منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   طلبات واستفسارات أعضاء منتدى القانون (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=109)
-   -   شرط التحكيم في العقود النفطية (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=75032)

Noora 26-03-2009 07:48 PM

شرط التحكيم في العقود النفطية
 
مرحبا ,, سررت لتواجدي ضمن هذا المنتدى القيم واتمنى منكم مساعدتي
انا طرحت موضوعي في أكثر من منتدى قانوني لكن للاسف لم أجد اي مساعده وأتمنى أن أجدها لديكم busted_red tears

أحضر الان بحث يتعلق بشرط التحكيم في العقود النفطيه , لكن تنقصني بعض المعلومات الهامه , بحث في الكثير من المراجع لكن حصلت عندي لخبطه ولم أستطيع فهم الموضوع .icon36
لدي بعض التساؤلات حول هذا الشرط ويسعدني أن أجد الإجابة عليها :
1- ماهي طبيعة عقد الإمتياز , هل هو عقد إداري أم تجاري؟
2- ماهي الطبيعة القانونية لشرط التحكيم في هذا العقد ,, هل هو تحكيم إداري أم تجاري؟ وماهي أبرز خصائصة وأساسة القانوني ..؟..
ولكم مني جزيل الشكر والإمتنان

أختكم نورة bye1

sabrinna 06-04-2009 10:32 AM

رد: شرط التحكيم في العقود النفطية
 
مرحبا الاخت نورة
احب ان اوضح ان القود النفطية من عقود التجارة الدولية
و اليك هذا الموضوع اتمنى ان تستفيدي منه

عقد الامتياز
دراسة تأصيلية للعقود النفطية
(دراسة مقارنة)
الدكتور نذير بن محمد الطيب أوهاب([1])
مقدمة:-
يعدّ النفط عصب اقتصاد جل الدول المنتجة له، وتأتي الدول الإسلامية منها على رأسها، لذلك تجد ميزانياتها محكومة باضطراب أسعار هذا المعدن، ومن ثم تجد بعضها يسعى جاهداً، لإيجاد وتنشيط مصادر أخرى لتنمية اقتصادها، والتخلص من شبح الاستغناء عن النفط كمصدر للطاقة واستبداله بغيره.
وأهمية العقود المبرمة على النفط تنبع من مكانته الحساسة في اقتصاد هذه الدول. ولا يأتي هذا البحث ليكشف عن هذا الأمر لأن دراسة من هذا القبيل لا تضيف جديداً، ولا تقدم بديلاً، ولكن يأتي هذا البحث ليضع هذا النوع من العقود في نصابه الصحيح فقهاً، واللائق به لتحقيق المصلحة العامة للأمة، وتنأى به عن التبسيط الذي من شأنه اتهام الفقه الإسلامي بالقصور عن حل المشكلات الاقتصادية للأمة، والتخلف عن مسيرة الركب الحضاري.
وقد قسمت هذه الدراسة إلى فصلين:
تمهيد: عرفت فيه العقد وأقسامه، والمراد به في هذا الصدد.
  • - الفصل الأول: تأصيل عقد الامتياز النفطي في الفقه والنظام. وتحته مبحثان:
  • - المبحث الأول: تأصيل عقد الامتياز في الفقه.
  • - المبحث الثاني: تأصيل عقد الامتياز في النظام.
  • - الفصل الثاني: تعريف عقد الامتياز. وتحته مبحثان:
  • - المبحث الأول: تعريف عقد الامتياز في الفقه.
  • - المبحث الثاني: تعريف عقد الامتياز في النظام.
تمهيد
تعريف العقد، وأقسامه، وتحديد المراد به في هذا المبحث
تعريف العقد:
  • ‌أ- في اللغة: العين، والقاف، والدال، أصل واحد يدل على شدِّ، وشدَّةُ وثوق، والجمع أعقاد، وعقود.
قال في اللسان: وله معان كثيرة، يجمعها كل من الشدّ، والربط، والتوثيق. يقال: عقد الحبل، إذا شدّ طرفيه وربط بينهما، ويطلق على العزم، فيقال: لا أحل لها عقيدتي، أي عزمي، وعلى الخيط الذي ينظم فيه الخرز إذا كان بكسر العين (العِقد) كما يطلق على الضمان، والعهد، والجمل الموثق الظهر.
وسميت اليمين المنعقدة، وهي الحلف على أمر في المستقبل عقداً، لأن الحالف قد ألزم نفسه بفعل المحلوف عليه([2]). وهكذا فقد اجتمعت في العقد، المعاني الحسية، والمعنوية معاً، فكان حقيقة فيهما جميعاً، وهذا الذي سار عليه ابن فارس([3]) في معجمه، والقرطبي([4]) في أحكامه، والفيروزأبادي([5]) في قاموسه.
قال القرطبي: في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)([6])، العقود؛ الربوط، واحدها عقد، يقال: عقدت العهد، والحبل، وعقدت العسل، فهو يستعمل في المعاني، والأحكام([7]).
• ‌أ-
  • ‌ب- في الاصطلاح: <LI dir=rtl>1- عرّفه الحنفية بقولهم: هو تعليق كلام أحد المتعاقدين بالآخر شرعاً، على وجه يظهر أثره في المحل([8]). <LI dir=rtl>2- عرّفه المالكية بقولهم: "كل تصرف ينشأ عنه حكم شرعي"([9]). <LI dir=rtl>3- وعند الشافعية: هو "ارتباط الإيجاب بالقبول الالتزامي"([10]).
  • 4- وقال الحنابلة: هو "المعاملة التي يلتزمها الطرفان بربط الإيجاب والقبول"([11]).
ومع أن الفقهاء في أكثر إطلاقاتهم، واستعمالاتهم، لا يقصدون بالعقد إلا الالتزام الناشئ بين طرفين وهي السمة الغالبة في كتب الحنفية خاصة، يجد القارئ في كلام العلماء، عن الالتزامات عموماً، أو تفسيرهم للفظة العقد على وجه الخصوص، معنى آخر غير الأول الشائع([12]).
فهذا الإمام الجصاص يقول: "العقد؛ ما يعقده العاقد على أمر يفعله هو، أو يعقد على غيره فعله، على وجه إلزامه إياه، لأن العقد؛ إذا كان في أصل اللغة الشد، ثم نقل إلى الإيمان، والعقود، عقود المبايعات، ونحوها، فإنما أريد به إلزام الوفاء بما ذكره، وإيجابه عليه، وهذا إنما يتناول منه ما كان منتظراً، مرعيّاً في المستقبل من الأوقات، فيسمى البيع، والنكاح، والإجارة، وسائر المعاوضات، عقوداً؛ لأن كل واحد منهما قد ألزم نفسه التمام عليه، والوفاء... وكذلك العهد، والأيمان... وكذلك النذور"([13]).
وهذا المعنى أعم من الأول، حيث انتظم جميع الالتزامات الشرعية، سواء أكانت هذه الالتزامات نتيجة اتفاق بين طرفين، أم كانت صادرة من شخص واحد أراد أن يلزم نفسه بالتزام شرعي، وهو أقرب إلى المعنى اللغوي كذلك، وأكثر ما يرد هذا المعنى عند إطلاق لفظ العقد، أو البحث في الالتزامات، والشافعية، والحنابلة. وبناء على ما تقدم ذكره، يتبين أن للعقد في الاصطلاح الفقهي معنيان:
  • 1- عام، ويصلح في تعريفه ما ذكر القرافي([14]) في تعريف المالكية للعقد.
  • 2- خاص، وهو ما يعتبر فيه عاقدان، وهو؛ ربط أجزاء التصرف بالإيجاب والقبول([15]).
وبالمعنى الخاص كذلك جاءت تعريفات رجال القانون للعقد، فقد عرفوه بقولهم: "توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام، أم نقله، أم تعديله، أم إنهاؤه"([16]).
أقسام العقد:
تنقسم العقود باعتبار، وحسب الجهة التي تبحث منها إلى عدة أقسام:
  • 1- تنقسم من حيث نوع الصفة إلى عقد منجز، وأخر مضاف إلى المستقبل، وثالث معلق.
  • 2- وتنقسم بحسب الآثار المترتبة عليها إلى:
عقود معاوضات - عقود تبرعات - وعقود إسقاطات، وعقود إطلاقات، وعقود تقييدات - عقود شركات - عقود التأمينات، والتوثيق- وعقود الضمانات - عقود الاستحفاظ.
  • 3- وتنقسم من حيث الصحة، والبطلان إلى:
عقود صحيحة، وعقود غير صحيحة (فاسد عند الجمهور، أو فاسد، وباطل عند الحنفية).
  • 4- كما تنقسم من حيث النفاذ، واللزوم إلى غير ذلك من الاعتبارات التي ذكرتها كتب المدخل إلى دراسة الفقه الإسلامي، والمدخل إلى دراسة الشريعة الإسلامية، وتاريخ التشريع، ونحوها([17]).
وجدير بالتنبيه إلى أن هناك اعتبارا في تقسيم العقود قد أغفله كل من بحث في العقود([18])، ألا وهو تقسيم العقد باعتبار القواعد المطبقة عليه إلى عقود عامة، وأخرى خاصة:
ويدخل في الخاصة، كل ما ذكره الفقهاء في كتاب المعاملات، والأنكحة.
أما العامة فهي: تلك التي يكون أحد أطرافها ولي الأمر، أو من ينوب منابه، مستخدماً حقوق السلطة فيما يحقق المصلحة العامة.
وقد أرجع الباحث تأصيله للعقود العامة في الفقه الإسلامي([19]) إلى:
أولاً: كتاب الله في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)([20]).
ثانياً: من السنة حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خبير أراد إخراج اليهود منها وكانت الأرض ظهر عليه لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين، وأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرهم بها أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نقركم بها على ذلك ما شئنا). فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء([21]).
وهذا عقد بين جهة إدارية، متمثلة في ولي أمر المسلمين النبي صلى الله عليه وسلم، وجهة خاصة وهم اليهود، على خدمة وتيسير مرفق عام وهو الأرض الزراعية وقد اشترطت فيه الجهة الإدارية شرطاً غير مألوف في العقود العادية (الخاصة)، حيث نصت في العقد على أن لها أن تفسخ العقد متى شاءت.
ثالثاً: من قواعد السياسة الشرعية:
كالتولية: وهي- العقود العامة والمسائل التي اجتمعت فيها المصلحتان العامة والخاصة، الأولى باعتبار استخدام المولى في مصلحة عامة نيابة عن الكافة، والثانية لأن المستأجر يتقاضى أجرة يسد بها مصالحه خاصة.
قال في الأحكام السلطانية: "... ولا يكون النظر في المدة المقيدة لازماً من جهة المولى وله صرفه، والاستدلال به إذا رأى ذلك صالحاً: فأما لزومه من جهة العامل المولى فمعتبر بحال جارية عليها... والفرق بينهما في تخيير المولى ولزومها للمولى أنها في جنبة المولى من العقود العامة، لنيابته فيها عن الكافة فروعي الأصلح في التمييز، وهي في جنبة المولى من العقود الخاصة لعقود لها في حق نفسه، فيجري عليها حكم اللزوم"([22]).

المبحث الأول
تأصيل عقد الامتياز في الفقه
عقد الامتياز، هو أحد العقود الحديثة، ذات الأهمية الكبرى في خدمة البلاد وعمارها، من جهة، وإثراء المتعاقد الآخر من جهة أخرى، وتلجأ إليه الدولة عادة لخدمة مرافقها العامة، إذا لم تقم بذلك أصالة لأي سبب كان. ولقد تنوعت عقود الامتياز، وتفاوتت خطورتها تفاوت الدور الذي يمكن أن يؤديه المرفق موضع الامتياز.
ولعل الطاقة -التي سمي بها هذا العصر- تتبوأ الصدارة في اهتمامات الدول التي تمتلك بعض مصادرها، والدول التي تحتاج إلى كميات هائلة منها لإنجاز مشروعاتها الصناعية، وغيرها. ويأتي على رأس موارد الطاقة هذه "النفط"؛ الذي تزايدت أهميته مع تطور الحركة الاقتصادية وتشعب مجالاتها، ويكفي للتنويه بهذه الأهمية، التأمل في الأزمات الخانقة التي تمر بها بلدان العالم عند فقدان النفط، أو نقصانه، بحيث يؤثر في مسيرة حياة الناس عامة، ومع إدراك قيمة هذا المعدن، بدأت تظهر على صعيد اتفاقيات الامتياز المبرمة بشأنه، تطورات خطيرة، تعددت معها وجهات النظر في القانون الذي تخضع له هذه الاتفاقيات.
لهذه الأسباب، وغيرها مما لو استطردت في ذكره لخرجت بالمبحث عن مقصده، أحاول من خلال قراءاتي للاتفاقيات النفطية المبرمة بين عدد من الدول العربية، والشركات الأجنبية، أن أفرد هذا النوع من الامتياز بالتأصيل في الفقه الإسلامي.
صور الاتفاقيات النفطية:
وللاتفاقيات النفطية صور متعددة أهمها صور ثلاث هي:
  • 1- عقود الامتياز التقليدية: وهي منح حق البحث عن البترول، واستغلاله، لشركة أجنبية، يكون لها حق مطلق في التصرف في عمليات تنمية المورد البترولي، ويقتصر دور الدولة مانحة الامتياز على الإشراف العام في إطار القوانين العامة للدولة، على أن تدفع للدولة جزء من العائد([23]).
  • 2- اتفاقيات المقاولة: وهي بحسب تعريفها القانوني؛ يلتزم بموجبها أحد الأشخاص بتنفيذ عمل معين خلال فترة محددة، ولقاء أجر محدد، وبانتهاء تنفيذ العمل، وحصول المقاول على أجره من صاحب العمل، تنتهي صلة المقاولة بالمشروع([24]).
بيد أن مبدأ المقاولة الذي ظهر في أواخر الأربعينات في اتفاقيات النفط مختلف عن ذلك، فصاحب العمل -في هذا النوع من المقاولة المراد- وهو الدولة، أو المؤسسة الوطنية المشرفة على النفط تستعين بمقاول أجنبي يتولى مسؤولية الكشف عن النفط، وإعداده للإنتاج، ثم إنتاجه بالفعل، مع تحمله كافة المصاريف، ومسؤولية المخاطر التي تكتنف هذه العمليات من بداية المشروع إلى أن يصبح مورداً للدخل([25]).
  • 3- إتفاقيات المشاركة: هو اتفاق يبرم بين الدولة مانحة الامتياز طرف، وإحدى مؤسساتها الوطنية، ومستثمر أجنبي طرف آخر، ويحصل بمقتضاه الطرف الأخير على حق امتياز البحث، واستغلال الثروات البترولية في مساحة محددة من إقليم الدولة، ولمدة زمنية معلومة([26]).
موازنة بين صور الاتفاقيات الثلاث:
وبالموازنة بين عناصر الاتفاقيات الثلاث، نخرج بالخلاصة التالية:
  • - أن نظام الامتياز التقليدي لم يفسح المجال بالمشاركة لأي جهة وطنية، سواء أكانت حكومية، أم خاصة، كما أنه لم يسمح لحكومات الدول المنتجة بالقيام بأي دور فعال في إدارة صناعة النفط.
أما بالنسبة إلى عقد المقاولة، فله من المرونة ما يسهل إدخال النفط ضمن الاقتصاد الوطني، حيث إن الدولة بهذا الأسلوب، هي التي تخطط العمليات وتتخذ بشأنها أنسب القرارات، التي تتفق والمصلحة العامة.
  • - أما من الناحية القانونية؛ فتعود ملكية النفط المنتج، والمنشآت النفطية إلى صاحب الامتياز، بينما تملك الدولة الإنتاج في إطار عقد المقاولة.
أما المشاركة: فهي صيغة اعتمدت في أساسها على عقد الامتياز، واحتفظت بطبيعتها القانونية، وأعطت للدولة المضيفة وسيلة للدخول في مجرى العمليات المتعلقة باستغلال النفط، ضمن إطار نظام الامتياز، وقد تطورت هذه المشاركة في أسلوب جديد في هذه الفترة، حيث غطت ميادين مختلفة من النشاط الاقتصادي التي تنفذها الشركات الوطنية لكل من الدول المنتجة، والمستهلكة في إطار اتفاقيات تعاون، أبرمت بين الحكومات شملت عدة مجالات؛ كنقل التكنولوجيا، والاستثمارات المختلفة([27]).
وقبل البدء في الحديث عن تأصيل هذه الاتفاقيات في الفقه الإسلامي، أنبه على الحقائق التالية:
  • ‌أ- إن المسائل الواردة في هذا المطلب، والمتعلقة بالمعاملة في المعادن، والتي أشار إليها الفقهاء، وبخاصة المالكية -الذين استطاعوا انطلاقلً من مذهبهم في تملك المعادن([28])، وضع قاعدة عامة، تتفق مع طبيعة، وحجم الأموال العامة- يجب فهمها من خلال الإمكانيات المتاحة في تلك الحقبة الزمنية، وفي حدود تصورهم لكمية المعدن الممكن استخراجها من جوف الأرض، وتقديرهم لأهميته، ودوره الذي يمكن أن يؤديه في عملية الإعمار.
  • ‌ب- عدم تقدير حكومات الدول المالكة للنفط، قيمة تلك المادة، وأهميتها الاقتصادية، في الفترة الأولى قبل الحرب العالمية الثانية، إلى جانب فقدانها للخبرة الفنية، ورؤوس الأموال الكافية للمخاطرة بها([29]).
  • ‌ج- إن غالبية الامتيازات النفطية التي سبق أن منحتها الدول العربية إلى الشركات الأجنبية، قد تقررت في ظروف جد مختلفة، سواء على المستوى السياسي، أم الاقتصادي، أم الدولي، ذلك أن النفوذ الأجنبي، الذي كانت تدعمه مظاهر القوة المختلفة في المنطقة، كان وراء امتيازات النفط التي منحتها هذه الدول، وقد تدعم ذلك بانعدام الفرص أمام دول المنطقة، في الحصول على شروط تنافسية من شركات النفط، التي ارتبطت فيما بينها، واتفقت على وضع احتكاري لا تنافس فيه، تمثل في اتفاق الخط الأحمر الذي أبرمته. كان من نتيجة ذلك أن أتت الشروط الواردة في اتفاقيات الامتياز، مجحفة بحقوق، ومصالح الدول المالكة، ومفروضة من الطرف القوي، قد أخذ الغبن الذي لحق هذه الدول المضيفة شكل مزايا مختلفة، أعطيت للشركات الأجنبية([30]).
وأبدأ بالامتياز التقليدي، الذي أرجعه بعض الأساتذة الأفاضل إلى عقد الوكالة في الفقه الإسلامي، تأسيساً على أمرين اثنين:
أولهما: أن في إعطاء حق البحث عن البترول للشركة، يفيد إذناً من السلطة الشرعية في هذا العمل؛ لأن البحث والتنقيب في ملك الغير لا يكون إلا بإذنه، وموافقته.
الثاني: منح الشركة فرصة العمل على تنمية المورد البترولي وتصنيعه، وهذا معناه؛ الإذن في تصرف خاص، تقوم به الشركة المتفق معها. قال الدكتور يوسف الشال: "والظاهرتان اللتان تميزان هذه الاتفاقية، تجتمعان في توافق تام مع عقد الوكالة، إذ أن الوكالة إذن في تصرف خاص، أو تصرفات عامة، وهنا يعتبر إذن في تصرف خاص"([31]).
وقبل مناقشة هذا الرأي، عوداً على بدء، لأذكر بأن ولي الأمر، أو من ينوب منابه في حدود سلطته التقديرية، ومبتغياً تحقيق المصلحة العامة، مخير في إبرامه للعقود المتعلقة بموضوع المرافق العامة، بين العقود العامة أو العقود الخاصة.
والمعادن عموماً، والنفط موضع البحث، من أهم المرافق العامة للأمة الإسلامية اليوم، وأخطرها أثراً بلا شك.
وبقراءة متأنية لنصوص الاتفاقيات المبرمة في الفترة الأولى بين الشركات الأجنبية، والدول المنتجة للنفط، وخاصة العربية منها. نلحظ؛ أن هذه الاتفاقيات تقوم على الركائز التالية:
  • 1- صيغة الاتفاقية.
  • 2- العاقدان: وهما الدولة المضيفة، والشركة الأجنبية.
  • 3- موضوع الاتفاقية: المرفق النفطي.
  • 4- المقابل للحصول على الامتياز.
  • 5- عنصر الزمن.
وعند البحث عن نية السلطة الحاكمة من وراء إبرامها لهذه الاتفاقية، تتجلى فكرة المصلحة العامة، وخدمة هذا المرفق، حتى يسهم بحق في تحقيق عمارة البلاد.
وأما عن نية الطرف الثاني: فالأصل، أنه لم يقدم على هذه الاتفاقية إلا لوجود مصلحة محققة لصالحه، وهذا لا يمنع من خدمة المرفق موضوع الاتفاقية، ونظراً لاتصال هذه الاتفاقية بمرفق عام، فإن الجهة الإدارية تراعي اعتبارات خاصة فيما يتعلق بالمتعاقد معها؛ سواء من حيث الكفاية المالية، أم الكفاءة الفنية، وحسن السمعة، مما يتفرع عن ذلك أن صاحب الامتياز يلتزم شخصياً بتنفيذ العقد، ويحظر عليه التعاقد من الباطن، أو التنازل عن العقد، إلا بموافقة جهة الإدارة، فإذا ما تنازل صاحب الامتياز عن عقده بغير هذه الموافقة، ثبتت مسؤوليته العقدية، وحق للدولة توقيع أقصى العقوبات عليه؛ أي فسخ العقد، نص على ذلك في العقد، أم لا.
هذا إلى جانب سلطة الإدارة؛ في مراقبة تنفيذ المتعاقد معها لأحكام العقد، وتشمل هذه السلطة في مراقبة اتفاقية النفط، الحق في التفتيش، وزيارة موقع العمل، وطلب البيانات، والاحصائيات، وفحص الدفاتر، والأوراق، وغيرها كما تملك جهة الإدارة توقيع جزاءات على المتعاقد المقصر، واتصال الاتفاق بالمرفق العام، وضرورة الحرص على حسن سيره بانتظام، واطراد، يوجب أن تكون الجزاءات المترتبة على هذا الإخلال على قدر معين من الأهمية، والشدة، وأبرز ما يلفت الانتباه، ويرشد إلى طبيعة هذه الاتفاقيات، سلطة الإدارة في تعديل الاتفاق من جانبها وحدها، وبإرادتها المنفردة، وقد سلمت أكثر شركات الامتياز لاحقاً بهذه السلطة، وطبقت فعلاً على أكثر اتفاقيات الامتياز، وخاصة تلك المتعلقة بالنفط، كما حدث بالنسبة لتقرير قاعدة مناصفة الأرباح([32]
وقاعدة التخلي عن المساحات، واعتبار الريع جزء من النفقات، أو ما اصطلح على تسميته "بتنفيق الريع"([33])، وتستند الدولة في هذه السلطة -تعديل العقد- إلى قاعدة "تغير الظروف". والتي بموجبها يكون استمرار الطرفين في تنفيذ التزاماتهما، مرتبط ببقاء الظروف الجوهرية التي صاحبت إبرام الاتفاقية، دون تغير.
والتسليم باستمرار سير المرفق، وقابليته للتغيير، والتطور، وفقاً للتغيرات السياسية، والتطورات الاقتصادية، والعلاقات الدولية، وغيرها، يفترض مقدماً حصول تغيير في ظروف العقد، وملابساته، وطرق تنفيذه تبعاً لمقتضيات سير المرفق، وأن التعاقد يتم على أساس أن نية الطرفين انصرفت عند إبرام العقد إلى ضرورة الوفاء بحاجة المرفق المتطور، وتحقيق المصلحة العامة.
وعلاوة عن الحقوق السالفة الذكر، والتي تتمتع بها الإدارة، تملك إنهاء هذه الاتفاقية، واسترداد مرفق الامتياز، وهذا الاسترداد يختلف عن الفسخ، فبينما هذا الأخير؛ جزاء ينبني على ارتكاب المتعاقد لبعض المخالفات، فإن الاسترداد لا يستند لفكرة الجزاء، وإنما يترتب كحق أصيل لجهة الإدارة، في إنهاء عقد الامتياز قبل نهايته الطبيعية، دون خطأ من صاحب الامتياز، ومقابل تعويضه تعويضاً عادلاً. ولا يضر الدولة عدم التصريح بهذا الحق في الاتفاقية، مادمنا بصدد مرفق وثيق الصلة بالكيان الاقتصادي، والسياسي لكل دولة من حقها استرداده.
كما تقرر هذه الاتفاقيات لصالح صاحب الامتياز؛ ممارسة بعض مظاهر السلطة التي تمارسها جهة الإدارة عادة. مثل الحق في نزع الملكية، واستعمال الأموال العامة، والحق في إعفائه من بعض الضرائب، والرسوم، وغيرها([34]).
ومن ثم فقد ميزت الحقوق، والالتزامات، التي تقررها هذه الاتفاقيات -الامتياز النفطي- بخصوصيات هي أبعد ما يكون من عقود التبرعات، بل بعضها مناقض لمعنى التبرع.
وهذه النتائج، تتضمن بين طياتها، استبعاد كون هذه الاتفاقية النفطية -الامتياز التقليدي- عقد وكالة كما ذهب إليه بعض الباحثين وذلك:
  • 1- لتباين خصائص هذا العقد، وعقد الوكالة في الجملة.
  • 2- أن ظاهرة النيابة التي تضمنتها الاتفاقية، وكانت إحدى العلل التي اعتمد عليها في إلحاق هذه الاتفاقية بعقد الوكالة، موجودة كذلك في العقود العامة، لأن الأصل أن تقوم الدولة على خدمة المرافق العامة، وإيصال ثمارها، وفوائدها للأمة، فإن تخلت عن ذلك لأي سبب كان، أنابت غيرها في صورة شرعية معينة.
  • 3- والظاهرة الأخرى، التي تمسك بها الباحث في إرجاع هذه الاتفاقية إلى عقد الوكالة؛ هي؛ "منح الشركة فرصة العمل على تنمية المورد البترولي، وتصنيعه". ومتى كان استنزاف النفط تنمية له؟!!
إن موضوع الامتياز هو استغلال، يترتب عليه استهلاك المادة محل الامتياز، لأن ما ينتج من نفط بسبب الاستغلال، هو جزء من رأس المال، وليس من قبيل الثمار، أو الإيراد، وفي هذا يقول بلانيول: "إن ما يستخرج من منجم، أو محجر ليس من منتجات التربة، وإنما هو ذات التربة التي تؤخذ فالاستثمار يؤدي حتماً إلى النفاد"([35]).
وبمعنى أخر لهذه الترجمة: أن النفط لا يؤلف ثماراً تقطف لتعود، فتثمر بصورة موسمية، إذ أن الامتياز يقع على الزيت نفسه، وليس على ثمرته، إنه ليس استثماراً للزيت، بل هو الزيت بذاته، موضوع الاستثمار الممنوح الامتياز"([36]).
فأين هذه الحقيقة من الأصل المقرر في الوكالة من "أن الوكيل ممنوع من استغلال الموكل فيه لمصلحة نفسه"([37]).
  • 4- الأصل في الوكالة عدم اللزوم، فهي كما يسميها الفقهاء: "عقد جائز"، وذلك لأنها أحد عقود التبرعات من جهة الوكيل، ولا يتصور في التبرع اللزوم، ومن جهة الموكل إباحة تصرف، فلا يكون لازماً، لأنه قد يرى المصلحة في ترك ما وكل فيه، أو يرى المصلحة في توكيل شخص أخر غير الذي وكله. لذا فإن الموكل يستطيع إنهاء الوكالة متى رغب في ذلك، وكذلك للوكيل اعتزال الوكالة متى شاء، ومعظم الاتفاقيات النفطية لا تنص بنودها إلا على حق الشركة في إنهاء الاتفاقية في أي وقت شاءت.
فإن قيل بأن هذه وكالة بأجر، فتكون لازمة؟
أجيب بأن هذه المسألة قد وقع فيها الخلاف بين الفقهاء([38]) على قولين:
القول الأول: الوكالة عقد جائز، وإن كانت بأجر. وهو قول الجمهور.
القول الثاني: الوكالة عقد لازم إذا كانت بلفظ الإجارة، واجتمعت فيها شرائط الإجارة. وهو قول الشافعية.
والذي يظهر أن تسمية صورة هذا العقد وكالة، ضرب من التجوز، والأحرى أن يكون إجارة، وهذه الأخيرة لازمة.
وبعد هذا البيان، فإن العناصر التي تتكون منها عقود الامتياز النفطي، وخصائصها المميزة لها، محكومة في الفقه الإسلامي، بقواعد العقود العامة، والتي يرجع إليها في تأصيل هذا النوع من العقود، وهذه القواعد بعينها قد سبق بحثها تأصيلاً للعقد الإداري العام في الفقه الإسلامي، مع اختلاف نوع المرفق فقط دون غايته، حيث كان الأرض الزراعية هناك، وهو المعدن هنا أما باقي عناصر عقد الامتياز النفطي، فلا تخرج عن عناصر العقد العام في الفقه الإسلامي.
وتأكيداً لما انتهيت إليه في هذا الموضوع، ورفعاً لجانب من اللبس الذي قد يبقى يكتنف هذا العقد الوارد على معدن النفط، أذكر بأن العلماء -رحمهم الله تعالى- فرقوا بين قاعدة تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء وبين قاعدة تصرفه بالفتوى، وبين قاعدة تصرفه بالإمامة. وأوضحوا؛ أن المتصرف في الحكم الشرعي؛ إما أن يكون تصرفه فيه بتعريفه، وإما أن يكون بتنفيذه، فإن كان تصرفه فيه بتعريفه فذلك هو الرسول، إن كان هو المبلغ عن الله تعالى، وتصرفه هو الرسالة، وإلا فهو المفتي، وتصرفه هو الفتوى، وإن كان تصرفه فيه بتنفيذه؛ فإما أن يكون تنفيذه ذلك بفصل وقضاء، وإبرام وإمضاء، وإما ألا يكون كذلك، فإن كان ذلك كذلك فهو القاضي، وتصرفه هو القضاء، وان لم يكن ذلك كذلك، فهو الإمام، وتصرفه هو الإمامة. ومثلوا لهذا الأخير فيما لا خلاف فيه بين العلماء، بصرف أموال بيت المال في جهاتها، وعقد العهود للكفار ذمة وصلحاً، وتوزيع الاقطاعات في القرى والمعادن، ونحو ذلك. فلا يجوز لأحد الإقدام عليه إلا بإذن إمام الوقت الحاضر الذي عليه أن يراعي المصلحة زماناً، ومكاناً، وحالاً. وإذا اعتمد القضاء على الحجاج، واعتمدت الفتيا على الأدلة، فإن تصرف الإمامة الزائد على هذين، يعتمد المصلحة الراجحة، أو الخالصة في حق الأمة، وهي غير الحجة والأدلة، لأن الإمام هو الذي فوضت إليه السياسة العامة في الخلائق، وضبط معاقد المصالح، ودرء المفاسد، وتوطين العباد في البلاد، إلى غير ذلك مما هو من هذا الجنس([39]).
وقد نص الإمام ابن رشد الجد في خصوص المعادن: "أنها للإمام يقطعها لمن يعمل فيها، أو يعامل الناس على العمل فيها لجماعة المسلمين على ما يجوز له"([40]). فيكون هذا من قبيل التصرف بالإمامة.
فإذا فهم هذا، علم أن الفقه الإسلامي يقرر لولي الأمر، أو من ينوب منابه في غير القضاء، والفتيا، من السلطات ما يمكنه من تحقيق المصلحة الراجحة، فيما قام به نائباً عن الأمة، وممثلاً لها.
2- أما المقاولة([41]): والتي يقوم فيها صاحب الامتياز بالبحث عن البترول في المنطقة الممنوحة له خلال مدة معينة، مع تعهده بإنفاق مبالغ معينة كحد أدنى، وتمويل، وتنفيذ عمليات الإنتاج، والتصنيع بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية، مع تحمله وحده للمخاطر خلال مدة البحث، على أن تلتزم الدولة برد جميع النفقات، التي تكبدها المقاول في سبيل اكتشاف النفط، وتصنيعه، ويغلب أن يتم استرداد تلك النفقات عيناً، أو نقداً من حصيلة الزيت المنتج وعلى أقساط. أما المكافأة التي يحصل عليها المقاول، مقابل ما تعرض له من مخاطر، وما قدمه من استثمارات، تتمثل في منحه الحق في الحصول على حصة مجانية من البترول المنتج، أو الحق في شراء نسبة معينة منه، بسعر مخفض، يتفق مقدماً على أسس حسابه، وذلك طوال مدة التعاقد([42]).
وقد استند الدكتور يوسف الشال، وتبعه الدكتور عبد الله الرشيد على ظاهرة الإنابة هنا كذلك، مع إضافة عنصر استرداد أعباء التمويل، التي تنفقها الشركة في عملية التنفيذ، ليقررا؛ بأن عقد المقاولة هذا، هو عقد وكالة تحكمه ضوابطها، وشروطها([43]).
أما ظاهرة الإنابة، فقد تقدم التعليق عليها في عقد الامتياز التقليدي، أما استرداد الشركة لنفقات المشروع؛ فمن خلال صورة المقابل، الذي يحصل عليه صاحب الامتياز، يمكننا تحديد نوع العقد، على افتراض أننا نتعامل في إطار العقود الخاصة في الفقه الإسلامي. فالمقاول إذا استرد ما أنفقه على المشروع، وما تعرض له من مخاطر، في شكل نصيب معين من الإنتاج، نكون حينئذ أمام المسألة التي قاسها الإمام مالك -رحمه الله- على المساقاة، والقراض، ونسبت لابن قاسم في الموازية، واختارها الفضل بن سلمة([44])، معللاً ذلك "بأن المعادن لما لم يجز بيعها، جازت المعاملة فيها على الجزء منها كالمساقاة، والقراض"([45]).
وهو وجه عند الحنابلة ذكره صاحب المغني معللاً له: "بأنها عين -المعدن- تنمى بالعمل عليها، فصح العمل فيها ببعضه، كالمضاربة في الأثمان"([46]). فيقدم ولي الأمر، أو الجهة النائبة عنه المعدن، للجهة المستثمرة، ليكون لها جزء من النفط المستخرج، أو يكون هذا المعدن حصة مقدرة بقيمة في الشركة، ومما لا شك فيه أن الشركة متضمنة معنى الوكالة فإذا اعترض بما قرره في الامتياز التقليدي: "بأن عقد القراض أصله مال مدفوع من أحد الطرفين للتنمية، ومنتهاه ربح موزع بينهما".
رد بأن هذه مسألة خلافية، أصلها: "الاشتراك بالعروض". وللعلماء فيها ثلاثة مذاهب([47]).
  • - الأول: جواز الاشتراك بالعروض، وهو مذهب المالكية على خلاف بينهم في المضاربة، وإحدى الروايتين عند الإمام أحمد اختارها أبو الخطاب([48])، ورجحها ابن تيمية وهو مذهب طاووس([49]) وغيرهم.
  • - الثاني: تصح في المثليات من العروض عند المضاربة، وهو الأظهر عند الشافعية، ومحمد بن الحسن([50])، وذلك بعد اختلاطها، وكونها من جنس واحد.
  • - الثالث: لا تصح الشركة بالعروض مطلقاً، وهو مذهب الحنفية، وظاهر مذهب الحنابلة.
أما إذا كان المقابل الذي يحصل عليه المقاول نقداً، فالعقد إجارة صحيحة على ما نص عليه الفقه المالكي، فالمعدن غير النقد، يجوز دفعه عندهم بأجرة، ولو نقداً "فلو استأجره على أن ما يخرج لربه، والأجرة يدفعها ربه للعامل، جاز، ولو بأجرة نقد"([51]).
وما دفع به الدكتور يوسف الشال حين قال: "... إذ التعاقد مع الأجير يكون وارداً على منفعة يتحمل هو وسائل تقديمها للمستأجر، كمن استأجر إنساناً لحفر بئر، فإن على الأجير الآلات التي يستعملها في تنفيذ العملية، وكذلك إذا استأجر طبيباً لعملية جراحية، فإن عليه ما يلزم عادة لتنفيذ ما استؤجر عليه... وليس على المستأجر شيء من هذه الأعباء التي هي في مقابل الأجر"([52]). فلا يستقيم على عمومه لأن المنصوص عليه عند العلماء مرجع ذلك إلى العرف والعادة، جاء في المغني: "... لأن آلات العمل تكون من المستأجر... وجوز العمل على خلافه لمشقة حاصلة على المستأجر، أو للعادة الجارية في ذلك"([53]).
والأصح عند الشافعية أنه لا يجب حبر، وخيط، وكحل على وراق، وخياط وكحال... وصحح بعضهم أن مرجع ذلك إلى العادة([54])، والمرجع في ذلك عند المالكية كذلك إلى العرف، إلا أن يتشارطا في العقد، فالشرط حينئذ محكم([55]).
3- أما عقد المشاركة؛ التي تعني اشتراك الدولة، بجزء في رأس مال مع الشركة الحائزة على الامتياز، فتصبح معه الدولة مساهمة في هذه الشركة، ولها ممارسة أعباء، ومسؤوليات في الإدارة، إلى جانب مزايا أخرى تتمتع بها الحكومة في هذا النوع من العقود([56]). غير أن ما يحصل عليه صاحب الامتياز في هذا العقد، لم يختلف عن عقد المقاولة، مما يجعلنا نرجع في تأصيل هذا العقد، إلى تأصيل الصورة السابقة في عقد المقاولة وعلى كل، فنحن في كلتا الصورتين السابقتين، أمام عقدين، أريد بإبرامهما خدمة المرفق العام، وقد أناط الشارع خدمة هذا الأخير، بولي الأمر، ومكنه من الأسباب الكفيلة بتحقيق المصلحة للأمة، فقد نص العلماء على أنه "حيث يكون نظر المعدن للإمام، فإنه ينظر فيه بالأصلح جباية، وإقطاعاً"([57]). فيقطعها لمن يعمل فيها، أو يعامل الناس على العمل فيها، لجماعة المسلمين على ما يجوز له لمنافعهم([58]).
ومن ثم، فهو مخير بعد مشاورة أهل الحل، والعقد في هذا التخصص، في إجراء عقود الامتياز، في أي صورة كانت على وفق قواعد العقود العامة، أو على وفق قواعد العقود الخاصة، متى كان المختار أنفع للأمة، وأربح لها.
والباحث وهو ينتهي إلى هذه النتيجة، يرد بذلك فرية القاضي بمحكمة لاهاي الدولية، حين فصل في قضية الخلاف الذي وقع بين المملكة العربية السعودية، وشركة أرامكو بشأن مطالبة المملكة، شركة أرامكو العمل على تنفيذ مرسومها الملكي رقم 5737 الصادر في 9/4/1954م، والذي بمقتضاه تمت الموافقة على اتفاق، " أوناسيس" الموقع في 20/1/1954م ومنح هذا الاتفاق، أوناسيس الحق في أن يؤسس في السعودية شركة خاصة تحمل أسم "شركة ناقلات البترول البحرية السعودية ". فقد جاء في حيثيات هذا الحكم: "... إن القانون الواجب التطبيق هو قانون السعودية ... إن نظام الامتيازات التعدينية، ومن ثم الامتيازات البترولية، ظلت مجرد جنين (غير كامل التكوين)، في القانون الإسلامي، وكذا في المدارس الفقهية الإسلامية الأخرى.
أما بالنسبة لمدرسة الإمام أحمد بن حنبل، وهي المدرسة الفقهية الإسلامية المطبقة في السعودية، فإنها لا تتضمن قاعدة محددة خاصة بالامتيازات التعدينية بوجه عام، والامتيازات البترولية على وجه الخصوص"([59]).
وأبدأ من حيث انتهى إليه القاضي، لأنبه إلى أن المملكة العربية السعودية قد نصت وثائقها على أن الشريعة الإسلامية، هي مصدر سن أنظمتها، وليس مذهب الحنابلة خاصة.
دليل ذلك على سبيل المثال:
  • - جاء في البلاغ العام بتاريخ 28 ذي الحجة 1343هـ، والذي يقرر أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام، وأئمة المذاهب الأربعة هم القدوة ويكون العلماء المحققون من جميع الأمصار هم المرجع"([60]). وأتت التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية الصادر بتاريخ 20 صفر 1345هـ، التي تقضي المادة السادسة منها بأن الأحكام تكون في المملكة الحجازية منطبقة على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة، والسلف الصالح"([61]).
  • - الأمر السلطاني المؤرخ في 12/5/1343هـ، الذي نص على أن "الأمر في البلاد المقدسة شورى بين المسلمين، وأن مصدر التشريع، والأحكام، لا يكون إلا من كتاب الله وما جاء عن الرسول عليه السلام وما أقره علماء الإسلام بطريق القياس، أو أجمعوا عليه مما ليس في الكتاب والسنة"([62]).
وإذا أردت تعليقاً على هذه النصوص، أقول: بأن ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية، غير ملزمين باجتهاد مدرسة فقهية بعينها؛ بل بما ترجح لديهم من اجتهاد فقهي، مستند لقواعد، وأصول الفقه الإسلامي، في دائرته الواسعة، والمحقق لمصلحة الأمة.
وقد تبين فيما سبق عرضه، أن قواعد الفقه الإسلامي، تتسع لولي الأمر فيما أنيط به من مهام القيام على مصالح الأمة، يتخير منها ما يحقق أفضلها.
وقد أمدته -سواء من قواعد العقود العامة، أم من الاجتهاد المالكي- بما هو كفيل بإرساء مبادئ للعقود النفطية، وغيرها من عقود الامتياز يتعاقد على ضوئها من جهة، وتسمح للمجتهدين في هذا العصر الحديث، من بناء النظم الشرعية المتممة للهيكل النظامي، والإداري لهذه المرافق، والاتفاقيات المبرمة بشأنها من جهة ثانية.


المبحث الثاني
تأصيل عقد الامتياز في النظام
لقد اهتم الفقه الفرنسي، اهتماماً كبيراً بموضوع الامتياز عموماً، وأولاه الكثير من الأبحاث، والدراسات، التي تطورت مع الزمن، بتطور الحاجة إلى اعتماد الامتياز، كأداة قانونية تربط الدولة بأشخاص القانون الخاص([63]).
وقد أوضح "دولوبادير" أن فكرة الامتياز، قد تطورت تطوراً مهماً، عما كانت عليه في الأصل، خلال القرن التاسع عشر، وذلك لأن مفهوم "المرفق" لم يكن معروفاً كما هو اليوم، وكذلك لم تكن نتائج الأخذ بنظرية المرفق العام معروفة لدى علماء القانون الإداري، فلم يكن شائعاً في القرن المذكور، أن الامتياز لا يكون إلا عن طريق امتياز الأشغال العامة، الذي يتألف من القيام بعمل.
وبقي الحال كذلك إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث تطورت صناعة السكة الحديدية، وتوزيع الكهرباء، والغاز، فبدأ عندهم مفهوم من مقتضاه؛ أن الامتياز لا يتناول فقط إقامة بناء، أو القيام بعمل، بل واستغلال المرفق العام لمدة، وبشروط محددة تُراعى فيها المصلحة العامة([64]).
كما سادت في هذه الفترة، وإلى بداية القرن العشرين، فكرة؛ أن الامتياز هو مجرد عقد، ثم بدأ الفقهاء مع مطلع هذا القرن، ينتقدون هذه النظرية، ويثبتون أن عقد الامتياز، عند وضع قواعد تنظيم خدمة عامة، وتسييرها، إنما تكون له صفة تنظيمية، وتشريعية، وهو يضع قانون الخدمة، فهو في حالة طبيعية تنظيمية، لا تعاقدية.
وبذلك يكون لعقد الامتياز طبيعة مزدوجة، فهو ضمن الحدود، والشروط التعاقدية، إنما يشكل عقداً، وأما فيما يتعلق بالشروط التنظيمية فهو يشكل ما يسميه "دوجي": "العقد المشروط" أو "العمل المشروط" ومع هذه الازدواجية يبقى عقد الامتياز بحد ذاته عقداً إدارياً يتوخى مصلحة عامة، ومصدره القانوني؛ هو الدستور، إذ يُعطَى بقانون لا بمرسوم، أو بقرار([65]).
وهي النتيجة نفسها التي انتهى إليها القانون المصري، استناداً لتوافر شروط العقد الإداري في عقود الامتياز، وهي؛ وجود الإدارة دائماً طرفاً في العقد، ولاتصاله المباشر بسير المرفق العام، وتضمنه شروطاً غير مألوفة في العقود المدنية([66]).
لهذه الصلة الوثيقة بين المرفق العام، وعقد الامتياز، كان هذا الأخير أول العقود التي نص عليها واضع القانون المصري على اختصاص محكمة القضاء الإداري المصرية بالنظر في المنازعات المتعلقة بها([67]).
والسؤال المطروح بشأن الامتياز النفطي:
هل تنطبق طبيعة الامتياز العادي (خدمة عامة)، على الامتياز النفطي؟
وللجواب عن هذا السؤال، يجب الرجوع للأنظمة الخاصة بالنفط.
فالوضع القانوني لحامل الامتياز البترولي في فرنسا، ليس وضعاً تعاقدياً بصورة كاملة، وإنما هو وضع مركب، تمتزج فيه العناصر التعاقدية، بالعناصر التنظيمية([68]).
لكن هذا الوجه التعاقدي، هل هو عقد إداري، أم أنه من العقود الخاصة المبرمة بين الدولة، وأحد أشخاص القطاع الخاص؟
ينص القانون الفرنسي صراحة، على أن مجلس الدولة، هو الجهة القضائية المختصة بالنظر في المنازعات المرتبطة بالامتيازات النفطية، علماً أن الفرصة لم تتح للمحاكم الإدارية، بأن تصدر أحكاماً مباشرة في هذا الصدد، تفصل فيها في الطبيعة القانونية للعقد موضع البحث، اللهم إلا الحكم الصادر في قضية "ديزيقلاس" بتاريخ 22/7/1926م، وكان الموضوع، يدور حول ما إذا كان الامتياز التعديني -ومنه النفط- هو امتياز أشغال عامة، أم لا؟ فقد ورد تقرير مفوض الحكومة أمام المجلس، وهو التقرير الذي تبناه المجلس "في امتياز التعدين، هو عقد إداري بالفعل، ولكننا لسنا أمام امتياز أشغال عامة"([69]).
أما شراح القانون الفرنسي المعاصرين، فإنهم كذلك يعدون العقد موضع البحث، عقداً إدارياً، دون أي جدل يذكر. فالجدل، إنما يدور فقط حول إدراج الامتياز التعديني، ضمن أي فئات العقود الإدارية: مرافق عامة، أم أشغال عامة؟([70]).
والظاهر أن امتياز النفط لا يمكن نسبته لأي فئة من الامتيازات الإدارية المعروفة، جاء في أحد نصوص مجلس الدولة الفرنسي: "ليس هناك من مطابقة بين امتياز الخدمة العامة -حيث تمنح السلطة الإدارية شركة خاصة، مهمة إدارة مرفق عام بشروط محددة، ولمدة من الزمن- وامتياز التعدين، أو استخراج النفط، والذي بواسطته توجد السلطة العامة ملكية لشركة خاصة، تحكمها أنظمة محددة"([71]).
إن السلطات التي تملكها الدولة في الامتياز البترولي، وهدف الربح الذي يوجه الاستغلال البترولي إلى حد واضح، حدا بكثير من شراح القانون الفرنسي إلى تصنيفه ضمن المشروعات الخاصة ذات المنفعة العامة([72]).
وهذا الرأي ترده طبيعة ملكية النفط، التي تحتفظ معظم دول العالم بملكيتها وتنص على أنها ملكية إدارية، وذهب آخرون إلى أن امتياز البترول؛ اتفاقية تأخذ في طبيعتها القانونية مميزات العمل آحادي الطرف؛ كون الدولة ذات السيادة هي التي تمنح الامتياز، من جهة، ومن جهة ثانية تعتبر عقداً، لكونها تتطلب موافقة متبادلة، لإرادة كل من الدولة، وصاحب الامتياز([73]).
وبالرجوع قليلاً إلى الوراء، وإلى ما قرره شراح هذه المدرسة في معيار التمييز بين العقود الإدارية، والعقود الخاصة، نجدهم ينصون على أن العقد إذا توفرت فيه شروط غير مألوفة في العقود الخاصة، اعتبر عقداً إدارياً، ومن ثم، فبعد وجود الإدارة طرفاً في العقد، وتعلق موضوع العقد بمرفق عام([74]) في غير مدلوله التقليدي، يبقى البحث عن هذه الشروط غير المألوفة في اتفاقيات البترول، مع عدم اشتراط التنصيص عليها في وثائق العقد.
وفيما سبق ذكره من سلطة الإدارة في تعديل الاتفاقية استناداً لقاعدة تغير الظروف، وحقها في استرداد المنجم النفطي، أو تأميمه، ما يجعلنا لا نتردد في إثبات توافر الشروط غير المألوفة في اتفاقيات البترول، واعتبار هذه الأخيرة عقداً إدارياً. وفي هذه النتيجة رد لتدويل العقد النفطي، وهو الذي ذهبت إليه طائفة من شراح القانون الوضعي، وهي النظرية التي تبنتها بريطانيا في النزاع بينها، وبين إيران عند تأميم البترول الإيراني([75]).
أما في مصر فقد جمعت أنظمتها في موادها المختلفة بين امتياز الثروة الطبيعية، وغيرها من عقود الامتياز؛ فنجد دستور سنة 1952م يقرر في المادة (137) منه على أن "كل التزام موضوعه استغلال مورد من موارد الثروة الطبيعية في البلاد، أو مصلحة من مصالح الجمهور، وكل احتكار لا يجوز منحه إلا بقانون، وإلى زمن محدد"([76]).
كما ينص دستور سنة 1956م في مادته (98) على أنه: "ينظم القانون القواعد، والإجراءات الخاصة بمنح الالتزامات المتعلقة باستغلال موارد الثروة الطبيعية، والمرافق العامة"([77]).
وكذلك المادة (72) من دستور 1964م والتي جاء فيها: "ينظم القانون القواعد، والإجراءات الخاصة بمنح الالتزامات المتعلقة باستغلال موارد الثروة الطبيعية، والمرافق العامة"([78])، واستناداً إلى هذه المنهجية التي سلكها المقنن المصري في الجمع بين امتياز المرافق العامة، وامتياز موارد الثروة الطبيعية، والنفط أحد أهم عناصرها، ننتهي إلى أن الامتياز النفطي لا يخرج عن مجموعة العقود الإدارية، التي ينظمها القانون الإداري المصري.


الفصل الثاني
تعريف عقد الامتياز
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: تعريف عقد الامتياز في الفقه.
المبحث الثاني: تعريف عقد الامتياز في النظام.
المبحث الأول
تعريف عقد الامتياز في الفقه
تأسيساً على ما سبق بيانه يمكن تعريف عقد الامتياز النفطي في الفقه الإسلامي بأنه: "عقد الامتياز: هو عقد يبرمه ولي الأمر، أو من ينيبه، مع جهة خاصة، وفق قواعد العقود العامة، بشأن مرفق من المرافق العامة، من أجل تحقيق مصلحة للأمة".
  • - يبرمه ولي الأمر، أو من ينيبه: والمراد من ينوب عنه في هذا الأمر كالجهة الإدارية مثلاً.
  • - مع جهة خاصة: فرداً كان، أو شركة.
  • - وفق قواعد العقود العامة: لأننا انتهينا في تأصيل عقد الامتياز؛ إلى أنه نوع من العقود العامة، فنجري عليه قواعدها.
  • - أو الخاصة لأن ولي الأمر كما تقرر مخير في إبرامه للعقدين بين العقود العامة أو الخاصة مبتغياً من وراء ذلك تحقيق المصلحة العامة.
  • - من أجل تحقيق مصلحة للأمة: لأن هذه هي الغاية من التعاقد، لخدمة المرافق العامة.
المبحث الثاني
تعريف عقد الامتياز في النظام([79])
عرفه القانون الفرنسي: "بأنه عقد تمنح بموجبه الدولة الجهة صاحبة السيادة لشخص ما، إمكانية، من أجل استثمار مرفق عام، أو مؤسسة لها صفة النفع العام"([80]).
وظل عقد الامتياز في مصر بدون تنظيم تشريعي خاص، حتى صدور قانون التزامات المرافق العامة رقم (129/ في 21 يوليو 1945م، ثم إن هذا الأخير لم يعرفه، ولكن جاء تعريفه في المادة (668) من القانون المدني بأنه: "عقد الغرض منه إدارة مرفق عام ذي صفة اقتصادية، ويكون هذا العقد بين جهة الإدارة المختصة بتنظيم هذا المرفق، وبين فرد، أو شركة يعهد إليها استغلال المرفق فترة معينة من الزمن"([81]).
ثم عرفته محكمة القضاء الإداري المصرية في حكمها الصادر في 25 مارس 1956م بقولها: "... إن التزام المرافق العامة، ليس إلا عقداً إدارياً يتعهد أحد الأفراد، أو الشركات بمقتضاه بالقيام على نفقته، وتحت مسؤوليته المالية بتكليف من الدولة، أو إحدى وحداتها الإدارية، وطبقاً للشروط التي توضع له، بأداء خدمة عامة للجمهور، وذلك مقابل التصريح له، باستغلال المشروع لمدة محددة من الزمن، واستيلائه على الأرباح..."([82]).
وقد استقى الأستاذ الطماوي تعريفه لعقد الامتياز من هذين التعريفين فقال: "عقد الامتياز: عقد إداري يتولى الملتزم -فرداً كان، أو شركة- بمقتضاه وعلى مسؤوليته، إدارة مرفق عام اقتصادي، واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين، مع خضوعه للقواعد الأساسية لسير المرافق العامة، فضلاً عن الشروط التي تضمنها الإدارة عقد الامتياز"([83]).


الخاتمة
ونلخص إلى:
  • 1- سبق الفقه الإسلامي إلى معرفة العقود العامة (العقود الإدارية) وتمييزها عن غيرها من العقود.
  • 2- وأن خصائص العقود العامة متوافرة في العقود النفطية، ومن ثم أمكن تحكيم قواعد العقود العامة عليها.
  • 3- أن ولي الأمر يخير في إبرامه للعقود النفطية بين عمله بالعقود العامة أو العقود الخاصة محكوم في ذلك بقاعدة "تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة".
  • 4- أن عقد الامتياز (العقود النفطية) راجعة في تأصيلها في الفقه الإسلامي إلى:
  • - قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)([84]).
  • - وإلى فعله صلى الله عليه وسلم مع يهود خيبر في خصوص الأرض المفتوحة.
  • - قواعد السياسة الشرعية في مسألة التولية وتمييز بين حقوق المولي والمولى.
كما أرجع رجال القانون سواء في فرنسا أو في مصر عقد الامتياز إلى العقد الإداري بتوجيه المصلحة العامة، ومصدره القانوني ألا وهو الدستور.
  • 5- عرفت عقد الامتياز بأنه عقد يبرمه ولي الأمر أو من ينيبه مع جهة خاصة، وفق قواعد العقود العامة أو الخاصة بشأن مرفق من المرافق العامة من أجل تحقيق مصلحة للأمة.
  • 6- ومن ثم أمكن تعريف العقد النفطي: بأنه عقد يبرمه ولي الأمر أو من ينيبه مع جهة خاصة، وفق قواعد العقود العامة، أو الخاصة بشأن مرفق النفط من أجل تحقيق مصلحة للأمة.
  • 7- وعرف رجال القانون الفرنسي عقد الامتياز بأنه: "عقد تمنح بموجبه الدولة لشخص ما إمكانية من أجل استثمار مرفق عام، أو مؤسسة لها صفة النفع العام".
أما الأستاذ الطماوي فقال في تعريفه: "عقد إداري يتولى بمقتضاه وعلى مسؤوليته إدارة مرفق عام اقتصادي، واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين، مع خضوعه للقواعد الأساسية لسير المرافق، فضلاً عن الشروط التي تضمنها الإدارة عقد الامتياز".
  • 8- مرونة الفقه الإسلامي، وقدرته على استيعاب الصور المتجدِّدة للمعاملات المالية من خلال قواعده العامة والخاصة.
  • 9- تقصير المنشغلين بالفقه الإسلامي في إعطاء جملة من الميادين الحساسة ذات الأثر الخطير على اقتصاد الأمة وسيادتها حقها في البحث والدراسة من حيث التنظير والتأصيل والتنظيم، والمرفق (موضع الدراسة) الذي بين أيدينا واحد منها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.



فهرس المراجع
  • - ابن العربي أبو بكر محمد بن عبد الله الإشبيلي، أحكام القرآن، مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر ط الثانية، سنة 1387هـ.
  • - ابن رجب أبو الفرج عبد الرحمن، القواعد، الناشر مكتبة الكليات الأزهرية، ط الأولى، سنة 1392هـ.
  • - ابن العماد عبد الحي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت.
  • - ابن تيمية أحمد بن عبد الحليم، الفتاوى، منشورات الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الرياض.
  • - ابن رشد أبو الوليد محمد بن أحمد، المقدمات الممهدات، تحقيق د. محمد حجي، مطبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط الأولى، سنة 1408هـ.
  • - ابن عابدين محمد أمين بن عمر، حاشية رد المحتار على الدر المختار، مطبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، سنة 1407هـ.
  • - ابن فارس أبو الحسن أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون، الناشر مطبعة دار الفكر، بيروت، سنة 1399هـ.
  • - ابن فرحون إبراهيم بن علي، تبصرة الحكام، مطبعة دار الفكر العلمية، بدون رقم وسنة الطبع.
  • - ابن قدامة أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد المقدسي، المغني، تحقيق عبد الله التركي وآخرون، مطبعة هجر، القاهرة، ط الأولى، سنة 1405هـ.
  • - ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، مطبعة دار صادر، بيروت، ط الأولى، سنة 1401هـ.
  • - البابرتي محمد بن محمد، العناية شرح الهداية.
  • - البعلي عبد المجيد محمود، الطبيعة المميزة للعقود وضوابطها في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، الناشر مكتبة وهبة، القاهرة، ط الأولى، سنة 1413هـ.
  • - البهوتي منصور بن يونس، كشاف القناع، بعناية هلال مصلحي هلال، الناشر مكتبة النصر الحديثة، الرياض، بدون رقم وسنة الطبع.
  • - الجرجاني علي بن محمد، التعريفات، مطبعة مصطفى البابي الحلبي سنة 1938م.
  • - الجصاص أبو بكر، أحكام القرآن.
  • - الحطاب أبو عبد الله محمد بن محمد، مواهب الجليل، مطبعة النجاح، طرابلس، بدون رقم وسنة الطبع.
  • - الدردير أبو البركات أحمد بن محمد، الشرح الصغير، تعليق مصطفى وصفي، مطبعة دار المعرفة، مصر، بدون رقم وسنة الطبع.
  • - الدرعان عبد الله، المدخل للفقه الإسلامي، مكتبة التوبة، الرياض، ط الأولى سنة 1413هـ.
  • - الدسوقي محمد بن عرفة، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، مصطفى محمد، طبع سنة 1355هـ.
  • - الذهبي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان، السير أعلام النبلاء، تحقيق الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، ط الثانية، سنة 1402هـ.
  • - الرازي محمد بن أبي بكر، مختار الصحاح، مؤسسة علوم القرآن، دمشق، طبعة سنة 1398هـ.
  • - الرشيد عبد الله بن عبد الرحمن، الأموال المباحة وأحكام تملكها في الشريعة الإسلامية، مطبعة شركة الطباعة، المملكة العربية السعودية، الرياض، ط الأولى 1404هـ.
  • - الزركشي أبو عبد الله محمد بن بهادر، المنثور في القواعد، تحقيق تيسير محمود، مطبعة مؤسسة الخليج، الكويت، ط الأولى، سنة 1402هـ، منشورات وزارة الأوقاف.
  • - الشال يوسف بن عبد الهادي، المعادن والركاز في الشريعة الإسلامية، رسالة مقدمة لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر مطبوعة على الاستنسل.
  • - الطبري محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل القرآن، تحقيق محمود شاكر، مطبعة دار المعارف، القاهرة.
  • - القرافي أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس، الفروق، مطبعة دار إحياء الكتب العربية، ط الأولى، سنة 1346هـ.
  • - الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، طبعة دار البشائر، بيروت، ط الأولى سنة 1416هـ.
  • - الكاساني أبو بكر بن مسعود، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، مطبعة دار الكتاب العربي، بيروت، ط 29 سنة 1402هـ.
  • - الماوردي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب، الأحكام السلطانية، مطبعة دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1398هـ.
  • - النووي أبو زكريا يحيى بن شرف، روضة الطالبين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط الأولى، سنة 1312هـ.
  • - حسين سيد عبد الله علي، اقتصاديات البترول، مطبعة دار النهضة العربية.
  • - شلبي مصطفى، المدخل لدراسة الفقه الإسلامي، ط الأولى، دمشق.
  • - طعيمة الجرف، القانون الإداري، مطبعة دار النهضة العربية، القاهرة، ط الرابعة، سنة 1978م.
  • - عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، مطبعة النهضة العربية، القاهرة، طبع سنة 1965م.
  • - عشوش أحمد عبد المجيد، النظام القانوني للاتفاقيات البترولية في البلاد العربية، مطبعة الشركة المتحدة للنشر والتوزيع، القاهرة، طبع سنة 1974م.
  • - عزيزة الشريف، دراسات في نظرية العقد الإداري، الناشر دار النهضة العربية، مطبعة جامعة القاهرة، سنة 1981م.
  • - غسان رباح، العقد التجاري الدولي (العقود النفطية) مطبعة دار الفكر اللبناني، ط الأولى، سنة 1988م.
  • - محمد سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود، مطبعة دار الفكر العربي، مصر، طبعة سنة 1984م.
  • - درويش حسين، السلطات المخولة للجهة الإدارية في العقد الإداري، مطبعة الأنجلو مصرية، القاهرة، ط الأولى، سنة 1961م.
  • - زهدي يكن، القانون الإداري، طبعة بيروت 1966م.
  • - محمود حلمي، العقد الإداري، مطبعة دار الفكر، ط الثانية، سنة 1970م.

م.ابراهيم 06-04-2009 05:45 PM

رد: شرط التحكيم في العقود النفطية
 
ســـــــــــــــــلام

الاخت sabrinna
عضوة بفريق العمــــل بالمنتدى
يعطيك الصحة على الحضور المستمر
و المجهود المميــــــــــــــــــــــــــــــــز

شكرا


الساعة الآن 05:50 PM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى