على رصيف الميترو
:13::13::13::13::13: على رصيف الميترو:20::20::20::20::20::20::20: استطاعت أن تهرب من ذكرياتي و تنسلخ من أفكاري بعد لأي.. ليس سهلا أن يتخلص المرء من أنوار البدر في ليلة حالكة. و ليس بالأمر الهين أن يسحق المرء أزهار القرنفل بين أنامله في لحظة احباط و انكسار. نسيتها بعد وجع و ألم... سمية كانت صفحة مضيئة بين صفحات حياتي. لقد كانت بصدق كل حياتي. هاهي تظهر فجأة في محطة – الميترو - و تنتشلني من الحاضر لتقذف بي نحو الماضي البعيد. نسيت ضوضاء الميترو و جلبة المسافرين و رائحة المطر التي تداعب أنفي. نسيت كل تلك الأشياء و عانقني طيف سمية مرة أخرى. انسلخت عشرون سنة من عمر كوكب الأرض. لكن سمية لا تزال فاتنة و غضة و متمردة مثل تفاح دمشق. نسيت طعنات الماضي و انكساراته. و من هناك رجعت سمية مرة أخرى لتستقر بين أسوار عواطفي مثل الجميلة كليوباترة.. جميل أن ينتشي القلب مرة أخرى بكأس المحبة و العشق بعد سنوات من العطش و الظمأ. منذ عقدين تقريبا كانت سمية أول غرام يطرق حيطان قلبي. و يغرس براعم الياسمين فوق صدري. كانت صبية جميلة يوم تسللت إلى شرايني و عروقي بدون استئذان. في تلك اللحظة الحميمية ولد بداخلي شاعر و رسام و كاتب و نحات و فنان و مخترع و و...يومها صنعت سمية مني إنسانا عظيما. إنسان يتنفس ضوء القمر و يمحو ملحمة الصقيع و يرسم وردة متألقة فوق صفحة السماء... منذ عقدين اتفقنا أنا و سمية على الزواج و إنجاب أكبر قدر من الأطفال. و نتحدى سياسة الحكومة " بالحد من النمو الديموغرافي" لقد كانت أحلامنا صبيانية أحيانا. لكن سمية كسرت أحلامنا و نسفت مشاريعنا البريئة. رمقتها ذات صباح مع زميلها في مقهى الجامعة. كانا يتبادلان وردتين حمراوين. المشهد كان بمثابة خنجر صديء اخترق أحشائي.. و بعد عشرين عاما. ها هي سمية تظهر مرة أخرى على رصيف الميترو. جميلة و أنيقة رغم مرور السنوات.. نبض قلبي رغما عني. تبددت جراحاتي القديمة..و قفزت فوق أوجاعي . في هذه اللحظة المقدسة أيقنت أن المرأة الوحيدة التي يمكن أن تقرأ أبجديات مشاعري هي سمية و حسب. كانت جالسة هناك فوق المقعد تنتظر قدوم قطار الميترو... شعرها المخملي مسترخي فوق كتفيها في وقار و سكينة. و أناملها الجميلة تقلب صفحات كتاب سميك. قررت أن أجدد العهد مع سمية. لكنني تقهقرت إلى الوراء مذعورا و تمتمت قليلا: - ماذا لو لم تتذكرني سمية و أنكرتني و ربما صرخت في وجهي – - بييييييييييييييييييييييييييييييب – صافرة القطارات بددت شرودي. و سمية لا تزال قابعة فوق المقعد الخشبي. قلت بيني و بين نفسي متفائلا : - ربما الأقدار هي التي دفعت سمية في طريقي حتى نلتقي مرة أخرى و يلتئم شمل العاشقين بعد سنوات الجفاء – مشيت بهدوء صوب عشقي القديم. وقفت أمام سمية و صممت أن أطرق الأبواب مرة أخرى. - صباح سعيد سمية – هتفت برباطة جأش. أغلقت المرأة الكتاب و تطلعت نحوي بجفنين رائعين. همست بيني و بين نفسي : - لقد أمست سمية أكثر نضجا و أنوثة – خيم صمت طويل بيننا..ثم انتصبت سمية و قد أشرقت الابتسامة من شفتيها و صافحتني قائلة : - عزيزي حكيم. مصادفة جميلة حقا. لقد اشتقت إليك كثيرا – ضغطت مليا على أصابعها الدافئة . لقد شعرت بفرحة عارمة و دفء يستطيع أن يذيب القطب المتجمد بأكمله. و أحسست أن قرص الشمس قد استقر فوق يدي. و مستحيل أن يفلت مني مرة أخرى... لقد كان صوتها رخيما و دافئا و حالما أيضا. لكن صوتا –ذكوريا- يقطع علينا هذه النشوة الرائقة. الرجل كان يتصبب عرقا و يضم صبيا إلى صدره و يحمل حقيبة ضخمة. و خاطب سمية دون أن يحفل بي قائلا : - معذرة على التأخر يا حبيبتي. فالحقيبة كانت ثقيلة جدا و الصبي يأبى المشي -:15::15::15::15::15: |
الساعة الآن 03:07 PM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى