رد: الجواهر والدرر في وصف الفاروق عمر
12-05-2015, 10:51 AM
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

[39] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لابنه عاصم.

وقد بعث إليّه أن يأتيه في المسجد عند الهَجِير (1)، أو عند صلاة الصبح:
فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، ثم قال:
" أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا الْمَالِ يَحِلُّ لِي قَبْلَ أَنْ أَلِيَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، ثُمَّ مَا كَانَ أَحْرَمَ عَلِيَّ مِنْهُ يَوْمَ وَلِيتُهُ، فَعَادَ بِأَمَانَتِي وَإِنِّي كُنْتُ أَنْفَقَتُ عَلَيْكَ مِنْ مَالِ اللهِ شَهْرًا، فَلَسْتُ بِزَايِدِكَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُكَ ثَمَرَتِي بِالْعَالِيَةِ الْعَامَ، فَبِعْهُ فَخُذْ ثَمَنَهُ، ثُمَّ ائْتِ رَجُلًا مِنْ تُجَّارِ قَوْمِكَ، فَكُنْ إِلَى جَنْبِهِ فَإِذَا ابْتَاعَ شَيْئًا، فَاسْتَشْرِكْهُ وَأَنْفِقْهُ عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِكَ". (2).


[40] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لزياد بن أبيه.

وقد كان كاتباً لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فعزله
فسأله زياد: أعن عجز عزلتني يا أمير المؤمنين أم عن خيانة؟.
فقال عمر:" لا عَنْ ذَاكَ ولا عَنْ هَذَا، ولَكِنّي كَرِهْتُ أَنْ أَحْمِلَ على العامّة فَضْلَ عَقْلِكَ". (3).

[41] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للمغيرة بن شعبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ –

وقد طلب منه المغيرة أن يشفي غيظه ممن قذفوه بالزنا:
" اسْكُتْ؛ أَسْكَتَ اللهُ نَامَتَكَ (4)، أَمَا وَالله لَوْ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ: لَرَجَمْتُكَ بِأَحْجَارِكَ!".(5).
_________
(1) الهَجِيرُ: نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر. (القاموس: ص638).

(2) رواه القاسم بن سلّام في الأموال (566) وابن زنجويه في الأموال (827) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 699 وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (218) والورع (188) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 330.

(3) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين: 1/ 218 وابن قتيبة في عيون الأخبار: 1/ 450 وابن عبد ربه في العقد الفريد: 4/ 250 وابن مسكويه في تجارب الأمم: 1/ 412 والماوردي في أدب الدنيا والدين: ص24 وابن عبد البر في الاستيعاب: 2/ 524.

(4) النَامَةُ، بالتسكين: الصوت. يُقال أسكتَ الله نَأمَتَهُ، أي نَغْمته وصَوته. ويُقال أيضاً: نامَّتَهُ،بتشديد الميم، فيجعل من المضاعف. والنَئيمُ: صوتٌ فيه ضعفٌ كالأنين، ومنه قول الشاعر:

إذا قلتُ أنسى ذكرهُنَّ يردُّه ÷ هوىً كانَ منه حادِثٌ ومقيمُ
وورقاءُ تدعو ساقَ حرٍّ بشَجْوِها ÷ لها عندَ شدّاتِ النهارِ نَئيمُ

فمعناه: لها عند شدات النهار حركة وصوت.
وقال الأصمعي: يقال: أسكت الله نامَّته، بتشديد الميم مع فتحها من غير همز، أي: أسكت الله ما ينُمُّ عليه من حركاته.
وقيل: عِرقٌ في الرأس يُسمَّى (النّأمَةَ)، ومنه قولهم: أسكت الله نأمته أي أماته.
انظر: (الصحاح للجوهري - (نأم)) و (الزاهر في معاني كلمات الناس للأنباري: 1/ 198 - 199) و (النهاية لابن الأثير - (أبهر)).

(5) رواه الطبري في تاريخه: 4/ 72 وعنه ابن الأثير في الكامل في التاريخ: 2/ 364 وابن كثير في البداية والنهاية: 10/ 51.