رد: ألبرت اينشتين حياته وأعماله
10-12-2008, 05:22 PM
III- الفصل الثالث: اينشتاين و فيزياء الكم

III-1- تمهيد:
ظهرت مكانيك الكم في بداية القرن العشرين، حيث جاءت كتعميم وتصحيح لمفاهيم نيوتن الكلاسيكية في الميكانيك، ويمكن تعريف نظرية الكم بأنها ذلك الفرع من الفيزياء التي ندرس من خلالها عالم الأشياء المتناهية في الصغر كالجزيئات والذرات والنويات ومكوناتها من الجسيمات الأولية، و ذلك من حيث حركتها وتفاعلاتها مع بعضها ومع المواد الأخر.
بدأ ميلاد الأفكار الكمية على يد ماكس بلانك (M.Planck) سنة 1849م، إذ قدم إقتراحا لتفسير نتائج تجربة إشعاع الجسم الأسود، وكذا ألبرت اينشتاين الذي فسر الفعل الكهروضوئي إعتمادا على أفكار بلانك. ونعرض في هذ الفصل بعض التجارب التي ساهمت في إبراز مكانيك الكم ومبادئه الأساسية.
III-2- مكانيك الكم:
تعتبر نظرية الكم من أهم الإنجازات العلمية في هذا القرن، وهي نظرية عامة ويمكن إستخدامها لدراسة الأنظمة العيانية. وتعتبر بالتالي النظرية الكلاسيكية حالة خاصة بالنسبة لنظرية الكم الشاملة.


III -2-1 التجارب التي مهدت إلى ظهور مكانيك الكم:
III -2-1-1 الإشعاع الحراري للجسم الأسود:
إن هذه الظاهرة التي سنبدأ بها لتوضيح كيفية ظهور النظرية الكمية والخاصية الجسيمية للإشعاع الكهرومغناطيسي، كانت السبب الأساسي في تفسير كل الظواهر التي كانت معروفة في ذلك الوقت، والتي عجزت الفيزياء الكلاسيكية في تفسيرها، والتفسير الذي وصل إليهبلانك كان نتيجة عدة أعوام من البحث والجهد المستمران من طرف العلماء.

*قانون ماكس بلانك: (Max Planck) (1947-1858)
في14ديسمبر1900م قدم ماكس بلانك اشتقاقا لقانون إشعاع الجسم الأسود في إجتماع الجمعية الفيزيائية الألمانية ببرلين، ويعتبر هذا التاريخ بمثابة يوم ميلاد نظرية فيزياء الكم. وفي اشتقاقه للتعبير النظري لشدة الإشعاع كدالة في الطول الموجي ودرجة الحرارة جاوز بلانك الفيزياء الكلاسيكية عندما وضع لهذا الغرض افتراضا جذريا يمكن صياغته فيما ت يلي: يمكن أن يأخذ أو يفقد المتذبذب ذو التردد الطبيعي الطاقة في كمات، قيمة كل منها حيث h هو ثابت أساسي سمي بثابت بلانك. كانت هذه بداية ظهور ثابت بلانك، أو كما سماه بلانك " الكمة الأولية للفعل".
ويمكن تلخيص افتراضات العالم الألماني ماكس بلانك فيما يلي:
- لا ينبعث الإشعاع إنبعاثا متصلا.
- ينبعث الإشعاع على شكل كمات منفصلة.
- تعتمد طاقة كل كمة على الطول الموجي للإشعاع فتزداد بالتالي بنقصان الطول الموجي.
وينص مبدأ تكميم الإشعاع (مبدأ بلانك) على أنه: يتكون الإشعاع من كمات محددة منفصلة من الطاقة لكل منها تردد محدد، وتتناسب الكمة الواحدة طرديا مع التردد.
III -2-1-2 تفسير إشعاع الجسم الأسود بناءا على مبدأ تكميم الإشعاع:
إنبعاث الإشعاع من الجسم الساخن نتيجة لاهتزاز جزيئاته أو ذراته، وحسب مبدأ تكميم الإشعاع، فان هذه الجزيئات والذرات لا تشع إشعاعا متصلا بل كماتا محددة متتالية من الطاقة، يعتمد مقدار طاقة كل منها على تردد الجزيء أو الذرة. وعند درجة معينة لا تهتز الذرات والجزيئات بتردد واحد وإنما بترددات عالية، و قليل منها يهتز بترددات منخفضة ومعظمها يهتز بترددات متوسطة، أما الجزيئات ذات الترددات المتوسطة فتكون أكثر عددا وهذا ما يفسر ارتفاع شدة الطاقة عند هذه الترددات. [6]
لاشك أن فكرة تكميم الطاقة التي افترضها بلانك في بداية هذا القرن ورغم تناقضها مع الفيزياء الكلاسيكية، وبالتالي عدم قبولها في البداية، قد أدت لميلاد الفيزياء الحديثة. فلقد استخدم ألبرت اينشتاين أفكار بلانك عند تفسيره للظاهرة الكهروضوئية وافترض وجود كمات الضوء (الفوتونات).
III-2-1-3الفعل الكهروضوئي:
في بداية القرن الحالي، كان من المعروف تجريبيا أن الضوء عندما يسقط على سطح معدن فإن الالكترونات تنبعث من هذا السطح، وهذه الظاهرة في حد ذاتها ليست مدعاة للدهشة، لأننا نعلم بأن الضوء عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي، وعلى هذا فإننا نتوقع أن المجال الكهربائي للضوء يمكن أن يحدث قوة على الالكترونات في سطح المعدن ويسبب انبعاث بعض منها. أما ما يدعو للعجب حقا فهو أن طاقة حركة الالكترونات المنبعثة لا تتوقف على شدة الضوء ولكنها تعتمد بالفعل على التردد بصورة بسيطة للغاية، إنها تزداد خطيا مع التردد. في حين أن زيادة شدة الضوء تسبب مجرد زيادة في عدد الإلكترونات المنبعثة في وحدة الزمن، ولكنها لا تؤثر على طاقتها. من الصعب
أن نفهم ذلك على أساس كلاسيكي، فقد كنا نتوقع انه عندما تزداد الشدة لموجة الضوء وبالتالي تزداد سعة المجال الكهربائي في الموجة، فإن الإلكترونات سوف تسرع إلى سرعات عالية.
ترسخت هذه الحقائق قبل عام 1905م بواسطة مجموعة من العلماء. إلا أن القياسات الدقيقة للعلاقة بين تردد الضوء وطاقة الالكترونات المنبعثة، لم تتم حتى عام 1916م عندما درس الموضوع بعناية فائقة بواسطة" روبيرت مليكان"( Robert Millikan).
في عام 1905م اقترح البرت اينشتاين تفسيرا لهذه الظاهرة بناءاً على هذا التفسير أي الطاقة في حزمة من الأشعة الضوئية أحادية اللون تكون على هيئة كمات.
. يجب الإشارة هنا إلى أن المعنى الحقيقي لفرض بلانك كان غامضا، وأن طريقة اينشتاين الجديدة في النظر إلى ظاهرة إشعاع الجسم الأسود كانت خطوة هامة حيث كانت معادلة اينشتاين بمثابة تنبؤ نظري دقيق، وفي هذا الصدد فهي قابلة لإختبارات تجريبية كمية. وهي بالإضافة إلى ذلك تعطي الفرصة لقياس جديد لثابت بلانك بفرض أن آراء اينشتاين صحيحة. وكما ذكرنا من قبل أن هذه المسائل الهامة للغاية قد تمت دراستها بواسطة ميليكان في سلسلة من القياسات المتقنة، والتي وجدها على اتفاق تام مع معادلة اينشتاين. [4]
III-2-1-4 فعل كومتون:
مرة أخرى، تتوضح الطبيعة الجسيمية للضوء في فعل كومتون، حيث يتبدد الإشعاع الكهرومغناطيس (الأشعة السينية) بواسطة الجسيمات المشحونة (الإلكترونات)، وقد درس كومتون سنة 1922م تجريبيا عملية تبديد الأشعة السينية بواسطة الإلكترونات، وقام بتمرير حزمة من أشعةx تواترها من خلال مادة ما.[8]
لايمكن تفسير هذه الظاهرة، والتي تعرف بظاهرة كومتون من خلال نظرية طومسون الكلاسيكية. ولقد استخدم كومتون أفكار بلانك واينشتاين عن تكميم الطاقة لتفسير هذه الظاهرة، فافترض أن الإشعاع يتفاعل مع المادة على صورة كمات منفصلة من الطاقة (فوتونات)، و أعتبر الفوتونات وكأنها جسيمات، و درس بالتالي تصادم الفوتون والإلكترون كتصادم الجسيمات المادية، مستخدما الميكانيك النسبي. ويظهر الشكل (6) عملية التصادم بين الفوتون الساقط مع الإلكترون الساكن. [7]
III-2-1-5 تجربة دافيسون وجيرمر (Davisson- Germer):
لاحظ دافيسون وجيرمر عام 1927م، في إطار إجراء تجربة على أشعة x، أنه لدى إرسال سيل من الجسيمات (إلكترونات ) نحو بلورة، فإنها تظهر أهداب على شاشة جانبية شكلها مماثل لشكل الحيود الذي نحصل عليه عندما نستعمل حزمة ضوئية.
بما أن الأهداب سمة تختص بها الأمواج فقط، فكان من اللازم اعتبار أن حركة هذه الجسيمات (الإلكترونات) تصفها أمواج، وهذا أمر غريب عن المفاهيم التقليدية.
تعتبر هذه التجربة تأكيدا لفرضية "بور" في ما يخص مبدأ التكامل الذي يقتضي أنه يجب استعمال إما النظرية الموجية أو النظرية الجسيمية من أجل فهم التجارب (الأطياف).
وهذا هو المعروف بازدواجية السلوك للأجسام المادية ويطلق على الأمواج التي تصف حركة الجسيمات أمواج الجوهر. [8]
III -2-1-6 مثنية موجة –جسيم للضوء: لقد أدخلت فكرة كمات الطاقة لأول مرة من قبل بلانك في بداية القرن العشرين بهدف شرح بعض التأثيرات الأشد تعقيدا من الكهروضوئية. ولكن بينت الكهروضوئية بشكل واضح وبسيط ضرورة تغيير مفاهيمنا حول ماهية الضوء.
لو نهمل النظرية الموجية الضوء، ونفترض أن بنية الضوء حبيبية ومؤلفة من كمات ضوئية (فوتونات) تنتقل في الفضاء بسرعة الضوء. وهكذا يتكون الضوء حسب الصورة الجديدة من وابل من الفوتونات، بينما يشكل الفوتون الكم الأولي لطاقة الضوء.ولكن عند إهمال النظرية الموجية للضوء،فان مفهوم طول الموجة يختفي من الوجود، ويحل محله مفهوم طاقة كمات الضوء.
إذن توجد ظواهر يمكن تفسيرها بواسطة نظرية الكمات، وليس عن طريق النظرية الموجية. وتعد الكهروضوئية مثلا على ذلك، ومن ناحية أخرى، هناك ظواهر يمكن شرحها بواسطة النظرية الموجية لا بواسطة نظرية الكمات، ومن بين هذه الظواهر التداخل والانعراج. وهناك ظواهر كالانتشار المستقيم للضوء، يمكن تفسيره بواسطة النظريتين على السواء النظرية الموجية والنظرية الكمية.
لكن ما هي حقيقة الضوء ؟ هل هو موجة أم سيل من الفوتونات ؟ يبدو أنه من غير المحتمل القيام بوصف متماسك لظواهر الضوء إذا استخدمنا واحدة فقط من النظريتين السابقتين. إننا نرى أنفسنا في بعض الأحيان مرغمين على استخدام واحدة من النظريتين فقط، كما نستطيع من وقت لأخر استعمال النظريتين معا. فإذا أخذنا كل نظرية منها على حدة، فهي غير قادرة على تفسير جميع الظواهر الضوئية بشكل كامل، بينما إذا أخذنا النظريتين معا فإننا نتمكن من ذلك. [1]
وهكذا نصل إلى مفهوم إزدواج جسيم –موجة
إن النظرية الموجية والجسيمية للضوء متلازمتين، فالضوء يظهر كأن لديه سلوكين. ففي الحالات التي يتفاعل فيها الحقل الكهرومغناطيسي مع المادة تكون عمليات تبادل الطاقة بين الحقل والمادة مكممة. يتم كل شيء وكأن الضوء مؤلف من فوتونات. أما في الحالات الأخرى كظواهر التداخل وانتشار الطاقة (بلا امتصاص ولا إشعاع ) يكون الضوء كموجة حقل كهرومغناطيسي مستمر. [8]
III-2-2 المبادئ الأساسية في ميكانيك الكم:
لقد أسس هذا العلم على مبادئ محددة أهمها:
1- إن تلك الأشياء المتناهية في الصغر أو المنظومات ذات الوجهين، إحداهما تمثله الخواص الجسيمية لتلك الأشياء و الأخرى تمثله خواص موجية ناتجة عن افتراض وجود موجات تواكب حركة هذه الأشياء. وهذا يؤدي بنا إلى افتراض حالة تصف تلك الازدواجية في خواص سميت بالدالة الموجية أو دالة الحالة و تتميز تلك الدالة بصفات رياضية محددة.
2- يتميز الميكانيك الجديد بظهور الصفة الاحتمالية، وهو ما يخالف الميكانيك التقليدي حيث يمكن تحديد حركة كل جسيم بشكل محدد و دقيق، وأن وضع الجسيم و سرعتهعند أي لحظة زمنية يمكن تحديده بدقة تامة، وفي ميكانيك الكم ظهر مبدأ عدم التحديد الذي وضعه "هيزنبرغ" والتي تخضع لها الجسيمات الدقيقة بصورة عامة، وتنص على عدم التحديد الدقيق و المتزامن لموضع الدفع الخطي (كمية الحركة) للجسيم في لحظة ما ويصبح الحديث فقط عن احتمال وجود الجسيم في منطقة معينة و ليس عن مكان وجوده بالضبط.
3- أصبح المعنى الدقيق للدالة الموجية غير واضح بالنسبة للعلماء على الرغم من إجراء آلاف الحسابات الجيدة عليها. و يختلف العلماء كثيرا في معنى الدالة الموجية، ولكنهم يتفقون على اقتراح "ماكس بورن" الذي يقول: أن مربع الدالة الموجية يعني احتمال وجود الجسيم في مكان ما في الفضاء في زمن معين.
4- يتميز الميكانيك الجديد عن الميكانيك التقليدي باستخدام مجموعة من المؤثرات وهي كميات رياضية ذات خواص، و ذلك بدلا من الكميات العادية التي تصف الخواص الطبيعية للجسيمات، في الميكانيك التقليدي، فبدلا من الحديث عن السرعة أو الطاقة يكون الحديث عن مؤثر السرعة و مؤثر الطاقة و هكذا. [9]
III -2-3 معادلة شرودينغر:
تعتبر معادلة شرودينغر معادلة الحركة الأساسية التي تصف الجسيمات الدقيقة في ميكانيك الكم، وتطبق عادة على الجسيمات ذات السرعات التي تقل كثيرا عن سرعة الضوء و التي تسمى بالجسيمات اللانسبية. أما إذا انتقلنا إلى الجسيمات التي تتحرك بسرعات عالية جدا تقترب من سرعة الضوء أو تساويها فإن هذه المعادلة قد فشلت في تفسير بعض الظاهرة الفيزيائية في هذا المجال من السرعات، مما أدى بالعالم الانجليزي "بول ديراك" (P.Dirac) أن يقوم بوضع نظرية جديدة عام 1927م، مزج فيها ميكانيك الكم و النظرية النسبية التي وضعها اينشتاين عام 1905 لتفسير حركة الجسيمات ذات السرعات العالية، و سميت النظرية الجديدة بميكانيك الكم النسبي و استبدلت فيها معادلة شرودينغر بمعادلة جديدة سميت معادلة ديراك وتم تطبيق النظرية الجديدة بنجاح لتفسير عدد من الظواهر الجديدة التي لم يكن من الممكن تفسيرها باستخدام نظرية شرودينغر (اللانسبية). [9]
III-3- اينشتاين ومبدأ التحديد لهايزنبرغ:
III-3-1 رأي اينشتاين في المبدأ:
كان اينشتاين أشد العلماء سخطا على بور، فعلى رغم اشتراكه في صياغة نظرية الكم، إلا أنه لم يشعر بالارتياح أبدا، معتقدا إما أن تكون خطأ، أو تعبر في أفضل الأحوال على نصف الحقيقة. و من أشهر عباراته "إن الله سبحانه عندما خلق الكون أقام قوانين واضحة محكمة، ليس فيها مجال للدعابة أو العبث".
أعلن اينشتاينأن إختلال عالم الكم ليس إختلالا أساسيا بل مظهر مصطنع. فعند مستويات أعمق من الوصف تسود سلامة الحكم على الأمور.
حاول اينشتاين أن يجد هذا المستوى الأعمق من خلال جدل متواصل مع بور الذي يعتبر من أقوى مفسري: (نهج سياسة المجتمع العلمي ) الذي أكد أن غموض الكم شيء متأصل في الطبيعة ولا يمكن الخلاص منه. وشن اينشتاين العديد من الهجمات التخيلية على لا يقينية الكم، محاولا إبتكار تجارب فكرية كما تعرف بذلك- قصد منها الكشف عن وجود خطأ منطقي في وجهة نظر رسمية. وكان من عادة بور مرارا و تكرارا القيام بهجوم مضاد ليفند دعاوي اينشتاين. [3]
III-3-2 عندما كان اينشتاين على خطأ:
تأسست حجة "اينشتاين ـ بودولسكي ـ روزن" على فرضيتين أساسيتين. الأول: لا يمكن أن يؤثر قياس يجري في أحد الأماكن بصورة لحظية على جسيم موجود في موقع آخر بعيد. وأساس هذا الاعتقاد هو أن التفاعلات بين النظامين تميل إلى الاضمحلال كلما بعدت المسافة، ومن الصعب أن نتخيل إلكترونين على مسافة عدة أمتار، فما بالك بتأثير مكان وحركة أحدهما على آخر، يبعد عنه عدة سنوات ضوئية بصورة فعلية، ورفض اينشتاين هذه الفكرة وأسماها " التأثير الشبحي عن بعد ((ghostly action atdistance.
كان السبب المهم لهذا الرفض هو إعتقاد اينشتاين بأنه لا توجد إشارة أو تأثير يمكن أن ينتقل بسرعة أكبر من سرعة الضوء، و تلك هي الفرضية الأساسية لنظرية النسبية، ولا يمكن التخلي عنها بسهولة. ومن بين أشياء أخرى، فإن غياب التأثير الأسرع من الضوء يعتبر عنصرا أساسيا في ترسيخ معنى للماضي والمستقبل خلال الكون، فكسر حاجز الضوء يشبه التأثير العكسي للزمن، وهو إمكانية بالمقارنة.
وكان الفرض الأساسي الثاني الذي إفترضه اينشتاين وزملائه هو "الحقيقة الموضوعية". فقد إفترضوا أن الخاصية( كالمكان أو كمية تحرك جسيم) توجد بشكل موضوعي، حتى لو كان الجسيم في مكان بعيد، ولم ترصد هذه الخاصية بشكل مباشر. وهذا هو إختلاف وجهة نظر اينشتاين عن بور، فوفقا لبور، لا يمكن ببساطة أن تنسب صفات مثل المكان وكمية التحرك لجسيم إلا إذا قمت بإجراء رصد فعلي له. فالقياس عن طريق الغير لا يفي بهذا الغرض، وإستخدام جسيم آخر شريك يعتبر أسلوب مضل.
وخلال السبعينات أجرت بعض المجموعات العلمية سلسلة من التجارب على مشكلة الأزواج المترابطة ومن أنواع عديدة منها، على الرغم من أن أحدا منها لم يحقق الدقة المطلوبة التي تجعل النتائج صحيحة، وفي النهاية أدخل" آلان أسبكت"( A.Aspect) في باريس بعض التحسينات وبدأ في عام 1981 سلسلة من التجارب على زوج من الفوتون بزاوية إستقطاب معينة، ويتحركان بصورة متقابلة، وينبعثان من ذرة واحدة ، وتمخض البرنامج عن تجربة أجريت في صيف عام 1982 بدت أنها حسمت الموضوع للمرة الأولى فقد كانت النتائج واضحة لا تقبل الشك، لقد كان اينشتاين على خطأ، فلا يمكن إهمال لا يقينية الكم، فهي حقيقية ، ولا يمكن تجاهلها.
و الحقيقة البسيطة (حقيقة الأزواج اللذين لهما خصائص محددة في غياب الرصد) لا يمكن إقرارها فقد وضع "أسبكت" آخر مسمار في نعش فيزياء التمييز السليم أو الواقعية. [3]