رد: ابن تيمية وجهوده في كشف حقيقة التتر
21-06-2017, 02:03 PM

أولا: انتشار المذهب الحلولي الاتحادي الصوفي:
فقد عَمِلَ فَلاسِفةُ الصُّوفيةِ الملاحِدَةِ على نَشرِ عَقيدَةِ الحُلولِ والاتحَادِ في العالم الإسلامي، وتمييع حقيقة دين الإسلام؛ ما مَكَّن للزنادقة مِن تمريرِ العقائدِ الكُفريَّةِ والشِركيَّةِ للعَامَّة.
يقول شيخ الإسلام عنهم: " أمَّا مُحقِّقُوهم وجُمهُورُهم، أي: مَلاحِدَةُ الصُّوفيةِ الاتحاديَّةِ، فيَجوزُ عندَهم التَّهودُ والتَّنصُّرُ والإسلامُ والإشراكُ، لا يُحرِّمُون شيئاً مِن ذلك، بل المحقِّقُ عندَهم لا يُحرِّمُ عليه شَيءٌ ولا يَجبُ عليه شَيءٌ. ومَعلُومٌ أنَّ التتر الكُفَّارَ خَيرٌ مِن هَؤلاءِ، فإنَّ هؤَلاءِ مُرتدُّون عن الإسلامِ مِن أَقبح ِأَهلِ الرِّدةِ، والمرتَدُّ شَرٌّ مِن الكَافِر الأَصلي مِن وُجُوهٍ كثيرةٍ"[5].
ويقول: " كثيراً ما كُنتُ أَظُنُّ أنَّ ظُهورَ مِثلِ هَؤلاءِ أَكبَرُ أَسبَابِ ظُهورِ التتر، واندراسِ شَريعَةِ الإِسلامِ، وأنَّ هؤلاءِ مُقدِّمَةُ الدَّجالِ الأَعورِ الكذَّابِ الذي يَزعُمُ أنَّه هو الله، فإنَّ هؤلاءِ عِندَهم كُلُّ شَيءٍ هو: الله"[6].
" فإنَّ هؤلاءِ أَفسَدوا على النَّاسِ عُقُولَهم وأَديانَهم، وهُم يكثُرون ويَظهَرُون فيما يُنَاسِبهم مِن الدُّول الجَاهِليةِ، كدَولَةِ القرامطةِ البَاطِنيةِ العُبيدِيةِ، ودَولةِ التتر، ونحوهم مِن أَهلِ الجهلِ والضَّلالِ، وفي دُولِ أَهلِ الرِّدةِ والنِّفاقِ، وذلك أنَّ هؤلاء: أَعظَمُ جَهلًا وضَلالًا مِن اليَهودِ والنَّصارَى والمجُوسِ ومُشرِكي العَربِ والهندِ والتُّركِ وكَثيرٍ مِن الصابئين[7]".

ثانيا: تعاطي الحشيش المخدر، وما يمثله من ضياعٍ للعقولِ وخروجٍ عن الوعي:
"وهذه الحَشِيشَةُ.. أَوَّلُ ما بَلغَنا أَنَّها ظَهَرَت بين المسلمين في أَواخِرِ المائَةِ السَّادِسَةِ وأَوائِلِ السَّابِعَةِ، حيثُ ظَهرَت دَولَةُ التتر، وكان ظُهورُها مَع ظُهورِ سَيفِ جنكيز خان، لمـَّا أَظهَر النَّاسُ ما نهاهم الله ورسُولُه عنه مِن الذُّنوبِ سَلَّطَ اللهُ عليهم العُدو، وكانت هذه الحشِيشَةَ الملعُونَةَ مِن أَعظَمِ المنكَراتِ، وهي: شَرٌّ مِن الشَّرابِ المسكِرِ مِن بَعضِ الوجوه، والمسكِرُ شَرٌّ مِنها مِن وَجهٍ آخر، فإنَّها مع أنَّها تُسكِرُ آكِلَها حتى يَبقَى مَصطُولًا تُورِثُ التَّخنِيثَ والدُّيُوثَةَ، وتُفسِدُ المزَاجَ فتَجعَلُ الكبيرَ كالسَّفتجَةِ، وتُوجِبُ كَثرَةَ الأَكلِ، وتُورِثُ الجُنونَ وكَثيرٌ مِن النَّاس صَارَ مجنونًا بَسبَبِ أَكلِها"[8].
ويقول: "والحَشِيشَةُ ممَّا يشتَهيها آكِلُوها، ويمتَنِعُون عن تَركِها، ونُصُوصُ التَّحريمِ في الكِتَّابِ والسُّنَّةِ على مَن يتَناوَلها كما يَتنَاولُ غَيرَ ذلك، وإنَّما ظَهرَ في النَّاسِ أَكلُها قَريبًا مِن نحو ظُهورِ التتر؛ فإنَّها خَرجَت وخَرجَ معها سَيفُ التتر"[9].

ثالثا: ظهور الرافضة وتعاونهم مع التتر:
وما قاموا به من خيانة للأمة، فهو يقول:
" ومِن العَجبِ مِن هؤلاءِ الرَّافِضةِ: أنَّهم يدَّعُون تَعظيمَ آل محمد -عليه أَفضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام- وهُم سَعَوا في مجيءِ التَترِ الكُفَّارِ إلى بغداد دَارِ الخِلافَةِ، حتى قَتَلَ الكُفَّارُ مِن المسلمين مَا لا يُحصيه إلا الله تعالى مِن بني هاشم وغيرهم، وقَتَلوا بجهات بغداد أَلفَ أَلفَ وثمانمائةَ أَلفَ ونَيفًا وسَبعينَ أَلفًا، وقَتلَوا الخَليفَةَ العباسي، وسَبَوا النِّساءَ الهاشميات وصِبيانَ الهاشميين"[10].
ويقول: " وأمَّا إعانتَهم لهولاكو -ابن ابنه- لمـَّا جَاءَ إلى خُراسَان والعِراقَ والشَّامَ، فهذا أَظهَرُ وأَشهَرُ مِن أن يخفَى على أَحَدٍ، فكانوا بالعِراقِ وخُراسَان مِن أَعظَم أَنصَاره ظَاهِرًا وبَاطِنًا، وكان وزَيرُ الخليفةِ ببغداد، الذي يُقالُ له ابن العَلقَمي مِنهم، فلم يَزَل يَمكُرُ بالخليفةِ والمسلمين، ويَسعَى في قَطعِ أرزاقِ عَسكَرِ المسلمين وضَعفِهم، ويَنهَى العَامَّةَ عن قِتَالهم، ويَكيدُ أنواعا مِن الكيد، حتى دخلوا فقتلوا مِن المسلمين ما يُقال إنَّه بَضعَةَ عَشرَ أَلفَ أَلفَ إنسان، أو أكثر أو أقل، ولم يُرَ في الإسلامِ مَلحَمَةً مِثلَ مَلحَمَةِ التُّركِ الكُفَّاِر، المسمَّين بالتتر، وقَتلَوا الهاشميين وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسيين، فهل يكون مواليا لآل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَن يُسلِّطُ الكُفَّارَ على قَتلِهم وسَبيهم وعلى سائر المسلمين؟!"[11].
ويقول عن الرَّافضَةِ أيضا: " وهم كانوا مِن أَعظَمِ الأَسبَابِ في دُخُولِ التتر قَبلَ إسلامِهم إلى أَرضِ المشرِقِ بخُراسان والعِراقَ والشَّامَ، وكانوا مِن أَعظمِ النَّاس مُعاوَنةً لهم على أَخذِهم لبِلادِ الإسلامِ وقَتلِ المسلمين وسَبي حَريِمهم. وقضية ابن العلقمي وأمثاله مع الخليفة، وقضيتهم في حَلَب مع صَاحِبِ حَلَب، مشهورة يعرفها عمومُ النَّاسِ"[12].

يتبع إن شاء الله.