تعليق على فتوى العلامة أحمد النجمي في صدام حسين
28-01-2008, 07:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله ورضي الله عن الصحب أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد
فقد كان شيخنا مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- يكفر صدام حسين ويدعو عليه بقوله: (صَدَمَه الله بالبلاء) ولعل الله استجاب له، فقد أصيب ببلاء يعرفه هو ويعرفه الخاصة والعامة، وكان -رحمه الله- يحكي بعض الأبيات الشعرية عن بعض البعثيين حيث يقول أحدهم:
رضيت بالبعث ربًّا لا شريك له
وبالعروبة دينًا ما له ثان.
ويقول آخر:
لا تسل عن ملتي عن مذهبي
أنا بعثي اشتراكي عربي.
ويقول آخر:
فحَيَّ على كفر يوحد بيننا
وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم.
ومعلوم ما فعله حزب البعث بالعراق من الفساد والإفساد في الأرض بما هو ظاهر لعيان الألبَّاء, وقد أخبرني شخص أحسبه عراقيًا أن صدامًا كان يقول: لو -أو إذا- تعارضت مبادئ حزب البعث مع القرآن قدمنا مبادئ حزب البعث.
وقد تقدم في كلام الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي -حفظه الله- أن العقيدة البعثية عقيدة كفرية.
وقد قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- لما سئل:
هل يجوز لعن حاكم العراق؟ لأن بعض الناس يقولون إنه ما دام ينطق بالشهادتين نتوقف في لعنه، وهل يجزم بأنه كافر؟ وما رأي سماحتكم في رأي من يقول: بأنه كافر؟
الجواب:
هو كافر وإن قال: "لا إله إلا الله"، حتى ولو صلى وصام، ما دام لم يتبرأ من مبادئ البعثية الإلحادية، ويعلن أنه تاب إلى الله منها وما تدعو إليه، ذلك أن البعثية كفر وضلال، فما لم يعلن هذا فهو كافر، كما أن عبد الله بن أُبَيّ كافر وهو يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويقول: لا إله إلا الله، ويشهد أن محمدًا رسول الله، وهو من أكفر الناس، وما نفعه ذلك لكفره ونفاقه، فالذين يقولون: لا إله إلا الله من أصحاب المعتقدات الكفرية كالبعثيين والشيوعيين وغيرهم ويَصِلُون لمقاصد دنيوية، فهذا ما يخلصهم من كفرهم؛ لأنه نفاق منهم، ومعلوم عقاب المنافقين الشديد كما جاء في كتاب الله: ((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا))، وصدام بدعواه الإسلام ودعواه الجهاد أو قوله أنا مؤمن، كل هذا لا يغني عنه شيئًا ولا يخرجه من النفاق، ولكي يعتبر من يدعي الإسلام مؤمنًا حقيقيًا فلا بد من التصريح بالتوبة مما كان يعتقده سابقًا، ويؤكد هذا بالعمل، لقول الله تعالى: ((إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا))، فالتوبة الكلامية، والإصلاح الفعلي، لا بد معه من بيان، وإلا فلا يكون المدعي صادقًا، فإذا كان صادقًا في التوبة فليتبرأ من البعثية وليخرج من الكويت ويرد المظالم على أهلها، ويعلن توبته من البعثية، وأن مبادئها كفر وضلال، وأن على البعثيين أن يرجعوا إلى الله، ويتوبوا إليه، ويعتنقوا الإسلام، ويتمسكوا بمبادئه قولاً وعملا ظاهرًا وباطنًا، ويستقيموا على دين الله، ويؤمنوا بالله ورسوله، ويؤمنوا بالآخرة إن كانوا صادقين.
أما البهرج والنفاق فلا يصلح عند الله ولا عند المؤمنين، يقول سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ))، ويقول -جل وعلا-: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ))، هذه حال صدام وأشباهه ممن يعلن الإسلام نفاقًا وخداعًا وهو يذيق المسلمين أنواع الأذى والظلم ويقيم على عقيدته الإلحادية البعثية.
المصدر: الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن باز على شبكة الإنترنت
http://www.bin-baz.org.sa/
وقد سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ:
مَا تَقَوُّلُ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ فِي الْحَلَّاجِ ؟ وَفِيمَنْ قَالَ : أَنَا أَعْتَقِدُ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلَّاجُ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ ؟ وَيَقُولُ : إنَّهُ قُتِلَ ظُلْمًا كَمَا قُتِلَ بَعْضُ الْأَنْبِيَاءِ ؟ وَيَقُولُ : الْحَلَّاجُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْكَلَامِ وَهَلْ قُتِلَ بِسَيْفِ الشَّرِيعَةِ ؟
الْجَوَابُ:
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ . مَنْ اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلَّاجُ مِنْ الْمَقَالَاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلَّاجُ عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ كَقَوْلِهِ: أَنَا اللَّهُ. وَقَوْلِهِ: إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الْأَرْضِ. وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ وَ { إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا } وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ } الْآيَاتِ وَقَالَ تَعَالَى : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } الْآيَتَيْنِ . فَالنَّصَارَى الَّذِينَ كَفَّرَهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ :
كَانَ مِنْ أَعْظَمِ دَعْوَاهُمْ الْحُلُولُ وَالِاتِّحَادُ بِالْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ فَمَنْ قَالَ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ فِي غَيْرِ الْمَسِيحِ - كَمَا تَقُولُهُ الْغَالِيَةُ فِي عَلِيٍّ وَكَمَا تَقُولُهُ الْحَلَّاجِيَّةُ فِي الْحَلَّاجِ وَالْحَاكِمِيَّةُ فِي الْحَاكِمِ وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ - فَقَوْلُهُمْ شَرٌّ مِنْ قَوْلِ النَّصَارَى لِأَنَّ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ . وَهَؤُلَاءِ مِنْ جِنْسِ أَتْبَاعِ الدَّجَّالِ الَّذِي يَدَّعِي الْإِلَهِيَّةَ لِيُتْبَعَ مَعَ أَنَّ الدَّجَّالَ يَقُولُ لِلسَّمَاءِ أَمْطِرِي فَتُمْطِرَ وَلِلْأَرْضِ أَنْبِتِي فَتَنْبُتَ : وَلِلْخَرِبَةِ أَخْرِجِي كُنُوزَك فَتَخْرُجَ مَعَهُ كُنُوزَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيَقْتُلُ رَجُلًا مُؤْمِنًا ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ فَيَقُومُ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ الْأَعْوَرُ الْكَذَّابُ الدَّجَّالُ فَمَنْ ادَّعَى الْإِلَهِيَّةَ بِدُونِ هَذِهِ الْخَوَارِقِ : كَانَ دُونَ هَذَا الدَّجَّالِ . وَالْحَلَّاجُ : كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنْ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي السِّحْرِ . وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ إلَهًا وَهَذَا مِنْ الْآلِهَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَعَلَى هَذَا قُتِلَ الْحَلَّاجُ . وَمَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ نَطَقَ عَلَى لِسَانِ الْحَلَّاجِ وَأَنَّ الْكَلَامَ الْمَسْمُوعَ مِنْ الْحَلَّاجِ كَانَ كَلَامَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ هُوَ الْقَائِلَ عَلَى لِسَانِهِ : أَنَا اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحِلُّ فِي الْبَشَرِ وَلَا تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِ بَشَرٍ وَلَكِنْ يُرْسِلُ الرُّسُلَ بِكَلَامِهِ فَيَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا أَمَرَهُمْ بِبَلَاغِهِ فَيَقُولُ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ مَا أَمَرَهُمْ بِقَوْلِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَمَا إنَّ اللَّهَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ } . فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُرْسلِ وَالرَّسُولِ : قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَقُولُ عَلَى لِسَانِ الْآخَرِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ للمروذي : قُلْ عَلَى لِسَانِي مَا شِئْت وَكَمَا يُقَالُ : هَذَا يَقُولُ عَلَى لِسَانِ السُّلْطَانِ كَيْتَ وَكَيْتَ فَمِثْلُ هَذَا مَعْنَاهُ مَفْهُومٌ . وَأَمَّا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْبَشَرِ كَمَا يَتَكَلَّمُ الْجِنِّيُّ عَلَى لِسَانِ الْمَصْرُوعِ : فَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ غَائِبِ الْعَقْلِ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ لِكَوْنِهِ مُصْطَلمًا فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الفنا وَالسُّكْرِ فَهَذَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي حَالٍ رُفِعَ عَنْهُ فِيهِمَا الْقَلَمُ فَالْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَكِنَّ الْقَائِلَ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ . وَمِثْلُ هَذَا يَعْرِضُ لِمَنْ اسْتَوْلَى [ عَلَيْهِ ] سُلْطَانُ الْحُبِّ مَعَ ضَعْفِ الْعَقْلِ كَمَا يُقَالُ : إنَّ مَحْبُوبًا أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْيَمِّ فَأَلْقَى الْمُحِبُّ نَفْسَهُ خَلْفَهُ فَقَالَ : أَنَا وَقَعْت فَلِمَ وَقَعْت خَلْفِي ؟ قَالَ : غِبْت بِك عَنِّي فَظَنَنْت أَنَّك أَنِّي . وَقَدْ يَنْتَهِي بَعْضُ النَّاسِ إلَى مَقَامٍ يَغِيبُ فِيهِ بِمَعْبُودِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ وَبِمَذْكُورِهِ عَنْ ذِكْرِهِ وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ . فَإِذَا ذَهَبَ تَمْيِيزُ هَذَا وَصَارَ غَائِبَ الْعَقْلِ - بِحَيْثُ يُرْفَعُ عَنْهُ الْقَلَمُ - لَمْ يَكُنْ مُعَاقَبًا عَلَى مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ خَطَأٌ وَضَلَالٌ وَأَنَّهُ حَالٌ نَاقِصٌ ؛ لَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ .
وَمَا يُحْكَى عَنْ الْحَلَّاجِ مِنْ ظُهُورِ كَرَامَاتٍ لَهُ عِنْدَ قَتْلِهِ مِثْلِ كِتَابَةِ دَمِهِ عَلَى الْأَرْضِ : اللَّه اللَّه وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ بِالْقَتْلِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ : فَكُلُّهُ كَذِبٌ . فَقَدْ جَمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَخْبَارَ الْحَلَّاجِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ كَمَا ذَكَرَ ثَابِتُ بْنُ سِنَانٍ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ - وَقَدْ شَهِدَ مَقْتَلَهُ - وَكَمَا ذَكَرَ - إسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الحطفي فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ - وَقَدْ شَهِدَ قَتْلَهُ - وَكَمَا ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ وَكَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي الْمُعْتَمَدِ وَكَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُمْ وَكَمَا ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ ؛ فِيمَا جَمَعَا مِنْ أَخْبَارِهِ . وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي فِي طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ : إنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ أَخْرَجُوهُ عَنْ الطَّرِيقِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ القشيري فِي رِسَالَتِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ ؛ الَّذِينَ عَدَّهُمْ مِنْ مَشَايِخِ الطَّرِيقِ . وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ الْحَلَّاجَ بِخَيْرِ لَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا مِنْ الْمَشَايِخِ ؛ وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقِفُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَهُ وَأَبْلَغُ مَنْ يُحْسِنُ بِهِ الظَّنَّ يَقُولُ : إنَّهُ وَجَبَ قَتْلُهُ فِي الظَّاهِرِ فَالْقَاتِلُ مُجَاهِدٌ وَالْمَقْتُولُ شَهِيدٌ وَهَذَا أَيْضًا خَطَأٌ .
وَقَوْلُ الْقَائِلِ : إنَّهُ قُتِلَ ظُلْمًا قَوْلٌ بَاطِلٌ فَإِنَّ وُجُوبَ قَتْلِهِ عَلَى مَا أَظْهَرَهُ مِنْ الْإِلْحَادِ أَمْرٌ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُ الْإِلْحَادَ إلَى أَصْحَابِهِ : صَارَ زِنْدِيقًا فَلَمَّا أُخِذَ وَحُبِسَ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ وَالْفُقَهَاءُ مُتَنَازِعُونَ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ فَأَكْثَرُهُمْ لَا يَقْبَلُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ؛ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ . وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا قُتِلَ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ قُتِلَ ظُلْمًا .
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ : إنَّ الْحَلَّاجَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ . فَالْمُتَكَلِّمُ بِهَذَا جَاهِلٌ قَطْعًا مُتَكَلِّمٌ بِمَا لَا يَعْلَمُ لَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْحَلَّاجِ أَقْوَالُ أَهْلِ الْإِلْحَادِ - فَإِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ مَنْ مَاتَ عَلَى وِلَايَةِ اللَّهِ يُحِبُّهُ وَيَرْضَى عَنْهُ وَالشَّهَادَةُ بِهَذَا لِغَيْرِ مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ : لَا تَجُوزُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ . وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ كَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ : إلَى أَنَّهُ لَا يُشْهَدُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ مَنْ اسْتَفَاضَ فِي الْمُسْلِمِينَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ شُهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا خَيْرًا فَقَالَ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَمُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ قَالَ : هَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا الْجَنَّةُ وَهَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْت وَجَبَتْ لَهَا النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ } . فَإِذَا جُوِّزَ أَنْ يُشْهَدَ لِبَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ وَلِيُّ اللَّهِ فِي الْبَاطِنِ إمَّا بِنَصِّ وَإِمَّا بِشَهَادَةِ الْأُمَّةِ - فَالْحَلَّاجُ : لَيْسَ مِنْ هَؤُلَاءِ ؛ فَجُمْهُورُ الْأُمَّةِ يَطْعَنُ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِلْحَادِ - إنْ قَدَرَ عَلَى أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ وَلِيُّ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الصَّلَاحِ . فَهَذَا الَّذِي أَثْنَى عَلَى الْحَلَّاجِ وَوَافَقَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ ضَالٌّ مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ فِيمَنْ قُتِلَ بِسَيْفِ الشَّرْعِ عَلَى الزَّنْدَقَةِ أَنَّهُ قُتِلَ ظُلْمًا وَكَانَ وَلِيًّا لِلَّهِ فَقَدْ قُتِلَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَالْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ وَغَيْلَانُ الْقَدَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ وَبَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ الْأَعْمَى وَالسُّهْرَوَرْدِي وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَقُلْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فِي هَؤُلَاءِ إنَّهُمْ قُتِلُوا ظُلْمًا وَأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَمَا بَالُ الْحَلَّاجِ تَفَرَّدَ عَنْ هَؤُلَاءِ . وَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَقَتَلَهُمْ الْكُفَّارُ وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ اُسْتُشْهِدُوا قَتَلَهُمْ الْكُفَّارُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَالْحُسَيْنُ وَنَحْوُهُمْ قَتَلَهُمْ الْخَوَارِجُ الْبُغَاةُ لَمْ يُقْتَلُوا بِحُكْمِ الشَّرْعِ عَلَى مَذَاهِبِ فُقَهَاءِ أَئِمَّةِ الدِّينِ كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ . فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَحْرِيمِ دِمَاءِ هَؤُلَاءِ وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى دَمِ الْحَلَّاجِ وَأَمْثَالِهِ . الْوَجْهُ الثَّانِي : إنَّ الْإِطْلَاعَ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ لَا يَكُونُ إلَّا مِمَّنْ يَعْرِفُ طَرِيقَ الْوِلَايَةِ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى . وَمِنْ أَعْظَمِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى أَنْ يَجْتَنِبَ مَقَالَةَ أَهْلِ الْإِلْحَادِ - كَأَهْلِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ - فَمَنْ وَافَقَ الْحَلَّاجَ عَلَى مَثَلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى فَلَا يَكُونُ عَارِفًا بِطَرِيقِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُمَيّزَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ . الثَّالِثُ : إنَّ هَذَا الْقَائِلَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ عَلَى مَقَالَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ جِنْسِهِ فَشَهَادَتُهُ لَهُ بِالْوِلَايَةِ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ كَشَهَادَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ كَذِبُهُ وَلَا صِدْقُهُ مَرْدُودَةٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لِنَفْسِهِ وَلِطَائِفَتِهِ الَّذِينَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ أَهْلُ ضَلَالٍ ؟ . الرَّابِعُ : أَنْ يُقَالَ : أَمَّا كَوْنُ الْحَلَّاجِ عِنْدَ الْمَوْتِ تَابَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَتُبْ : فَهَذَا غَيْبٌ يَعْلَمُهُ اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ إنَّمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا عِنْدَ الِاصْطِلَامِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ بَلْ كَانَ يُصَنِّفُ الْكُتُبَ وَيَقُولُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ وَيَقْظَانُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَيْبَةَ الْعَقْلِ تَكُونُ عُذْرًا فِي رَفْعِ الْقَلَمِ وَكَذَلِكَ الشُّبْهَةُ الَّتِي تُرْفَعُ مَعَهَا قِيَامُ الْحُجَّةِ : قَدْ تَكُونُ عُذْرًا فِي الظَّاهِرِ . فَهَذَا لَوْ فُرِضَ : لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ قُتِلَ ظُلْمًا وَلَا يُقَالَ إنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ وَلَا يُشْهَدُ بِمَا لَا يُعْلَمُ : فَكَيْفَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَغَايَةُ الْمُسْلِمِ الْمُؤْمِنِ إذَا عَذَرَ الْحَلَّاجَ أَنْ يَدَّعِيَ فِيهِ الِاصْطِلَامَ وَالشُّبْهَةَ . وَأَمَّا أَنْ يُوَافِقَهُ عَلَى مَا قُتِلَ عَلَيْهِ فَهَذَا حَالُ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ قَتْلَ مِثْلِهِ فَهُوَ مَارِقٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ . وَنَحْنُ إنَّمَا عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ التَّوْحِيدَ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ وَنَعْرِفَ طَرِيقَ اللَّهِ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ وَقَدْ عَلِمْنَا بِكِلَيْهِمَا أَنَّ مَا قَالَهُ الْحَلَّاجُ بَاطِلٌ وَأَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُ مِثْلِهِ وَأَمَّا نَفْسُ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ ؟ هَلْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ لَهُ أَمْرٌ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ بِهِ مِنْ تَوْبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ؟ فَهَذَا أَمْرٌ إلَى اللَّهِ وَلَا حَاجَةَ لِأَحَدِ إلَى الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
المصدر : مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 1 / ص 200 , 201 , 202) / [المكتبة الشاملة 2].
وهو موجود أيضا في الجزء الأول صفحة 548 : 552 من مجموع الفتاوى للناشر مكتبة العبيكان.
وقد قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب النجدي -رحمه الله تعالى- في "كتاب التوحيد" مع "فتح المجيد" باب: "تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله" قال بعد أن ذكر عدة آيات قرآنية:
(وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قال: لا إله إلا الله, وكفر بما يعبد من دون الله, حرم ماله ودمه، وحسابه على الله -عز وجل-".
قال الشيخ -رحمه الله-: فيه أكبر المسائل وأهمها:
وهي: تفسير التوحيد, وتفسير الشهادة: وبَيَّنها بأمور واضحة:
1: ... . 2: ... . 3: ... . 4: ... .
5: ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله". وهذا من أعظم ما يبن معنى "لا إله إلا الله"، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصما للدم والمال, بل ولا معرفة معناها مع لفظها, بل ولا الإقرار بذلك , بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له , بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله , فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه.
فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها, ويا له من بيان ما أوضحه وحجة ما أقطعها للمنازع". ا هـ
قال الشارح رحمه الله : قوله : "من قال : أن لا إله إلا الله, وكفر بما يعبد من دون الله." اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم علق عصمة المال والدم في هذا الحديث بأمرين :
الأول : قول :"لا إله إلا الله" عن علم ويقين كما هو قيد في قولها في غيرما حديث كما تقدم.
والثاني : الكفر بما يعبد من دون الله, فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى, بل لابد من قولها والعمل بها. قلت الشارح) : وفيه معنى : "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها".
قال المصنف رحمه الله تعالى : وهذا من أعظم ما يبين معنى : " لا إله إلا الله ... "إلى آخر ما سبق نقله عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ثم قال الشارح رحمه الله : وهذا هو الشرط المصحح لقوله لا إله إلا الله فلا يصح قولها بدون هذه الخمس التي ذكرها المصنف رحمه الله أصلا.) اهـ
المصدر: كتاب التوحيد مع فتح المجيد ص 119 ، 134 ، 135 ، 136 ، 139 ، 140
قلت: مما سبق من كلام أهل العلم يتبين أنه يجب الإيمان بالله كما يجب الكفر بالطاغوت أيضًا، قال تعالى: ((ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة))، فالرافضة الذين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويفسقون معظم الصحابة ويطعنون في القرآن وفي عرض عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- لا شك في كفرهم وإن قالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ليل نهار، ولو لبث الرافضي في السجن ما لبث يوسف أو أكثر وصلى وصام ما نفعه ذلك ما دام قائمًا على عقيدته الرافضية الكفرية الخبيثة التي تقدم ذكر شيء منها، وكذلك البعثي وغيره ممن هو على شاكلته ثم إن الذين كفّروا صدام حسين حاكم العراق السابق لم يكفروه لأنه لم يقل لا إله إلا الله محمد رسول الله وإنما كفروه لأنه إنما آتى بما يناقض هذا القول وتلك الشهادة فليتفطن إلى ذلك .
ثم أقول: إن كان هذا الرجل ألا وهو صدام حسين قد تاب قبل شنقه من مبادئ حزب البعث الكفرية فإن توبته تنفعه عند الله يوم القيامة وإلا فلا ينفعه قول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" مع علمه واعتقاده للمبادئ والمعتقدات البعثية الكفرية مختارًا طائعًا، فلا ينبغي الغلو في حق أمثال هؤلاء الذين هدَموا من الدين ما هدموا وأفسدوا في الأرض ما أفسدوا والشريعة فوق حماس الناس وعاطفتهم، فينبغي استصحاب الأصل في الحكم على أصحاب مثل هذه العقائد الكفرية والبناء على الظاهر من أحوالهم وأقوالهم الكفرية، ولنا الظاهر والله يتولى السرائر، فمن تاب مما يناقض توحيده توبةً باطنة غير ظاهرة ولا معلنة فإن توبته تنفعه عند الله يوم القيامة، أما عند الناس فما لهم إلا الحكم بظاهر الحال والمقال، والله أعلم بحقيقة المآل، ولا تمنع مثل تلك التوبة الباطنة من الحكم على أمثال أصحاب تلك المعتقدات الكفرية بالكفر، فلو أن مثل هذا الرجل ألا وهو صدام لو أنه كان قد تاب من المبادئ والمعتقدات البعثية الكفرية مع قوله بالشهادتين لما كان هناك إشكالٌ أبدًا في الحكم بإسلامه، أما ولم نعلم أنه تاب من تلك المبادئ والمعتقدات البعثية الكفرية فمن كفره بعد موته فهو معذور في ذلك لاستصحابه الحكم عليه بظاهر حاله وليس كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله صار مسلمًا بذلك حتى يتبرأ مما يناقض تلك الشهادة، وكلام الشيخ ابن باز -رحمه الله- وإن كان في غضون غزو صدام للكويت فإنه كلام محكم ومستصحبٌ بعد ذلك أيضًا.
وليعلم أن مؤسس حزب البعث نصرانيٌ ألا وهو "ميشيل عفلق" النصراني ونسمع أن "طارق عزيز" وزير خارجيته العراقي كان نصرانيًا، فانظر -رحمك الله- إلى عاقبة اتخاذ بطانة السوء وماذا فعل به النصارى من الأمريكان ولقد قال الله عز وجل: (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون) فالسعيد من وُعِظ بغيره، ولسنا ممن يتمنى أن يكون قد مات على الكفر، ونرجوا أن يكون قد تاب فيما بينه وبين ربه، لكن لم يكلفنا الله إلا ما في وسعنا والذي في وسعنا هو ظاهر أمره ولا يستبعد أن يجمع رجل بين شرك وإيمان كما قال الله -عز وجل-: ((وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)) فإيمان مشركي العرب بربوبية الله لم يخرجهم إلى دائرة الإسلام والتوحيد، ذلك لأنهم لم يؤمنوا بألوهيته سبحانه وتعالى، قال تعالى: ((قل من يرزقكم من السماء والأرض أمّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون)) وقال تعالى أيضًا: ((إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعرٍ مجنون)) فكما أن هؤلاء الجاحدون لألوهية الله لم ينفعهم إيمانهم بربوبيته بحيث لم يدخلهم ذاك الإيمان في الإسلام فكذلك الذين يؤمنون بالألوهية ولا يعملون بمقتضى هذا الإيمان ولا يتبرءون مما يناقضه.
وفي الختام أقول: ألا قبَّح اللهُ الرافضةَ أجهل الناس بالنقليات وأحمق الناس في العقليات، وانظر "منهاج السنة النبوية في الرد على الشيعة والقدرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تعرف ما ذكرته لك، وأقول أيضاً : ألا قبح الله من يوالى الرافضة وغيرهم من أهل الكفر أو الضلال ويعادى أهل الحق أهل السنة أتباع مذهب السلف الصالح ومن هؤلاء الموالين للرافضة "الإخوان المسلمون " وإنهم فى الحقيقة قد اجتمعت فيهم سينات الشر وغيرها فهم المفلسون المفسدون المسرفون المدلسون الملبسون الحق بالباطل المعادون للمنهج السلفي وأهله ، ومما سبق ينبغي أن يُعلَم أننا لسنا ممن يدافع عن الرافضة الذين لو كانوا من الدواب لكانوا حُمُرًا ولو كانوا من الطير لكانوا رُخَمًا كما ذكره شيخ الإسلام في المرجع المذكور عن الشعبي -رحمه الله تعالى- كما ينبغي أن يُعلَم أيضًا أننا لسنا ممن ينصر صدام حسين أو غيره بالباطل والهوى.
واللهَ نسأل أن يختم لنا ولإخواننا بالحسنى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة





