الرجولة الحقيقية ؟
23-01-2016, 07:09 AM






السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


هل نحن رجال حقا ؟ الرجولة الحقيقية ؟
إنعدام صفة الرجولة في الكثير منا للأسف
الرجولة صفة امتن به الله عز وجل، يمتن الله بها على من يشاء من خلقه، كما قال ذلك الرجل المؤمن الذي يعلم صاحبه الكافر، يقول له موبخاً ومقرعاً، ومذكراً له بنعم الله عز وجل عليه: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًاسورة الكهف:37، هذه الرجولة التي يمتن الله عز وجل وينعم بها، لها صفات ولها خصائص لا تكتمل إلا بها، ولا تقوم إلا عليها، ولا تشتد بهذه الأركان، وإذا كانت الرسل الذين بعثوا إلى أقوامهم، ما كانوا إلا رجالاً


، قال الله عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمسورة يوسف:109، فلم يرسل الله عز وجل إلى الناس إلا رجالاً.

هذه الرجولة -أيها الإخوة- التي ضاعت مضامينها اليوم، وفقدت أركانها عند الكثيرين، فصاروا أشباه الرجال ولا رجال، هذه الرجولة نحتاج لنتعرف على صفاتها من القرآن الكريم، ونذكر في هذه الخطبة -إن شاء الله- شيئاً من صفات الرجولة حتى يعلم الرجل اليوم هل هو رجل بالمعنى الحقيقي أم هو هيكل خارجي لا يدل على مضمون الرجولة مطلقاً؟.

الرجال هم أهل المساجد:
يقول الله تعالى واصفاً المسجد الذي ينبغي أن يكون حاله الصحيح، ومن هو بداخله، يقول الله تعالى:لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، أسس على التقوى، أسس على التوحيد، أسس على العقيدة الصحيحة، لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىلوجه الله عز وجل، لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍأنشأ فيه مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِيا محمد صلى الله عليه وسلم من مسجد الضرار الذي بناه المنافقون، أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ، ما هي صفاته الأخرى، ما هي أهم صفة من صفاته؟ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَسورة التوبة:108أين مكان أولئك الرجال؟ أين مكانهم؟ هل هم في الأندية؟ أو في الحفلات؟ هل هم في الأسواق يمرحون ويسرحون؟ هل هم في المجتمعات الفارغة التي تفرغ الرجولة من معانيها؟ كلا أيها الإخوة، فِيهِ رِجَالٌ، في هذا المسجد رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْيأتون إلى المسجد على طهارة، والله يحب هؤلاء الرجال الذين من صفتهم الطهارة، وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَهذه صفة من صفات الرجال.

وانظر معي إلى مشهد مقابل في سورة النور مماثل لتلك الآية في سورة التوبة، يقول الله عز وجل: فِي بُيُوتٍمساجد، فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَشاء الله أن ترفع، وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُعز وجل وحده لا شريك له، يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِسورة النــور:36أين الفاعل، من الذي يسبح؟ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِغدوة وأصيلاً، من الذي يسبح؟ من في هذه المساجد يسبح الله عز وجل، من؟ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُسورة النــور:36-37، من في هذا المسجد؟ صفة واحدة رِجَالٌ، ثم جاءت بقية الصفات، قال ابن كثير رحمه الله: "قوله: رِجَالٌفيه إشعار بهمم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية التي بها صاروا عماراً للمساجد، التي هي بيوت الله في أرضه".

يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ سورة النــور:36-37يسبحون الله في المساجد، ما هي صفاتهم الأخرى؟ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُسورة النــور:37، إذن أيها الإخوة هؤلاء الرجال الذين لم تلههم تجارة ولا بيع عن أي شيء؟ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، قال بعض السلف رحمه الله: يبيعون ويشترون، هؤلاء الرجال، يبيعون ويشترون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة، كان إذا سمع النداء وميزانه في يده -يبيع ويشتري-، فإذا سمع النداء خفض الميزان، وأقبل إلى الصلاة.




***** يتبع ****