارة.

فهذه أنواع الحكم التي يدور عليها الفقه الإسلامي،و لا يجوز ﻟﻤﺠتهد صحابيًا كان أو غيره أن يصدر حكمًا من هذه الأحكام إلا بدليل من الأدّلة السّابقة،و هذا معلوم من الدين بالضرورة لا يحتاج إلى بيان.

ما هو الترك ؟

نقصد بالترك الذي أّلفنا هذه الرسالة لبيانه :

أن يترك النبي صّلى الله عليه وآله وسّلم شيئًا لم يفعله أو يتركه السّلف الصالح من غير أن يأتي حديث أو أثر بالنّهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو كراهته.

و قد أكثر الاستدلال به كثير من المتأخرين على تحريم أشياء أو ذمّها ،وأفرط في استعماله بعض المتنطّعين المتزمّتين و رأيت ابن تيمية استدل به واعتمده في مواضع سيأتي الكلام على بعضها بحول الله.

أنواع الترك :
إذا ترك النبي صّلى الله عليه وآله وسّلم شيئًا فيحتمل وجوهًا غير التحريم :

١-
أن يكون تركه عادة :
قدّم إليه صّلى الله عليه وآله وسّلم ضب مشوي فمد يده الشريفة ليأكل منه فقيل:إنّه ضب،فأمسك عنه ،فسئل: أحرام هو ؟ فقال : لا ولكنّه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه!...والحديث في الصّحيحين وهو يدل على أمرين :

أحدهما : أن تركه للشيء ولو بعد الإقبال عليه لا يدل على تحريمه.

و الآخر : أن استقذار الشيء لا يدل على تحريمه أيضًا.

٢- أن يكون تركه نسيانًا :
سها صّلى الله عليه وآله وسّلم في الصّلاة فترك منها شيئًا
فسئل :هل حدث في الصّلاة شيء ؟ فقال : (إنّما أنا بشر أنسى كما تنسون ،فإذا نسيت فذ ّ كروني).

٣- أن يكون تركه مخافة أن يفرض على أمته :
كتركه صلاة التراويح حين اجتمع الصّحابة ليصّلوها معه.

٤- أن يكون تركه لعدم تفكيره فيه،و لم يخطر على باله :
كان النبي صّلى الله عليه وآله
وسّلم يخطب الجمعة إلى جذع نخلة ولم يفكر في عمل كرسي يقوم عليه ساعة الخطبة،فلمّا اقترح عليه عمل منبر يخطب عليه وافق وأقره لأنّه أبلغ في الإسماع.
واقترح الصحابة أن يبنوا له د ّكة من طين يجلس عليها ليعرفه الوافد الغريب،فوافقهم ولم يفكر فيها من قبل نفسه.

٥- أن يكون تركه لدخوله في عموم آيات أو أحاديث : كتركه صلاة الضحى وكثيرًا من المندوبات لأنّها مشمولة لقول الله تعالى((وافعلوا الخير لعّلكم تفلحون)) وأمثال ذلك كثيرة.

٦-أن يكون تركه خشية تغيّر قلوب الصحابة أو بعضهم : قال رسول الله صّلى الله
عليه وآله وسّلم لعائشة: ( لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السّلام فإن قريشًا استقصرت بناءه). و هو في الصحيحين.

فترك صّلى الله عليه وآله وسّلم نقض البيت وإعادة بنائه حفظًا لقلوب أصحابه القريبي العهد بالإسلام من أهل مكة...و يحتمل تركه صّلى الله عليه وآله وسّلم وجوهًا أخرى تعلم من تتبع كتب السنّة،ولم يأت في حديث ولا أثر تصريح بأن النبي صّلى الله عليه وآله وسّلم إذا ترك شيئًا كان حرامًا أو مكروهًا.

الترك لا يدل على التحريم:

قررت في كتاب (الرد المحكم المتين) أن ترك الشيء لا يدل على تحريمه،وهذا نص ماذكرته هناك:
والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجّة في ذلك بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع،وإمّا أن ذلك الفعل المتروك يكون محظورًا فهذا لا يستفاد من الترك وحده،وإنما يستفاد من دليل يدل عليه.

ثمّ وجدت الإمام أباسعيد بن لب ذكر هذه القاعدة أيضًا؛فإنه قال في الرد على من كره الدعاء عقب الصلاة :
غاية ما يستند إليه منكر الدعاء عقب الصّلوات أن التزامه على ذلك الوجه لم يكن من عمل السّلف،وعلى تقدير صحة هذا النقل ، فالترك ليس بموجب لحكم في ذلك المتروك إلا جواز الترك وانتفاء الحرج فيه،وأمّا تحريم أو لصوق كراهية بالمتروك فلا،ولا سيما فيما له أصل جملي متقرر من الشرع كالدعاء.

و في المحلى (ج ٢ص ٢٥٤ ) ذكر ابن حزم احتجاج المالكيّة والحنفيّة على كراهية صلاة ركعتين قبل المغرب بقول إبراهيم النخعي أن أبا بكر وعمر وعثمان كانوا لا يصلوﻧﻬما ورد عليهم بقوله :
لو صح لما كانت فيه حجة،لأنه ليس فيه أﻧﻬم رضي الله عنهم ﻧﻬوا عنهما.

قال
أيضًا : وذكروا عن ابن عمر أنّه قال : ما رأيت أحدًا يصّليهما.و رد عليه بقوله :و أيضًا فليس في هذا لو صح نهي عنهما ، ونحن لا ننكر ترك التطوع ما لم ينه عنه.

وقال أيضًا في المحّلى (ج ٢ص ٢٧١ )في الكلام على ركعتين بعد العصر: وأما حديث علي ،فلا حجة فيه أصلاً، لأنّه ليس فيه إلا إخباره بما علم من أنه لم يرَ رسول الله صّلى الله عليه وآله وسّلم ،صلاهما ،و ليس في هذا نهي عنهما ولا كراهة لهما، ، فما صام عليه السلام قط شهراً كاملاً غير رمضان وليس هذا بموجب كراهية صوم شهر كامل تطوعاً.أهـ
ـــــ

فهذه نصوص صريحة في أن الترك لا يفيد كراهة فضلاً عن الحرمة.

وقد أنكر بعض المتنطعين هذه القاعدة ونفى أن تكون من علم الأصول فدل بإنكاره على جهل عريض ،وعقل مريض.

وهاأناذا أبين أدلتها في الوجوه التالية :

أحدها؛ إن الذي يدل على التحريم ثلاثة أشياء:

١- النهي ، نحو (ولا تقربوا الزنا)، (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).
٢- لفظ التحريم
، نحو (حرمت عليكم الميتة).
٣- ذم الفعل أو التوعد عليه بالعقاب
، نحو (من غش فليس منا).

والترك ليس واحدًا من هذه الثلاثة ،فلا يقتضي التحريم.

ثانيها : إن الله تعالى قال : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وماﻧﻬاكم عنه فانتهوا ) ولم يقل : وماتركه فانتهوا عنه،فالترك لا يفيد التحريم.

ثالثها : قال النبي،صّلى الله عليه وآله وسّلم: ( ما أمرتكم به فائتوا منه مااستطعتم وما ﻧﻬيتكم عنه فاجتنبوه) و لم يقل : وما تركته فاجتنبوه فكيف دل الترك على التحريم ؟

رابعها : أن الأصوليين عرفوا السنّة بأﻧﻬا قول النبي صلى الله عليه وآله وسّلم وفعله وتقريره ولم يقولوا و تركه،لأنه ليس بدليل.

خامسها :تقدم أن الحكم خطاب الله ،وذكر الأصوليون :أن الذي يدل عليه قرآن أو سنة أو إجماع أوقياس ،والترك ليس واحدًا منها فلايكون دليلاً .

سادسها : تقدم أن الترك يحتمل أنواعًا غير التحريم ،والقاعدة الأصولية أن ما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال بل سبق أيضًا أنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،إذا ترك شيئًا كان حرامًا وهذا وحده كاف في بطلان الاستدلال به.

سابعها :أن الترك ظل كأنه عدم فعل،والعدم هو الأصل والفعل طارىء والأصل لا يدل على شيء لغة ولا شرعًا،فلا يقتضي الترك تحريمًا.
اهــــــ

الى أن قال رحمه الله :

حديث صحيح لا يرد قولنا :

قال البخاري في صحيحه: (باب الاقتداء بأفعال النبي
صلى الله عليه وآله وسّلم )
وروى فيه عن ابن عمر قال : اتَّخَذَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ .
فَقَالَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "‏إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ " فَنَبَذَهُ و َقَالَ : " إِنِّي لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا " فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ

قال الحافظ: اقتصر على هذا المثال لاشتماله على تأسيهم به في الفعل والترك.

قلت :في تعبيره بالترك تجوّز،لأن النبذ فعل،فهم تأسّوا به في الفعل ،والترك ناشىء عنه.

وكذلك لما خلع نعله في الصلاة ، و خلع الناس نعالهم،تأسوا به في خلع النعل ،وهو فعل نتيجته الترك.

وليس هذا هو محل بحثنا كما هو ظاهر.

و أيضًا فإننا لا ننكر اتباعه صلى الله عليه وآله وسلم في كل ما يصدر عنه،بل نرى فيه الفوز والسعادة لكن مالم يفعله كالاحتفال بالمولد النبوي وليلة المعراج.لا نقول إنه حرام،لأنه افتراء على الله،إذ الترك لا يقتضي التحريم.

و كذلك ترك السلف لشيء - أي عدم فعلهم له - لا يدل على أنه محظور،قال الإمام الشافعي :
( كل ماله مستند من الشرع فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف) لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت،أو لما هو أفضل منه أو لعله لم يبلغ جميعهم علم به.

ماذا يقتضي الترك ؟

بيّنا فيما سبق أن الترك لا يقتضي تحريمًا وإنما يقتضي جواز المتروك،ولهذا المعنى أورده العلماء في كتب الحديث،فروى أبو داوود والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال: ( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار ).

أوردوه تحت ترجمة :"ترك الوضوء مما مست النار" والاستدلال به في هذا المعنى واضح ،لأنه لو كان الوضوء مما طبخ بالنار واجبًا ماتركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحديث تركه دل على أنه غير واجب.قال الإمام أبوعبد الله التلمساني في مفتاح الوصول :

( ويلحق بالفعل في الدلالة،الترك،فإنه كما يستدل بفعله صلى الله عليه وآله وسلم على عدم التحريم يستدل بتركه على عدم الوجوب.وهذا كاحتجاج أصحابنا على عدم وجوب الوضوء مما مست النار به)، روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضّأ،
و كاحتجاجهم على أن الحجامة لا تنقض الوضوء،بما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم احتجم ولم يتوضّأ و صّلى (انظر مفتاح الوصول ص ٩٣ طبعة مكتبة الخانجي) ومن هنا نشأت القاعدة الأصوليّة : جائز الترك ليس بواجب.

إزالة اشتباه :

قسم العلماء ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشيء ما ،على نوعين :

نوع لم يوجد ما يقتضيه في عهده ثم حدث له مقتضى بعده صّلى الله عليه وآله وسلم فهذا جائز على الأصل.

وقسم تركه النبي صّلى الله عليه وآله وسلم مع وجود المقتضى لفعله في عهده، وهذا الترك يقتضي منع المتروك،لأنه لو كان فيه مصلحة شرعيّة لفعله النبي صّلى الله عليه وآله وسلم،فحيث لم يفعله دل على أنه لا يجوز.

ومثل ابن تيمية لذلك بالأذان لصلاة العيدين الذي أحدثه بعض الأمراء وقال في تقريره :فمثل هذا الفعل تركه النبي صّلى الله عليه وآله وسلم مع وجود ما يعتقد مقتضيًا له مما يمكن أن يستدل به من ابتدعه،لكونه ذكرًا لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله وبالقياس على أذان الجمعة.

فلما أمر الرسول صّلى الله عليه وآله وسلم بالأذان للجمعة،وصّلى العيدين بلا أذان ولا إقامة،دل تركه على أن ترك الأذان هو السنّة، فليس لأحد أن يزيد في ذلك....الخ كلامه.

و ذهب إلى هذا أيضًا الشاطبي و ابن حجر الهيتمي وغيرهما،وقد اشتبهت عليهم هذه المسألة بمسألة السكوت في مقام البيان . صحيح أن الأذان في العيدين بدعة غير مشروعة،لا لأن النبي صّلى الله عليه وآله وسلم تركه ولكن لأنه صّلى الله عليه وآله وسلم بيّن في الحديث ما يعمل في العيدين ولم يذكر الأذان فدل سكوته على أنه غير مشروع.

والقاعدة : أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر. و إلى هذه القاعدة تشير الأحاديث التي ﻧﻬت عن السؤال ساعة البيان.

روى البزار عن ابي الدرداء قال:قال رسول الله صّلى الله عليه وآله وسلم : ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئًا ثم تلا (وما كان ربك نسيًّا) قال البزار :إسناده صالح ،وصححه الحاكم.

وروى الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني عن رسول الله صّلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ،وحد حدودًا فلا تعتدوها وحرّم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها.

في هذين الحديثين إشارة واضحة إلى القاعدة المذكورة وهي غير الترك الذي هو محل بحثنا في هذه الرسالة، فخلط إحداهما بالأخرى مما لا ينبغي.
اهــــــ

والله أعلم بالصواب

يتبع بإذن الله


algeroi 13-11-2007 04:23 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
تقرير الشاطبي الامام في الرد على ماتعلق به المخالف من اوهام

يقول رحمة الله عليه في معرض حديثه عن ماخذ اهل البدع في الاستدلال-وانت عندي اعز من ذالك اخي الفاضل- من الاعتصام ما نصه

4ــ انحرافهم عن الأصول الواضحة إلى اتباع المتشابهات: التي للعقول فيها مواقف، وقد علم العلماء أن كل دليل فيه اشتباه وإشكال ليس بدليل في الحقيقة، حتى يتبين معناه ويظهر المراد منه، لأن حقيقة الدليل أن يكون ظاهراً في نفسه، ودالاً على غيره، وإلا، احتيج إلى دليل، فإن دل الدليل على عدم صحته فأحرى أن لا يكون دليلاً.

ومدار الغلط في هذا إنما هو: الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها، وعامّها المرتب على خاصّها؛ ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر ببيّنها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها.

من ذالك الادلة المحتملة التي استدل بها الاخ الكريم كحديث ابي هريرة رضي الله عنه في البخاري او كفهمه لما ينقله عن بعض الائمة الذين يخالفون مذهبه-لااقصد مذهب السادة المالكية-في فقه هاذه الاحاديث

ويقول
5ــ تحريف الأدلة عن مواضعها: بأن يرِد الدليل على مناط فيصرف عن ذلك المناط إلى أمر آخر موهماً أن المناطين واحد، وهو من خفيات تحريف الكلم عن مواضعه والعياذ بالله، ويغلب على الظن أن من أقر بالإسلام، ويذم تحريف الكلم عن مواضعه، لا يلجأُ إليه صراحاً إلا مع اشتباهٍ يعرض له، أو جهل يصده عن الحق، مع هوى يعميه عن أخذ الدليل مأخذه، فيكون بذلك السبب مبتدعاً.

وبيان ذلك أن الدليل الشرعي إذا اقتضى أمراً في الجملة مما يتعلق بالعبادات ـ مثلاً ـ فأتى به المكلف في الجملة أيضاً، كذكر اللّه والدعاء والنوافل المسبحات وما أشبهها مما يعلم من الشارع فيها التوسعة. كان الدليل عاضداً لعلمه من جهتين: من جهة معناه، ومن جهة عمل السلف الصالح به، فإن أتى المكلف في ذلك الأمر بكيفية مخصوصة، أو زمان مخصوص، أو مكان مخصوص، أو مقارناً لعبادة مخصوصة، والتزم ذلك بحيث صار متخيلاً أن الكيفية، أو الزمان، أو المكان، مقصود شرعاً من غير أن يدل الدليل عليه، كان الدليل بمعزل عن ذلك المعنى المستدل عليه.
فإذا ندب الشرع مثلاً إلى ذكر الله فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وبصوت أو في وقت معلوم مخصوص عن سائر الأوقات ـ لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص الملتزم، بل فيه ما يدل على خلافه، لأن التزام الأُمور غير اللازمة شرعاً شأنها أن تفهم التشريع، وخصوصاً مع من يقتدي به في مجامع الناس كالمساجد.
فكل من خالف هذا الأصل فقد خالف إطلاق الدليل أولاً، لأنه قيد فيه بالرأي، وخالف من كان أعرف منه بالشريعة وهم السلف الصالح رضي الله عنهم، بل كان رسول الله ( يترك العمل وهو يحب أن يعمل به خوفاً أن يعمل به الناس فيفرض عليهم، ألا ترى أن كل ما أظهره رسول الله ( وواظب عليه في جماعة إذا لم يكن فرضاً فهو سنة عند العلماء، كصلاة العيدين والاستقساء والكسوف ونحو ذلك؟ بخلاف قيام الليل وسائر النوافل، فإنها مستحبات، وندب ( إلى إخفائها، وإنما يضر إذا كانت تشاع ويعلن بها.
ومن أمثلة هذا الأصل التزام الدعاءُ بعد الصلوات بالهيئة الاجتماعية معلناً بها في الجماعات. وسيأتي بسط ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.

ولا اضن ان الثكلى ستظحك بعد هاذا التقرير من الامام الشاطبي رحمه الله

اما بالنسبة لقولك

هذا الكلام لا يلزمنا من وجهين :
1 - فهم الجمهور للأحاديث الدالة على الذكر الجماعي تدعمه قواعد و أصول فهم النصوص الشرعية.
2 - ثبوت الذكر الجماعي عند السلف كما ذكر أئمتنا رحمهم الله

فهاذه دعوى عريضة وماقررناه سابقا عن جملة طيبة من العلماء الاعلام من امثال
1-إمام دار الهجرة الجبل الحبر البحر مالك بن أنس – رحمه الله- .
2-الإمام أبو بكر الطرطوشي محمد بن الوليد الفهري الأندلسي المالكي المتوفى سنة 520هـ.
3-العلامة أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي المتوفى سنة 914 هـ .
4-الشيخ ضياء الدين أبو المودة خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المالكي المعروف بالجندي المتوفى سنة 767 هـ.
5-إمام المذهب محمد بن سحنون (المتوفى سنة256هـ) .
6-الإمام الأصولي أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة 790 هـ .
7– الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المشهور بابن الحاج
.


لكفيلة بان تدفع اي ايهام حول ما قررناه او لنقل نقلناه وهو القول المخرج على قواعد اهل العلم في التفريق بين ماهو من هديه صلى الله عليه وسلم وبين ماهو محدث

فاذا كان ذالك كذالك فلا ندري ما مغزى قول الاخ الفاضل


ثبوت الذكر الجماعي عند السلف كما ذكر أئمتنا رحمهم الله

اما ما قرره اليوم نقلا عن الشيخ الغماري رحمه الله وعفا عنه فلنا معه وقفات فيما ياتي واله من وراء القصد والسلام عليكم

algeroi 13-11-2007 04:24 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
تقرير الشاطبي الامام في الرد على ماتعلق به المخالف من اوهام

يقول رحمة الله عليه في معرض حديثه عن ماخذ اهل البدع في الاستدلال-وانت عندي اعز من ذالك اخي الفاضل- من الاعتصام ما نصه

4ــ انحرافهم عن الأصول الواضحة إلى اتباع المتشابهات: التي للعقول فيها مواقف، وقد علم العلماء أن كل دليل فيه اشتباه وإشكال ليس بدليل في الحقيقة، حتى يتبين معناه ويظهر المراد منه، لأن حقيقة الدليل أن يكون ظاهراً في نفسه، ودالاً على غيره، وإلا، احتيج إلى دليل، فإن دل الدليل على عدم صحته فأحرى أن لا يكون دليلاً.

ومدار الغلط في هذا إنما هو: الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها، وعامّها المرتب على خاصّها؛ ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر ببيّنها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها.

من ذالك الادلة المحتملة التي استدل بها الاخ الكريم كحديث ابي هريرة رضي الله عنه في البخاري او كفهمه لما ينقله عن بعض الائمة الذين يخالفون مذهبه-لااقصد مذهب السادة المالكية-في فقه هاذه الاحاديث

ويقول
5ــ تحريف الأدلة عن مواضعها: بأن يرِد الدليل على مناط فيصرف عن ذلك المناط إلى أمر آخر موهماً أن المناطين واحد، وهو من خفيات تحريف الكلم عن مواضعه والعياذ بالله، ويغلب على الظن أن من أقر بالإسلام، ويذم تحريف الكلم عن مواضعه، لا يلجأُ إليه صراحاً إلا مع اشتباهٍ يعرض له، أو جهل يصده عن الحق، مع هوى يعميه عن أخذ الدليل مأخذه، فيكون بذلك السبب مبتدعاً.

وبيان ذلك أن الدليل الشرعي إذا اقتضى أمراً في الجملة مما يتعلق بالعبادات ـ مثلاً ـ فأتى به المكلف في الجملة أيضاً، كذكر اللّه والدعاء والنوافل المسبحات وما أشبهها مما يعلم من الشارع فيها التوسعة. كان الدليل عاضداً لعلمه من جهتين: من جهة معناه، ومن جهة عمل السلف الصالح به، فإن أتى المكلف في ذلك الأمر بكيفية مخصوصة، أو زمان مخصوص، أو مكان مخصوص، أو مقارناً لعبادة مخصوصة، والتزم ذلك بحيث صار متخيلاً أن الكيفية، أو الزمان، أو المكان، مقصود شرعاً من غير أن يدل الدليل عليه، كان الدليل بمعزل عن ذلك المعنى المستدل عليه.
فإذا ندب الشرع مثلاً إلى ذكر الله فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وبصوت أو في وقت معلوم مخصوص عن سائر الأوقات ـ لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص الملتزم، بل فيه ما يدل على خلافه، لأن التزام الأُمور غير اللازمة شرعاً شأنها أن تفهم التشريع، وخصوصاً مع من يقتدي به في مجامع الناس كالمساجد.
فكل من خالف هذا الأصل فقد خالف إطلاق الدليل أولاً، لأنه قيد فيه بالرأي، وخالف من كان أعرف منه بالشريعة وهم السلف الصالح رضي الله عنهم، بل كان رسول الله ( يترك العمل وهو يحب أن يعمل به خوفاً أن يعمل به الناس فيفرض عليهم، ألا ترى أن كل ما أظهره رسول الله ( وواظب عليه في جماعة إذا لم يكن فرضاً فهو سنة عند العلماء، كصلاة العيدين والاستقساء والكسوف ونحو ذلك؟ بخلاف قيام الليل وسائر النوافل، فإنها مستحبات، وندب ( إلى إخفائها، وإنما يضر إذا كانت تشاع ويعلن بها.
ومن أمثلة هذا الأصل التزام الدعاءُ بعد الصلوات بالهيئة الاجتماعية معلناً بها في الجماعات. وسيأتي بسط ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.

ولا اضن ان الثكلى ستظحك بعد هاذا التقرير من الامام الشاطبي رحمه الله

اما بالنسبة لقولك

هذا الكلام لا يلزمنا من وجهين :
1 - فهم الجمهور للأحاديث الدالة على الذكر الجماعي تدعمه قواعد و أصول فهم النصوص الشرعية.
2 - ثبوت الذكر الجماعي عند السلف كما ذكر أئمتنا رحمهم الله

فهاذه دعوى عريضة وماقررناه سابقا عن جملة طيبة من العلماء الاعلام من امثال
1-إمام دار الهجرة الجبل الحبر البحر مالك بن أنس – رحمه الله- .
2-الإمام أبو بكر الطرطوشي محمد بن الوليد الفهري الأندلسي المالكي المتوفى سنة 520هـ.
3-العلامة أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي المتوفى سنة 914 هـ .
4-الشيخ ضياء الدين أبو المودة خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المالكي المعروف بالجندي المتوفى سنة 767 هـ.
5-إمام المذهب محمد بن سحنون (المتوفى سنة256هـ) .
6-الإمام الأصولي أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة 790 هـ .
7– الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المشهور بابن الحاج
.


لكفيلة بان تدفع اي ايهام حول ما قررناه او لنقل نقلناه وهو القول المخرج على قواعد اهل العلم في التفريق بين ماهو من هديه صلى الله عليه وسلم وبين ماهو محدث

فاذا كان ذالك كذالك فلا ندري ما مغزى قول الاخ الفاضل


ثبوت الذكر الجماعي عند السلف كما ذكر أئمتنا رحمهم الله

اما ما قرره اليوم نقلا عن الشيخ الغماري رحمه الله وعفا عنه فلنا معه وقفات فيما ياتي والله من وراء القصد والسلام عليكم

عبد الله ياسين 13-11-2007 08:04 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 81116)
تقرير الشاطبي الامام في الرد على ماتعلق به المخالف من اوهام

يقول رحمة الله عليه في معرض حديثه عن ماخذ اهل البدع في الاستدلال-وانت عندي اعز من ذالك اخي الفاضل- من الاعتصام ما نصه

4ــ انحرافهم عن الأصول الواضحة إلى اتباع المتشابهات: التي للعقول فيها مواقف، وقد علم العلماء أن كل دليل فيه اشتباه وإشكال ليس بدليل في الحقيقة، حتى يتبين معناه ويظهر المراد منه، لأن حقيقة الدليل أن يكون ظاهراً في نفسه، ودالاً على غيره، وإلا، احتيج إلى دليل، فإن دل الدليل على عدم صحته فأحرى أن لا يكون دليلاً.

ومدار الغلط في هذا إنما هو: الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض، فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها، وعامّها المرتب على خاصّها؛ ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر ببيّنها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها.

من ذالك الادلة المحتملة التي استدل بها الاخ الكريم كحديث ابي هريرة رضي الله عنه في البخاري او كفهمه لما ينقله عن بعض الائمة الذين يخالفون مذهبه-لااقصد مذهب السادة المالكية-في فقه هاذه الاحاديث

ويقول
5ــ تحريف الأدلة عن مواضعها: بأن يرِد الدليل على مناط فيصرف عن ذلك المناط إلى أمر آخر موهماً أن المناطين واحد، وهو من خفيات تحريف الكلم عن مواضعه والعياذ بالله، ويغلب على الظن أن من أقر بالإسلام، ويذم تحريف الكلم عن مواضعه، لا يلجأُ إليه صراحاً إلا مع اشتباهٍ يعرض له، أو جهل يصده عن الحق، مع هوى يعميه عن أخذ الدليل مأخذه، فيكون بذلك السبب مبتدعاً.

وبيان ذلك أن الدليل الشرعي إذا اقتضى أمراً في الجملة مما يتعلق بالعبادات ـ مثلاً ـ فأتى به المكلف في الجملة أيضاً، كذكر اللّه والدعاء والنوافل المسبحات وما أشبهها مما يعلم من الشارع فيها التوسعة. كان الدليل عاضداً لعلمه من جهتين: من جهة معناه، ومن جهة عمل السلف الصالح به، فإن أتى المكلف في ذلك الأمر بكيفية مخصوصة، أو زمان مخصوص، أو مكان مخصوص، أو مقارناً لعبادة مخصوصة، والتزم ذلك بحيث صار متخيلاً أن الكيفية، أو الزمان، أو المكان، مقصود شرعاً من غير أن يدل الدليل عليه، كان الدليل بمعزل عن ذلك المعنى المستدل عليه.
فإذا ندب الشرع مثلاً إلى ذكر الله فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وبصوت أو في وقت معلوم مخصوص عن سائر الأوقات ـ لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص الملتزم، بل فيه ما يدل على خلافه، لأن التزام الأُمور غير اللازمة شرعاً شأنها أن تفهم التشريع، وخصوصاً مع من يقتدي به في مجامع الناس كالمساجد.
فكل من خالف هذا الأصل فقد خالف إطلاق الدليل أولاً، لأنه قيد فيه بالرأي، وخالف من كان أعرف منه بالشريعة وهم السلف الصالح رضي الله عنهم، بل كان رسول الله ( يترك العمل وهو يحب أن يعمل به خوفاً أن يعمل به الناس فيفرض عليهم، ألا ترى أن كل ما أظهره رسول الله ( وواظب عليه في جماعة إذا لم يكن فرضاً فهو سنة عند العلماء، كصلاة العيدين والاستقساء والكسوف ونحو ذلك؟ بخلاف قيام الليل وسائر النوافل، فإنها مستحبات، وندب ( إلى إخفائها، وإنما يضر إذا كانت تشاع ويعلن بها.
ومن أمثلة هذا الأصل التزام الدعاءُ بعد الصلوات بالهيئة الاجتماعية معلناً بها في الجماعات. وسيأتي بسط ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.

ولا اضن ان الثكلى ستظحك بعد هاذا التقرير من الامام الشاطبي رحمه الله

اما بالنسبة لقولك

هذا الكلام لا يلزمنا من وجهين :
1 - فهم الجمهور للأحاديث الدالة على الذكر الجماعي تدعمه قواعد و أصول فهم النصوص الشرعية.
2 - ثبوت الذكر الجماعي عند السلف كما ذكر أئمتنا رحمهم الله

فهاذه دعوى عريضة وماقررناه سابقا عن جملة طيبة من العلماء الاعلام من امثال
1-إمام دار الهجرة الجبل الحبر البحر مالك بن أنس – رحمه الله- .
2-الإمام أبو بكر الطرطوشي محمد بن الوليد الفهري الأندلسي المالكي المتوفى سنة 520هـ.
3-العلامة أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي المتوفى سنة 914 هـ .
4-الشيخ ضياء الدين أبو المودة خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المالكي المعروف بالجندي المتوفى سنة 767 هـ.
5-إمام المذهب محمد بن سحنون (المتوفى سنة256هـ) .
6-الإمام الأصولي أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة 790 هـ .
7– الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المشهور بابن الحاج
.


لكفيلة بان تدفع اي ايهام حول ما قررناه او لنقل نقلناه وهو القول المخرج على قواعد اهل العلم في التفريق بين ماهو من هديه صلى الله عليه وسلم وبين ماهو محدث

فاذا كان ذالك كذالك فلا ندري ما مغزى قول الاخ الفاضل


ثبوت الذكر الجماعي عند السلف كما ذكر أئمتنا رحمهم الله

اما ما قرره اليوم نقلا عن الشيخ الغماري رحمه الله وعفا عنه فلنا معه وقفات فيما ياتي والله من وراء القصد والسلام عليكم

وكأنّك تدخل المنتدى للكتابة فقط !

كيف تُحاول أخي الكريم أن تُسقط فهمك لكلام الإمام الشاطبي رحمه الله على ما تقول أنّه فهمي أنا - العبد الضعيف - لكلام الأئمة و كأنّك ترى أنّ ما أوردناه من كلامهم غير واضح و قاطع في المسألة رغم أنّ كلّ من يقرأ كلامهم رحمهم الله يُقرُّ أنهّ يُقارع الشمس في الوضوح و الجلاء !

قديماً قالوا التّكرار من الأبرار فائدة للأخيار ، اقرأ أخي بتأنّي :

قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه [ التبيان في آداب حملة القرآن ] :
اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهرة ... والأحاديث في هذا كثيرة وروى الدارمي بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له نورا وروى ابن أبي داود أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين وعن حسان بن عطية والأوزاعي أنهما قالا أول من أحدث الدراسة في مسجد دمشق هشام بن إسماعيل في قدمته على عبدالملك وأما ما روى ابن أبي داود عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عرزب أنه أنكر هذه الدراسة وقال ما رأيت ولا سمعت وقد أدركت أصحاب رسول الله يعني ما رأيت أحدا فعلها وعن وهب قال قلت لمالك أرأيت القوم يجتمعون فيقرؤون جميعا سورة واحدة حتى يختموها فأنكر ذلك وعابه وقال ليس هكذا تصنع الناس إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه فهذا الإنكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف ولما يقتضيه الدليل فهو متروك والاعتماد على ما تقدم من استحبابها لكن القراءة في حال الاجتماع لها شروط قدمناها ينبغي أن يعتنى بها والله أعلم.اهــــ

قال
الإمام النووي رحمه الله عند شرحه لحديث الإجتماع على ذكر الله في صحيح مسلم : وَفِي هَذَا : دَلِيل لِفَضْلِ الِاجْتِمَاع عَلَى تِلَاوَة الْقُرْآن فِي الْمَسْجِد , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَ مَذْهَب الْجُمْهُور , وَقَالَ مَالِك : يُكْرَه , وَتَأَوَّلَهُ بَعْض أَصْحَابه.اهــ

قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله [ الفتاوى الكبرى ] :
وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء ومن قراءة الإدارة قراءتهم مجتمعين بصوت واحد. وللمالكية وجهان في كراهتها ، وكرهها مالك ، وأما قراءة واحد والباقون يتسمعون له فلا يكره بغير خلاف وهي مستحبة ، وهي التي كان الصحابة يفعلونها : كأبي موسى وغيره .اهــــ

يعني و ببساطة ما تنعته بأنّه فهم الفقير الى ربه هو قول جمهور أهل العلم ولستُ من قاله لو تقرأ جيّداً ما يكتب !

نحن نُعالج كلّ جزئية على حِداً و نطرح استشكالات على فهم المُخالف في المسألة و أنت عوضَ أن تقابل الدّليل بالدّليل و تُقارع الحجة بالحجة نراك ما تبرح تنسخ و تُلصق كلاماً لأئمة كبار - بغض النظر عن فهمك له ! - لا يمتُّ بأيّ صلة للإشكال الذي طُرح عليك و يُفترض أن تُجيب عليه !

ثمّ إني أودّ أن أنبّهك أنّ المسألة لو كانت ترجعُ الى سرد أقوال " جملة طيبة من العلماء الاعلام " كما قُلتَ ( هذا إذا سلّمنا لك فهمك لكلامهم في المسألة !) ، لكان أوْلى بك حسب منطقك هذا أن تتبع الرأي القائل بالإستحباب فهو رأي الجمهور !

سأختصر لك الطريق و أقول :

روى الإمام مسلم في صحيحه ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَنْ ‏ ‏نَفَّسَ ‏ ‏عَنْ مُؤْمِنٍ ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كُرَبِ ‏ ‏الدُّنْيَا ‏ ‏نَفَّسَ ‏ ‏اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كُرَبِ ‏ ‏يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا ‏ ‏يَلْتَمِسُ ‏ ‏فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ

ما هو دليلكم على أنّ المقصود من قوله صلى الله عليه و سلّم : "
يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ" هو قراءة الواحد و الباقون يستمعون و ليس الذكر الجماعي بصوت واحد ؟

أظن السؤال بسيط والجواب إن شاء الله سيكون أبسط.

غريب الاثري 14-11-2007 07:40 AM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
أغلب البدع والخرافات منشِؤها الفكر الصوفي الدخيل على الإسلام

قاتل الله الصوفية ما أخطرهم على العقول السليمة...

عبد الله ياسين 14-11-2007 08:52 AM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب الاثري (المشاركة 81366)
أغلب البدع والخرافات منشِؤها الفكر الصوفي الدخيل على الإسلام

قاتل الله الصوفية ما أخطرهم على العقول السليمة...

لازم كلامك أنّ الإمام النووي وغيره من جمهور أهل العلم فكرهم صوفي دخيل على الإسلام حيثُ قالوا بخرافة و بدعة استحباب الذكر الجماعي !!!

فلو كان عندك علم في المسألة فمنّ به علينا أمّا مُحاولة جرّ الحوار لمستنقعات الشتم و السب و تلفيق التّهم بعباد الله فهو دليل الإفلاس و يرتفع عنه
حتى السُذّج من الناس !

يا أخي تكلّم بعلم أو اصمت بحلم كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله.





algeroi 28-11-2007 01:48 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
و كما وعدت سابقا تجدون التفصيل حول مسالة تركه صلى الله عليه وسلم في المبحث اسفله

وهي المقدمة الثالثة من كتاب

المقدمات العشر
في نقض أصول صوفية العصر



تقديم
فضيلة الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان

إعداد
عبدالعزيز بن ريس الريس

1426 هـ


المقدمة الثالثة:
كل إحداث في الدين لم يدل عليه دليل معتبر شرعاً فهو من جملة البدع المحرمة في الشرع . قال ابن تيمية [1] " والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع" ا . هـ ، وقال[2] " فالأصل في العبادات ألاَّ يشرع منها إلا ما شرعه الله " ا . هـ ،وقال " فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع - ثم قال – ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون إن الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله وإلا دخلنا في معنى قوله ] أم لهم شركاءُ شرعوا لهم من الدِّين ما لم يأذن به الله …( ا . هـ [3] ، وقال ابن القيم[4] " ولا دين إلا ما شرعه ، فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليلٌ على الأمر " وكلام الأئمة في هذا مشهورٌ ويدلُّ على هذه القاعدة قوله تعالى ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً … ( فالدِّين كاملٌ لا يقبل المُحدَثاتِ وقوله تعالى ) لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر …( وقوله ) قل إن كنـتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم … ( وحديث عائشة " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ " وحديث العرباض بن سارية " إياكم ومُحدَثاتُ الأمور فإن كل مُحدَثةٍ بدعةٌ " وحديثُ جابرٍ " وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ " رواه مسلم وثبت عن ابن مسعودٍ أنه قال " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم ، كل بدعةٍ ضلالةٌ " [5]. وثبت عن حذيفة بن اليمان أنه كان يدخل المسجد فيقف على الحِلَق فيقول " يا معشر القرَّاء اسلكوا الطريق فلئن سلكتموها لقد سبقتم سبقاً بعيداً ، ولئن أخذتم يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً "[6]

فائدة: ما ثبت أنه بدعةٌ في الدِّين فهو ضلالةٌ إذ كل بدعةٍ ضلالةٌ ويدل لهذا عموم الآيات والأحاديث الذامة للبدع كحديث جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم " وكل بدعةٍ ضلالةٌ " رواه مسلم وحديث العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعةٍ ضلالة " وقد سبق قول ابن مسعود " وكل بدعةٍ ضلالةٌ " وروى اللالكائي[7] وغيره عن ابن عمر قوله " كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنةً " فمن هذا يُعلم أن البدع كلها سيئةٌ ولا توجد في الدِّين بدعةٌ حسنةٌ ففي هذا ردٌ على مقسَّمي البدع قسمين حسنةً وسيئةً كالعز بن عبد السلام والقرافي والنووي والزركشي الشافعي وابن حجر الهيثمي والسخاوي والسيوطي وأبي السعادات ابن الأثير وعلي الجرجاني وغيرهم على أنّ لهؤلاء أدلّة في هذا التقسيم فإليكها مع الإجابة عليها :
أ – ما رواه الخطيب عن أنس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم " فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسنٌ " .
ب- وما رواه مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي أنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في صدر النهار قال فجاءه قومٌ حفاةٌ عُراةٌ مجتابي النمار أو العباء مُتقلديّ السيوف عامَّتهم من مُضرَ بل كلهم من مُضر فتمعَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لمِا رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال : ) يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ … ( الآية والآية التي في سورة الحشر ) اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ واتقوا الله … ( تصدق رجلٌ من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع برِّه من صاع تمره ( حتى قال ) ولو بشقِّ تمرةٍ " قال فجاء رجلٌ من الأنصار بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجز عنها بل قد عجزت قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعامٍ وثيابٍ حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يتهلَّل كأنه مذهبةٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم " من سنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ ومن سنَّ في الإسلام سنةً سيئةً كان عليه وزرُها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ " .
ج-وقول عمر بن الخطاب لما رأى الناس يُصلون القيام جماعةً في رمضان " نعمت البدعةُ " رواه البخاري .
د- كتابة القرآن وجمعه في مصحفٍ واحدٍ كما أمر أبو بكر- بمشورة عمر –زيد بن ثابت . والحديث في البخاري وقد تقدم .
وإليك الإجابة على هذه الأدلة بالاختصار ما أمكن :
أما الدليل الأول / فهو ضعيف لا يصح مرفوعاً . قال ابن عبدالهادي: إسناده ساقط والأصح وقفه على ابن مسعود ا.هـ[8] وروى الحديث مرفوعاً الخطيب البغدادي[9] وبين الشيخ الألباني – رحمه الله – أن في إسناده كذاباً ثم ذكر أنه إنما يثبت على ابن مسعود[10] كما أخرجه الإمام أحمد والخطيب في الفقيه والمتفقه . ومعناه ما أجمع العلماء عليه ولا تنس أن عبد الله بن مسعود يقول بأن كل بدعةٍ ضلالةٌ .
أما الدليل الثاني /حديث " سن في الإسلام سنةً حسنةً … " فالرد على المستدلين به من أوجهٍ :
1- لفظة ( سنَّ ) في الحديث محتملةٌ لمعنى أنشأ ولمعنى أحيا وذكَّر والاحتمال الثاني هو المتعين لأمرين :أولهما /مناسبةُ الحديث إذ غاية ما فيه أن الأنصاري صاحب الصُّرة أحيا وذكّر بهذه السنة . وثانيهما /أن الاحتمال الأول معارَضٌ بالأحاديث الذامة والناهية عن البدع فعلى هذا يترجح الاحتمال الثاني .
2- أن معرفة كون هذا العمل من الأمور الحسنة أو السيئة في الدِّين راجعٌ للشرع لأمرين: أولهما /أن عبد الله بن مسعود قال وكم من مريدٍ للخير لن يصبه . أخرجه الدارمي. وثانيهما /أن عقول الناس تتفاوت فلا يصلح كونها ميزاناً في تميز الحسن والسيئ[11] في الدِّين .
أما الدليل الثالث /قول عمر " نعمت البدعة " فالمراد بالبدعة في اللغة لا في الشرع فإن هذا الفعل ليس من جملة البدع لكون رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قد فعل القيام جماعة في رمضان ثم تركه لمانعٍ وهذا المانع زال بموته فصار فعله سنةً شرعيةً فيُحمل قول عمر بن الخطاب هذا على المعنى اللغوي لا الشرعي لكون هذا الفعل ليس بدعةً شرعيةً بل سنةٌ نبويةٌ ويُقال أيضاً عمر من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم كما في حديث العرباض بن سارية[12].
أما الدليل الرابع /وهو جمع القرآن في مصحفٍ واحدٍ فلا مَمسَك فيه لأنه من المصالح المرسلة .على أنه من سنةِ الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالتمسك بسنتهم .
فبهذا يتبين أن هذا التقسيم محدث لم يعرفه السلف فلا يجوز تقليد هؤلاء فيه .

تذييلات مهمات :
التذييل الأول: ذكر عبدالله الغماري في كتاب " إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة "[13] حديث "من أحدث في أمرنا هذا – مخصصٌ لحديث " كل بدعةٍ ضلالةٌ " ومبينٌ للمراد منها ، كما هو واضحٌ ، إذ لو كانت البدعة ضلالة بدون استثناء لقال الحديث من أحدث في أمرنا هذا شيئاً فهو ردٌ ، لكن لما قال : "أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ، فهو ردٌ " أفاد أن المحدث نوعان ما ليس من الدِّين بأن كان مخالفاً لقواعده ودلائله فهو مردودٌ وهو البدعةُ الضلالة وما هو من الدين بأن شهد له أصلٌ ، أو أيده دليلٌ فهو صحيحٌ مقبولٌ وهو السنة الحسنةُ "ا.هـ [14]
والرد أن يقال: ما قاله داعية البدعة الغماري خطأ وتأصيل لفتح باب البدع التي هي ضلالة وإنما مفهومه الصحيح هو أن يُحمل على أحد أمرين :
الأول/ المصالح المرسلة المعتبرة التي لم تُفعل إلا بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم كجمع القرآن وأذان عثمان الأول يوم الجمعة وهكذا ...
الثاني/ على العبادات التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لوجود مانعٍ كقيام رمضان جماعةً في المسجد وهذا كله لأجل ألا يتعارض مفهوم هذا الحديث مع السنة التركية فإن السنة التركية دليل شرعي معتبر فإليك تقرير الاحتجاج بها ، وبعض ما يتعلق بها من مهمات:
السنة التركية هي: ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه الأخيار من العبادات مع وجود المقتضي وانتفاء المانع . فتركه واجب وفعله بدعة منكرة .
وهذه قاعدة مهمة ضبطها يجلي كثيراً من البدع فإن ترك رسول الله صلى الله عليه وسلَّم العمل مع إمكان فعله – وهو الحريص كل الحرص على طاعة ربه الموصوف بأنه أخشى خلق الله وأتقاهم له – والمانع منتفٍ فهو والحالة هذه كفعله للعمل التعبُّدي ففعله صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ وتركه صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ لكن لا يصح لنا الاستدلال بالسنة التركية إلا عند توفُّر الدواعي للنقل فلا ينقل .وأقوى ما يتصور هذا فيما إذا نقل جزء العبادة دون جزئها الآخر . كما أشار لهذا ابن تيمية [15] على أن الأصل في العبادات أنها مما تتوفر الدواعي على نقلها ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل بيّن وحجّة واضحة. وفائدة هذا أنه أحياناً تتوفر الدواعي لنقل الفعل أكثر من الترك ، وأحياناً على قلةٍ لا تتوفر- كما سيأتي توضيحه فيما يستقبل -، فمثلاً صلاة الرغائب والألفية لم يثبت فيها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه ففعلها بعد تركهم مع إمكان فعلهم لها والمانع منتفٍ من جملة البدع إذ لو كان خيراً لسبقونا إليه .أما ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لوجود مانعٍ فليس داخلاً في البدع وذلك كمثل استخدام مكبّرات الصّوت في الآذان فهذا لو فعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لنقل لكن لا يصح وصفه بالبدعة لأنّه وجد مانع من فعله وهو عدم وجوده في زمن النبي صلى الله عليه وسلَّم ،وكمثل صلاة القيام جماعةً في رمضان فإن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم تركه خشية أن يُفترض كما جاء في حديث عائشة المتفق عليه فلما زال المانع بموته - إذ الوحي انقطع فما لم يكن مفروضاً فلن يفرض - أمر الفاروق عمر بن الخطاب بفعلها كما ثبت في صحيح البخاري .وأما مالم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأنّ الدّواعي لم تتوافر على نقله فهذا لا يصح وصف فعله بأنّه بدعة إذ اختلّ فيه شرط توفّر الدواعي للنقل- وقد سبق أنّ هذا لا يصار إليه إلا بدليل - ،وهذا مثل وضع اليدين على الصّدر بعد الرّفع من الركوع فإنّ بعد الركوع لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلَّم فيه شيء لا بالوضع ولا عدمه ،مما دلّ على أنّ الدواعي لم تتوفّر للنقل . فيتلخّص من هذا أنّه لا يصح وصف فعل تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أو صحابته بأنّه بدعة إلا إذا اجتمع فيه أمران:
أ- توافر الدواعي للنقل وهذا هو الأصل في كل عبادة ولا ينتقل عنه إلا ببرهان واضح .
ب- أنّ لا يوجد مانع يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أو صحابته من فعله .والله أعلم.

