هل كان العلاَّمة ابنُ باديس وإخوانُهُ يُـقرُّونَ بأصل الطرق ؟ بقلم : سمير سمراد
هل كان العلاَّمة ابنُ باديس وإخوانُهُ يُــقرُّونَ بأصل الطرق ؟ بقلم : الشَّيخ سمير سمراد – حفظه الله [ مبحث مستل من الكتاب الفذّ : مَواقِفُ المُصْلِحِينَ الجَزَائِريِّينَ مِنْ رُسُومِ المتُصَوّفِينَ وَأَوْضَاعِ الطُّرقيِّينَ ] بسم الله الرحمن الرحيم وقد أخطأ الفهم من رأى رجال " الإصلاح السَّلفي " في الجزائر ، يفيضون في نقد آثار الطرق ، ويفضحون مخازيها في الدين والدنيا ، أخطأ من حسب أنهم لم يكونوا يحاربون أصل هذه الطرق ، وإنما يحاربون المعوجَّ منها ، ويَعيبُون فقط الانحراف الذي طرأ عليها ! بل هي في أصلها ومبدإِ أمرها انحرافٌ عن طريقة محمد صلى الله عليه وسلم ، واعوجاجٌ عن سبيل المؤمنين ولعلَّ الذي دفع بهؤلاء إلى هذا الخطأ في التصور ثم الحكم – هو بعض المواقف التى صدرت عنهم : من مسالمةٍ لبعض الطرقيين ، أو إبداء الاستعداد للتعاون معهم إذا لم يكونوا مُسَيِّرين من طرف الاستعمار ! ونقول جوابًا عن ذلك : تلك كانت مواقف عملية ، اجتهادية فيها ، وقدَّرُوا فيها لكل مرحلة ما يناسبها ، ثم إنهم كانوا في ذلك يسيرون على نهج التدرج والتقدم في الإصلاح على مراحل ، فرأوا في سبيل إرجاع الطرقيين إلى الحق ، والتفاهم معهم ، أن يخطوا بهم خطوة بعد خطوة ، وإلاَّ فالرجوع الكامل دفعة واحدة إلى السنة ومجانبة البدعة ، وتَــبَنـِّي السَّلَفِيَّةِ الحقَّة ، أمرٌ لا يكاد يتحقق وقوعه ؟ - إلاَّ نادرًا - . هذا مع علمهم أن الإصلاح والعمل بالتوحيد والسنة، لا يَـــتَأتَّـى مع هذه الطرق، ومهما حاول المحاولون لإقرار هذه الأوضاع، وادعاء صلاحيتها، فإن " الإسلام الصحيح " لا يُقِــرُّهَا ولا يعترف بها جميعهَا، " فطريقة الإسلام واحدة، فما حاجة المسلمين إلى طرق كثيرةٍ " . ومما يقوي هذا الذي ذكرته ، ما سلكه الشَّيخ [ السَّلفي ] (أ) أبو يعلى الزواوي في كتابه : " الإسلام الصحيح " ، وقد أفصح عن طريقته فيه ، فقال : " ... أردنا أن نحمل شعار الإسلام المعتمد من الكتاب والسنة وما كان عليه السلف أصحاب خير القرون ، وما لا فنضرب به عرض الحائط ، كفانا من التكاليف والتقاريع وحمل الأثقال ، وقيل وقال ، وكثرة المذاهب والشياع والطرق ونحو ذلك من التزام ما لا يلزم مما حمل الأمة أثقالاً على أثقالها ، فإن الخلاف القائم الآن بين الوهابيين والإصلاحيين السَّلفيين (1) من جهة ، والمتصوفة وعامة الأمة من جهة – له التفات وسيعظم شأنه بطول الزمان والله أعلم ، ولله عاقبة الأمور ، وإنما يلزم حسن التفاهم بالتي هي أحسن وبحسن الظن ، وبدون تعصبات شخصية أو جنسية أو وطنية أو مذهبية ، وبدون لعن وطعن وتفسيق وتكفير كما هو شأن المناظرات وإدلاء الحجج وتقديم البينات ، والعمل بأحسن أقسام الحجة والبرهان بأن لا يكون الغرض إلا بيان ما صح من ديننا وما ينفع لاجتماعنا للدنيا ، ولا نظن أن عاقلاً يعمل على غير هذا الوجه المطلوب ... وبهذه الطريقة عملت وعليها سِرْتُ في كتابي : " الإسلام الصحيح " الذي هو الآن يطبع في مطبعة صديقنا الأستاذ المصلح الشَّيخ محمد رشيد رضا بمصر . (2) وفي هذا الكتاب ذكر الزواوي تحت عنوان " صحة الإسلام بدون هذه الطرق " : " يصح لأنها محدثة وليست واجبة إذ هي جائزة الترك ، ومن قواعد الأصول أن جائز الترك ليس بواجب " ، ثم علَّقَ على ذلك مستدركًا (3) : " يعني أنها جائزة الترك بدليل أن الإسلام كان على أكمله من قبلها – يعني على أقلِّ تقدير وإلاَّ فكلُّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " كما كان النبــيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول في خطبته وهي إذًا واجبة الترك " (4) إ.هـ. الحواشي : (1) : علَّق صاحبُ الشهاب [ الإمام ابن باديس ] – على مثل هذه العبارة في موضع آخر من المقالِ نفسِهِ – بقوله : ( ش: الإصلاحيون السَّلفِيُّون عام ، والوهابيون خاص لأنه يطلق على خصوص من اهتدوا بدعوة العلامة الإصلاحي السَّلفي الشَّيخ [ابن] عبد الوهاب (2) : الشهاب، العدد 98، (ص:4 - 5) ، مقالة: ( الوهابيون سنيون ...) (3) : ربّما لا يكون هذا التعليق للشَّيخ أبي يعلي الزواوي ، بل من تعليق الشَّيخ رشيد رضا [ صاحب مطبعة المنار ] ، والله أعلم . (4) : الإسلام الصحيح (ص:64) . (أ) : ما بين المعكوفتين من الناقل - عفا الله عنه |
الساعة الآن 06:17 PM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى