رد: فُصُولٌ مِن جُهُودِ الإبراهيمي في إصلاحِ شبَابِ الأُمَّةِ
22-05-2017, 11:17 AM
الـمخاطِر الّتي تقفُ في طريقِ الشّباب:
لـقد عصَفَت بالـشَّبابِ -يمينًا وشمالًا- أُمُورٌ أَدَّت بهم إِلى الـتَّنكُّبِ لـدِينِهم، وقضايا أُمَّتِهم، أَخطَرُها: ما كان مُتعلِّقًا بالـجَوانِبِ الـفِكريةِ مِن انبهَارٍ بالـغَربِ، وإِعجَابٍ بما يُقرِّرُه مِن ثقَافَتهِ، مـمَّا تسبَّبَ في إِرثٍ لـعِدَّةِ تفصِيلاتٍ وتَفرِيعَاتٍ، ويعيد الإبراهيمي هذه الأمور إلى جـهل الـشَّبابِ بدِينهم: ما أَفقَدَهم الـثِّقةَ في مَاضِيهم وحَاضِرِهم ومُستَقبَلِهم، وفي محَاسِنِ دِينِهم:
" إِنَّ شبَابَنا لجهلِهم بالإسلامِ أصبَحُوا لا يثِقُون بماضِيه، وكيف يثِقُون بمَاضٍ مجهُولٍ وهذا حَاضِرُه؟، أم كيف يدافِعُون عن هذا الماضي المجهول إذا عَرضَ لهم الطَّعنُ فيه في الكتَّاب الطَّاعِن؟، أم سمعوا اللعن له مِن الأستَاذِ اللاعِنِ؟، أم كيف يفخرُون بالمجهول إذا جليت المفَاخِرُ الأجنَبيَّةُ في كتَابٍ يُقرِّرُه قانون ويزكِّيه أستَاذٌ؟.
اعذروا الشُّبَّان، ولا تَبكُوا على ضيَاعِهم، فأنتم الذين أضَعتُمُوهم، ولا تَلومُوهم ولومُوا أنفسَكم، أهملتموهم، فذوقُوا وبَالَ الإهمال، وأنزلتُمُوهم إلى اللُّجَّةِ، وقُلتُم لهم: إيَّاكم أن تَغرَقُوا!، ثمَّ استَرعَيتم عليهم الذئَابَ ومن استرعى الذِئبَ ظَلَم!"[29].
وهذا الـجَهلُ قابلَه انبِهارٌ وتَعظِيمٌ للـحضَارَةِ الـغَربيَّةِ، ما أَدَّى إِلى تلقُّفِ الـغَربِ الـكَافِرِ لـهؤُلاءِ الـشَّبابِ:
" إنَّ جُلَّ أَبنَائِنا الذين التَقَطتهم أُورُبا لتُعلِّمَهم عَكَسوا آيةَ فِرعونَ مع مُوسى، ففِرعونُ التَقطَ مُوسى لينفَعَه ويتَّخِذَه ولَدًا، ورَبَّاه صَغِيرًا وأحسَنَ إليه، فكان مُوسى له عَدُوًا وحَزَنًا وسَخنَةَ عَينٍ، أمَّا أبنَاؤُنا، فقد التقَطَتهم أورُبا وعلَّمَتهم وربَّتهم، فكانوا عَدُوًا لدِينِهم، وحَزنًا لأَهلِه، وسَخنَةَ عَين لأهليهم وأوطَانِهم، إلاَّ قليلًا مِنهم دَخلَ النَّارَ فما احتَرقَ، وغشيَ اللُّجَ فأَمِن الغَرقَ!"[30].
ويتحدث الإبراهيمي عن هذا الانبِهار، فـيقول:
" عَمدُوا إلى الشَّبابِ، فرَمَوه بهذه التَّهاويلِ مِن الحضَارَةِ الغَربيةِ، وبهذه التَّعالِيمِ التي تَأتي بنيَانَه الفكري والعقلي مِن القَواعِدِ، وتحرفُ المسلم عن قِبلَتِه، وتحوِّلُ الشَّرقي إلى الغَربِ، وإنَّ مِن خصَائصِ هذه الحضَارَةِ: أنَّ فيها كُلُّ معَاني السَّحرِ وأسَاليبِ الجذبِ، وحسبُكم مِنها: أنَّها تُفرِّقُ بين المرءِ وأَخِيه، والمرءِ ووَلدِه، فأصبحَ أبناؤُنا يهرَعُون إلى معَاهِدَ العِلمِ الغَربيةِ عن طَوعٍ مِنَّا يشبَهُ الكُرهَ، أو عن كُرهٍ يشبَهُ الطَّوعَ، فيَرجِعون إلينا ومعهم العِلمُ وأشياءَ أُخرَى ليس مِنها الإسلامُ ولا الشَّرقيةُ، ومعهم أسماؤُهم وليس معهم عقُولُهم ولا أفكَارُهم!!؟، وإنَّ هذه لهي المصيبَةُ الكُبرى التي لا نَبعُدُ إذا سمَّينَاها: مَسخًا، وليتها كانت مَسخًا للأفرادِ، ولكنها مَسخ للأمم ونَسخ لمقوِّماتها"[31]، حـتَّى وَصَلَ الـحَالُ ببَعضِ الـشَّبابِ أن: " تَركُوا حِكمَةَ الدِّينِ في تحريمِ الخَمرِ، وزَواجِرَ القُرآنِ في التَّعبيرِ عنه، والتَمسُوا تحريمَه مِن قوانين أمريكا، وقلَّدُوها في تَأسيسِ الجمعيات لمنعِ المسكرات!!؟" [32].
لقد:" تركوا فَخرَهم الذي يَتِيهون به على الأُمَمِ، ووَضعُوا أَنفُسَهم في مُؤخِّرةِ الأُممِ!، وما أقبحَ بالمسلمِ أن يَطلُبَ الحكمَةَ مِن غَيره وعندَه مَعدِنُ الحكمة، وأن يتطفَّلَ على موَائِدِ الغَيرِ وعنده الجفنَةُ الرَّافِدةُ!!؟"[33].
وممَّا توَلَّدَ عن ذلك: تـسَرُّبُ الـمفَاهيمِ الـكَافِرةِ للمجتمعِ المسلمِ، وتوَلُّدُ شَبح الإِلحادِ لـدى شريحةِ الـشَّبابِ:
و" تُمثِّلُ مسأَلةُ وُجودِ اللهِ تعالى: مَساَلةً شَدِيدَةَ المركزيَّةِ والأَهميَّةِ في البَحثِ العَقدِيِّ، فهو الأَصلُ الذي تُبنَى عليه كُلُّ الـمُقرراتِ التَّاليَّةِ، بل هُو: المحدِّدُ الأسَاسُ الذي يتَحدَّدُ في ضَوئِهِ: تَطرُّقُ الـمُؤمِنُ لنَفسهِ وللحيَاةِ والكَونِ مِن حولهِ"[34].
لذلك، فإنَّ فُـشوَ ظاهِرةِ الإلحَادِ لـم تكن بذاك الشيءِ الـمَلحُوظِ، ولا بالأَثرِ الـقَوي، وقد عبَّر عنه الإِبراهيمي ووَصَفهُ بـأنه: "ضَيفٌ ثَقِيلٌ"[35]، ورأى أنَّ الشَّبابَزهرةَ الأُمَّةِ- هي: الطَّائفةُ المعرَّضُةُ للإلحادِ ، " وأنَّها جَدِيرةٌ بكُلِّ عنَايةٍ واهتمَامٍ"[36].

هوامش:
[1] الآثار: ج2/235.
[2] الآثار: ج5/280.
[3] الآثار: ج5/281.
[4] انظر: كتاب الـماجريات، للشيخ إبراهيم السكران: ص74.
[5] الآثار: ج5/356.
[6] الآثار: ج2/379.
[7] الآثار: ج3/285.
[8] هذه عناوين مقالاتٍ كتبها، فانظرها في الآثار: ج3/293، وج4/120، و267.
[9] الآثار: ج2/453.
[10] الآثار: ج4/267.
[11] الآثار: ج2/301.
[12] الآثار: ج3/293.
[13] الآثار: ج3/265.
[14] الآثار: ج3/295.
[15] الآثار: ج2/116.
[16] الآثار: ج3/413.
[17] الآثار: ج3/413.
[18] الآثار: ج4/267.
[19] الآثار: ج4/267.
[20] الآثار: ج4/182.
[21] الآثار: ج4/231.
[22] الآثار: ج2/263.
[23] الآثار: ج4/121.
[24] الآثار: ج4/78.
[25] الآثار: ج4/271.
[26] المرجع السابق نفسه.
[27] الآثار: ج4/221.
[28] الآثار: ج4/221.
[29] الآثار: ج4/222.
[30] الآثار: ج4/312.
[31] الآثار: ج2/470.
[32] الآثار: ج1/95.
[33] الآثار: ج1/95.
[34] شمـوع النهار، عبدالله العجيري: ص23.
[35] الآثار: ج1/194.
[36] الآثار: ج1/194.