الأدلة على هذه القاعدة نوعان عامةٌ وخاصةٌ:
أما العامة فكل ما سبق من الأدلة القرآنية والحديثية في تحريم البدع إذ فعل ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم مع إمكان فعله بدون مانع إحداثٌ في الدِّين .

أما الخاصة فكثيرة وهذا بعضها :
1-ما رواه مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة " وجه الدلالة / أن الصحابي عمارة بن رؤيبة استدل بالسنة التركية في الإنكار على بشر بن مروان
2-ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال : جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلَّم ، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلَّم ، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها وقالوا : أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلَّم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً وقال الآخر وأنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الآخر وأنا أعتزل النساء فلا أتزوَّج أبداً فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إليهم فقال " أنتم الذين قلتم كذا وكذا . أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوَّج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " وجه الدلالة / أن هؤلاء لم يعتبروا السنة التركية دليلاً -تأوُّلاً منهم -فأنكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وبين أن التارك لها تاركٌ لسنـته .
3-ما رواه الشيخان عن معاذة قالت : سألت عائشة فقلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحروريةٌ أنت ؟ قالت لست بحروريةٍ ، ولكني اسأل ، قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة . وجه الدلالة / أن عائشة أم المؤمنين استدلت بتركهم وإقرار رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لذلك .
4-ما رواه البخاري عن زيد بن ثابت في قصة جمع القرآن وأن عمر ابن الخطاب أشار على أبي بكر بجمع القرآن فقال له أبو بكر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ؟ فلما أن شرح الله صدر أبي بكر لهذا كلَّف زيد بن ثابت به فقال زيدٌ : كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم . وجه الدلالة / أن كلا من أبي بكرٍ وزيدٍ احتجا بالسنة التركية . فإن قيل كيف خالفوها ؟ فيُقال لأن المقتضي من فعلها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لم يكن موجوداً إذ كان الرسول صلى الله عليه وسلَّم بينهم حافظاً للقرآن فلا يخشى ذهابه بخلاف ما بعد وفاته صلى الله عليه وسلَّم . وقد سبق تقرير حجية السنة التركية عند وجود المقتضي وانتفاء المانع .
5-اخرج البخاري عن أبي وائل قال جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس هذا المجلس عمر . فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته قلت : إن صاحبيك لم يفعلا قال هما المرآن اقتدى بهما . وجه الدلالة / أنه ترك ما هم به استدلالاً بالسنة التركية .
6-أخرج الدارمي في سننه وابن وضاح في كتاب ما جاء في البدع وغيرهم عن عمرو بن سلمة كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى ، فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا . فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعاً ، فقال له أبو موسى يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أمراً أنكرته ولم أرَ – والحمد لله – إلا خيراً. قال فما هو ؟ فقال إن عشت فستراه . قال : رأيت في المسجد قوماً جلوساً ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلقةٍ رجلٌ ، وفي أيديهم حصاً ، فيقول كبِّروا مائة ، فيكبِّرون مائة ، فيقول هللوا مائةً ، فيهللون مائةً ويقول سبِّحوا مائة ، فيسبِّحون مائةً ، قال فماذا قلتَ لهم ؟ قال ما قلتُ شيئاً انتظار رأيك أو انتظار أمرك . قال أفلا أمرتهم أن يعدُّوا سيئاتهم ، وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم ؟ ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقةً من تلك الحلق ، فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصاً نعدُّ به التكبير ، والتهليل ، والتسبيح . قال فعدُّوا سيئاتكم فأنا ضامنٌ ألا يضيع من حسناتكم شيءٌ وَيحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلَّم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تُكسر والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملَّةٍ أهدى من ملَّة محمد أو مفتِّحوا باب ضلالةٍ . قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير . قال وكم من مريدٍ للخير لن يُصيبه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم حدثنا " إنَّ قومنا يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيهم " وأيم الله لا أدري ، لعلَّ أكثرهم منكم . ثم تولَّى عنهم . فقال عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج "[16] وجه الدلالة / أن الصحابي ابن مسعود اعتمد في الإنكار على هؤلاء بأن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه لم يفعلوا هذا الأمر ( السنة التركَّية ) ففاعلُهُ ما بين أمرين أن يزعم أنه أهدى منهم أو أنه يكون مفتحاً لباب ضلالةٍ و الثاني هو المتعيِّن . وبعد ذكر هذه الأدلة العامة والخاصة في إثبات السنة التركية بضوابطها إليك أقوال أهل العلم الدالة على اعتبارهم السنة التركيَّة .

أقوال أهل العلم في اعتبار السنّة التركية :
قال الشافعي " وللناس تبرٌ غيره من نحاس وحديد ورصاص فلما لم يأخذ منه رسول الله ولا أحد بعده زكاة تركناه اتباعاً بتركه " . ا . هـ[17] ، وقال ابن تيمية " والترك الراتب سنَّةٌ كما أن الفعل الراتب سنةٌ بخلاف ما كان تركه لعدم مقتضٍ أو فوات شرطٍ أو وجود مانعٍ وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع ما دلَّت الشريعة على فعله حنيئذٍ كجمع القرآن في المصحف وجمع الناس في التراويح على إمامٍ واحدٍ وتعلُّم العربية وأسماء النقلة للعلم وغير ذلك مما يُحتاج إليه في الدِّين ، بحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به وإنما تركه صلى الله عليه وسلَّم لفوات شرطه أو وجود مانعٍ فأما ما تركه من جنس العبادات مع أنه لو كان مشروعاً لفعله أو أذن فيه ، وَلَفَعَله الخلفاء بعده والصحابة ، فيجب القطع بأنه بدعةٌ وضلالةٌ . ويمتنع القياس في مثله ..ا.هـ[18] وقال: " فحاصُلُه أن الرسول صلى الله عليه وسلَّم أكمل البشر في جميع أحواله فما تركه من القول والفعل فتركه أولى من فعله ، وما فعله ففعله أكمل من تركه " [19] ا .هـ ، وقال [20] " والقياس هنا فاسد الوضع والاعتبار ، لأنه موضوعٌ في مقابلة النَّص ، وذاك أن ترْكه صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ كما أن فعله سنةٌ " وقال [21] " ولأن التلفظ بذلك لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلَّم ولا عن أصحابه ولا عن أحدٍ من التابعين لهم بإحسانٍ ومعلومٌ أن ذلك لو كان مستحباً لفعلوه وعلَّموه وأمروا به ، ولو كان ذلك لنُقل كما نُقل سائر الأذكار وإذا لم يكن كذلك كان من محدثات الأمور … " ا . هـ ،
وقال رحمه الله " بل يُقال ترك رسول الله صلى الله عليه وسلَّم مع وجود ما يعتقد مقتضياً وزوال المانع سنةٌ كما أن فعله سنةٌ . فلما أمر بالأذان في الجمعة وصلى العيدين بلا أذانٍ ولا إقامةٍ كان ترك الأذان فيهما سنةً ، فليس لأحدٍ أن يزيد في ذلك – ثم قال – ومع هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، فهذا الترك سنةٌ خاصةٌ ، مقدمةٌ على كل عمومٍ وكل قياس " ا . هـ [22]، وقال " لأن ذلك الفضل إن لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلَّم ولا أصحابه ولا التابعون ، ولا سائر الأئمة ، امتنع أن نعلم نحن من الدِّين الذي يقرِّب إلى الله ما لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلَّم والصحابة والتابعون وسائر الأئمة وإن علموه امتنع مع توفُّر دواعيهم على العمل الصالح وتعليم الخَلق والنصيحة لهم ألاّ يعلموا أحداً بهذا الفضل ولا يسارع إليه واحدٌ منهم فإذا كان هذا الفضل المدَّعى مستلزماً لعدم علم الرسول صلى الله عليه وسلَّم وخير القرون لبعض دين الله ولكتمانهم وتركهم ما تقضي شريعتهم وعاداتهم ألا يكتموه ولا يتركوه وكل واحدٍ من اللازمَين منتفٍ إما بالشرع وإما بالعادة مع الشرع علم انتفاء الملزوم وهو الفضل المدعى"ا.هـ[23] ، وقال ابن القيم " لأن هذا مما انعقد سبب فعله في عهد النبي صلى الله عليه وسلَّم فإذا لم يفعله ولم يشرَعه كان تركه هو السنة – ثم قال – فلذلك كان الصحيح أنه لا يُسنّ الغُسل للمبيت بمزدلفة ولا لرمي الجمار ولا للطواف ولا للكسوف ولا للاستسقاء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه لم يغتسلوا لذلك مع فعلهم لهذه العبادات " ا . هـ [24]، وقال –رحمه الله –كلاماً مفيداً للغاية فيما يتعلق بالسنة التركية مع ذكره بعض الأمثلة عليها. قال(3) " وأما نقلهم لتركه صلى الله عليه وسلَّم فهو نوعان: وكلاهما سنة أحدهما / تصريحهم بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله ، كقوله في شهداء أحد " ولم يغسلهم ولم يصل وقوله في صلاة العيد " لم يكن أذان ولا إقامةٌ ولا نداءٌ " وقوله في جمعه بين الصلاتين " ولم يسبح بينهما ولا على أثر واحدةٍ منهما ونظائره .والثاني / عدم نقلهم لما لو فعله لتوفرت هممهم و دواعيهم أو أكثرهم أو واحدٍ منهم على نقله ، فحيث لم ينقله واحدٌ منهم ألبتة ولا حدث به في مجمع أبداً عُلم أنه لم يكن ، وهذا كتركه التلفُّظ بالنية عند دخوله في الصلاة ، وتركه الدعاء بعد الصلاة مستقبل المأمومين وهم يؤمنون على دعائه دائماً بعد الصبح والعصر أو في جميع الصلوات ، وتركه رفع يديه كل يوم في صلاة الصبح بعد رفع رأسه من ركوع الثانية وقوله " اللهم اهدنا فيمن هديت " يجهر بها ويقول المأمومون كلهم" آمين " ومن الممتنع أن يفعل ذلك ولا ينقله عنه صغيرٌ و لا كبيرٌ ولا رجلٌ ولا امرأةٌ ألبتة وهو مواظبٌ عليه هذه المواظبة لا يخلُّ به يوماً واحداً ، وتركه الاغتسال للمبيت بمزدلفة ولو رمى الجمار ولطواف الزيارة ولصلاة الاستسقاء والكسوف ، ومن ههنا يُعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة ، فإن تركه صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ كما أن فعله سنةٌ ، فإذا استحببنا فعل ما تركه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله ، ولا فرق فإن قيل من أين لكم أنه لم يفعله وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم ؟ فهذا سؤالٌ بعيد جداً عن معرفة هديه وسنـته وما كان عليه ، ولو صحَّ هذا السؤال وقُبِل لا ستحبَّ لنا مستحبٌّ الأذان للتراويح ، وقال من أين لكم أنه لم يُنقل؟ واستحبّ لنا مستحبٌ آخر الغسل لكل صلاةٍ وقال من أين لكم انه لم يُنقل ؟ واستحبَّ لنا مستحبٌّ آخر النداء بعد الأذان للصلاة يرحمكم الله ورفع بها صوته وقال " من أين لكم أنه لم يُنقل ؟ واستحبّ لنا آخرُ لبس السواد والطرحة للخطيب وخروجه بالشاويش يصيح بين يديه ورفعُ المؤذنين أصواتهم كلما ذكر اسم الله واسم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم جماعةً وفُرادى وقال من أين لكم أن هذا لم يُنقل ؟ واستحبَّ لنا آخر صلاة ليلة النصف من شعبان أو ليلة أول جمعة من رجب وقال من أين لكم أن إحياءهما لم يُنقل ؟ وانفتح باب البدعة وقال كل من دعا إلى باب بدعة من أين لكم أن هذا لم يُنقل ؟ " ا.هـ فانظر – يا رعاك الله – ما ذكره ابو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم، وتقسيمه للسنة التركية قسمين ،ودقته في تنـزيل هذا الأصل على الفروع التي ذكرها . وقال ابن رجب [25] " فأما ما اتفقوا على تركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لا يُعلم به " ا . هـ ، وقال العيني [26]" إن الترك – مع حرصه عليه السلام على إحراز فضيلة النفل – دليل الكراهة " ا . هـ ، وقال الشاطبي [27]" وذلك أن سكوت الشارع عن الحكم في مسألةٍ ما أو تركه لأمرٍ ما على ضربين :أحدهما / أن يسكت عنه أو يتركه ، لأنه لا داعية له تقضيه ، ولا موجب يُقرر لأجله ولا وقع سببُ تقريره كالنوازل الحادثة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلَّم فإنها لم تكن موجودةً ثم سكت عنها مع وجودها، وإنما حدثت بعد ذلك فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تبين في الكليات التي كمل بها الدِّين – ثم قال – والضرب الثاني /أن يسكت الشارع عن الحكم الخاص أو يترك أمراً ما من الأمور وموجبه المقتضي له قائمٌ وسببه في زمان الوحي وفيما بعده موجودٌ ثابتٌ إلا إنه لم يُحدد فيه أمرٌ زائدٌ على ما كان من الحكم العام في أمثاله و لا ينقص منه ، لأنه لما كان المعنى الموجب لشرعية الحكم العقلي الخاص موجوداً ثم لم يُشرع ولا نبَّه ( السبطا [28]) كان صريحاً في أن الزائد على ما ثبت هنالك بدعةٌ زائدة ومخالفةٌ لقصد الشارع ، إذ فهم من قصده الوقوف عند ما حدّ هنالك لا الزيادة ولا النقصان منه " ا.هـ ، وقد ذهب العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله - إلى بدعية رفع اليدين بعد الفريضة استدلالاً بعدم فعله صلى الله عليه وسلَّم ولا أصحابه مبيناً أن فعله سنةٌ وتركه سنةٌ [29]وقال العلامة الألباني-رحمه الله - " من المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادةٍ مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بقوله ، ولم يتقرَّب هو بها إلى الله بفعله ، فهي مخالفةٌ لسنـته لأن السنة على قسمين سنةٌ فعليةٌ وسنةٌ تركيةٌ فما تركه صلى الله عليه وسلَّم من تلك العبادات ، فمن السنة تركها ألا ترى مثلاً أن الأذان للعيدين ولدفن الميت مع كونها ذكراً وتعظيماً لله عز وجل لم يجز التقرُّب به إلى الله عز وجل ، وما ذاك إلا لكونه سنةً تركها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم . وقد فهم هذا المعنى أصحابه صلى الله عليه وسلَّم ، فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيراً عاماً ، كما هو مذكور في موضعه " ا .هـ[30] .

تنبيهات :
التنبيه الأول :
قد يعترض البعض على الاستدلال بالسنة التركية بقوله " عدم العلم بالشيء لا يدل على العدم " والاستدلال بهذا صحيح لكن بشرط ألا تتوفر الدواعي والهمم على النقل ثم لا يُنقل – راجع ما سبق نقله عن ابن القيم – فإنه أحياناً لا تتوفر الدواعي للنقل لقرينة ما فمثل هذا لا يُستدل بالسنة التركية مع كون الأصل في باب العبادات أن الدواعي متوفرةٌ للنقل –كما سبق- وإليك مثال موضحاً ذلك: قال بعض الفضلاء يلزم من الاستدلال بالسنة التركية عدم إيجاب الوضوء لصلاة الجنازة والاستسقاء لعدم وجود النص الخاص المبيِّن لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم والاستدلال بالنص العام معارضٌ بالسنة التركية إذا لم يُنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه توضأ لهذه الصلوات خاصةً وعندك أن السنة التركية مقدمةٌ على النصّ العام . فيُقال جواباً على هذا إن تقديم السنة التركية على النص العام هو المتعين كما سبق بعض كلام الأئمة فيه ، وأيضاً سيأتي بحثه بأوضح مما سبق لكن بشرط توفر الدواعي للنقل . وأنت إذا تأملت وجدت أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لو لم يتوضأ لهذه الصلوات لكان النقل لهذا أدعى وأشد فعلى هذا الاستدلال بالسنة التركية هنا لا يصح لأن الدواعي توفرت لنقل العكس فتنبه .

التنبيه الثاني :
ليعلم المستدلُّ بالسنة التركية أنه نافٍ وباب النفي أوسع وأصعب من باب الإثبات كما هو معروفٌ. لذا يجب عليه الحذر وعدم الاستعجال وليس معنى هذا أن يقفل باب الاستدلال بالسنة التركية كلا بل المراد أنه لا ينفي إلا بعد بحثٍ يجعل ظنَّه الغالب يحكم على هذا الأمر بالنفي إذ التعبُّد بالظن الغالب متعيِّن وحصرُ العلم في القطعيات واليقينيات هي طريقة المتكلمين .[31] وقد ينفي اعتماداً على الظن الغالب ثم يجد بعدُ ما يُخالف نفيه ففي مثل هذه الحالة هو مأجورٌ غير مأزور ولكن يجب عليه الرجوع للحق إذ هو دين الله . وليعلم المستدلُّ بالسنة التركية أيضاً أن على مخالِفِه المدَّعِي العملَ بجزئيةٍ معينةٍ إثبات مشروعية العمل بهذه الجزئية إذ الأصل في باب العبادات المنع والحضر كما تقدم .
التنبيه الثالث:
قرر عبدالله الغماري في رسالة له بعنوان " حسن التفهم والدرك لمسألة الترك "[32] أن ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم له عدة دوافع ولا تفيد التحريم إلا إذا احتف بقرينة تفيد التحريم فقال: قررت في كتاب " الرد المحكم المتين " أن ترك الشيء لا يدل على تحريمه ، وهذا نص ما ذكرته هناك: والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع . وإما أن ذلك الفعل المتروك يكون محظوراً فهذا لا يستفاد من الترك وحده ، وإنما يستفاد من دليل يدل عليه ا.هـ[33] وهو بتقريره هذا قد خلط غاية التخليط بين ترك العبادة مع إمكان فعلها بأن تتوافر الشروط وتنتفي الموانع ، وبين ترك غير العبادات ، لذا أورد بعد ص147 حديث " كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار " وهذا المثال غير داخل في ما نحن بصدده لأنه ليس تركاً للعبادة وقد تقدم التدليل أن ترك العبادة مع إمكان فعلها يكون ملزماً ومن فعلها وقع في البدع وهذه الشبهة من أقوى شبه القوم التي أضلتهم مع وضوح بطلانها فالحمد لله على نعمة التوحيد والسنة ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ )

التذييل الثاني: رُوى عن الشافعي كلامٌ تمسَّك به القائلون بتقسيم البدعة قسمين حسنةً وسيئةً والجواب على ما تمسّكوا به من وجهين : 1- لو سلمنا أن ما ذكرتم هو مقصود الشافعي فإنه خالف غيره من أئمة الدِّين- كما سبق- كالصحابة الذين ذموا البدع كلّها وإن رآها الناس حسنة وقد قال الإمام أحمد :وكل بدعةٍ ضلالةٌ وأيضاً خالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فليس قوله حجةً يصحّ التمسك به . 2-أنا لا نسلّم لكم بما فهمتم من كلامه لأنه أراد بالبدعة المحمودة هي البدعة اللغوية ليس غير قال ابن رجب[34] " وقد روى الحافظ أبو نعيم بإسناده عن إبراهيم بن الجنيد حدثنا حرملة بن يحيى قال سمعت الشافعي رحمه الله يقول البدعة بدعتان بدعةٌ محمودةٌ وبدعةٌ مذمومةٌ ، فما وافق السنة ، فهو محمودٌ وما خالف السنة فهو مذمومٌ . واحتجَّ بقول عمر بن الخطاب " نعمت البدعة هي " ومراد الشافعي رحمه الله ما ذكرنا من قبل أن البدعة المذمومة ما ليس لها أصلٌ من الشريعة يُرجع إليه ، وهي البدعةُ في إطلاق الشرع ، وأما البدعةُ المحمودة فما وافق السنة يعني ما كان لها أصلٌ من السنة يُرجع إليه وإنما هي بدعةٌ لغةً لا شرعاً لموافقتها السنة . وقد رُوى عن الشافعي كلامٌ آخرُ يُفسِّر هذا ، وأنه قال والمحدثات ضربان : ما أُحدث مما يُخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً ، فهذه البدعةُ الضلالة ، وما أُحدث من الخير ، لا خلاف فيه لواحدٍ من هذا ، وهذه محدثةٌ غير مذمومةٍ " ا.هـ .
التذييل الثالث : ينسب بعض دعاة البدع[35] إلى الإمام ابن تيمية أنه يرى جواز الاحتفال بالمولد معتمدين في ذلك على عبارة ذكرها في الاقتضاء[36]: وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وأكثر هؤلاء الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع مع مالهم فيها من حسن القصد والاجتهاد الذي يرجى لهم بهما المثوبة تجدهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه أو يصلي فيه قليلا وبمنزلة من يتخذ المسابح والسجادات المزخرفة ا.هـ
هذا الكلام صريح في أن المولد بدعة من البدع عنده إذ قال:( لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً )، وأكد ذلك بقوله في موضع آخر: وأما إتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال أنها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم ا.هـ[37]
فإذا اتضح وبان أنه صرح ببدعية هذا اليوم فما معنى قوله: إنه يثاب ويؤجر ؟ يقال: إن كلامه صريح في أن الإثابة على نية محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن القصد لا على العمل ، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " أخرجه الشيخان عن عمرو بن العاص . فهذا الحاكم أثيب لحسن نيته أجراً كما أفاده الشافعي وغيره وإن كان العمل خطأ ، ومثله المقلد فإنه إذا قلد من يثق فيه وعمل المولد ظناً منه أن فعله مشروع فهو لا يثاب على العمل لأنه أخطأ وإنما على حسن النية والقصد . كما قال في موضع آخر: وإنما الذي أراده ربيعة -والله أعلم- أن من كانت له نية صالحة أثيب على نيته وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع إذا لم يتعمد مخالفة الشرع فهذا الدعاء وإن لم يكن مشروعا لكن لصاحبه نية صالحة قد يثاب على نيته فيستفاد من ذلك أنهم مجمعون على أن الدعاء عند القبر غير مستحب ولا خصيصة في تلك البقعة وإنما الخير قد يحصل من جهة نية الداعي ا.هـ[38]
وعلى كل فليس لأحد أن ينسب إلى ابن تيمية القول بجواز الاحتفال بالمولد وأنه لا يبدعه ، ثم لو قدر أن ابن تيمية ينفي بدعيته فإنه – رحمه الله -ليس حجة ولا دليلاً معصوماً ، وعليه فأقواله يحتج لها لا بها .


[1] مجموع الفتاوى ( 22/510 ) .

[2] الاقتضاء (2/585 ) .

[3] القواعد النورانية ص134 ،وانظر مجموع الفتاوى (31 /35 )

[4] ابن القيم في الأعلام (1/344 ).

[5] أخرجه أبو خيثمة في كتاب العلم وابن وضاح في البدع .

[6] أخرجه ابن نصر في السنة وابن وضاح في البدع وأخرج البخاري نحوه في كتاب الاعتصام .

[7] ( 1/92 ) رقم (126 ) .

[8]بواسطة كشف الخفاء (2/188) .

[9]تاريخ بغداد (4/165) .

[10]السلسلة الضعيفة (2/17) .

[11] انظر الاقتضاء ( 2/585 ) والاعتصام ( 1/233 ) وجامع العلوم والحكم ( 2/128 ) وكتاب حقيقة البدعة ( 1/394 ) والإبداع في كمال الشرع ص 18 وأصول البدع ص 121 وكتاب البدعة وأثرها السيئ في الأمة ص 42-45 .

[12] انظر الاقتضاء ( 2/593 ) ومنهاج السنة ( 8/307-308 ) والاعتصام (1/248-250 ) وجامع العلوم والحكم ( 2/128 ) وكتاب حقيقة البدع (1/411 ) والإبداع في كمال الشرع ص 15-17 وكتاب أصول البدع ص 95 ،126،129 .

[13] ص22 –23 .

[14] بنحو هذا الكلام ذكر صاحب الموسوعة اليوسفية ص484 .

[15] رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص 34 .

[16] الأثر ثابت وتجد بحثاً مفيداً في دراسته روايةً في كتاب البدع وأثرها السيء في الأمة ص 26-29 .

[17] كتاب الرسالة ص 194 .

[18] القواعد النورانية ص 124 .وانظره في المجموع ( 26/172 ) .

[19] الصارم المسلول (2/332 ) .

[20] ص 591 .

[21] الإقتضاء (2 /600 ) .

[22] الاقتضاء (1/280)

[23] الإقتضاء (2/ 610 ) .

[24] زاد المعاد (1/432 )



[25] كتاب فضل علم السلف على الخلف ص 32 .

[26] كتاب إعلام أهل العصر ص 95 للعظيم آبادي بواسطة علم أصول البدع ص 109

[27] ) الاعتصام ( 1/466 )

[28] هكذا موجود في الأصل .

[29] رسالة فتاوى مهمةٌ في الصلاة ص 48

[30] راجع للاستزادة كتاب الإبداع في مضار الابتداع ص 34-35 وكتاب حقيقة البدعة (1/302 ) وكتاب أصول البدع ص 107 فقد أجاد في تقرير هذه القاعدة وتدعيمها بكلام العلماء وكتاب قواعد معرفة البدع ص 75 وتصحيح الدعاء ص 24 والموافقات (3/285 ).

[31] انظر الاستقامة لابن تيمية ( 1/54 ) .

[32] كرر هذه القاعدة صاحب كتاب " الموسوعة اليوسفية لبيان أدلة الصوفية " ص96 ، 148 ، 484 . و الرسالة ملحقة بكتابه " إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة " .

[33] ص141 .

[34] جامع العلوم والحكم ( 2/131 ) .

[35] ومنهم صاحب الموسوعة اليوسفية ص139 ، والسعودي صالح الأسمري عضو الدعوة والإرشاد الآن بالطائف وسابقاً بقطر . فكم له من كلمات مسجلة وافق فيها أهل التصوف والبدعة ، قرر فيها أن البدع تنقسم إلى حسنة وسيئة ، وأنه لا توجد سنة تركية وهكذا ... بل وله مكالمة مسجلة طعن فيها على الإمام محمد بن عبدالوهاب والإمام عبدالعزيز بن باز – رحمهما الله – وعدّ الماتريدية والأشاعرة من الفرقة الناجية عياذاً بالله من لبس الحق بالباطل . وله محاضرة مسجلة يذكر فيها بعض الأقوال البدعية ويذكر ما خالفها من السنة ، لكن ينشط لذكر أدلة هذه البدع دون أدلة هذه السنن .

[36] (2/619) .

[37] الفتاوى (25/298) .

[38] الاقتضاء (2/732) .



و في الختام لا يسعني الا ان ادعو الله لي ولاخي بالسداد وان يهدينا لما اختلف فيه من الحق باذنه ولعل هاذا من اخر ما اكتبه في هاذا الموقع الطيب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبد الله ياسين 28-11-2007 11:20 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 88454)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
و كما وعدت سابقا تجدون التفصيل حول مسالة تركه صلى الله عليه وسلم في المبحث اسفله

وهي المقدمة الثالثة من كتاب

المقدمات العشر
في نقض أصول صوفية العصر



تقديم
فضيلة الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان

إعداد
عبدالعزيز بن ريس الريس

1426 هـ


المقدمة الثالثة:
كل إحداث في الدين لم يدل عليه دليل معتبر شرعاً فهو من جملة البدع المحرمة في الشرع . قال ابن تيمية [1] " والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع" ا . هـ ، وقال[2] " فالأصل في العبادات ألاَّ يشرع منها إلا ما شرعه الله " ا . هـ ،وقال " فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع - ثم قال – ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون إن الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله وإلا دخلنا في معنى قوله ] أم لهم شركاءُ شرعوا لهم من الدِّين ما لم يأذن به الله …( ا . هـ [3] ، وقال ابن القيم[4] " ولا دين إلا ما شرعه ، فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليلٌ على الأمر " وكلام الأئمة في هذا مشهورٌ ويدلُّ على هذه القاعدة قوله تعالى ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً … ( فالدِّين كاملٌ لا يقبل المُحدَثاتِ وقوله تعالى ) لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر …( وقوله ) قل إن كنـتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم … ( وحديث عائشة " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ " وحديث العرباض بن سارية " إياكم ومُحدَثاتُ الأمور فإن كل مُحدَثةٍ بدعةٌ " وحديثُ جابرٍ " وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ " رواه مسلم وثبت عن ابن مسعودٍ أنه قال " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم ، كل بدعةٍ ضلالةٌ " [5]. وثبت عن حذيفة بن اليمان أنه كان يدخل المسجد فيقف على الحِلَق فيقول " يا معشر القرَّاء اسلكوا الطريق فلئن سلكتموها لقد سبقتم سبقاً بعيداً ، ولئن أخذتم يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيداً "[6]

فائدة: ما ثبت أنه بدعةٌ في الدِّين فهو ضلالةٌ إذ كل بدعةٍ ضلالةٌ ويدل لهذا عموم الآيات والأحاديث الذامة للبدع كحديث جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم " وكل بدعةٍ ضلالةٌ " رواه مسلم وحديث العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعةٍ ضلالة " وقد سبق قول ابن مسعود " وكل بدعةٍ ضلالةٌ " وروى اللالكائي[7] وغيره عن ابن عمر قوله " كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنةً " فمن هذا يُعلم أن البدع كلها سيئةٌ ولا توجد في الدِّين بدعةٌ حسنةٌ ففي هذا ردٌ على مقسَّمي البدع قسمين حسنةً وسيئةً كالعز بن عبد السلام والقرافي والنووي والزركشي الشافعي وابن حجر الهيثمي والسخاوي والسيوطي وأبي السعادات ابن الأثير وعلي الجرجاني وغيرهم على أنّ لهؤلاء أدلّة في هذا التقسيم فإليكها مع الإجابة عليها :
أ – ما رواه الخطيب عن أنس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم " فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسنٌ " .
ب- وما رواه مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي أنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في صدر النهار قال فجاءه قومٌ حفاةٌ عُراةٌ مجتابي النمار أو العباء مُتقلديّ السيوف عامَّتهم من مُضرَ بل كلهم من مُضر فتمعَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لمِا رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال : ) يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ … ( الآية والآية التي في سورة الحشر ) اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغدٍ واتقوا الله … ( تصدق رجلٌ من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع برِّه من صاع تمره ( حتى قال ) ولو بشقِّ تمرةٍ " قال فجاء رجلٌ من الأنصار بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجز عنها بل قد عجزت قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعامٍ وثيابٍ حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يتهلَّل كأنه مذهبةٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم " من سنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ ومن سنَّ في الإسلام سنةً سيئةً كان عليه وزرُها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ " .
ج-وقول عمر بن الخطاب لما رأى الناس يُصلون القيام جماعةً في رمضان " نعمت البدعةُ " رواه البخاري .
د- كتابة القرآن وجمعه في مصحفٍ واحدٍ كما أمر أبو بكر- بمشورة عمر –زيد بن ثابت . والحديث في البخاري وقد تقدم .
وإليك الإجابة على هذه الأدلة بالاختصار ما أمكن :
أما الدليل الأول / فهو ضعيف لا يصح مرفوعاً . قال ابن عبدالهادي: إسناده ساقط والأصح وقفه على ابن مسعود ا.هـ[8] وروى الحديث مرفوعاً الخطيب البغدادي[9] وبين الشيخ الألباني – رحمه الله – أن في إسناده كذاباً ثم ذكر أنه إنما يثبت على ابن مسعود[10] كما أخرجه الإمام أحمد والخطيب في الفقيه والمتفقه . ومعناه ما أجمع العلماء عليه ولا تنس أن عبد الله بن مسعود يقول بأن كل بدعةٍ ضلالةٌ .
أما الدليل الثاني /حديث " سن في الإسلام سنةً حسنةً … " فالرد على المستدلين به من أوجهٍ :
1- لفظة ( سنَّ ) في الحديث محتملةٌ لمعنى أنشأ ولمعنى أحيا وذكَّر والاحتمال الثاني هو المتعين لأمرين :أولهما /مناسبةُ الحديث إذ غاية ما فيه أن الأنصاري صاحب الصُّرة أحيا وذكّر بهذه السنة . وثانيهما /أن الاحتمال الأول معارَضٌ بالأحاديث الذامة والناهية عن البدع فعلى هذا يترجح الاحتمال الثاني .
2- أن معرفة كون هذا العمل من الأمور الحسنة أو السيئة في الدِّين راجعٌ للشرع لأمرين: أولهما /أن عبد الله بن مسعود قال وكم من مريدٍ للخير لن يصبه . أخرجه الدارمي. وثانيهما /أن عقول الناس تتفاوت فلا يصلح كونها ميزاناً في تميز الحسن والسيئ[11] في الدِّين .
أما الدليل الثالث /قول عمر " نعمت البدعة " فالمراد بالبدعة في اللغة لا في الشرع فإن هذا الفعل ليس من جملة البدع لكون رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قد فعل القيام جماعة في رمضان ثم تركه لمانعٍ وهذا المانع زال بموته فصار فعله سنةً شرعيةً فيُحمل قول عمر بن الخطاب هذا على المعنى اللغوي لا الشرعي لكون هذا الفعل ليس بدعةً شرعيةً بل سنةٌ نبويةٌ ويُقال أيضاً عمر من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم كما في حديث العرباض بن سارية[12].
أما الدليل الرابع /وهو جمع القرآن في مصحفٍ واحدٍ فلا مَمسَك فيه لأنه من المصالح المرسلة .على أنه من سنةِ الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالتمسك بسنتهم .
فبهذا يتبين أن هذا التقسيم محدث لم يعرفه السلف فلا يجوز تقليد هؤلاء فيه .

تذييلات مهمات :
التذييل الأول: ذكر عبدالله الغماري في كتاب " إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة "[13] حديث "من أحدث في أمرنا هذا – مخصصٌ لحديث " كل بدعةٍ ضلالةٌ " ومبينٌ للمراد منها ، كما هو واضحٌ ، إذ لو كانت البدعة ضلالة بدون استثناء لقال الحديث من أحدث في أمرنا هذا شيئاً فهو ردٌ ، لكن لما قال : "أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ، فهو ردٌ " أفاد أن المحدث نوعان ما ليس من الدِّين بأن كان مخالفاً لقواعده ودلائله فهو مردودٌ وهو البدعةُ الضلالة وما هو من الدين بأن شهد له أصلٌ ، أو أيده دليلٌ فهو صحيحٌ مقبولٌ وهو السنة الحسنةُ "ا.هـ [14]
والرد أن يقال: ما قاله داعية البدعة الغماري خطأ وتأصيل لفتح باب البدع التي هي ضلالة وإنما مفهومه الصحيح هو أن يُحمل على أحد أمرين :
الأول/ المصالح المرسلة المعتبرة التي لم تُفعل إلا بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم كجمع القرآن وأذان عثمان الأول يوم الجمعة وهكذا ...
الثاني/ على العبادات التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لوجود مانعٍ كقيام رمضان جماعةً في المسجد وهذا كله لأجل ألا يتعارض مفهوم هذا الحديث مع السنة التركية فإن السنة التركية دليل شرعي معتبر فإليك تقرير الاحتجاج بها ، وبعض ما يتعلق بها من مهمات:
السنة التركية هي: ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه الأخيار من العبادات مع وجود المقتضي وانتفاء المانع . فتركه واجب وفعله بدعة منكرة .
وهذه قاعدة مهمة ضبطها يجلي كثيراً من البدع فإن ترك رسول الله صلى الله عليه وسلَّم العمل مع إمكان فعله – وهو الحريص كل الحرص على طاعة ربه الموصوف بأنه أخشى خلق الله وأتقاهم له – والمانع منتفٍ فهو والحالة هذه كفعله للعمل التعبُّدي ففعله صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ وتركه صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ لكن لا يصح لنا الاستدلال بالسنة التركية إلا عند توفُّر الدواعي للنقل فلا ينقل .وأقوى ما يتصور هذا فيما إذا نقل جزء العبادة دون جزئها الآخر . كما أشار لهذا ابن تيمية [15] على أن الأصل في العبادات أنها مما تتوفر الدواعي على نقلها ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل بيّن وحجّة واضحة. وفائدة هذا أنه أحياناً تتوفر الدواعي لنقل الفعل أكثر من الترك ، وأحياناً على قلةٍ لا تتوفر- كما سيأتي توضيحه فيما يستقبل -، فمثلاً صلاة الرغائب والألفية لم يثبت فيها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه ففعلها بعد تركهم مع إمكان فعلهم لها والمانع منتفٍ من جملة البدع إذ لو كان خيراً لسبقونا إليه .أما ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لوجود مانعٍ فليس داخلاً في البدع وذلك كمثل استخدام مكبّرات الصّوت في الآذان فهذا لو فعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لنقل لكن لا يصح وصفه بالبدعة لأنّه وجد مانع من فعله وهو عدم وجوده في زمن النبي صلى الله عليه وسلَّم ،وكمثل صلاة القيام جماعةً في رمضان فإن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم تركه خشية أن يُفترض كما جاء في حديث عائشة المتفق عليه فلما زال المانع بموته - إذ الوحي انقطع فما لم يكن مفروضاً فلن يفرض - أمر الفاروق عمر بن الخطاب بفعلها كما ثبت في صحيح البخاري .وأما مالم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأنّ الدّواعي لم تتوافر على نقله فهذا لا يصح وصف فعله بأنّه بدعة إذ اختلّ فيه شرط توفّر الدواعي للنقل- وقد سبق أنّ هذا لا يصار إليه إلا بدليل - ،وهذا مثل وضع اليدين على الصّدر بعد الرّفع من الركوع فإنّ بعد الركوع لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلَّم فيه شيء لا بالوضع ولا عدمه ،مما دلّ على أنّ الدواعي لم تتوفّر للنقل . فيتلخّص من هذا أنّه لا يصح وصف فعل تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أو صحابته بأنّه بدعة إلا إذا اجتمع فيه أمران:
أ- توافر الدواعي للنقل وهذا هو الأصل في كل عبادة ولا ينتقل عنه إلا ببرهان واضح .
ب- أنّ لا يوجد مانع يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أو صحابته من فعله .والله أعلم.

الأدلة على هذه القاعدة نوعان عامةٌ وخاصةٌ:
أما العامة فكل ما سبق من الأدلة القرآنية والحديثية في تحريم البدع إذ فعل ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم مع إمكان فعله بدون مانع إحداثٌ في الدِّين .

أما الخاصة فكثيرة وهذا بعضها :
1-ما رواه مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة " وجه الدلالة / أن الصحابي عمارة بن رؤيبة استدل بالسنة التركية في الإنكار على بشر بن مروان
2-ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال : جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلَّم ، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلَّم ، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها وقالوا : أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلَّم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً وقال الآخر وأنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الآخر وأنا أعتزل النساء فلا أتزوَّج أبداً فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إليهم فقال " أنتم الذين قلتم كذا وكذا . أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوَّج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " وجه الدلالة / أن هؤلاء لم يعتبروا السنة التركية دليلاً -تأوُّلاً منهم -فأنكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وبين أن التارك لها تاركٌ لسنـته .
3-ما رواه الشيخان عن معاذة قالت : سألت عائشة فقلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحروريةٌ أنت ؟ قالت لست بحروريةٍ ، ولكني اسأل ، قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة . وجه الدلالة / أن عائشة أم المؤمنين استدلت بتركهم وإقرار رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لذلك .
4-ما رواه البخاري عن زيد بن ثابت في قصة جمع القرآن وأن عمر ابن الخطاب أشار على أبي بكر بجمع القرآن فقال له أبو بكر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ؟ فلما أن شرح الله صدر أبي بكر لهذا كلَّف زيد بن ثابت به فقال زيدٌ : كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم . وجه الدلالة / أن كلا من أبي بكرٍ وزيدٍ احتجا بالسنة التركية . فإن قيل كيف خالفوها ؟ فيُقال لأن المقتضي من فعلها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لم يكن موجوداً إذ كان الرسول صلى الله عليه وسلَّم بينهم حافظاً للقرآن فلا يخشى ذهابه بخلاف ما بعد وفاته صلى الله عليه وسلَّم . وقد سبق تقرير حجية السنة التركية عند وجود المقتضي وانتفاء المانع .
5-اخرج البخاري عن أبي وائل قال جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس هذا المجلس عمر . فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته قلت : إن صاحبيك لم يفعلا قال هما المرآن اقتدى بهما . وجه الدلالة / أنه ترك ما هم به استدلالاً بالسنة التركية .
6-أخرج الدارمي في سننه وابن وضاح في كتاب ما جاء في البدع وغيرهم عن عمرو بن سلمة كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد فجاءنا أبو موسى ، فقال : أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا . فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعاً ، فقال له أبو موسى يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أمراً أنكرته ولم أرَ – والحمد لله – إلا خيراً. قال فما هو ؟ فقال إن عشت فستراه . قال : رأيت في المسجد قوماً جلوساً ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلقةٍ رجلٌ ، وفي أيديهم حصاً ، فيقول كبِّروا مائة ، فيكبِّرون مائة ، فيقول هللوا مائةً ، فيهللون مائةً ويقول سبِّحوا مائة ، فيسبِّحون مائةً ، قال فماذا قلتَ لهم ؟ قال ما قلتُ شيئاً انتظار رأيك أو انتظار أمرك . قال أفلا أمرتهم أن يعدُّوا سيئاتهم ، وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم ؟ ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقةً من تلك الحلق ، فوقف عليهم فقال ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصاً نعدُّ به التكبير ، والتهليل ، والتسبيح . قال فعدُّوا سيئاتكم فأنا ضامنٌ ألا يضيع من حسناتكم شيءٌ وَيحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلَّم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تُكسر والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملَّةٍ أهدى من ملَّة محمد أو مفتِّحوا باب ضلالةٍ . قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير . قال وكم من مريدٍ للخير لن يُصيبه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم حدثنا " إنَّ قومنا يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيهم " وأيم الله لا أدري ، لعلَّ أكثرهم منكم . ثم تولَّى عنهم . فقال عمرو بن سلمة رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج "[16] وجه الدلالة / أن الصحابي ابن مسعود اعتمد في الإنكار على هؤلاء بأن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه لم يفعلوا هذا الأمر ( السنة التركَّية ) ففاعلُهُ ما بين أمرين أن يزعم أنه أهدى منهم أو أنه يكون مفتحاً لباب ضلالةٍ و الثاني هو المتعيِّن . وبعد ذكر هذه الأدلة العامة والخاصة في إثبات السنة التركية بضوابطها إليك أقوال أهل العلم الدالة على اعتبارهم السنة التركيَّة .

أقوال أهل العلم في اعتبار السنّة التركية :
قال الشافعي " وللناس تبرٌ غيره من نحاس وحديد ورصاص فلما لم يأخذ منه رسول الله ولا أحد بعده زكاة تركناه اتباعاً بتركه " . ا . هـ[17] ، وقال ابن تيمية " والترك الراتب سنَّةٌ كما أن الفعل الراتب سنةٌ بخلاف ما كان تركه لعدم مقتضٍ أو فوات شرطٍ أو وجود مانعٍ وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع ما دلَّت الشريعة على فعله حنيئذٍ كجمع القرآن في المصحف وجمع الناس في التراويح على إمامٍ واحدٍ وتعلُّم العربية وأسماء النقلة للعلم وغير ذلك مما يُحتاج إليه في الدِّين ، بحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به وإنما تركه صلى الله عليه وسلَّم لفوات شرطه أو وجود مانعٍ فأما ما تركه من جنس العبادات مع أنه لو كان مشروعاً لفعله أو أذن فيه ، وَلَفَعَله الخلفاء بعده والصحابة ، فيجب القطع بأنه بدعةٌ وضلالةٌ . ويمتنع القياس في مثله ..ا.هـ[18] وقال: " فحاصُلُه أن الرسول صلى الله عليه وسلَّم أكمل البشر في جميع أحواله فما تركه من القول والفعل فتركه أولى من فعله ، وما فعله ففعله أكمل من تركه " [19] ا .هـ ، وقال [20] " والقياس هنا فاسد الوضع والاعتبار ، لأنه موضوعٌ في مقابلة النَّص ، وذاك أن ترْكه صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ كما أن فعله سنةٌ " وقال [21] " ولأن التلفظ بذلك لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلَّم ولا عن أصحابه ولا عن أحدٍ من التابعين لهم بإحسانٍ ومعلومٌ أن ذلك لو كان مستحباً لفعلوه وعلَّموه وأمروا به ، ولو كان ذلك لنُقل كما نُقل سائر الأذكار وإذا لم يكن كذلك كان من محدثات الأمور … " ا . هـ ،
وقال رحمه الله " بل يُقال ترك رسول الله صلى الله عليه وسلَّم مع وجود ما يعتقد مقتضياً وزوال المانع سنةٌ كما أن فعله سنةٌ . فلما أمر بالأذان في الجمعة وصلى العيدين بلا أذانٍ ولا إقامةٍ كان ترك الأذان فيهما سنةً ، فليس لأحدٍ أن يزيد في ذلك – ثم قال – ومع هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، فهذا الترك سنةٌ خاصةٌ ، مقدمةٌ على كل عمومٍ وكل قياس " ا . هـ [22]، وقال " لأن ذلك الفضل إن لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلَّم ولا أصحابه ولا التابعون ، ولا سائر الأئمة ، امتنع أن نعلم نحن من الدِّين الذي يقرِّب إلى الله ما لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلَّم والصحابة والتابعون وسائر الأئمة وإن علموه امتنع مع توفُّر دواعيهم على العمل الصالح وتعليم الخَلق والنصيحة لهم ألاّ يعلموا أحداً بهذا الفضل ولا يسارع إليه واحدٌ منهم فإذا كان هذا الفضل المدَّعى مستلزماً لعدم علم الرسول صلى الله عليه وسلَّم وخير القرون لبعض دين الله ولكتمانهم وتركهم ما تقضي شريعتهم وعاداتهم ألا يكتموه ولا يتركوه وكل واحدٍ من اللازمَين منتفٍ إما بالشرع وإما بالعادة مع الشرع علم انتفاء الملزوم وهو الفضل المدعى"ا.هـ[23] ، وقال ابن القيم " لأن هذا مما انعقد سبب فعله في عهد النبي صلى الله عليه وسلَّم فإذا لم يفعله ولم يشرَعه كان تركه هو السنة – ثم قال – فلذلك كان الصحيح أنه لا يُسنّ الغُسل للمبيت بمزدلفة ولا لرمي الجمار ولا للطواف ولا للكسوف ولا للاستسقاء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه لم يغتسلوا لذلك مع فعلهم لهذه العبادات " ا . هـ [24]، وقال –رحمه الله –كلاماً مفيداً للغاية فيما يتعلق بالسنة التركية مع ذكره بعض الأمثلة عليها. قال(3) " وأما نقلهم لتركه صلى الله عليه وسلَّم فهو نوعان: وكلاهما سنة أحدهما / تصريحهم بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله ، كقوله في شهداء أحد " ولم يغسلهم ولم يصل وقوله في صلاة العيد " لم يكن أذان ولا إقامةٌ ولا نداءٌ " وقوله في جمعه بين الصلاتين " ولم يسبح بينهما ولا على أثر واحدةٍ منهما ونظائره .والثاني / عدم نقلهم لما لو فعله لتوفرت هممهم و دواعيهم أو أكثرهم أو واحدٍ منهم على نقله ، فحيث لم ينقله واحدٌ منهم ألبتة ولا حدث به في مجمع أبداً عُلم أنه لم يكن ، وهذا كتركه التلفُّظ بالنية عند دخوله في الصلاة ، وتركه الدعاء بعد الصلاة مستقبل المأمومين وهم يؤمنون على دعائه دائماً بعد الصبح والعصر أو في جميع الصلوات ، وتركه رفع يديه كل يوم في صلاة الصبح بعد رفع رأسه من ركوع الثانية وقوله " اللهم اهدنا فيمن هديت " يجهر بها ويقول المأمومون كلهم" آمين " ومن الممتنع أن يفعل ذلك ولا ينقله عنه صغيرٌ و لا كبيرٌ ولا رجلٌ ولا امرأةٌ ألبتة وهو مواظبٌ عليه هذه المواظبة لا يخلُّ به يوماً واحداً ، وتركه الاغتسال للمبيت بمزدلفة ولو رمى الجمار ولطواف الزيارة ولصلاة الاستسقاء والكسوف ، ومن ههنا يُعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة ، فإن تركه صلى الله عليه وسلَّم سنةٌ كما أن فعله سنةٌ ، فإذا استحببنا فعل ما تركه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله ، ولا فرق فإن قيل من أين لكم أنه لم يفعله وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم ؟ فهذا سؤالٌ بعيد جداً عن معرفة هديه وسنـته وما كان عليه ، ولو صحَّ هذا السؤال وقُبِل لا ستحبَّ لنا مستحبٌّ الأذان للتراويح ، وقال من أين لكم أنه لم يُنقل؟ واستحبّ لنا مستحبٌ آخر الغسل لكل صلاةٍ وقال من أين لكم انه لم يُنقل ؟ واستحبَّ لنا مستحبٌّ آخر النداء بعد الأذان للصلاة يرحمكم الله ورفع بها صوته وقال " من أين لكم أنه لم يُنقل ؟ واستحبّ لنا آخرُ لبس السواد والطرحة للخطيب وخروجه بالشاويش يصيح بين يديه ورفعُ المؤذنين أصواتهم كلما ذكر اسم الله واسم رسول الله صلى الله عليه وسلَّم جماعةً وفُرادى وقال من أين لكم أن هذا لم يُنقل ؟ واستحبَّ لنا آخر صلاة ليلة النصف من شعبان أو ليلة أول جمعة من رجب وقال من أين لكم أن إحياءهما لم يُنقل ؟ وانفتح باب البدعة وقال كل من دعا إلى باب بدعة من أين لكم أن هذا لم يُنقل ؟ " ا.هـ فانظر – يا رعاك الله – ما ذكره ابو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن القيم، وتقسيمه للسنة التركية قسمين ،ودقته في تنـزيل هذا الأصل على الفروع التي ذكرها . وقال ابن رجب [25] " فأما ما اتفقوا على تركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لا يُعلم به " ا . هـ ، وقال العيني [26]" إن الترك – مع حرصه عليه السلام على إحراز فضيلة النفل – دليل الكراهة " ا . هـ ، وقال الشاطبي [27]" وذلك أن سكوت الشارع عن الحكم في مسألةٍ ما أو تركه لأمرٍ ما على ضربين :أحدهما / أن يسكت عنه أو يتركه ، لأنه لا داعية له تقضيه ، ولا موجب يُقرر لأجله ولا وقع سببُ تقريره كالنوازل الحادثة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلَّم فإنها لم تكن موجودةً ثم سكت عنها مع وجودها، وإنما حدثت بعد ذلك فاحتاج أهل الشريعة إلى النظر فيها وإجرائها على ما تبين في الكليات التي كمل بها الدِّين – ثم قال – والضرب الثاني /أن يسكت الشارع عن الحكم الخاص أو يترك أمراً ما من الأمور وموجبه المقتضي له قائمٌ وسببه في زمان الوحي وفيما بعده موجودٌ ثابتٌ إلا إنه لم يُحدد فيه أمرٌ زائدٌ على ما كان من الحكم العام في أمثاله و لا ينقص منه ، لأنه لما كان المعنى الموجب لشرعية الحكم العقلي الخاص موجوداً ثم لم يُشرع ولا نبَّه ( السبطا [28]) كان صريحاً في أن الزائد على ما ثبت هنالك بدعةٌ زائدة ومخالفةٌ لقصد الشارع ، إذ فهم من قصده الوقوف عند ما حدّ هنالك لا الزيادة ولا النقصان منه " ا.هـ ، وقد ذهب العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله - إلى بدعية رفع اليدين بعد الفريضة استدلالاً بعدم فعله صلى الله عليه وسلَّم ولا أصحابه مبيناً أن فعله سنةٌ وتركه سنةٌ [29]وقال العلامة الألباني-رحمه الله - " من المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادةٍ مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بقوله ، ولم يتقرَّب هو بها إلى الله بفعله ، فهي مخالفةٌ لسنـته لأن السنة على قسمين سنةٌ فعليةٌ وسنةٌ تركيةٌ فما تركه صلى الله عليه وسلَّم من تلك العبادات ، فمن السنة تركها ألا ترى مثلاً أن الأذان للعيدين ولدفن الميت مع كونها ذكراً وتعظيماً لله عز وجل لم يجز التقرُّب به إلى الله عز وجل ، وما ذاك إلا لكونه سنةً تركها رسول الله صلى الله عليه وسلَّم . وقد فهم هذا المعنى أصحابه صلى الله عليه وسلَّم ، فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيراً عاماً ، كما هو مذكور في موضعه " ا .هـ[30] .

تنبيهات :
التنبيه الأول :
قد يعترض البعض على الاستدلال بالسنة التركية بقوله " عدم العلم بالشيء لا يدل على العدم " والاستدلال بهذا صحيح لكن بشرط ألا تتوفر الدواعي والهمم على النقل ثم لا يُنقل – راجع ما سبق نقله عن ابن القيم – فإنه أحياناً لا تتوفر الدواعي للنقل لقرينة ما فمثل هذا لا يُستدل بالسنة التركية مع كون الأصل في باب العبادات أن الدواعي متوفرةٌ للنقل –كما سبق- وإليك مثال موضحاً ذلك: قال بعض الفضلاء يلزم من الاستدلال بالسنة التركية عدم إيجاب الوضوء لصلاة الجنازة والاستسقاء لعدم وجود النص الخاص المبيِّن لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم والاستدلال بالنص العام معارضٌ بالسنة التركية إذا لم يُنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه توضأ لهذه الصلوات خاصةً وعندك أن السنة التركية مقدمةٌ على النصّ العام . فيُقال جواباً على هذا إن تقديم السنة التركية على النص العام هو المتعين كما سبق بعض كلام الأئمة فيه ، وأيضاً سيأتي بحثه بأوضح مما سبق لكن بشرط توفر الدواعي للنقل . وأنت إذا تأملت وجدت أن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لو لم يتوضأ لهذه الصلوات لكان النقل لهذا أدعى وأشد فعلى هذا الاستدلال بالسنة التركية هنا لا يصح لأن الدواعي توفرت لنقل العكس فتنبه .

التنبيه الثاني :
ليعلم المستدلُّ بالسنة التركية أنه نافٍ وباب النفي أوسع وأصعب من باب الإثبات كما هو معروفٌ. لذا يجب عليه الحذر وعدم الاستعجال وليس معنى هذا أن يقفل باب الاستدلال بالسنة التركية كلا بل المراد أنه لا ينفي إلا بعد بحثٍ يجعل ظنَّه الغالب يحكم على هذا الأمر بالنفي إذ التعبُّد بالظن الغالب متعيِّن وحصرُ العلم في القطعيات واليقينيات هي طريقة المتكلمين .[31] وقد ينفي اعتماداً على الظن الغالب ثم يجد بعدُ ما يُخالف نفيه ففي مثل هذه الحالة هو مأجورٌ غير مأزور ولكن يجب عليه الرجوع للحق إذ هو دين الله . وليعلم المستدلُّ بالسنة التركية أيضاً أن على مخالِفِه المدَّعِي العملَ بجزئيةٍ معينةٍ إثبات مشروعية العمل بهذه الجزئية إذ الأصل في باب العبادات المنع والحضر كما تقدم .
التنبيه الثالث:
قرر عبدالله الغماري في رسالة له بعنوان " حسن التفهم والدرك لمسألة الترك "[32] أن ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم له عدة دوافع ولا تفيد التحريم إلا إذا احتف بقرينة تفيد التحريم فقال: قررت في كتاب " الرد المحكم المتين " أن ترك الشيء لا يدل على تحريمه ، وهذا نص ما ذكرته هناك: والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع . وإما أن ذلك الفعل المتروك يكون محظوراً فهذا لا يستفاد من الترك وحده ، وإنما يستفاد من دليل يدل عليه ا.هـ[33] وهو بتقريره هذا قد خلط غاية التخليط بين ترك العبادة مع إمكان فعلها بأن تتوافر الشروط وتنتفي الموانع ، وبين ترك غير العبادات ، لذا أورد بعد ص147 حديث " كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار " وهذا المثال غير داخل في ما نحن بصدده لأنه ليس تركاً للعبادة وقد تقدم التدليل أن ترك العبادة مع إمكان فعلها يكون ملزماً ومن فعلها وقع في البدع وهذه الشبهة من أقوى شبه القوم التي أضلتهم مع وضوح بطلانها فالحمد لله على نعمة التوحيد والسنة ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ )

التذييل الثاني: رُوى عن الشافعي كلامٌ تمسَّك به القائلون بتقسيم البدعة قسمين حسنةً وسيئةً والجواب على ما تمسّكوا به من وجهين : 1- لو سلمنا أن ما ذكرتم هو مقصود الشافعي فإنه خالف غيره من أئمة الدِّين- كما سبق- كالصحابة الذين ذموا البدع كلّها وإن رآها الناس حسنة وقد قال الإمام أحمد :وكل بدعةٍ ضلالةٌ وأيضاً خالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فليس قوله حجةً يصحّ التمسك به . 2-أنا لا نسلّم لكم بما فهمتم من كلامه لأنه أراد بالبدعة المحمودة هي البدعة اللغوية ليس غير قال ابن رجب[34] " وقد روى الحافظ أبو نعيم بإسناده عن إبراهيم بن الجنيد حدثنا حرملة بن يحيى قال سمعت الشافعي رحمه الله يقول البدعة بدعتان بدعةٌ محمودةٌ وبدعةٌ مذمومةٌ ، فما وافق السنة ، فهو محمودٌ وما خالف السنة فهو مذمومٌ . واحتجَّ بقول عمر بن الخطاب " نعمت البدعة هي " ومراد الشافعي رحمه الله ما ذكرنا من قبل أن البدعة المذمومة ما ليس لها أصلٌ من الشريعة يُرجع إليه ، وهي البدعةُ في إطلاق الشرع ، وأما البدعةُ المحمودة فما وافق السنة يعني ما كان لها أصلٌ من السنة يُرجع إليه وإنما هي بدعةٌ لغةً لا شرعاً لموافقتها السنة . وقد رُوى عن الشافعي كلامٌ آخرُ يُفسِّر هذا ، وأنه قال والمحدثات ضربان : ما أُحدث مما يُخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً ، فهذه البدعةُ الضلالة ، وما أُحدث من الخير ، لا خلاف فيه لواحدٍ من هذا ، وهذه محدثةٌ غير مذمومةٍ " ا.هـ .
التذييل الثالث : ينسب بعض دعاة البدع[35] إلى الإمام ابن تيمية أنه يرى جواز الاحتفال بالمولد معتمدين في ذلك على عبارة ذكرها في الاقتضاء[36]: وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وأكثر هؤلاء الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع مع مالهم فيها من حسن القصد والاجتهاد الذي يرجى لهم بهما المثوبة تجدهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه أو يصلي فيه قليلا وبمنزلة من يتخذ المسابح والسجادات المزخرفة ا.هـ
هذا الكلام صريح في أن المولد بدعة من البدع عنده إذ قال:( لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً )، وأكد ذلك بقوله في موضع آخر: وأما إتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال أنها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم ا.هـ[37]
فإذا اتضح وبان أنه صرح ببدعية هذا اليوم فما معنى قوله: إنه يثاب ويؤجر ؟ يقال: إن كلامه صريح في أن الإثابة على نية محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن القصد لا على العمل ، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " أخرجه الشيخان عن عمرو بن العاص . فهذا الحاكم أثيب لحسن نيته أجراً كما أفاده الشافعي وغيره وإن كان العمل خطأ ، ومثله المقلد فإنه إذا قلد من يثق فيه وعمل المولد ظناً منه أن فعله مشروع فهو لا يثاب على العمل لأنه أخطأ وإنما على حسن النية والقصد . كما قال في موضع آخر: وإنما الذي أراده ربيعة -والله أعلم- أن من كانت له نية صالحة أثيب على نيته وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع إذا لم يتعمد مخالفة الشرع فهذا الدعاء وإن لم يكن مشروعا لكن لصاحبه نية صالحة قد يثاب على نيته فيستفاد من ذلك أنهم مجمعون على أن الدعاء عند القبر غير مستحب ولا خصيصة في تلك البقعة وإنما الخير قد يحصل من جهة نية الداعي ا.هـ[38]
وعلى كل فليس لأحد أن ينسب إلى ابن تيمية القول بجواز الاحتفال بالمولد وأنه لا يبدعه ، ثم لو قدر أن ابن تيمية ينفي بدعيته فإنه – رحمه الله -ليس حجة ولا دليلاً معصوماً ، وعليه فأقواله يحتج لها لا بها .


[1] مجموع الفتاوى ( 22/510 ) .

[2] الاقتضاء (2/585 ) .

[3] القواعد النورانية ص134 ،وانظر مجموع الفتاوى (31 /35 )

[4] ابن القيم في الأعلام (1/344 ).

[5] أخرجه أبو خيثمة في كتاب العلم وابن وضاح في البدع .

[6] أخرجه ابن نصر في السنة وابن وضاح في البدع وأخرج البخاري نحوه في كتاب الاعتصام .

[7] ( 1/92 ) رقم (126 ) .

[8]بواسطة كشف الخفاء (2/188) .

[9]تاريخ بغداد (4/165) .

[10]السلسلة الضعيفة (2/17) .

[11] انظر الاقتضاء ( 2/585 ) والاعتصام ( 1/233 ) وجامع العلوم والحكم ( 2/128 ) وكتاب حقيقة البدعة ( 1/394 ) والإبداع في كمال الشرع ص 18 وأصول البدع ص 121 وكتاب البدعة وأثرها السيئ في الأمة ص 42-45 .

[12] انظر الاقتضاء ( 2/593 ) ومنهاج السنة ( 8/307-308 ) والاعتصام (1/248-250 ) وجامع العلوم والحكم ( 2/128 ) وكتاب حقيقة البدع (1/411 ) والإبداع في كمال الشرع ص 15-17 وكتاب أصول البدع ص 95 ،126،129 .

[13] ص22 –23 .

[14] بنحو هذا الكلام ذكر صاحب الموسوعة اليوسفية ص484 .

[15] رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص 34 .

[16] الأثر ثابت وتجد بحثاً مفيداً في دراسته روايةً في كتاب البدع وأثرها السيء في الأمة ص 26-29 .

[17] كتاب الرسالة ص 194 .

[18] القواعد النورانية ص 124 .وانظره في المجموع ( 26/172 ) .

[19] الصارم المسلول (2/332 ) .

[20] ص 591 .

[21] الإقتضاء (2 /600 ) .

[22] الاقتضاء (1/280)

[23] الإقتضاء (2/ 610 ) .

[24] زاد المعاد (1/432 )



[25] كتاب فضل علم السلف على الخلف ص 32 .

[26] كتاب إعلام أهل العصر ص 95 للعظيم آبادي بواسطة علم أصول البدع ص 109

[27] ) الاعتصام ( 1/466 )

[28] هكذا موجود في الأصل .

[29] رسالة فتاوى مهمةٌ في الصلاة ص 48

[30] راجع للاستزادة كتاب الإبداع في مضار الابتداع ص 34-35 وكتاب حقيقة البدعة (1/302 ) وكتاب أصول البدع ص 107 فقد أجاد في تقرير هذه القاعدة وتدعيمها بكلام العلماء وكتاب قواعد معرفة البدع ص 75 وتصحيح الدعاء ص 24 والموافقات (3/285 ).

[31] انظر الاستقامة لابن تيمية ( 1/54 ) .

[32] كرر هذه القاعدة صاحب كتاب " الموسوعة اليوسفية لبيان أدلة الصوفية " ص96 ، 148 ، 484 . و الرسالة ملحقة بكتابه " إتقان الصنعة في تحقيق معنى البدعة " .

[33] ص141 .

[34] جامع العلوم والحكم ( 2/131 ) .

[35] ومنهم صاحب الموسوعة اليوسفية ص139 ، والسعودي صالح الأسمري عضو الدعوة والإرشاد الآن بالطائف وسابقاً بقطر . فكم له من كلمات مسجلة وافق فيها أهل التصوف والبدعة ، قرر فيها أن البدع تنقسم إلى حسنة وسيئة ، وأنه لا توجد سنة تركية وهكذا ... بل وله مكالمة مسجلة طعن فيها على الإمام محمد بن عبدالوهاب والإمام عبدالعزيز بن باز – رحمهما الله – وعدّ الماتريدية والأشاعرة من الفرقة الناجية عياذاً بالله من لبس الحق بالباطل . وله محاضرة مسجلة يذكر فيها بعض الأقوال البدعية ويذكر ما خالفها من السنة ، لكن ينشط لذكر أدلة هذه البدع دون أدلة هذه السنن .

[36] (2/619) .

[37] الفتاوى (25/298) .

[38] الاقتضاء (2/732) .



و في الختام لا يسعني الا ان ادعو الله لي ولاخي بالسداد وان يهدينا لما اختلف فيه من الحق باذنه ولعل هاذا من اخر ما اكتبه في هاذا الموقع الطيب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فهمه للأحاديث يخالفه فيه شراح كتب الحديث و شرح ذالك قد يطول.

و في ثنايا موضوعنا هذا رفع لبعض الإشكالات تبيّن أنّ الترك لوحده لا يفيد التحريم فليراجع.

لا زلنا ننتظر :

روى الإمام مسلم في صحيحه ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَنْ ‏ ‏نَفَّسَ ‏ ‏عَنْ مُؤْمِنٍ ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كُرَبِ ‏ ‏الدُّنْيَا ‏ ‏نَفَّسَ ‏ ‏اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏كُرْبَةً ‏ ‏مِنْ ‏ ‏كُرَبِ ‏ ‏يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا ‏ ‏يَلْتَمِسُ ‏ ‏فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ

ما هو دليلكم على أنّ المقصود من قوله صلى الله عليه و سلّم : "
يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ" هو قراءة الواحد و الباقون يستمعون و ليس الذكر الجماعي بصوت واحد ؟

أظن السؤال بسيط والجواب إن شاء الله سيكون أبسط.


فارس العاصمي 13-02-2008 07:50 PM

رد: إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algeroi (المشاركة 73080)
إتحاف الأماجد بفتاوى علماء المذهب المالكي في بدعية قراءة القرآن جماعة على صوت واحد

جمع و إعداد أبو عبد الله يوسف الزاكوري المالكي المغربي

تنبيه :جل هذه الفتاوي هي من بحثي الخاص و الكتب التي أعزو إليها عندي إما مطبوعة أو مصورة ، و حق النشر محفوظ لكل مسلم بشرط العزو إلى صاحب البحث .


1 –إمام دار الهجرة الجبل الحبر البحر مالك بن أنس – رحمه الله-

أ - يقول محمد العتبي الأندلسي المالكي ( المتوفى سنة 255هـ) في العتبية 1/298 : قال ابن القاسم : قال مالك في القوم يجتمعون جميعا فيقرؤن في السورة الواحدة مثل ما يفعل أهل الإسكندرية ، فكره ذلك و أنكر أن يكون من فعل الناس .
ب - وقال العتبي كذلك في العتبية 1/242: وسئل عن القراءة في المسجد فقال لم يكن بالأمر القديم و إنما هو شيء أحدث ، و لم يأت آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها . والقرآن حسن .
ج- وسئل العتبي كذلك في 2/17 عن دراسة القرآن بعد صلاة الصبح في المسجد يجتمع عليه نفر فيقرؤون في سورة واحدة فقال : كرهها مالك و نهى عنها و رأى أنها بدعة .
د –قال ابن رشد ( الفقيه المالكي طبعا و ليس الفيلسوف الهالك )في البيان و التحصيل (1/298): إنماكرهه (يقصد الإمام مالكا)لأنه أمر مبتدع ليس من فعل السلف ، و لأنهم يبتغون به الألحان و تحسين الأصوات بموافقة بعضهم بعضا و زيادة بعضهم في صوت بعض على نحو ما يفعل في الغناء ،فوجه المكروه في ذلك بين ، و الله أعلم .

2- الملك المغربي العلوي العظيم المولى سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل – قدس الله روحه-

قال رحمه الله في خطبته العصماء المباركة التي كتبها بقلمه لخطباء المساجد يخطبون بها في الجُمَع يحذر فيها من اتباع أهل البدع وينكر عليهم جملة من البدع منها الاجتماع في المواسم بالإنشاد والآلات والرقص وأوعدهم بالعقوبة إن لم ينتهوا، قال : ((والذكر الذي أمر الله به ، وحث عليه ومدح الذاكرين به ، هو على الوجه الذي كان يفعله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن على طريق الجمع ورفع الأصوات على لسان واحد ، فهذه سنة السلف وطريقة صالحي الخلف ، فمن قال بغير طريقتهم فلا يستمع ، ومن سلك غير سبيلهم فلا يتبع { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصير}، { قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ، وسبحان الله وما أنا من المشركين}، فما لكم يا عباد الله ولهذه البدع ؟! أأمناً من مكر الله ؟! أم تلبيسا على عباد الله !؟ أم منابذة لمن النواصي بيده ؟! أم غروراً لمن الرجوع بعدُ إليه ؟! فتوبوا واعتبروا ، وغيروا المناكر واستغفروا ، فقد أخذ الله بذنب المترفين من دونهم ! وعاقب الجمهور لما أغضوا عن المنكر عيونهم ، وساءت بالغفلة عن الله عقبى الجميع ، ما بين العاصي والمداهن المطيع ! أ فيزين لكم الشيطان وكتاب الله بأيديكم ؟ أم كيف يضلكم وسنة نبيكم تناديكم !؟ فتوبوا إلى رب الأرباب ، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون )).
و للفائدة فإن العلامة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله قد أفرد هذه الخطبة بالطبع وصدرها بمقدمة نافعة في مكتبة و مطبعة الساحل بالرباط أملك نسخة منها و الحمد لله . و قد أفردها بالطبع كذلك غيره كمحمد الكتاني في فاس .


3 – الإمام أبو بكر الطرطوشي محمد بن الوليد الفهري الأندلسي المالكي المتوفى سنة 520هـ

أ - يقول في كتابه العجاب "الحوادث و البدع " و هو مطبوع عدة مرات ، يقول (117-118) : ((و قرآة القرآن جماعة ضمن البدع ، غير أنه أجازه بالإدارة أي : أن يقرأ هذا ، ثم يقرأ الذي بعده .)).
ب – ويقول كذلك في الصفحة 118 ناقلا عن مختصر ما ليس في المختصر لابن شعبان قول مالك : (( و الذين يجتمعون و يقرؤون سورة واحدة حتى يختموها ، يختمها كل واحد على إثر صاحبه مكروه منكر ، و لو قرأ أحدهم منها آيات ، ثم قرأ الآخر على إثر صاحبه ، و الآخر كذلك ، لم يكن به بأس ، هؤلاء يعرضون بعضعهم على بعض.))


4- الإمام الأصولي أبو إسحاق ابراهيم بن موسى الشاطبي المتوفى سنة 790 هـ


أ - يقول في كتابه المعطار : "الإعتصام "2/396: ((ونقل أيضا إلى أهل المغرب الحزب المحدث بالإسكندرية وهو المعتاد في جوامع الأندلس وغيرها فصار ذلك كله سنة في المساجد إلى الآن فإنا لله وإنا إليه راجعون))
ب- و يقول فيه أيضا 2/301: ((وخرج أيضا - وهو في العتبية من سماع ابن القاسم - عن مالك رحمه الله أنه سئل عن قراءة قل هو الله أحد مرارا في الركعة الواحدة فكره ذلك وقال هذا من محدثات الأمور التي أحدثوا
ومحمل هذا عند ابن رشد من باب الذريعة ولأجل ذلك لم يأت مثله عن السلف وإن كانت تعدل ثلث القرآن - كما في الصحيح - وهو صحيح فتأمله في الشرح
وفي الحديث أيضا ما يشعر بأن التكرار كذلك عمل محدث في مشروع الاصل بناء على ما قاله ابن رشد فيه
ومن ذلك قراءة القرآن بهيئة الاجتماع عشية عرفة في المسجد للدعاء تشبها بأهل عرفة ونقل الأذان يوم الجمعة من المنار وجعل قدام الإمام))
ج –و يقول فيه أيضا 2/321: ((ومنها ما هو مكروه كما يقول مالك في إتباع رمضان بست من شوال وقراءة القرآن بالإدارة والاجتماع للدعاء عشية عرفة )) .
قلت : و معنى مكروه عند مالك رحمه الله هو الحرام و البدعة كما تقدم عن ابن رشد .
د – سئل أبو إسحاق الشاطبي عن قراءة الحزب بالجمع هل يتناوله قوله عليه السلام : [و ما اجتمع قوم في بيت ] الحديث .كما وقع لبعض الناس ، أهو بدعة ؟
فأجاب : إن مالكا سئل عن ذلك فكرهه ، وقال لم يكن من عمل الناس .
و في العتبية سئل عن القراءة في المسجد ، يعني على وجه مخصوص كالحزب و نحوه فقال : لم يكن بالأمر القديم , وإنما هو شيء أحدث .))
ثم قال : ((و لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها .)) المعيار 11/112 و سيأتي ذكره.


5 – أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المشهور بابن الحاج

يقول في كتابه : "المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات و التنبيه على بعض البدع و العوائد التي انتحلت و بيان شناعتها و قبحها " 2/224/225 : ((وينبغي له أن ينهى من يقرأ الأعشار وغيرها بالجهر و الناس ينتظرون صلاة الجمعة أو غيرها من الفرائض ، لأنه موضع النهي لقول النبي صلى الله عليه و سلم : {لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن } و لا يظن ظان أن هذا إنكار لقراءة القرآن ، بل ذلك مندوب إليه بشرط أن يسلم من التشويش على غيره من المصلين و الذاكرين و التالين و المتفكرين وكل من كان في عبادة))

6 – العلامة أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد الونشريسي المتوفى سنة 914 هـ

يقول في كتابه الكبير المطبوع تحت إشراف الدكتور محمد حجي و نشرته وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية المغربية مشكورة سنة 1401هـ الموسوم ب"المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية و الأندلس و المغرب" الجزء11 الصفحة 115/116 :: ((و أما قراءته بالإدارة في وقت معلوم على ما نص فيه السؤال وما أشبهه ، فأمر مخترع ، وفعل مبتدع ، ولم يجر مثله قط في زمان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا في زمن الصحابة رضي الله عنهم ، حتى نشأ أقوام خالفوا عمل الأولين ، وعملوا في المساجد بالقراءة على ذلك الوجه الإجتماعي الذي لم يكن قبلهم ، فقام عليهم العلماء بالإنكار و أفتوا بكراهيته .و إن العمل به كذلك مخالفة لمحمد صلى الله عليه و سلم و أصحابه ، وذلك أن قراءة القرآن عبادة ، إذا قرأه الإنسان على الوجه الذي كان الأولون يقرؤون ، فإذا قرأ على غيره كان قد غيرها على وجهها فلم يكن القارئ متعبدا لله بما شرع له))

7- الإمام المجدد محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله المتوفى سنة 1407هـ

قال رحمه الله في كتابه " الحسام الماحق " : ((اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه". رواه مسلم من حديث أبي هريرة .

لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة)) ثم شرع يذكر جملة من مفاسد هذه البدعة .


8- الشيخ ضياء الدين أبو المودة خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب المالكي المعروف بالجندي المتوفى سنة 767 هـ

نقل عنه الإمام تقي الدين الهلالي في الحسام الماحق قوله : (قال في مختصره عاطفاً على المكروهات : ( و جهر بـها في مسجد كجماعة ) ) .فلما بحثت في كتاب مختصر خليل لم أجد هذا الكلام بهذا اللفظ و إنما وجدت قوله : ((وكره سجود شكر، أو زلزلة، وجهر بها بمسجد، وقراءة بتلحين: كجماعة وجلوس لها لا لتعليم.)) الجزء1 ص29، فلعل هذا ما أحال عليه الإمام الهلالي رحمه الله .

9 – الشيخ محمد كنوني المذكوري مفتي رابطة علماء المغرب

قال في كتابه "الفتاوى" - و هذا الكتاب قد حظي بتقديم العلامة عبد الله كنون الأمين العام للرابطة- ، قال : ((الجواب عن السؤال العاشر : حول قراءة القرآن بالصفة الجماعية ، على النحو الذي يفعله قراؤنا .
قال رحمه الله بعد أن ذكر السنة في القراءة : ولكن العمل في المغرب جرى بالإجتماع للقراءة في المساجد و غيرها ، ومن المقرر المعلوم أن الإمام مالكا رحمه الله يقول بكراهة ذلك حيث قال : ليست القراءة في المساجد بالأمر القديم و إنما هو شيء أحدث . و لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها ...إلى أن قال : و الذي ينبغي الأخذ به هو عمل السلف الصالح ، و منهم الإمام مالك رضي الله عن الجميع .))
10- إمام المذهب محمد بن سحنون (المتوفى سنة256هـ)

قال رحمه الله في كتاب آداب المعلمين: { و لقد سئلَ مالكٌ عن هذه المجالسِ التي يُجتمعُ فيها للقراءةِ فقالَ: بدعةٌ، و أرى للوالي أن ينهاهم عن ذلك و يحسنَ أدبهمَ، و لْيعلِّمهم الأدبَ، فإنه من الواجبِ للهِ عليهِ النصيحةُ، و حفظُهم و رعايتُهم).
ص:83. طـ:الشركة الوطنية للنشر و التوزيع، الجزائر العاصمة.
تنبيه : أفادني بهذا النقل عن ابن سحنون أخونا أبو أنس عبد الهادي السعيدي جزاه الله خيرا .

انتهى

بارك الله فيك أخي وجزاك الله خير الجزاء

وهذا سؤال لعبد الله ياسين هل أنت صوفي أم شيعي أم إباضي.....لأن مواقفك متناقضة؟


الساعة الآن 06:45 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى