رد: مذهب الشك ونقضه بالقرآن
05-02-2018, 09:54 AM
أدلة أهل السنة والجماعة في إبطال مذهب المتكلمين:
مذهب المتكلمين حين جعلوا أول واجب هو:" النظر أو القصد إلى النظر أو أول جزء من النظر": ناتج عن مذهب الشك، ومذهب الشك: باطل، وما بني على باطل، فهو باطل، فطرائق إثبات الحقائق الغيبية عند المتكلمين بالنظر أو القصد إلى النظر: غير صحيحة، والكتاب والسنة على خلافها، ومن الأدلة على ذلك:

أولاً: أن الرسل عليهم السلام دعوا أقوامهم إلى التوحيد، ولم يدعوهم إلى النظر أو القصد إلى النظر!!؟، كما قال الله تعالى:
[وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ].
وقال تعالى:[وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ].
وفي سورة الأعراف حكى الله تعالى عن نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام أن كل واحد منهم قال لقومه:
[يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ]، ولم يدعوا أقوامهم ابتداء إلى النظر أو القصد إليه!!؟.

ثانياً: قول الله تعالى لموسى عليه السلام لما كلمه:[إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي]، فعلمه كلمة التوحيد، وأمره بعبادته، ولم يأمره بالشك ولا بالنظر ولا بالقصد إليه، قال ابن كثير رحمه الله تعالى معلقاً على الآية:" هذا أول واجب على المكلفين: أن يعلموا أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له".( 46).

ثالثاً: قول الله تعالى:[اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ]، وأكثر المفسرين على أن هذه أول سورة نزلت من القرآن(47)، وقصة ذلك جاءت في السنة من حديث عائشة رضي الله عنها وفيه:
«حتى جَاءَهُ الْحَقُّ وهو في غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فقال: اقْرَأْ، قال: ما أنا بِقَارِئٍ، قال: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حتى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقال: اقْرَأْ، قلت: ما أنا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقال: اقْرَأْ، فقلت: ما أنا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ من عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ».(48).
ووجه الدلالة من الآية: أنها أول ما خوطب به النبي عليه الصلاة والسلام من ربه عز وجل، وليس فيها أمر بالنظر ولا القصد إليه، بل فيها أمر بالقراءة، يقول شيخ الإسلام: ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وهذه الآية أيضاً تدل على أنه ليس النظر: أول واجب، بل أول ما أوجب الله على نبيه عليه الصلاة والسلام:[اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ]، لم يقل: أنظر واستدل حتى تعرف الخالق، وكذلك هو أول ما بلّغ هذه السورة، فكان المبلغون مخاطبين بهذه الآية قبل كل شيء، ولم يؤمروا فيها بالنظر والاستدلال".(49).

رابعاً: حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله عليه الصلاة والسلام لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رضي الله عنه إلى الْيَمَنِ قال:
«إِنَّكَ تَقْدَمُ على قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إليه عِبَادَةُ الله»(50). وفي رواية:«فَلْيَكُنْ أَوَّلَ ما تَدْعُوهُمْ إلى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى».(51).
فدل الحديث على أن التوحيد هو: أول واجب على العباد خلافاً لمن زعم: أن أول واجب: معرفة الله بالنظر، أو القصد إلى النظر، أو الشك، كما هي أقوال أهل الكلام المذموم. (52).
قال السمعاني رحمه الله تعالى:" ولم يرو أنه دعاهم إلى النظر والاستدلال، وإنما يكون حكم الكافر في الشرع: أن يدعى إلى الإسلام، فإن أبى وسأل النظرة والإمهال: لا يجاب إلى ذلك، ولكنه إما أن يسلم أو يعطي الجزية أو يقتل، وفي المرتد: إما أن يسلم أو يقتل، وفي مشركي العرب على ما عرف".( 53).

هوامش:
([1]) الورقات للجويني: 9، وقواطع الأدلة للسمعاني: 1/23.
([2]) تفسير السمعاني :3/107.
([3]) التفسير الكبير :18/15.
([4]) المنهج الفلسفي بين الغزالي وديكارت: 59.
([5]) ديكارت، د.نجيب بلدي: 88.
([6])ديكارت في الفلسفة العقلية، للدكتورة راوية عبد المنعم عباس:129.
([7]) نظرية المعرفة عند مفكري الإسلام وفلاسفة الغرب المعاصرين، د.محمود زيدان: 28-29.
([8])تلبيس إبليس:1/53-54.
([9]) لنشك حتى لا نقع في شر قطعياتنا، يوسف أبا الخيل، صحيفة الرياض، عدد(13782) 19/2/1427هـ.
([10]) حقوق الإنسان بين الفلسفة والأديان، حسن مصطفى الباش: 73-74.
([11])ما مزايا تدريس الفلسفة؟ العفيف الأخضر، جريدة إيلاف الألكترونية، 30 أكتوبر 2008م.
([12]) شرح المقاصد في علم الكلام ، للتفتازاني: 1/48، وقد رد الإيجي في المواقف على الجبائي:1/67.
([13]) الحيوان: 6/35.
([14])المصدر السابق: 3/60.
([15])المصدر السابق:6/37.
([16]) اللزوميات: 2/31.
([17]) اللزوميات: 2/146.
([18]) ديوان أبي العلاء: 1/97.
([19]) المنتظم: 16/23.
([20]) معجم الأدباء: 1/407.
([21]) المنقذ من الضلال:5-6.
([22]) المصدر السابق:9-11.
([23]) إمكانية المعرفة وموقف الفكر الإسلامي من مذاهب الشك، د. علي بن العجمي العشي، مجلة الدراسات الاجتماعية، عدد(23)، إبريل 2007، ص223.
([24]) ميزان العمل، للغزالي: 175.
([25])في الشعر الجاهلي:11.
([26]) المصدر السابق: 26.
([27]) ينظر:أمالي ابن سمعون: 1/209، والغنية في أصول الدين: 1/55، والاستقامة:1/142.
([28]) الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده: 3/279-280.
([29]) الفكر الثوري في مصر قبل ثورة 23يوليو، د.عبد العظيم رمضان: 33-34.
([30]) تفسير ابن كثير:4/139.
([31]) تفسير البغوي: 3 /27.
([32]) تفسير ابن الجوزي:4/349.
([33]) تفسير ابن عطية: 3/210.
([34]) تفسير ابن عطية: 4/427.
([35]) تفسير القرطبي: 15/313.
([36]) تفسير البغوي: 4/122.
([37]) بحر العلوم: 3/227.
([38]) المحرر الوجيز: 5/30.
([39]) تفسير البغوي: 3 /426.
([40])أضواء البيان: 6/122.
([41]) تفسير الطبري: 22/113.
([42]) تفسير البغوي: 3/564.
([43]) تفسير أبي السعود: 8/128.
([44]) تفسير ابن كثير: 2/501.
([45])الفصل في الملل: 4/164.
([46]) تفسير ابن كثير: 3/145.
([47]) تفسير البغوي: 4/506 .
([48]) رواه البخاري(3) ومسلم(160) .
([49])مجموع الفتاوى: 16/328.
([50])رواه البخاري (1389) ومسلم (19) .
([51]) هذه الرواية للبخاري(6937).
([52]) انظر: تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد: 29.
([53])الانتصار لأصحاب الحديث:62.