اشتباه التوكل بالتواكل !
18-08-2015, 11:49 PM


اشتباه التوكل بالتواكل



تمهيد :
متابعة لما جاء في شرح الشرط الثالث لإتقان الاستخارة (( التوكل ))
http://montada.echoroukonline.com/sh...d.php?t=311694


يقول الإمام ابن القيم : (( مدارج السالكين : 121-123 ))وتم ذكر البيّن من كلامه .
وكثيرا ما يشتبه في هذا الباب المحمود الكامل بالمذموم الناقص ، فيشتبه التفويض بالإضاعة فيضيع العبد حظه ظنا منه أن ذلك تفويض وتوكل وإنما هو تضييع لا تفويض فالتضييع في حق الله والتفويض في حـقك .



ومنه : اشتباه التوكل بالراحة وإلقاء حمل الكل فيظن صاحبه أنه متوكل وإنما هو عامل على عدم الراحة .



ومنه : اشتباه خلع الأسباب بتعطيلها فخلعها توحيد وتعطيلها إلحاد وزندقة فخلعها عدم اعتماد القلب عليها ووثوقه وركونه إليها مع قيامه بها وتعطيلها إلغاؤها عن الجوارح .



ومنه : اشتباه الثقة بالله بالغرور والعجز والفرق بينهما : أن الواثق بالله قد فعل ما أمره الله به ووثق بالله في طلوع ثمرته وتنميتها وتزكيتها كغارس الشجرة وباذر الأرض والمغتر العاجز : قد فرط فيما أمر به وزعم أنه واثق بالله والثقة إنما تصح بعد بذل المجهود .



ومنه : اشتباه الطمأنينة إلى الله والسكون إليه بالطمأنينة إلى المعلوم وسكون القلب إليه ولا يميز بينهما إلا صاحب البصيرة .



وأكثر المتوكلين سكونهم وطمأنينتهم إلى المعلوم وهم يظنون أنه إلى الله وعلامة ذلك : أنه متى انقطع معلوم أحدهم حضره همه وبثه وخوفه فعلم أن طمأنينته وسكونه لم يكن إلى الله .



ومنه : اشتباه الرضى عن الله بكل ما يفعل بعبده مما يحبه ويكرهه بالعزم على ذلك وحديث النفس به وذلك شيء والحقيقة شيء آخر كما يحكى عن أبي سليمان أنه قال : أرجو أن أكون أعطيت طرفا من الرضى لو أدخلني النار لكنت بذلك راضيا .



ومنه : اشتباه علم التوكل بحال المتوكل فكثير من الناس يعرف التوكل وحقيقته وتفاصيله فيظن أنه متوكل وليس من أهل التوكل فحال التوكل : أمر آخر من وراء العلم به وهذا كمعرفة المحبة والعلم بها وأسبابها ودواعيها وحال المحب العاشق وراء ذلك وكمعرفة علم الخوف وحال الخائف وراء ذلك وهو شبيه بمعرفة المريض ماهية الصحة وحقيقتها وحاله بخلافها .
فهذا الباب يكثر اشتباه الدعاوى فيه بالحقائق والعوارض بالمطالب والآفات القاطعة بالأسباب الموصلة والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) أهـ




وقفة لتأمل واقع الأمة !!
ومما يجب الإشارة إليه أن انتفاء النوع الأول - التوكل المحمود عن الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات يجعلهم عرضة للسنن المادية ، وحينها تكون الغلبة للأكثر مالاً والأقوى عدة والأحسن كفاءة ، فلهذا على المسلمين أفراداً وجماعات ومجتمعات عند الإقدام على عمل أن ينظروا إلى نوعية توكلهم إن أرادوا تعويض الفارق الذي بينهم وبين أعدائهم قال سبحانه :
(( فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً )) [فاطر: 43].



منقول وفق الله جهد الجميع
(( الاستخارة غيرت حياتي ، وشكر النعمة نشرها ، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )) .

http://montada.echoroukonline.com/fo...play.php?f=512