فتنة الشرك
20-07-2017, 09:41 AM
فتنة الشرك
( 1 )
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني



الحمدُ للهِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى رَسولِ اللهِ، وعَلى آلهِ وصَحبهِ ومَنْ وَالاهُ، أَمَّا بَعدُ:

كثيرا ما يتكلم الناس عن الفتن بأنواعها، والظلم بأشكاله، والفساد بألوانه، بغض النظر - هنا - عن المسلك المتبع في ذلك!!؟، وقل من يتحدث عن أقبح ذلك شرعا، ويهتم بالتحذير منه، ألا وهو:( فتنة الشرك، وظلم الشرك، و: فساد الشرك!!؟) مع أن جعل الند لله تعالى هو: أعظم ما كان يُتعب قلب رسول الله - عليه الصلاة والسلام -.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - :
" ما كان شيء أتعب لقلب النبي - عليه الصلاة والسلام - من بقاء ما يشرك - بضم الياء وفتح الراء - به من دون الله تعالى".( الفتح / حديث : 4355).

قال تعالى: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ).
قال العلامة السعدي - رحمه الله - في تفسير الآية:
" أخبر تعالى أن المفسدة بالفتنة عنده بالشرك، والصد عن دينه: أشد من مفسدة القتل".( تيسير الكريم الرحمن: 1/89).

وقال تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير الآية:
" .. ولهذا أوصاه - أي في وصية لقمان لولده - أولا بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا ، ثم قال محذرا له:( إن الشرك لظلم عظيم )، أي: هو أعظم الظلم ".( تفسير القرآن العظيم: 6/336).

وقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا).
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - عند هذه الآية :
" .. فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به هو: أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو: بالشرك به ومخالفة أمره؛ قال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) ".( بدائع الفوائد: 3/14).

فالأوجب علينا :( الدعوة للتوحيد)، و:( التحذير من الشرك)، وصيرورة ذلك ظاهرا في صرح الدعوة، والاستمرار عليه في سائر مراحلها على وفق منهاج النبوة.
فتأمل وبالعلم تجمل، فإن النبي - عليه الصلاة والسلام -: ما دعا للتوحيد ثم انتقل إلى غيره، وإنما انتقل مع الدعوة للتوحيد إلى غيره.
فتذكر ولا تتنكر.
فالله الله في:( تجريد التوحيد) الذي هو: أساس العزة والشرف، وهو أمر أكيد.
قال الأديب الأريب مصطفى لطفي المنفلوطي - رحمه الله - :
" والله، لن يسترجع المسلمون سالف مجدهم، ولن يبلغوا ما يريدون لأنفسهم من سعادة الحياة وهناءتها، إلا إذا استرجعوا قبل ذلك: ما أضاعوه من عقيدة التوحيد ".( من مقال بعنوان: دمعة على الإسلام).

ولذا أحببت المشاركة بهذه السلسلة العقدية التي عنونة لها ب:( فتنة الشرك ) - وهذه الحلقة الأولى منها -، نهدف من وراء ما سننشره بتوفيق الله تعالى:" تصحيح المعتقد " الذي هو: مبدأ كل صلاح وإصلاح.
قال العلامة ابن عاشور - رحمه الله -:
" وكان إصلاح الاعتقاد: أهم ما ابتدأ به الإسلام، وأكثر ما تعرض له، وذلك لأن إصلاح الفكرة هو: مبدأ كل إصلاح، ولأنه لا يرجى صلاح لقوم: تلطخت عقولهم بالعقائد الضالة، وخسئت نفوسهم بآثار تلك العقائد المثيرة: خوفا من لا شيء، وطمعا في غير شيء!!؟، وإذا صلح الاعتقاد: أمكن صلاح الباقي، لأن المرء: إنسان بروحه لا بجسمه ".( التحرير والتنوير 3/ 194).
يتبع إن شاء الله.