تفسير سورة العاديات
سورة العاديات { المصدر:تفسير السعدى والطبرى والقرطبى }
************************************************** * وهي مكية [1 ـ 11] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} {1} وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا } :: أَيْ اَلأَفْراس تَعْدُو فِي سَبِيل اللَّه فَتَضْبَح . قَالَ قَتَادَة : تَضْبَح إِذَا عَدَتْ ; أَيْ تُحَمْحِم . وَقَالَ الْفَرَّاء : الضَّبْح : صَوْت أَنْفَاس الْخَيْل إِذَا عَدَوْنَ . اِبْن عَبَّاس : لَيْسَ شَيْء مِنْ الدَّوَابّ يَضْبَح غَيْر الْفَرَس وَالْكَلْب وَالثَّعْلَب . وَقِيلَ : كَانَتْ تُكْعَم لِئَلَّا تَصْهَل , فَيَعْلَم الْعَدُوّ بِهِمْ فَكَانَتْ تَتَنَفَّس فِي هَذِهِ الْحَال بِقُوَّةٍ . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : أَقْسَمَ اللَّه بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يس . وَالْقُرْآن الْحَكِيم " [ يس : 1 - 2 ] , وَأَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ فَقَالَ : " لَعَمْرك إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتهمْ يَعْمَهُونَ " [ الْحِجْر : 72 ] , وَأَقْسَمَ بِخَيْلِهِ وَصَهِيلهَا وَغُبَارهَا , وَقَدْح حَوَافِرهَا النَّار مِنْ الْحَجَر , فَقَالَ : " وَالْعَادِيَات ضَبْحًا " .{2} فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا } :: هِيَ الْخَيْل تُورِي النَّار بِحَوَافِرِهَا . أَنَّ الْخَيْل مِنْ شِدَّة عَدْوهَا تَقْدَح النَّار بِحَوَافِرِهَا . وقيل : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَقْسَمَ بِالْمُورِيَاتِ الَّتِي تُورِي النِّيرَان قَدْحًا ; فَالْخَيْل تُورِي بِحَوَافِرِهَا , وَالنَّاس يُورُونَهَا بِالزَّنْدِ , وَاللِّسَان مَثَلًا يُورِي بِالْمَنْطِقِ , وَالرِّجَال يُورُونَ بِالْمَكْرِ مَثَلًا , وَكَذَلِكَ الْخَيْل تَهِيج الْحَرْب بَيْن أَهْلهَا : إِذَا اِلْتَقَتْ فِي الْحَرْب ; وَلَمْ يَضَع اللَّه دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ بَعْض دُون بَعْض فَكُلّ , مَا أَوْرَتْ النَّار قَدْحًا , فَدَاخِلَة فِيمَا أَقْسَمَ بِهِ , لِعُمُومِ ذَلِكَ بِالظَّاهِرِ . {3} فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا } :: الْخَيْل تُغِير عَلَى الْعَدُوّ عِنْد الصُّبْح ; عَنْ اِبْن عَبَّاس وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ . وَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا الْغَارَة سَرَوْا لَيْلًا , وَيَأْتُونَ الْعَدُوّ صُبْحًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْت غَفْلَة النَّاس . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : " فَسَاءَ صَبَاح الْمُنْذَرِينَ " [ الصَّافَّات : 177 ] . {4} فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا } :: يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَرَفَعْنَ بِالْوَادِي غُبَارًا ; وَالنَّقْع : الْغُبَار , وَيُقَال : إِنَّهُ التُّرَاب . يَعْنِي الْخَيْل تُثِير الْغُبَار بِشِدَّةِ الْعَدْو فِي الْمَكَان الَّذِي أَغَارَتْ بِهِ . {5} فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا } :: يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَوَسَطْنَ بِرُكْبَانِهِنَّ جَمْع الْقَوْم ,أو جَمْع الْعَدُوّ .; أَيْ صِرْت وَسْطهمْ . {6} إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } :: إِنَّ الْإِنْسَان لَكَفُور لِنِعَمِ رَبّه . وَالْأَرْض الْكَنُود : الَّتِي لَا تُنْبِت شَيْئًا ,وهَذَا جَوَاب الْقَسَم ; أَيْ طُبِعَ الْإِنْسَان عَلَى كُفْرَان النِّعْمَة . قَالَ اِبْن عَبَّاس : " لَكَنُود " لَكَفُور جَحُود لِنِعَمِ اللَّه . وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَن . وَقَالَ : يَذْكُر الْمَصَائِب وَيَنْسَى النِّعَم . وَرَوَى أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْكَنُود , هُوَ الَّذِي يَأْكُل وَحْده , وَيَمْنَع رِفْده , وَيَضْرِب عَبْده ) . وَرَوَى اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِشِرَارِكُمْ ) ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُول اللَّه . قَالَ : ( مَنْ نَزَلَ وَحْده , وَمَنَعَ رِفْده , وَجَلَدَ عَبْده ) . خَرَّجَهُمَا التِّرْمِذِيّ {7} وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } :: أَيْ وَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ اِبْن آدَم لَشَهِيد . كَذَا رَوَى مَنْصُور عَنْ مُجَاهِد ; وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ , وَهُوَ قَوْل اِبْن عَبَّاس . وَقَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب : " وَإِنَّهُ " أَيْ وَإِنَّ الْإِنْسَان لَشَاهِد عَلَى نَفْسه بِمَا يَصْنَع ; وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد أَيْضًا . {8} وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } :: يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ الْإِنْسَان لِحُبِّ الْمَال لَشَدِيد .أَيْ لَبَخِيل ; يُقَال لِلْبَخِيلِ : شَدِيد وَمُتَشَدِّد.. قَالَ اِبْن زَيْد : سَمَّى اللَّه الْمَال خَيْرًا ; وَعَسَى أَنْ يَكُون شَرًّا وَحَرَامًا ; وَلَكِنَّ النَّاس يَعُدُّونَهُ خَيْرًا , فَسَمَّاهُ اللَّه خَيْرًا لِذَلِكَ . وَسَمَّى الْجِهَاد سُوءًا , فَقَالَ : " فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّه وَفَضْل لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء " [ آل عِمْرَان : 174 ] عَلَى مَا يُسَمِّيه النَّاس . {9} أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ } :: أَفَلَا يَعْلَم هَذَا الْإِنْسَان الَّذِي هَذِهِ صِفَته , إِذَا أُثِيرَ مَا فِي الْقَبْر , وَأُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَوْتَى ، أي: أخرج الله الأموات من قبورهم، لحشرهم ونشورهم. {10} وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ } :: أَيْ مُيِّزَ مَا فِيهَا مِنْ خَيْر وَشَرّ ; {11} إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ } :: إِنَّ رَبّهمْ بِأَعْمَالِهِمْ , وَمَا أَسَرُّوا فِي صُدُورهمْ , وَأَضْمَرُوهُ فِيهَا , وَمَا أَعْلَنُوهُ بِجَوَارِحِهِمْ مِنْهَا , عَلِيم لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيهمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ يَوْمئِذٍ. منقول |
رد: تفسير سورة العاديات
موضوع جميل وفي معلومات رائعة
|
الساعة الآن 01:30 PM. |
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى