منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى السياحة العالمية (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=221)
-   -   يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة). (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=276266)

الأمازيغي52 18-09-2014 06:06 AM

يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).

°°°لم أخطط يوما لزيارة باريس لأنها عاصمة عدو سابق ، ولأن جرائم فرنسا في بلدنا يندى لها الجبين ، ولأنها وكر الإنحلال والتميع ، والتي سماها الأديب المصري (طه حسين ) بمدينة (الجن والملائكة) .
فأنا لا يهمني أصل التسمية …..، فقد فهمت معنى الجن والملائكة بمعطياتي الخاصة لها بعد زيارتي لها ، فباريس حقا هي مدينة (الجنون ) في الإبداع والتنوع والإنحلال إلا أنها مدينة ملائكية في تعاملات إنسها .
°°°توفرت لي فرصة زيارة هذه المدينة بدعوة من أحد أبنائي المقيمين بها بمناسبة ازدياد طفل بكر له سميناه على بركة الله ( أنس) تبركا بالصحابي الجليل (أنس) والد الإمام [مالك بن أنس] رضي الله عنهما إن شاء بما قدماه للإسلام ،
فكان التكفل بنا تاما إقامة وسياحة ، جزا الله خلفنا خير الجزاء لكرمه وحسن ضيافته لنا .
°°° كان المنطلق هو طلب تأشيرة الدخول إلى فضاء (تشينجن) ، وما ترتب عليها من وثائق ومقابل مادي ، تلاه عملية بحث على مقعد سفر على متن طائرة الخطوط الجوية الجزائرية التي يبدو أنها تعاني من فائض في عدد مسافريها ، لهذا تلتجئ إلى كراء طائرات بطواقمها من شركات أخرى لسد الحاجة .
°°° قضيت شهرا كاملا في مدينة الأنوار باريس ، سأحاول استرجاع ذكرياتي بها ، مبرزا لأهم الملامح والمعالم التي زرتها ، ملمحا للفوارق بيننا وبينهم في الدين والمعاملة ، وفي الجد والكسالة ، وفي النظافة و الوساخة ، وفي العناية بالآثار ونهبها ، وأشياء أخرى ستكتشفونها في متابعة هذا الموضوع الذي يأتي في حلقات متتابعة في كل أسبوع حلقة ، سأنشرها تباعا في منتدى الشروق .
تحياتي للمتابعين .

دائمة الذكر 18-09-2014 06:58 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اولا مبارك لكم الضيف الجديد أنس ... و ثانيا رغم اني لا احب فرنسا .... لكن !!!! ساكون في المتابعة فكل مواضيعك شيقة يا استاذي الفاضل ...

انا هي 18-09-2014 07:50 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اولا ... الحمد لله على سلامتك ...
ثانيا ... راني زعفانة منكم كنت غير حذاكم و ما بعثتوليش الطمينة ....
ثالثا ... حجزت مكانا هنا لمتابعة الزيارة ...
.
.
.
رغم تواجدي بفرنسا الا اني لم ازر باريس بعد ...
ربما تجربتك تكون دليل سياحي لي ...
.
.
.
.
متابعة
.
.
.

صوفيا22 18-09-2014 08:48 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
السلام عليكم
مبروك عليكم المولود أنس إن شاء الله يتربى في عز والديه يا رب
موضوع مثير وطبعا ستحق النقاش
لي العودة للزيارة في صفحتك إن شاء الله
تقبل مروري المتواضع

الأمازيغي52 18-09-2014 10:33 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
شكرا لزوار صفحتي (دائمة الذكر) (وأنا هي) (وسفيا 22 )على الكلمات الطيبة ، فأنا شديد الإمتنان لملاحظاتكم ، فالكاتب مهما كان مصيبا فإصابته لا تخلوا من عثرات .
الف شكر .

الأمازيغي52 18-09-2014 10:43 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انا هي (المشاركة 1904345)
رغم تواجدي بفرنسا الا اني لم ازر باريس بعد ...
ربما تجربتك تكون دليل سياحي لي ...

متابعة
.
.
.

أنا أعلم بأنك تملكين من المؤهلات ما سيُذهلنا إن كتبت يومياتك على مشاهداتك وملاحظاتك في مدن أخرى فرنسية غير باريس ، فقد يجد المتابع القاريء خيوط توافق عديدة فيما رأينا وشاهدنا ؟؟؟
فتصبح التجربة تجربتان والدليل دليلان .
ثنميرث يا أيتها الغالية .

إخلاص 18-09-2014 10:46 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
مرحبا بك أستاذنا
و مبارك عليكم المولود الجديد
جعل الله أنس من الصّالحين
ذكّرتني عند زيارتي الأولى لباريس ليس من أجل سواد عينيها و لا لسحرها و لكن لصلة رحمي
و صدقا أقول انقبض قلبي عند دخولها و تسلسلت في ذهني صور استعمارها و استدمارها البشع
و رأيت أحياء و شوارع حتّى خلتني في الجزائر في ساحة أودان و غو ميشلي و و :19:
متابعة ...
تحيّة تليق

اماني أريس 18-09-2014 10:52 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
السلام عليكم وعودة ميمونة لاستاذنا الفاضل امازيغي مسلم وكما يقول الشاعر :
اني ارى ركود الماء يفسده ** ان ساح طاب وان لم يسح لم يطب

هنيئا لك بهذه الرحلة وقد عدت سالما غانما وما اعظمها من غنيمة طالما كنت حققت الهدف الذي حددته الشريعة من السفر والسياحة وهو المقارنة بين مجتمعنا ومجتمعهم في عدة نقاط مهمة متشوقون لمعرفة المزيد تحياتي وبارك لكم في الموهوب وشكرتم الواهب وبلغ اشده ورزقتم بره ان شاء الله

الأمازيغي52 20-09-2014 09:37 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إخلاص (المشاركة 1904387)
مرحبا بك أستاذنا
و مبارك عليكم المولود الجديد
جعل الله أنس من الصّالحين
ذكّرتني عند زيارتي الأولى لباريس ليس من أجل سواد عينيها و لا لسحرها و لكن لصلة رحمي
و صدقا أقول انقبض قلبي عند دخولها و تسلسلت في ذهني صور استعمارها و استدمارها البشع
و رأيت أحياء و شوارع حتّى خلتني في الجزائر في ساحة أودان و غو ميشلي و و :19:
متابعة ...
تحيّة تليق

تحية مخلصة لحكيمتنا اخلاص ، بارك الله لكم فيما قلتكم ، و تحية لك من ربوع مسجد باريس الكبير .

مع فائق الإحترام .

الأمازيغي52 20-09-2014 09:42 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اماني أريس (المشاركة 1904845)
السلام عليكم وعودة ميمونة لاستاذنا الفاضل امازيغي مسلم وكما يقول الشاعر :
اني ارى ركود الماء يفسده ** ان ساح طاب وان لم يسح لم يطب

هنيئا لك بهذه الرحلة وقد عدت سالما غانما وما اعظمها من غنيمة طالما كنت حققت الهدف الذي حددته الشريعة من السفر والسياحة وهو المقارنة بين مجتمعنا ومجتمعهم في عدة نقاط مهمة متشوقون لمعرفة المزيد تحياتي وبارك لكم في الموهوب وشكرتم الواهب وبلغ اشده ورزقتم بره ان شاء الله

تشكراتي (لأماني ) على وهج الكلمات الرقيقة التي تثلج الصدر وتفسح المجال للبوح بالكلم الطيب .
سيكون المولود بإذنه تعالى (جزائريا مسلما ) ولو نشأ في بلاد الكفر .

تحياتي لكم .

الأمازيغي52 20-09-2014 10:37 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
.... تابع

https://lh4.googleusercontent.com/-8...0/IMG_6313.JPG

بعد إجراءات إدارية وجمركية سلسلة بفضل السكانير ) المنصوب على مستويين الأول عند دخول بهو المطار، والثاني عند مدخل الطائرة ، وهي إجراءات غاية الدقة ، واحترازات أمنية فائقة تمنع وقوع فواجع كالتي وقعت زمن الإرهاب الدموي ، فمسافر اليوم مطالب بتجنب حمل كل ما يثير الشبهة .
°°°صعدنا الطائرة وأخذنا مقاعدنا المحددة في (بطاقية الركوب )، وكانت طائرة من نوع ( الإيرباص 330 )تابعة للخطوط الجوية الجزائرية .
°°°تنفسنا الصعداء من استكمال اجراءات ركوب الطائرة ، وما إن اكتمل النصاب حتى أهبت الطائرة بالإقلاع من مطار (هواري بومدين) باتجاه مطار (شارل ديغول) ، فكلا المطارين يحمل إسم زعيم مغمور في السياسة وحب الوطن .
°°°أُُمرنا بربط (أحزمة الأمان ) ففعل الجميع تحت رقابة وفحص المضيفات برشاقتهن المعهودة .. وبدأ هدير الطائرة في تزايد وهي تتحرك باتجاه ممر الإقلاع ، وبعد انتظار قصير ، تحركت بسرعة متزايدة وارتفعت بأماميتها نحو الأعلى والجميع في حالة ذهول وترقب، وعلى لسانهم تمتمات أحسبها ( تعويذات) أو ( قراءات للقرآن) أو (ترتيل لدعاء السفر)...... ، وبقيت الطائرة في حالة ميلان صعودا ... ولم تستقيم إلا ونحن فوق البحر المتوسط ... قبالة (جزر البليار) ، فحمدنا الله على السلامة ، لأننا نعلم أن أزمة الطائرة في إقلاعها وهبوطها .

°°°وجبة غذائية في سماء البحر المتوسط .


https://encrypted-tbn1.gstatic.com/i...z92WrLHpMdgZNg

°°° أكرمنا موظفوا الطائرة بمشروبات ، وأكلة خفيفة ، على ارتفاع 9000متر ، إنها وجبة متميزة في السماء الأولى داخل كهف يعج بالبشر... ، نرى من نوافذه ( سحب رُكامية ) تخالها جبالا عملاقة تتخللها فجوات زرقاء ، إنها رسومات من إبداع الطبيعية و كأنها لوحة سريالية ، أومن لوحات (بيكاسوا ) أو( عمر راسم ) أو الحاج( نصر الدين دينيه) .
كانت السحب الركامية بكثافتها تحجب الأرض ومن عليها ، ومن حين لآخر تظهر فجوات صافية يمكن من خلالها مشاهدة طبيعة أرض فرنسا بقراها المتباعدة ذات القرميد الأحمر ، وحقولها التي رسمت بأشكال هندسية بديعة ، بعضها مصفر وأخرى خضراء في عز الصيف ، وفجأة ..... بعد ساعتين من الإقلاع ، نبهنا طاقم الطائرة إلى قرب النزول بمطار ( شارل ديغول الدولي) ، حيث أعدنا ربط أنفسنا بأحزمة خاصة ، وبدأ ت الطائرة في النزول التدريجي إلى أن عبرنا طبقة السحب الكثيفة ، وبدت ضاحية باريس بمعالمها وطرقها ، فكان النزول تدريجيا إلا أن آثاره بادية على وجوه المسافرين ، ودقات القلب في تزايد خاصة عند ارتطام عجلات الطائرة بمدرج المطار المصحوب بهزات ارتدادية متزامنة مع هدير الطائرة المفرملة لإنقاص سرعتها حتى بلغت حالتها الطبيعية ، وغادرت (الطائرة) المدرج الرئيسي باتجاه الممرات المؤدية إلى محطة الإنزال ، وبعد توقف تام لها ، سمح لنا بالنزول تتابُعًا حيث تم نقلنا على متن حافلات باتجاه أجنحة استقبال المسافرين حيث تجري إجراءات الخروج ،وسحب الأمتعة من ممرات خاصة مرقمة تبعا للرحلات المسجلة .
°°°المهم في الأمر أن إجراءات الدخول تمت بسلام ، وخرجنا إلى فضاء واسع حيث وجدنا ( الإبن ) في انتظارنا ، ونقلنا بسيارته من المطار نحو الدائرة 19 من باريس ،ليس بعيدا عن باب لافيلات ، (PORTE DE LA VILLETTE ).
الحمد لله الذي أرسى مارسينا في أرض الله الواسعة ، في انتظار مغامراتي السندبادية في مدينة (الجن والملائكة ).

http://www.dw.de/image/0,,4295809_4,00.jpg

ألف تحية لمتابعي الصفحة .
الأمازيغي 52

انا هي 20-09-2014 06:23 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 (المشاركة 1905754)


°°°صعدنا الطائرة وأخذنا مقاعدنا المحددة في (بطاقية الركوب )، وكانت طائرة من نوع ( الإيرباص 330 )تابعة للخطوط الجوية الجزائرية .
°°°تنفسنا الصعداء من استكمال اجراءات ركوب الطائرة ، وما إن اكتمل النصاب حتى أهبت الطائرة بالإقلاع من مطار (هواري بومدين) باتجاه مطار (شارل ديغول) ، فكلا المطارين يحمل إسم زعيم مغمور في السياسة وحب الوطن .
°°°أُُمرنا بربط (أحزمة الأمان ) ففعل الجميع تحت رقابة وفحص المضيفات برشاقتهن المعهودة .. وبدأ هدير الطائرة في تزايد وهي تتحرك باتجاه ممر الإقلاع ، وبعد انتظار قصير ، تحركت بسرعة متزايدة وارتفعت بأماميتها نحو الأعلى والجميع في حالة ذهول وترقب، وعلى لسانهم تمتمات أحسبها ( تعويذات) أو ( قراءات للقرآن) أو (ترتيل لدعاء السفر)...... ، وبقيت الطائرة في حالة ميلان صعودا ... ولم تستقيم إلا ونحن فوق البحر المتوسط ... قبالة (جزر البليار) ، فحمدنا الله على السلامة ، لأننا نعلم أن أزمة الطائرة في إقلاعها وهبوطها .

°°°وجبة غذائية في سماء البحر المتوسط .


https://encrypted-tbn1.gstatic.com/i...z92wrlhpmdgzng

°°° أكرمنا موظفوا الطائرة بمشروبات ، وأكلة خفيفة ، على ارتفاع 9000متر ، إنها وجبة متميزة في السماء الأولى داخل كهف يعج بالبشر... ، نرى من نوافذه ( سحب رُكامية ) تخالها جبالا عملاقة تتخللها فجوات زرقاء ، إنها رسومات من إبداع الطبيعية و كأنها لوحة سريالية ، أومن لوحات (بيكاسوا ) أو( عمر راسم ) أو الحاج( نصر الدين دينيه) .
كانت السحب الركامية بكثافتها تحجب الأرض ومن عليها ، ومن حين لآخر تظهر فجوات صافية يمكن من خلالها مشاهدة طبيعة أرض فرنسا بقراها المتباعدة ذات القرميد الأحمر ، وحقولها التي رسمت بأشكال هندسية بديعة ، بعضها مصفر وأخرى خضراء في عز الصيف ، وفجأة ..... بعد ساعتين من الإقلاع ، نبهنا طاقم الطائرة إلى قرب النزول بمطار ( شارل ديغول الدولي) ، حيث أعدنا ربط أنفسنا بأحزمة خاصة ، وبدأ ت الطائرة في النزول التدريجي إلى أن عبرنا طبقة السحب الكثيفة ، وبدت ضاحية باريس بمعالمها وطرقها ، فكان النزول تدريجيا إلا أن آثاره بادية على وجوه المسافرين ، ودقات القلب في تزايد خاصة عند ارتطام عجلات الطائرة بمدرج المطار المصحوب بهزات ارتدادية متزامنة مع هدير الطائرة المفرملة لإنقاص سرعتها حتى بلغت حالتها الطبيعية ، وغادرت (الطائرة) المدرج الرئيسي باتجاه الممرات المؤدية إلى محطة الإنزال ، وبعد توقف تام لها ، سمح لنا بالنزول تتابُعًا حيث تم نقلنا على متن حافلات باتجاه أجنحة استقبال المسافرين حيث تجري إجراءات الخروج ،وسحب الأمتعة من ممرات خاصة مرقمة تبعا للرحلات المسجلة .

الأمازيغي 52

.
.
.
.
.
سبحان الله ...
رغم ركوبي الكثير في الطائرة ...
الا انك بوصفك هذا ابدعت ...
ان كان هذا وصفك للطائرة فقط ... كيف بباقي الرحلة ؟؟
في انتظار باقي الرحلة ... اخذت مكاني و وضعت حزام الامان ...
.
.
.
:15:

اماني أريس 22-09-2014 11:45 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
السلام عليكم : في المتابعة باذن الله تحياتي

الأمازيغي52 22-09-2014 11:49 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
....تابع لما سبق .

°°°وصلنا الدار ظهرا ، فوجدنا (زوجة الإبن) في انتظارنا ببشاشتها المعهودة ، فدخلنا في حواري عائلي طويل ملؤه حفاوة الترحاب والإستفسار عن أهلنا في الجزائر ، فالوافد من الوطن له خصوصية ووقع خاص لدى مهاجرينا ،فهم يشمون فيه(رائحة البلد) ولم تتوقف الدردشة إلا وأطباق الأكل مرصعة فوق مائدة دائرية الشكل بأكلات لم نعهدها في [دوّارنا]، وهي شبيهة بأطباق طباخات (منتدى الشروق الجزائري )، فنشطت أيادينا في التقاط ما لذ وطاب من الأكلات اللذيذة التي لم تسعفني ذاكرتي على تسميتها بالإسم ، فكان ختامها أطباق من صنوف الفاكهة ، ذقتُ من بعضها شيئا قليلا مخافة ارتفاع نسبة السكر في دمي .... استسلمت ومن معي لقيلولة قصيرة تخلصا من وعكة السفر ، وأقمنا بعدها مائدة مستديرة لتحضير [برنامج عمل] يستغرق شهرا بأيامه .
°°° تختلف [غايات السفر] للخارج باختلاف ميول الناس وتعدد أهدافهم وتنوع مستواهم المعرفي ، فمن مسافر لزيارة الأقارب والأحباب ، إلى مسافر تاجر ، إلى آخر فاجر بحاث على المتعة ، ورابع للتداوي في مصحات فرنسا الشهيرة ،
وأنا في حقيقتي لست من تلك الأصناف كلها ،وإنما أنا من صنف آخر، تستهويني مناظر الطبيعة الرومنسية ، وزيارة معالم التاريخ ، و المتاحف ، وقراءة النموذج الأوروبي العملية في مجالات (التدين) و(الأخلاق ) و(النظافة) و(المعاملات) ، ثم حظ الإسلام والمسلمين في هذه الديار القصية التي نسميها في تراثنا الإسلامي ب(دار الحرب) لأنها لم تلن لينا كليا للإسلام .
°°° زيارة المسلم لبلاد الكفر ومحاولة فهمه لطبائع الكفار وأساليب عيشهم وتفكيرهم و تمدنهم وغاياتهم الحياتية يسمى اصطلاحا ب(الإستغراب) الذي هو عكس (الإستشراق) ، فالمستشرق هو الأوربي الذي يتعلم لغتنا ويتفقه في ديننا ويسبر أغوار ثقافتنا ليكتشف الثغرات التي تمكنه من النفوذ في مجتمعاتنا ، و(المستغرب) هو المسلم الشرقي الذي يهجر بلده ويقيم في الغرب متعلما للغتهم مستكشفا لتراثهم الديني والأدبي ،متمتعا بمادياتهم متمكنا من مدنيتهم ، فالمستغرب هو أشبه ما يكون بشخصية ذات بعدين (إسلامي / غربي) فرجله الأولى منغرسة في وطنه الأصلي ورجله الثانية تبحث عن موطأ قدم لها في مجتمعات الغرب ، فالإخواني ( طارق رمضان ) ، والمفكر الجزائري (محمد أركون ) ، والمفكرالمغربي (عبد الله العروي) ...وقبلهم (طه حسين ) ، و(رافعة الطهطاوي )و(محمد عبده) هم من هذا الصنف الذي يسمى غالبا [بالتيار الحداثي ] .
°°° لا أدري ما سيكون (موقف السلفية) في منتدانا من السفر نحو ديار الكفر ؟
وهل التطلع إلى ما وراء البحار وفهم الآخر له أردان مُنغصة ؟ أم أن معرفة الآخر هو سبيل للتقارب بين الأمم والملل والنحل؟
هل نحن قادرون على التأثير في الآخرين أم أننا أمة تتأثر ولا تُؤثر ؟
.
دمتم على بركة الله وتوفيقه
والسلام عليكم من بلد (نابليون ) .

إخلاص 23-09-2014 12:28 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
عدت أستاذنا و ارتشفت من حروفك ما راق لي وصفه
حللت أهلا هناك و وطئت سهلا ..
متابعة فسردك الشّيّق يشدّني للقراءة أكثر و المتابعة
أتوا بي إلى ديار الكفر كما يسمّونها قصد العلاج و قدّر لي الله البقاء هنا
و ما تأثّرت بهم قيد أنملة بل نصّبت نفسي سفيرة الإسلام هنا أدعوهم بمعاملاتي و حسن أخلاقي و حسب :9:
تابع أستاذنا مشكورا

الأمازيغي52 24-09-2014 06:11 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إخلاص (المشاركة 1907319)
و ما تأثّرت بهم قيد أنملة بل نصّبت نفسي سفيرة الإسلام هنا أدعوهم بمعاملاتي و حسن أخلاقي و حسب
تابع أستاذنا مشكورا

بورك فيك الأخت إخلاص ، وأدامك الله ذخرا للمنتدى الأزرق ،

ما دامت دعوتك بالتي هي أحسن ، وحسن المعاملة ،وبالمثال والقدوة الحسنة ، تلك أمور تضمن النجاح في الدعوة إن شاء الله ، موفقة في دعوتك بإذن الله .
شكرا على الإطلالة .

الأمازيغي52 25-09-2014 05:37 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
الزيارة الأولى :


http://cache.20minutes.fr/img/photos...cle_eiffel.jpg


برج "ايفل" الشهير.


°°°ما من زائر يزور باريس إلا ويضع في مقدمة أجندته زيارة " برج ايفل" الشهير (TOUR EIFFEL )، لأنه رمز ثمين لها، فهو بمثابة (سور الصين ) لدى الصينيين ، ومثل (الأهرامات ) عند المصريين ، أو (برج بيزا) المائل عند الإيطاليين ، أو رياض الفتح عندنا في الجزائر .....

°°°بناه الفرنسيون تخليدا للمائوية الأولى لثورتهم 1889، واستغرقت مدة البناء عامين وشهرين وثلاثة أيام . وأشرف على انجازه المهندس الفرنسي ( غوستاف ايفل Gustave Eiffel ) وهو مبني بالحديد الشديد الصلابة المستخرج من( منجم تلمسان) ، وكان مقررا أن يُفكك بعد مرور قرن عن بنائه ، أي في 1989 ، غير أن تطور أساليب الصيانة زادت من عمره ، وتَصرف ( بلدية باريس ) أموالا طائلة في أعادة تأهيله وطلائه كل سبع سنوات .
ولمزيد المعرفة حوله : تابعوا هذا (اليوتوب ) الذي يوضح تقنية البناء ،والمواد المستخدمة ، وكيفية عمل المصاعد ،بلغ ارتفاعه في الأصل 300 متر ، وبلغ حاليا 324 مترا بسبب نصب (الهوائيات التلفزية والهاتفية أعلاه) .

°°° تعد هذه التحفة المعمارية المبنية في بقعة واسعة تسمى شان دو مارس ( champs de mars) قبالة نهر السين الذي تمخره سفن السياحة( bateau mouche)ذهابا وأيابا ، وهو يتكون من ثلاثة طوابق ، أوسعها الطابق الأول الذي صعدت إليه مشيا على سلم متعرج ، وبه مطعم فاخر باسم(Altitude 95") يرتاده أغنياء العالم ، فالوجبة فيه غير متيسرة لأمثالنا الجزائريين فنكتفي باستراق النظر على أكلات ليست لنا ،ولا من عوائدنا ، وهي غالبا حرام فغايتنا كلها هي المشاهدة الحسية والإتعاظ بما نشاهد ونرى .
طفت بجهات الطابق الأول الأربعة إمعانا في مشاهدة معرض بانورامي لمحيط المكان ، فتظهر البنايات العالية واضحة للعيان ، خاصة القريبة منها .
الطابق الثاني يمكن الصعود إليه مشيا أو بالمصاعد بمقابل مادي ، صعدت إليه وبقيت فيه زمنا أنظر من شرفاته فتظهر معالم باريس بوضوح .... وبه مطعم راق يسمى (Le Jules Verne ) خصص له مصعد خاص ، تظهر من شرفاته كامل باريس على لمح البصر ....هنا أبراج لا ديفونس la défense ،وهناك مون مارتر montmartre، و هنالك ...البانثيون pantheon ، وبرج مون بر بناس tour montparnasse ...........الخ
فزادت رغبتي في الصعود إلى الأعلى ... وللطابق الثالث .... حيث الهوائيات المنصوبة ، فكان المكان ضيقا وجنباته محاطة بحواجز حديدية تؤمن الناس من الإقتراب للخطر ، فإمكانية استعمال المناظر المنصوبة هناك متاحة للزائريين للتدقيق في رؤية باريس على ارتفاع 300 متر ، فلا ترى سوى أرضا مسطحة بها بنايات على مد البصر تتخللها المعالم التاريخية الفخمة العالية .
°°°المكان شاعري ومرتفع جدا ، تهب عليه نسمات الوادي ، والطقس في ذلك اليوم ربيعي دافيء ، والناس في الأسفل في حراك دائم كالنمل ، فلا يمكن تحديد هويتهم لفرط بعدهم عنا ، بعد النزول جلسنا القرفصاء أسفل البرج وسط عشب كثيف دائم الإخضرار ، تناولنا ما حملنا معنا من الأكل والشراب الحلال ، وشهدنا قربنا جماعات مسلمة ترتشف الشاي وتلتقط الصور ، فالمسلمون هنا في هذا المكان قلة ، فقد تجدهم بكثافة في أحياء معروفة في (باربيس barbesse) و(بلفيل belleville) و و(أوبيرفيليي aubervillier ) .

°°°المكان يعج ببني الأبيض والأصفر غالبا ، فيشدني أحيانا لغط كلام لا أفهمه ، وإن احتجت الى إرشاد ، وسألت... فلن تجد من يرشدك لأن هؤلاء غرباء من جهة ، ولا يحسنون العربي والفرنسي من جهة ثانية ، فغالبهم يحمل بين يدية الدليل السياحي بلغته ، ويستعملون هواتفهم التي غالبا هي ، ( ايفون 5S ) أو (سامسونج 5s ) في التقاط الصور، أو استعمال خاصية الإهتداء إلى العناوين المقصودة باستعمال خاصية (GPS) التي تقود مستعملها إلى المكان المقصود بدقة متناهية .
حتى زعيم النازية ( هتلر) يتصور أمام ( برج ايفل) :


https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...VbI48xDjdBUO8a

°°° قضيت يوما رائعا في زيارة هذا المعلم الباريسي الشهير الذي شيده الفرنسيون بمناسبة مئوية ثورتهم ، وتحول قبلة لسياح العالم ، فهو أكثر المعالم زيارة ، إذا يبلغ عدد زائريه 6مليون سائح سنويا ، وبلغ زوّاره منذ تدشينه إلى الآن 215 مليونا ، وفي العاشر من ايلول عام 1889 زار هذا البرج العالم ( طوماس أديسون ) وكتب في دفتر الضيوف العبارة التالية مخاطبا صاحب الإنجاز : "الى مهندس البرج ايفل ،أهنئك على شجاعتك الكبيرة في بناء هذا الصرح الجميل ، وهذه المعجزة الهندسية: لقد تفوقت ونلت احترام جميع مهندسي العالم "

- ، والحركة به لا تتوقف حتى بالليل بعد إنارته بألوان زاهية ، أعلاه فانوس سحري متموج ، كما في الصورة أدناه :


http://imageshack.us/a/img692/553/eiffeltowerf.jpg
وتمنيت -في قرارة نفسي- أن يعمد حكامنا على تشييد معلم يخلد الذكرى المائوية لاندلاع الثورة التحريرية الجزائرية في 1954 ، وقد بقي على إحيائها 30سنة ، فهي كافية للتخطيط والإنجاز ... أوليس ثورتنا لها من الرمزية والقيمة ما يفوق الثورة الفرنسية ، أوليست هي الثورة التي أيقظت إفريقيا كلها وبسببها استقلت 12 دولة فيها لتمكين فرنسا من الإحتفاظ بالجزائر؟ ، أوليس استقلال تونس والمغرب جاء ثمرة لقوة الثورة الجزائرية وعجز فرنسا عن اخمادها ؟ هل (رياض الفتح) كاف لتخليد عظمة الثورة الجزائرية ؟ أم أن تخليدها سيكون في الوجدان والعاطفة دون تخليدها بالرمز المادي ؟؟؟ .

ثنميرث من على سطح برج ايفل .

تراتيل المطر 26-09-2014 10:54 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 

ماشاء الله على دقة التعبير و تلك المقدرة المكتنزة على إطلاق العنان لخيالاتنا لتسرح وتمرح و تتفسح لتتكلّم و تصمت لتعيد الكلام من جديد ..!


قرأت الموضوع بدقة شديدة .. وكنت أتوق بعد كل حرف لقراءة المزيد عن مدينة كان لرجلي موطئ الزائر إليها.. الغريب أن تفاصيل ملاحظاتي اختلفت عن طابع ملاحظاتك وكان ذلك في دقة التراسيم و طبع الإهتمام بمَ حمل


لم أنتبه لأبراج وطوابق البرج على قدر ما تمعنت في ذاك النهر المسمة بنهر السّين وما حدث لأبناء وطني في العاشر من شهور السنة .. أخذت في التمعن والتكلم والتكتم حتى ظننت نفسي لوهلة مصابة بداء الجنون..!

كنت أنظر إلى التماثيل المبجلة عندهم لأعداء ابدعوا في إعدام أبناء بلدي

أقلبت ناظري مجددا لذاك البرج ومم صُنع .. كنتُ أتألم داخل نفسي و أبتسم لرؤية الناس بسعادتهم يجولون ويضحكون بذاك الطابع المرح ..


أعدتُ التفكير وكنت أسأل نفسي .. ما الذي أدخلني في دائرة التناقض مع نفسي !

كنت أحادث صديقة لي وأسائلها .. لو علم أجدادنا أننا في بلد ديغول نسرح فماذا سيكون رأيهم يا ترى ..

دخلت دوامة لأيام ,, فعلى قدر ما كان تعليمنا في المرحلة الإبتدائية كافيا لزرع الكره اتجاه تلك البلد .. فنتائج تعليمنا و ماحفرناه في طفولتنا عن فرنسا وسياستها لازال يدلي بنتائجة لحد اليوم علينا

فمن غير المعقول أن تتربي على أن ذاك الشخص منبوذ في بلدك لتجد منه التكريم والتعزيز وأين .. في بلاد عدوك ..


حاولت التأقلم مع الوضع ولم أستطع .. اتجهت لأقصى الجنوب عمدا ,, حتى ابتعد قليلا عن النقطة الباريسية التي آلمتني .. لتنتهي مدة إقامتي لأعود كما البرق إلى قسنطينتي الجزائرية .. ومالي ومال بلاد لا أستلطفها داخلي حتى مع السياسة التفتحية التي صرنا نتعايش معها وهذه حقيقة أتيقن بها يوما عن يوم ..


لا أنكر أنني تجولت في الشوارع .. لا أدري .. ربما كان الفضول وحب التطلع .. حتى أنني أُعجبت بطبع الناس وتربيتهم الإسلامية مع غياب الإسلام وذاك كان الفرق الصارخ الناطح ..



رغم كل ذاك ..خبأت ذكريات عن ذاك البلد لن تزول .. فقط وبعدها اخترت تغيير الوجهة لبلد في قارة خلف البحار والجبال لم تكن له نظرات استبدادية لوطني .. أتذكر أني تنفست الصعداء جيدا وقتها .. http://montada.echoroukonline.com/im...20%2811%29.gif







في انتظار التكملة ~



الأمازيغي52 28-09-2014 07:49 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
الزيارة الثانية


في متحف اللوفر

http://www.actuweek.com/photos/zoom/...uvre-paris.jpg

Musé de louvre




°°°كثيرا ما تردد إسم (اللوفر ) على مسمعي وأنا أنهل من بعض كتب العرب المسلمين ، فهل أتمنع عن ولوجه ورأية كنوزه ؟ أم ألجُه ....وأنا أعلم أن فيه من -المجسمات و الصور الخليعة - التي لا تتجاوب مع فطرتي وديني ؟؟؟ ، فكرت في الأمر مليا فاستخبرت عقلي الصغير .... ثم فقلت على بركة الله وبحمده لاستشراف ما بداخل المبنى الكبير ، مسترشدا بقول شيخنا حجة الإسلام أبي حامد الغزّالي :

[....لا أحد يحرم الأصوات المنكرة،فهل تحرم الأصوات الجميلة لأنها جميلة؟! ولا أحد يحرم الأصوات الجميلة إذا جاءت من الطيور والأشجار, فهل تحرم إذا جاءت من الإنسان؟! ولا أحد يحرم النغمات المختلفة.. فهل إذا ائتلفت ــ في الموسيقي ــ تصبح حراما؟!..
ثم خلص الغزالي إلي أن قال: ["من لم يهزه العود وأوتاره، والروض وأزهاره ،فهو فاسد المزاج،ليس له علاج!... ]ّ"

°°° وصدع محمد عبده بالقول : [...إن الرسم شعٌر ساكتٌ يري ولا يسمع، كما أن الشعر رسمٌ يسمع ُويري..... وحفظ الآثار -بالرسوم والتماثيل ــ هو حفظ للعلم بالحقيقة، وشكرٌ لصاحب الصنعة( الله) على الإبداع فيها.. والشريعة الإسلامية.. أبعد من أن تُحرم وسيلة من وسائل العلم، بعد تحقيق أنه لا خطر فيه علي الدين، لا من جهة العقيدة ولا من جهة العمل. وليس هناك ما يمنع المسلمين من الجمع بين عقيدة (التوحيد) ورسم صورة الإنسان والحيوان لتحقيق المعاني العلمية وتمثيل الصور الذهنية...]
ففضيلة عقل المسلم أن يميز له عقله الفرق بين جمال الأخلاق وسمو الحس الإنساني، وبين تلك التي تُشيع الفسق والخنا والفجور والتي لا يمكن أن تدرج ضمن الجمال و الفنون الجميلة بأي حال من الأحوال .

°°° أدرجت عن قناعة زيارة هذا المتحف لأرى عن كثب ما يكتنزه من عبق الماضي ، و مآثل الإنسان الأول في مشارق الأرض ومغاربها ، فاستيقظت بكرة مزودا بدوافع داخلية لمعرفة الجديد في مدينة الجنون والملا ئكة ، فتزودت بما أحتاجه ( قنينة ماء ، ولمجة إطعام ) وبعض من دريهمات القوم ( أورو) ، فقصدت أول محطة [ مترو ] ، اعتمدت على خريطة سلمت لي عند مدخلها، حددت عليها المسار ومواقع التبديل للوصول إلى المقصد ( متحف اللوفر ) ، كان نظام [الميترو ] وترتيباته في غاية الدقة ، فالمحطات نظيفة مجهزة بلوحات التوجيه البسيطة وجدران الممرات مزهوة بالجداريات الإشهارية من كل الأنشطة ، فالشركات المنتجة تبذل قصارى جهدها للوصول إلى المستهلك ولو ببذل الملايين عن طريق الإشهاريات ؟؟؟ ، والناس هاهُنا يوحدهم القانون وإن اختلفوا في اللون والطباع واللباس ، فلا تُسأل ولا تُستفسر إلا عند اقتراف مخالفة ، فقد شاهدت في عربات المترو أناسا يتكلمون لغاتهم الأصلية .... ،ولكن الأنجليزية والفرنسية لغتان حاضرتان بقوة في هذه الجهة من باريس .

نزلت في المحطة المقصودة ، وخرجت نحو الأفق الأعلى ، ومشيت عبر الكاروسيل بضع أمتار فدخلت ساحة رحبة يتوسطها (هرمان زجاجيان) أحدهما كبيرا وآخر صغيرا ، وفهمت للتو بأن القوم مولعين بحضارة الفراعنة ، فقد تفسحوا في مصر و تزودوا من أنعامها و كنوزها القديمة منذ أن غزاها نابليون ، ووصول الفرنسيين إلا مصر أحدث عند المصريين ولعا بفرنسا غذاها مفكروا ومصلحوا القرن الثامن عشر من المصريين ، فقد ادخلوا لمصر المطبعة ، واكتشفوا حجر الرشيد ، وخططوا لفتح قناة السويس بإلهام المهندس (دي لسيبس) .
°°° تفسحت قليلا في ( باحة اللوفر) الواسعة ، مستفسرا عن كيفية الدخول ، فسألت أحد المنظمين هناك ، فأجابني بلكنة فرنسية مطعمة بالأفريكانية بأن الدخول يتطلب شراء تذكرة الدخول ، فإن كان لك تذكرة فعليك أن تصطف هاهنا للدخول سريعا ... ، أما إن كنت لا تملك تذكرة فما عليك إلا أن تصطف مع هذا الخلق في صفوف متداخلة طويلة....، فبحثت عن منتهى الصف فوجدته بعيدا عن المدخل بمئات المترات ، أكُلُّ هؤلاء الناس جاءوا لمشاهدة المتحف مثلي ؟؟ والغريب أن لا أثر للعرب المسلمين إلا نادرا هنا ، فالكل إما أنهم من الأوربيين والأمريكان .... أو من الجنس الأصفر ، ولا حظت أن الجنس الأصفر له حضور قوي في مثل هذه المواقع مزودين بآلات تصوير متطورة ، فهم حاذقون في الإطلاع على إجتهادات غيرهم لتقليدها ، وبالتقليد ومحاكاة الغرب نضجت اليابان و استيقظ العملاق الصيني ، وكانت النمور الخمسة .

https://encrypted-tbn2.gstatic.com/i...PIg877jvroP46Q

°°°أخذت مكاني في الصف وأدركت أنه يسير وفق نمطية منتظمة ، فما أن مرت نصف ساعة حتى وجدت نفسي أما مدخل ( المتحف) مُسددا ثمن الدخول ، مارا على (سكانير) التفتيش الآلي كما هو الشأن في المطارات دائما ، فالحفاظ على أرواح الناس و محتويات المكان لا يساوم ، فدلفت إلى ساحة أخرى تعج بالزوار في الطابق السفلي على سلم كهربائي نازل فحمدت الله أنني وصلت للمبتغى .

http://www.la-croix.com/var/bayard/s...icle_popin.jpg


°°° لا يمكنني الدخول إلى أجنحة متحف اللوفر إلا بعد معرفة نبذة مختصرة عنه ، فهذا البناء الشامخ كان في الأصل قلعة بناها ( فليب أوغيست ) زمن الحروب الصليبية 1190، ثم تحول إلى قصر ملكي سكنه ملوك فرنسا وآخرهم ) لويس الرابع( عشر ويسمونه (الملك الشمس) الذي انتقل إلى قصر جديد بناه في ضاحية باريس يسمى ( قصر فرساي) سنة 1672ـ وقررت الجمعية الوطنية فيما بعد الثورة الفرنسية أن يكون هذا المبنى متحفا تعرض فيه مختلف روائع الأمة ، واستقبل فعلا زواره الأوائل في 10 أوت من عام 1793، وهو حاليا يصنف على أنه من كبريات المتاحف في العالم وأكثرها استقبالا للزوار ، استحدث الفرنسيون في عهد الرئيس اليساري ( فرنسوا ميتران) إصلاحات عديدة في بنيته التحتية تتطلبها العصرنة والتكنولجية و حسن التنظيم ، فازدياد عدد الزائرين له في حالة مضطردة .

°°° مبنى اللوفر واسع الأرجاء يستحيل زيارة أجنحته كلها في يوم واحد ، فأطوال قاعاته تبلغ 13 كيلومترا مربعا ، ويضم أكثر من مليون قطعة فنية (تماثيل ، لوحات ، عينات ... الخ ) ، وللفنون الإسلامية حضورها ، فقد اتجه المتحف بمساعدة الأمير السعودي الوليد بن طلال وجمعيات أخرى من الدول العربية والإسلامية إلى إقامة جناح كبير خاص (بإبداعات) المسلمين في مجالات شتى كالنحت والزخرفة والخط و العلوم .... . الخ ( يمكن التوسع في معرفة ذلك خلال الرابط :
http://classic.aawsat.com/details.as...8#.VChkKFdJ5Js

سيُتبع .......


الأمازيغي52 29-09-2014 08:05 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

تراتيل المطر;1908772][font=courier new][size=4][color=blue]

شكرا (تراتيل المطر) على الكلام البليغ الذي لا شك وأن وراءه فطحل أدبي ، ومن حقك أن ترنو نحو كراهية الآخر الظالم القاهر المستبد ، لكن لا يستحب التعميم فالواجب هو التمييز بين الشعوب المنقادة ، والقيادة ( الأنظمة) القائدة . فهناك فرنسيون مصابون بلوثة الصادية العدوانية ، وآخرون طوعوا لها وهم كارهون ، وهناك من كان مع ثورة الجزائريين .



اقتباس:

دخلت دوامة لأيام ,, فعلى قدر ما كان تعليمنا في المرحلة الإبتدائية كافيا لزرع الكره اتجاه تلك البلد .. فنتائج تعليمنا و ماحفرناه في طفولتنا عن فرنسا وسياستها لازال يدلي بنتائجة لحد اليوم علينا



لا تزر وازرة وزر أخرى .
ليس كره الشعوب .... وإنما كره الأنظمة الإستعمارية المستبدة ، التي قادت بعض تلك الشعوب إلى قتل شعوب أخرى وهي مكرهة أحيانا ,


دائمة الذكر 29-09-2014 08:21 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
:13::13::13::13:يُثبت :13::13::13::13:

تراتيل المطر 29-09-2014 10:58 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 (المشاركة 1910104)
شكرا (تراتيل المطر) على الكلام البليغ الذي لا شك وأن وراءه فطحل أدبي ، ومن حقك أن ترنو نحو كراهية الآخر الظالم القاهر المستبد ، لكن لا يستحب التعميم فالواجب هو التمييز بين الشعوب المنقادة ، والقيادة ( الأنظمة) القائدة . فهناك فرنسيون مصابون بلوثة الصادية العدوانية ، وآخرون طوعوا لها وهم كارهون ، وهناك من كان مع ثورة الجزائريين .





لا تزر وازرة وزر أخرى .
ليس كره الشعوب .... وإنما كره الأنظمة الإستعمارية المستبدة ، التي قادت بعض تلك الشعوب إلى قتل شعوب أخرى وهي مكرهة أحيانا ,



الفرق بين الليل والنهار خيط شمسِ رفيعٍ


ولن يغطي الليل النهار إلا بكسوفٍ وهي ظاهرة نادرة الحدوث ..!


لهذا فأنا لا أقدر على تعميم أمرٍ ليس بيدي .. فالطبيعة الكونية تقضي بأن فعل التعميم ليس سليمًا ولن يكون يومًا سديدًا ..


وجهة نظري غلب عليها الحسّ الإستعماري الذي تنفسناه مع كل صرخة امرأة .. مع موت كل شهيد مجاهد .. مع تيتم الأطفال و تأوهات الثكالى


سُررتُ بتربية الناس هناك .. وكان تعاملي معهم لطيفًا كما تعاملهم الذي يتركك لمراتٍ تندهش من هول الفاجعة بتأمل الفرق الملاحظ بين مجتمعين ميزهما الإسلام عن بعضهما ولم تتسربل أحاسيسي بالكره اتجاههم بقدر ما كانت روحي تمقت فعل التواجد في تلك البلاد .. لولا الضرورة ؛

نفسيتي كانت مغلقة .. على الرغم من الجمال المرئي والحياة الباسمة .. لا أستطيع المزايدة على هذا الأمر بتاتًا .. لما خرجتُ منها أكلتُ الرغبة في الحياة شهية متوارثة ..:11:


مازلت مستمتعة بالقراءة وذاك التمعن .. جزاك الله خيرا يا عم~

الأمازيغي52 01-10-2014 09:52 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
تابع ...... متحف اللوفر .


°°°بعد نزولي من السلم الكهربائي إلى أسفل الهرم الزجاجي ، ها أنذا أقف في ساحة واسعة آهلة بالزوار القادمين من كل حدب وصوب ، ولا حظت وجود ثلاثة مداخل لأجنحة يبدو أنها متميزة في معروضاتها .

مخطط أقسام وأجنحة متحف اللوفر .
http://upload.wikimedia.org/wikipedi...%A9upload2.png


1)قبالتي جناح أول يسمى [ سولي sully]تكريما للدوق (سولي) الذي ساهم في وضع صورة الملك هنري الرابع ، وهذا الجناح يتكون من أربع مستويات (طوابق) فالطابق ما تحت الأرض خصص لما قبل التاريخ ( الفراعنة ) أما في الطابقين (الأرضي والأول) فقد عرضت فيهما الآثار القديمة للفراعنة والإغريق وبلدان الشرق الأدنى والأقصى، في حين خصصت أروقة الطابق الثاني للرسم الفرنسي فيما بين القرنين 17 و19 .


2) وعلى شمالي جناح ثان يسمى [روشيليو RICHELIEU ] مكون من أربع مستويات كذلك ،وهو أقدم جناح في المتحف وخصص غالبا لمآثر الأمة الفرنسية من القديم إلى الآن في مجالات النحت والتصوير والرسم والفنون المختلفة ، وبه حجرات الأمبراطور نابليون . الخ .


3) وعلى يميني جناح ثالث يسمى [ دينون DENON] تكريما لأقدم محافظ لمتحف اللوفر وهو Vivant Denon في زمن لويس 18 ، ومن مآثر الرجل أنه من العارفين بالآثار المصرية ، وله اليد الطولى في تواجد لوحة ( الموناليزا ) معلقة على أحد جدران هذا المتحف .
يحتوي هذا الجناح على معروضات قيمة حول حضارة مصر والإغريق والرومان ، ونحوتات أوربا الشمالية ، وأهم ما شدني ما هو معروض في الطابق الأرضي وفي ما يسمى بدائرة ( الفن الإسلامي ) ، ومعروضات فنية عالية الجودة والقيمة في (رواق أبولون ) و أروقة الرسم الفرنسي والإيطالي بالحجم الكبير .

°°° الطواف بهذه الأجنحة وتفحص محتوياتها ليس سهلا ، خاصة إذا كان الزائر باحثا عن المتعة المعرفية ، ولا يمكنني أن أنقل لكم مشاهداتي كلها ، وإنما سأقتصر على نماذج استوقفتي وأسرتني بجماليتها أو لتقدير مجهود صانعيها ومبدعيها .
°°الزائر لهذه المواقع لا شك وأنه سيبحث عن مدى حضور أمته في هذا الزخم الحضاري الكبير الذي تستعرض فيه إبداعات وإلهامات الأمم ، فالحقيقة أنا مندهش من تثمين الفرنسيين لتراثهم في مختلف حقبه ..... ، ومندهش أكثر بولع الأوربيين والأسيويين (من ذوي البشرة الصفراء ) بمثل هذه التظاهرات الثقافية ، فهم الحاضرون بقوة ، فلم أشاهد المسلمين إلا نادرا وعند معروضات الحضارة الفرعونية وبلاد الرافدين ورواق دائرة الفن الإسلامي ،..... وهو ما يعني أننا منغلقين على ذاتيتنا غير منفتحين على غيرنا لفهم تفكيرهم وولوج عوالمهم لكشف جوانب الخفاء في تفوقهم .

°° كان هاجسي الأكبر هو العثور على بقايا آثار وتحف فنية جزائرية في هذا المتحف الكبير ... فلم أعثرعلى شيء يُذكر؟؟؟ . فتذكرت أن الفرنسيين أثناء غزوهم للجزائر سرقوا كميات معتبرة من تحفنا القديمة وحمّلوها في أكياس مشمعة وأرسلوها نحو فرنسا قصد عرضها في متحف اللوفر وفي جناح خاص بالجزائر سمي،
( Museé algerien du louvre ) (1 دشنه الملك (لوي فليب) نفسه سنة 1845 ، ويبدوا أن تلك التحف الثمينة سرقت من طرف عسكريين وخواص مؤثرين وفاعلين ، واختفى المشروع وراح الحلم في طي النسيان و تحجرت ذاكرة الأمة ، تماما كما نسينا أطنانا من الأرشيف الجزائري مسجونا في دهاليز مدينة (ايكس ان بروفانس الفرنسية ).

°°° جناح [ دينون ] يحوي العديد من المعروضات ، فقد كانت انطلاقتي من هذا الجناح بتؤددة أنظر متفحصا للأشياء المعروضة ، فهناك بعض منها شدت انتباهي وأخرى مررت عليها كراما ، قد تكون لها أهمية عند الآخرين .... لا أدري ؟ ..... لكنني جاهلها ، وصدق من قال بأن من جهل شيئا عاداه ، فكل شيء مثيرٌ هنا ....غير ان الوقت لا يسمح بهضم كل شيء فعقولنا الصغيرة غير قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من المعرفة ، سرت ومن معي .... مع قوافل السائرين .... في أروقة واسعة .... مزينة بلوحات ومعروضات غاية في الحسن والعرض ، مزودة بنُبذ معلوماتية مختصرة مكتوبة جانبها .

°°°استوقفتي لوحة زيتية وشدني إليها الفضول أيما شد ، لأن عنوانها فيها إسم وطني الجزائر ، ولأن محتواها جاذب للنظر لنساء أنيقات بزي عاصمي ، فتفحصت اللوحة ذات الحجم الكبير فإذا هي لوحة زيتية رسمها الرسام الفرنسي ( أوجين دو لا كروا Eugène DELACROIX ) أثناء تواجده بمدينة الجزائر كضابط عسكري سنة 1832 ، أي بعد الإحتلال الفرنسي للجزائر بعامين وأخرجها للعلن سنة 1834 بعنوان : نساء الجزائر .

تمعن وتمتع بجمال الخلقة وعظمة الخالق في الصورة ، ولنا فيها كلام ................


http://www.youtube.com/watch?v=AciCtwazGwE#t=43


°°°هذه التحفة الفنية رسمها الرسام الفرنسي (أوجين دولاكروا ) الذي كان مرافقا لفعاليات التمدد الفرنسي على شمال افريقيا كضابط عسكري ، وهو من رواد ( المدرسة الرومانسية ) كان ولوعا باكتشاف تقاليد الشمال الإفريقي والشرق عموما ، التي يرى فيها سحرا وجاذبية مخالفة تماما لما عندهم في فرنسا ، فكان تركيزه واضحا على إبراز ملامح الجمال في بلدان المغرب والمشرق بنظرة استشراقية ، فقد زار المغرب الأقصى ورسم لوحات راقية منها (أزقة طانجة ، شيخ مغربي يزور قبيلته ، عرس يهودي في المغرب ...الخ )، وعرج على الجزائر وأبدعت ريشته لوحة زيتية على قماش عنوانها ( نساء الجزائر في مخدعهن ، Femmes d'Alger dans leur appartement ). وهي من أروع لوحاته التي تشد انتباه الزائر فهي عندي تضاهي قيمة (الجوكاندا ) لدافينتشي ، فإن كانت الموناليزا خلدها (دان براون ) الأمريكي وأعطاها زخما واسعا في روايته ( شيفرة دافنشي) ، فإن رائعة دولاكروا خلدها ( الأسباني بيكاسو ) الذي استلهم منها 15 لوحة عن نساء الجزائر مخلدا بها أحداث ثورة الجزائر الكبرى ، وزادتها روائيتنا (أسيا جبار ) وهجا في رائعتها القصصية سنة1978 والمعنونة بنفس عنوان
(دو لاكروا ) .
__________________________________________________ __
(1) لمزيد المعرفة حول متحف الجزائر في اللوفر يستحسن الإطلاع على بحث نبيلة أولبصير بعنوان :
Nabila Oulebsir, Les Usages du patrimoine. Monuments, musées et politique coloniale en Algérie (1830-1930)




سيتبع بإذن الله تعالى .




انا هي 01-10-2014 10:04 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
في المتابعة ...
فقط سؤال هل سمح لكم بادخال اجهزة التصوير هناك ؟؟
.
.
.

الأمازيغي52 01-10-2014 12:57 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انا هي (المشاركة 1910714)
في المتابعة ...
فقط سؤال هل سمح لكم بادخال اجهزة التصوير هناك ؟؟
.
.
.

أهلا بالأخت ( أنا هي ) وأتمنى أنك أستفدت من قراءتك لما خربشنا .
أجهزة التصوير مسموحة في جل الأروقة فقط بعض المعروضات الحساسة للضوء لا يسمح للزوار بتصويرها بالفلاش .

تصوري مثلا أن لوحة المزناليزا الشهيرة يسمح للزوار بتصويرها بالفلاش فإن ألاف الفلاشات تصيبها يوميا ، فتتعرض للهاك والتلف .

تقديري لزيارتكم .

اماني أريس 02-10-2014 09:50 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
في المتابعة باذن الله شكرا استاذ اتحفتنا

الأمازيغي52 07-10-2014 08:16 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
تابع........



°°°لا شك وأن مدينة الجزائر ( المحروسة ) بقيت فيها ملامح التواجد التركي ، لفترة طويلة لما بعد الإحتلال الفرنسي ، فعبق الماضي وتأثيره في البنية الثقافية لن يختفي وشمه في ذاكرة السكان ، فالصورة التي كشف عنها (أوجين دولا كروا) تجعلني أستفسر :
كيف وصل هذا الرسام إلى مخادع النساء الجزائريات ؟؟؟ في ( مجتمع مسلم) محافط يحيط نساءه بأسرار يستعصي على الغريب فك طلسمها ، وهن ساكنات في (بنايات القصبة) المنيعة المحكمة الغلق خارجا ، و كل فضائها مفتوح نحو الداخل .
°°° لقد تعرف (دولا كروا) على الجزائر المحروسة في السنوات الأولى للإحتلال ، وتعرف خلال تجواله بميناء العاصمة أنذاك بالسيد [بورايل POIREL] واحد من مهندسي البحرية المهتمين بالرسم ، وهو الذي عرّف دولاكروا بضابط في البحرية من ( رياس البحر ) ، وبعد تشاور ومحادثة أذن للرسام الفرنسي زيارة حريمه بمعيته ، وهوالحلم الذي طالما راود الرسام الكبير ، .....فقد قضى أربع أمسيات في رسم نساء القرصان ،...... وهي مدة غير كافية لرسم تلك اللوحة المتفردة بجزئيانها ، فيبدوا أن الرسام أخذ الخطوط الرئيسية للوحة في ( كناشه ) مسجلا الملامح العامة كتخطيط أولي ، واحتفظ في ذاكرته بالزوايا والرموز والجزئيات على أن يوقعها على لوحته عند رجوعه لبلده فرنسا ، مستعينا بمهارته في تذكر الملامح والتفاصيل و باستخدام خاصيتي الظلال والألوان ، فقد أعطى للوحته أوج جمالها ، وأصبغ عليها جزءا من روحه وأحاسيسه التي تفوج منها روائح الرومنسية العبقة ، هذه اللوحة التي وقف عندها مليا الشاعر ( بودلير ) وأثنى على من رسمها وقال بأن (الرسم له شاعرية أفصح من الشعر نفسه ).

°°°فاللوحة التي رسمها ( أوجين دولاكروا ) بمقياس ( 1.80 م X 2.29 م ) هي زيتية على القماش ، عرضها لأول مرة في سنة 1834 ، وعنونها ب :
Femmes d’Alger dans leur appartement وهي الآن معروضة بمتحف اللوفر .

°°°الصورة لاشك وأنها مبهرة تكشف زيف الإدعاء الفرنسي بتأخر بلادنا وتخلفها، وتوضح بريشة أحدهم بأن الجزائر كانت ذات خصوصية وتفرد في الحضارة ومنها اللباس (بشهادة شاهدٌ من أهلها) ، ، فالصورة على بساطتها تظهر تعدد الزوجات عند الجزائريين ، فعددهن ثلاث في حالة سكون، أما الخادمة الرابعة المتحركة فهي في انصياع كامل لأوامر سيدتها الآمرة لها على عجل ،والثلاثة جالسات ، واحدة منهن متفردة في أبهة (العاصميات) وبلباس مازال متوارثا لزمننا ، ونظرتها الحالمة مثبتة للناظرين لها (اللذان لايكونان سوى زوجها ومعه الرسام دولا كروا) ، ونظرتها مليئة بالرمزية ، وقد تكون هي الزوجة الثالثة ، أما الأخريتان فمنشغلتان بلهو الحديث ، ( لعلهما تتهمسان على ضرتهما الجديدة ).

المتفحص القاريء للوحة قد يقرأ من خصائصها ولونها ومحتويات المكان ،وانسياب الألوان ،وإسقاط الظلال ، مبهمات عديدة أراد الرسام ايصالها للمشاهد ، وذاك ما سنتركه لاجتهادات زوار صفحتنا مشكورين .



سيتبع بإذن الله .

Karim Ibn Karim 07-10-2014 08:36 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
السلام عليكم

عودة ميمونة للاخ و الاستاذ

و مبارك عليكم المولود الجديد

شدني العنوان
و زادني الفضول

موضوع رائع و يستحق المتابعه
خاصة ان كان كاتبه
صاحب اسلوب راق و متمكن

موفقين
و نحن في المتابعه
تحياتي

إخلاص 09-10-2014 10:25 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
راق لي ما قرأته هنا
فعلا كانت لوحة رااائعة
و قد تبادر إلى ذهني حين مشاهدتها كيف تمّ رسمها و كان الوسط محافظا جدّا؟
فوجدتك طرحت السّؤال نفسه :11:
لم أكن أعلم أنّهنّ ضرّات :8: إعتقدتهنّ جارات :11:
متابعة ...
بوركت و لا هنت أستاذنا الفاضل

الأمازيغي52 09-10-2014 10:42 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
............تابع لما سبق (متحف اللوفر)


°°°سرت مع السائرين في أروقة المتحف متفحصا لبعض المعروضات على كثرتها ،إما مركزا محدقا مبصرا ، أو مارا على عجل ، مسايرا لحركة الحجيج لهذه الدار ، كان الزوار في مسارهم يسيرون الهويناء ، ويتتابعون وحدانا وزرافات نحو معرض بلا نهاية ! ، زاد فضولي لمعرفة أسباب تدفق الزوار نحو المسار فسرت سيرهم ، فدخلت قاعة فسيحة تعج بالزائرين ، فتقدمت بخطى وئيدة حتى لا ألامس أحدا ،فالقوم هنا لا يستسيغون الملامسات والحشر الذي نراه عندنا عند دخول المستشفيات والمحال ذات المداخل الضيقة ، فالكل هنا يحافظ على مسافة الآمان بينه وبين الآخرين ، .... تقدمت قليلا لاكتشاف أسباب التجمهر ، فإذا بي أرى القوم مجتمعين قدام لوحة رسم صغيرة نسبيا لا ترى تفاصيلها الدقيقة بوضوح خاصة وأن المنظمين أحاطوها بحبل منعا للزوار من الدنو إليها ، فهي محاطة ببالغ العناية ومصانة داخل كوة زجاجية مضادة للصدمات و فلاشات التصوير ، فهي القطعة النادرة ، والجوهرة المصونة التي تتذكرها الذواكر ، وتتلقفها المسامع ، وتلوكها الألسن ، وتنظر إليها البصائر بشيء من الخشوع تشبه نظرة الحجيج للحجر الأسود ، إنها اللوحة المصونة ، والدرة الثمينة ، المعرفة باسمي (الموناليزا ) و (الجيوكاندا ) ، فالإسمان لذات الشيء وبمدلول واحد ،فقد تتعد المسميات والشيء واحدٌ .


http://www.kabbos.com/images/mona_lisabg005.jpg
(صورة لمكان عرض الموناليزا .)




http://i.cdn.turner.com/trutv/trutv....a-painting.jpg
صورة الموناليزا .


°°هذه اللوحة الملهمة ، التي لم ييأس من حملها دافنشي [1]أثناء رسمها لسبع سنين في حله وترحاله ( 1503-1510)،والذي كان يستأجر تكرارا (مهرجا) وعازف ألحان ، ليحافظ على ابتسامة المرأة التي يرسمها .

°° هذه اللوحة التي يزيد عمرها عن خمسة قرون ، رممت مرارا ، ولا زالت محافظة على بريقها تخطف الأنظار بين مئات اللوحات المعروضة في متحف اللوفر .

°°هذه اللوحة التي وقف ويقف عندها ملايين الناس ينظرون إليها بوجدانية لفهم لغز المرأة ذات الإبتسامة المحيرة الخالدة .

°°هذه اللوحة التي اشتراها أحد ملوك فرنسا ، وخصها نابليون بونابرت بعظيم التقدير بأن ثبتها قبالة سرير له في حجرة نومه يستلهم من نظراتها أسرار خططه الحربية في غزوه لأوروبا .

°°هذه اللوحة التي حظيت بأسمى التشريفات ورسمت لها خطط أمنية تفوق ما يقدم للشخوص السياسية ، فحطت رحالها في عديد متاحف العالم ( ، واشنطن، طوكيو موسكو ......)

°°هذه اللوحة التي كادت أن تتسب في أزمة بين فرنسا وايطاليا ، إثر سرقتها من مخدعها في اللوفر من طرف عامل لصيانة التحف هو( Vincenzo Peruggia) والذي باعها لتاجر ايطالي ، فضحه عند الدولة..... ، فتدخلت فرنسا بثقلها الدبلوماسي لرد اللوحة وسارقها ، وتم ذلك فعلا ، وحوكم الجاني بعد مرافعات طوال بسنة حبسا نافذا .

°°° بدأ الفنان [ ليوناردو دافنشي] رسم هذه اللوحة عام 1503 ، وهي صورة لسيدة إسمها الأصلي (مادونا ليزا دي انتينو) التي اشتهرت بالموناليزا ، وهي الزوجة الثالثة لأحد أثرياء تجار الحرير الفلورانسيين المسمى : (فرانسيسكو ديل جيوكوندا) الذي كان صديقا لدافنشي ،وهو الذي طلب رسم اللوحة تقديرا لزوجته ( ليزا ) وإكبارا لها ولحبها ، فالفرنسيون أشهروا تسميتها ( بالموناليزا) ، في حين أن الإيطاليين احتفظوا بتسميتها الزوجية انتسابا لزوجها الإيطالي ( جيوكاند) ، ف(الموناليزا) و(الجيوكاند ) إذن شيء واحد .

°°° اكتمال الصورة أنبأ عن اختفاء طالبها (ديل جيوكاند) تمنعا عن دفع ثمنها... ، فزاد انزعاج دافنشي من ذهاب جهده سرابا ، فقرر الهجرة بلوحته نحو فرنسا 1516 ، فعرضها للبيع بالمزاد فاشتراها ملك فرنسا ( فرنسوا الأول ) وعلقها في قصره ضمن مقتنياته الفنية في ( شاتو فونتان بلو ) ثم نُقلت إلى ( قصر فرساي) ، وبعد الثورة الفرنسية أخذها ( نابليون بونابرت) معلقا إياها في حجرة نومه منشغلا بجمالها ، قارئا لابتسامتها الغامضة المحيرة ، مستلهما من شاعريتها مستقبل فرنسا وأوروبا ؟؟؟.


°°°قراءة في اللوحة .


تباين الناس في الثقافة ، واختلاف مقدار الأحاسيس بينهم رهافة وبلادة ، و خصائص طباعهم ، ومقدار تجاربهم ومسلك تخصصهم، هي كلها محددات لنوع القراءة في التحف واللوحات الفنية ، فما شدني هو كثرة اللغط حول قراءة الموناليزا ، فهي تقرأ غالبا حسب توجهات وميول القراء لها ، وقد يكون الشاعر إليا أبو ماضي مجيدا عندما قال :
[ويرى الشوك في الورود ويعمـى ....أن يـرى فوقهـا النـدى إكليـلا.]


°° ابتسامة غامضة :

براعة الرسام تكمن في قدرته على شد المُشاهد ودفعه للحيرة والتساؤل للوصول إلى تفسيرات مرضية لحاجات داخلية ، فالناظر للوحة دافنشي قد يرى المرأة فرحة مبتسمة وقد يراها حزينة كئيبة، فما سر ابتسامتها ؟ وما سر كآبتها ؟ ، يقول العارفون بأن تلك المرأة الفلورانسية التي رسمها دافنشي مُفجعة بوفاة زوجها الأول ،وصدق من قال [وما الحب إلا لحبيب الأول ] فهي بذكراه تتألم وتحزن ، رغم محاولات راسمها (دافنشي) الترويح عنها باستئجار مهرج لها يبعث فيها المرح والحبور لتحافظ على ابتسامتها التي وقّعها رسما بإحكام وخلود .
فابتسامتها خليط من الحبور المكظوم ، منغرس فيه ألم يعصر الفؤاد ، فكأن ابتسامتها مصطنعة تخفي وراءها ألغازا محيرة لا يمكن فهمها إلا بفحص تاريخانية المرأة وعلائقها الوجدنية بمحيطها المعيش في أجواء (مدينة فلورانسا ) التي تستعد لنهضة فنية وفكرية وعلمية بفضائل عائلة ( آل مدتشي ) .

°° عين بلا حاجب ؟

أدبيات المسلمين تتغنى بجمال العين التي في طرفها حور ، و تستحسن ملاح الحاجب الزجج والبلج ، (فالزجج ) يعني دقة الحاجبين وامتدادهما كأنهما خُطَّا بقلم ، و(البلج) أن يكون بين الحاجبين فرجة ، أما في أوربا خلال عصر دافنشي فيبدوا أن لا معنى لحواجب العين عندهم ، فدافنشي رسم جميلته بدون حاجبي العينين ، فمقياس جمال المرأة متبدل عند الأمم ، ومتبدل من عصر إلى عصر ،
فقد يكون لدافنشي خرجة لموضة جديدة متجددة ، أو أنه رسخ عادة متوارثة عند الطليان هي (عيون بلا حواجب )؟؟؟ .

°° (... ليزا) بلا حلي .

المتعارف عليه عندنا أن المرأة تتزين بشتى الحلي تجملا لزوجها ، ولباسنا التقليدي فاره بجماليات نستسيغها على غير عادة الآخرين ، فليزا - دافنتشي تبدو على غير عوائدنا نحن معشر المسلمين ، فهي بلا أقراط ولا أشناف ، ولا أساور ، وبلا قلادة عنق ولا خاتم أصبع ، فهي جرداء من كل ذلك ، لعلها متيقنة من أن بسمتها ستأسر العالمين .

°°° وقراءات أخرى ...
ُ
لا يتسعُ المقام هنا لفحص قراءات اللوحة بين المستحسنين والمستهجنين ، فكل ما أريد الإشارة إليه أن لوحة ( الموناليزا) ألقت بظلالها على عوالم الفن والإبداع ، فهي الملهمة لكثير من الفنانين ، حتى المبدع (بيكاسو ) شُوهد مرارا قبالة اللوحة وهو يحدق النظر في أجزائها وتفاصيل رسمها ،و أسرار لونها ، وقسمات أجزائها ، وهو في حالة بحث عن شيء لا يدركه سوى أصحاب الصنعة المتمرسين .
فقراء اللوحة كثر ، فمنهم من أعطاها زخما سياسيا ووسمها بالماسونية والعبرانية ، وهناك من اتخذها محجة للمثيلية الجنسية ، وأنها صورة تعكس صورة صاحبها الرسام ، وهناك من اعتبر شهرة الرسام مستمدة من شهرة اللوحة ، ولعل حادثة سرقتها واختفائها لعامين ، وإدراجها كعنصر حي مشوق في رواية الأمريكي دان براون بعنوان [شيفرة دافنشي] زاد ا لهذه اللوحة زخما إعلاميا متفردا جعلت منها أنفس تحفة في عالم الرسم بدون منازع ، وفاضت بنعمها على (متحف اللوفر) بأن جعلته محجا لكثير من سياح العالم .
-----------------------------------------------
[1] ليو ناردو دافنشي (1452/ 1519 ) ،من المواهب العالمية في عصر النهضة ، متعدد الإهتمامات والإبداعات ، له سجل انتاج ثري في تخصصات عدة ، في الرسم والهندسة والخرائط والموسيقى والنحت والجيولوجيا ....


سيتبع .

الأمازيغي52 09-10-2014 06:15 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
شكرا (أماني أريس ) و ( Karim Ibn Karim ) و السيدة ( إخلاص ) على التنويه والمتابعة دمتم متابعين لما نخربش .

جزاكم الله خيرا عميما .

شاعرة المستقبل 09-10-2014 06:43 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
في المتابعة تبدوا الرحلة مشوقة جدا

الأمازيغي52 10-10-2014 09:34 AM

الفراعنة يفرضون أنفسهم في فضاء (اللوفر ) .
 
الفراعنة يفرضون أنفسهم في فضاء (اللوفر ) .

سأنتقل بحضرتكم في مسار زيارتي إلى الطابق الأرضي أين يتواجد جناح خاص بالحضارة المصرية الفرعونية ، حيث انجذب الفؤاد ، وتحركت الهواجس وزادت دقات القلب هفوا لمعرفة ما جاد به المصريون القدامى في بناء صرح الحضارة الإنسانية التي ننعم بها حاليا ، فحضارة ( طيبة ) و(ممفيس) ، وأهرامات الجيزة ، و تماثيل أبا الهول ، ورمسيس الثاني ، نقلتنا من عالم دافنشي إلى عالم ما قبل الميلاد ، إلى نتاج أولى الحضارات في العالم .
فالجناح كبير واسع الأرجاء ، غني بالمعروضات الكبيرة منها والصغيرة ، وهي مرتبة حسب الأنشطة الإنسانية ( العبادة ، الصيد ، النحت ، اللباس ،الزراعة ، الصيد ، الكتابة بالخط الهيروغليفي، .....) ، تفحص المعروضات أنبأني أن الحضارات على نوعين حضارات أصيلة وأخرى مقلدة .

1)فالحضارة الأصيلة هي الحضارة التي تتأسس على مجهود إنسانها في تعامله مع طبيعته ، فالمصريون القدامى ( الفراعنة ) أّثروا في بيئتهم أيما تأثير ، فقد حولوا ( الحجر الأصم ) الذي تتوفر عليه بلادهم إلى إبداعات فنية مازالت أسرارها محل جدال إلى الآن ، فحضارة مصر منطلقها هو تطويع [ الحجر] ، فالحجر بمختلف أصول تكوينه هو المادة الحية التي كانت منطلقا لحقت بها عناصر أخرى مدعمة لها كالتربة والماء والهواء ....
فإن كان المصريون القدامى قد أبدعوا بالصخر ، فإن بلاد الرافدين قد تفرد إنسانها القديم بتطويع ( الطين ) أو ما يسمى ( بالطين المشوي ) في خدمة الإنسان .

فالحضارتان (مصر ، بلاد الرافدين ) هما حضارتان [ أصليتان ] فالأولى [ حضارة الحجر] والثانية [حضارة الطين] ، فالإبداع الحضاري هو نقيض التقليد والتبعية ، وهو ما أومأ إليه مفكرنا المبدع (مالك بن نبي ) رحم الله حين جعل المنتوج الحضاري يتشكل من معادلة ثلاثية الأقطاب أولها [إنسان] ، وثانيها خامات [الأرض] (من طين وصخر ومعدن ....) وثالثها [الوقت] .

2) أما الحضارة المقلدة ، فهي الحضارات الهامشية التي تتبع حضارة الأم ، وهي حضارات صورية تابعة للمركز الذي أنشأها ، فنحن معشر المسلمين بوضعنا الحالي تبعٌ [ لحضارة الغرب] منقادون لها طواعية إو إكراها .


°°أترككم مع هذ ا الفيديو الذي يوضح بعض المعروضات في جناح مصر الفراعنة :


http://www.youtube.com/watch?v=KLL1LBQRcSA


°°° حين تفحصت محتويات جناحا مصر وبلاد الرافدين ، تخمر في ذهني سؤال محير :
كيف تحصل الفرنسيون على هذا الكم الهائل من تحف مصر وبلاد الرافدين ؟؟؟ وهل تواجدها في أروقة متحف اللوفر نعمة أم نقمة ؟؟؟
سؤالان يمكن لزوارنا ومحبينا الإجابة عنهما ، ...... في انتظار استكمال الزيارة لهذا الجناح الفرعوني الآهل بالزوار .

تحياتي لزوار موضوعنا ، وأتمنى أن لا يبخلوا علينا بزيارتهم وملاحظاتهم نقدا وإثراء .
ثنميرث .

algerien28 10-10-2014 09:48 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
السلام عليكم
جميل جدا موضوعك سيدي الأمازيغي حين أقرأ ما تصفه لنا خلال زيارتك لفرنسا يخيل لي و كأنني معك في الرحلة و صف دقيق و ممتع للغاية لكن لدي ملاحظة أو مجرد فضول لماذا لم تصتحب معك آلة التصوير :5: فالسائح أول شيء يضعه في أمتعته هو آلة التصوير فالصور تبقي لنا ذكريات جميلة زيادة عن الذكريات التي نحتفظ بها في عقلنا الباطن
شكرا لك و بارك الله فيك على السياحة الممتعة لفرنسا من خلال منتدى الشروق

الأمازيغي52 10-10-2014 10:43 AM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة algerien28 (المشاركة 1913591)
السلام عليكم
جميل جدا موضوعك سيدي الأمازيغي حين أقرأ ما تصفه لنا خلال زيارتك لفرنسا يخيل لي و كأنني معك في الرحلة و صف دقيق و ممتع للغاية لكن لدي ملاحظة أو مجرد فضول لماذا لم تصتحب معك آلة التصوير :5: فالسائح أول شيء يضعه في أمتعته هو آلة التصوير فالصور تبقي لنا ذكريات جميلة زيادة عن الذكريات التي نحتفظ بها في عقلنا الباطن
شكرا لك و بارك الله فيك على السياحة الممتعة لفرنسا من خلال منتدى الشروق

شكرا algerien28 على كلامك الطيب وعباراتك الجميلة ، فأنا مصطحب معي عديد الصور عن كل الأمكنة التي زرتها ، …. وحتى الويب يا أخي غني بالصور ، فصور ه أحيانا أكثر جاذبية من صوري التي التقطتها ، فلا يزال المشوار في بداياته------- وسأنشر صوري كلما كان ذلك ضروريا ، و أميز ذلك كتابة بقولي | بعدستى| أو | من تصويري \.

تحياتي لكم على الإطلالة

الأمازيغي52 10-10-2014 02:37 PM

سبع سنبلات .
 
سبع سنبلات .

°°°شغفني هذا الإرث الفرعوني المصري ودلجت إلى فضائه وأنا أشم فيه عبق القرون الخوالي وأتحسس همسات كليوباترا ، وصيحات رمسيس الثاني ، وعظات زمن سيدنا يوسف وموسى عليهما السلام ، فكان العرض وافرا بتحف فنية بهية الشكل عظيمة المضمون، فالمعروضات كثيرة كبيرها وصغيرها ، لا يتسنى الوقت لزائر مثلي أن ينتبه لكل شيء ،خاصة صغيرة الحجم منها ، فالمعروضات الكبيرة أكلت من حق الصغيرة ، فالصغيرة تعرض داخل خزائن زجاجية محكمة الغلق ، مررت بكثير منها ، واستوقفتني خزانة عرض داخلها أنواع من الحبوب المنتجة زمن الفراعنة ، واتجه نظري نحو سنبلة ليس كسنابلنا الحالية حبة بسنبلة ، إنها حبة أنبتت سبع سنابل ، وتذكرت قوله تعالى :
[مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 261] .



https://lh4.googleusercontent.com/-V...0/IMG_1419.JPG
حبة أنبتت سبع سنابل .( من اكتشافي وتصويري ).



ياسبحان الله .....، لم أصدق ما شهدت !..... ، عاودت النظر إلى تلك السنبلة أتفحص أجزاءها للتأكد مما رأيت ، فتبين لي أن السنابل متماسكة فيما بينها تدرجا من الكبير إلى الصغير ، فالسنبلة الأم تظهر خالصة للعيان .... وتلتصق بها أخرى أقل كبرا ... فثالثة ... فرابعة... وهذه خامسة ، فلم أتبين الباقي (فوضعت نظارتي لتدقيق النظر ) فبدت سنابل أخرى لكنها متناهية الصغر لعلها في طور التشكل والنمو ... فتلك سادسة .... وجانبها واحدة متناهية الصغر هي السابعة .

حمدت الله أن منحني بصرا وبصيرة شاهدت بهما عظيم خلقه وبديع صنعه في الكون و النبات والحيوان والإنسان .

°°° أمام هذه الحبة التي انتجت سبع سنابل ، تذكرت قصة سيدنا يوسف عليه السلام وقوله تعالى :
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ )[يوسف : 43]

وقوله : (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ) [يوسف : 47]

وقوله تعالى : يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ [يوسف : 46]

وتذكرت كذلك قصيدة (أحمد مطر ) بعنوان [يوسف في بئر البترول] التي مطلعها :

سبعُ سنابلَ خُضْرٍ من أعوامي
تذوي يابسةً
في كفِّ الأملِ الدامي
أرقبُها في ليلِ القهرِ
تضحكُ صُفْرتُها من صبري
وتموتُ ، فتحيا آلامي .
يا صاحِبَ سِجني... نَبِّئْنني
ما رؤيا مأساتي هذي ؟
فأنا في أوطانِ الخيرِ
ممنوعٌ منذُ الميلادِ من الأحلامِ !
وأنا أَسقي ربِّي خمراً
بيدي اليمنى
وَيَدي اليُسرى تتلقّى أمرَ الإعدامِ !
وأرى قبري
مثلَ قصائدِ شِعري
مِزَقاً في أيدي الحكّامِ
ممنوعاً في كُلِّ بلادي
وأرى مَلَكَ الموتِ يُجَرْجِرُ روحي
أبدَ الدهْرِ
ما بينَ نظامٍ ونظامِ !

°°° لا يهم إن كانت تلك السنبلة ذات السبع من السنابل من انتاج الأرض الطيبة مصر، أو أرض الجزائر المعطاء ، أم هي حقيقة بعمر حضارة مصر بحكمة [ فذروه في سنبله ...]أم هي نتاج اليوم القريب ، فالمهم عندي أن الله أعطى للإنسان طاقة عقلية وجسمية يسخرها في تحقيق مآربه الدنيوية ، وبالأسلوب الذي يُرضي الخالق الجبار .

تحياتي من أمام تمثال (رمسيس الثاني ) .

اماني أريس 14-10-2014 06:36 PM

رد: سبع سنبلات .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 (المشاركة 1913671)
سبع سنبلات .

°°°شغفني هذا الإرث الفرعوني المصري ودلجت إلى فضائه وأنا أشم فيه عبق القرون الخوالي وأتحسس همسات كليوباترا ، وصيحات رمسيس الثاني ، وعظات زمن سيدنا يوسف وموسى عليهما السلام ، فكان العرض وافرا بتحف فنية بهية الشكل عظيمة المضمون، فالمعروضات كثيرة كبيرها وصغيرها ، لا يتسنى الوقت لزائر مثلي أن ينتبه لكل شيء ،خاصة صغيرة الحجم منها ، فالمعروضات الكبيرة أكلت من حق الصغيرة ، فالصغيرة تعرض داخل خزائن زجاجية محكمة الغلق ، مررت بكثير منها ، واستوقفتني خزانة عرض داخلها أنواع من الحبوب المنتجة زمن الفراعنة ، واتجه نظري نحو سنبلة ليس كسنابلنا الحالية حبة بسنبلة ، إنها حبة أنبتت سبع سنابل ، وتذكرت قوله تعالى :
[مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 261] .



https://lh4.googleusercontent.com/-v...0/img_1419.jpg
حبة أنبتت سبع سنابل .( من اكتشافي وتصويري ).



ياسبحان الله .....، لم أصدق ما شهدت !..... ، عاودت النظر إلى تلك السنبلة أتفحص أجزاءها للتأكد مما رأيت ، فتبين لي أن السنابل متماسكة فيما بينها تدرجا من الكبير إلى الصغير ، فالسنبلة الأم تظهر خالصة للعيان .... وتلتصق بها أخرى أقل كبرا ... فثالثة ... فرابعة... وهذه خامسة ، فلم أتبين الباقي (فوضعت نظارتي لتدقيق النظر ) فبدت سنابل أخرى لكنها متناهية الصغر لعلها في طور التشكل والنمو ... فتلك سادسة .... وجانبها واحدة متناهية الصغر هي السابعة .

حمدت الله أن منحني بصرا وبصيرة شاهدت بهما عظيم خلقه وبديع صنعه في الكون و النبات والحيوان والإنسان .

°°° أمام هذه الحبة التي انتجت سبع سنابل ، تذكرت قصة سيدنا يوسف عليه السلام وقوله تعالى :
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ )[يوسف : 43]

وقوله : (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ) [يوسف : 47]

وقوله تعالى : يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ [يوسف : 46]

وتذكرت كذلك قصيدة (أحمد مطر ) بعنوان [يوسف في بئر البترول] التي مطلعها :

سبعُ سنابلَ خُضْرٍ من أعوامي
تذوي يابسةً
في كفِّ الأملِ الدامي
أرقبُها في ليلِ القهرِ
تضحكُ صُفْرتُها من صبري
وتموتُ ، فتحيا آلامي .
يا صاحِبَ سِجني... نَبِّئْنني
ما رؤيا مأساتي هذي ؟
فأنا في أوطانِ الخيرِ
ممنوعٌ منذُ الميلادِ من الأحلامِ !
وأنا أَسقي ربِّي خمراً
بيدي اليمنى
وَيَدي اليُسرى تتلقّى أمرَ الإعدامِ !
وأرى قبري
مثلَ قصائدِ شِعري
مِزَقاً في أيدي الحكّامِ
ممنوعاً في كُلِّ بلادي
وأرى مَلَكَ الموتِ يُجَرْجِرُ روحي
أبدَ الدهْرِ
ما بينَ نظامٍ ونظامِ !

°°° لا يهم إن كانت تلك السنبلة ذات السبع من السنابل من انتاج الأرض الطيبة مصر، أو أرض الجزائر المعطاء ، أم هي حقيقة بعمر حضارة مصر بحكمة [ فذروه في سنبله ...]أم هي نتاج اليوم القريب ، فالمهم عندي أن الله أعطى للإنسان طاقة عقلية وجسمية يسخرها في تحقيق مآربه الدنيوية ، وبالأسلوب الذي يُرضي الخالق الجبار .

تحياتي من أمام تمثال (رمسيس الثاني ) .


سبحان الله
أعجبتني كثيرا طريقة سردك للاحداث دقة وصفك ورفعة همتك هذه الامور الدقيقة والتوثيق الصوري جعلتنا لا نشعر بابتذالية المكان وفي كل مرة نتوق شوقا لمعرفة جديده ولا غرابة في ذلك بارك الله فيك وتسرني المتابعة دوما


أم زيد 14-10-2014 10:42 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
تحية أستاذنا الأمازيغي

تقفّيت آثار الرحلة و أُعجبت بطريقة سردها فبارك الله فيك

منذ ثلاثة و عشرين سنة كانت رحلتي الأولى إلى فرنسا رفقة زوجي

تأمّلت الطرقات المرصوفة بدقة ..مترو الأنفاق..البنايات الفخمة

تذكّرت.......رجال مستعمراتها و كيف أنهم تفانوا في العمل لتُنْتَج هذه التحفة المعمارية

مستحيل أن يبني فرنسا على الطريقة التي رأيت ذلك الفرماج الواهن

إنّما هي سواعد و سواعد و مصّ للدماء و أكل للعرق.

جيل الإستقلال شغوف بالعلم و المعرفة لذلك تجدني مررت بمثل محطاتك و توقّفت

باللوفركثيرا....اللعنة ...جلبوا آثار مصر و الشام إلى فرنسا...تذكّرت حملة نابليون و ما

صاحبها من قتل و تدمير و سرقة للآثار و المخطوطات......عيني عينك يعرضون مسروقاتهم...بصحتهم.

أخبرتني إحدى صديقاتي بعد أن زارت مصر و زارت المتحف المصري منذ سنوات أنّ

المتحف في حالة مزرية ...فقلت في نفسي لعل الله أراد أن تشتهر الأهرامات و

السياحة من هناك.


متابعة لسرد رحلتك الشّيق بارك الله فيك.

الأمازيغي52 14-10-2014 11:56 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
°°° عناية الفرنسيس بالتراث المصري وتثمينه نابع من التسهيلات التي قدمها الحكام [المماليك ] في نهب تراث المصريين القدامى ، فغالبية التحف التي تغربت ، إما أنها سرقت أونهبت ، أو وُهبت ، أو اشتراها الفرنسيون والأنجليز ، فقد تخصصت أسر مصرية بهذا النشاط التجاري المدر للغنى مثل (عائلة عبد الرسول )... ، وقد تنبه بعض المصريين للخطر وبرزت جهود الفرنسي عالم المصرياتEGYPTOMANIA) السيد ( جاستون ماسبيرو) في محاربة الظاهرة أو التخفيف منها .

°°°الفنان الأوروبي كان عنصرا فاعلا في الحراك الإستدماري و مؤرخا بالريشة واللون ، فقد أبدع كثيرهم في تسجيل المعارك الواقعة في زمنهم ، ومن بين اللوحات التي استوقفتني ، لوحة تؤرخ لمعركة ( الأهرام) بين جيش المماليك وجيش نابليون بونابرت 1798 .

http://3.bp.blogspot.com/-JXOcDC7huX...D8%8C+1808.jpg
معركة ( أمبابة ) التي سماها الفرنسيون (معركة الأهرام 1798)
لوحة الرسام الفرنسي :Lejeune Louis-F.

يُجند الغرب كل طاقاته الإبداعية في ابراز تفوقه وتسجيل مآثره ، ومن ضمن المواضيع التي استوقفتني نظرا لأهميتها وتأثيرها العميق ، (الحملة الفرنسية على مصر) التي تركت تأثيرات عميقة ليس في نفوس المصريين فحسب وإنما في ألباب المسلمين والغربيين جميعهم .
ومن الصدف العجيبة أن تكون هذا الحملة التوسعية هي لقاء بين نظام قروسطي ، ونظام حديث ، لقاء بين تنظيم عسكري تقليدي يظن نفسه عصيب و صعب المراس ، وتنظيم عسكري حديث مكون في المدارس الحربية ومزود بأحدث السلاح في ذلك الوقت خاصة المدفعية المتنقلة التي حسمت الكثير من المعارك لصالح من أمتلكها .
°°°ومن الصدف الأعجب أن يقود هذه الحملة الفرنسية قائد يعرف باسم ( نابليون بونابرت ) عسكري كورسيكي شاب ، أبعدته حكومة الديركتوار ، لغزو مصر بهدف قطع الطريق على الأنجليز في الوصول إلى مستعمراتهم الشرقية .

لا يهمني أسباب الحملة المعلنة والخفية ، ومعاركها التي تبادل فيها المصريون والفرنسيس النصر والهزيمة والتي دامت 3سنوات (1798-1801)،تولي خلالها حكم مصر ثلاثة من الفرنسيين هم [نابليون بونابرت Napoléon Bonaparte ] وخليفته [ الجنرال كليبر Jean-Baptiste Kléber ] ، ثم [جاك مينوJacques François Menou ] الذي تسمى باسم (عبدالله باشا مينو).

http://media.cairodar.com/images/2013/09/23431_1.jpg
نابليون بونابرت
كل ما همني في هذه الوقفة ، هي آثار حملة (نابليون بونابرت ) الذي سماه المصريون (علي) بونابرت .

°°°صاغ ابن خلدون حكمة بليغة مفادها أن (الأمم المغلوبة مولعة بتقليد من غلبها في لسانه ولباسه وعوائده .... )
وطبيعي أن يُعجب المهزوم وينبهر بالمنتصر، ويحاول أن يكون له ظلا ظليللا ، فقد دندن المدندنون كيف وأن حملة نابليون أفادت المصريين في إيقاظهم من نومتهم ، وعرفتهم على الطباعة الآلية ، و الأسلحة الجديدة ، ونظم الإدارة والقانون ، واكتشفوا إنيتهم البائدة بعد أن فك (شامبليون Jean-François Champollion) شفرة الهيروغليفية ، وبروز فكرة فتح قناة تربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر التي جسدها فيما بعد ( دولسيبس , Ferdinand de Lesseps )أعد الفرنسيون أطلسا مصورا هو من أول خرائط القطر المصري .

°°°نابليون ....
هذا الشاب القزم الذي نافس (الإسكندر الأكبر) في الغزو،
هذا الشاب الذي دكت مدافعه (أنف أبي الهول العظيم ) ،
هذا الغازي الفرنجي الذي قال : لوحكمت مصر لن أترك قطرة واحدة من ماء النيل تذهب إلى البحر ، وأنجزُ أكبر المزارع والمصانع ، و أقيم أعظم امبراطورية توحد المسلمين تحت راية السلام الفرنسي .
هذا الشاب (27سنة ) الذي قال بأنه قضى أجمل السنوات في مصر ، وقال بأن غيوم أوربا لا تجعلني أفكر في المشاريع الكبرى التي تغير مجرى التاريخ ، وأن من يحكم مصر فبإمكانه أن يغير التاريخ ؟
هذا الأمبراطور الذي أقر في سنوات عمره الأخيرة بأنه ( لو لم يكن حاكما على [مصر] لما أصبح امبراطورا على فرنسا وعلى أوربا ) ، فحلمه تجسد في الشرق وترنح في الغرب .

°°° هذا البونابرتي الذي أسلم ( والعلم عند ربي ) فحضر صلاة الجماعة والجُمعة في الأزهر ، ولبس العباءة والشاش ، وجلس جلسة المسلمين ، وأحيا طقوس إقامة محافل المولد النبوي الشريف وتسمى بعلي بونابرت وشجع الجنرال [ جاك مينو] على دخول الإسلام والزواج من مسلمة هي السيدة (زبيدة البواب) وأنشأ بعد يوم من دخوله القاهرة ديوانا بتسعة أعضاء من كبار المشايخ والعلماء لتسيير شؤون المسلمين بالقاهرة .

الحملة الفرنسية في ميزان العقل وليس العاطفة .

كثيرا ما دونت وخربشت ، فمحيت ما كتبت ، لأن وساويس الشيطان قد تجرني إلى قول غير عادل تنتابه الإنية والذاتية ، فالصراع بين الذاتية والغيرية أو بين (الأنا والآخر) أكبر من أن يقاوم ، ووزن تأثيرات الحملة موضوع أسال حبرا واستنفذ قرطاسا وشغل عقولا ، فعقلي الصغير لا يمكنه أن يستوعب هذا الزبد المعرفي الذي تطرده قناعات انغرست في الوجدان .
تأثيرات صدمة حملة نابليون على مصر تجاذبتها عند المسلمين مدرستان متناقضتان في الفكر والتوجه .
[مدرسة التقليديين الذين يرون كل جديد بدعة والتي تنامت بفعل انغراس الصوفية التي شجعها العثمانيون ،و تمدد الفكر السلفي الوهابي الذي كان معاصرا لأحداث تلك الحملة .]

[ ..ومدرسة الحداثيين الذين بهرتهم بهارج العصرنة والتطور والتقدم العلمي ، هذا التقدم الذي كشر عن أنيابه في الصدامات الأولى محققا انتصارات عسكرية كاسحة بفضل التمدن النامي .]

والغريب أن كل مدرسة من المدرستين تلغي الأخرى بالحجج العقلية والنقلية .

فالمدرسة الأولى مثّلها مؤرخ أزهري عاصر أحداث الغزوة وأرخ لها وهو ( عبد الرحمن الجبرتي ) ومن سايره . والمدرسة الثانية مثلها آنذاك أزهريون آخرون من أمثال (حسن العطار) القائل:(إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها ) و تلميذه رفاعة الطهطاوي صاحب ( تخليص الإبريز في تلخيص باريز) ومن سار ركبهما ؟؟؟

هل أساير طرح التقليديين النكوصي؟ ؟ ، أم انبهر بالجديد كما انبهر فريق الحداثيين ؟؟

في الحقيقة لا يمكن أن اقتنع بالفريقين إلا بوضع الحدث في سياقه و سبر أغوار التأثير والتأثر فيما وقع بين أرض الإسلام التي رضخت لحين من الدهر للفرنسيين ، فأمة مصر قد صدمتها في الحقيقة موجتان متناطحتان ، امتداد الإسلام الوهابي النجدي ، القادم من البراري الصحراوية ، وموجة الزحفة النابلونية القادمة من بلاد الفرنج ، ولكل موجة مد وجزر في حياة المصريين .

لا يمكنني أن أقيّم السياسة بتبدلاتها وألوانها ، ....فلنترك التخمين السياسي جانبا ونهتم بجانب الإيقاظ الحضاري ، والتمدن ، ونحاول الإجابة عن سؤال محوري مهم ،
هل الحملة الفرنسية على مصر نعمة أم نقمة ؟ أو بعبارة أخرى هل كانت حملة نابليون على بلاد الكنانة مؤثرة أم متأثرة ؟ هل حقا أشعل الغازي قناديل الشرق المنطفئة ،أم أنه إقتبس هو من أنوار الشرق المضيئة ؟؟
الإجابة عن التساؤل لا يمكن أن يكون إجمالا وبصيغة القبول أو الرفض ، لأن الحملة فيها الخيّر وفيها السيّء ، فيها السفن والمدافع والبارود .... وفيها الغزاة المتعطشون لتسييل الدماء ..... ، وفيها كذلك 176 عالما من مختلف التخصصات وفيها كذلك سفينة ( ORIONالشرق) التي تحمل على متنها المطبعة بثلاث لغات منها (العربية ) والتي طبع فيها المنشور النابليوني بالعربية ا و وزع على شعب مصراستهلالا بقدوم المنقذ الفرنسي ! .
°°°جرائم الغزاة الفرنسيين يندى لها الجبين ، وهي الصورة المرافقة لكل غزو ، حتى الغزو الوهابي الإسلامي لبلاد الحجاز الإسلامية أوقع في نفوس المسلمين ما لم يوقعه نابليون ؟ فالسياسة والعسكر لهما منطقهما وأساليبهما التي يستنكرها كل عاقل له فهمٌ ايجابي للإسلام الذي لا شك وأنه يعني في كلياته الأمن والسلام .

°°° شئنا أم أبينا فتأثيرات الفرنسيين على مصر عميقة ومفصلية ، فعلماء الحملة انكبوا على دراسة الحالة المصرية ، وبهرتهم آثارها وجوها وبحرها وأهراماتها وقبور فراعنتها ، وبهرهم إسلام الناس ، وبهرهم الجند المملوكي بشجاعته وإقدامه ، وانصدم المصريون بدورهم بتقدم الفرنسيين في مجالات التنظيم والتسليح والعلم .... وهذا نتاج كل تلاق بين أمتين وحضارتين ، فالحضارة في جوهرها هي أخذ وعطاء بين الأمم والملل .


°°° نظم نابليون المعهد العلمي المصري وشكل فريقا مشتركا من علماء مصر وعلماء الحملة الذين أنجزوا عملا رائعا تمثل في 24 مجلدا ضخما حمل عنوان [ وصف مصر] وهو الأساس العلمي الرائد لتطور مصر فيما بعد (عهد محمد على ونجليه ), والفرنسيون هم من اكتشف ( حجر رشيد) الذي اعتمد عليه [ شامبليون ] بمقارباته وضنك محاولاته في فك رموز الخط الهيروغليفي ، وبفضل ذلك انفتحت أعين العلماء على دراسة تاريخ مصر القديم وفكت كثير من الطلاسم والمبهمات التي كانت غامضة سابقا ، وظهر علماء متخصصون في علم الآثار المصرية سمي ( بعلم المصريات ) فلولا ذلك لما عرفنا تاريخ أخناتون ، ولا تاريخ رمسيس الثاني ، ولما عرفنا مقدار مساهمة الأمازيغ في ثراء تلك الحضارة بجهود [ شيشنق] والأسرتين الثانية والعشرين وما بعدها ....، و سُجلت المواليد والوفيات والزيجات في سجلات لم يكن معمولا بها سابقا ، ورسمت أول الخرائط الطبوغرافية للقطر المصري ، والفرنسيون هم من ايقظ الحس الوطني عند المصريين وأشعروهم بأن بلادهم مستهدفة من استعمار ثلاثي الأقطاب ( الأتراك) ، و(الأنجليز) ، و(الوهابيين) ، لهذا اختاروا [ محمد علي ] الألباني لقيادة البلاد ،
°°° رحل الفرنسيون عن مصر بعد ثلاث سنوات من غزوها ، ولم ترحل ذكراهم عن المصريين ، و لم تنمحي صورة الشرق من أذهان ووجدان الغزاة بمن فيهم نابليون نفسه ، فقد أصابتهم صعقة (التمصر) وأخذت في نفوسهم كل مأخذ ، فعاد بعضهم إليها طالبا ودها ، أو أخذوا من تراثها شيئا كثيرا استنئناسا به ، وتعويضا لهم عن فقدها ، وهو ما تُظهرهُ التحف المصرية المتهافتة في أروقة اللوفر ، وتبرزه بجلاء المسلة المصرية المنصوبة في باحة [ الكونكرد ] قبالة التويلوري أعرق الأمكنة في العاصمة باريس .

°°°أنوار الشرق هي التي ألهمت نابليون تأسيس أمبراطورية عظيمة ، فهو قد رحل عن مصر كرها تاركا وراءه خليفته [كليبر] وأوصاه خيرا بالمسلمين ، وقد قتله غدرا واحدٌ من طلاب الأزهر اسمه(سليمان الحلبي)، وخلفه الضابط [جاك مينو ] الذي أسلم وتزوج من مسلمة .
°°°تأثر نابليون بشجاعة جند المماليك وإقدامهم وقال عنهم :( لو أن لي حفنة يد من هؤلاء الفرسان لهزمت بهم العالم ) لهذا أوصى بتشكيل فرقة منهم مكونة من 160 نفرا ، لتكون له مددا في توسعاته الأوربية ، واستعمل تلك الفرقة الإنكشارية بزيها الإسلامي وبشعار الهلال والنجمة واللون الأخضر والعمامة الكبيرة في الضربات النهائية الخاطفة ، وذاك ما خلده الرسام فرانسيسكو قويا في أحدى لوحاته المعلقة في متحف اللوفر بعنوان هجوم المماليك ، ، كما كان ( رستم) حارسه الشخصي مملوكي رافقه في حله وترحاله وعندما مات ، استبدله نابليون بحارس فرنسي فرض عليه لبس الزي المملوكي وسمي ب(علي) .

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...kwL6S46NIkbiCQ
(المماليك) قوة صاعقة في الجيش الأمبراطوري


°°° درس نابليون دين الإسلام وفهم أحكامه ، وعمل على استبدال القانون الروماني الذي كان معمولا به بقانون جديد سماه (القانون المدني الفرنسي) تسعون بالمائة من مواده هي ترجمة لفقه الإمام مالك ، فشريعة الإسلام أخذت لنفسها مقعدا وثيرا في قوانين نابليون ودستوره.
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...FqvQJ__27kC97A
القانون المدني الفرنسي النابليوني المعدل .

مفصل القول وإجابة عن تساؤلي الإفتراضي فإن الصدام العسكري المملوكي الفرنسي أفرز تبدلات عميقة في مجال التلاقح الحضاري والفكري بين الغرب والشرق ، فكان الشرق تواق للتعرف على منجزات الغرب وكشف أسرار تفوقه العلمي على جبهة البعثات الطلابية نحو فرنسا ، ونشط الغرب في معرفة كنوز الشرق و أساراره عبر إرساليات المستشرقين الذين كان لهم سوق معرفي يوسم بفكر الإستشراق .

الأمازيغي52 15-10-2014 06:19 PM

رد: يوميات زائر لمدينة (الجن والملائكة).
 
تحية خالصة للأختين المشرفتين ( أماني أريس ، وأم زيد ) على المرور والإثراء ، جانب من هاجسك ياسيدتي أم زيد أدرجته في موضوعي الأخير ، ويبدوا أننا متفقان في اسبصار موضوع الحملة الفرنسية على مصر التي أخذت مني جهدا ووقتا .
أتمنى أن تدركي بأن المصريين مسؤلوين بدورهم عن تهريب الأثار على مستوى الدولة والمواطنين ، وتقديري أن بقاء تلك التحف المهمة بين أيدينا وفي متاحفنا سيعرضها للتلف والسرقة والحرق ، وقد حدث ذلك فعلا في بغداد والقاهرة في أوقات الإضطرابات ، كما أننا لا نملك تقنيات عالية في الترميم والصيانة .
تواجد تلك الآثار في متاحف أوربا أفيد وأكثر ضمانا لبقائها كشواهد حية لمن يريد أن يعتبر .
تحياتي لكما
.


الساعة الآن 07:46 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى