التنفيذ الجبري
06-04-2009, 06:41 PM
busted_red
مقدمة :
يلجأ صاحب الحق إلى القضاء طالبا الحماية ولا تتحقق هذه الحماية بمجرد حصولـه علـى حكم بحقه ذلك أن الحصول على حكم لا يعني أن الحق قد عاد لصاحبـه فهو مجرد تأكيد نظري له و لا تشبـع حاجة صاحـب الحق إلا حصوله فعلا على حقه بأن تتحـول الكلمات المكتوبة في ورقة الحكم إلى شيء أو مبلغ نقدي يحصـل عليـه صاحبه و يدخل في ذمته المالية و يتم ذلك عن طريق التنفيذ فلا يكفي أن يكسـب الشخص الدعوى أمام محكمة الموضوع بالحصول على حكم يحـمي حقه و إنما ينبغي عليه أن يتابع إجراءات التنفـيذ للحصول على الحماية الفعليـة أو التنفيذية فإذا كان الحكم هو نهايـــة المطـاف للدعـوى و الخاتمـة الطبيعيـة لها و هو ثمرتهـا المرجوة التي يسعى صاحب الحق جاهدا لنيله و هو بالنسبة للقاضي التتويج المرتقب لجهوده إلا أن هذا الحكم لن تكون له قيمة قانونية أو عملية إذا ظل مجرد عبارات مكتوبة غير قابلة للتنفيذ فنجاح القضاء يقاس بمدى تنفيذ أحكامه إذ لاينفع تكلم بحق لا نفاذ له-¹-
فمن خلال التنفيذ يتحقق التطابق بين المركز القانوني لصاحب الحق و بين المركز الفعلي
و الأصل في التنفيذ أن يكون عينيا لأن للدائن حقا مكتسبا في إستيفاء حقه عينا إلا إذا إستحال -التنفيذ العيني فيتحول إلى التنفيذ بالتعويض كإستثناء عن الاصل و ان
الأصل في التنفيذ العيني أن يكون إختياريا عندما يقوم المدين بأداء ما عليه في موعده و بإرادته فينتهي الإلتزام دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء فتنقضي الخصومة القضائية بإنقضاء عنصر المديونية- ²- ذلك أن من يلتزم إتجاه غيره إنما يكون مدينا مسؤولا و المديونية تفرض على المدين أن يفي بما إلتزم به فإن فعل ذلك برءت ذمته و أعفى من المسؤولية .
و هنا يكون المدين قد وفى بدينه إختياريا أي إستجاب لعنصر المديونية في الإلتزام و لا يتعرض للقهر أو الإجبار الذي يفرضه عنصر المديونية .
- إما إذا إمتنع المدين عن الوفاء بما إلتزم به خول المشرع الجزائري للدائن إستنادا إلى نص المادة 164 من القانون المدني أن يجبر المدين بعد إعذاره على التنفيذ العيني مادام ذلك مازال ممكنا إلا أن الدائن لا يمارس هذا الحق بنفسه لأنه لا يجوز للشخص ان يقتضي حقه بنفسه لذلك تدخل المشرع و منحه حماية تنفيذية إلى جانب الحماية القضائية التي تخول للدائن حق اللجوء1للقضاء لتعزيز الحماية القانونية للحقوق أو المراكز في حالة الإعتداء عليها أو التشكيك فيها ..و تنتهي عادة الحماية القضائية بصدور حكم قد يكون منشأ أو مقررا أو ملزما فإذا كان النوعين الأولين من الأحكام لا تثيرإشكالات على أنه بمجرد صدورهما تشبع الحاجة من الحماية فإن أحكام الإلزام على عكس ذلك لا تشبع هذه الحاجة من الحماية بل تحتاج للتنفيذ الجبري لذلك تدخل المشرع ومنح صاحب هذا الحق نوعا أخر من الحماية و هي الحماية التنفيذية فإذا كان صدور الأحكام القضائية لا سيما أحكام الإلزام يشكل الخطوة الأولى لإستيفاء المتقاضين حقوقهم فإن بلوغ هؤلاء هدفهم لا يتأتى إلا بتنفيذ ما قضت به تلك الأحكام لأنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له لذلك منح المشرع لصاحب الحق الحماية التنفيذية عن طريق منحه لإمكانية التنفيذ الجبري .


1- عبارة أمير المؤمنين عمربن الخطاب في رسالته إلى أحد قضاته .
2- – الدكتور نبيل عمر و أحمد هندي التنفيذ الجبري دار الجامعة الجديدة بالإسكندرية سنة 2003 ص
و الذي يكون إما بطريق مباشر أو عن طريق الحجز فالطريق الأول يصل الدائن إلى إستيفاء حقه بإستعمال القوة العمومية و هنا تتوسط السلطة العامة بين الدائن و المدين
لإعادة المطابقة بين المراكز الواقعية و المراكز القانونية لكلا الطرفين إلا أن ذلك لا يتحقق إلا إذا كان التنفيذ العيني ممكنا دون التدخل الشخصي للمدين لإنه لا يمكن إلزام المدين بالقوة العمومية على تنفيذ التزام بعمل معين أو الإمتناع عنه حينما يستلزم هذا العمل تدخله شخصيا لما في ذلك من مساس بحريته لذلك و حفاظا على حق الدائن منحه المشرع وسيلة أخرى للضغط على المدين و حثه على التنفيذ العيني تتمثل في الغرامة التهديدية التي نظمها المشرع الجزائري في المواد 174 ، 175 من القانون المدني و المادتين 340/ 471 من قانون الإجراءات المدنية إضافة إلى بعض المواد التي تتضمن أحكاما خاصة منها نص المواد 34- 35- 39 من قانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية للعمل
في حين نظمها المشرع المصري في المواد 213 – 214 من التقنين المدني المصري
و كان القضاء المصري في عهد التقنين السابق كالقضاء الفرنسي يجري أحكام التهديد المالي دون نص تشريعي و عانى القضاء المصري كما يعاني القضاء الفرنسي في سبيل إلتماس سند تشريعي لم يكن موجودا فقنن التقنين المدني الجديد هذا القضاء في النصوص التي تقدم ذكرها و قد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المصري إن أهم ماعيب على الغرامات التهديدية في الوقت الراهن إنها لاتسند إلى نص من نصوص التشريع بل إنها وليدة إجتهادالقضاء و نظم المشرع المدني السوري نظام الغرامة التهديدية في المادتين 214 ، 215 و هما مطابقتان لمادتي التقنين المدني المصري .
و المشرع المدني العراقي في المادة 235 و التقنين الليبي في المادة 216 ، 217 في حين نظمها الموجيبات و العقود البناني في المادة 251 و بهذا يتضح لنا بان جل التقنينات العربية نصت على نظام الغرامة التهديدية في القانون المدني بينما إستفرد القانون الجزائري بالنص عليه في القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية .
أما القانون الفرنسي فإنه يطبق نظام الغرامة التهديدية دون سند تشريعي فهو نظام وليد الإجتهاد القضائي ليس إلا رغم أن بداية نشوء هذا النظام كان في فرنسا حيث كانت محكمة النقض الفرنسية قد أصدرت أول حكم لها بالغرامة التهديدية .
في 29/01/1834 و برزت للوجود في القانون رقم 72 /626 المؤرخ في 5/7/1972 -4 -
و قد أصدرت أول حكم لها بالغرامة التهديدية في 29/01/1834و برزت للوجود في القانون رقم 72/626 المؤرخ في 05/07/1972.فنظام الغرامة التهديدية في القانون الجزائري هو ماسيكون موضوع دراستنا في هذه المذكرة نظرا لأهمية هذا النظام في قانوننا لما تثيره من إشكالات علمية و عملية خاصة و ان كثيرا من القضاة يحكمون بها في غير محلها الأمر الذي جعلنا نبحث في جدوى هذا النظام محاولين الإجابة على أهم الإشكالات المطروحة في هذا النطاق لا سيما منها :


4 -الكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري : نظرية الإلتزام بوجه عام الطبعة الثالثة
منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان 1997.(هامش
مفهوم الغرامة التهديدية ، طبيعتها القانونية ، نطاقها ، حالات الحكم بها ، الجهة القضائية المختصة بتوقعها و كذا تصفيتها و شروط الحكم بها وبدء سريانها مع

التعرض لسلطات القاضي عند الحكم بها و تصفيتها .
و هو ماسيتم الإجابة عليه من خلال هذه الدراسة محاولين أن نمزج بين النظري و التطبيقي مع مقارنة بعض النقاط بما هو عليه في القانون و القضاء الفرنسي لا سيما عند التطرق للغرامة التهديدية في القانون الإداري لنتطرق في الختام إلى أهم العيوب و المساويء التي تعتري نظام الغرامة التهديدية و تقلل من قيمته في بلادنا مع إعطاء الحلول البديلة لكل حالة مع الإشارة إلى بعض التطبيقات القضائية
التي
ا ساءت فهم و توظيف

هذا النظام ، ثم نعرج بعد ذلك إلى مدى فعالية نظام الغرامة التهديدية في بلادنا .
و لمعالجة جميع هذه النقاط إرتأينا تقسيم موضوع بحثنا إلى فصلين :

المقصود بالغرامة التهديدية .
الغرامة التهديدية أو ما يطلق عليها بالتهديد المالي تتلخص وسيلته في أن القضاء يلزم المدين بتنفيذ إلتزامه عينا في مدة معينة فإذا تأخر في التنفيذ كان ملزما بدفع غرامة تهديدية عن هذا التأخرمبلغا معينا عن كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو أية وحدة أخرى من الزمن أو عن كل مدة يأتي عملا يخل بإلتزامه و ذلك إلى أن يقوم بالتنفيذ العيني أو إلى أن يمتنع نهائيا عن الإخلال بالإلتزام، ثم يرجع إلى القضاء فيما تراكم على المدين من الغرامات التهديدية، و يجوز للقضاء أن يخفض هذه الغرامات أو أن يمحوها بتاتا 5-
إن أول من إبتدع نظام الغرامة التهديدية هو القضاء الفرنسي و هذا إبتداء من صدور الحكم الذي أصدرته محكمة النفض الفرنسية بتاريخ 29/01/1834 و حري بنا الإشارة إلى أن صدور هذا الحكم ولد ثورة من الإنتقادات الموجهة من رجال القانون آنذاك، و التي إستندت في مجملها إلى كون هذا الحكم قد صدر خاليا من أي سند تشريعي، فهو لا يستند إلى نص قانوني ، و إستمر الحال على ما عليه إلى أن جاء القانون رقم 72 / 626 الصادر بتاريخ 05/07/1972 الذي نظم وسيلة الغرامة التهديدية و أطرها ضمن سند قانوني 6 .
لقد حذا المشرع الجزائري على غرار باقي التشريعات العربية حذو القضاء الفرنسي بإقتباس نظام الغرامة التهديدية و النص عليه في القانون المدني في المادتين 174/175 و كذا في قانون الإجراءات المدنية 471 و 340 ظف إلى ذلك المواد 34-35 39 من قانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل .






5 – الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجزائري
منشورات الحلبي الحقوقية بيروت – لبنان 1998 ص 807
6 – رمضان أبو السعود أحكام الإلتزام دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية سنة 1998 ص
التطور التاريخي لنظام الغرامة التهديدية :
كان المدين في العصور القديمة يلتزم بالدين في جسمه لا في ماله فكان القانون الروماني القديم يبيح للدائن أن يتملك المدين الذي لا يفي بدينه فيسترقه بل و يقتله، ثم تطور القانون الروماني فلم يصبح للدائن إلا حق حبس المدين و إجباره على العمل لمصلحته ،ثم تحول الإلتزام من الجسم إلى المال فلم يصبح للدائن إلا حق التنفيذ على أموال المدين على أن حبس المدين في الدين كإجراء تهديدي للضغط عليه و إجباره على الوفاء بدينه إذا كان قادرا على ذلك بقي مدة طويلة و إنتقل إلى التقنين المدني الفرنسي نفسه فنصت المواد 2059 إلى 2070 من هذا التقنين على التنفيذ بطريق الإكراه البدني و في أي الديون يكون ذلك و نصت المواد 1265 إلى 1270 من التقنين المدني الفرنسي على طريقة يتفادى بها المدين الإكراه البدني و هي النزول عن جميع أمواله التي يستولي الدائنون على ربعها و يبيعونها لإستفاء حقوقهم و لا تبرأ ذمة المدين إلا بقدر ما إستوفى الدائنون من هذه الحقوق .
و بقي الأمر على هذه الحال في القانون الفرنسي إلى أن ألغي التنفيذ بطريق الإكراه البدني في المواد المدنية و التجارية بقانون 22 جويلية 1867 و لم يبق له تطبيق إلا في المواد الجنائية6 و بذلك حل نظام الإكراه المالي أو ما يسمى بنظام الغرامة التهديدية محله .
و في الجزائر فقد ألغي نظام الإكراه البدني في القانون الدني بموجب الإتفاقية .........


6 – الدكتور عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجديد الطبعة الثالثة منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان 1998 ص 800 و 801 .
تعريف الغرامة التهديدية :
لا شك أن التعرض لأي موضوع بالدراسة و التحليل يتطلب و قبل الخوض في خباياه معرفة ماهيته و كنهه قبل كل شيء و هذا ما سنتطرق له في موضوع الغرامة التهديدية إذ نستهل بحثنا هذا بالتطرق إلى ماهية الغرامة التهديدية من الناحية القانونية و من الناحية القضائية و من الناحية الفقهية في مطلب أول معنون: تعريف بالغرامة التهديدية قانوناو قضاء أو فقها و مميزاتها .
ثم نعرج في مطلب ثان إلى تمييز نظام الغرامة التهديدية عن غيرها من الأنظمة المشابهة لها .
و نتطرق في مطلب ثالث إلى الطبيعة القانونية للغرامة التهديدية في ظل التشريع الجزائري .
1 – تعريف الغرامة التهديدية :
تجدر الإشارة باديء ذي بدء أنه بتصفح النصوص القانونية التي نظمت أحكام نظام الغرامة التهديدية سواء في القانون المدني أو قانون الإجراءات المدنية نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يعرف نظام الغرامة التهديدية مكتفيا بتبيان الأحكام المنظمة لها كنظام قانوني موضحا بذلك شروط الحكم بها و الجهة المختصة بذلك إلى جانب الأثار المترتبة عن الحكم بها
إن سكوت المشرع الجزائري عن تعريف الغرامة التهديدية يستوجب علينا الرجوع إلى الفقه القانوني للبحث عن ذلك (فرع 1 )
و من خلال تعريف الغرامة التهديدية يتسنى لنا تحديد مميزاتها في فرع ثاني
التعريف الفقهي للغرامة التهديدية :
إن نظام الغرامة التهديدية يعد من المواضيع التي تناولها بالدراسة عدد كبير من الفقهاء ضمن العديد من الكتب القانونية لا سيما منها تلك المتعلقة بأحكام الإلتزام و طرق التنفيذ و غيرها من المواضيع إلا أن هذه التعريفات وردت متشابهة مما يستوجب التطرق للبعض منها
لقد عرف الأستاذ عبد الرزاق أحمد السنهوري الغرامة التهديدية كالتالي "إن القضاء يلزم المدين بتنفيذ إلتزامه عينا في خلال مدة معينة فإذا تأخر في التنفيذ كان ملزما بدفع غرامة تهديدية عن هذا التأخير ، مبلغا معينا عن كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو أية وحدة أخرى من الزمن أو عن كل مرة يأتي عملا يخل بإلتزامه و ذلك إلى أن يقوم بالتنفيذ العيني أو إلى أن يمتنع نهائيا عن الإخلال بالإلتزام ثم يرجع إلى القضاء فيما تراكم على المدين من الغرامات التهديدية و يجوز للقاضي أن يخفض هذه الغرامات أو أن يمحوها "
كما عرفها الأستاذ سليمان مرقس 7 -: " الإكراه المالي وسيلة غير مباشرة للوصول إلى التنفيذ في الأحوال التي يكون فيها تنفيذ الألتزام تنفيذا عينيا يقتضي تدخلا شخصيا من المدين .
و يبدو أن الفقه قد أسهب في تعريف الغرامة التهديدية فجاء تعريفها أنها " تعتبر الغرامة التهديدية ذلك الامر الذي يصدره القاضي بإلزام المدين بأداء مبلغ من المال [1]عن كل وحدة زمنية قد تكون يوما ، أسبوعا ، شهرا لإمتناعه عن تنفيذ إلتزامه عينا8
كما عرفت بأنها:"عقوبة مالية تبعية تحدد بصفة عامة عن كل يوم تأخير،يصدرها القاضي بقصد ضمان حسن تنفيذ حكمه أو حتى يقصد ضمان تنفيذ أي إجراء من إجراءات التحقيق " 9 .
ورغم تعدد التعريفات إلا أنها تصب كلها في قالب واحد فهي وسيلة منحها المشرع للقاضي للضغط على المدين لتنفيذ إلتزامه عينا .
مميزات الغرامة التهديدية :
يتسم نظام الغرامة التهديدية بجملة من المميزات لا نجد لها مثيلا في باقي الأنظمة و هو ما يجعلها نظام قضائي مميز ووسيلة تنفيذ غير مباشرة فهي تتميز بكونها ذات طابع تهديدي و تحكمي،كما أنها ذات طابع مؤقت زيادة على كونها تقدر عن كل وحدة من الزمن ،و هو ما سنتعرض له بالتفصيل في كل ميزة على حدا.
1 – الغرامة التهديدية ذات طابع تهديدي و تحكمي:

