السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعالوا نتدارس ما جاءت السنة المطهرة عن الامارة، أو لنقول ( مسؤولية الحكم ) بالمفهوم المعاصر.
فقد جاء في كتاب الأموال للقاسم بن سلام، وبالذات في باب حقّ الإمام على الرّعيّة وحقّ الرّعيّة على الإمام.
هذا الحديث وهو كما يلي:
(حدثنا عمرو بن طارق المصري عن عبد الله بن لهيعة عن الحرث بن يزيد الحضرمي قال: سمعت ابن حُجَيرة الشيخ يقول:
حدثني من سمع أبا ذرٍّ، يقول : ناجيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً، أو قال: ليلةً حتى الصبح، فقلتُ: يا رسول الله، مُرني ، فقال : " إنها أمانة ، وإنها حسرة وندامة يوم القيامة، إلاّ من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها ")
لنتدارس الحديث من جوانبه بطريقة مبسطة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكما قلتُ:
إن من عادتي تبسيط الأمور.
وكما تعلمتُ على يد من هو له في علم الرجال، أو ما يُعرف بعلم " الجرح والتعديل"
قبل الكلام عن أي حديث لابد من معرفة رواة ذلك الحديث.
وعليه، علينا أن نتكلم عن رواة هذا الحديث كل راوٍ على حدى، وما قال أهل العلم عنه.
وأبدأ وإياكم بما يلي:
1ـــ عمرو بن طارق المصري، هو:
عمرو بن الربيع بن طارق بن قرة الهلالي، ويكنىّى أبا حفص، الكوفي ثم المصري، توفى في ربيع الأول سنة 219 هـ.
اتفق كل من ابن معين في كتابه: التاريخ، وابن أبي حاتم في كتابه: الجرح، والمزي في كتابه: تهذيب الكمال، والذهبي في كتابه: الكاشف .. وغيرهم من العلماء.
على أن عمرو بن طارق المصري: رجل ثقة، روى له البخاري وسلم وأبو داود.
2 ـــ عبد الله بن لهيعة، هو:
عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، كما يقال كذلك الغافقي. يكنى أبا عبد الرحمن، وهو قاضي مصر، ولد سنة 96 هـ وتوفي سنة 174 هـ
قال عنه سعد في: الطبقات، وابن معين في: التاريخ، وعثمان الدارمي في: التاريخ... وغيرهم، على أنه:
صدوقٌ، خلط بعد احتراق كتبه، وراوية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، له في صحيح مسلم بعض الشيء مقرون، وروى عنه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
كما قال عنه سعد في: الطبقات كذلك: كان ضعيفًا وعنده حديث كثير، ومَن سمع منه في أول أمره أحسن حالاً من روايته منه بآخره.
وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يختلط، ولم يزل أول أمره وآخره واحدًا، ولكن يُقرأ عليه ما ليس من حديثه فيسكت عليه. فقيل له في ذلك. فقال: وما ذنبي؟ إنما يجيشون بكتابٍ يقرؤونه ويقومون ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي.
كما جاء في كتاب: المجروحين لابن حبان، والذهبي في: الميزان، وابن حجر في التهذيب، والخزرجي في: خلاصته.
3 ـــ الحرث بن يزيد الحضرمي، هو:
الحرث بن يزيد الحضرمي، يكنى أبا عبد الكريم، المصري.
لحق وعقل مقتل عثمان بن عفان ــــ رضي الله عنه ــــ وتوفي سنة 130 هـ ببرقة التي هي حاليًا بالديار الليبية.
وهو تابعي ثقة ثبت عابد، روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
4 ـــ ابن حُجَيرة الشيخ، هو:
عبد الرحمن بن حُجيرة الخولاني. يكنى أبا عبد الله، المصري، كان قضيها، وهو ابن حجيرة الأكبر، توفي سنة 83 هـ، وهناك من قال على أنه توفى سنة 80 للهجرة.
قال عنه كلٌّ من يعقوب في: المعرفة، وابن أبي حاتم في: الجرح، والمزي في: تهذيب الكمال، والذهبي في الكاشف ... وغيرهم على أنه:
ثقةٌ، روى له مسلم والاربعة.
5 ـــ الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، وهو:
جُندب بن جُنادة على الاشهر، أسلم والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بمكة، أي من أوائل الذين أمنوا بدعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، تقول عنه الروايات أنه كان رابع أربعة، وهناك من الروايات تقول أنه كان خامس خمسة.
كما أن البعض أختلفوا في اسمه ونسبه اختلافًا كثيرًا.
تقول عنه مصادر السيرة أنه أول من حيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام، أي." السلام عليكم ........"
كما يقال عنه، أنه لمّا أسلم رجع إلى قبيلته غفار، فأقام بها حتى هاجر الحبيب المصطفى الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه بالمدينة، وصحبه إلى أن لحق ـــ الله صلى الله عليه وسلم ـــ بالرفيق الأعلى.
مات أبو ذر بالربذة سنة 32 هـ، وصلى عليه عبد الله بن مسعود ـــ رضي الله عنه ـــ ويقال أنه مات بعده بأيام قلائل.
وبعد هذا الكلام نجد أنفسنا قد تعرفنا على رواة الحديث.
وإذن الله في المداخلة القادمة أتكلم وإياكم عن مدارسة الحديث من ناحية أخرى وهي تخريج الحديث.
تحياتي

الفاضلة/ محبة الشهادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رفع الله قدركِ، وفي طاعته أطال عمركِ.
وجزاكِ الله الفردوس الأعلى.
وجميل جدّا أن يتدارس المرء السنة المطهرة مع أمثالكِ.
تحياتي يا بنت الكرام.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ومرحبًا بأختنا في/ غايتي رضا الرحمن.
وجعل كل ما تقدمين في صحائف حسناتكِ أنتِ كذلك.
ورفع قدركِ، وأعلى شأنكِ.
تحياتي يا فاضلة.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أهلا وسهلاً ببنت الكرام/ أماني أريس.
أنه لراحة كبرى أن يشعر المرء أن من هم في ثقافة وعلم أماني أريس يتابعون مواضيعه.
فذلك فضل من الله.
بل أنا من استفيد من إرشاداتكِ يا فاضلة.
تحياتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذروني هذه المرة أنتقل و إياكم بالكلام عن تخريج ذلك الحديث.
ولتبسيط الأمور لمن لا يعرف بعض المصطلحات أقول أن " تخريج الحديث " يقصد به ذكر الكتب التي وُجد بها.
وذكر مصادرها، وما قال أصحابها.
وعليه فإن حديثنا هذا نقول عنها ما يلي:
1 ـــ أخرجه الإمام مسلم في صحيحه( الإمارة ــــ باب كراهية الإمارة ) بسنده عن بكر بن عمرو، عن الحارث بن يزيد، عن ابن حجيرة الأكبر، عن أبي ذر الغفاري، بنحوه.
2 ـــ وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ( ص66 رقم 485 ) بسنده عن يحي بن سعيد، عن الحارث بن يزيد، عن أبي ذر الغفاري، بنحوه
3 ـــ وأخرجه ابن سعد في الطبقات ( 4/1/ 170 ) بسنده عن يحي بن سعيد، عن الحارث بن يزيد، به بلفظ: (إنها أمانة، وإنها يوم القيامة حسرة وندامة، إلاّ من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها).
4 ـــ وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ( الإمارة ) بسند أبي عبيد، بلفظ: (إنها أمانة، وإنها يوم القيامة حسرة وندامة، إلاّ من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها)، مع زيادة ( إنك ضعيف )
5 ـــ وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند ( 5/173 ) بهذا اللفظ قال: ثنا حسن، ثنا أبن لهيعة، ثنا الحارث، بسند أبي عبيد ولفظه كما هو مذكور في الحديث الذي في أول صفحتنا هذه.
ملاحظة: فـ " ثنا " هنا إنما هو اختصار لكلمة " حدثنا " فهذا الأسلوب متبع عند المحدثين وأهل ذلك العلم.
6 ـــ وأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 484) بسنده عن يحي بن سعيد، عن الحارث بن يزيد، بسند ولفظ: (إنها أمانة، وإنها يوم القيامة حسرة وندامة، إلاّ من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها).
7 ـــ وأخرجه الحاكم في المستدرك ( الأحكام 4/ 92 ) بسنده عن يحي بن سعيد، عن الحارث بن يزيد بسند ولفظ: (إنها أمانة، وإنها يوم القيامة حسرة وندامة، إلاّ من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها).
وبعد ذلك قال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
8 ـــ وذُكر هذا الحديث في (كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال) لعلاء الدين علي بن حسام الدين ابن قاضي خان القادري الشاذلي الهندي البرهانفوري ثم المدني فالمكي، المعروف والشهير بـ (المتقي الهندي):
أن أبا عوانة وابن خزيمة أخرجاه
ولكني لم أعثر على ذلك ولم يمر عليّ أنني قرأتُ ذلك.
كما أن الذي درّسني ذلك أكتفي بقول ما جاء في ( كنز العمال)
ـــــــــــــــــــــــــ
وبعد كل هذه
استودعكم الله، وسوف بحول الله أعود الى هذا المتصفح ببعض الإسهاب ولكن لحين ميسرة من الوقت.
تحياتي