رد: فقـــه الوحــي الإلــهي من صحيح البخــاري
18-07-2016, 01:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



نبدأ على بركة الله
1- " باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " -


جرت عادة المصنِّفين على إطلاق لفظ الباب على
مجموعة من المسائل العلمية المشتركة في حكم واحد، وعلى هذا جرى البخاري حيث ذكر في هذا الباب الأحاديث المتعلقة بالوحي، وكيف بدأ وتدرج من مرحلة إلى أخرى، ومن رؤيا منامية إلى وحي صريح.

* كما ذكر فيه الأحاديث المتعلقة بالوحي المحمدي وتقرير صحته وثبوته وصدقه. ولا شك في أن تصدير البخاري كتابه بباب بدء الوحى أمر في غاية المناسبة، والإِبداع والتوثيق العلمي.
فإن فيه إشارة صريحة إلى أن ما بين دفتيه من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم هو وحى إلهي، وكذلك السنة الصحيحة كلها.

قال يحيى بن كثير: "كان جبريل ينزل بالسنَّة كما ينزل بالقرآن،" أخرجه الدارمي،

وقال عز وجل: "وَمَا يَنْطِق عَنِ الْهَوَى إِنْ هوَ إِلَّا وَحْ ي ي وحَى
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله ".



أما الوحي فله معنيان
- معنى لغوي
- ومعنى شرعي

وإنْ شئتَ قلت: له في اللغة معان عديدة، وله شرعا معنى واحد.
فالوحي لغة يأتي لعدة معان وهي:

( أ ) الاشارة الحسية باليد والعين وغيرهما

كما قال الشاعر:
نظرت إليْها نظرة فَتَحَيَّرَتْ ... دَقَائِق فِكْري فِى بَدِيْع صِفَاتِهَا
فَأوحَى إِلَيْهَا الطر ف أنَّي أحبهَا ... فأثَّر ذَاكَ الوَحي في وَجنَاتِهَا

ومنه قوله تعالى: "فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّ حوا ب كْرَة
وَعَشِيًّا
".

-------------
(ب) الكتابة كقول لبيد :

فمدافع الرَّيَّان عرِّي رَسْمها ... خَلَقا كما ضَمِنَ الوحِيَّ سِلاَمها
[فالْ وحِى جمع وَحْي وهو الكتابة

↩وإنما سميت الإِشارة والكتابة وحيا لدلالتهما على المعنى بسرعة لا يدانيهما فيها
غيرهما.
والعرب تسمي السرعة وحيا ، فيقولون: تَوَحَّى الرجل إذا جاء بسرعة، فهما يرجعان
إلى أصل واحد وهو السرعة.

-------------
(ج ) الإِلهام القلبي
وهو ما يلقيه الله في قلب الإنْسان من علم، أو أمر، أو نهي.
كما قال تعالى: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى أمِّ موسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادوه إِلَيْكِ وَجَاعِل وه مِنَ الْ مرْسَلِينَ ".


-------------
(د) التسخير الغريزى للحيوان
كقوله تعالى: "وَأَوْحَى رَب كَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ ب ي وت ا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِ شونَ * ثمَّ كلِي مِنْ كلِّ الثَّمَرَاتِ "

أي أنَّ الله سخرها عن طريق الغريزة أنْ تصنع هذه الأشياء العجيبة.


-------------
(هـ) الوسوسة الشيطانية،
ومنه
قوله تعالى:"وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيوحونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ"

↩وإنما سمي " الإلهام " و " التسخير الغرْيزي " و " الوسوسة الشيطانية " وحيا ،
لأن ها إعلام في خفاء، والعرب تسمي الإعلام الخفي وَحْيا ، ◀


~ أما الوحي شرعا :
فهو إعلام الله تعالى لنبيّ من أنبِيَائه بالشريعَة الْمنْزَلَةِ عليه، وما يتعلق بها من أخبار وأحكام سواء كان هذا الإِعلام الإِلهي مَناما أو إلهاما أو كلاما بواسطة أو بغير واسطة .

وإنما سمي إعلام الله لأنْبِيَائِهِ وحيا لأمرين:
أولا : لأنه يأتي غالبا إِلى الأنبياءِ في سرِّية وخفاء، وأصل الوحي في اللغة " الإِعلام الخفي ".
ثانيا : أنه غالبا مما يتم في سرعة شديدة والتلقي من الملك، وفهم النبي صلى الله عليه وسلم - : حتى أنَّ القسطلاني قال :"
"ما ألقي إليه كأنه في لحظة واحدة، بل أقرب من لمح البصر، ولذلك سمي وحْيا" -
لأن الوحي في اللغة الإِسْراع.
والحاصل: أنه سمِّيَ وحيا لما يتصف به غالبا من الخفاءِ والسرعة.

~ منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري ~



يتبع غدا بإذن الله مع " فقه أنواع الوحي"

اللهم ارزقنا حُلو الحياة وخير العطاء وسعة الرزق
وراحة البال ،ولباس العافية وحُسن الخاتمة

اللهم آمين



التعديل الأخير تم بواسطة غايتي رضا الرحمن ; 18-07-2016 الساعة 01:14 PM