فالقاضي يتمتع يسلطة تقديرية واسعة في تقديم مبلغ الغرامة10- فلا مقياس له إلا القدر الذي يرى القاضي أنه منتج في تحقيق غايته و هي إخضاع المدين و حمله على أن يقوم بتنفيذ إلتزامه عينا فلا يشترط فيه أن يكون مقاربا للضرر الذي يصيب الدائن من جراء عدم تنفيذ الإلتزام بل أنه لا يشترط للحكم به وجود ضرر أصلا فليست غايته التعويض عن الضرر، بل الضغط على المدين و تهديده حتى يقوم بتنفيذ إلتزامه فلا ينظر القاضي إذن لا إلى الضرر بل إلى موارد المدين المالية و قدرته على المطاولة و المضي في عدم تنفيذ التزامه فيقدر مبلغا يكون من شأنه أن يؤدي في النهاية بالمدين إلى الرضوخ و الإذعان و يكون عادة أكبر من الضرر بكثير
فالطابع التحكمي للغرامة التهديدية يمكن حصره في ثلاث نقاط أساسية :
- سلطة القاضي في رفض أو قبول طلب الغرامة التهديدية
- تحديد القاضي لمبلغ الغرامة دون مراعاة مقدار بل قد لا يكون هناك ضرر أصلا كما سبق الذكر
- سلطة القاضي في الرفع من قيمة الغرامة التهديدية متى تبين له أن المبلغ المحكوم به غير كاف لحمل المدين على التن
2 – الطابع الوقتي و التهديدي للغرامة التهديدية :
فالحكم بالغرامة التهديدية لا يكون نهائيا وواجب التنفيذ حتى لو صدر عن محكمة آخر درجة أو كان الحكم الأصلي مشمولا بالنفاذ المعجل إذ تنتهي علة قيامه متى إتخذ المدين موقفا نهائيا إما بوفائه بالإلتزام و إما بإصراره على التخلف و متى إستبان هذا الموقف فإن القاضي يقوم بتصفية الغرامة التهديدية
فالحكم بالغرامة التهديدية يبقى مهددا للمدين ليحمله على تنفيذ إلتزامه و لا يجوز تنفيذه مادام هذا الأخيرلم يخط خطواته الحاسمة في تنفيذ الإلتزام أو في الإصرار على عدم تنفيذه
كما أن الحكم بالغرامة التهديدية لا يمكنه بأي شكل من الأشكال أن يحوز حجية الأمر المقضي لكونه حكما وقتيا تهديديا .
الغرامة التهديدية تقدر عن كل وحدة من الزمن :
فالغرامة التهديدية تقدر عن كل وحدة من الزمن يتأخر فيها المدين عن تنفيذ إلتزامه أو عن كل مرة يخل فيها بإلتزامه و لا يقدر مبلغ مجملا دفعة واحدةوذلك حتى يتحقق معنى التهديد فالمدين يحس أنه كلما طال وقت تأخره عن التنفيذ كلما زاد مبلغ الغرامة التهديدية المحكوم بها ، و بالتالي فلا يمكن تحديد مقدارها الإجمالي يوم صدور الحكم بها لان ذلك متوقف على موقف المدين فمقدارها يرتفع عن كل يوم يمضي دون قيامه بالتنفيذ 11.

تمييز الغرامة التهديدية عن باقي النظم :
لقد كان القضـاء الفرنسي في بدايـة تطبـيقه لنظام الغرامــة التهديدية يخلط بينها و بـــين التعويض عمدا لأنه لم يكن يستند إلى سند قانوني 12
فمحاولة منه لتبرير تطبيقها و لإيجاد السند القانوني لها كان يخلط بينها و بين التعويـض لأن لهـذا الأخـير سند قانونـي يستـند إليه غيرأنه شتـان بين التعويــض و الغرامة التهديدية لذلك يجب علينا أن نميز بين المفهومين في (فرع أول )
كما أن الغرامة التهديدية تختلط ببعض النظم القانونية الأخرى لا سيما و أن إعطاءها مصطلح الغرامة التهديدية هو مصطلح منتقد جعل البعض يعتقد أنها عبارة عن عقوبة و بالتالي تخضع لمبدأ المشروعية 13 و هو ما يستدعي التمييز بين الغرامة التهديدية و العقوبة في (فرع ثان )
1 التمييز بين الغرامة التهديدية والتعويض :
10 قرار مجلس الدولة رقم 014989 صادر بتاريخ 08/04/2003 مجلة مجلس الدولة 2003 عدد3 ص 177 .
11 –
12 –
13-




11- الدكتور عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ص 813


2 التمييز بين الغرامة التهديدية و العقوبة :
لقد أثار مصطلح الغرامة التهديدية جدلا كبيرا في أوساط الفقه مما جعل الكثير من الفقهاء يعتبرون أن الغرامة التهديدية عبارة عن عقوبة تفرض عند الإقتضاء للضغط على المدين لتسديد مبلغ الدين الذي في ذمته
رغم أن جل التشريعات لا سيما القضاء الفرنسي و التشريع الجزائري الذي حذا حذوه إعتمدت مصطلح التهديد المالي للدلالة على نظام الغرامة التهديدية و هذا تجنبا لأي لبس و بينها و بين العقوبة و مع ذلك نجد أن أغلب الاجتهادات القضائية في الجزائر تعتمد مصطلح الغرامة التهديدية رغم الانتقادات الموجهة له لان هذا المصطلح يجد سنده القانوني في المادة 174 من القانون المدني و المواد 34 -35-39 من قانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل ، لاسيما و أن هناك قرار صدر عن مجلس الدولة بتاريخ 08/04/2003 جاء فيه أن " الغرامة التهديدية إلتزام ينطق به القاضي كعقوبة و بالتالي فإنه ينبغي ان يطبق عليه مبدأ قانونية الجرائم و العقوبات و بالتالي يجب سنها بقانون "14
14 – قرار مجلس الدولة رقم 14989 بتاريخ 08/04/2003 مجلة مجلس الدولة 2003 عدد3 ص 177 .
إلا أن هناك فرق كبير بين المصطلحين و شتان بينهما :
فإذا كانت الغرامة التهديدية وسيلة ضغط تتسم بالطابع الوقتي و لا يمكن تنفيذها إلا عند التصفية النهائية إذ قد تنقص قيمتها أو تلغى ، فإن العقوبة تكون نهائية و تنفذ كما نطق بها القاضي .
و إذا كان القاضي يستند في تقدير التعويض إلى عنصر العنت الظاهر من المدين فكلما زاد عنت المدين كلما زاد مقدار الغرامة التهديدية إلا أن هذه الزيادة لا يجب أن تفسر بأي حال من الأحوال على أن الغرامة التهديدية لها وصف العقوبة بل يجب تفسيرهذه الزيادة وردها إلى فكرة الخطأ و جسامته التي تتحكم في مقدار التعويض النهائي الذي يحدده القاضي 15
لكن الرأي الذي يعتبر الغرامة التهديدية عقوبة هو رأي لا يستند إلى أي أساس خاصة و أننا نعلم أنه "لا عقوبة ولا جريمة بدون نص "و هو ما يسمى بمبدأ المشروعية المنصوص عليه في المادة الاولى من قانون العقوبات
و بالتالي فالقول بأن الغرامة التهديدية هي عقوبة يستدعي إيجاد النص القانوني المكرس و المجرم للأفعال المرتبطة ، و هو ما يجعلنا نجزم بأن الغرامة التهديدية ليست عقوبة فهل هي تعويض .
الغرامة التهديدية و التعويض :
تختلف الغرامة التهديدية عن التعويض اختلافا كبيرا من جوانب مختلفة و لعل أهم مايميز النظامين هو تقدير القيمة، فالقاضي عند تقديره للتعويض ينطلق مما فات الدائن من كسب و مالحقه من خسارة و هو ما تنص عليه المادة 182 من القانون المدني في حين يستند في تقديره للغرامة التهديدية إلى تقدير خاص ينطلق فيه من مدى إمكانية حمل المدين نحو التنفيذ العيني و الضغط عليه للقضاء على تعنته .



أنور سلطان : النظرية العامة للإلتزام دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية 1997 ص 165 .
فالغرامة التهديدية ليست تعويضا فهي لا تقاس بمقياس الضرر و لا تتوقف عليه إطلاقا و إذا حكم القاضي بها لا يسبب حكمه بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبييب .
و تجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي في بداية الأمر كان يخلط بين التهديد المالي و التعويض عمدا حتى يجد له سندا قانونيا ، لكنه ما لبث أن ميز بعد ذلك تمييزا واضحا بين المفهومين .
كما ان الغرامة التهديدية ليست عقوبة كونها لا تقبل التنفيذ إلا بعد تحويلها على تعويض نهائي ، فالذي ينفذ في الواقع ليس الغرامة التهديدية الوقتية بل التعويض النهائي .
في حين نظمها المشرع المصري في المواد 213 – 214 من التقنين المدني المصري
و كان القضاء المصري في عهد التقنين السابق كالقضاء الفرنسي يجري أحكام التهديد المالي دون نص تشريعي و عانى القضاء المصري كما يعاني القضاء الفرنسي في سبيل إلتماس سند تشريعي لم يكن موجودا فقنن التقنين المدني الجديد هذا القضاء في النصوص التي تقدم ذكرها و قد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المصري إن أهم ماعيب على الغرامات التهديدية في الوقت الراهن إنها لاتسند إلى نص من نصوص التشريع بل إنها وليدة إجتهادالقضاء و نظم المشرع المدني السوري نظام الغرامة التهديدية في المادتين 214 ، 215 و هما مطابقتان لمادتي التقنين المدني المصري .
و المشرع المدني العراقي في المادة 235 و التقنين الليبي في المادة 216 ، 217 في حين نظمها الموجيبات و العقود البناني في المادة 251 و بهذا يتضح لنا بان جل التقنينات العربية نصت على نظام الغرامة التهديدية في القانون المدني بينما إستفرد القانون الجزائري بالنص عليه في القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية .
أما القانون الفرنسي فإنه يطبق نظام الغرامة التهديدية دون سند تشريعي فهو نظام وليد الإجتهاد القضائي ليس إلا رغم أن بداية نشوء هذا النظام كان في فرنسا حيث كانت محكمة النقض الفرنسية قد أصدرت أول حكم لها بالغرامة التهديدية .
في 29/01/1834 و برزت للوجود في القانون رقم 72 /626 المؤرخ في 5/7/1972 -4 -
و قد أصدرت أول حكم لها بالغرامة التهديدية في 29/01/1834و برزت للوجود في القانون رقم 72/626 المؤرخ في 05/07/1972.

4 -الكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري : نظرية الإلتزام بوجه عام الطبعة الثالثة
منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان 1997.(هامش


لكن إذا كانت الغرامة التهديدية ليست عقوبة و ليست تعويض فما هي طبيعتها و ما هو الوصف الذي يمكن إطلاقه على هذا النظام
الطبيعة القانونية للغرامة التهديدية :
سبق و ان ميزنا بين الغرامة التهديدية و بعض المفاهيم المشابهة لها لا سيما منها مفهوم التعويض و مفهوم العقوبة و ذكرنا بأنه وجهت عدة انتقادات لتسمية الغرامة التهديدية التي تجعل البعض يعتقد بأن الغرامة التهديدية تعني الجزاء أو العقوبة في حين اعتبرها اتجاه آخر مجرد تعويض لكن شتان بين المفهومين وعليه فالإشكال الذي يطرح نفسه .
ما طبيعـة الغرامـة التهديديــة .
لقدأعطى المشرع الجزائري لنظام الغرامة التهديدية طابعا خاصا يختلف عن التعويض و يختلف عن العقوبة و جعلها وسيلة غير مباشرة للتنفيذ العيني فهي بذلك وسيلة لضمان تنفيذ بعض الأحكام الصادرة عن القضاء(فرع 01 ) كما أنها تعتبر كوسيلة غير مباشر للتنفيذ العيني(فرع 02) و سنعالج هاتين المسألتين فيما يلي :
الفرع الأول :الغرامة التهديدية كوسيلة لضمان تنفيذ بعض الأحكام :
إن تقدم الدول و الشعوب يقاس بتقدم جهاز العدالة و أن تقدم العدالة يقاس جهاز بتقدم جهاز القضاء حتما و أنه لا فائدة ترجى من قضاء يصدر أحكام لا تنفذ ففي إنجلترا مثلا أصدر أحد القضاة حكما أثناء الحرب العالمية الثانية منع الطائرات من استخدام المطار المجاور للمحكمة أثناء انعقاد جلساتها مما أدى إلى عرض الموقف على رئيس الحكومة و نستون شرشل الذي أصدر عبارته الشهيرة "إنه أهون أن يكتب التاريخ أن إنجلترا قد هزمت في الحرب من أن يكتب فيه أنها إمتنعت عن تنفيذ حكم قضائي 18

فالغرامة التهديدية في التشريع الجزائري هي وسيلة غير مباشرة لإجبار المدين على التنفيذ العيني وفقا لأحكام المادة 174 من القانون المدني
-فالغرامة التهديدية ليست تعويضا فهي لا تقاس بمقياس الضرر و لا تتوقف عليه إطلاقا و إذا حكم القاضي بغرامة تهديدية لا يسبب حكمه بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبيب
و تجدر الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي في بداية الأمر كان يخلط مابين التهديد المالي و التعويض عمدا حتى يجد سندا قانونيا للتهديد المالي ، لكنه مالبث أن ميز بعد ذلك تمييزا واضحا بين الإثنين
كما ان الغرامة التهديدية ليست عقوبة لا تقبل التنفيذ إلا بعد تحويلها إلى تعويض نهائي فالذي ينفذ في الواقع ليس هو الغرامة التهديدية الوقتية بل هو التعويض النهائي
السند القانوني للغرامة التهديدية:
لا يوجد في التقنين المدني الفرنسي و لا في التقنين المدني المصري السابق نص يصلح أن يكون سندا تشريعيا للحكم بالغرامة التهديدية و قد إستند القضاء الفرنسي بطريق غير مباشر إلى المادة 1036 من تقنين المرافعات الفرنسي فالحكم الصادر بالغرامة التهديدية هو أمر يصدر من المحكمة بمالها من سلطة الأمر لا بمالها من ولاية الحكم للمدين المتعنت الممتنع عن تنفيذ التزامه بتنفيذ هذا الإلتزام فإن لم يفعل فجزاؤه على العصيان غرامة تهديدية 16
16 : السنهوري ...............
و لا شك أن النص الذي إستند إليه القضاء الفرنسي إنما قصد به بسط سلطة القاضي في إدارة الجلسة و التهديد المالي حكم موضوعي لا علاقة له بإدارة الجلسة و لا شك في ان القضاء الفرنسي هو قضاء إجتهادي لا سند له من النصوص التشريعية و أن نظرية التهديد المالي نظرية خلقها القضاء لا المشرع .
- و في عهد التقنين المدني السابق سار القضاء المصري على أثر القضاء الفرنسي في إجتهاده في الحكم بالتهديد المالي و في إعتباره حكما وقتيا تهديديا للقاضي تخفيضه أو إلغاؤه .
أما في التقنين المدني المصري الجديد فقد وجه السند التشريعي لنظرية التهديد المالي في النصوص التي تقدم ذكرها و لم تعد في حاجة إلى سند قانوني أخر على أن هذه النصوص ذاتها ليست كما قدمنا إلا تقنينا للقضاء المصري 17 .
أما في الجزائر فقد نظم المشرع الجزائري نظام الغرامة التهديدية و نص عليه في المادة 174 من القانون المدني و المواد 34 ،35 ، 39 من القانون 90 /04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل .
و بالتالي تساهم بطريقة غير مباشرة في تنفيذ أحكام القضاء ذات الطابع الإلزامي خاصة إذا إعتبرنا أن الحكم القضائي يعتبر سندا تنفيذيا يمكن للدائن ممارسة شروط التنفيذ الجبري و بذلك فإن المشرع الجزائري عندما نص على الغرامة التهديدية أراد بها غايتين : الأولى تتمثل في الضغط ماليا على المدين من أجل حمله على تنفيذ إلتزامه عينا في شكل مبلغ مالي يحدده القاضي عن كل فترة زمنية يتأخر فيها المدين عن التنفيذ
و الثانية : لضمان تنفيذ بعض أنواع أحكام القضاء و هي أحكام الإلزام و بالتالي فالغرامة التهديدية من خلال غايتها الثانية تستند إلى القاعدة الدستورية المنصوص عليها في المادة 145 من دستور 1996 التي تنص على وجوب إحترام تنفيذ الأحكام القضائية في كل وقت ،و مكان و زمان ناهيك عن المادة 174 من القانون المدني و التي تنص على أن الحكم بالغرامة التهديدية يكون تبعا للحكم بإلزام المدين بالتنفيذ العيني
و من خلال هذا النظام لم يعد دور القاضي منحصرا في إصدار الأحكام ، إنما تجاوزه إلى مرحلة التنفيذ عن طريق إخضاع المدين لتهديد مالي حال إمتناعه عن تنفيذ الحكم فيزول بذلك خوف الدائن و يطمئن من حصوله على حكم يصعب له تنفيذه بإنشاء له حق قانوني جديد يكمن في عدالة سريعة و فعالة تكفل الغرامة التهديدية ممارستها و منه تنفيذ الحكم القضائي .






17 -محمد باهي أبو يونس : الغرامة التهديدية كوسيلة لإجبار الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية دار الجامعة الجديدة للنشر صفحة 300 .


الفرع الثاني: الغرامة التهديدية كوسيلة لاجبار المدين على التنفيذ العيني
لقد تدخل المشرع الجزائري بالنص على نظام الغرامة التهديدية في المادتين 174 و175 من القانون المدني محاولة منه لتحقيق التوازن بين حق الدائن المكتسب في التنفيذ العيني وبين عدم ملائمة التنفيذ الجبري المباشر لما فيه من مساس بحرية المدين الشخصية كونها تستدعي تدخله الشخصي.
وكما تعلم فان الأصل في التنفيذ هو التنفيذ العيني الذي يجبر عليه المدين متى كان ذلك ممكنا، لكن إذا كان مستحيلا فان أي اجبار للمدين على التنفيذ يعد مساسا بحريته الشخصية فجاء نظام الغرامة التهديدية كحل وسط لإستفاء الدائن لحقه دون المساس بحرية المدين الشخصية بل الزامه بطريقة غير مباشرة على التنفيذ.
وبهذا نخلص إلى القول بأن نظام الغرامة التهديدية لها مبررها في نظام تسيير إجراء التقاضي، وكفالة حق المتقاضين الدائنين في عدالة سريعة تعدت وقت إصدار الحكم إلى ما بعد صدوره ، فهي بذلك نظام ذو وظيفة مزدوجة ، فمن ناحية تعد وسيلة غير مباشرة للضغط على المدين للتنفيذ العبني، ومن ناحية أخرى فهي ضمان لتنفيذ الأجكام القضائية والاشكال الذي يطرح نفسه أن الأحكام القضائية تتعدد وتتفرع فمنها الأحكام التقديرية ومنها الأحكام المنشئة ومنها أحكام الالزام مهل يمكن ضمان تنفيذ كل هذه الأجكام عن طريق الغرامة التهديدية أو أن ذلك يقتصر على البعض منها فقط؟وهل اللجوء الى الغرامة التهديدية مطلق أم مقيد بمعنى هل يلجأ الى نظام الغرامة التهديدية في كل الالتزامات؟ وما هو مجال ونطاق تطبيق الغرامة التهديدية ؟وما هي حدودها؟
وهو ما سنتناول الإجابة عليه في المبحث الموالي:
نطاق تطبيق الغرامة التهديدية:
إن الحديث عن نطاق تطبيق الغرامة التهديدية يقودنا بالضرورة الى الحديث عن أنواع الأحكام التي تصدر عن القضاء ذلك أن نوع الحكم هو الذي يقرر مدى تطبيق الغرامة التهديدية من عدمه ثم تبيان نوع الالتزام الذي يمكن الوصول الى تنفيذه العيني بواسطة الغرامة التهديدية، وهو ما سيتعرض له على التوالي :
الأحكام التي تصدر الغرامة التهديدية تبعا لها.
الالتزام الذي يمكن الى الوصول الى تنفيذه العيني بواسطة الغرامة التهديدية .
مع التطرق الى مسألة نوقيع الغرامة التهديدية على أشخاص القانون العام ؟
1 – الأحكام القضائية التي تصدر الغرامة التهديدية تبعا لها:
لقد سبق أن تطرقنا الى أن الغرامة التهديدية هي وسيلة غير مباشرة للضغط على المدين وجبره على التنفيذ العيني كما أنها وسيلة لضمان تنفيذ أحكام القضاء، لكن كما نعلم أن هذه الأحكام تتنوع حسب قابليتها للتنفيذ وأن من بين هذه الأحكام نجد البعض منها قابلة للتنفيذ للغرامة التهديدية والبعض الآخر ينفذ بطريقة التنفيذ الجبري ، وهو ما سيكون محل دراستنا في المطلب الموالي.
1 – أنواع الأحكام القضائية :
إن تقسيم الأحكام يخضع لعدة معايير أهمها معيار الحماية القضائية التي تصنف على أساسه الدعاوي التقريرية ودعاوي المنشئة ، ودعاوى الزام، وبحسب نوع الدعوى يكون الحكم ، فالدعوة التقريرية التي تهدف الى الحصول على حكم قضائي يؤكد في النهاية وجود أو عدم وجود الحق أو المركز القانوني ، وبذلك يزول الشك حول هذا الوجود يترتب عليها صدور حكم تقريري .
والدعوة المنشئة التي تهدف للحصول على حكم يتضمن الغاء أو تعديل أو انهاء مركز قانوني تهدف الى التغيير أو التعديل في مراكز الأطراف بنتج عنها حكم منشأ .
والنوع الثالث للدعاوى من حيث معيار الحماية القضائية هي دعوة الالزام والتي يكون محلها الزام المدعى عليه بأداء قابل للتنفيذ الجبري ينشأ عنها حكم الزام وهو الحكم الذي يتضمن الزام المدعى عليه بأداء معين قابل للتنفيذ الجبري وأحكام الالزام شأنها شأن باقي الأحكام تقرر مركز قانوني سابق يتميز لالنظر الى طبيعة الرابطة القانونية أو المركز القانوني محل التقرير فهذا المركز يتميز بأنه حق يقابله التزام الطرف الآخر بالأداء ولعل أهم ما يميز أحكام الالتزام أنها لاتحقق الحماية القضائية بمجرد صدورها بل لابد من مطابقة المركز القانوني بالمركز الواقعي .
والسؤال من هذه الأحكام أي الأنواع يمكن تنفيذها بطريقة الغرامة التهديدية؟
تطبيق الغرامة التهديدية على أحكام الإلزام :
إن الأحكام المقررة والأحكام المنشئة كما سلف الذكر هي أحكام بمجرد النطق بها تشبع حاجة المجكوم له من الحماية القضائية دون الجاجة الى الضغط على المدين ماليا لتنفيذ التزامه فيمكن في حالة امتناعه ممارسة اجراءات التنفيذ الجبري بشأنه.
على عكس ذلك أحكام الالتزام التي لايمكن إشباع حاجات المحكوم.

7 الدكتور سليمان مرقس : الوافي في شرح القانون المدني أحكام الإلتزام .
8 – إسماعيل غانم النظرية العامة للإلتزام .
وف نفس المعنى الدكتور أنور سلطان النظرية العامة للإلتزام ص 158 .

9- Christhophe gruttiere l'administration c'est léexecution des dicisions de justice a-j-d-a le 20/07/1999
10 –دكتور عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجديد.busted_red