نوعية مشاكل الدعوة في العصر الحديث
04-02-2009, 05:39 PM
نوعية المشاكل في العصر الحديث
تعيش الدعوة الإسلامية في العصر الحديث حياة لا تعرف لها مثلا في العصور الغابرة وقد تنوعت المشاكل وتعددت، مما جعل دعاة الحق يحتارون في أمر الدعوة ومشاكلها المتنوعة وكيفية التغلب عليها حتى صار هذا التفكير شغلهم الشاغل. وفى الإمكان أن نوجز أهم تلك المشاكل فيما يلي:

"أ" الجهل أي عدم تصور الإسلام تصورا صحيحا.
"ب" التناقض الذي يصيب بعض الدعاة أحيانا.
"ج" النفرة وعدم الانسجام بين المنتسبين إلى الدعوة الإسلامية.
"د" وجود بعض الطوائف الضالة التي تعمل في بعض البلاد باسم الإسلام "كالقاديانية".
"هـ" المناهج العقيمة المقررة في كثير من جامعاتنا.
"و" آثار الاستعمار الباقية في كثير من البلدان الإسلامية.
تفصيل الكلام على المشاكل الست:
الجهل: حقا إن الجهل داء فعلى الداعية أن يبدأ بتكوين نفسه وعلاج دائه قبل أن ينزل الميدان للدعوة وذلك بالفهم الصحيح. بأن يوجه اهتمامه إلى أخذ العلم من مصدره الأصيل الكتاب والسنة على أنهما هما المصدران للشريعة أصولها وفروعها وبدراستهما يحصل العلم النافع والهدى والسيادة في الدنيا والسعادة في الآخرة.
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}1 ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الإسراء الآية 9

"أوتيت القران ومثله معه"1 كما ينبغي له أن يدرس السيرة العطرة ولا بأس أن يطلع على ما تزخر به المكتبة الإسلامية الحديثة من كتب قيمة تستند إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة في بحوثها ومعالجتها للحوادث العلمية.
وبذلك يتكون لدى الدارس تصور صحيح لهذا الدين في أحكامه وتشريعاته وعقيدته وعبادته وأخلاقه.
وبذلك يحصل له الفقه في الدين. وهو التصور الصحيح للإسلام- كما قلنا- يتصور ويفهم فهما دقيقا معنى الألوهية ومعنى العبادة ومعنى الجاهلية، وما أصدق كلام عمر بن الخطاب إذ يقول: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية"2 هو الفقه الذي يريده النبي عليه الصلاة والسلام في قوله:
"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"
3.
وعدم هذا الفقه هو الذي جعل أهل الكلام يسمون فلسفتهم توحيدا وتعطيلهم تنزيها وإثبات غيرهم تشبيها وألفوا في ذلك مؤلفات تدرس اليوم في كثير من معاهدنا وجامعاتنا باسم التوحيد وليس فيها طعم التوحيد ولا روحه، بل قد أبعدوا النجعة فهم كما قال القائل:

نزلوا بمكة في قبائل هاشمونزلت بالبطحاء أبعد منزل
وهؤلاء في واد والتوحيد والعقيدة في واد


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده 130- 131/ 4 من حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه بإسناد صحيح وأخرجه الآجري في الشريعة من هذا الوجه وأورده السيوطي في مفتاح الجنة.
2 مضى بيانه
3 مضى تخريجه أخرجه خ العلم (10) الخمس (7). م الإمارة (175) وأحمد في مسنده 1/306 1 من حديث ابن عباس وغيره من الصحابة رضي الله عنهم.

فكم حالت تلك المؤلفات بين شبابنا وبين فهم العقيدة الإسلامية التي نطق بها الكتاب والسنة كنتيجة للتصور الخاطيء للإسلام وعقيدته ولقد أحسن من قال:
العلم قال الله قال رسولهقال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةبين الرسول وبين رأي فقيه
ولا جحد الصفات ونفيهاحذرا من التمثيل والتشبيه
هذا وإن عدم الفقه الدقيق هو الذي حمل العبّاد أو المنتسبين إلى التنسك والتعبّد على ابتداع طقوس بعيدة عن روح الإسلام وأطلقوا عليها أسماء من عند أنفسهم على حساب الإسلام وفرقوا بها جماعة المسلمين ووزعوهم على تلك البدع وأعلنوا عن أنفسهم أنهم أهل الله وأحباؤه, ولهم صلاحية ليست للأنبياء والرسل. إذ في إمكانهم أن يأخذوا الدين وشرائعه عن الله مباشرة بغير واسطة جبريل ودون الحاجة إلى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
هكذا تدعو جهلة الصوفية إلى الردة من حيث لا تشعر أو من حيث تشعر بالنسبة لأقطابهم. ومن تلكم الطرق المبتدعة الطرق الآتية أسماؤهم:
ا- الطريقة التيجانية.
2- الطريقة القادرية.
3 الطريقة السنوسية.
4- الطريقة المرغنية.
إلى آخر تلكم الأسماء التي وزعت المسلمين طرائق قددا وسماها أولئك الذين لا فقه لهم في الدين أنها من طوائف المسلمين بل زعم
- بعض هؤلاء أن أصحاب هذه الطرق من دعاة الإسلام وأنا هم الذين انتشر الإسلام بدعوتهم في العالم، يا لها من فرية ما أفظعها ويا لها من جهل ما أقبحه.
إن هي إلا بدع سميت بغير أسمائها لو كانوا يفقهون.
ولا يستكثر على مشايخ الصوفية أن يأتوا كل بدعة وأن يقولوا كل قول بعيد عن الصواب لأنهم أوعية جهل لو صح هذا التعبير ولعلي لا أثقل عليكم لو نقلت لكم بيتا صوفيا يشتمل على الوعظ والإرشاد في دين الصوفية وهذا نصه:

فأكثر ما استطعت من الخطاياإذا كان القدوم على الكريم
"تيسير العزيز الحميد ص 67" وأتركه هكذا دون تعليق لتأخذوا حريتكم في التعليق: وجهلهم مركب وهو من أقبح نوعا الجهل كما لا يخفى ولكن الذي يخجل ويحمل المرء على الاستغراب أن يتبنى الدعوة إلى هذه الطرق المبتدعة ويعد أصحابها من دعاة المسلمين علماء أجلاء ولو في نظر العامة ودكاترة محترمون، كيف جهلوا بأن هذه الطرق عقبة من العقبات التي يشكو منها دعاة الحق في كل مكان وليس بينها وبين الإسلام صلة قرابة إذ تتنافى تعاليم الإسلام في أصوله وفروعه، ودعوى أنها من البدع الحسنة دعوى عارية عن الدليل ولا يوجد في الإسلام ما يسمى بالبدعة الحسنة. ورحم الله الإمام مالكا إمام دار الهجرة إذ يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة فرآها حسنة فقد اتهم محمدا بالخيانة وعدم التبليغ" أو كما قال الإمام رحمه الله.
حقا إنه لا يكون ديننا اليوم ما لم يكن ديننا أمس في عهد النبوة. ولعمري لقد عظمت المصيبة على الأمة الإسلامية في العصر الحديث بهاتين البدعتين بدعة الكلام وبدعة الطرف الصوفية.

أما بدعة الكلام فقد صرفت شباب الجامعات وكثيرا من طلاب العلم في المساجد في كثير من البلدان الإسلامية عن دراسة العقيدة الإسلامية التي كان عليها سلف هذه الأمة والتي نطق بها الكتاب وشرحتها السنة فقد جهلها كثير، من شبابنا المخدوعين بذلك الكلام المذموم الذي ذمه أئمة المسلمين وحذروا منه
ومن المغالطات الغريبة أن يطلق على عقيدة طائفة من أهل الكلام أنها عقيدة أهل السنة والجماعة وهي بعيدة عن السنة وعما كانت عليه الجماعة بعدهم عنها. وهم يدخلون في عموم قوله تعالى:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ}
1
وقوله تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}
2
وقد شغلت تلكم المغالطة وزخرف القول فراغ قلوبهم واستولت على عقولهم ولم يبق مكان لقبول الحق إلا من رحم ربك وأدركه بلطفه.
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في بعض كتبه:3 : "قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده. هكذا كما أنه في الأعيان فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات. فإذا كان ا القلب ممتلأ بالباطل اعتقادا ومحبة لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع"


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الحج الآية 8.
2 سورة الحج الآيتان 3و4.
3الفوائد.

فلنسمع ما قاله بعض أئمة الهدى في ذم الكلام وأهله:
أ- قال الإمام أبو يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة وصاحبه: "
من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس. ومن طلب غريب الحديث كذب"1
" قال الإمام الشافعي: "
حكمي في أهل الكلام: أن يطاف بهم في القبائل والعشائر ويضربوا بالجريد والنعال ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على علم الكلام وقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ماظننت مسلما يقوله، ولأن يبتلى العبد بكل مانهى عنه ما خلا الشرك بالله خير له من أن يبتلى بالكلام"2.
وما أروع ما قال الإمام مالك رحمه الله. "
أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد عليه الصلاة والسلام لجدل هؤلاء"
فكم كان غريبا ومثيرا أن ينتسب هؤلاء الكلاميون إلى الأئمة المذكورين في الفروع الفقهية ثم يخالفونهم في أصول الدين فيما يعتقدون نحو ربهم.
فهل يعتقد هؤلاء البلداء أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة السلف كانوا على ضلال في عقيدتهم وأصول دينهم بينما هم على حق في الفروع.
هذا ما يستنتج من موقفهم رضوا أم أبوا إنها قضية ولا أبا حسن لها كما يقولون. وأما بدعة طرق الصوفية فهي الأخرى قد حجبت كثيرا من المخدوعين لها عن فهم حقيقة العبادة في الإسلام


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 شرح الطحاوية ص 229.
2 المصدر السابق.

حتى ظن جمهور المخدوعين أن التبتل أو التنسك معناه التصوف وبالتالي غيرت الصوفية لديهم مفهوم الذكر فقد ظن أكثرهم أن ذكر الله عبارة عن اجتماع لفيف من الناس في مكان ما وفى الغالب يكون عند ضريح من أضرحة المشايخ والسادة ويعقدوا حلقات يطلق عليها ظلما وعدوانا حلقات الذكر ثم يأخذون في التمايل يمينا ويسارا وهم يقولون: الله الله وأخيرا هو هو وإذا حمى الوطيس فلا تسمع إلا حوه حوه أوح ح. وقد يطفأ السراج إن أقيمت الحضرة ليلا ليأخذ الذاكرون حريتهم وليصل الذكر إلى حد الكمال ويصل الواصلون ياللإسلام ما أعظم مصيبة أتباعه.
وأما العبادة عند المتصوفة فهي عبارة
عن إقامة الحفلات الموسمية كالاحتفال باسم المولد النبوي والاحتفال باسم الإسراء والمعراج وعيد أول السنة الهجرية وعيد النصف من شعبان وصورت الصوفية لجمهور المخدوعين أن هذه الاحتفالات والأعياد هي الإسلام بل هي من أعظم ما يتقرب به المسلمون إلى الله فطالما يحافظون عليها فهم بخير والحمد لله شرقوا أو غربوا أو ألحدوا أو وحدوا والعبارت المخدرة لا تفارق ألسنتهم "أمة محمد بخير".
ولا شك أن الباحث الفهيم المهتم بشئون الدعوة الإسلامية يرى أن أفظع فتنة فتنت بها هذه الأمة في العصر الحديث فتنة علم الكلام وفتنة التصوف وجميع المشاكل التي سوف نتحدث عنها إن شاء الله تتفرع معظمها عن هاتين البدعتين والله المستعان.
التناقض:
إذا تحدثنا عن حاجة الدعاة إلى التصور الصحيح للإسلام وأن عدم تصورهم للمفهوم الصحيح للإسلام هو عقبة من العقبات في سبيل الدعوة إذا أثبتنا حاجتهم تلك، فهم إلى التطبيق العملي والتفاعل مع

الإسلام أحوج. بحيث تكون حياتهم ترجمة واضحة لمنطوق الإسلام وصورة كريمة تمثل الإسلام وتحببه إلى الناس فالأمة الإسلامية بحاجة ماسة إلى دعاة يتوسمون خطى الدعوة في أقوالهم وأفعالهم. في حياتهم الخاصة في أنفسهم وفي بيوتهم وفي حياتهم العامة ليصبحوا بذلك قدوة للمجتمع الذي يعيشون فيه، والداعية الناجح هو الذي يهذب الناس بسيرته قبل أن يهذبهم بلسانه ويدعوهم إلى الله بخلقه وحسن سلوكه قبل أن يقول شيئا بلسانه.
فكم تشكو الدعوة الإسلامية في العصر الحديث من تناقض الدعاة تشكو من دعاة يعظون ولا يتعظون، يقولون ما لا يفعلون يأمرون ولا يأتمرون، ينهون ولا ينتهون، دعاة تكذب أفعالهم أقوالهم في الغالب، نسمع خطبا منبرية قوية. وتحمسات وانفعالات، وثرثرة ولا شيء غير ذلك "نسمع جعجعة لا نرى طحنا".
وقد بلغ الأمر والحال ببعض من ينتسب إلى الدعوة والإصلاح أنه قد يترك الصلاة أو صلاة الجمعة وإذا سئل عن ذلك يكون الجواب أنه في أجازة.
ويعد هذا صنف من الدعاة إلى الإسلام فما رأي المستمع الكريم؟!!
النفرة وعدم الانسجام:
توجد في العصر الحديث جماعات تدعو إلى الله ولكنها في الغالب تتخبط على غير بصيرة فالواجب على دعاة الحق أن يكونوا على بصيرة فاهمين ما يدعون إليه ومتصورين له ومؤمنين به.
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}
1


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة يوسف الآية 108.


هاتان صفتان لأتباع محمد عليه الصلاة والسلام.
ا- القيام بواجب الدعوة.
2- أن يكسبوا البصيرة قبل أن يشرعوا في الدعوة.
البصيرة هي العلم الذي مصدره الوحي والفقه الدقيق الذي يستفيد منه الداعية الحكمة وحسن الأسلوب وكسب القلوب والتحبب إلى الناس دون تملق ولا نفاق. والتحابب بين المسلمين عامة وبين الدعاة خاصة أمر ضروري لحياة الدعوة بل سبب لرضى الرب تعالى ودخول دار الكرامة "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا. ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم"1
ومما تشكوه الدعوة الإسلامية هذا اليوم النفرة وعدم الانسجام وقلة التعاون بين الجماعات التي تتصدى كل واحدة منها للدعوة إلى الله. وفي الواقع أن أكثر تلكم الجماعات بحاجة ماسة إلى من يدعوهم إلى الله ويبصرهم في دينه حتى يكونوا مؤهلين أولا في أنفسهم للدعوة بالقضاء على التنافر فيما بينهم وتنافر مناهجهم وبرامجهم في العمل.
وهذه الجماعات أشبهها بالأحزاب السياسية المتنافسة لمصالحها الشخصية وأغراضها الذاتية وهي ذاتها محنة من المحن ومشكلة من المشاكل للدعوة والدعاة معا إذا هي بقيت على وضعها ولم تعد النظر في سلوكها ومنهج عملها وبرامجها وأساليب دعوتها وسياستها فخطرها على الدعوة يفوق كل خطر يهدد الدعوة من خارجها. فعلى هذه الجماعات أن تدرس تاريخ الدعاة الأولين من الصحابة والتا بعين الذين


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه م الإيمان (93) ت الأطعمة (5)، القيامة (56) جه المقدمة (90) وأحمد في مسنده 391/ 2 وذلك من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
نطق بهم القرآن وبه نطقوا والذين انتشر الإسلام بدعوتهم بل عليهم أن يفهموا الدين كما فهم أولئك السادة ويسيروا سيرتهم وينسجوا على منوالهم مع ملاحظة الأساليب المناسبة في العصر الحديث والملابسات والظروف وأحوال الناس.
وإن لم يسلكوا هذا المسلك فسوف لا يكتب لدعوة أي نجاح أو أي تقدم لأنه عمل لم يستوف الشروط وهو عمل غير صالح وسوف يجدي ما أوتي أصحابها من الدهاء وسحر البيان والجدل والاستغفال.
أجل قد ينطلي هذا الأسلوب على بعض الناس فترة من الزمن ويحسبه صادقين في دعوتهم لكثرة لمعان الأسلوب ولكنه لا ينطلي على الله الذي بيده النجاح والتوفيق فعلية أن يراقبوا الله وحده لأنه هو الذي له الأمر كله وبيده الخير كله لا إله إلا هو ولا رب سواه، وهو المستعان.
المناهج التعليمية:
مما منيت به الدعوة الإسلامية في هذا العصر أن كثيرا ممن يتصدون للدعوة إلى الإسلام أولئك الذين يتخرجون في الجامعات التي تدرس تلكم المناهج العقيمة البالية التي لا تنتج إلا الجهل بحقيقة الإسلام والجمود الفكري وبرودة الهمة.
فيتخرج الطالب فليس أمامه أي هدف إلا البحث عن وسيلة العيش فقط فيأخذ يطرق جميع الأبواب التي تؤمن له العيش فإذا لم يجد سبيلا إلى ما يريد أن يوظف كداعية أخذ شهادته المزركشة في طولها وعرضها على الجهة المسئولة عن الدعوة رسميا فوظف تحت عنوان.

الداعية !!
فينزل الداعية الجديد الميدان ليدعوا إلى الله وليس لديه أي تصور للدعوة في أسلوبها وسياستها وآدابها ودراسة أحوال المدعوين فيتخبط خبط عشواء يمينا ويسارا على حساب الدعوة الإسلامية المظلومة التي أصبحت "تكية" يتعيش منها كل محتاج إلى العيش هل يقوم بواجب الدعوة أولا يقوم؟ هذا السؤال غير وارد...
نوعية المنهج:
يحسن بنا أن نعرف شيئا عن هذا المنهج الذي تحدثنا عنه ووصفناه بأنه منهج غير صالح وأنه عقيم لئلا يكون كلامنا مجرد دعوى لا بينة لها. فلنتخذ من مواد المنهج كله ثلاث مواد رئيسية لتمثل المنهج كله فيما قلنا عنه:
أ- مادة التوحيد.
3- مادة الفقه.
3- مادة التاريخ.
أولا: أن مادة التوحيد ليس لها قسم خاص وإنما تدرس في قسم الفلسفة وهذا يعني أن التوحيد عندهم مادة من مواد الفلسفة, والواقع أن الفلسفة شيء والتوحيد شيء آخر لا صلة له بها إن كان التوحيد هو ذلك الذي نطق به الكتاب والسنة ولا علاقة لفلسفة أرسطو وأفلاطون بالتوحيد الذي يؤخذ من الوحي: الثرى غير الثريا

المصدر:
مشاكل الدعوة والدعاة في العصر الحديث
تأليف:
محمد أمان بن علي الجامي
قال الله عزوجل :وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .الآية رقم [126] من سورة [البقرة]
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "منْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا". أخرجه البخاري

فائدة من الاية والحديث أن إبراهيم عليه السلام أول مادعا الامن قبل الرزق والرسول صلى الله عليه وسلم بدا بالامن قبل الرزق ولو كان الرزق قليل يكفي يوم فكأنما حزيت له الدنيا
فهل من معتبر ؟