نثر الجواهر والدرر من فقه ابن تيمية ونصائحه
16-11-2017, 09:51 AM
نثر الجواهر والدرر من فقه ابن تيمية ونصائحه


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

يسرنا أن ننثر بين يدي القراء الأفاضل:" جواهر ودرر من نصائح وفقه شيخ الإسلام: ابن تيمية" رحمه الله، وقد جمعها مشكورا مأجورا الشيخ الفاضل:" بكر البعداني"، وهذهالجواهر والدرر من سماعات تلميذ شيخ الإسلام الفذ: الإمام العلامة المحقق المدقق:" ابن قيم الجوزية" رحمه الله.
وقد جاءت هذه الجواهر والدرر موثقة مسندة لمؤلفات الإمام:" ابن قيم الجوزية" رحمه الله، فإليكموها: مزبورة مسطورة، نفعنا الله وإياكم بها.

مراعاة المصالح والمفاسد:
قال ابن القيمرحمه اللهتعالى:
"سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس اللهروحه ونور ضريحه - يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي؛ فأنكرت عليه، وقلت له: إنما حرم اللهالخمر؛ لأنها تصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس، وسبي الذرية، وأخذ الأموال، فدعهم".
[ إعلام الموقعين عن رب العالمين:3/4].

هذا حكم زفر:
قال ابن القيمرحمه اللهتعالى:
"سمعت شيخ الإسلام يقول: حضرت مجلسًا فيه القضاة وغيرهم، فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر، فقلت له: ما هذه الحكومة؟، فقال: هذا حكم الله، فقلت له: صار قول زفر هو: حكم اللهالذي حكم به وألزم به الأمة!!؟، قل هذا حكم زفر، ولا تقل هذا حكم الله، أو نحو هذا من الكلام".
[ إعلام الموقعين عن رب العالمين:4/193].

خير الناس وشرهم:
قال ابن القيمرحمه اللهتعالى:
"سمعت شيخ الإسلام - رحمه اللهتعالى - يقول: كما أن خير الناس الأنبياء، فشر الناس من تشبه بهم من الكذابين وأدعى أنه منهم، وليس منهم، فخير الناس بعدهم: العلماء، والشهداء، والصديقون، والمخلصون، وشر الناس: من تشبه بهم يوهم أنه منهم، وليس منهم".
[الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص: 20].

فضل الذكر:
قال ابن القيمرحمه اللهتعالى:
"سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس اللهتعالى روحه - يقول: الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء!!؟".
[ الوابل الصيب من الكلم الطيب ص:63].

جنة في الدنيا:
قال ابن القيم رحمه اللهتعالى:
"سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس اللهروحه - يقول: إن في الدنيا جنة، من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.
وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟، أنا جنتي وبستاني في صدري، إن رحلت، فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.
وكان يقول في محبسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القاعة ذهبًا: ما عدل عندي شكر هذه النعمة. أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ونحو هذا.
وكان يقول في سجوده - وهو محبوس -: اللهم أعني على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، ما شاء الله.
وقال لي مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه.
ولما دخل إلى القلعة، وصار داخل سورها، نظر إليه وقال:
﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾.
وعلم اللهما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشًا، وأشرحهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، وأسرهم نفسًا، تلوح نضرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض: أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه، فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحًا، وقوة ويقينًا وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل؛ فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها: ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها".
[ الوابل الصيب من الكلم الطيب ص: 67].
وقال بعض العارفين:" إنه ليمر بالقلب أوقات أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب".
وقال بعض المحبين:" مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا، وما ذاقوا أطيب ما فيها!!!"، قالوا: وما أطيب ما فيها؟، قال:" محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والإقبال عليه والإعراض عما سواه".
[ مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين:1/ 454].

يتبع إن شاء الله.