منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   منتدى القصة القصيرة (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=63)
-   -   إرهابي (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=36688)

الحاج بونيف 16-09-2008 05:48 AM

إرهابي
 
إرهابي..


نسمات عليلات أيقظتني في عز هذه الليلة الصيفية البدرية .. ووجدتني لا أزال على جنبي الأيمن الذي أحبّ أن تكون عليه دائما وضعية نومي..حملقت في وجه زوجتي الذي لم أتبيّن ملامحه جيدا، ثم في الشّبح الذي انتصب في النافذة المفتوحة مسددا فواهة بندقيته باتجاهي..
حاولت النهوض كي أموت واقفا كما يموت الأبطال في ساحات الوغى وهم يدافعون عن شرف الأوطان وكرامتها، لكنّ وهنا خبيثا تسرّب إلى مفاصلي ورجليّ فلم أطق حراكا..
مددت يدي أحاول إيقاظ زوجتي فرأيت الشبح يتحرك ويهمّ بإطلاق النار فتراجعت وأسلمت نفسي لخالقها.
أغمضت عينيّ، واستغفرت وكبّرت، وتعوّذت.. قرأت آية الكرسي، والمعوذتين، والإخلاص، وآيات أخرى حفظتها منذ صغري، وها هو ذا قد حان أوان استعمالها لتكون آخر ما أودّع به..!!
فتحت عيني اليسرى، فوجدت فواهة البندقية بفتحتيها لا زالت مصوّبة تنتظر الوقت المناسب للطريقة التي يريد هذا الشبح أن يرديني عليها، أغمضت عيني، شعرت بالعرق البارد يتصبّب من كل جسدي، جف حلقي، غمرني إحساس بإفراغ مثانتي، ارتخت مفاصلي، شعرت أخيرا ببلل يصل إلى أخمص قدميّ..
تظاهرت بالنوم، فكرت في البكاء وطلب النّجدة، ولكن كيف السبيل، وأنا عاجز عن رفع الصوت وعن الحراك ..؟
تشجعت وفتحت عيني كليهما، ومددت يدي نحو زوجتي أضعها على بعض جسمها، فأشاحت عنّي بوجهها، واستدارت بظهرها إلى الجهة الأخرى، وتركتني وجها لوجه أمام مصيري المحتوم..!
خنست قليلا متسترا بظهرها، ثم عاودت لكزها فراحت في شخير استأنست به بعض الوقت..
انقلبت على قفاي كما ينام المفكرون وهي عادتي في الاستلقاء حين تستعصي عليّ بعض الأمور، واستسلمت لتفكير عبقري حضرني نداؤه،
- أنت في حلم..
حمدت الله، وابتسمت ابتسامة عريضة، كدت من خلالها أقهقه على جُـبني الشديد، وأنا المشهود لي بالبطولة والإباء..
غير أن البلل تحتي ينبئني بيقظتي، مددت يدي أتلمّسه، فإذا هو بلل حقيقي برائحته التي أعرفها.. !!
مستحيل هذا الذي يحدث؟!! خاطبت نفسي ..
ملت قليلا إلى اليمين، وبنظرة سريعة وجدت البندقية لا تزال دائما مصوّبة..
فكرت في من يكون هذا الذي يريد قتلي، وأنا الرجل الطيب الذي لا يقوى على قتل بعوضة، ولم ينتق أعداء بهذا الحجم..
ولكنّ الإرهابيين لا يفرّقون بين الغث والسمين، والصالح والطالح،ولعلهم بقتلي يريدون قتل كل شئ جميل في هذه الدنيا.. يريدون شهرة كبيرة، وأنّى لهم أن يجدوها في غيري؟؟..
سيقول الناس عني من دون شك: مات ذلك الرجل الطيب، سيتحسّرون على اندثار الشهامة والرجولة والإباء..!!!
تململت في فراشي خائر القوى، ورائحة العرق مختلطة بالبلل تزكم أنفي، وتوبئ المكان..
اشتطتُ غضبا وحسدا لهذه التي لا تشعر بزوجها في أبشع حالاته، وتنام هانئة، ولا تقدّر مثل هذه المواقف التي تتطلب بعض المؤازرة..!!
جاءني عطاس فكتمته، وتسلل إليّ نداء من أمعائي ينبئني بضرورة الإفراغ الكبير..
آه.. أهذا أوانه؟ فمن موصلي إلى هنالك..؟؟
كان عليّ أن أفعلها.. لا وقت للانتظار، ورحت أقاوم .. لا بد من التصرف وإمساكه..
من دون شعور ورغم أنفي، امتدت يدي تحرك المخلوقة الشاخرة بقربي.. أخيرا نطقت..
ـ مالك لا تنام؟
ـ بل لماذا تنامين؟؟
ـ هل أنت تشكو من شئ؟
ـ التفتي وراءك..(بصوت مبحوح)
ـ ماذا؟ إنه دبدوب الطفل سامي وقد ألبسه بندقيته البلاستيكية..
ثم رمت به إلى الأرض..
لم أتمالك .. فرائحة كريهة كانت قد تسللت من بين جوانحي..
أنارت المصباح لتصطدم بواقع مرير، وراحت ترفع صوتها، ويدها على أنفها:
بطل تحتاجك الجبهة العربية في الصفوف الأولى من المقاومة..
قم إلى الحمّام يا شيخ، كان عليك أن تتوقىّ بحفاظات..

روان علي شريف 16-09-2008 06:38 AM

رد: إرهابي
 
الحاج بونيف سعيد بعودتك يبدو انك عدت مع الدخول الاجتماعي بنصوص جديدة.
نعم انها قصة جميلة ورائعة تختلف عن القديم.ضحكت كثيرا لكنه الواقع يا اخي.
وخاصة تلك العبارة ((ومددت يدي نحو زوجتي أضعها على بعض جسمها، فأشاحت عنّي بوجهها، واستدارت بظهرها إلى الجهة الأخرى، وتركتني )).
فان كل الرجال الذين تجاوزوا 45 يشتكون منها.
شكرا على المتعة.

سُهَادْ 16-09-2008 02:16 PM

رد: إرهابي
 
قصة رائعة
استمتعت بقراءتها
شكرا لك
تحياتي واحترامي

حمبراوي 09-11-2011 07:33 PM

رد: إرهابي
 
رفعتها لتكون في متناول الإخوة القادمين على صهوة الحرف يغترفون من أسلوبها وطريقتها لتكون لهم عونا .فيبتعدون عن الحشو ورصف الكلمات
أتمنى أن يستفيد منها الإخوة


الساعة الآن 09:43 AM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى