لِقَاءٌ مَعَ اَلوَطَنْ
 

اِلتقيتُ الوطن ليلة البارحة ، كان الشارع مُظلما جدًا فلم أُميّز ما أرى ، ظننهُ في بادئ الأمر لصًا هاربًا ، فهممتُ بالإمساك به مُتلبسًا يسرقُ من القمامة ، فـالقمامة أملاك عامة و لا تجوز السرقة منها .
لكنّ شيئا من النور تدفق من أحد المنازل ، هُناك من لم يهنأ بهذه الليلة و تقلّب في المواجع ؛ أو أنه قام يدعو الله و يشكو إليه ، تكشفت بعض ملامح هذا المجهول : حافي القدمين ، أغبر بأسمال بالية ، فرق له قلبي و منحته حق السرقة من القمامة كزكاة كان من المفروض أن تُؤدى إليه . لكنه هلع بمجرد أن لمحني ، أخذ يصرخ بلا صوت و يستعد للفرار ، حاولتُ الإمساك به و عندما استدار إليّ وجدتُ جبينهُ مطبوعا عليه ( الوطن ) !
هذه المرة أنا من تملكني الرعب ، أفلتهُ و أنا أبكي : _ أهذا أنتَ يا وطن ؟ لقد بحثتُ عنك كثيرا و كدتُ أفقدك في هذا الزمن !
أجابني باستهزاء و دون أدنى مُبالاة : _ من أنتِ يا هذه ؟
صُعقت : _ أنا واحدة من أبنائكَ و بناتكِ ، أنا فلذة كبدك !
_ أنتِ لا تعنين لي شيئا ، و جميعكم لا شيء بالنسبة لي ، لا تعدون عن كونكم سفاحين فوق أرضي ، لوثتم هواء سمائي ، لا يُشرفنِي انتسابكم إليّ ، فلا تتشدقوا بوطنيتكم تجاهي ...
و أنهكهُ التعب من فرط الكلام و الانفعال ، فمضى و اختفى مع آخر امتداد لضوء المصباح ، و بقيتُ أنا غارقة في صمتي ، في دهشتي و ذهولي ، مُحتارة في هذه القسوة و الصرامة ، هل هذا هو الوطن فعلا ؟ أم نحن جعلناه كذلك ؟ ثُم جررت أذيال الخيبة و الهزيمة ماضية إلى المجهول ، بعد أن تبخر حلمي فور تحقيقه !






بقلمي : بروال آمال
22/12/2014

رد: لِقَاءٌ مَعَ اَلوَطَنْ
 

ليك وحشة يا امال،،،،، يا رب تكوني بصحة و عافية