منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى القصة القصيرة (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=63)
-   -   جريمة وفاء بقلمي (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=363092)

warda22 06-03-2017 06:12 PM

جريمة وفاء بقلمي
 
في صباح شتوي بارد هبت ريح قوية بعثرت ما في ذلك الكشك الصغير لتتطاير أوراق الصحف وترتمي على الرصيف ,خفف من مشيته الوقورة ليساعد صاحب المحل , حمل ما امكنه ووضعهم بشكل غير مرتب على الرف , شد انتباهه العنوان بالخط العريض : جريمة في الحي الكبير .
مرر يده على رأسه وتنهد : لا شيء يخفى في هذه المدينة , والصحافة صارت كجدتي الخرفة تنسى كل شيء عدا القيل والقال .
وعلى بعد شارع واحد كان محل عمله , دخله مسرعا واتجه نحو الهاتف الذي تجاهل الجميع رنينه المتواصل : نعم ...معك المحقق نفسه...ممتاز... في طريقي الى هناك .
مرر الهاتف لشرطي وقف منتصبا بجانبه : خذ منه التفاصيل .
فرك يديه وراح يصفر في طريقه للخارج بينما تهامس بقية الموجودين : لم يقول ممتاز ؟...انها جريمة ...لم يصفر ؟...انها مأساة .
وصل المحقق لمسرح الجريمة , كانت الجثة لولد شاحب في العاشرة من عمره مستلقيا على أرضية المطبخ وقطعة زجاج بارزة من عنقه وقد استنزفت دمائه , وكعادة المحققين راح يعبث ويقلب كل دليل , ينحني تارة ويقف على اصابع قدمه تارة اخرى .
ربما هذا المشهد مألوف عند الأغلبية تلك الاضاءة الخافتة في الغرفة الضيقة والطاولة الحديدية تقابلها مرآة خادعة , نعم انها غرفة الاستجواب , ذلك المكان الرطب الذي تجلس به الآن السيدة م.سناء وهي تضم يديها واضعة اياهما على الطاولة , تنتظر أخذ القلم لتوقيع اعترافها بقتل البراءة التي أحبت طوال عشر سنين , كانت تكرر الاحداث لأكثر من ساعة : قتلته , كنت غاضبة ...أكوي الملابس في الغرفة وأجهز الفطور وكان شجارهما متواصلا وصراخهما مزعجا , أخبرته ألا يتركني وحدي معهما فهما لا يتوقفان عن الحركة , كل ما أهمه يوما هو عمله ...وأنا غضبت لأنهما قلبا المطبخ راسا على عقب , فرميته بالصحن ثم ...ثم ...
كان هذا كل ما تعرفه عما حدث , لم يقاطعها المحقق , اكتفى بعد توقيعها بالخروج وهو يصفر لحنا غريبا , وبالرواق كان زوجها ينتظر وغضبه منها أكبر من حزنه وما ان رآها حتى قفز ناحيتها : لم فعلت ذلك ؟ عاهدتني الاخلاص , أهذا الوفاء لما بيننا ؟أن تقتلي ...
قاطعته كقطة شرسة تنوي خربشة وجهه لولا وجود الشرطة بينهما: لا تحدثني عن الوفاء, هذا ذنبك , لم تكن وفيا يوما لهذه العلاقة , وفاءك لعملك , وفائي لأولادي أكبر من أن تفقهه أنت .
تم ابعادهما , بينما أخذ المحقق طريقه يفكر : ما الوفاء يا ترى ؟
وعلى كرسي انتظار شبه مكسور جلس ولد في الخامسة يراقب حركة قدميه وانعكاسهما على الارضية الملساء الى ان رأى ظلا لرجلين كانا في الحقيقة المحقق ومساعده الشرطي , رفع رأسه ببطء: هل أمي غاضبة مني ؟
لم يكن باستطاعة المحقق الانحناء الى الصغير بسبب الدهون الزائدة في جسمه وفطوره الصباحي الثقيل فاكتفى بالجلوس جانبه غير خائف من أن ينكسر الكرسي , بينما انحنى الشرطي : لا تقلق , كل شيء على ما يرام .
اغرورقت عيناه بالدموع : أخبروها أني آسف , وأني اعترف بذنبي وجاهز للعقوبة , أريد أن نعود للمنزل ولن أكرر فعلتي .
هز المحقق رأسه وبدأ يصفر تاركا المكان متجها لمكتبه وتبعه الشرطي وبيده ملف القضية , تردد قبل أن يسأل : ماذا يحدث بالضبط في هذه القضية ؟
أجابه وهو ينظر عبر النافذة الى لوحة الاعلانات المعلقة بالبناية المقابلة : الوفاء يا صديقي , الوفاء.
لم يكن الجواب مفهوما لدي الشرطي : ما علاقة الوفاء بالجريمة ؟ أم مهملة وأب مشغول وولدان مشاغبان .
وكأن المحقق لم يطق صبرا , لا تكاد تمر دقيقة دون أن يصفر , لكن هذه المرة كانت صافرة طويلة : الوفاء يا صديقي , أما الأب فوفاءه لعائلته يجعله يعمل بدوام كلي صباحا وعمل ثانوي مساء , فالوفاء ثبات والتزام اتجاه العائلة , والأم تفعل ما بوسعها لتنظيم أمور البيت قبل التوجه لمنزل حمويها للقيام باعمالهم المنزلية , الوفاء هنا إخلاص .
تنهد الشرطي : وظنها أن ولدها قتل أخاه جعلها تنسى كل شيء لتضحي بنفسها , فهل التضحية وفاء ؟
تململ المحقق : تماما كما تعمل كشرطي وانت تعلم مخاطر الأمر ومع ذلك تأتي كل يوم ...
قاطعه الشرطي مكملا كلامه : وفائي لعملي يجعلني أضحي , فهمت , والولد ؟
المحقق : تلك قصة أخرى .
بعد أيام جلس الصغير عند قبر أخيه يربت على التراب وهو يهمس : لا تقلق , لم أخبر أمي أنك وضعت صحن الفطور على النار ليسخن , وكما وعدتك أطفأت الموقد ولن أخبرها أن الصحن انفجر , سأظل وفيا لسرنا دائما , أخبرتها أني ضربتك بالصحن وأمي لن تغضب منك , والآن كن وفيا وعد فأنا أنتظرك , دائما تتركني عند باب الروضة لكنك تعود لأجلي دائما , عد فأنا أنتظرك.
بقلمي
ب_ف_ز

أبو المجد مصطفى 24-03-2017 09:55 PM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
جميل ماقرأت لك. تشويق و اثارة حتى نهاية القصة.
أحسنت.....

عبد المالك سعيد 25-03-2017 07:08 AM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
براااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااافوووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووووووووووووو سيدتي قصة رائعة تحبس الانفاس وتشويق منقطع النظير احييك سيدتي ودائما في القمة بارك الله لك ورزقك من الطيبات

warda22 02-04-2017 07:05 PM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو المجد مصطفى (المشاركة 2176279)
جميل ماقرأت لك. تشويق و اثارة حتى نهاية القصة.
أحسنت.....

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد المالك سعيد (المشاركة 2176294)
براااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااافوووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووووووووووووو سيدتي قصة رائعة تحبس الانفاس وتشويق منقطع النظير احييك سيدتي ودائما في القمة بارك الله لك ورزقك من الطيبات

شكرا أخوي الفاضلين على مروركما و رأيكما
سرتني ردودكما تقبلا تحياتي المتواضعة

عبد المالك سعيد 03-04-2017 08:42 AM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة warda22 (المشاركة 2177280)
شكرا أخوي الفاضلين على مروركما و رأيكما
سرتني ردودكما تقبلا تحياتي المتواضعة

سيدتي الفاضلة دوما ما كانت رواياتك رائعة فواصلى ابداعك ولكن لم افهم روايتك (شظايا البلور المكسور -حدث في مكان ما-) تشابكت الحبكة فيها حتي لم اعد افهم من الدنيا شيئا ولكنها رائعة جدا هنيئا لك

السعيد محرش 03-04-2017 09:07 AM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة warda22 (المشاركة 2174905)
في صباح شتوي بارد هبت ريح قوية بعثرت ما في ذلك الكشك الصغير لتتطاير أوراق الصحف وترتمي على الرصيف ,خفف من مشيته الوقورة ليساعد صاحب المحل , حمل ما امكنه ووضعهم بشكل غير مرتب على الرف , شد انتباهه العنوان بالخط العريض : جريمة في الحي الكبير .
مرر يده على رأسه وتنهد : لا شيء يخفى في هذه المدينة , والصحافة صارت كجدتي الخرفة تنسى كل شيء عدا القيل والقال .
وعلى بعد شارع واحد كان محل عمله , دخله مسرعا واتجه نحو الهاتف الذي تجاهل الجميع رنينه المتواصل : نعم ...معك المحقق نفسه...ممتاز... في طريقي الى هناك .
مرر الهاتف لشرطي وقف منتصبا بجانبه : خذ منه التفاصيل .
فرك يديه وراح يصفر في طريقه للخارج بينما تهامس بقية الموجودين : لم يقول ممتاز ؟...انها جريمة ...لم يصفر ؟...انها مأساة .
وصل المحقق لمسرح الجريمة , كانت الجثة لولد شاحب في العاشرة من عمره مستلقيا على أرضية المطبخ وقطعة زجاج بارزة من عنقه وقد استنزفت دمائه , وكعادة المحققين راح يعبث ويقلب كل دليل , ينحني تارة ويقف على اصابع قدمه تارة اخرى .
ربما هذا المشهد مألوف عند الأغلبية تلك الاضاءة الخافتة في الغرفة الضيقة والطاولة الحديدية تقابلها مرآة خادعة , نعم انها غرفة الاستجواب , ذلك المكان الرطب الذي تجلس به الآن السيدة م.سناء وهي تضم يديها واضعة اياهما على الطاولة , تنتظر أخذ القلم لتوقيع اعترافها بقتل البراءة التي أحبت طوال عشر سنين , كانت تكرر الاحداث لأكثر من ساعة : قتلته , كنت غاضبة ...أكوي الملابس في الغرفة وأجهز الفطور وكان شجارهما متواصلا وصراخهما مزعجا , أخبرته ألا يتركني وحدي معهما فهما لا يتوقفان عن الحركة , كل ما أهمه يوما هو عمله ...وأنا غضبت لأنهما قلبا المطبخ راسا على عقب , فرميته بالصحن ثم ...ثم ...
كان هذا كل ما تعرفه عما حدث , لم يقاطعها المحقق , اكتفى بعد توقيعها بالخروج وهو يصفر لحنا غريبا , وبالرواق كان زوجها ينتظر وغضبه منها أكبر من حزنه وما ان رآها حتى قفز ناحيتها : لم فعلت ذلك ؟ عاهدتني الاخلاص , أهذا الوفاء لما بيننا ؟أن تقتلي ...
قاطعته كقطة شرسة تنوي خربشة وجهه لولا وجود الشرطة بينهما: لا تحدثني عن الوفاء, هذا ذنبك , لم تكن وفيا يوما لهذه العلاقة , وفاءك لعملك , وفائي لأولادي أكبر من أن تفقهه أنت .
تم ابعادهما , بينما أخذ المحقق طريقه يفكر : ما الوفاء يا ترى ؟
وعلى كرسي انتظار شبه مكسور جلس ولد في الخامسة يراقب حركة قدميه وانعكاسهما على الارضية الملساء الى ان رأى ظلا لرجلين كانا في الحقيقة المحقق ومساعده الشرطي , رفع رأسه ببطء: هل أمي غاضبة مني ؟
لم يكن باستطاعة المحقق الانحناء الى الصغير بسبب الدهون الزائدة في جسمه وفطوره الصباحي الثقيل فاكتفى بالجلوس جانبه غير خائف من أن ينكسر الكرسي , بينما انحنى الشرطي : لا تقلق , كل شيء على ما يرام .
اغرورقت عيناه بالدموع : أخبروها أني آسف , وأني اعترف بذنبي وجاهز للعقوبة , أريد أن نعود للمنزل ولن أكرر فعلتي .
هز المحقق رأسه وبدأ يصفر تاركا المكان متجها لمكتبه وتبعه الشرطي وبيده ملف القضية , تردد قبل أن يسأل : ماذا يحدث بالضبط في هذه القضية ؟
أجابه وهو ينظر عبر النافذة الى لوحة الاعلانات المعلقة بالبناية المقابلة : الوفاء يا صديقي , الوفاء.
لم يكن الجواب مفهوما لدي الشرطي : ما علاقة الوفاء بالجريمة ؟ أم مهملة وأب مشغول وولدان مشاغبان .
وكأن المحقق لم يطق صبرا , لا تكاد تمر دقيقة دون أن يصفر , لكن هذه المرة كانت صافرة طويلة : الوفاء يا صديقي , أما الأب فوفاءه لعائلته يجعله يعمل بدوام كلي صباحا وعمل ثانوي مساء , فالوفاء ثبات والتزام اتجاه العائلة , والأم تفعل ما بوسعها لتنظيم أمور البيت قبل التوجه لمنزل حمويها للقيام باعمالهم المنزلية , الوفاء هنا إخلاص .
تنهد الشرطي : وظنها أن ولدها قتل أخاه جعلها تنسى كل شيء لتضحي بنفسها , فهل التضحية وفاء ؟
تململ المحقق : تماما كما تعمل كشرطي وانت تعلم مخاطر الأمر ومع ذلك تأتي كل يوم ...
قاطعه الشرطي مكملا كلامه : وفائي لعملي يجعلني أضحي , فهمت , والولد ؟
المحقق : تلك قصة أخرى .
بعد أيام جلس الصغير عند قبر أخيه يربت على التراب وهو يهمس : لا تقلق , لم أخبر أمي أنك وضعت صحن الفطور على النار ليسخن , وكما وعدتك أطفأت الموقد ولن أخبرها أن الصحن انفجر , سأظل وفيا لسرنا دائما , أخبرتها أني ضربتك بالصحن وأمي لن تغضب منك , والآن كن وفيا وعد فأنا أنتظرك , دائما تتركني عند باب الروضة لكنك تعود لأجلي دائما , عد فأنا أنتظرك.
بقلمي
ب_ف_ز


هكذا يكون الابداع ،قصة رائعة بكل المقاييس ، ذكّرتني بقصص أجاثا كريستي ، سلمت أستاذة وردة .

ام زين الدين 03-04-2017 01:29 PM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
خطيرة خطيرة ياطفلة كي تتشهري بلاكي تنساينا راني نشوف فيك بعيد

warda22 04-04-2017 06:04 PM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد المالك سعيد (المشاركة 2177359)
سيدتي الفاضلة دوما ما كانت رواياتك رائعة فواصلى ابداعك ولكن لم افهم روايتك (شظايا البلور المكسور -حدث في مكان ما-) تشابكت الحبكة فيها حتي لم اعد افهم من الدنيا شيئا ولكنها رائعة جدا هنيئا لك

يسعدني انك قرأنها
متواجدة لشرح الافكار التي تشابكت في الرواية
نقبل تحياتي الخالصة

warda22 04-04-2017 06:06 PM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد محرش (المشاركة 2177361)
هكذا يكون الابداع ،قصة رائعة بكل المقاييس ، ذكّرتني بقصص أجاثا كريستي ، سلمت أستاذة وردة .

شرفني مرورك وتعقيبك
تحياتي أستاذ

warda22 04-04-2017 06:07 PM

رد: جريمة وفاء بقلمي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زين الدين (المشاركة 2177376)
خطيرة خطيرة ياطفلة كي تتشهري بلاكي تنساينا راني نشوف فيك بعيد

دعائك أم الزين
تحياتي القلبية


الساعة الآن 02:08 PM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى