منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى الدراسات الاستشراقية (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=163)
-   -   ادعاء المستشرقين تطبيق المنهج العلمي في دراساتهم (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=367722)

أمازيغي مسلم 08-07-2017 11:04 AM

ادعاء المستشرقين تطبيق المنهج العلمي في دراساتهم
 
ادعاء المستشرقين تطبيق المنهج العلمي في دراساتهم
أ.د. إسماعيل علي محمد

الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

يزعم المستشرقون أنهم أصحاب منهجٍ علمي نزيه، يطبِّقونه في كل ما يقومون به من دراسات وبحوث، ويتشدق بهذا الزعم تلامذتهم وأشياعُهم في البلاد العربية والإسلامية، ويحاولون جاهدين تكريسَ هذا المفهومِ وتلمسَ شتى الأدلةِ والقرائنِ لإثباته، وإذا قام أحد الباحثين وقال بعكس ذلك، وأثبت أن المستشرقين كثيرًا ما يجافون المنهج العلميَّ وقواعدَ البحث والدراسة، وخاصة فيما يتصل بدراسة الإسلام؛ كان حظُّه من أولئك الأشياعِ: أن يُتّهم بالتعصب والتحامل على المستشرقين أصحاب الفضل - في نظرهم - على تراثنا!!؟.
ونحب أن يعلم الجميع والمستشرقون ومن يدور في فلكهم خاصة: أنه ليس بيننا وبين المستشرقين خصومة شخصية أو عداء ذاتّي، فنحن الباحثين المسلمين من قوم يأمرهم دينهم بالعدل حتى مع الخصوم، والاعترافِ بالحق لذويه، حيث يقول تعالى: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾[1] ، ومن هذا المنطلق: إن أحسن المستشرقون فلدينا من الشجاعة والصراحة: ما يدفعنا لأن نقول لهم: أحسنتم، وفي نفس الوقت لا يمنعنا الخوف من الاتهام بالتعصب والتحامل من أن نقول لهم حال إساءتهم: أسأتم، وعند خطأهم: أخطأتم.
ونحن لا نماري في معرفة المستشرقين بالمنهج العلميّ وقدرتِهم على استخدامه وتطبيقه في دراساتهم وبحوثهم المتشعبة الواسعة، ولا ننكر أن بعضهم يمارسه، أو أنهم يمارسونه في بعض مجالات دراساتهم، وليس في جميعها.
التزام المستشرقين بالمنهج العلمي يكون في مجال الدراسات غير الإسلامية:
أجَل؛ إن المستشرقين يتحدثون عن المنهج العلميّ، وضرورة التحقّق به، والتمسك بقواعده، ونعلم أن ليس عندهم ما يمنع تحويل الكلام إلى تطبيق، لكن هذا يحدث إذا كان مجالُ الدراسة والبحث شيئًا غيرَ الإسلام، أما إذا كان ميدان الدراسة هو: الإسلام؛ فيصبح التزامهم بالمنهج العلميّ: كلامًا نظريَّا، وحديثًا فارغًا من أي مضمون، وليس له ظلال على أرض الواقع، ونرى الموازينَ آخذةً في الميل والاختلال، إلى درجة تكاد معها عقولهم تفقد اتّزانها وصوابها!!؟.
والحقيقة والواقع يشهدان بأن الأوربيين دائمًا في مواقفهم ونظراتهم للأمور يفرقون بين ما هو إسلاميّ وبين ما ليس كذلك، وقد تعودنا من الغرب أن يكيل بمكيالين؛ أحدهما مكيال خاص بالإسلام وأهله، عارٍ من الإنصاف والعدل، وهذا أمرٌ لا يخفى على أي مُتابع لتعامل الغرب مع قضايا الإسلام والمسلمين في المحافل الدولية، والعقل الاستشراقيُّ الجَمْعيُّ ابن بيئته.
يقول( ليوبولد فايس) النمساويُّ الذي اعتنق الإسلام، وتسمَّى باسم:(محمد أسد): متحدثًا عن موقف الأوربيين من الإسلام:
" لا تجد موقفَ الأروبيِّ موقفَ كره في غير مبالاة فحسب، كما هي الحال في موقفه من سائر الأديان والثقافات؛ بل هو: كُرهٌ عميقُ الجذور، يقوم في الأكثر على حدود من التعصب الشديد، وهذا الكره ليس عقليَّا فحسب، ولكنه يصطبغ أيضًا بصبغة عاطفية قوية.
قد لا تتقبل أوربة تعاليم الفلسفة البوذية والهندوكية، ولكنها تحتفظ دائمًا فيما يتعلق بهذين المذهبين بموقف عقليِّ متزن، ومبنيِّ على التفكير، إلا أنها حالما تتجه إلى الإسلام يختل التوازن، ويأخذ الميل العاطفيُّ بالتسرب، حتى إن أبرز المستشرقين الأوربيين جعلوا من أنفسهم فريسة التحزب غيرِ العلميِّ في كتاباتهم عن الإسلام.
ويظهر في جميع بحوثهم على الأكثر كما لو أن الإسلام لا يمكن أن يعالَج على أنه موضوع بحت في البحث العلمي، بل على أنه متهم يقف أمام قضاته!!؟.
وليس ذلك قاصرًا على بلد دون آخر، إنك تجده في إنجلترا وألمانيا، وفي روسية وفرنسة، وفي إيطاليا وهولندة، وبكلمة واحدة في كل صُقْعٍ يتجه المستشرقون فيه بأبصارهم نحو الإسلام، ويظهر أنهم ينتشون بشيء من السرور الخبيث حينما تعرض لهم فرصة حقيقية أو خيالية ينالون بها من الإسلام عن طريق النقد!!؟".[2].
وإلى مثل هذا أيضًا يشير:( العقاد )في معرض حديثه عن نهج الأكثرينمنالمستشرقينفي الكتابة عن الموضوعات الإسلامية، فيقول:
" وعندهم دائمًا: أن مسائل الإسلام موسومة بالغرابة والمخالَفة لما عداها من المسائل العالمية، فهم يتطلبون الشذوذ الغريب ابتداء من النظرة الأولى، ولا يحسبون أن التحليل العلميَّ يتسع لتفسير الإسلاميات وغير الإسلاميات على قاعدة واحدة من قواعد الفهم والتحليل، وقد تسربَت طريقتهم هذه في التأليف إلى عقول قرائهم وتلاميذهم من الشرقيين المسلمين وغير المسلمين، فكلهم يبتدئ البحث بالتفرقة بين ما يبحثه من شئون الإسلام، وما يبحثه من أمثالها في التاريخ القديم أو التاريخ الحديث من شئون الأمم الشرقية والغربية الأخرى، وكلهم يخص الإسلام بمنظار (خاص) من أول نظرة، ولا يحمل ذلك المنظارَ نفسَه حين يتحول بالنظر إلى سواه!!؟".[3].

منهجالمستشرقينفي دراسة الإسلاميفتقرإلى التجرد والإنصاف:
والواقع أن منهج المستشرقين في دراسة الإسلام وما يتصل به قد اتَّسم - مع الأسف - بكثير من النقائص، بحيث إنه قد خلا من النزاهة والتجرد، وغدا عاريًا من الروح العلمية المنصفة في أكثر بحوثهم وأغلب نِتاجِهم الفكريِّ، ولا عجب: فإن العقل الاستشراقيّ إنما هو: وليد بيئته الغربية، وجزء من الكيان الأوربيِّ الكاره للإسلام والمتحيزِ ضدَّه على كل صعيد، وفي كل حين.

هوامش:
[1] قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: (أي لا يحْملنّكم بُغضُ قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحدٍ صديقا كان أو عدوَّا). تفسير القرآن الكريم 2/ 31، دار الغد العربي، القاهرة 1411هـ 1991م.
[2] الإسلام على مفترق الطرق، محمد أسد، نقله إلى العربية د/ عمر فروخ، ص49 - 51 باختصار، مكتبة المنار بالكويت، ط السابعة 1974م.
[3] ما يقال عن الإسلام، عباس العقاد، مجموعة الأعمال الكاملة 6/ 474 - 475، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط الأولى 1974م.





الساعة الآن 05:54 PM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى