منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى الدراسات الاستشراقية (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=163)
-   -   الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=264794)

مُسلِمة 31-03-2014 10:56 AM

الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

إنكار السنة يولد من الإشكالات أضعاف أضعاف ما يخشاه القرآني من إشكال إثباتها - وأنا أسميه إشكالاً تنزلاً مع الخصم فقط - ولأن منكر السنة يُدرك جيداً صعوبة الجواب عن هذه الإشكالات فإنه يريح نفسه ليس بمواجهة الواقع كما هو ، وإنما بنفي السنة من أساسها ومعاملتها كأنها شيء لم يكن له وجود في التاريخ أو لم يكن له وزن في ميزان الإسلام. ولنأخذ هذه الإشكالية العويصة كمثال - والإشكاليات كثيرة - وهي: لماذا لم يحسم الله هذه القضية بالغة الخطورة بآية محكمة صريحة كما عبر عن تحريم الربا بعبارة لا تحتمل تأويلاً آخر على الإطلاق (وأحل الله البيع وحرّم الربا) ؟ ونحن نعلم جميعاً - الموافق والمخالف - أن الله قال في كتابه (وما كان الله ليضل قوم بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) ، فلم لم يبين للأمة كيف تتقي"أقوال رسولها وأفعالها" حتى لا تضل بعد إذ هداها الله؟
وما أعظمها وأخطرها من فتنة (أي فتنة ارتداد الناس عن القرآن بسبب إثبات السنة) ، بل هي أعظم فتنة وقعت فيها الأمة، ومن سوء الظن به تعالى أن نعتقد أنه لم يأمر نبيه بالوضوح في التحذير منها أو لم يذكر في القرآن ما يقطع دابر الخلاف فيها والتأثر بها، كيف لا وقد قال (لتبين للناس ما نزّل إليهم) ، فلِمَ لم يبين لنا من أوحيت إليه هذه الآية أن "نقل سنته جرم عظيم أو صد عن سبيل الله وكتابه" ؟ فإن أمراً بهذه الخطورة على مستقبل الأمة وهويتها مما لا يُنهى عنه بحديث أو حديثين ولا آية عامة تحتمل أكثر من وجه، فإننا ما عهدنا بل ولا وجدنا من طريقة القرآن إلا الوضوح التام في النهي عما يعلم بالاضطرار ضرره الحقيقي على كافة البشرية، فكيف بأمر هو في صلب هدايتها وأساس مصيرها، ولا أدري كيف يستقيم نهي الرسول أمته عما هو أحقر من هذا (كنهيه عن الأكل بالشمال أو اشتمال الصماء) ثم تعجز بلاغته أو تكلّ فصاحته عن النهي عمّا فيه ضلال الأمة بأسرها (أي أخذها بالسنة ونقلها لحديثه)؟ ثم كيف يسعفه الوحي بالإخبار عن كون هذه الأمة "ستتبع سنن من كان قبلها" ولا يسعفه - مع مسيس الحاجة إليه في موطن كهذا بالذات - في الإخبار عن أن نقل أقواله وأفعاله سيكون مصدر شقاء وضلال للأمة من بعده ؟.....لم تكن هذه سوى نفحة واحدة من عذاب الإشكالات الكثيرة التي تحتاج إلى جواب فوري وحاسم خال من التكلف والتسعف

الأستاذ عبد الله الشهري



يتبع....

امر طبيعي 03-04-2014 08:44 AM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

قد طُرح الإشكال يا أخيتي و كثرت الأسئلة ... و حتى لا نضع ردا خارج الموضوع سننتظر ما ستتمخض عليه كلمة ( يتبع ) .... نحن في المتابعة

مشكورة

مُسلِمة 03-04-2014 10:18 AM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امر طبيعي (المشاركة 1810415)
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
قد طُرح الإشكال يا أخيتي و كثرت الأسئلة ... و حتى لا نضع ردا خارج الموضوع سننتظر ما ستتمخض عليه كلمة ( يتبع ) .... نحن في المتابعة
مشكورة


صحيح أيها المكرم الموضوع يحتاج إلى فهم عميق و متابعة ولك مزيد من الإشكالات

إشكال آخر من الإشكالات التي لا تنتهي: لماذا يحيل القرآن إلى مصدر خارج ذاته للتأكد من صدق وصحة القرآن نفسه - مع أن القرآن يحمل دليل صدقه في نفسه - ومن ذلك قوله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، والإشكال لا ينتهي هنا فقط بل هناك أبعاد أخر وهي أن الله قد أخبرنا بتحريف أهل الكتاب وإعراضهم عن القرآن ومع ذلك يحيل عليهم ويأمر بسؤالهم. مرة أخرى: الإشكال لا ينتهي هنا. أهل الكتاب هؤلاء ليس عندهم دليل ولا خبر قطعي لا من كتاب منزل ، لأن كتبهم محرفة، ولا من نقل صحيح متصل منهم إلى من تقدمهم من آبائهم الأولين من الأحبار والعلماء ، فمن أين سيجيبون بعلم صحيح إذا ما سألهم أحد وفق قوله تعالى (فأسألوا أهل الذكر) ؟ لا يمكن الجواب عن هذا الإشكال إلا بالاعتراف بأن نقل العلم الصحيح ممكن بغير الوحي، بل و ممكن من أهل التحريف أيضاً كما هو الحال ههنا !! ولو كان غير ذلك لكان أمر الله بسؤال أهل الذكر من أهل الكتاب مطالبة في غير محلها، تقدس الله عن ذلك. وقال تعالى (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، فليس للرسول إلا طريقين: أن يسأل من قبله وهذا مستحيل لأنهم موتى أو يسأل الحاضرين في عهده وهنا إشكال: أن كتبهم محرفة وليس لديهم خبر صحيح إلى الصادقين من آبائهم ، فلابد من الاعتراف أيضاً هنا بإمكان نقل العلم الصحيح ليس من دون وحي فقط أو حفظ خاص من الله ، وإنما عن طريق أصحاب التحريف أنفسهم !!. ثم لاحظ أن المسألة هنا ليست مسألة سؤال عن إمكان تشريع خارج القرآن فقط ، وإنما سؤال عن صحة الرسالة برمتها ، وهذا أخطر من الأول ، فكيف يؤسس الله مصير التأكد من صحة الرسالة على سؤال أهل الكتاب مع ما عرف عنهم من الكذب والضلال والتحريف. لا يمكن الجواب إلا بالإقرار بإمكان نقل العلم الديني الصحيح بغير طريق الكتب المنزلة. فلم يجوز ذلك هناك ولا يجوز مع الأحاديث؟ والمقصود هنا أنه لا يمتنع أن يصلنا علم ديني - سواء تشريعي أو خبري - من غير طريق القرآن ولكن بدلالة أو إحالة القرآن عليه ، والسنة - التي ما هي إلا أقواله أفعاله وتقريراته - ما هي إلا طريق أحال عليه القرآن ،فإن قيل: تلك الإحالات ظنية الدلالة وليست قطعية الدلالة ، قلنا: عاد الإشكال القديم من جديد وهو: لماذا دلالة القرآن ظنية - تنزلاً مع الخصم فقط - في موضع يحتاج إلى القطع لحسم الخلاف وصون الأمة من الضلال؟ فإما أن نسيء الظن بالله وكلامه أو أن نعتقد قطعية دلالة الأدلة على ظاهر مادلت عليه ، دون تقييد أو تخصيص اعتباطي لا دليل عليه.

مُسلِمة 06-05-2014 05:33 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
هذه المرة هنا إشكال ولكن مع جوابه
سأل سائل: هل لديك دليل من القرآن ، فقط من القرآن، على أن في طاقة البشر أن يحفظوا وحي الله المنزل من الضياع والتحريف؟

الجواب:
نعم، الدليل هو قوله تعالى (إنا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) ، فالتوارة وحي الله المنزل على بني إسرائيل والاية واضحة وصريحة أنهم "استحفظوا" ، والسين والتاء هنا للطلب كما هو معلوم في اللغة، أي طُلب منهم أن يحفظوا وحي الله ويكونوا عليه شهداء، ولو كان هذا مستحيلاً أو لا طاقة لهم به، لكن هذا من العبث الذي ينزه عنه الله تعالى، ولم يكن الله ليكلّف عباده أمراً ممتنع في ذاته ثم يذمهم عليه ويحاسبهم به، لأنه قال (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ، فصح بالدليل من القرآن أن حفظ الوحي في وسع البشر لأن الله كلّف بني إسرائيل ذلك، فكل ما كلّف الله به فهو في وسع البشر، ولكن سبب ضياع الوحي وتعرضه للتحريف جاء من جهة إهمالهم وخيانتهم، لا من جهة كون الوحي يحتاج دائماً إلى حفظ خاص من الله تعالى، إذ لو كان الأمر كذلك لما استحفظهم من أول الأمر لأن الله كما أخبر عن نفسه (بعباده خبير بصير). فمن مجموع ما سبق يقال: السنة وحي يمكن حفظه ونقله ، لا يمتنع ذلك بل ولم يمتنع ذلك، ولكن قد يقول قائل: إذا كانت السنة وحياً فهل نقلت إلينا كلها، لم يترك منها شيء؟ فيقال: بيننا وبينك القرآن الذي ارتضيته حكماً - ونعم بكلام الله حكماً - ففيه أن الله قد يوحي بوحي فيذهب بما يشاء منه ويبقي ما يشاء ، قال تعالى (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله) ، وقال (ما ننسخ من آية أو ننسيها) ، فإذا كان يجوز أن يُنسي الله محمداً وأمته من بعده شيئاً من قرآنه ، بعد أن عرفوه وتلوه ، فالسنة كذلك من باب أولى يجوز عليها ما جاز على القرآن، فلا يبقى مع الأمة من القرآن والسنة إلا ما تحتاج إليه ، وتحتكم به، وما سوى ذلك مما علم الله أن الأمة ليست بحاجة إليه أو فيه فتنة لها أو للناس و غير ذلك، فقد أنساهم الله إياه، وكون الله قادر على أن ينسي عباده ما يشاء هو أمر مقرر في القرآن، فإن الله يتحكم في جميع حالات الإنسان النفسية قال تعالى (وأنه هو أضحك وأبكى) وهذه من ألزم الخصائص النفسية للإنسان ، فكذلك النسيان، يُنسي الله من يشاء ويذكّر الله من يشاء، لذلك قال الله عن وظيفة نبيه (فذكّر إنما أنت مذكّر) ، والشاهد أن القرآن نفسه دل أن في مقدور البشر حفظ وصون الوحي متى أخلصوا وصدقوا ، والوحي ليس له صورة واحدة فقد يكون بكتاب وقد يكون علماً بغير كتاب، فما نطق به الرسول مما هو تشريع فهو وحي وإن لم يجيء في القرآن ، والأدلة على ذلك من القرآن يمكن أن تفرد في موضوع طويل مستقل

رحماك يا الله 07-05-2014 06:17 AM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
بارك الله فيك
انا متابع لمواضيعك الطيبة
جزاك الله الفردوس

مُسلِمة 08-05-2014 06:33 AM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحماك يا الله (المشاركة 1829922)
بارك الله فيك
انا متابع لمواضيعك الطيبة
جزاك الله الفردوس


وفيك بارك الله
هذا الموضوع أدرجته لما انتشرت بعض الكتابات التي تطعن في صحيح البخاري وما الهذف منها سوى التمهيد لإنكارها
حفظكم الله

مُسلِمة 29-05-2014 11:07 AM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
إن القرآن الذي دلّنا على حجية السنة إنما دلنا على ذلك من خلال دلالته على حجية المنهجية التي من خلالها أثبت حجية السنة، والمقصود بحجية المنهجية أي إضفاء الشرعية والاعتبار على طرق الاستدلال التي أدت إلى هذه النتيجة: أي نتيجة "حجية السنة". وقد أخبرنا الله في القرآن أن للناس مذاهب شتى في طرق الاستدلال، فمنهم من يستدل بوهم مركزية نفسه واعتبارها معياراً يحاكم من خلاله الآخرون (لو كان خيراً ما سبقونا إليه)، ومنهم من يؤكد هذا الاستدلال بنقيضه فيتهم الجماعة الغالبة اللذين " يتخذون طريقة التفكير العادي في الأمور" بالسفه وسطحية المعرفة (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) (وما نراك اتبعك إلا اللذين هم أراذلنا بادي الرأي) فهؤلاء الممعنون في "المثالية المتكلفة" التي تخرج الناس عن دائرة التجاوب الطبيعي مع التاريخ والأشياء تعمى أعينهم وتكل أذهانهم عن تأمل الآيات التي تقرر مشروعية التفكير الطبيعي، تفكير الرجل العادي (common sense knowledge or thinking) للأمور مالم يعارض ذلك معارض راجح، وطريقة القرآن في هذا يمكن إيجازها في جملة وهي: أن القرآن لم يحصر طرق العلم ، ولم يحدد عدد وطبيعة القرائن ، وإنما يُحكم أساس الكليات ويترك الوسائل على تنوعها للناظر أياً كان، فلما قال الله (ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم) فإنه يفتح بصيغ العموم هذه – النكرات في سياق الإثبات – المجال واسعاً أمام الخصم لإيراد كل ما يصلح لأن يكون دليلاً أو قرينةً على صحة دعواه. إن النتيجة التي أريد أن أصل إليها دون إسهاب في التقديم هي أن علماء الحديث ونقاده لم يفعلوا أكثر من تطبيق هذا المنهج القرآني: منهج تقديم الدليل في جرح أو تعديل (قل هاتوا برهانكم) ، منهج رد رواية ساقط العدالة أو الاحتياط فيها (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، منهج الاعتداد بشهادة الخبراء – ولو كانوا كفاراً - (فاسأل اللذين يقرأون الكتاب من قبلك) - ، منهج قبول الحق ولو من المخالف...رواية المبتدع - انظر ترجمة: [عبّاد بن يعقوب الرواجني] – (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) ، (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا). وفي المقابل يسلك المخالف منهجاً غير قرآني ، وبالتالي مُغالي وافتراضي وغير واقعي لأن القرآن واقعي ينسجم مع واقع النفس والتاريخ، فهو يصم من سلف ذكرهم بالكذب ولا يستثني ، ويحكم حكماً كلياً تعميمياً ، ليس لأن القرآن يشفع له بذلك وإنما لأنه لايصبر على طريقة القرآن، لأن طريقة القرآن تحتاج إلى صبر ودقة وتحر وأمانة وجلد (ولاتسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله) في الحكم على الأشياء فما بالك بالحكم على أجيال مضت، ثم هناك معول آخر تنخرم به واقعية التفكير القرآني عن هؤلاء وهو معول سوء الظن ، وما أكثر سوء الظن عندهم ، فأول الأمة هو أساس ضلال ومصدر غواية الأجيال اللاحقة ، ولو أنهم اقتصروا - كما يزعمون - على القرآن وطرحوا كل مأثور عن رسول الله ، لعاشت الأمة في وئام وسلام ، ولم يعلم هؤلاء أن كتب الله المنزلة هي نفسها كانت سبباً في تفرق الناس لا اجتماعهم (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة) ، (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا اللذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم) ، وأن لله الحكمة في ذلك (يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين)

....عوداً إلى معول سوء الظن ، وفيه قول المولى (اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم)، بل لا يكاد يأبه هؤلاء بقاعدة تقديم إحسان الظن حتى ولو كان الجو مشحوناً بدواعي الظن السيئ (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم)، والمقصود أن هؤلاء اللذين يتهمون كبار النقاد وعظماء الحديث بالكذب والتخليط في ما يعرف بـ "الجرح والتعديل" إنما يمارسون ايضاً جرحاً وتعديلاً، بل لا يعرفون إلا الجرح ولا يكادون يعرفون للتعديل سبيلاً ، وأقاموا سوق جرح خاص بهم ، سماته الخرص (إن هم إلا يخرصون)، والكلالة وعدم الصبر على تحري الحقيقة، بل لا يكادون يقيمون للمنهج القرآني في اعتبار الذاكرة التاريخية (أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل) وزناً يذكر ، وكأن الله قد ألغى كل معرفة ، وإن استندت إلى (أثارة من علم)، حتى يتحقق فيها اليقين الذي لا يخالجه ظن، وهذا من التعنت المذموم في طلب الطمأنينة ولهم سلف في ذلك (ولن نؤمن لرقيك حتى تنـزل علينا كتاب نقرؤه) ، فلا يكفيهم الاستدلال العادي الذي أقره القرآن في أمور الدين وغيرها على حد سواء...


.يتبع إن شاء الله

abchir 30-05-2014 09:36 AM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
نقل جميل لموضوع مهم بالتوفيق

مُسلِمة 02-06-2014 06:52 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abchir (المشاركة 1842489)
نقل جميل لموضوع مهم بالتوفيق

وفقنا الله و أياكم لما فيه خير

مُسلِمة 02-06-2014 06:58 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
...والله تعالى، وهو أحكم الحاكمين وكلامه أحسن كلام، لم يخل كلامه من فتنة تصغى إليها أفئدة اللذين في قلوبهم مرض (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون) ، ولم يخل من متشابه يختلف الناس فيه، كل ذلك من أجل إتاحة مساحة واسعة من الاجتهاد والتحري والتعلّم والتثبت والتبيّن بل والامتحان، ولله في ذلك الحكم الكثيرة والعظيمة، في مقدمتها تحقيق التفاوت في شرف درجات العلم والمعرفة [1]، والسنة لما اشتركت مع القرآن في كونها أيضاً تتضمن مساحة واسعة من الاجتهاد والتعلم والتحري، - لذلك قال الخطابي رحمه الله في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم (يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله ...)، قال: "أراد به أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا الحديث بالأسفار من أهله" - كان من الطبيعي أن يختلف الناس حيالها بين مصيب ومخطيء، ومجتهد ومقلد، ومتحرٍ متثبت وعجول متهور...إذاً فهذه المساحة المتاحة للاجتهاد والتعلم والتحري لم توضع لهؤلاء اللذين يريدون كل شيء محكماً، ويبغون معنى دلالالته في منطوقه لا في مفهومه مهما أشرق مفهومه، فهؤلاء - عافاهم الله وهداهم - لا يلبثون أن يصفوا غيرهم بما تفوه به بعض من سلف (لو كان خيرا ما سبقونا إليه) ، أي لو كانت السنة حقاً لكنا نحن أول من يثبت حجيتها ويعترف بوجودها ! والسبب كما أسلفت هو أن فهمهم للتاريخ وموقع البشر من أحداثه وأحواله إنما هو فهم مجتزأ لا تؤيده الأصول القرآنية في التفكير والنظر وتحليل الأشياء - حتى أن بعض من حاورني من منكري السنة يحتج علي بمبدأ كارل بوبر في قابلية الفرضيات للنفي ، ولكنه لم يجبني عن مصير الأجيال المسكينة من أمة محمد التي قضت نحبها ولم يسعفها طول العمر لمعاصرة مبدأ بوبر العظيم ! - وهكذا يكون حال كل من بنى أساس منهجه في التفكير على غير هدى من القرآن نفسه، ونحن لا نطلب من هؤلاء أكثر من إعادة برمجة تفكيرهم وفق ما رسمه القرآن، وليستفرغوا وسعهم وطاقتهم في ذلك، فإنهم سيصلون ولابد إلى نتيجة واحدة وهي أن السنة لا يمكن أن تلغى بكلام عابر أو استنتاج مبتسر قاصر عن الحد المرضي للتقوى (واتقوا الله ما استطعتم)
= = = = = = = = = = = = = = =

الأمل الرحيب 02-07-2014 06:06 AM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
السنة مثل سفينة نوح من تخلف عنها غرق وهلك.....بارك الله فيك

الأمازيغي52 02-07-2014 02:11 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
*فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ* البقرة: 79





شكرا ُ للمسلمة ' الناقلة لموضوع مهم أسال حبرا واستنفذ ورقا وملأ مواقع النت بقراءات متباينة تجعل من القراء يعيشون تيهانا كتيهان وأرهصات أبي حامد الغزّالي فيما بين الفلسفة و العقيدة وهو الذي انساق طواعية في آخر عمره للتصوف.

الحديث عن علاقة السنة بالقرآن علاقة جدلية بين المسلمين ،
فقد قرأت العديد من الروايات من مصادرها ووجدت في بعضها عللا يستهجنها العقل و ويفسخها القرآن .
فالمروايات ( السنية ) لها سحرها الخاص وقدسيتها الكثيرة عند ( أهل الحديث) من أتباع الإمام أحمد بن حتبل ومدرسنه التي تجعل من المرويات أصلا تشريعا قد يوازي القرآن الكريم ، في حين أن مدرسة (أهل الرأي) وهي مدرسة شيخ الإئمة ( أبو حنيفة التعمان ) الذي لم يركز على المنظومة الحديثية إلآ قليلا .

°°° في بدايات مشواري العرفاني لم أكن أعلم علاقة السنة بكلام الله ، فكانت الأحاديث مقبولة عندي صوابها ومعلولها ، غير أن تقدم السن وازدياد البحث عن حقيقة ما نؤمن من مرويات إثر قراءات فحصية تبين لي أن الموروث الحديثي يجب إخضاعة للشك الذي هو مبدأ اليقين ، لا شك وأن وجود النت وسهولة الإبحار لليحث عن الحقيقة أمر مبسور لوجود مواقع تقدم المادة الخامة .
وسأبين الأسباب التي جعلتني أشك في صحة بعض الأحاديث المروية تدريجيا بغرض فتح آفاق نقاش علمي ثري قد يزيل الشكوك أو يزيدها .

سيتبع .

مُسلِمة 05-07-2014 10:32 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 (المشاركة 1860815)
*فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ* البقرة: 79





شكرا ُ للمسلمة ' الناقلة لموضوع مهم أسال حبرا واستنفذ ورقا وملأ مواقع النت بقراءات متباينة تجعل من القراء يعيشون تيهانا كتيهان وأرهصات أبي حامد الغزّالي فيما بين الفلسفة و العقيدة وهو الذي انساق طواعية في آخر عمره للتصوف.

الحديث عن علاقة السنة بالقرآن علاقة جدلية بين المسلمين ،
فقد قرأت العديد من الروايات من مصادرها ووجدت في بعضها عللا يستهجنها العقل و ويفسخها القرآن .
فالمروايات ( السنية ) لها سحرها الخاص وقدسيتها الكثيرة عند ( أهل الحديث) من أتباع الإمام أحمد بن حتبل ومدرسنه التي تجعل من المرويات أصلا تشريعا قد يوازي القرآن الكريم ، في حين أن مدرسة (أهل الرأي) وهي مدرسة شيخ الإئمة ( أبو حنيفة التعمان ) الذي لم يركز على المنظومة الحديثية إلآ قليلا .

°°° في بدايات مشواري العرفاني لم أكن أعلم علاقة السنة بكلام الله ، فكانت الأحاديث مقبولة عندي صوابها ومعلولها ، غير أن تقدم السن وازدياد البحث عن حقيقة ما نؤمن من مرويات إثر قراءات فحصية تبين لي أن الموروث الحديثي يجب إخضاعة للشك الذي هو مبدأ اليقين ، لا شك وأن وجود النت وسهولة الإبحار لليحث عن الحقيقة أمر مبسور لوجود مواقع تقدم المادة الخامة .
وسأبين الأسباب التي جعلتني أشك في صحة بعض الأحاديث المروية تدريجيا بغرض فتح آفاق نقاش علمي ثري قد يزيل الشكوك أو يزيدها .

سيتبع .


مبارك عليكم الشهر الفضيل أيها العم تقبل الله صيامكم و قياكم بمزيد من الأجر و الثواب
الموضوع يتحدث عن إنكار السنة و ليس إمكانية اخضاعها للشك
وفكرة النقل جاءت من تصادمي في أحد المنتديات مع أحد ينتمي إلى طائفة القرانيين يعني مافيش سنة لا شكا و لا يقينا و للأسف كلما تعمق في حديثه وجدته يمشي رويدا رويدا للإلحاد فحتى القران الذي يزعم أنه يؤمن به و يكفر بما سواه يلحد في اياته و يفسره على هواه و يضرب بمعانيه يمنة و يسرة
أما السنة فهناك أهل الحديث و علوم الحديث , علم قائم بداته و له أصوله يعنى بها و يدرسها
وعلى مر السنين جرى تنقيح للسنة وتجديد لها بتخليصها من بعض المرويات وفق أصول وقواعد لن أخوض فيها لأنني لست من أهل الإختصاص
لكن نأسف لاستنسار بعض العقول الضعيفة في رد الأحاديث لمجرد عدم تقبل العقل لها مع أنهم يؤمنون أن العقل يتطور وما كان مستهجنا أصبح اليوم منطقيا وما عجز عن تقبله العقل اليوم سيضطر لقبوله غدا و تبقى المرويات الصحيحة تصنع إعجازا نبويا فريدا
أما إخضاع المرويات لمبدأ الشك فهو منهج المحدثين سلفهم و خلفهم وكم كان لهم من التأذب مع أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام إلى حين إثبات صحتها من ضعفها ما افتقدناه نحن العامة حين نضرب اجتهادات جهابذة العلماء عرض الحائط بدعوى أن الدين للجميع و نخوض في الصحيح و المعقول لنتملص من الأحكام و نتخد لأنفسنا الأعذار

بورك فيك أنا متابعة لما تكتب ...

أمازيغي مسلم 06-07-2014 04:41 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

بارك الله في الأخت:" مسلمة" على نقلها المتميز الدقيق لموضوع عالج بدقة:" إشكالية القرآنيين" الذين عادوا مؤخرا رافعين عقيرتهم بالتشكيك في الأحاديث النبوية الصحيحة التي لم تقبلها عقولهم القاصرة، فحاكموا:" صحيح المنقول إلى سقيم المعقول؟؟؟"، ولو أنهم أخلصوا دعاءهم للحق الحكيم العليم الخبير: لهداهم إلى صراطه المستقيم، وأنصح هؤلاء جميعا – خاصة – في هذه الأيام المباركة من شهر النفحات الإيمانية:" شهر رمضان"، أقول:
أنصحهم بركعتين في جوف الليل، والدعاء في السجود بهذا الدعاء:" للَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ". رَوَاهُ مُسلم.
قالت أمنا عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ فَقَالَ:..وذكرت الحديث.
ولأن مسألة:" أولوية التشكيك في النصوص الشرعية ابتداء: بدل التسليم لها": مسألة خطيرة وحساسة، أحببت أن أنقل أقوال شيخ الإسلام:" ابن تيمية"، وتلميذه:" ابن القيم" رحمهما الله، وهذه النقول طويلة نوعا، وقد آثرت نشرها كاملة لنفاستها، فإليكموها:

قال شيخ الإسلام:" ابن تيمية" رحمه الله في:" درء تعارض العقل والنقل":(9/34-36):" وقد تنازع أهل الإثبات في اقتضاء النظر الصحيح للعلم: هل هو بطريق التضمن الذي يمتنع الفكاكة عنه عقلاً؟ أو بطريق إجراء الله العادة التي يمكن نقضها؟ وبكل حال فالعبد مفتقر إلى الله في أن يهديه ويلهمه رشده. وإذا حصل له علم بدليل عقلي، فهو مفتقر إلى الله في أن يحدث في قلبه تصور مقدمات ذلك الدليل ويجمعها في قلبه، ثم يحدث العلم الذي حصل بها.
وقد يكون الرجل من أذكياء الناس وأحدهم نظراً ويعميه عن أظهر الأشياء، وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظراً ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فلا حول ولا قوة إلا به.
فمن اتكل على نظره واستدلاله، أو عقله ومعرفته، خذل.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كثيراً ما يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» ويقول في يمينه: «لا ومقلب القلوب».
ويقول: «والذي نفسي بيده» ويقول: «ما من قلب من قلوب العباد إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، وإن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه» .
وكان إذا قام من الليل يقول: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذانك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» .
وكان يقول هو وأصحابه في ارتجاجهم:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينةً علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
وهذا في العلم كالإرادات في الأعمال، فإن العبد مفتقر إلى الله في أن يحبب إليه الإيمان ويبغض إليه الكفر، وإلا فقد يعلم الحق وهو لا يحبه ولا يريده، فيكون من المعاندين الجاحدين.
قال تعالى: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} .
وقال: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} ، فكما أن الإنسان فيما يكتسبه من الأعمال مفتقر إلى الله محتاج إلى معونته، فإنه لا حول ولا قوة إلا به، كذلك فيما يكتسبه.
من العلوم، ومع هذا فليس لأحد حجة على الله في أن يدع ما أمر به من الأسباب التي يحصل بها العلم النافع والعمل الصالح.
ولكن الشأن في تعيين الأسباب، فيذم من المعتزلة أنهم أحدثوا طرقاً زعموا أن معرفة الله لا تحصل إلا بها، وزعموا أن المعرفة تجب بها بفعل العبد لا بفعل الله.
ومن الناس من قد يوافقهم على إحدى البدعتين دون الأخرى.
وكثير من الناس قد اختلف كلامه في هذا الأصل، تارة يقول: إن المعرفة لا تحصل إلا بالنظر، ويجعل أول الواجبات النظر أو المعرفة الحاصلة به، وقد يعين طريق النظر، كما فعل ذلك القاضي أبي يعلى في المعتمد موافقة للقاضي أبي بكر وأمثاله من الموافقين في هذا الأصل للمعتزلة، وكما فعل ابن عقيل وابن الزاغوني وغيرهم.
ومن توابع ذلك أن النظر المفيد للعلم لا يكون إلا نظراً في دليل.
والنظر الذي يوجبونه يكون نظراً فيما يعلم الناظر أنه دليل، لأنه لو علم قبل النظر أنه دليل لعلم ثبوت المدلول، وإذا كان عالماً به لم يحتج إلى الاستدلال عليه، فيوجبون سلوك طريق لا يعلم السالك أنه طريق".

أمازيغي مسلم 06-07-2014 04:43 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 

وقال في:" مجموع الفتاوى":(3/20-24):" فَجِمَاعُ الْأَمْرِ: أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْهَادِي وَهُوَ النَّصِيرُ {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} . وَكُلُّ عِلْمٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ هِدَايَةٍ وَكُلُّ عَمَلٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ قُوَّةٍ. فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَصْلُ كُلِّ هِدَايَةٍ وَعِلْمٍ وَأَصْلَ كُلِّ نُصْرَةٍ وَقُوَّةٍ وَلَا يَسْتَهْدِي الْعَبْدُ إلَّا إيَّاهُ وَلَا يَسْتَنْصِرُ إلَّا إيَّاهُ. وَالْعَبْدُ لَمَّا كَانَ مَخْلُوقًا مَرْبُوبًا مَفْطُورًا مَصْنُوعًا: عَادَ فِي عِلْمِهِ وَعَمَلِهِ إلَى خَالِقِهِ وَفَاطِرِهِ وَرَبِّهِ وَصَانِعِهِ فَصَارَ ذَلِكَ تَرْتِيبًا مُطَابِقًا لِلْحَقِّ وَتَأْلِيفًا مُوَافِقًا لِلْحَقِيقَةِ؛ إذْ بِنَاءُ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ وَتَقْدِيمُ الْأَصْلِ عَلَى الْفَرْعِ: هُوَ الْحَقُّ فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الصَّحِيحَةُ الْمُوَافِقَةُ لِفِطْرَةِ اللَّهِ وَخِلْقَتِهِ وَلِكِتَابِهِ وَسُنَّتِهِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ {رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ إلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جبرائيل وميكائيل وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ؛ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ: اهْدِنِي لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك إنَّك تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الْفَلْسَفِيَّةُ الْكَلَامِيَّةُ: فَإِنَّهُمْ ابْتَدَءُوا بِنُفُوسِهِمْ فَجَعَلُوهَا هِيَ الْأَصْلَ الَّذِي يُفَرِّعُونَ عَلَيْهِ وَالْأَسَاسَ الَّذِي يَبْنُونَ عَلَيْهِ فَتَكَلَّمُوا فِي إدْرَاكِهِمْ لِلْعِلْمِ: أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ بِالْحِسِّ وَتَارَةً بِالْعَقْلِ وَتَارَةً بِهِمَا. وَجَعَلُوا الْعُلُومَ الْحِسِّيَّةَ وَالْبَدِيهِيَّةَ وَنَحْوَهَا: هِيَ الْأَصْلَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ عِلْمٌ إلَّا بِهَا. ثُمَّ زَعَمُوا أَنَّهُمْ إنَّمَا يُدْرِكُونَ بِذَلِكَ الْأُمُورَ الْقَرِيبَةَ مِنْهُمْ مِنْ الْأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالْحِسَابِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِ فَجَعَلُوا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ هِيَ الْأُصُولَ الَّتِي يَبْنُونَ عَلَيْهَا سَائِرَ الْعُلُومِ؛ وَلِهَذَا يُمَثِّلُونَ ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ بِأَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَأَنَّ الْجِسْمَ لَا يَكُونُ فِي مَكَانَيْنِ وَأَنَّ الضِّدَّيْنِ - كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ - لَا يَجْتَمِعَانِ. فَهَذَانِ الْفَنَّانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَأَمَّا الْأَخْلَاقُ مِثْلُ: اسْتِحْسَانُ الْعِلْمِ وَالْعَدْلُ وَالْعِفَّةُ وَالشَّجَاعَةُ. فَجُمْهُورُ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِين يَجْعَلُونَهَا مِنْ الْأُصُولِ لَكِنَّهَا مِنْ الْأُصُولِ الْعَامَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَجْعَلُهَا مِنْ الْأُصُولِ؛ بَلْ يَجْعَلُهَا مِنْ الْفُرُوعِ. الَّتِي تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ. وَهُوَ قَوْلُ غَالِبِ الْمُتَكَلِّمَةِ الْمُنْتَصِرِينَ لِلسُّنَّةِ فِي تَأْوِيلِ الْقَدَرِ فَكَانَ الَّذِي أَصَّلُوهُ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ الْمَعَارِفِ: أَمْرًا قَلِيلَ الْفَائِدَةِ. نَزْرَ الْجَدْوَى وَهُوَ الْأُمُورُ السُّفْلِيَّةُ. ثُمَّ إذَا صَعِدُوا مِنْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ وَالدَّلَائِلِ إلَى الْأُمُورِ الْعُلْوِيَّةِ فَلَهُمْ طَرِيقَانِ: أَمَّا الْمُتَكَلِّمَةُ الْمُتَّبِعُونَ لِلنُّبُوَّاتِ: فَغَرَضُهُمْ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ صَانِعِ الْعَالَمِ وَالصِّفَاتُ الَّتِي بِهَا تَثْبُتُ النُّبُوَّةُ عَلَى طَرِيقِهِمْ ثُمَّ إذَا أَثْبَتُوا النُّبُوَّةَ: تَلَقَّوْا مِنْهَا السَّمْعِيَّاتِ وَهِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَفُرُوعُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُتَفَلْسِفَةُ: فَهُمْ فِي الْغَالِبِ يَتَوَسَّعُونَ فِي الْأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ وَلَوَازِمِهَا؛ ثُمَّ يَصْعَدُونَ إلَى الْأَفْلَاكِ وَأَحْوَالِهَا. ثُمَّ الْمُتَأَلِّهُونَ مِنْهُمْ يَصْعَدُونَ إلَى وَاجِبِ الْوُجُودِ وَإِلَى الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُ وَاجِبَ الْوُجُودِ ابْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوُجُودَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ وَاجِبٍ. وَهَذِهِ الطُّرُقُ فِيهَا فَسَادٌ كَثِيرُ مِنْ جِهَةِ الْوَسَائِلِ وَالْمَقَاصِدِ: أَمَّا الْمَقَاصِدُ فَإِنَّ حَاصِلَهَا بَعْدَ التَّعَبِ - الْكَثِيرِ وَالسَّلَامَةِ - خَيْرٌ قَلِيلٌ فَهِيَ لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلَ. ثُمَّ إنَّهُ يَفُوتُ بِهَا مِنْ الْمَقَاصِدِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَحْمُودَةِ مَا لَا يَنْضَبِطُ هُنَا. وَأَمَّا الْوَسَائِلُ: فَإِنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ كَثِيرَةُ الْمُقَدِّمَاتِ يَنْقَطِعُ السَّالِكُونَ فِيهَا كَثِيرًا قَبْلَ الْوُصُولِ وَمُقَدِّمَاتُهَا فِي الْغَالِبِ إمَّا مُشْتَبِهَةٌ يَقَعُ النِّزَاعُ فِيهَا وَإِمَّا خَفِيَّةٌ لَا يُدْرِكُهَا إلَّا الْأَذْكِيَاءُ. وَلِهَذَا لَا يَتَّفِقُ مِنْهُمْ اثْنَانِ رَئِيسَانِ عَلَى جَمِيعِ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلٍ إلَّا نَادِرًا. فَكُلُّ رَئِيسٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِين: لَهُ طَرِيقَةٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ تُخَالِفُ طَرِيقَةَ الرَّئِيسِ الْآخَرِ بِحَيْثُ يَقْدَحُ كُلٌّ مِنْ أَتْبَاعِ أَحَدِهِمَا فِي طَرِيقَةِ الْآخَرِ وَيَعْتَقِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ اللَّهَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِطَرِيقَتِهِ؛ وَإِنْ كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمِلَّةِ بَلْ عَامَّةُ السَّلَفِ يُخَالِفُونَهُ فِيهَا. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ غَالِبَ الْمُتَكَلِّمِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِإِثْبَاتِ حُدُوثِ الْعَالِمِ ثُمَّ الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ عَلَى مُحْدِثِهِ؛ ثُمَّ لَهُمْ فِي إثْبَاتِ حُدُوثِهِ طُرُقٌ: فَأَكْثَرُهُمْ يَسْتَدِلُّونَ بِحُدُوثِ الْأَعْرَاضِ؛ وَهِيَ صِفَاتُ الْأَجْسَامِ. ثُمَّ الْقَدَرِيَّةُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرُهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ إثْبَاتَ الصَّانِعِ وَالنُّبُوَّةِ: لَا يُمْكِنُ إلَّا بَعْدَ اعْتِقَادِ أَنَّ الْعَبْدَ هُوَ الْمُحْدِثُ لِأَفْعَالِهِ وَإِلَّا انْتَقَضَ الدَّلِيلُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي يُخَالِفُهُمْ فِيهَا جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ. وَجُمْهُورُ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُسْتَدِلِّينَ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ بِحُدُوثِ الْحَرَكَاتِ: يَجْعَلُونَ هَذَا هُوَ الدَّلِيلَ عَلَى نَفْيِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ السَّمْعِيَّاتِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَجِيءُ؛ وَيَنْزِلُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَالْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُمْ يَجْعَلُونَ هَذَا هُوَ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ؛ لَا عِلْمَ وَلَا قُدْرَةَ؛ وَلَا عِزَّةَ؛ وَلَا رَحْمَةَ؛ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِزَعْمِهِمْ أَعْرَاضٌ تَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ الْمَوْصُوفِ. وَأَكْثَرُ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْفَلْسَفَةِ - كَابْنِ سِينَا - يَبْتَدِئُ بِالْمَنْطِقِ ثُمَّ الطَّبِيعِيِّ وَالرِّيَاضِيِّ أَوْ لَا يَذْكُرُهُ. ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ الْإِلَهِيِّ. وَتَجِدُ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْكَلَامِ يَبْتَدِئُونَ بِمُقَدِّمَاتِهِ فِي الْكَلَامِ: فِي النَّظَرِ وَالْعِلْمِ. وَالدَّلِيلُ - وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَنْطِقِ - ثُمَّ يَنْتَقِلُونَ إلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ. وَإِثْبَاتِ مُحْدِثِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَى تَقْسِيمِ الْمَعْلُومَاتِ إلَى الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَيَنْظُرُ فِي الْوُجُودِ وَأَقْسَامُهُ كَمَا قَدْ يَفْعَلُهُ الْفَيْلَسُوفُ فِي أَوَّلِ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ. فَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَأَوَّلُ دَعْوَتِهِمْ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَقَدْ اعْتَرَفَ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ طَرِيقَ الصُّوفِيَّةِ هُوَ الْغَايَةُ؛ لِأَنَّهُمْ يُطَهِّرُونَ قُلُوبَهُمْ مِمَّا سِوَى اللَّهِ وَيَمْلَئُونَهَا بِذِكْرِ اللَّهِ وَهَذَا مَبْدَأُ دَعْوَةِ الرَّسُولِ؛ لَكِنَّ الصُّوفِيَّ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ الْإِثَارَةُ النَّبَوِيَّةُ مُفَصَّلَةٌ يَسْتَفِيدُ بِهَا إيمَانًا مُجْمَلًا؛ بِخِلَافِ صَاحِبِ الْإِثَارَةِ النَّبَوِيَّةِ فَإِنَّ الْمَعْرِفَةَ عِنْدَهُ مُفَصَّلَةٌ. فَتَدَبَّرْ طُرُقَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ لِيَتَمَيَّزَ لَك طَرِيقُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالنِّفَاقِ وَطَرِيقُ الْعِلْمِ وَالْعِرْفَانِ مِنْ طَرِيقِ الْجَهْلِ وَالنُّكْرَانِ".

أمازيغي مسلم 06-07-2014 04:45 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
وقال في:" المجموع":(4/39-40):" وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ: أَنَّ الْعَبْدَ مُفْتَقِرٌ إلَى مَا يَسْأَلُهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْهُدَى طَالِبٌ سَائِلٌ فَبِذِكْرِ اللَّهِ وَالِافْتِقَارِ إلَيْهِ يَهْدِيهِ اللَّهُ وَيَدُلُّهُ كَمَا قَالَ: " {يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَنْ هَدَيْته فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ} " وَكَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " {اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وميكائيل وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا أَخْتَلِفُ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِك إنَّك تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ". وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ: أَنَّ الطَّالِبَ لِلْعِلْمِ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي دَلِيلٍ يُفِيدُهُ الْعِلْمُ بِالْمَدْلُولِ عَلَيْهِ وَمَتَى كَانَ الْعِلْمُ مُسْتَفَادًا بِالنَّظَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ النَّاظِرِ مِنْ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ الثَّابِتِ فِي قَلْبِهِ مَا لَا يَحْتَاجُ حُصُولُهُ إلَى نَظَرٍ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْلُومُ أَصْلًا وَسَبَبًا لِلتَّفَكُّرِ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ مَعْلُومًا آخَرَ وَلِهَذَا كَانَ الذِّكْرُ مُتَعَلِّقًا بِاَللَّهِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْحَقُّ الْمَعْلُومُ وَكَانَ التَّفَكُّرُ فِي مَخْلُوقَاتِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} . وَقَدْ جَاءَ الْأَثَرُ: " {تَفَكَّرُوا فِي الْمَخْلُوقِ وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي الْخَالِقِ} "؛ لِأَنَّ التَّفْكِيرَ وَالتَّقْدِيرَ يَكُونُ فِي الْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ وَالْمَقَايِيسِ وَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْأُمُورِ الْمُتَشَابِهَةِ وَهِيَ الْمَخْلُوقَاتُ.
وَأَمَّا الْخَالِقُ - جَلَّ جَلَالُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فَلَيْسَ لَهُ شَبِيهٌ وَلَا نَظِيرٌ فَالتَّفَكُّرُ الَّذِي مَبْنَاهُ عَلَى الْقِيَاسِ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالْفِطْرَةِ فَيَذْكُرُهُ الْعَبْدُ. وَبِالذِّكْرِ وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ: يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ؛ لَا تُنَالُ بِمُجَرَّدِ التَّفْكِيرِ وَالتَّقْدِيرِ - أَعْنِي مِنْ الْعِلْمِ بِهِ نَفْسِهِ؛ فَإِنَّهُ الَّذِي لَا تَفْكِيرَ فِيهِ. فَأَمَّا الْعِلْمُ بِمَعَانِي مَا أَخْبَرَ بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَيَدْخُلُ فِيهَا التَّفْكِيرُ وَالتَّقْدِيرُ كَمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَلِهَذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ الْعِبَادَةِ وَالتَّصَوُّفِ يَأْمُرُونَ بِمُلَازَمَةِ الذِّكْرِ وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ هُوَ بَابُ الْوُصُولِ إلَى الْحَقِّ. وَهَذَا حَسَنٌ إذَا ضَمُّوا إلَيْهِ تَدَبُّرَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّبَاعَ ذَلِكَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ النَّظَرِ وَالْكَلَامِ يَأْمُرُونَ بِالتَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ هُوَ الطَّرِيقَ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ. وَالنَّظَرُ صَحِيحٌ إذَا كَانَ فِي حَقٍّ وَدَلِيلٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَكُلٌّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ فِيهَا حَقٌّ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْحَقِّ الَّذِي فِي الْأُخْرَى وَيَجِبُ تَنْزِيهُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَمَّا دَخَلَ فِيهَا مِنْ الْبَاطِلِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ؛ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَبَيَّنَّا طُرُقَ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالرِّيَاضَةِ وَالذِّكْرِ؛ وَطَرِيقَ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ؛ وَمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مَقْبُولٍ وَمَرْدُودٍ؛ وَبَيَّنَّا مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّسَالَةُ مِنْ الطَّرِيقِ الْكَامِلَةِ الْجَامِعَةِ لِكُلِّ حَقٍّ. وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِ ذَلِكَ".

أمازيغي مسلم 06-07-2014 04:47 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
وقال في:" مجموعة الرسائل والمسائل":(1/204-208):" فعلى قول أهل الإثبات يكون الدين كاملاً، والرسول صلى الله عليه وسلم مبلغاً مبيناً والتوحيد عند السلف مشهوراً معروفاً، والكتاب والسنة يصدق بعضه بعضاً والسلف خير هذه الأمة، وطريقهم أفضل الطرق، والقرآن كله حق ليس فيه إضلال، ولا دل على كفر بل هو الشفاء والهدى والنور، وهذه كلها لوازم ملتزمة ونتائج مقبولة فقولهم مؤتلف غير مختلف ومقبول غير مردود وإن كان الذي يحبه الله ألا نثبت ولا ننفي بل نبقى في الجهل البسيط وفي ظلمات بعضها فوق بعض لا نفرق الحق من الباطل ولا الهدى من الضلال ولا الصدق من الكذب بل نقف بين المثبتة والنفاة موقف الشاكين الحيارى " مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " لا مصدقين ولا مكذبين - لزم من ذلك أن يكون الله يحب منا عدم العلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم العلم بما يستحقه الله سبحانه وتعالى من الصفات التامات، وعدم العلم بالحق من الباطل، ويحب منا الحيرة والشك، ومن المعلوم أن الله لا يحب الجهل ولا الشك ولا الحيرة ولا الضلال وإنما يحب الدين والعلم واليقين، وقد ذم الحيرة بقوله تعالى " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا، قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين، وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون " وقد أمرنا الله تعالى أن نقول: " اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ".
وفي صحيح مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي يقول: " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " فهو يسأل ربه أن يهديه لما اختلف فيه من الحق، فكيف يكون محبوب الله عدم الهدى في مسائل الخلاف؟ وقد قال الله له: " وقل رب زدني علماً " وما يذكره بعض الناس عنه أنه قال: " زدني فيك تحيراً " كذب باتفاق أهل العلم بحديثه، بل هذا سؤال من هو حائر وقد سأل المزيد من الحيرة ولا يجوز لأحد أن يسأل ويدعو بمزيد الحيرة إذا كان حائراً بل يسأل الهدى والعلم، فكيف بمن هو هادي الخلق من الضلال، وإنما ينقل هذا عن بعض الشيوخ الذين لا يقتدى بهم في مثل هذا إن صح النقل عنه فهذا يلزم عليه أمور: أحدها: أن من قال هذا فعليه أن ينكر على النفاة فإنهم ابتدعوا ألفاظاً ومعاني لا أصل لها في الكتاب ولا في السنة، وأما المثبتة إذا اقتصروا على النصوص فليس له الإنكار عليهم - وهؤلاء الواقفة هم في الباطن يوافقون النفاة أو يقرونهم، وإنما يعارضون المثبتة فعلم أنهم أقروا أهل البدعة، وعادوا أهل السنة.
الثاني: أن يقال عدم العلم بمعاني القرآن والحديث ليس مما يحب الله ورسوله فهذا القول باطل.
الثالث: أن يقال الشك والحيرة ليست محمودة في نفسها باتفاق المسلمين غاية ما في الباب أن من لم يكن عنده علم بالنفي ولا الإثبات يسكت فأما من علم الحق بدليله الموافق لبيان رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم فليس للواقف الشاك الحائر أن ينكر على العالم الجازم المستبصر المتبع للرسول العالم بالمنقول والمنقول.
الرابع: أن يقال السلف كلهم أنكروا على الجهمية النفاة وقالوا بالإثبات وأفصحوا به، وكلامهم في الإثبات والإنكار على النفاة أكثر من أن يمكن إثباته في هذا المكان وكلام الأئمة المشاهير مثل مالك والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي عبيدة وأئمة أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد موجود كثير لا يحصيه أحد.
وجواب مالك في ذلك في الإثبات فإن السائل قال له: يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " كيف استوى؟ فقال مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، وفي لفظ: استواؤه معلوم أو معقول، والكيف غير معقول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فقد أخبر رضي الله عنه بأن نفس الاستواء معلوم وأن كيفية الاستواء مجهولة وهذا بعينه قول أهل الإثبات، وأما النفاة فما يثبتون استواء حتى تجهل كيفيته بل عند هذا القائل الشاك وأمثاله أن الاستواء مجهول غير معلوم وإن كان الاستواء مجهولاً لم يحتج أن يقال الكيف مجهول لا سيما إذا كان الاستواء منفياً فالمنفي المعدوم لا كيفية له حتى يقال هي مجهولة أو معلومة وكلام مالك صريح في إثبات الاستواء وإنه معلوم وإن له كيفية لكن تلك الكيفية مجهولة لنا لا نعلمها نحن، ولهذا بدع السائل الذي سأله عن هذه الكيفية، فإن السؤال إنما يكون عن أمر معلوم لنا ونحن لا نعلم كيفية استوائه وليس كل ما كان معلوماً وله كيفية تلك الكيفية معلومة لنا يبين ذلك أن المالكية وغير المالكية نقلوا عن مالك أنه قال: الله في السماء وعلمه في كل مكان حتى ذكر مكي في كتاب التفسير الذي جمعه من كلام مالك ونقله أبو عمر والطلمنكي وأبو عمر بن عبد البر وابن أبي زيد في المختصر وغير واحد ولو كان مالك من الواقفة أو النفاة لم ينقل هذا الإثبات، والقول الذي قاله مالك قاله قبله ربيعة بن عبد الرحمن شيخه كما رواه عنه سفيان بن عيينة وقال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشوني، كلاماً طويلاً يقرر مذهب الإثبات ويرد على النفاة وقد ذكرناه في غير هذا الموضع.
وكلام المالكية في ذم الجهمية النفاة مشهور في كتبهم وكلام أئمة المالكية وقدمائهم في الإثبات كثير مشهور لأن علماءهم حكوا إجماع أهل السنة والجماعة على أن الله بذاته فوق عرشه، وابن أبي زيد إنما ذكر ما ذكره سائر أهل أئمة السنة ولم يكن من أئمة المالكية من خالف ابن أبي زيد في هذا وهو إنما ذكر هذا في مقدمة الرسالة لتلقن لجميع المسلمين لأنه عند أئمة السنة من الاعتقادات التي يلقنها كل أحد، ولم يرد على ابن أبي زيد في هذا إلا من كان من أتباع الجهمية النفاة لم يعتمد من خالفه على أنه بدعة ولا أنه مخالف للكتاب والسنة، ولكن زعم من خالف ابن أبي زيد وأمثاله إنما خالفه مخالف للعقل ، وقالوا إن ابن أبي زيد لم يكن يحسن الكلام الذي يعرف فيه ما يجوز على الله وما لا يجوز، والذين أنكروا على ابن أبي زيد وأمثاله من المتأخرين تلقوا هذا الإنكار عن متأخري الأشعرية كأبي المعالي وأتباعه وهؤلاء تلقوا هذا الإنكار عن الأصول التي شركوا فيها المعتزلة ونحوهم من الجهمية، فالجهمية من المعتزلة وغيرهم هم أصل هذا الإنكار".

أمازيغي مسلم 06-07-2014 04:49 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
وقال:" ابن القيم" رحمه الله في:" إغاثة اللهفان":(2/128):" كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول: "الّلهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّماوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمْ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. اُهْدِنِى لَمِا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذْنِكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".
فتوسل إليه سبحانه بربوبيته العامة والخاصة لهؤلاء الأملاك الثلاثة الموكلين بالحياة.
فجبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب والأرواح، وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد مماتهم.
فسأله رسوله بربوبيته لهؤلاء أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، لما في ذلك من الحياة النافعة".


وقال في:" مفتاح دار السعادة":(1/82-85):
" الْوَجْه الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: أن الْعَامِل بِلَا علم كالسائر بِلَا دَلِيل، وَمَعْلُوم أن عطب مثل هَذَا اقْربْ من سَلَامَته، وان قدر سَلَامَته اتِّفَاقًا نَادرا، فَهُوَ غير مَحْمُود، بل مَذْمُوم عِنْد الْعُقَلَاء، وَكَانَ شيخ الإسلام :" ابْن تَيْمِية" يَقُول:" من فَارق الدَّلِيل ضل السَّبِيل، وَلَا دَلِيل إِلَّا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول". قَالَ:" الْحسن": الْعَامِل على غير علم كالسالك على غير طَرِيق، وَالْعَامِل على غير علم: مَا يفْسد أكثر مِمَّا يصلح، فَاطْلُبُوا العلم طلبا لَا تضروا بِالْعبَادَة، واطلبوا الْعِبَادَة طلبا لَا تضروا بِالْعلمِ، فَإِن قوما طلبُوا الْعِبَادَة، وَتركُوا الْعلم حتى خَرجُوا بِأَسْيَافِهِمْ على امة مُحَمَّد، وَلَو طلبُوا الْعلم: لم يدلهم على مَا فعلوا".
وَالْفرق بَين هَذَا وَبَين مَا قبله: أن الْعلم مرتبته فِي الْوَجْه الأول مرتبَة المطاع الْمَتْبُوع المقتدى بِهِ المتبع حكمه المطاع أمره ومرتبته فِيهِ في هذا الْوَجْه مرتبَة الدَّلِيل المرشد إلى الْمَطْلُوب، الْموصل إِلَى الْغَايَة.
الْوَجْه الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: أن النَّبِي ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ انه كَانَ يَقُول:" اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل فاطر السَّمَوَات والأرض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة أنت تحكم بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أهدني لما اخْتلف فِيهِ من الْحق بإذنك انك تهدى من تشَاء الى صِرَاط مُسْتَقِيم"، وَفِي بعض السّنَن: انه كَانَ يكبر تَكْبِيرَة الإحرام فِي صَلَاة اللَّيْل، ثمَّ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء.
وَالْهِدَايَة: هِيَ الْعلم بِالْحَقِّ مَعَ قَصده وإيثاره على غَيره، فالمهتدي هُوَ الْعَامِل بِالْحَقِّ المريد لَهُ، وَهِي أعظم نعْمَة لله على العَبْد، وَلِهَذَا أمرنا سُبْحَانَهُ أن نَسْأَلهُ هِدَايَة الصِّرَاط الْمُسْتَقيم كل يَوْم وَلَيْلَة فِي صلواتنا الْخمس، فَإِن العَبْد مُحْتَاج إلى معرفَة الْحق الَّذِي يرضى الله فِي كل حَرَكَة ظاهرة وباطنة، فَإِذا عرفهَا فَهُوَ مُحْتَاج إِلَى من يلهمه قصد الْحق، فَيجْعَل إِرَادَته فِي قلبه، ثمَّ إِلَى من يقدره على فعله. وَمَعْلُوم: أن مَا يجهله العَبْد: إضعاف أضعاف مَا يُعلمهُ، وَإِن كل مَا يعلم أنه حق: لَا تطاوعه نَفسه على غير إرادته، وَلَو أراده: لعجز عَن كثير مِنْهُ، فَهُوَ مُضْطَر كل وَقت إِلَى هِدَايَة تتَعَلَّق بالماضي وبالحال والمستقبل.
أما الْمَاضِي: فَهُوَ مُحْتَاج إِلَى محاسبة نَفسه عَلَيْهِ، وَهل وَقع على السداد فيشكر الله عَلَيْهِ ويستديمه، أم خرج فِيهِ عَن الْحق، فيتوب إِلَى الله تَعَالَى مِنْهُ ويستغفره، ويعزم على ان لَا يعود.
وَأما الْهِدَايَة فِي الْحَال: فَهِيَ مَطْلُوبَة مِنْهُ، فَإِنَّهُ ابْن وقته، فَيحْتَاج أن يعلم حكم مَا هُوَ متلبس بِهِ من الأفعال، هَل هُوَ صَوَاب آم خطأ؟؟؟. وَأما الْمُسْتَقْبل: فحاجته فِي الْهِدَايَة: أظهر، ليَكُون سيره على الطَّرِيق.
وَإِذا كَانَ هَذَا شَأْن الْهِدَايَة: علم أن العَبْد اشد شَيْء اضطرارا إليها، وان مَا يُورِدهُ بعض النَّاس من السُّؤَال الْفَاسِد، وَهِي أنا إِذا كُنَّا مهتدين، فَأَي حَاجَة بِنَا أن نسْأَل الله أن يهدينا؟، وَهل هَذَا إلا تَحْصِيل الْحَاصِل: أفسد سُؤال وأبعده عَن الصَّوَاب، وَهُوَ دَلِيل على أن صَاحبه لم يحصل معنى الْهِدَايَة، وَلَا أحاط علما بحقيقتها ومسماها، فَلذَلِك تكلّف من تكلّف الْجَواب عَنهُ بَأن الْمَعْنى:" ثبتنا على الْهِدَايَة وأدمها لنا"، وَمن أحاط علما بحقيقة الْهِدَايَة، وحاجة العَبْد إليها: علم أن الَّذِي لم يحصل لَهُ مِنْهَا: أضعاف مَا حصل لَهُ، إنه كل وَقت مُحْتَاج إِلَى هِدَايَة متجددة، لاسيما وَالله تَعَالَى خَالق أفعال الْقُلُوب والجوارح، فَهُوَ كل وَقت مُحْتَاج أن يخلق الله لَهُ هِدَايَة خَاصَّة، ثمَّ إن لم يصرف عَنهُ:" الْمَوَانِع والصوارف": الَّتِي تمنع مُوجب الْهِدَايَة وتصرفها: لم ينْتَفع بالهداية، وَلم يتم مقصودها لَهُ، فَإِن الحكم لَا يَكْفِي فِيهِ وجود مقتضيه، بل لَا بُد مَعَ ذَلِك من عدم مانعه ومنافيه،
وَمَعْلُوم أن:" وساوس العَبْد وخواطره وشهوات الغي فِي قلبه": كل مِنْهَا مَانع وُصُول اثر الْهِدَايَة إليه، فَإِن لم يصرفهَا الله عَنهُ: لم يهتد هدى تَاما، فحاجاته إِلَى هِدَايَة الله لَهُ: مقرونة بأنفاسه، وَهِي أعظم حَاجَة للْعَبد.
وَذكر النَّبِي فِي الدُّعَاء الْعَظِيم: الْقدر من أوصاف الله وربوبيته: مَا يُنَاسب الْمَطْلُوب، فإن فطر السَّمَوَات والأرض: توسل إِلَى الله بِهَذَا الْوَصْف فِي الْهِدَايَة للفطرة الَّتِي ابْتَدَأَ الْخلق عَلَيْهَا، فَذكر كَونه فاطر السَّمَوَات والأرض، وَالْمَطْلُوب: تَعْلِيم الْحق والتوفيق لَهُ، فَذكر علمه سُبْحَانَهُ بِالْغَيْبِ وَالشَّهَادَة، وأن من هُوَ بِكُل شَيْء عليم: جدير أن يطْلب مِنْهُ عَبده أن يُعلمهُ ويرشده ويهديه، وَهُوَ بِمَنْزِلَة التوسل إِلَى الْغَنِيّ بغناه وسعة كرمه: أن يعْطى عَبده شَيْئا من مَاله، والتوسل إِلَى الغفور بسعة مغفرته: أن يغْفر لعَبْدِهِ، وبعفوه: أن يعْفُو عَنهُ، وبرحمته: أن يرحمه، ونظائر ذَلِك.
وَذكر ربوبيته تَعَالَى لجبريل وَمِيكَائِيل وإسرافيل، وَهَذَا وَالله اعْلَم، لَأن الْمَطْلُوب: هدى يحيا بِهِ الْقلب، وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة الأملاك: قد جعل الله تَعَالَى على أيديهم: أسباب حَيَاة الْعباد، أما جِبْرِيل، فَهُوَ صَاحب الْوَحْي الَّذِي يوحيه الله إِلَى الأنبياء، وَهُوَ سَبَب حَيَاة الدُّنْيَا والآخرة. وأما مِيكَائِيل، فَهُو:َ مُوكل بالقطر الَّذِي بِهِ سَبَب حَيَاة كل شَيْء.
واما إسْرَافيل، فَهُوَ: الَّذِي ينْفخ فِي الصُّور فيحيى الله الْمَوْتَى بنفخته، فَإِذا هم قيام لرب الْعَالمين.

أمازيغي مسلم 06-07-2014 04:50 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
ولأن الأخ:" الأمازيغي52": أدلى بدلوه في هذه المسألة على هذا المتصفح: أحببت تذكيره بمشاركتي رقم:(96)، والتي لم يجب عليها على متصفحي:" حوار هام بين أمازيغ الجزائر"، ولأنها مرتبطة بموضوع هذا المتصفح: أنشرها: إثراء للنقاش، فإليكموها:

قولك:{ الأحاديث التي لا تتطابق مع النص القرآني لا يعتد بها}.
التعليق: هذه غريبة عجيبة منك؟؟؟، إن هذا التأصيل العقلي المجرد عن الأدلة الشرعية يشكل:" تدميرا ممنهجا لأصول الشريعة؟"، لأنه يفتح باب شر مستطير أمام أهل الأهواء، ليردوا ما ثبت من صحيح السنة: بحجة أنها لا تتطابق – حسب أهوائهم – مع النص القرآني؟؟؟، وصدق الله تعالى إذ يقول:[ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ].
إن تأصيل:" الأمازيغي52": يفتح باب الطعن في السنة النبوية الشريفة، إذ أنه يتيح لكل من لم يوافق:" هوى معقوله":" صحيح الأحاديث": أن يطعن فيها، ويردها بتلك الحجة الواهية الواهنة؟؟؟.
إن من يتبنى هذا المذهب: يجهل أو يتجاهل بأن:" السنة وحي كالقرآن"، فالأحاديث الصحيحة هي:" الذكر المنزل للبيان": الذي قال عنه الله تعالى:[ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ].
لقد استقر في عقل وقلب كل:" سليم الفطرة": أن ما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أحاديث:" حق لا ريب فيه"، لأن قائله وصفه ربه جل وعلا بقوله:[ وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (4)]..
إن علماءنا الأفاضل قد أصلوا:" قاعدة عظيمة": يشهد لصحتها: النقل والعقل والفطرة والحس"، والمقصود هنا هو قولهم:" إن صريح المعقول: لا يخالف صحيح المنقول".
فحاشا الشريعة الغراء: أن تتناقض أدلتها، لأن الكل من عند الحكيم العليم الخبير، ومن رأى أن فيها تناقضا؟؟؟، فإنما مرده لسوء فهمه، أو سوء قصده، أو لهما معا، ومن وجد شيئا من ذلك، فليرجع على عقله بالاتهام، وليذكر قلبه بقول الرحيم الرحمن:[ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً].
ما أصله الأخ:" الأمازيغي52":هو مذهب:" العقلانيين؟": الذين حاكموا النقل إلى عقولهم حتى قال أحد الحنفية، وهو:" أبو الحسن الكرخي" – عفا الله عنه -:" كل آيةٍ وحديثٍ يخالف ما عليه أصحابنا، فهو مؤول أو منسوخ"؟؟؟.
وقد غلت طائفة من هؤلاء:" العقلانيين؟"، فألغوا الاحتجاج بالأحاديث مكتفين بالنص القرآني؟؟؟، لذلك سموا ب:" القرآنيين؟"، والمنطلق واحد بين هذه الطائفة والطائفة الأخرى التي ذكر:" الأمازيغي52" تأصيلها في قوله:{ الأحاديث التي لا تتطابق مع النص القرآني لا يعتد بها}؟؟؟.
وقد جاءت أحاديث صحيحة صريحة تدحض مذهب القرآنيين أصالة،
ومذهب من ذكر:" الأمازيغي52": تأصيلهم تبعا ؟؟؟، فإلى تلك الأحاديث:

جاء في:" صحيح الجامع":(1/518):" ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله". (صحيح) ... [ت] عن المقدام بن معد يكرب. المشكاة 163: الدارمي.
وجاء فيه أيضا تحت رقم:
7172 - 2454 – " لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به، أو نهيت عنه فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه".
(صحيح) [حم د ت هـ حب ك] عن أبي رافع. المشكاة 162.

قال الشيخ:" الألباني" رحمه الله في رسالة:" منزلة السنة من الإسلام":(1/13) ما يأتي:{ وجد في الوقت الحاضر طائفة يتسمون ب: (القرآنيين): يفسرون القرآن بأهوائهم وعقولهم دون الاستعانة على ذلك بالسنة الصحيحة، بل السنة عندهم تبع لأهوائهم، فما وافقهم منها تشبثوا به، وما لم يوافقهم منها نبذوه وراءهم ظهريا. وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى هؤلاء بقوله في الحديث الصحيح: " لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه " [رواه الترمذي]. وفي رواية لغيره: " ما وجدنا فيه حراما حرمناه ألا وإني أتيت القرآن ومثله معه ". وفي أخرى: " ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ".
بل إن من المؤسف أن بعض الكتاب الأفاضل ألف كتابا في شريعة الإسلام وعقيدته، وذكر في مقدمته أنه ألفه، وليس لديه من المراجع إلا القرآن!.
فهذا الحديث الصحيح: يدل دلالة قاطعة على أن الشريعة الإسلامية ليست قرآنا فقط، وإنما هي قرآن وسنة، فمن تمسك بأحدهما دون الآخر، لم يتمسك بأحدهما، لأن كل واحد منهما يأمر بالتمسك بالآخر كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ .. } [النساء: 80] وقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36] وقال: { .. وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .. } [الحشر: 7].
وبمناسبة هذه الآية يعجبني ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنهـ وهو أن امرأة جاءت إليه فقالت له: أنت الذي تقول: لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات. . الحديث؟ قال: نعم قالت: فإني قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره، فلم أجد فيه ما تقول فقال لها: إن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] قالت: بلى قال: فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لعن الله النامصات. . الحديث [متفق عليه].
وجاء في:" موسوعة الألباني في العقيدة":(1/295):{ في حقيقة الأمر: إن ادعاء أن القرآن هو فقط المرجع الوحيد، وليس للسنة دخل في بيان القرآن: فهو كفر بالقرآن، الذي يقول بأني لا أؤمن إلا بالقرآن هو يكفر بالقرآن؛ ذلك لأن القرآن مما قال فيه رب الأنام: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44) {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ} (النحل:44)، ها نحن ذكرنا آنفاً الصلوات الخمس وكيف أنها تنقسم إلى أقسام، من أين أخذت هذه الأقسام? لا شيء منها بهذا التوضيح في القرآن الكريم، لكن هو بيان الرسول عليه السلام الذي أشار الله إليه في الآية السابقة {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44). أي إن هذه الآية تعني أن بيان الرسول عليه السلام ينقسم إلى قسمين: بيان لفظي وهو تبليغ القرآن إلى الأمة .. تبليغ القرآن للأمة، والبيان الآخر هو بيان بمعنى التفصيل .. ولذلك جاء حديث الرسول عليه السلام في الصحيح، وأنا بهذه المناسبة أقول: ينبغي انتقاء هذه الأحاديث، وتقديمها لطلابكم هناك حتى تستقيم العقيدة الصحيحة، ويعرفون قدر السنة، وأهمية الرجوع إليها مع القرآن الكريم، ذكرت حديثاً وهو قوله عليه السلام:" لا يقعدن أحدكم متكئاً على أريكته يقول هذا كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً حللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه .. ألا إنما حرم رسول الله مثلما حرم الله"؛ ذلك لأن الله يقول في القرآن الكريم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:1 – 4)}.

وجاء في نفس الموسوعة:(5/524):
باب حكم منكري السنة؟:
السائل: سؤال فضيلة الشيخ: بما يُرَدُّ على من لم يحتج بالحديث الصحيح نتيجة أنه لا يُصَرَّح في القرآن على هذا الأمر، أو يتأول الحديث على ما يوافق هواه؟.
الشيخ: كيف ... طبعاً هذا لا يكون مسلماً؛ لأن الله عز وجل قد أمر حينما يختلف الناس، ويتنازعون في شيء ما من الأحكام: أن يرجعوا إلى أمرين اثنين: إلى كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (النساء:59)، وقد اتفق علماء التفسير على أن الرد في هذه الآية إلى الله إنما هو الرد إلى كتابه، وهذا من البداهة والظهور بمكان؛ لأن الرد إلى الله لا يعني كما لو رد الأمر إلى حاكم أو قاضي فيذهب المتخاصمان إليه، فربنا عز وجل لا يمكن للبشر أن يرتدوا إليه لذاته تبارك وتعالى؛ ولذلك أجمعوا على أن المقصود بالرد إلى الله لتقدير مضاف محذوف أي: إلى كتابه.
كذلك بالنسبة للرد إلى رسوله: لا يمكن الرد إلى شخصه وبخاصة لمن كان بعيداً عنه في حياته، وبصورة أخص بالنسبة للذين جاءوا بعد وفاته عليه السلام، فلا يمكنهم الرد إلى شخصه، فأيضاً الأمر أن المقصود بالرد إلى الرسول: الرد إلى سنته.
فمن زعم بأنه يستكفي بالقرآن دون السنة، فقد كفر بالله ورسوله لهذه الآية، وبأمثالها من آيات كثيرة، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} (الأحزاب:36) وقوله تبارك وتعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44)، فمن لم يؤمن ببيانه عليه الصلاة والسلام الذي هو كما يضاف إليه هذا البيان للقرآن ... ، والآية الأشهر في هذا المجال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء:80).
فالذي يزعم بأنه لا يتحاكم إلى سنته عليه السلام، وإنما إلى القرآن فهو ليس مؤمناً بالقرآن، وإنما يصدق عليه ما قاله تعالى في بعض أهل الكتاب: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (البقرة:85)، ولذلك جاء التحذير الشديد من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الاعتماد على القرآن فقط دون السنة، فقال عليه الصلاة والسلام:" لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يقول: هذا كتاب الله فما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وما وجدنا فيه حلالاً حللناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله".(صحيح الجامع (رقم2657).)؛ لأنه كما جاء في القرآن: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:3، 4).
وختاماً: قد جمع المصدرين الأساسين للمسلمين كتابًا وسنةً في قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -:" تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض" فمن صرح من المسلمين، ولو كان يصلي ويصوم بأنه لا يعتمد في دينه إلا على القرآن الكريم فهو كافر، وأول ما يدل على كفره وتناقضه أنه يصلي صلاة إن كان مخلصاً في هذه الصلاة، هذه الصلاة لم تأت في القرآن، فمن أين جاءته هذه الصفة؟ من ركوع .. سجود .. وأذكار وتشهد، هذه التفاصيل كلها إنما جاءتنا من طريق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فمن زعم أنه لا يعتمد إلا على القرآن، فلا يصح إسلامه، بل لو كان هناك حاكم ينفذ الشرع بجميع أحكامه: يستتاب، فإن أصر على أنه لا يعتمد في دينه على القرآن: قتل كفراً وليس حداً، وإن تاب تاب الله عليه}.انتهى كلامه، وانظر:"رحلة النور": (10ب/00:29:25).

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

الأمازيغي52 06-07-2014 10:04 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مُسلِمة (المشاركة 1863350)

مبارك عليكم الشهر الفضيل أيها العم تقبل الله صيامكم و قياكم بمزيد من الأجر و الثواب
الموضوع يتحدث عن إنكار السنة و ليس إمكانية اخضاعها للشك
وفكرة النقل جاءت من تصادمي في أحد المنتديات مع أحد ينتمي إلى طائفة القرانيين يعني مافيش سنة لا شكا و لا يقينا و للأسف كلما تعمق في حديثه وجدته يمشي رويدا رويدا للإلحاد فحتى القران الذي يزعم أنه يؤمن به و يكفر بما سواه يلحد في اياته و يفسره على هواه و يضرب بمعانيه يمنة و يسرة
أما السنة فهناك أهل الحديث و علوم الحديث , علم قائم بداته و له أصوله يعنى بها و يدرسها
وعلى مر السنين جرى تنقيح للسنة وتجديد لها بتخليصها من بعض المرويات وفق أصول وقواعد لن أخوض فيها لأنني لست من أهل الإختصاص
لكن نأسف لاستنسار بعض العقول الضعيفة في رد الأحاديث لمجرد عدم تقبل العقل لها مع أنهم يؤمنون أن العقل يتطور وما كان مستهجنا أصبح اليوم منطقيا وما عجز عن تقبله العقل اليوم سيضطر لقبوله غدا و تبقى المرويات الصحيحة تصنع إعجازا نبويا فريدا
أما إخضاع المرويات لمبدأ الشك فهو منهج المحدثين سلفهم و خلفهم وكم كان لهم من التأذب مع أحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام إلى حين إثبات صحتها من ضعفها ما افتقدناه نحن العامة حين نضرب اجتهادات جهابذة العلماء عرض الحائط بدعوى أن الدين للجميع و نخوض في الصحيح و المعقول لنتملص من الأحكام و نتخد لأنفسنا الأعذار

بورك فيك أنا متابعة لما تكتب ...


رمضان كريم ، وصياما مقبولا لأخت ( مسلمة ) و كل رواد المنتدى .

°°°قلت بأن الإكثار الحديثي أفسد الدين ـ وأظهر رواده رغبة تَساويه مع النص القرآني، وهناك من غالى في جعله متفوقا على كلام الله عزوجل ، وبالعودة إلى مرجعيات الإسلام يتضح أن القرآن هو الأساس وكل حديث يخالفه يهمل ويطرح .

°°°أنا في حقيقتي لست ناكرا للسنة بالجملة ، وإنما أخضعها لميزاني القرآن والعقل ، وكل حديث لا سند له في القرآن ويستهجنه العقل ـ فهو مرفوض عندي ، لعدة اعتبارات منها :

1) القرآن أولا .... القرآن أخيرا .

°°°ُيروى عن مُسلم وأحمد والدرامى والترمذى والنسائى ان النبى قال " لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرءآن فمن كتب عنى غير القرءآن فليمحه " ويروى الدرامى " انهم إستأذنوا الرسول فى الكتابة عنه فلم يأذن لنا ".. وبعد وفاة النبى جمع أبوبكر الناس وخطب فيهم وقال: " إنكم تحدثون عن رسول اللــه أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد إختلافا فلا تحدثوا عن رسول اللــه شيئا فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب اللــه فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه.

°°°وفى خلافة عمر جمع الرواة من الصحابة، ابن مسعود وابا حذيفة وابا الدرداء وعقبة بن عامر وقال " ما هذه الأحاديث التى أفشيتم عن رسول اللــه فى الآفاق ؟ أقيموا عندى واللــه لا تفارقنى ما عشت ". وفى رواية اخرى ان عمر حبس ابن مسعود وابا الدرداء وابا مسعود الأنصارى وقال " اكثرتم الحديث عن رسول اللــه".

°°°وقال عُمر لأبى هُريرة " لتتركن الحديث عن رسول اللــه أو لألحقنك بأرض دوس ". وقد سافر جماعة من الصحابة فى عهد عُمر للعراق فقال لهم عُمر وهو يودعهم: " أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا لا، قال إنكم لتأتون بلدة لأهلها دوى بالقرءآن كدوى النحل فلا تصدوهم بالأحاديث فقال " إنى كنت أريد أن أكتب السُنن وانى ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كُتبا فاكبوا عليها وتركوا كتاب اللــه، وانى واللــه لا اشوب كتاب اللــه بشئ أبدا "، دخل زيد بن ثابت على معاوية فى خلافته فسأله عن حديث وأمر إنسانا أن يكتب ما يرويه زيد بن ثابت فقال زيد " إن رسول اللــه أمرنا ألاّنكتب شيئا من حديث " فمحاه معاوية

فهذه الحقائق توضح أن الرغبة البشرية طغت على أوامر النبي و السلف الأول في أمر تدوين الحديث و تصنيفه بعد أن تضخم متنه ، لكن بعد قرنين من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الريادة التشريعية .

بورك فيك .

وائل (جمال) 06-07-2014 10:09 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
بارك الله فيك مسلمة وفي الأستاذ على النقل والإجتهاد
سأكون متابع ولي عودة ان شاء الله

يوسف جزائري 06-07-2014 10:30 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
موضوع مهمّ كالعادة

في المتابعة إن شاء الله

خالص مودّتي.

khaled.dz 06-07-2014 10:31 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
شكرا جزيلا لك

khaled.dz 06-07-2014 10:37 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك

khaled.dz 06-07-2014 10:40 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك شكرا جزيلا لك


أمازيغي مسلم 12-07-2014 04:17 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

هذا مبحث أولي في رد شبهة:" القرآن أولا...القرآن أخيرا": التي اتكأ فيها الأخ:" الأمازيغي52" على حديث:" لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن فمن كتب عنى غير القرآن فليمحه"، وهذا المبحث مستل من:" مجلة البحوث الإسلامية":(9/120-125)، فإليكموه:

تدوين السنة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
إن للسنة النبوية - باعتبارها أصلا من أصول الإسلام - مكانتها الكبرى التالية مباشرة لمكانة القرآن : فهي تبين القرآن ، فمن أنكرها فقد أنكر - على الحقيقة - القرآن نفسه ، ومن خالفها فقد خالفه .
وقد جرى على هذا - عقيدة وعملا، منذ فجر الإسلام - كبار الصحابة ثم كبار التابعين، ثم تابعوا تابعيهم إلى اليوم والغد وإلى يوم الدين. (انظر : محمد مصطفى الأعظمي : دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه ج1 ص12 - 20) .

وقد حذرت السنة نفسها من الكذب فيها أو عدم التثبت في روايتها:
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « إن كذبا علي ليس ككذب على أحد ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » (صحيح البخاري الجنائز (1229),صحيح مسلم مقدمة (4),سنن الترمذي الجنائز (1000),مسند أحمد بن حنبل (4/252)).
وقال : « من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين » (صحيح مسلم مقدمة (1),سنن الترمذي العلم (2662),سنن ابن ماجه المقدمة (41)) ( روي على صيغة التثنية والجمع ) .
ولكن الثابت عند أغلب علماء السنة أن الأحاديث النبوية لم تكتب على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم - : « لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ، ومن كتب شيئا فليمحه » (رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري، وانظر: مسند أحمد بن حنبل (3/21),سنن الدارمي المقدمة (450)).
وقد ذكر العلماء أن هذا النهي كان: لمنع الناس من أن يلتبس على بعضهم الحديث النبوي بالقرآن الذي كان الوحي يتنزل به على الرسول تباعا ، وأن النهي كان أيضا لمنع الناس من أن تشغلهم السنة عن الكتاب .
وقد ذكر ابن حجر العسقلاني وغيره سببين آخرين لتأخر تدوين السنة عن العهد النبوي هما :
الأول: أن أكثر المسلمين وقتئذ لم يكونوا يعرفون الكتابة.
والثاني: أن الذاكرة الخارقة التي كانوا يتمتعون بها أغنتهم عن التدوين الكتابي (هدي الساري مقدمة فتح الباري ص6 ( ط . السلفية ) .
وقد ناقش الأسباب كلها - في موضوعية ودقة – الدكتور:" محمد مصطفى الأعظمي" في رسالته :" دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه". (ج1 ص73 وما بعدها) .
على أن هناك أحاديث كتبها - فعلا - بعض الناس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذن منه:

في الصحيحين: « أن أبا شاه اليمني التمس من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب له شيئا سمعه من خطبته عام الفتح، فقال: اكتبوا لأبي شاه".( صحيح البخاري: الديات (6486), صحيح مسلم: الحج (1355).
وفي سنن الترمذي : « كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسمع منه الحديث ، فيعجبه ولا يحفظه ، فشكا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : استعن بيمينك ، وأومأ بيده إلى الخط » (سنن الترمذي العلم:(2666).
وفي صحيح البخاري : أن أبا هريرة كان يقول : " لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص ، فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب ":(باب العلم 39) .
وفي سنن الدارمي:(ج1 ص126) : روى يحيى بن أيوب عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : " كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكتب ما يقول " . قال الذهبي : هذا حديث حسن غريب رواه سعد بن عفير عنه .
وقد كتب أيضا الشيخ:" محمد الحافظ التيجاني": كتابة نافعة وكاملة في موضوع تدوين السنة، وإبطال احتجاج من ادعى أن الحديث لم يكتب في عصر النبوة والصحابة (انظر : كتابه : سنة الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ص29 - 71 ط ، مجمع البحوث الإسلامية).

ولما لحق النبي - صلى الله عليه وسلم - بربه ، وانقطع نزول القرآن ، وكان المسلمون قد حفظوه في الصدور ، ثم في السطور ، وأصبح من المستحيل خلطه بحرف واحد أو حركة واحدة من عند غير الله ، انتفى بالضرورة كل خوف من أن تلتبس أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنص القرآني فزاد عدد من يسجلون بالكتابة هذه الأحاديث :
روي عن سعيد بن جبير : أنه كان يجلس مع ابن عباس ، فيسمع منه الحديث ، فيكتبه في واسطة الرحل ، فإذا نزل نسخه". (أبو شهبة : الكتب الصحاح الستة ص20: ) .
وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : " كنا نكتب الحلال والحرام ، وكان ابن شهاب يكتب كل ما يسمع ، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس". (المرجع السابق).
وعن هشام بن عروة عن أبيه: أنه احترقت كتبه يوم الحرة ، في خلافة يزيد ، وكان يقول : " لو أن عندي كتبي بأهلي ومالي ".( المرجع السابق).
وصحيح أن الصحابة والتابعين كان بين بعضهم وبعض تفاوت في درجات العلم بالنسبة القولية والفعلية والتقريرية ، وهو أمر طبيعي ؛ لأن الصحابة لم يكونوا سواء في الصحبة والقرب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ولأن التابعين أيضا لم يكونوا متماثلين أو متعادلين ، ولكن هذا الاختلاف لم يفض غالبا إلى خطأ أو اضطراب يستحق الذكر ، سواء في المتون أو في الشروح ، فهم جميعا لم يألوا جهدا في تعهد السنة حفظا بألفاظها ومعانيها ، وتطبيقا بحروفها وبروحها ، وإعلاما بإبلاغها لمن لم يشهدها أو لم يشهد من شهدها ، وبنقلها للأخلاف وتعليمهم إياها .
هكذا حرص الصحابة والتابعون على السنة الحرص الذي ينبغي لها بوصفها أحد الشطرين الرئيسين والأصلين الأساسيين لشريعتهم ولميراثهم .
غير أنه جاء على المسلمين - في أعقاب عهد هؤلاء - حين من الدهر خافوا فيه على هذه السنة - وهي ما هي: جوهر دين وارتفاع شأن - أن يضيع منها شيء: إما لموت حفاظها وعلمائها - وإن الموت لواقع ماله من دافع - وإما لكيد الكفار والمنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ، ويبطنون خصومته ومناوأته ، فكانوا يحاولون تمزيقه وتشويهه عن طريق تحريف الأحاديث وتبديلها أو اختلاقها أصلا ، ونسبتها للرسول - صلى الله عليه وسلم - .
هناك عم الإحساس بشدة الحاجة إلى إجراء عام حاسم يمنع أسباب الضياع والفساد، ويتمثل هذا الإجراء في جمع السنة وتدوينها.
وقد تصدى لهذه المهمة التاريخية التي كان المسلمون يرقبونها خليفة المسلمين الراشد : عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - :
كتب عمر إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الفقيه التابعي الذي كان أميرا على المدينة والذي ولي قضاءها : أن انظر ما كان من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سننه ، أو حديث عمرة ، أو نحو هذا فاكتبه ، فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء، فكتبه له (ابن سعد : الطبقات الكبرى ج8 ص353) .
وكتب عمر نفسه إلى أبي بكر بن حزم نفسه أيضا:" أن افحص لي عن أسماء خدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الرجال والنساء ومواليه، فكتب إليه". (ابن سعد : الطبقات الكبرى ج8 ص353) .
ويلخص ابن حجر العسقلاني ذلك الموقف فيقول : " قال العلماء : كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث ، واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا ، لكن لما قصرت الهمم ، وخشي الأئمة ضياع العلم دونه ، وأول من دون الحديث : ابن شهاب الزهري ، على رأس المائة ، بأمر عمر بن عبد العزيز ، ثم كثر التدوين ، ثم كثر التصنيف ، وحصل بذلك خير كثير ، فلله الحمد ". (فتح الباري ج1 ص208) .

وقد اختلفت مناهج جمع السنة وتدوينها :
فمن الجامعين - في أول عهد الجمع - من كان يخلط بالأحاديث النبوية أقوال الصحابة وفتاوي التابعين .
ومنهم من ألف المسانيد التي تجمع أحاديث كل صحابي على حدة بصرف النظر عن الموضوع ، والمثل في هذه الطريقة : مسند الإمام أحمد .
ومنهم من أقاموا جمعهم على أساس الأبواب الفقهية، فيبدأ مثلا بذكر الأحاديث النبوية في موضوع الصلاة، ثم في موضوع الصوم، ثم في الحج، وهكذا.
ومن هؤلاء وأولئك من لم يختر مادة لجمعه سوى الأحاديث الصحاح، مثلما فعل الشيخان: البخاري ومسلم، ومنهم من أورد الأحاديث بمختلف مراتبها مكتفيا بذكر أسانيدها للقراء يرون فيها رأيهم.
والمهم أن الإخلاص في نقل السنة، والتشدد في روايتها ودراستها متونا وأسانيد ، والتزام شروطها وقواعدها كان ديدن هؤلاء الجامعين الدارسين ، وكم منهم من ركب الظلام ، وخاض القفار ، وصبر على اللأواء ، وحرارة القيظ، وصبارة القر ، من أجل التماس حديث، أو فحص حال محدث ، أو تصحيح خبر، أو تمحيص مروية .

وقد دعاهم إلى هذه الرحلات الشاقة: ما هو معلوم من أن الصحابة والتابعين ، لما فتح الله عليهم الأمصار شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، ارتحلوا إليها وسكنوها ، وقد كانوا - بالضرورة - يحملون أحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، مما يمكن أن لا يكون من محفوظات غيرهم ، فقصد إليهم الحديثيون ليأخذوا عنهم .
وجاء تابعوا التابعين، فسلكوا - في جملتهم - نفس المسلك السني الذي سلكه الأسلاف ، فتمسكوا - في جملتهم أيضا - بالسنة التي صحت عندهم ، وكما يقول ابن القيم : " كانت النصوص أجل في صدورهم وأعظم في نفوسهم من أن يقدموا عليها قول أحد من الناس أو يعارضوها برأي وقياس " وكانوا في إجماعهم على الأخذ بالسنة الصحيحة - كما قال أحد الأئمة وهو الشافعي - رضي الله عنه - و إن من استبانت له سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس (أعلام الموقعين ج1 ص7).

كان ذلك مبحثا أوليا في رد الشبهة المثارة بسبب حديث:" لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن فمن كتب عنى غير القرآن فليمحه".
وإذا رأينا حاجة لمزيد بيان، فنبين متى ما تيسر الأمر بتوفيقه تعالى.
نسأل الله أن يجعل أعمالنا خاصة لوجهه الكريم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

الأمازيغي52 13-07-2014 02:21 PM

تحريق الأحاديث .
 
ملحوظة :
لا أدري لماذا تصنف بعض المسائل الشرعية التي ( يتشابه فيها الحق مع الباطل) أو التي فيها مظنون وحيرة [ بالشبهة ] ، فشبهة الشبهة تدحضها الحقائق والمرجعيات القوية ، فعندما نصف الرويات القائلة بمنع تدوين السنة ( بالشبهة) فالواصف هو أول المنكرين للرواية السنية ؟


فما نسرده (حقائق) وليست شبه .


حقيقة : تحريق الصحابة لمتون الحديث .

وردت رويات في التراث الإسلامي تشير إلى تحريق الأحاديث خوف مخالفة أمر الرسول الأكرم بعدم تدوينها منها الآتي :

1) فقد روت سيدتنا عائشة وقالت :
«جَمَع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب كثيراً.

قالت: فغمّني، فقلت: أتتقلّب لشكوى أو لشيء بَلَغك؟

فلمّا أصبح قال: أي بُنيّة، هَلُمِّي الاَحاديث التي عندك.

فجئته بها، فدعا بنار فحرقها.

فقلتُ: لِمَ أحرقتها؟

قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنتُه ووثقتُ [به]، ولم يكن كما حدّثني فأكون نقلت ذلك
.
المصدر : تذكرة الحفّاظ 1: 5، الاعتصام بحبل الله المتين 1: 30، حجّيّة السنّة: 394.

2) ورد في تذكرة الحفّاظ: : «أنّ الصدِّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم، فقال: إنَّكم تحدّثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً. فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه.
المصدر :تذكرة الحفّاظ 1: 2 3، حجّيّة السنّة: 394.


3) .... أخبرنا زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي قال أخبرنا عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم يملي علي أحاديث فقال إن الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها فلما أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال مثناة كمثناة أهل الكتاب قال فمنعني القاسم يومئذ أن أكتب حديثا
.المصدر : ما رواه محمد إبن سعد - الطبقات الكبرى - الجزء : ( 5 ) - رقم الصفحة : ( 188 )


4) - أخرج إبن سعد ، عن عبد الله بن العلاء أنه قال : سألت القاسم أن يملي علي أحاديث فقال : إن الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد ان يأتوه بها ، فلما أتوه بها ، أمر بتحريقها ، ثم قال : مثناة كمثناة أهل الكتاب . قال : فمنعني القاسم يومئذ أن اكتب حديثا .

المصدر :عبدالرحمن أحمد البكري - عمر بن الخطاب - رقم الصفحة : ( 157 ).

لا شك وأن هذه المرويات للسلف الصالح تؤكد حقيقة أن الأحاديث غير مرغوب بها تشريعا في عهد الرعيل الأول من الصحابة ، ويتأكد الأمر بخبر إتلافها حرقا ومن طرف الخليفتين الجليلين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .

باش جراح 20-07-2014 03:42 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
بارك الله فيكم

أمازيغي مسلم 22-07-2014 01:46 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

بارك الله فيك أخانا:" باش جراح": أبشرك والقراء الكرام بمزيد من الإضافات والفوائد إن شاء الله تعالى ريثما يتيسر لنا الأمر.

نعتذر لقرائنا الكرام عن بعض التأخر على هذا المتصفح، وذلك بسبب انشغالنا بالكتابة في مواضيع أخرى لا تقل أهمية عن هذا الموضوع الحساس.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.

مُسلِمة 01-10-2014 10:17 PM

رد: تحريق الأحاديث .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 (المشاركة 1868245)
ملحوظة :
لا أدري لماذا تصنف بعض المسائل الشرعية التي ( يتشابه فيها الحق مع الباطل) أو التي فيها مظنون وحيرة [ بالشبهة ] ، فشبهة الشبهة تدحضها الحقائق والمرجعيات القوية ، فعندما نصف الرويات القائلة بمنع تدوين السنة ( بالشبهة) فالواصف هو أول المنكرين للرواية السنية ؟


فما نسرده (حقائق) وليست شبه .


حقيقة : تحريق الصحابة لمتون الحديث .

وردت رويات في التراث الإسلامي تشير إلى تحريق الأحاديث خوف مخالفة أمر الرسول الأكرم بعدم تدوينها منها الآتي :

1) فقد روت سيدتنا عائشة وقالت :
«جَمَع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب كثيراً.

قالت: فغمّني، فقلت: أتتقلّب لشكوى أو لشيء بَلَغك؟

فلمّا أصبح قال: أي بُنيّة، هَلُمِّي الاَحاديث التي عندك.

فجئته بها، فدعا بنار فحرقها.

فقلتُ: لِمَ أحرقتها؟

قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنتُه ووثقتُ [به]، ولم يكن كما حدّثني فأكون نقلت ذلك
.
المصدر : تذكرة الحفّاظ 1: 5، الاعتصام بحبل الله المتين 1: 30، حجّيّة السنّة: 394.

2) ورد في تذكرة الحفّاظ: : «أنّ الصدِّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم، فقال: إنَّكم تحدّثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً. فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه.
المصدر :تذكرة الحفّاظ 1: 2 3، حجّيّة السنّة: 394.


3) .... أخبرنا زيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي قال أخبرنا عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم يملي علي أحاديث فقال إن الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها فلما أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال مثناة كمثناة أهل الكتاب قال فمنعني القاسم يومئذ أن أكتب حديثا
.المصدر : ما رواه محمد إبن سعد - الطبقات الكبرى - الجزء : ( 5 ) - رقم الصفحة : ( 188 )


4) - أخرج إبن سعد ، عن عبد الله بن العلاء أنه قال : سألت القاسم أن يملي علي أحاديث فقال : إن الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد ان يأتوه بها ، فلما أتوه بها ، أمر بتحريقها ، ثم قال : مثناة كمثناة أهل الكتاب . قال : فمنعني القاسم يومئذ أن اكتب حديثا .

المصدر :عبدالرحمن أحمد البكري - عمر بن الخطاب - رقم الصفحة : ( 157 ).

لا شك وأن هذه المرويات للسلف الصالح تؤكد حقيقة أن الأحاديث غير مرغوب بها تشريعا في عهد الرعيل الأول من الصحابة ، ويتأكد الأمر بخبر إتلافها حرقا ومن طرف الخليفتين الجليلين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .


السلام عليكم
العم أمازيغي أو جدي إذا كانت الأحاديث قد حرقت ولا توجد أسانيد فبأي سند جئت بقصة حرق أبي بكر رضي الله عنه للسنة؟
لي عودة ادعوا لي بالشفاء فقط

أمازيغي مسلم 06-10-2014 04:04 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
بارك الله فيك أختنا:" مسلمة": سؤال في الصميم:16:.
شفاك الله وعافاك، وردك للمنتديات سالمة غانمة.

مُسلِمة 09-10-2014 08:31 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
و فيك بارك الله الأخ أمازيغي
شكرا على جميل دعائكم لأختك
حقيقة ما دفعني لنقل هذا الموضوع هي البلبلة التي أثارها منتقدو صحيحي البخاري و مسلم
المشكلة ليست في ذلك النقد البناء الحقيقي العلمي الصريح الصادر من المؤهلين لذلك
لكن في الذين ينتقصون من جهابذة العلم بهذه الحجة و المبالغة به كما يحصل !
و أن يتهم بإن فيه مدسوسات !!
أثبت العصرانيين من خلاله عدم موضوعيتهم بالطعن وبإن طعنهم أغلبه مرفوض بنظري صراحة ! والكارثة الآخرى طرحه على العوام
أيضا لم أتقبله .. !
لأنه علم وااااسع جدا !!
و العجيب أن بعض الأحـاديث التي يطعن بهـا تجعلك تشعر بإن البخاري وكل الفقهاء والعلماء الذين حللوا كتابه وحكموا عليه بالصحـة .. كانوا أغبياء !!!
ولا حول ولا قوة إلّا بالله ..
وهـذا بحدّ ذاته موضوع عميق جدا ....
خصوصا اتهام البخاري ومسلم .. كتابين مقدسين ... لا وألف لا !
ولكن ببساطة السنة الفعلية المدونة والتي تهاجم البدع مدونة بهذه الكتب ..
وبالتالي تعريضهـا المفقع للنقد ..
يعني فقدان صحته وبالتالي إتاحة فرصة عملاقة للمبتدعة ..
لقتل الديـن ..
وهـذا ما دفع الشيوخ والعلماء عمومـا للدفـاع المشدد عليه ..
وعلى فكرة أغلب الشبهـات مصدرهـا استشراقي ونصراني ..
ولكن حديثا صار ينطق بهـا بعض العلماء العرب ...
و الله المستعان

أبو غزلان 16-11-2014 06:24 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
بارك الله فيك

مُسلِمة 17-11-2014 12:54 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
و فيك بارك الله

أمازيغي مسلم 22-11-2014 04:35 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

بارك الله في الأخت:" مسلمة" على جهودها القيمة في نصرة السنة النبوية بدفع شبه:" المشككين والطاعنين فيها" لسبب أو لغيره؟؟؟.
وأعتذر لقرائنا الكرام عن غياب مشاركاتي على هذا المتصفح الهام جدا، وسبب ذلك انشغالي بموضوع آخر لا يقل أهمية عن مضمون هذا المتصفح، فقد ابتلينا بأقوام يدعون:" كذبا وزورا: الانتساب لأهل السنة؟؟؟"، وهم مقيمون على الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم الذين نقلوا لنا تلك السنة التي تدافع الأخت:" مسلمة" عنها في هذا المتصفح، وأرى بأن هناك تكاملا بين مجهوداتنا، وكل منا على ثغر، فليحذر كل منا أن يؤتى هذا الثغر من قبله، والله الموفق.

وختاما: نسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يتقبلها بقبول حسن، وأن يهدي:" من ضلت به السبل، وتشعبت به الأهواء؟؟؟":فذهبت به إلى:" حيث ألقت رحلها أم قشعم؟؟؟".
بارك الله فيكم، وسدد لنصرة السنة رميكم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

مُسلِمة 30-01-2015 06:44 PM

رد: الإشكالات الهادمة لمذهب منكري السنة
 
بارك الله فيكم أستاذ أمازيغي مسلم


الساعة الآن 04:22 PM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى