السؤال:
أبي رجل مسلم ، وأمي امرأة من " السيخ " ، ولكنها أسلمت عندما تزوجت والدي
بعد أن أسلمت كانت تحافظ على الصلوات ، وحضور المسجد والدروس ، بشكل مستمر ، ثم بعد ما يقارب 13 عاماً :
لا أدري ما الذي حدث بينهما ، فطلقها ، فارتدت عن الإسلام ، وعادت لديانتها السابقة – وللأسف - . حاولت معها جاهدة أن تعود إلى الإسلام لعلمي بالعقاب الأليم لمن يرتد عن الإسلام
ولكن دون جدوى ، ولا أدري الآن كيف أتعامل معها ، لأنها أمي ، ولها عليَّ حقوق يجب مراعاتها
ولكن كيف السبيل إلى الموازنة
في العلاقة معها ؟
وما هي النصيحة التي يمكن أن تسدوها لي ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يردَّ أمك إلى الإسلام ، وأن يُحسن لها خاتمتها .
ثانياً:
قولكِ " ، ولها عليَّ حقوق يجب مراعاتها " : غير صحيح !
ولو أنها كانت كافرة أصلية :
لكان لها عليك حقوق ، ولكن بما أنها صارت مرتدَّة عن دين الله تعالى : فقد سقطت حقوقها الشرعية عليكِ وعلى أولادها المسلمين .
قال الشافعي - رحمه الله - :
ومَن انتقل عن الشرك إلى الإيمان ، ثم انتقل عن الإيمان إلى الشرك ، مِن بالغي الرجال والنساء : استتيب ، فإن تاب قُبل منه ، وإن لم يتب : قُتل ، قال الله عز وجل : ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) إلى ( هم فيها خالدون ) .
" الأم " ( 1 / 257 ) .
والمرتد ليس له حرمة في الشرع ؛
لأنه لا يقرُّ على ردته ، فإما أن يرجع إلى الإسلام فتكون له أحكام المسلمين ، أو يصرَّ على كفره فيُقتل ، ولذا لا تحل ذبيحته ، ولا يجوز التزوج من مرتدة ، وليس للمرتد حق الصلة والبر والإحسان ؛ بل يُهجر ويقاطَع ، إلا من أجل الدعوة والنصيحة .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
ما حكم الشرع في نظركم في ترك أهلي ومقاطعتهم بسبب معاصيهم وتركهم للصلاة وللواجبات ؟.
فأجاب:
لا شك أن الأهل والأقارب لهم حق على الإنسان ، حتى وإن كانوا كافرين ؛ لقول الله تعالى ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) ، ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) ، ولكن هؤلاء الأهل الذين لا يصلُّون يعتبرون مرتدين عن الإسلام ؛ لأن مَن لا يصلي :
كافر ، كما دل على ذلك كتاب الله ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم ، بل حكاه بعض العلماء إجماعاً ، فإذا كانوا تاركين للصلاة :
فهم مرتدون عن دين الإسلام ، ولا يجوز للإنسان أن يخالطهم ، اللهم إلا على سبيل النصيحة ، أن يذهب إليهم وينصحهم ويبيِّن لهم ما في هذه الردة من الخزي والعار في الدنيا والآخرة لعلهم يرجعون ، فإن أصروا على ذلك :
فلا حقَّ لهم ، ويجب هجرهم ، ومقاطعتهم ، ولكني أسأل الله عز وجل أن يرد هؤلاء ، وغيرهم ، ممن ابتلوا بهذه البلية العظيمة أن يردَّهم إلى الإسلام حتى يقوموا بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها .
وليُعلم أن المرتد أعظم جُرماً وإثماً من الكافر الأصلي ؛
لأن الكافر الأصلي يقرُّ على دينه الذي هو عليه وإن كان باطلاً ، أما المرتد : فإنه لا يقر على دينه ، بل يؤمر بالرجوع إلى الإسلام ، والقيام بما تركُه كفر ، فإن لم يفعل فإنه يجب أن يُقتل ... .
فتاوى نور على الدرب ( شريط 161 ، وجه ب ) .
والوصية لك :
بعدم اليأس من هداية والدتك
والاستمرار في دعوتها ، بالحسنى ، مع مداومة الدعاء لها ، واختيار الأوقات الفاضلة كثلث الليل الآخر ، والأحوال الفاضلة كالسجود في الصلاة ، واعلمي أنه لا حقَّ لها عليكِ ما دامت مرتدة .
والله أعلم