الفكر المطلق.. الحق والعودة إلى الفلسفة
هناك شواهد كثيرة على أن ما يعيشه العالم اليوم من صدام على المستويات الاجتماعية والدينية والسياسية والحضارية إنما مبعثه انتشار فلسفة تتبنى الحقيقة الشاملة أو المطلقة. ففكرة امتلاك الحقيقة المطلقة المنزَّهة عن النقد والمترفعة عن النقاش والتحليل، هي المحرِّك الرئيسي وراء كثير من النزاعات والصراعات بين الفرق والمذاهب والأعراق، بل بين الدول والحكومات. إن دعاة هذا النوع من الحقائق، لا يعترفون بالآخر، ولا يقرون بأن فكرهم يحتمل النقص أو الخطأ، بل يؤمنون بأن ما يملكونه من معارف ومعتقدات لا يقبل النقاش أوالتغيير. من أهم وأقيم الكتب التي ناقشت هذه القضية، كتاب صدر باللغة الإنجليزية للفيلسوف الفرنسي ألآن باديو بعنوان ''الفكر المطلق .. الحق والعودة إلى الفلسفة'' الذي يناقش فيه باديو فكرة الغلو في تبني المطلق، ووهم الاستئثار بالحقيقة، وأثر ذلك في تفجُّر واقعنا المعاصر. فالتعصب الأعمى لمنهج أو معتقد أو فكر ما هو الذي قطع الحوار بين الثقافات، وأدى إلى التشاحن الجاري في مختلف الساحات. ويرى باديو أن أبسط وسيلة لفهم ما يجري في عالمنا الحاضر هو دراسة الأحداث في ضوء سعي كل طرف من الأطراف المتعصِّبة لفرض فكرته بالقوة على الآخرين في سبيل تحقيق السيطرة على العالم. فكل طرف يمنع الآخر من الوصول إلى الحق والتعرُّف على الحقيقة حتى تصبح فكرته من المسلمات التي لا تقبل البحث أو السؤال أو التحري والاستقصاء. وقد لا يكون العيب في الفكرة ذاتها، بل في من يحملها ويتبناها ويقدسها؛ فكل حقيقة يدعيها أصحابها يحاولون تطويعها لخدمة أغراضهم. ويضرب مثلاً على ذلك بكل الأفكار السياسية كالشيوعية والنازية التي بدأت كخير مطلق وانقلبت إلى شر مطلق. ويقول إن سيادة الفكر المطلق تلغي، كلياً، الدور المجتمعي للفرد، وتعزِّز مكانة أصحاب السلطة ومستخدمي الحقيقة المطلقة لخدمة سلطتهم. فأصحاب فكر الحقيقة المطلقة هم ذاتيون وأنانيون لدرجة خطيرة، وهم لا يعترفون بالآخر مطلقاً، ومع انتشار فكرهم لن يكون هناك أدنى فرصة لسيادة عقلية المؤسسة فكراً وسلوكاً. ويرسخ باديو المبدأ القائل إن الفكر مطلب أساسي من مطالب الكائن الإنساني العقلية والروحية والنفسية ، وأن تبني الفكر المطلق هو تعد على حرية الآخر في الوجود ، وإعلان عدم الرغبة في فتح قنوات للحوار معه ، مما يؤسس لثقافة التسلط والانغلاق والتطرف وازدراء الرؤى المخالفة وتخوينها وعدم السعي للبحث عن أرضية مشتركة. ويطالب باديو بالعودة إلى إخضاع الأفكار للفحص النقدي والتحليلي، واعتماد آليات التساؤل والنقد والتجديد، وإطلاق حرية الفكر والعقل بدلاً من القمع وإلغاء الآخر وبتر النقاش. ويرى باديو أن العالم الآن في أمس الحاجة لتغيير الذهنية القديمة القائمة على الجمود والمسلمات وبثّ ثقافة الاختلاف والتنوُّع. تلك هي معالم رؤيته لحرية الفكر وفلسفة الحوار وحق الاختلاف والانتقال به من الاختلاف المجرد إلى الاختلاف المحدد وإخضاع حرية التفكير إلى التوجيه لا التضييق والتقييد. ---------- الكتاب: الفكر المطلق.. الحق والعودة إلى الفلسفة، دراسات فلسفية. المؤلف : ألآن باديو/ فيلسوف فرنسي. تقديم: جستين كليمنز وأوليفر فيلثام. الناشر: عن دار نشر كونتينوم الدولية. ------------------ نقلاً عن جريدة (الاتحاد) |
رد: الفكر المطلق.. الحق والعودة إلى الفلسفة
السلام عليكم ورحمة الله
ويرى باديو أن أبسط وسيلة لفهم ما يجري في عالمنا الحاضر هو دراسة الأحداث في ضوء سعي كل طرف من الأطراف المتعصِّبة لفرض فكرته بالقوة على الآخرين في سبيل تحقيق السيطرة على العالم هذا هو حالنا اليوم القوي ياكل الضعيف ان المجتمعات التي يدور في فلكها التعصب وحب الزعامة مالها الزوال . ساعود غدا ان شاء الله لمناقشته فكرة فكرة شكرا على هذا الموضوع |
Re: الفكر المطلق.. الحق والعودة إلى الفلسفة
مع انه يوجد فيلسوف فلانسي اخر و هو روفال جون فرنسوا روفال حكم على الفلسفة بالموت و تراجعها و محدوديتها لان مواضيعها استهلكت تماما
في المقابل هناك الترويج للانسان العالمي و هذا الموضوع ربما يتعارض و الوجهة التي يسلكها من يتعصب لرايه بدعوى امتلاكه للحقيقة المطلقة و بذلك اقصاء الاخر موضوع جميل شكرا |
رد: Re: الفكر المطلق.. الحق والعودة إلى الفلسفة
اقتباس:
حين هممت بالخروج دخلت أنت حين ينتهي العلم تبدؤ الفلسفة، فهي لا تعطينا أحكاما ولا تقرر لنا كما يفعل العلم، وإنما تترك لنا الأمل بفتح آفاق للخروج من الأزمات العلمية، فهي تلهب وقود الأسئلة المفتوحة وتتركها.. لذلك الفلسفة دائمة الحياة والتجدد، ما دام الانسان لم يجب بعد عن بعض الأسئلة القديمة، وورط نفسه في أسئلة أخرى جديدة يعجبني في الفلسفة: أنك دائما تجانب الخطأ وتجانب الصواب تأمل كلام بن الهيثم في كتابه الشكوك على بطليموس: اقتباس:
|
رد: الفكر المطلق.. الحق والعودة إلى الفلسفة
شكرا لكل من تفاعل مع الموضوع سلامي |
الساعة الآن 05:18 AM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى