منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   صفحات المنتدى على جريدة الشروق اليومي (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=249)
-   -   الشارع جزءٌ من المنزل (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=355890)

abdo hamdi 24-10-2016 08:40 PM

الشارع جزءٌ من المنزل
 
لا تزال شوارعُنا في أكثَر مُدننا تُثير الاشمئزاز، وتزيد في القلق النفسي الذي لا ينفكُّ يتَعاظم، وإنَّ منظر الأوساخ المترامية في كلِّ مكان -حتَّى بالقرب مِن مؤسَّسات الدَّولة- يزيدني اقتناعاً أنَّ سياسة الدولة في المعالجة الجزئية لكثير مِن القضايا، يُطيل عُمر المشكلة بَدل القضاء عليها، والشارعُ يُعبِّر عن صورة الدَّولة، وعن صورة الشعب، سواءً بسواء، إذ إنَّ السائح الأجنبي -مثلا- يتَّصل أوَّل الأمر بالشارع، ويَبني مِن خلاله حُكمًا معيَّناً على الدولة وشعبها؛ ويبدو لي أنَّنا لم نَعِ بعدُ أنَّ للشارِع أهميةٌ في الدَّلالة على مستوى التَّمدُّن؛ لا تقلُّ عن أهمية المُنشآت الكُبرى، وقد يكون هذا أصلُ المُشكِلة، وسرُّ الحلِّ، فلا غَروَ إذن، أن تُصنَّف الجزائر العاصمة في المراتب الأولى مِن حيث تلوث الشوارع، والنظافة العامة، وأحسَب أنَّ الشارع يُعدُّ محورا تدور حوله عجلة التطور في مجالاتٍ كثيرة.
لا أظنُّني سأجد مواطنا جزائريا واحداً، راضيا عن مستوى نظافة شوارعنا، ولكنَّ هذا المواطن ذاتَه هو الذي يقوم بتلويثها، ويَسوء الأمر أكثر في يوم عيد الأضحى، حيث تُرمى جلود الأضاحي في الشوارع، وتبقى فيها مدةً تزيد على الثلاثين ساعة، والغريب أنَّ الجميع يعلَم أنَّ عمال النظافة في عطلة، ومع ذلك لا يُكلِّف أحدٌ نفسه عناء الاحتفاظ بهذه الجلود في منزله، بدلَ تلويث الشوارع. والأغرب من هذا، أنّ المسافة التي تفصل بين الشارع والمنزل قد لا تتجاوز في أحايين كثير بضعة أمتار، فلماذا لا يهتم المواطنُ عندنا بنظافة الشارع الذي يحيط بمنزله؛ وهو يعلم إنَّ الأوساخ المتراكمة فيه تؤثِّر حتما على نظافة منزله، ونقاء هوائه؟ متى يدرك المواطنُ في بلدنا أنَّ الشارع جزءٌ من المنزل بشكلٍ ما، وأنَّ أبناءه يلعبون فيه، فتؤثر الأوساخ على صحتهم بالتأكيد؟ أَلا يقضي كثيرٌ منَّا أوقاتاً طويلةً جدًّا في الجلوس في الشوارع، لا سيما أولئك الذي يُعانون من ضيق المسكن؟ إنَّنا نخرج للشارع في كثير من أجزاء النهار بحثاً عن قدرٍ من الراحة النفسية، فإذا بنا تُؤذينا الأوساخ بمنظرها وروائحها، فتزيد من تَعبنا وقَلقِنا.
أزعُم أنَّه ينبغي أن ننظر للمسألة نظرةً جدِّيةً، وأن تكون نظافة الشارع جزءًا مهمًّا من تَربيتِنا الصِّحية، وشعارنا في ذلكَ هو : الشارع جزءٌ مِن المنزل؛كما إنَّه يجِب الكفُّ عن إلقاءِ التَّبِعات على عمال النظافة، ومِن ورائهم مصالح البلدية، إذ إنَّ هذه الجهات لها دورٌ مُكمِّل، لا سيما إنَّنا نعرف تقصير الإدارة العمومية في واجباتٍ كثيرة، وإنَّ إمكانات البلديات محدودة، فما يرجوه المواطن من البلدية في هذا الشأن، هو في الحقيقة فوق طاقتها، ويربو على إمكاناتها، وهذا يعني – في نظري – أنَّ المواطن يتهرَّب مِن تحمُّل مسؤولياته إزاء محيطه القريب، وشارعه المجاوِر، وقد يدلُّ هذا على بُعدٍ أكثر عمقاً، وهو العجزُ عن التفاهم والتعاون والاتساق في الحيِّ الواحد، فأيُّ فُرقةٍ هذه التي تضرب تجمُّعاتنا السَّكنية، حتى يعجز ساكنوها عن تنظيف شوارعهم ! وأيُّ وعيٍ هذا الذي يجعلُ المنزلَ محدودا بجدرانه فقط، فيكتفي صاحبه بتنظيفه مُقتَصِرا عليه، دون ما زاد عن جدرانه ولو بمتر أو مترين !
فمَن المسئول إذاً، عن هذا الفهمِ السَّقيم، ونتائجهِ المُكلِّفة؟ أزعمُ أنَّ القِسمَ الأكبر من المسؤولية تتحمَّلُه الدولة، وأظنُّها صاحبةَ السَّهم الأوفَر في تصوير رجل النظافة الصورةَ التي نعرفها، إذ إنَّ أَجْره زهيدٌ، ولا يُدفعُ له بانتظام في مراتٍ كثيرة، ثم هو محرومٌ من الامتيازات الصحية رغم أنَّ عمله يقتضي تأمينا صحيا كاملا، كما أنَّ جُلّ العاملين في هذا السلك من ذوي التعليم المحدود، أو الذين لم يعرفوا المدرسة إطلاقا، ولهذا كلِّه صارت مهنة النظافة مُمتَهَنةً جدًّا في مجتمعنا، حتى إنَّ كثيراً من المسؤولين يعاملون منظِّفي مكاتبهم باحتقار كبير، ويستكثرون عليهم حتى تحية الإسلام! إلّا أنَّه يجب أن أعترف بأنَّ الدولة تصرف جهودا لا تُنكَر في هذا المجال، لكنّ الوسائل التي توفِّرها المصالح المعنية تظلُّ-مع قلتها- غير ذات نفعٍ كبير، ما بقيَ المواطِن لا يملكُ السلوك الحضاري في التعامل مع النفايات المنزلية، ولهذا فإنَّه لا يكفي إطلاقا أن نضع حاويةً لجمع القمامات في حيٍّ حتى يتحقَّق المواطن بالسلوك المطلوب، فالوسيلة فرعٌ والسلوك أصل، ولا يزال اهتمامنا بالفرع أوضح منه بالأصلِ.
ومن هنا يجب على المدرسة أيضا أن تغرس في المُتمدرسين هذا الفهم الجديد،وتربي فيهم هذا السلوك المحمود، وكذلك الأسرة مُلزَمةٌ قبل ذلك، بتقديم القدوة لأبنائها في تنظيف المنزل و الشارع، لكنّ الواقع يشهد أنَّ الأولياء يمثلون غالبا قدوات سيئة جدا على هذا الصعيد،ويحسُن بالطفل أن يتعلَّم في أسرته أنَّه إن لم يكن قادرا على تنظيف المكان فلا يحق له أن يزيده تلوُّثاً. وأنوِّه هنا بالدور الكبير الذي يقوم به المجتمع المدني، فيما يخص تنظيف الشوارع والمساجد، والشواطئ، والمقابر، وغيرها، لكنَّ المواطن العادي لا يزال في عزلةٍ شعورية عن هذا التغيير الهادئ، وكأنَّ الأمر لا يعنيه، ولذلك فإنَّ المشكِلة بحاجةٍ إلى عملٍ متكاملٍ وعميق، مُشتَرَكٍ بين كلِّ فئات المجتمع، مع الشعور بالواجب المشترك إزاء الشارع.
إنَّ الشوارع المُهيأةَ والنظيفة تمنح مُجاوريها فُسحةً من الراحة النفسية، ومساحةً نقيٌّ هواؤها مفيدةٌ جدًّا لصحة الأبدان، وإنَّها لَمَئنَّةٌ أن تزيل كثيراً من التفكُّك الذي يَنخر أحياءنا إذا نجحنا في عدِّها جزءًا من منازلنا، وإنَّه ليس لنا بدٌ مِن شوارعنا، نلتقي فيها، ونتنقل عبرها، و هذا ما قاله الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهاهم عن الجلوس في الطرقات :"... قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجْلِسَ, فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ"، فمن ذا الذي يزعمُ أنَّ نظافة الشارع ليست مِن صُور كفِّ الأذى؟ !
عبد العزيز حامدي

mohamdmoh 27-10-2016 09:22 PM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
و من سمعك ... هذا الشعب رضى و هو راضي خفت ان أقول لك انه شعب متسخ

و لو تكلموا و تضاهروا كما يتضاهرون من اجل المال لما كان ما كان

abdo hamdi 28-10-2016 07:59 PM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
بكل أسف أقول لك: أنت صادق، ووددتُ أن لا تكون..

مدار القمر 28-11-2016 05:37 PM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
السلام عليكم .قبل ان يكون المنزل جزا من الشارع كان المنزل جزا من انفسنا والكل ينعكس علي دولتنا .وجل الله في علاه اقال( ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم ).فالتغيير يبدا مما في مقدورنا تغييره.

abdo hamdi 03-12-2016 10:17 AM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
وهذا كلام صدق، فما قلتُ ما قلتُ إلا وأنا مجتهد في تغيير نفسي ما استطعت

رقيّة 17-12-2016 07:08 PM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
بوركت على الطرح القيم أخي الفاضل،وعلينا أن نركز على التربية والتوعية

حارس خاص 22-01-2017 12:23 PM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
نحتاج لثقافة لمحاربة الأوساخ وعلى الإعلام أن يؤدي دوره في توعية الشعب والمواطن بصفة عامة
هذا المواطن عليه أن يدرك أن عليه واجبات كما له حقوق عليه أن يحسن التصرف لكونه لا يعيش وحده عله أن درك كذلك أن الدولة لا تكفي وحدها لتحسن صورة الشارع أو الحي

abdo hamdi 04-04-2017 06:52 PM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
شكر الله لكم.
وإني أجتهد ما استطعت في غرس هذه الثقافة في التلاميذ.

صامت+ 28-12-2017 08:13 PM

رد: الشارع جزءٌ من المنزل
 
التغيير يبدأ من أنفسنا ..فإذا استقمنا استقام المنزل والشارع والقرية والمدينة والمجتمع و و و...


الساعة الآن 11:40 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى