|
◆ حَــفَّــارٌ وَخَــيَّــاطَــةٌ
حَــفَّــارٌ وَخَــيَّــاطَــةٌ قال الراوي يُحَدّثُ نفـسَه : فُلان وفلانة ، أَعْـرِفُهما كما أعـرف أولادي وبناتي .. فَـلا أحدَ يُشكّكني في أمرهـما العُـجَاب .. لولا نفسي التي اطَّلعـتْ عـلى حقيقـتهما لمَّا صدّقتُ ناقلَ الأُحدوثة .. كائناً مَن كان !! ألاَ يُصيبُك الدُّوَارُ والإغـماء أيها الرّأس : فُـلان حَـفّـارُ قُـبور .. وفلانة خَيّاطةُ أكفان .. تعَـارفا ، فَـتَحابَّا ، فـتزوَّجا .. ثم سَـكَنا منزلاً بسيطًا بجوار مقبرة القرية .. عـلى بُعـد أشبار منها ليس إلاّ ! ثمّ .. ثمّ .. أيْن أنت يا رأسي .. أَفْـتِـني في رُؤيايَ إنْ كنتَ لتأويل أحلام النهار من العَـالِمين .. لقد أنجبا الزوجان صِـبْـيَةً وصَـبَايَا .. ويعـيشان صُبْـحَـهم ومساءَهم ، في شتائهم وصيفهم ، وكأنه لا يَـدُبُّ عـلى الأرض مَن هـو أسعـد منهـم ! أفَـسِحْـرٌ هـذا ؟؟ .. هـل هـي بَركة حَفْـر القُـبور وخِـيَاطة الأكفان ؟! صحيحٌ أنهما لا يُظهـران للناس فَـرحهـما بموت الأحياء .. ولكن الحقيقة لا تسـتـتر إلاّ عـلى ساذج أو أحمق .. ألاَ تَـرى ــ يا مُخَّ الجرادة ــ كيف تنشرح نفوس صغـارهـما ، رغـم تتابع الجنائز ورؤية أشباح الموت .. ؟! أم هـي قـسمة الحُـظوظ والأرزاق .. أم هـو أمر فـوق التفسير والتأويل .. أم ماذا.. ولماذا .. وكيف حَـدث هـذا ؟! أليس أَنفع لك لو تُعـرض عـن هـذا الأمر ، وتُخرس وسواسَـك الثرثار ، ولا داعي لشراء الصُّـداع ؟! ألاَ تَذْكُـر مَن جَادلك في قرية الجِـوار في شأن الزوجين ، وخاطبكَ ــ هـازئًا رافِعَ الصوت ــ : أوهـام قَرويين ، وما ينبغـي لها أن تكون ! ولكن سَـامعًا كان حاضـرًا ، وكان حاضـر البديهة .. تَدخّل بصوت أرفع ، يُجادل الرجـل : اِسمع يَا زاعـم المستحيلات .. الحقّ والحقّ أقول : إنّ المستحيل يعـيش ويسكن في رؤوس المتفلسفين .. ثمّ إن هـذا ليس أمرا يستحيل وجوده .. أم تحسب أنّـنـا نريد أن نرفع اسم قريتنا .. ولو بذكر المقابر والحفّارين ؟! صَـدِّقْ أو لا تُصدّق فالأمر سـيّان .. خَـرِسَـتْ لَـعَـمْـرُ اللَهِ أَلْـسُـنُـنَا ---- لَـمَّـا تَـكَـلّـمَ فَـوْقَـنَـا الْـقََـدَرُ ! |
رد: ◆ حَــفَّــارٌ وَخَــيَّــاطَــةٌ
أسلوب رائق و دافيء و يقتحم القلوب دون استئذان..
سلم لنا يراعك أخي . و دام ابداعك:13::13::13::13: |
رد: ◆ حَــفَّــارٌ وَخَــيَّــاطَــةٌ
مرحبا بالأخ الأستاذ مصطفى .. ولك الشكر الأخوي عـلى تصفُّحك الكريم .. وتشجيعـك الجميل . إنْ هي إلاّ ( قُـصَيصَةٌ مُـخَـرْبَشَة ) .. ولعـلّ ما ميّزها : اقتران زوجين غـير عـاديين في المجتمع ، وسعـادة ذريتهما ، رغـم تزاحم الأضداد في يومياتهم ! والغـريب أنّ العَـرب ، من قديم ، يقولون : « أَشْـأَمُ مِنْ حَـفَّار » ! ويقـصدون حفّار الـقبور .. رغـم أنّ صاحب هـذا العـمل بريء ، ولا دَخل له في التأثير عـلى آجال النّاس وأحوالهم .. ولعـلّهم يُفضلون الحفّار المتطوع عـلى الحفّار المحترف ! وربما مثل ذلك يُقال عـن خيّاط أو خيّاطة الأكفان .. |
رد: ◆ حَــفَّــارٌ وَخَــيَّــاطَــةٌ
شكرا جزيلا أستاذ رشاد
نص ينتمي لفن المقالة بأسلوب قوي سعدت بالقراءة |
رد: ◆ حَــفَّــارٌ وَخَــيَّــاطَــةٌ
تحية متبادلة مع الأخ الأستاذ ( عَـلي قوادري ) وشكرا عـلى المرور الكريم والتعـقيب اللطيف . :7: |
| الساعة الآن 10:41 PM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى