منتديات الشروق أونلاين - أخر العظماء (( المؤرخ يحيي بوعزيز)) في ذمة الله

من منكم لم يعرف يحيي بوعزيز؟

يحيى بوعزيز رجل موسوعة في التاريخ مثله مثل المرحوم الدكتور بلقاسم نايت بلقاسم ،مالك بن نبي ،
وغيرهم دفعني الفضول في العشرة الاواخر أن أتصل بالرجل لأطمئن على صحته .لقد مرت
أربع سنوات منذ أن أعطاني رقم هاتف بيته وعدته بالاتصال و باجراء حوار معه يومها كنت مراسل صحفي محلي لجريدة لم تستطع مسايرة الوضع آنذاك تدهورت صحتها وأعلنت الإفلاس.
من يومها لم أتصل بالرجل فاكتفيت بمعرفة أخباره ونشاطاته عن طريق الصحف والفضائيات.أنا أيضا عرفته منذ سنوات عن طريق شاشة التلفزيون وكنت استغرب منه كيف بإمكان هذا الرجل النحيف والضعيف أن يستوعب كل تاريخ العالم منه القديم ومنه المعاصر.
لست ادري مالذي دفعني اليوم لأتذكر الأستاذ يحيي.أول مرة التقيته كان ذلك في طابور طويل عريض بمكتب البريد كان الرجل في مؤخرة الصف ينتظر دوره لكي يقبض مرتبه، لم اصدق عيني هرعت نحوه سلمت عليه سألني عن شخصي أبلغته أني رجل من عامة الناس من يحبونك ويقدرونك بدون ما أن تعرفهم.حكيت له عن هموم الأدب وكيف نحن نحضر لملتقى أدبي منذ سنتين طرقنا كل الأبواب ولزلنا ننتظر وأبلغته في حالة ما إذا وجدنا التمويل الكافي لعقد الملتقي ستكون يا يحيي ضيفنا الشرفي.
تفرقنا وكنت سعيدا لم تمر أيام أفلست الجريدة، وتمر السنوات الأربع ولم نعقد ملتقانا الأدبي، واكتفى القائمون على
الثقافة بتحضير وتموين مهرجانات الراي و القرقابو.
اه يا يحيي منذ أربع سنوات كل شيئ تغير ،الناس تغيرت ،حتى الاصدقاء لم يعودوا يسألون عنك.
اييه يا يحيي برغم ان كل الاشياء تغيرت الا انني عندما هاتفتك نفس الشيء صار مع الكاتب علال عثمان ردت علي زوجته سألتني من أكون أبلغتها باني صديقه التقينا منذ سنين على صفحات الجرائد ومن يومها بقينا اصدقاء بدون ان يجمعنا اللقاء.لم نلتق ابدا ولم نكلم بعضنا بعضا.
تركتني حرمه في الانتظار لدقائق معدودة كم كانت مفاجأتي كبيرة كنت أتوقع ان عثمان في مثل سني لكنه بدى لي رجلا مريضا وافصح لي بان سنه تجاوز الثمانين من العمر.بدى لي متذمرا من حياته ككاتب،تكلم عن مسرحياته المقتبسة التي ضاعت منه حقوقها وتكلم أيضا عن عناوين كثيرة ضاعت في مستودعات المطابع .تكلمنا كثيرا، فرح الرجل بحديثي معه وأحس بانه ا وجد متنفسا ،تحدثنا عن كل الاشياء ، شكرني الرجل على الاتصال ووعدته بالاتصال به مرة ثانية وسيكون شخصية حواري المقبل للجريد قبل أن تفلس.
لكن عندما اتصلت به بعد اسبوع غبت لامور طارئة استقبلتني زوجته باكية في الهاتف ابلغتني بانه فارق الحياة وكان
جائما يسأل عنك.تأثرت كثيرا وأصريت أن أكتب عن حياته شيئا ، اتصلت بمعارفة واقاربه وفعلا وفاءا لذاكرته وكتبت مقالا
عنه بدل الحوار الذي كنت أود أن أجريه معه.
واليوم نفس السيناريو يتكرر الاستاذ يحيي بوعزيز غادر الحياة في صمت وانا تعيس الحظ الذي كنت اود ان ازوره في بيته لمحاورته لمنتدى اللغة والادب للوفاء بوعد قطعته على نفسي منذ اربع سنوات لكن هذه المرة اصاب بالصدمة ايضا ها هي صحف هذا الصباح تفاجأني بخبر وفاته.
يا الاهي مات الرجل ولا تزال كلماته الخافتة ترن في اذني يوم كلمته في العشر الاواخر من رمضان .كلمني بلطف
و وافق التحدث معي برغم ان زوجته شككت في ان يكلمني لانه على فراش المرض.ذكرته بشخصي ،برغم من مرور اربع سنوات الا انه لا زال يذكرني . تحدثنا قليلا ثم وعده بانني سأزوره في البيت شكرني الرجل وشغلتني الحياة
كلما اود زيارته الا وحدث اشياء تشغلني فأقوم بتأجيل موعد الزيارة الى ان وافته المنية.
أقول رحماك ايها الرجل الموسوعة ستظل في قلوب البسطاء.عشت بسيطا ومت بسيطا.