رد: ألبرت اينشتين حياته وأعماله
09-12-2008, 09:57 PM
II- الفصل الثاني : اينشتاين و الفيزياء الكلاسيكية

-1-II تمهيد:
في بداية القرن التاسع عشر، سيطر على الفكر الفيزيائي إعتقاد مفاده أن علم الفيزياء المستند إلى مكانيك نيوتن وكهرومغناطيسية ماكسويل، قد بلغا درجة من الكمال و) الكمال لله (، حيث لايمكن تصور أدني تغير أو تطوير للمفاهيم الفيزيائية آنذاك، و مع ظهور النظرية النسبية لاينشتاين تغيرت جميع التصورات لمفاهيم الفيزياء الكلاسيكية.
سنحاول في هذا الفصل بيان بإيجاز شديد نشأة وتطور فروع الفيزياء الكلاسيكية.
-2-IIالفيــزياء الكلاسـيكية:
II -1- 2-الميكانيك والفلك:
كان" تيخوبراه"(T.Brahé) ، (1546-1601) أول عالم فلكي تجريبي يقوم بعملية الرصد لحركات الكواكب، وقام تلميذه "جوهانز كبلر"(J.Kepler) ، (1571-1630) صاحب المواهب الرياضية الكبيرة، بوضع الصيغة الرياضية التي تعبر عن حركة الكواكب في قوانين ثلاث عرفت بإسمه، حيث يوضح القانون الأول شكل المدارات التي تتحرك فيها الكواكب حول الشمس، على شكل قطوع ناقصة وليست دائرية، كما اعتقد "كوبرنيكوس"، وأن الشمس تقع في إحدى بؤرتي هذا القطع.
يحدد القانون الثاني حركة الكواكب حول الشمس: إن الكوكبفي حركته حول الشمس يغطي مساحات في مدارات متساوية.
يعطى القانون الثالث العلاقة بين زمن دورة الكوكب حول الشمس وبعد هذا الكوكب عنها، وينص في صورته الرياضية على أن مربع الزمن الدوري يتناسب مع مكعب نصف هذا البعد.
أما علم الميكانيك بصورته الحديثة، يمكن تحديد بدايته بأعمال الفيزيائي غاليلوغاليلي (Galilée) (1524-1642) وكان معاصرا لكيبلر، ويعتبر المؤسس الأول لعلم ميكانيك ولعلم الفلك الحديث. يمكن تلخيص أعمال غاليلو في الميكانيك فيما يلي:
1. السقوط الحر للأجسام والحركات ذات التسارع المنتظم.
2. حركة القذائف

3. الحركة على المستوى المائل.
4. الكشف عن قانون تحليل و تركيب السرع. فإذا انتقلنا إلى القرن السابع عشر نجد العالم الذي قدم الكثيرمن الانتصارات والإنجازات في الميكانيك والفلك بدون منازع وهوٌ إسحاق نيوتنٌ (Newton) (1642-1737) الذي قام بنشر أرائه وأفكاره في كتابه الشهير (الأسس الرياضية للفلسفة الطبيعية) عام 1687م. في هذا الكتاب عرض نيوتن قوانينه الثلاث المشهورة في علم الميكانيك، يعبر أولها عما يسمى بقانون العطالة، و ينص على أن الجسم يظل على حالته الطبيعية، مالم تؤثر عليه قوة خارجية تغير من حالته.
ويحدد القانون الثاني العلاقة بين القوة المؤثرة على جسم ومعدل تغير كمية حركته. أما القانون الثالث فينص على أن لكل فعل رد فعل مساويا له في القيمة ومعاكسا له في الإتجاه. من هذه القوانين إستطاع نيوتن تعريف القوة والكتلة، وتوضيح الفرق بين الكتلة والثقل و كذلك قانون حفظ كمية الحركة(الدفع الخطي).
قدم نيوتن بالإضافة إلى هذه القوانين، قانون الجذب العام، والذي ينص على أن أي جسمين يتجاذبان فيما بينهما بقوة تتناسب طرديا مع حاصل جداء كتلتيهما وعكسيا مع مربع المسافة بينهما.[9]
-2-II2- نشوء النظرية الذرية:
كان معلوما قبل اينشتاين، أن الحرارة مرتبطة بحركة الجزيئات حركة غير منتظمة:فكلما إرتفعت درجة الحرارة ازدادت هذه الحركة، لكن لم يكن هناك دليل مباشر على وجود الجزيء، لأن التركيب الجزيئي للمادة كان لا يزال فرضا يمكن الشك فيه.
و كان من المعروف أيضا، أن دقائق المادة صغيرة جدا، وترى بالميكروسكوب، فإذا وضعت في سائل، فإنها تنشط وتتحرك حركة غير منتظمة. وقد إكتشف هذه الظاهرة العالم النباتي الإسكتلندي «روبير براون "(R.Brown) في ذرات اللقاح الموضوعة في الماء وعرفت بإسمه منذ ذلك الحين، و أطلقت عليها اسم الحركة البراونية، ولا تعود هذه الحركة إلى إهتزاز الوعاء أو تيار الهواء أو أي شيء آخر غير ذات الجزيء، وهي تزداد كلما إرتفعت حرارة السائل.
وعند مجيئ أينشتاين عام 1902م، أعاد النظر في هذه الحركة وربطها بالنظرية السابقة التي تقول، بان حركة الجزيئات غير منتظمة، ومتناسبة مع درجة الحرارة، وأثبت أن نتائج هذه النظرية تنطبق على الدقائق المرئية بالميكروسكوب، أي أن الحركتين من نوع واحد. ومن ملاحظة حركة هذه الدقائق المرئية تمكن من إستخراج معلومات جمة عن الجزيئات غير المرئية، فوضع قانونا مؤداه أن معدل إنتقال هذه الدقائق في إتجاه ما، يكبر بنسبة الجذر التربيعي للمدة. وأظهر في سنة 1905م، كيف يمكن تحديد عدد الجزيئات في وحدة من الحجم ، وذلك بقياسه للمسافات التي تقطعها الجزيئات المرئية.
ثبتت هذه النظرية أخيرا على يد الفيزيائي الفرنسي "جان بران" (J.Bran)، كما أدرجت ظاهرة الحركة البراونية فيما بعد في مقدمة البراهين المباشرة على الحقيقة الجزيئية. [5]
II -1-3- نشوء النظرية الكهرومغناطيسية:
إن أهم إنجاز تم في علم الفيزياء في القرن التاسع عشر، هو توحيد المجالين الكهربائي والمغناطيسي على يد العالم الإنجليزي جيمس ماكسويل (1831-1879). حيث قام ماكسويل بدراسة تجارب" فارداي" وأفكاره عن تاثيرالمجال الكهربائي على العوازل، وكيف يولد المجال إستقطابا كهربائيا في شحنات المادة. أدخل ماكسويل فكرة تيار الإزاحة، حيث إعتبر أن تغير قيمة فرق الإستقطاب الكهربائي من نقطة إلى أخرى داخل العازل يمكن أن يعتبر تيارا كهربائيا، مثل التيار الكهربائي المار في الموصلات.
وتوصل ماكسويل إلى معادلات رياضية جديدة، سميت بمعادلات ماكسويل، تربط بين المجالين الكهربائي والمغناطيسي الناتجين عن الشحنات والتيارات الموجودة في الأنظمة الفيزيائية. ولا تزال هذه المعادلات حتى اليوم، تشكل أساس المعالجة الدقيقة للنظرية الكهرومغناطيسية الكلاسكية. وكان من نتائج حلول تلك المعادلات، هو وجود حل موجي يدل على حدوث إنتشار للمجالات الكهربائية والمغناطيسية على شكل موجات داخل المادة، أطلق عليها الموجات الكهرومغناطيسية. وحددت المعادلات سرعة هذه الموجات في الفراغ، ووجد أنها تساوي سرعة الضوء في هذا الفراغ، مما أدى إلى الاستنتاج الهام بأن الضوء هو في الواقع موجات كهرومغناطيسية ذات تردد طولي وموجي معينين. [9]

ماهية الضـــوء: -4-1- II

منذ قديم الأزمنة، كانت خواص الضوء مثارة للدهشة، كما كانت طبيعة الضوء دائما موضوعا لتأملات كثيرة، ففي عصر نيوتن، كان كل علماء تلك الفترة تقريبا، يقومون بأبحاث علمية في طبيعة الضوء، إلا أن الطبيعة الداخلية للضوء ظلت محل جدل وحتى مطلع القرن الحالي. و من خلال عصر نيوتن، ولسنوات خلت بعد ذلك كان هناك خلاف حول ما إذا كان الشعاع الضوئي هو تيار من الجسيمات أو أمواج من نوع معين. وقد كان نيوتن من أعظم مؤيدي النظرية الجسيمية، ونظرا لمكانته، فإن الكثيرمن العلماء كانوا يميلون لرأيه.

في عام 1670م استطاع "كريستان هينجنز"، وهو أحد معاصري نيوتن أن يفسركثير من خواص الضوء بإعتباره موجيا في طبيعته. وقد كان لكلتا هاتين الفكرتين حول طبيعة الضوء مؤيديها.

و ظل الأمر كذلك حتى عام 1803م، حين قدم " توماس يونج" (وبعدها بقليل أوجستين فرنل ) برهانا يوضح أن الأشعة الضوئية تستطيع التداخل مع بعضها البعض مثل الأمواج الصوتية وبهذا أصبحت النظرية الموجية مقبولة عالميا. وفي ذلك الوقت أمكن قياس سرعة الضوء في الماء، وقد كانت هذه النتيجة مناقضة للنظرية الجسيمية ومؤيدة للنظرية الموجية. وبحلول عام 1865م، حين أثبت ماكسويل نظريا أن الأمواج الكهرومغناطيسية يجب أن تنتقل بسرعة الضوء، أمكن بارتياح كبير تقبل فكرة أن للضوء طبيعة موجية.[2]
وهكذا فقد بدا بانقضاء القرن التاسع عشرالإجابة عن السؤال حول طبيعة الضوء بشكل نهائي، وأن الضوء هو موجة غير مادية تتكون من مجال كهربائي وآخرمغناطيسي تنتقل الموجة عبر الفراغ دون الحاجة إلى وجود جسم مادي لنقلها. إلا أن الطبيعة تدخل دائما مفاجئات محيرة تظهر في اللحظة التي نظن فيها أننا وصلنا إلى الحل المريح، فقد شهدت السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر والسنوات الأولى من القرن العشرين تحديات تتصدى لهذا الحل. حيث إتضح أن طيف الضوء الذي تشعه الأجسام الساخنة، لا يمكن تفسيره من خلال النموذج الموجي، الذي لم يتمكن أيضا من تفسير الأثر الكهروضوئي. هذا ما أدى إلى ضرورة وضع نظرية جديدة تتجسد في نظرية الكم. [9]

-3- II الفيزياء النسبية:
كان لإعلان النظرية النسبية اثر عميق في تفكير الإنسان بشكل عام، فقد جاءت على مرحلتين متتاليتين واحدة تقود الأخرى، فكانت النسبية الخاصة عام 1905 والنسبية العامة عام 1917، وأدت هذه النظرية إلى دمج ثلاثة أبعاد مكانيه مع بعد زمني في فضاء رباعي الأبعاد ومتعدد الجوانب، فأحدث ذلك تغييرا عظيما في الفلسفة ناهيك عن التغيرات في الفيزياء.

- النسبية الخاصة: 1 -3-II

لكي نستطيع فهم النسبية نحتاج إلى معرفة الأسباب التي أدت إلى نشوئها كطبيعة الضوء ونظرية الأثير وتجربة "ميكلسون" و"مورلي" التي أحدثت إضطرابا كبيرا في الفيزياء.
II-3-1- 1قوانين تركيب السرع :
يعتمد عمل الفيزياء على القيام بالملاحظات، تترجم تلك الملاحظات بقياسات المسافات والأزمنة، ثم محاولة ربط هذه القياسات في ما بينها في شكل قوانين. علينا أن نفهم بأن القياسات التي يقوم بها ملاحظ ما تكون منسوبة إلى الملاحظ نفسه، حيث أن نفس النقطة من الفضاء، تعرف بشكلين مختلفين بالنسبة لمعلمين Rو'R، وإذا ما أردنا الحصول على دراسة فعلية للواقع يجب البحث عن وصف يتفق عليه كلا الملاحظين، أي إيجاد صيغة عملية لا تتغير فيها شكل القوانين، وهذاما يقودنا إلى البحث عن تحويلة تحافظ على شكل القوانين. التحويلة التي كانت موجودة في تلك الفترة هي تحويلة غاليلي، تسمح هذه التحويلة بإيجاد علاقة بين إحداثيات ظاهرة في معلم عطالي ( R) وإحداثيات نفس الظاهرة في المعلم('R) فنلاحظ بأن تحويلة غاليلي تحافظ على شكل المبدأ الأساسي للتحريك.
لكن إذا أخذنا إحدى معادلات ماكسويل في غياب الشحن والتيارات ولتكن في معلم (R)، وباستعمال تحويلة غاليلي فهذه المعادلة لم تصمد أمام هذه التحويلة بل تغيرت، ومنه نصل إلى النتائج الهامة والتي تتمثل في عدم صمود معادلات ماكسويل بالنسبة لتحويلة غاليلي، لذا كان على الفيزيائين في نهاية القرن 19م إختيار أحد الطرفين:
1. إما أن معادلات ماكسويل صالحة في معلم محدد له خصائص مطلقة و يختلف عن باقي المعالم، ومنه معادلات ماكسويل لا تخضع لتحويلات غاليلي.
2. أوأن معادلة ماكسويل صالحة في كل المعالم العطالية، وفي هذه الحالة فإن سرعة الضوء لاتخضع لقانون جمع السرع، وتصبح سرعة مطلقة ومنه عدم صلاحية تحويلات غاليلي وكذا المبدأ الأساسي للتحريك.[13]
أدت هذه الخيارات إلى طرح السؤال التالي: هل هناك معلم مطلق مفضل ؟
II-3-1-2 البحث عن الإطار المرجع – الأثير :
رغم علم نيوتن بوجود عدد لانهائي من المعالم العطالية المتكافئة، إلا أنه كان يفضل فكرة المعلم المطلق الذي تتحرك فيه كل أجسام الكون، وهذه الفكرة كانت من منطلق ديني وأيدتها ظاهرة إنتشار الأمواج.
عندما اظهر ماكسويل، بأن الأمواج الكهرومغناطيسية تنتقل بسرعة الضوء، ولا تحتاج إلى وسط مادي للإنتشار، كان من الصعب على العلماء تقبل أن الأمواج الضوئية تنتقل في الفراغ، خاصة عند مقارنتها مع الأمواج الصوتية التي تنتقل عبر الماء أوالهواء أو الأجسام الصلبة، لذلك كان يعتقد أن للأمواج الكهرومغناطيسية وسط تنتشر عبره سمي الأثير. لقد أعطى العلماء خصائص للأثير بما يناسب تجاربهم، وأتفق أنه من خصائص الأثير، أنه يملأ الفراغ الفيزيائي كله وأنه يبقى ساكنا في معلم نيوتن المطلق، وإذا كان هذا صحيح فإن للأرض سرعة بالنسبة الى الأثير.
لقياس هذه السرعة، قام ميكلسون و مورلي بإجراء تجربتهم الشهيرة سنة 1881م وقد كانت هذه التجربة من أشهر التجارب في القرن التاسع عشر، والتي أدت إلى ثورة علمية لأن نتائجها كانت تعاكس تماما أفكار الباحثين المؤيدين لفكرة الأثير، وقد دامت هذه التجربة أكثر من 48 سنة. [18]
II-3-1- 3تجربة ميكلسون و مورلي : (Morly et Michelson)
التجربة التي أجراها كل من العالمين ميكلسون و مورلي لقياس الفرق في سرعة الضوء بالنسبة للأثير، وذلك من خلال جهاز يسير فيه الضوء مسافة معلومة مرة مع تيار الأثير، ثم ينعكس على سطح مرآة، ويعود ليتداخل مع شعاع ضوئي آخر، قد ينعكس عن مرآة تبعد نفس المسافة، بحيث أن الشعاع الثاني يسير عموديا على إتجاه الأثير.
يحدث ذلك تداخلا لشعاعين، مما ينتج للمشاهد أهداب تداخل، عبارة عن مناطق مضيئة ومناطق معتمة تتغير بتغير سرعة الضوء. وبإجراء حسابات بسيطة نجد أن الشعاع الضوئي الموازي للأثير، يستغرق زمنا أطول، لإكمال رحلة الذهاب والإياب، عن الزمن اللازم للشعاع الذي يسيرعموديا على الأثير. هذا الإختلاف يتغير إذا أديرت الطاولة التي تحمل التجربة، بحيث يصبح الشعاع الموازي للأثير عموديا، والشعاع الذي كان عموديا يصبح موازيا للأثير.
توقع العلماء عند دوران التجربة بالنسبة للأثيرأن يحدث تغيرا في الأهداب المتكونة نتيجة للتداخل بين الشعاعين الضوئيين للإختلاف في الزمن بينها، بحيث يحل الهدب المضيئ مكان الهدب المعتم وهكذا.
كانت نتيجة التجربة على غير المتوقع، ولم يحدث تغيرا في مواقع أهداب التداخل، و أعيدت التجربة مرات عديدة في مناطق مختلفة على الأرض، وفي أوقات مختلفة. ولكن دائما لم يكن هناك تغيرا في مواقع الأهداب التي كان يتوقعها العالمان من نتائج التجربة. هذه النتيجة السلبية، صدمت العلماء في صحة نظرياتهم الكلاسيكية، وتمسك العلماء بفرضية الأثير، وجعلتهم يقولون تارة، أن الأثير لابد أنه يسير مع الأرض، وتارة أخرى يقولون أن الأجسام تنكمش في إتجاه حركتها خلال الأثير، وغيرها من الاعتقادات، وذلك لرفضهم فكرة فشل فرضية الأثير، وكل ما بنيى عليها لسنوات.[18] غير أن اينشتاين فسر النتيجة غير المتوقعة لتجربة ميكلسون ومورلي، التي أجريت من أجل حساب سرعة إنتقال الأرض بالنسبة للأثير، لا يمكن أن تفهم إلا باجراء تغير لطريقتنا في التفكير. فنحن بحاجة إلى مبدأ واضح وبسيط :سرعة الضوء مستقلة عن حركة المنبع الضوئي أوحركة المستقبل. إذن من بين الأسباب التي أدت إلى ظهور النتائج غير المتوقعة هي عدم فهم طبيعة الضوء.
II-3-1--4 طبيعة الضوء و سرعته :
من خلال التجارب التي قام بها العلماء على الضوء والخصائص التي يتميز بها الضوء، يمكننا وضع المسلمات الخاصة بالأمواج الضوئية وهي كالتالي:
*سرعة الضوء، هي السرعة التي تنتشر بها الإشعاعات الكهرومغناطيسية، وهي مستقلة عن تواتر الإشعاع.
* لا يمكن أن تنتقل أي إشارة بأي وسيلة، سواء في الفراغ أوفي أي وسط مادي بسرعة أكبر من سرعة الضوء.
* سرعة الضوء ثابتة مطلقة و مستقلة عن المنبع والمستقبل، ولا تخضع لقانون جمع السرع
وهنا جاء اينشتاين، وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ليبني أسسا جديدة للفيزياء سماها النظرية النسبية الخاصة عام 1905م، والتي غيرت المفاهيم الكلاسيكية لتأتي بمفاهيم جديدة. [15]
II-3-1-5 مسلمات النسبية الخاصة :
المسلمة الأولى: لا تغيرية قوانين الفيزياء في جميع المعالم العطالية.
المسلمة الثانية: سرعة الضوء ثابتة مطلقة ولها نفس القيمة في جميع المعالم العطالية.
المسلمة الثالثة: صلاحية الميكانيك الكلاسيكي في حالة سرعة مهملة أمام سرعة الضوء.[17]
II -3-1--6 الأبعاد الأربعة (المكانية و الزمانية):
II -3-1- - 1 - 6 نسبية الحركة:
إذا تساءل أحدنا في هذه اللحظة هل أنا ثابت أم متحرك، بكل تأكيد سينظر حوله ويقول لست متحركا، فأنا ثابت أمام المذكرة وعلى الأرض، وفعلا فهو ثابت بالنسبة إليهما معا، ولكن هذا ليس صحيحا بالنسبة للكون، فهو والمذكرة والأرض متحركون، وهذه الحركة عبارة عن مجموعة من الحركات، منها حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس فإذا إعتقد أنه ثابت فذلك بالنسبة للأشياء حوله، ولكن بالنسبة للكون، فكل شئ متحرك. [17]
II -3-1- -2 -6نسبية الزمان:
نعلم أن الموضع نسبي في الميكانيك الكلاسيكي، إلا أن اينشتاين، ومن خلال النظرية النسبية الخاصة، عمم نسبية المكان على الزمان(البعد الرابع)، واستنتج بأن المكان والزمان نسبيبان.
ولتوضيح هذه الفكرة، نفرض أن شخصين لديهما ساعتين متماثلتين تم ضبطهما بدقة، أحد الشخصين قرر البقاء على الأرض والشخص الآخر سافر في مركبة فضائية تسير بسرعة كبيرة، فإذا وفرت للشخص الأرضي مرصادا يراقب من خلاله ساعة الشخص الفضائي فإنه كلما زادت سرعة حركة الشخص الفضائي كلما تباطأت حركة عقارب ساعته بالنسبة للشخص الأرضي، وهذا التباطؤ في ساعة الشخص الفضائي، ليس بسبب خلل في الساعة وإنما نتيجة لسرعته. [17]

II-3-1-7 قوانين النظرية النسبية الخاصة:
تعتمد النظرية النسبية الخاصة أساسا علي تحويلات لورانز
II-3-1-7-1- تحويلات لورانتز : حسب النسبية الخاصة، فإن قوانين الفيزياء لا تتغير عند الإنتقال من معلم إلى آخر، قد رأينا معادلة ماكسويل لا تخضع إلى تحويلة غاليلي، وبالتالي إستبدل اينشتاين تحويلات لورانتز، حيث أن هذه التحويلات تحافظ على معادلة ماكسويل.
و من نتائج تحويلات لورانتز:
1-تمدد الزمن:
تبين معادلات تحويل لورانتز-اينشتاين أن الزمن نسبي وليس مطلقا كما إفترض غاليلي ونيوتن. ولذلك فإن الفترة الزمنية التي تفصل بين حدثين تعتمد على حالة الملاحظ الذي يقيسها. ويصعب في الحقيقة إدراك المعنى الحقيقي للمعادلة التي توصل إليها اينشتاين، وتعني هذه المعادلة أن الزمن في مركبة فضائية وكما يقيسه ملاحظ على سطح الأرض يمضي أبطأ من المعهود. أي أن الملاحظ الأرضي يرىعقارب ساعة رائد الفضاء وكأنها تتحرك ببطء مقارنة مع عقارب ساعته، ولايعود ذلك لعطب في الساعة ولكن لأن الزمن يمضي أبطأ من المعهود، أي أن الزمن قد تمدد. وتزداد أهمية هذه الظاهرة بزيادة سرعة المركبة و إقترابها من سرعة الضوء.
ولقد أكدت بعض التجارب والضواهر صحة تمدد الزمن، منها الكشف عن الميونات ( muon) التي تنتج في طبقات الجو العليا عند وصول الأشعة الكونية إليها. وهناك تجربة أخرى أجراها كل من" هافيلي"Hafele و"كيتنج" Keating عام 1972م أيدت صحة المعادلة السابقة. [7]
72- الإنكماش الطولي:
إذا كان هناك مراقبا في حالة سكون بالنسبة لجسم، فانه يقيس طوله على أنه ولكن مراقبا آخر يتحرك بسرعة نسبيةبالنسبة لذلك الجسم، سوف يراه أقصرعن طوله الحقيقي بكمية ، وتدعى بمعامل الانكماش الطولي. [11] يجب ملاحظة أن الإنكماش الطولي، لا يحدث إلا إذا كان الجسم على طول إتجاه الحركة، ولم يلاحظ الإنكماش في الإتجاه العمودي على الحركة. II-3-1-7-2- نسبية الكتل:
تؤكد النظرية النسبية، أن كتلة الجسم المتحرك ليست ثابتة دائما ولكنها تزيد بزيادة السرعة. و يكتب قانون زيادة الكتلة بزيادة السرعة الذي إكتشفه اينشتاين حسب العلاقة التالية:
(2-15)
II-3-1-7-3-علاقة الكتلة بالطاقة : إن لقانون تكافؤ الكتلة والطاقة أثركبير في عصرنا الحالي، فمقدار ضئيل من المادة يمكن أن يعطي كمية هائلة من الطاقة، وكان أول إثبات عملي لقانون تكافؤ الكتلة و الطاقة هو تفجير أول قنبلة ذرية عام 1945م. [11]
رغم تفوق نظرية النسبية الخاصة في العديد من المجالات إلا أنها لم تكن كاملة، لأنها تقتصر في البحث عن الظواهر في منظومات إسناد غاليلية فقط، أي في منظومات إسناد تتحرك حركة مستقيمة منتظمة بالنسبة إلى مجموعات النجوم الثابتة. فهي لا تهتم إلا بتغيير المتحولات العائدة إلى حركات نسبية و منتظمة، و هكذا بدا الخلاص من هذه المحدودية و الضيق ضروريا، و ذلك بوضع نظرية أعم، تسحب مبدأ النسبية إلى حالة الحركات المتسارعة، و بالفعل، فقد توصل اينشتاين إلى الصيغة النهائية للنظرية النسبية العامة عام 1917م.
II-3-2- نظرية النسبية العامة :
نعلم أن القوى العطالية موجودة في جمل المعالم اللاعطالية، حيث جميع هذه القوى لها خاصية مشتركة، وهي التناسب مع كتلة الجسم، ومن المعروف أن هناك قوة وحيدة لها هذه الخاصية، وهي قوة التجاذب النيوتوني.
وعلى الرغم من أن نظرية الجذب العام لنيوتن ظلت معمولا بها قرابة قرنين، إلا أنها أصبحت نكبة على الفيزياء الحديثة، التي إنفجرت في العقود الأولى من القرن العشرين والإختلاف الذي دام لفترة طويلة في نظرية نيوتن، يتعلق بمدار كوكب عطارد حول الشمس الذي لا يعتبر مدارا بيضاويا تماما. وينشأ إنحراف بسيط في المدار بسبب إضطرابات جاذبية الكواكب الأخرى، ولكن عندما أخذ هذا التأثير في الإعتبار، ظل هناك إنحرافا بسيطا يقدر بثلاثة وأربعين ثانية قوسية لكل قرن، والتي لم تدخلها نظرية نيوتن في الحسبان. والأهم من ذلك، فقد إصطدم قانون الجاذبية لنيوتن مع نظرية النسبية الوليدة. ووفقا لنيوتن، تنتقل قوة الجاذبية بين جسمين لحظيا و في الحال عبر الفضاء، لدرجة أن الشمس لو إختفت فجأة، فسيتوقف مدار الأرض في الحال عن الإنحناء حتى لو لم نر إختفاء الشمس طوال الثماني دقائق التي يستغرقها شعاع ضوء الشمس في الوصول إلينا وتمنع نظرية النسبية لأينشتاين إنتقال أي تأثير فيزيائي بصورة أسرع من الضوء، ويعتبر ذلك تناقضا واضحا لنظرية الجاذبية لنيوتن.
فقد كانت محاولة اينشتاين لتعميم النظرية النسبية كي تتضمن الجاذبية، هي التي قادته عام 1917م بوضع (نظريته العامة عن النسبية )، والتي لم تحل فقط محل معادلات الجاذبية لنيوتن، لكنها غيرت مفهومنا الكلي عن الجاذبية. ففي نظرية اينشتاين لا تعتبر الجاذبية في الحقيقة قوة على الإطلاق، لكنها مظهر لتقوس، أوإلتواء الفضاء – الزمن. فالأجسام لا تتخذ بفعل الجاذبية مدارات منحنية، إنما تتبع مسار الخط المستقيم الأسهل. ووفقا لإينشتاين فإن الجاذبية ما هي إلا شكل هندسي. [3]
استطاعت هذه النظرية أن تتنبأ بفعل الثقالة في الضوء، فعندما يصدر ضوء وحيد اللون عن حجم ذي كتلة كبيرة فإن كموم الضوء تفقد من طاقتها وهي تتحرك مبتعدة عن النجم فينجم عن ذلك إنزياح طيف الإصدار نحو الأحمر.
من تأثيرات هذه النظرية أيضا أن أي حزمة ضوئية تمر بالقرب من الشمس يجب أن تنحرف بفعل حقل ثقالة الشمس، وهذا ما تأكد منه "فروندليش" بالتجربة فكان الإنحراف من رتبة أكبر من الإنحراف المتوقع.
كانت النسبية العامة مقدمة لعلم من أهم علوم القرن العشرين ألا هو علم الكونيان والذي وضع أساسه أولا اينشتاين وذلك بوضع نماذج رياضية للكون على أساس أنه كون مستقر، ثم تطورت البحوث في هذا الفرع من العلم فظهر نموذج "فريدمان" (J.Friedman) والذي بين من خلاله أن الكون غير مستقر. . II-2-3 تطبيقات النظرية النسبية العامة :
II-2-3-1 علم الكون :
يعتبر علم الكون من العلوم الحديثة. فقد نشأ في النصف الأول من القرن العشرين وعلى وجه التحديد عام 1919م، حين وضع البرت اينشتاين أول معادلات رياضية تصف الكون الذي نعيش فيه إعتمادا على مبادئ نظرية النسبية العامة التي وضعها اينشتاين نفسه قبل ذلك بعامين.
وقد أعطت تلك المعادلات صورة للكون كنظام متمدد دائم الإتساع. ولما كان
الأعتقاد السائد آنذاك، أن الكون ثابت الحجم، فقد أدخل إنشتاين ثابتا كونيا في المعادلات جعلها تتفق مع سكون الكون. وفي عام 1922م أوضح فريدمان بما لا يدع مجالا للشك على أن الكون ليس ساكنا، بل هوفي الواقع في حالة تمدد وإتساع دائمين.
وإتجه العلماء بعد ذلك إلى التجارب العملية وبناء المنظارات الضخمة لرؤية الظواهر الكونية، وإثبات النظريات الكونية المختلفة. في عام1929م إكتشف العالم الأمريكي" هابل " (Hubble) أثناء دراساته على المجموعات النجمية الضخمة المسماة بالمجرة أن تلك المجرات في حالة تباعد مستمرعن بعضها البعض، مما يعني أن الكون في حالة تمدد حجمي أو إتساع مستمر، وهوما يؤكد حسابات "فريدمان" (J.Fredmann) دون أدنى شك. واعتبر البداية الحقيقية لعلم بناء الكون (أو الكوسمولوجيا).الأمر الذي أدى بأينشتاين التخلي عن الثابت الكوني ووصف إدخاله في المعادلة بأنه كان أكبر خطأ في حياته. [9]
من خلال إكتشاف الطاقة المظلمة سنة 1998م، أكتشف مؤخرا أن تمدد الكون شبه ثابت. وكان هذا الإكتشاف الجديد مقبولا على نطاق واسع، لأنه يفسر كثيرا من الملاحظات الغامضة. حيث لأول وهلة، بدا لعلماء الفلك، أن معدل تمدد الكون يتزايد. وأفصح عن هذه الملاحظات النجم المستعر الأعظم، الذي كان قد عزز الشواهد التي تواردت من خلال الهندسة الكروية والتكوين البنائى والعمر الكوني وتجمع المجرات، مما بين أن ثابت اينشتاين الكوني حقيقة. [19]
II-2-3-2 نظرية الإنفجار العظيم: لقد تنبأت حلول فريدمان للكون المتمدد، أنه منذ نحو خمسة عشر بليون سنة كانت المسافات بين المجرات صغيرة للغاية أو مساوية للصفر، حيث كانت مادة الكون متجمعة(أو متمركزة) في نقطة واحدة هي نقطة بداية الكون، و كانت كثافة الكون في هذه النقطة بالطبع كبيرة كبرا لانهائيا، وقدرت كمية الطاقة المتجمعة في هذه النقطة بحوالي 1080ergs )) إرغ، ودرجة حرارتها حوالي 1023 درجة مئوية, و هي كميات يصعب على العقل البشري أن يتصورها، فهي كميات هائلة يمكن إعتبارها لانهائية بمقاييسنا الارضية. كان صاحب هذه الفكرة، العالم الأمريكي ذو الأصل الروسي" جورج جامو" (G.Gamow) و هو أحد تلاميذ فريدمان. وقد أطلق عليها نظرية الانفجار الأعظم (Big Bang ). و تفترض هذه النظرية، أن الكون بدأ من نقطة البداية السابق ذكرها بإنفجار هائل أحدث وهجا كبيرا أو إشعاعا سمي بإشعاع الأساس أو الإشعاع الخلفي، و قد تنبأ جامو بقيمة هذا الإشعاع نظريا عام 1935م. وبعد30 سنة إستطاع الباحثان الأمريكيان" ارنوبنزياس" (A.Pentzias) و "روبرت ويلسن"R.Wilson)) بمعامل "نيوجرسي" إكتشاف وهجا أو إشعاع الأساس الناتج عن الإنفجار الأعظم الذي حدث عند نشأة الكون، وهو إشعاع يأتي من خارج المجرة التي نعيش عليها، وإستغرق وصوله إلينا عمر الكون كله، أي حوالي 15 بليون سنة، و تمكن العالمان المذكوران من قياس شدة هذا الإشعاع، وجاءت قياساتهما قريبة من القيمة التي تنبأ بها جورج جامو نظريا قبل 30 عاما. [9]
II -2-3-3 الجاذبية الفائقة:
طرحت النظرية النسبية العامة التي وضعها اينشتاين عام 1917م، تصورا مناسبا للكون الذي نعيش فيه، ووصفته بأنه كون ذو أربعة أبعاد، ثلاثة منها للمكان و رابعها للزمان. وبموجب هذا التصور، تم بنجاح تفسير قوة الجاذبية في الطبيعة، حتى إطلق على النظرية النسبية العامة اسم (نظرية الجاذبية).
وفى عام 1919م اقترح الفيزيائي الروسى "تيودور كالوزا" (T.Kaluza) في رسالة بعثها لإينشتاين لتوحيد المجالين (الحقلين) المعروفين آنذاك و هما المجال التجاذبي و المجال الكهرومغناطيسي في مجال واحد، وقد تم نشر البحث الذي اقترحه كالوزا عام 1923بعنوان: حول مسألة التوحيد في الفيزياء.
وبعد إكتشاف القوى النووية الضعيفة والقوية في الثلاثينيات، أصبح من المناسب التفكير أو البحث عن طريقة لتوحيد هاتين القوتين المعروفتين من قبل.
وكان أول نجاح لتوحيد المجالات، هو توحيد المجالين الكهرومغناطيسي والقوى النووية الضعيفة عام 1969 على يد " محمد عبد السلام" و"فينبرج" و"جلاشو" في مجال واحد (الكهروضعيف)، وبها نالوا جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979م.
وتم البحث بعد ذلك عن نظرية توحيد أعم، تضم المجال الكهروضعيف والشديد وأطلق على تلك النظرية الجديدة نظرية التوحيد الكبيرة، غير أن تنبؤات تلك النظرية لم تتأكد حتى الآن بالتجربة، وأصبح البحث يدور حول توحيد أكبر يدخل قوى الجاذبية مع القوى الثلاثة السابقة.
وبدأت المحاولات الحديثة لإدخال القوتين الضعيفة والشديدة في نظرية "كالوزا" مع أعمال "جون شوارز"(( J.Schwarzو"مارك روبين"(M.Rubin) و"بيترفرويند" (P.Freund) وغيرهم، وذلك في بداية السبعينات. ومن تلك المحاولات إدخال نظرية الجاذبية الفائقة وهي من إمتداد للنسبية العامة.
قوبلت نظرية الجاذبية الفائقة، والبحث عن الأبعاد السبعة الخفية بمشكلات عدة، لم يستطع العلماء التغلب عليها، حتى توصل العلماء إلى نظرية جديدة أطلق عليها نظرية الأوتار(الخيوط) الفائقة، تميزت ببعض المزايا عن نظرية الجاذبية الفائقة، تمكن العلماء بها من التغلب على المشكلات التي كانت قائمة أمام نظرية الجاذبية الفائق . II-2-3-4 الأوتار الفائقة :
بدأت فكرة الاوتار(أوالخيوط) الفائقة في الظهور عام 1974م على يد العالمين الفيزيائيين "جون شوارز" (J.Schwarz) من معهد التكنولوجي بكاليفورنيا و" ميشيل جرين" (M.Green) من كلية "كوين ماري" بلندن. غير أنها لم تلق النجاح المأمول في البداية وظلت كذلك لمدة عشرة سنوات حتى تم بعثها على يد نفس العالمين وعلماء آخرين عام 1984م، و تم تطبيقها لتفسير عدد كبير من الظواهر الخاصة بنشأة الكون و تطوره.
وقد أستبدل عدد الأبعاد في النظرية الجديدة بعشرة أبعاد فقط بدلا من الأحد عشر بعدا التي كانت تميز نظرية الجاذبية الفائقة.
حسب نظرية الأوتار الفائقة فإن الجسيمات الأولية لمادة الكون ليست جسيمات دقيقة نقطية كما كان مفترضا في نظرية الجسيمات، ولكن تتكون من أشياء ذات بعد طولي تبدو كالخيوط(الأوتار) دقيقة ومهتزة، وهي من الضآلة بحيث لا يمكن رؤيتها أو ملاحظتها، ولا يمكن لأدوات القياس الحالية أن تتحسسها. وإذا كان ذلك صحيحا فمعناه أن كل الجسيمات من بروتونات ونيوترونات وغيرها في كل أشكال المادة تتكون في الحقيقة من خيوط(أوتار). ويمكن بذلك تفسير التنوع الكبير في الجسيمات والقوى التي تعمل بينها بسهولة، فالقوى الأساسية ومختلف الجسيمات الموجودة في الطبيعة ماهي إلا أنماط من إهتزازات الخيوط. ولا تعتبر أي قوة من منظور الاوتار الفائقة أساسية أكثر من أي قوة أخرى، فهي كلها حالات إهتزازية مختلفة لأوتار مهتزة.
ويعتبر التناظر الفائق نتاجا من منتوجات الأوتار الفائقة، وعلى الرغم من أنه يعتمد على عشرة أبعاد، فقد تم تطبيقه في نظرية الأبعاد الأربعة، و ذلك في نهاية السبعينات حيث تبين أن إستخدام خواص التماثل(أوالتناظر) الفائق تمكننا من تلاشي عيوب نظريات التوحيد الكبرى للمجالات المعروفة.
وتعتبر نظرية الجاذبية الفائقة هي البديل الأكثر تعقيدا للتناظر الفائق، وكانت هذه النظرية قد تم طرحها عام 1976م بواسطة" بيتر نيو فان هوزن" (P.Niewenhwzen) و " دان فريدمان" (D.Freedmann) و" سرجيو فريرا" ( S.Ferrara) من جامعة نيويورك في "ستوني بارك"، وكان هذا البديل هو أول تعميم معقول لمعادلات الجاذبية الفائقة، تستند إلى التناظر الفائق فهي تعد منطوية تحت لواء نظرية الأوتار الفائقة بالرغم من إختلاف عدد الأبعاد المستخدمة في كل منها.
و من خواص الأوتار الفائقة ما يلي:
1- من الممكن لها أن تتلاحم مكونة وترا واحدا، و بالمثل يمكن أن تقطع أو تنقسم على نفسها مكونة وترين.
و يمكن تمثيل حركة الجسيمات بموجات تتحرك على طول الوتر، كذلك إنشطار الأجسام و إندماج بعضها مع بعض في التفاعلات المختلفة يمكن تمثيله بإنقسام الأوتار.
2- إن الحل الرياضي لهذه النظرية يستلزم وجود عشرة أبعاد، أي أنها مبنية في فضاء ذوي عشرة أبعاد، حيث تقترن فيه الجسيمات مع الحركات الاهتزازية لوتر وحيد البعد في فضاء أكثر أبعادا.
و هكذا يمكن القول بأن نظرية الوترالفائق إن صحت فهي بلا شك ستكون ذروة الفيزياء المعاصــــــــــرة. [9]