رد: درر ذهبية من سورة البقرة/ منهج الإستخلاف
27-12-2012, 07:07 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


اقتباس:

التوحيد الذي هو حق الله على العبيد
لو قلت المهمة التي خلق من أجلها : عبادة الله وحده لكان أحسن وألزم للتعبير القرآنيإذ يقول ربنا جل في علاه : وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون. أي ليوحدون فهذه هي الغاية لا إله إلا الله وغيرها فرع عنها كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكروالدعوة إليها وإقامة الإمامة والخلافة الخ
كذلك من الملاحظ أيضا عدم الإسهاب في ذكر أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق كل بني آدم والتي وردت في كل أقسام السورة التي ذكرتيها،فالتوحيد والإيمان هو دعوة الرسل ومن أجله خلق الخلق وكما قال كثير من العلماء كابن القيم : القرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزاؤه وما يضاد ذلك مثلا في البقرة أول أمر في القرآن كان : ياأيها الناس اعبدوا ربكم فأمر بالتوحيد وذكر دلائله (الذي خلقكم والذين من قبلكم الآيات) وأيضا قرر النبوة بعده (فإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا) وهما أصلا الإسلام أي الشهادتين ثم التوحيد كان وصية إبراهيم ويعقوب لبنيه التي سميت في الصورة التي أوردتيها أمانة الاستخلاف

أخي الكريم كتبت ذرر ذهبية من سورة البقرة يعني أنه ليس تفسيرا لسورة البقرة و ما تحمله من معاني وعقائد و أحكام و إلا لكتفينا بأحد التفاسير المشهورة و أخدنا تفسير كل اية على حدى و لاستنبطنا منها معنى التوحيد و أحكامه و لدكرنا باسهاب المسؤولية الملقاة على عاتق كل بني ادم
إنما هذف هذا الموضوع تسليط الضوء على مسألة قد نراها ثانوية أمام المعنى العظيم المسطر في الإقتباس ولكنها موجودة و هي الإستخلاف و منهجه
سواء استخلاف عام أو استخلاف خاص
وعلى كل من يريد فهم حكاية الإستخلاف عليه أن يدرك أولا المهمة الأصلية التي خلق لأجلها
فلما نكتب أن مسؤوليته في الأرض هي الإصلاح و الإعمار و الهذاية
فإننا نكتبها ونحن مدركين أنها لا تحصل إلا بتحقيق العبودية الخالصة لله كقاعدة

(مع انحراف بعض المصطلحات)

اقتباس:
آدم عليه السلام
قد يفهم (قد بعدها المضارع : تفيد ماذا ؟ التقليل) من تعليقك على نجاح إبراهيم في تجربته وعدم ذكر ذلك أن آدم لم ينجح، (ولم أقل إنك تقصدين ذلك) خصوصا لما أقرأ هذا
وانا على يقين أن آدم نجح في استخلافه في الأرض، ولم يستبدل وإذا لم ينجح أدم فمن ينجح بعده في أمتنا اليوم ؟
فالقصة بين آدم وإبليس كانت في الجنة قبل أن يهبط آدم إلى الأرض التي قال الله فيها إني جاعل في الأرض خليفة ولم يقل في الجنة
ومن أعظم الشواهد على نجاح آدم هو قول نبينا فحج آدم موسى عليهم الصلوات والسلام. فابحثي عنه
هذا مجرد تنبيه لم تقولي بخلافه بلا شك

لكن خلافة ادم عليه السلام ليست كخلافة غيره فخلافته تعني خلافة الجنس البشري على الأجناس الأخرى و هذا ما عنيت به في تفصيل أنواع الاستخلاف وذكرت أن استخلاف ادام عام (تجربة سيدنا آدم تجربة تمهيدية تعليمية، وكانت المواجهة بين إبليس وسيدنا آدم عليه السلام لإعلان بداية مسؤولية سيدنا آدم وذريته عن الأرض)
انظر قوله تعالى ﴿ إني جاعل في الأرض خليفة﴾ قالت الملائكة ﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك﴾ فعلمت الملائكة أن الإنسان سيفسد في الأرض ويسفك الدماء استقراء مما سبق من فساد قبل خلق الإنسان إذ إن الجن كانوا قد خلقوا قبل الإنسان وكانوا قد أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء وبناء على هذا الاستقراء قالت الملائكة ﴿ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾ واستدل المفسرون من هذا أن الجن خُلقوا قبل الإنس
ومادام جنسنا مازال مستخلفا على هذه الأرض فلا يمكن أن نقول أن خلافة أدام وذريته في الأرض لم تنجح
أما ما ذكرت عن تجربة إبراهيم الخليل عليه السلام فأذكر مما كتبت أيضا (أنها لتقوية إيمان المسلم ويقينه بالله فتكون عونا له على تحمل تبعات المنهج الثقيل)

ولا يمكننا بهذا ربط الإستخلافين


تجربة آدم مع ابليس (فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ (36)) وهنا دلالة أنّ المعصية هي سبب الإستبدال
هذا مما كتبت أنا
وقد كانت هذه ملاحظتك حولها
فالقصة بين آدم وإبليس كانت في الجنة قبل أن يهبط آدم إلى الأرض التي قال الله فيها إني جاعل في الأرض خليفة ولم يقل في الجنة



وهنا يبدو خلط في معنيين
المعنى الأول معصية أدام عليه السلام لربه في الجنة وهي معصية ثابتة (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)وقوله عز وجل(فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) ولكنه أتبعها بالاستغفار والتوبة وقبلت التوبه والانابة(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) و ( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى)وكان جزاءه تكريم من الله لأبينا أدام وذريته باستخلافه في الأرض دون غيره من الخلق
و المعنى الثاني معصية الأجناس الأخرى (الجن) لربها وإفسادها في الأرض وسفكها للدماء(أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء) وكان الجزاء أن استخلفها ربها بآدم وذريته
و بما أنك دقيق الفهم فيجب أن أذكر أن معصية ادام ليس كمعصية باق الخلق لقوله تعالى( ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما)انه ليس نقضا للعهد ولكنه داخل في التركيبة الانسانية ( النسيان)واقرار بها حتى يعلم كل من ياتي بعد ادم انه قد ينسى (في والنسيان لا ارادي ولكن الانسان مسؤول عند الله لذلك كان العقاب بالهبوط من الجنة وكانت المغفرة سريعة للسبب الانف ذكره
هذا لأؤكد به ما ذكرت أن خلافة أدام عليه السلام لا تقارن بخلافة غيره من ذريته
وأؤكد به أيضا فكرة أن المعصية سبب في الاستبدال وهي سنة الله في خلقه


اقتباس:

هنا نبهتينا لحكمة من حكم الحج الكثيرة وهو استنباط جيد منك، جزاك الله خيرا، وفي الحديث للنساء : كتب عليكن جهاد لا قتال فيه الحج
لكن العنوان يحتاج لضبط أكثر : الحج اعظم من الجهاد من جهة أنه من أركان الإسلام،
فأنى نجعله كمحطة وقود قد يشعر بأن غيره أهم منه من كل وجه، وانه وسيلة فقط والغاية منه هي الجهاد (وما دخول محطة الوقود إلا وسيلة للسفر وليس سفرا)
بل هو من الأصول العظيمة
مفهوم أخر قد غفلت عنه إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر وهي أصل عظيم في ديننا فهل أعظم أصل في ديننا جاء للنهي عن الفحشاء و المنكر فقط أكيد لا ونحن نعلم أن مابين المسلم و الكافر هي الصلاة

والحج يا أخي في حد ذاته جهاد
قالت السيدة عائشة أم المؤمنين يا رسول الله‏:‏ نرى الجهاد أفضل العمل‏‏ أفلا نجاهد؟
قال‏:‏ لا لكن أفضل الجهاد حج مبرور

وهذا ‏حديث أخرجه البخاري
وقد كتبت( والله تعالى يتيح للأمة من خلال الحج فرصة تدريبية (من إعداد نفسي وبدني وروحي) للتدريب على الجهاد وتغيير العادات بمعنى أن الحج أصل كل جهاد
ومعنى أن نكتب أن الحج محطة وقود نكتبها ونحن ندرك المعنى الكبير لهذه الكلمة الحج ثم نشير بكونه أيضا قوة إسلامية يجهلها المسلمون ويجب الاستفادة من هذه القوة الروحية و التي جعل الله لها موسما (محطة) والعمل بجدية على وضع التصور المناسب لمواجهة التحديات التي تعوق هذه الأمة


الفكرة تقول أن الإسلام اتخذ من التوحيد قاعدة لحضارته ويرى ضرورة نشر هذه القاعدة لتستوعب الكرة الأرضية برمتها حيثما وجد
ويرى ضرورة نشر التوحيد في الأرض وإزالة الموانع السياسية والاجتماعية
هاته الموانع كانت نتيجة الخروج عن منهج الإستخلاف
وحالت دون تقدمه بل وشكلت خطرا عليه في الأرض


بوركت أخي على الملاحظات الدقيقة و أرجوا أن أكون قد وفقت إلى حد ما في إيصال ولو جزء مما فهمت
التعديل الأخير تم بواسطة مُسلِمة ; 27-12-2012 الساعة 07:09 PM