كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب 1115- 1206هـ رحمه الله
10-05-2009, 08:16 AM
كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب 1115- 1206هـ رحمه الله
وكتاب القول السديد في مقاصد التوحيد
للشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي 1307- 1376هـ رحمه الله
اعتنى به وخرج أحاديثه د. المرتضى الزين أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد للّه نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}2. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام اللّه، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار4.
أما بعد، فإن توحيد اللّه وإفراده بالعبادة أساس هذا الدين، وهو الغاية التي خلق اللّه الثقلين- الجن والإنس- لتحقيقها، قال اللّه تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} 5. وقد أمر اللّه تعالى الناس كلهم بعبادته كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}6. ولقد بعث سبحانه الرسل كلهم للدعوة لتوحيده وإفراده بالعبادة {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}7، {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}8.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1آل عمران: 102.
2النساء: 1.
3الأحزاب: 70- 71.
4هذه تسمى خطبة الحاجة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح بها خطبه ومواعظه، رواه مسلم في صحيحه: كتاب الجمعة باب خطبته صلى الله عليه وسلم في الجمعة (6/153) مع شرح النووي، والبيهقي في سننه (3/214)، وأحمد في مسنده (1/ 392) وغيرهم..
5الذاريات: 56.
6البقرة: 21.
7النحل: 36.
8الزخرف: 45.

وهذا المبدأ مع وضوحه وأهميته تساهل فيه كثير من الناس، وزهد فيه كثير من الدعاة، وقال بعضهم: إن الاهتمام بهذا الأصل والدعوة إليه يفرق المسلمين ويمزق وحدتهم، وحسبهم أن يقول المسلم: لا إله إلا الله بلسانه، ويصلي ويصوم، ويؤدي بقية أركان الإسلام، ولا مانع عند هؤلاء أن يكون المسلم بهذه الصفة ولو كان ينقض توحيده بدعاء الأموات والاستغاثة بهم. ولهذا- وغيره- فإن الدعوة إلى بيان توحيد اللّه، وتوضيح نواقضه والتحذير منها، وبيان حقيقة ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحمايته - صلى الله عليه وسلم - لتوحيد الله وتحذيره من الشرك وأسبابه من الأمور الهامة التي يجب على الدعاة الاهتمام بها، وتقديمها في دعوتهم إلى اللّه على كل شيء، ومن الكتب التي بينت هذه الأمور، ووضحت حقيقة التوحيد (كتاب التوحيد) لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- الإِمام المجدد.
شروح هذا الكتاب:لقد لقي كتابه هذا عناية كبيرة من العلماء، وشرحه جماعة منهم، فمن ذلك:-
(1) تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب 1233هـ.
(2) فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ 1285هـ.
(3) القول السديد شرح في مقاصد التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي 1376هـ.
كتاب القول السديد:
ومن هذه الشروح كتاب (القول السديد) للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله- وهو شرح مختصر وسهل العبارة، قد وصفه مؤلفه- رحمه الله- بقوله:

(فقد سبق أن كتبنا تعليقاً لطيفاً في مواضع من (كتاب التوحيد) لشيخ الإِسلام محمد بن عبد الوهاب- قدس الله روحه.) 1، وذكر- رحمه الله- أن (كتاب التوحيد): (يشتمل على توحيد الإِلهية والعبادة: يذكر أحكامه، وحدوده، وشروطه، وفضله، وبراهينه، وأصوله، وتفاصيله، وأسبابه، وثمراته، ومقتضياته، وما يزداد به ويقويه، أو يضعفه ويوهيه، وما به يتم أو يكمل) 2.
وقد بيَّن الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي- رحمه الله- هذه المسائل- وغيرها- بياناً لا يستغني عنه الراكبون في هذا الفن، وقد عبر عن ذلك في نهاية كتابه بقوله: (وهذا آخر التعليق المختصر على (كتاب التوحيد)، وتوضيح مقاصده، وقد حوى من غرر مسائل التوحيد، ومن التقاسيم والتفصيلات النافعة ما لا يستغني عنه الراغبون في هذا الفن الذي هو أصل الأصول، وبه تقوم العلوم كلها، والحمد للّه على تيسيره ومنته) 3.
وتتشرف (دار التحف النفائس الدولية) التي تتولى إصدار (سلسلة كتب ورسائل في العقيدة) أن يكون أول إصدار لهذه السلسلة هذا الكتاب (القول السديد في مقاصد التوحيد) مساهمة منها في نشر عقيدة السلف الصالح، والدعوة إلى توحيد الله، ولقد حرصت في هذه الطبعة على إتقانها مقابلة وتصحيحاً وإخراجها إخراجاً جيداً، خالية من الأخطاء - إن شاء الله - وتخريج أحاديثها بذكر اسم الكتاب، ورقم الجزء، والصفحة، ورقم الحديث- إن وجد- وبيان درجة الحديث من حيث الصحة والضعف بنقل أقوال علماء الحديث في ذلك، وقد اعتمدنا في هذه الطبعة على الطبعة التي نشرتها (الرئاسة العامة لإِدارات البحوث العلمية والإِفتاء والدعوة والإِرشاد). وقد تم طبعها في (شركة الطباعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1القول السديد، ص: 3.
2القول السديد، ص: 3.
3القول السديد، ص: 186

ومن رحمته أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا يستعرض حاجات العباد حين يبقى ثلث الليل الآخر. فيقول: "لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له"1 حتى يطلع الفجر، فهو ينزل كما يشاء ويفعل كما يريد.
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2.
ويعتقدون أنه الحكيم، الذي له الحكمة التامة في شرعه وقدره، فما خلق شيئا عبثا، ولا شرع الشرائع إلا للمصالح والحكم.
وأنه التواب العفو الغفور، يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، ويغفر الذنوب العظيمة للتائبين والمستغفرين والمنيبين.
وهو الشكور الذي يشكر القليل من العمل، ويزيد الشاكرين من فضله.
ويصفونه بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات الذاتية، كالحياة الكاملة، والسمع والبصر، وكمال القدرة، والعظمة والكبرياء، والمجد والجلال والجمال، والحمد المطلق، ومن صفات الأفعال المتعلقة بمشيئته وقدرته، كالرحمة، والرضا، والسخط، والكلام، وأنه يتكلم بما يشاء كيف يشاء، وكلماته لا تنفد، ولا تبيد.
وأن القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود.
وأنه لم يزل ولا يزال موصوفا بأنه يفعل ما يريد، ويتكلم بما شاء، ويحكم على عباده بأحكامه القدرية وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية.
فهو الحاكم المالك، ومن سواه مملوك محكوم عليه، فلا خروج للعباد عن ملكه ولاعن حكمه. ويؤمنون بما جاء به الكتاب وتواترت به السنة: أن المؤمنين يرون ربهم تعالى عيانا جهرة، وأن نعيم رؤيته والفوز برضوانه أكبر النعيم وألذه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
1 رواه البخاري: كتاب التهجد, باب الدعاء والصلاة من آخر الليل (1 / 384) حديث رقم (1094). ومسلم: كتاب صلاة المسافرين, باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه (1 / 522) حديث رقم (758) دون الجملة الأولى: (لا أسأل عن عبادي غيري).
2 سورة الشورى آية : 11.

وأن من مات على غير الإيمان والتوحيد فهو مخلد في نار جهنم أبدا، وأن أرباب الكبائر إذا ماتوا على غير توبة، ولا حصل لهم مكفر لذنوبهم ولا شفاعة، فإنهم وإن دخلوا النار لا يخلدون فيها، ولا يبقى في النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان إلا خرج منها.
وأن الإيمان يشمل عقائد القلوب وأعمالها، وأعمال الجوارح وأقوال اللسان، فمن قام بها على الوجه الأكمل فهو المؤمن حقا، الذي استحق الثواب وسلم من العقاب، ومن انتقص منها شيئا نقص من إيمانه بقدر ذلك. ولذلك كان الإيمان يزيد بالطاعة وفعل الخير، وينقص بالمعصية والشر.
ومن أصولهم السعي والجد فيما ينفع من أمور الدين والدنيا مع الاستعانة بالله. فهم حريصون على ما ينفعهم ويستعينون بالله.
وكذلك يحققون الإخلاص لله في جميع حركاتهم، ويتبعون رسول الله في الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول، والنصيحة للمؤمنين أتباع طريقهم.
فصل
ويشهدون أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو خاتم النبيين، أرسل إلى الإنس والجن بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أرسله بصلاح الدين وصلاح الدنيا، وليقوم الخلق بعبادة الله ويستعينوا برزقه على ذلك.
ويعلمون أنه أعلم الخلق وأصدقهم وأنصحهم، وأعظمهم بيانا، فيعظمونه ويحبونه، ويقدمون محبته على محبة الخلق كلهم، ويتبعونه في أصول دينهم وفروعه.
ويقدمون قوله وهديه على قول كل أحد وهديه. ويعتقدون أن الله جمع له من الفضائل والخصائص والكمالات ما لم يجمعه

لأحد، فهو أعلى الخلق مقاما وأعظمهم جاها، وأكملهم في كل فضيلة، لم يبق خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرهم منه.
وكذلك يؤمنون بكل كتاب أنزله الله، وكل رسول أرسله الله، لا يفرقون بين أحد من رسله.
ويؤمنون بالقدر كله، وأن جميع أعمال العباد- خيرها وشرها- قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، وتعلقت بها حكمته، حيث خلق للعباد قدرة وإرادة، تقع بها أقوالهم وأفعالهم بحسب مشيئتهم، لم يجبرهم على شيء منها بل مختارين لها، وخص المؤمنين بأن حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان بعدله وحكمته.
ومن أصول أهل السنة : أنهم يدينون بالنصيحة لله، ولكتابه، ورسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويأمرون ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران والمماليك والمعاملين، ومن له حق، وبالإحسان إلى الخلق أجمعين.
ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، وينهون عن مساوئ الأخلاق وأرذلها.
ويعتقدون أن أكمل المؤمنين إيمانا ويقينا أحسنهم أعمالا وأخلاقا، وأصدقهم أقوالا، وأهداهم إلى كل خير وفضيلة، وأبعدهم من كل رذيلة. ويأمرون بالقيام بشرائع الدين، على ما جاء عن نبيهم فيها وفي صفاتها ومكملاتها، والتحذير عن مفسداتها ومنقصاتها. ويرون الجهاد في سبيل الله ماضيا مع البر والفاجر، وأنه ذروة سنام الدين، جهاد العلم والحجة، وجهاد السلاح، وأنه فرض على كل مسلم أن يدافع عن الدين بكل ممكن ومستطاع.

السعودية المحدودة) عام 1404 هـ الموافق 1984 م. ولعلها من أتقن طبعاته، ولعل الله ييسر لنا الحصول على أصول هذا الكتاب (مخطوطاته)، حتى يتسنى لنا نشره وتحقيقه تحقيقاً أكثر اتقاناً وتنقيحاً.
ونسأل الله أن ينفع بهذا الكتاب في تصحيح المفاهيم، وبيان حقيقة ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المرتضى الزين أحمد
الرياض 4 / 4/ 1416 هـ

مقدمة
القول السديد في مقاصد التوحيد
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فقد سبق أن كتبنا تعليقا لطيفا في مواضع من كتاب التوحيد لشيخ الإسلام (محمد بن عبد الوهاب) قدس الله روحه، فحصل فيه نفع ومعونة للمشتغلين، ومساعدة للمعلمين ; لما فيه من التفصيلات النافعة مع الوضوح التام. وطبع بمطبعة الإمام ثم نفدت نسخه مع كثرة الطلب عليه. ودعت الحاجة الشديدة إلى إعادة طبعه ونشره، وفي هذه المرة بدا لي أن أقدم أمام ذلك مقدمة مختصرة تحتوي على مجملات عقائد أهل السنة، في الأصول وتوابعها، فأقول مستعينا بالله:
مقدمة
تشتمل على صفوة عقيدة أهل السنة وخلاصتها
المستمدة من الكتاب والسنة
وذلك أنهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
فيشهدون أن الله هو الرب الإله المعبود، المتفرد بكل كمال، فيعبدونه وحده مخلصين له الدين.
فيقولون: إن الله هو الخالق البارئ، المصور الرزاق المعطي المانع المدبر لجميع الأمور.
وإنه المألوه المعبود الموحد المقصود، وإنه الأول الذي ليس قبله شيء، الآخر الذي ليس بعده شيء، الظاهر الذي ليس فوقه شيء، الباطن الذي ليس دونه شيء.
وإنه العلي الأعلى بكل معنى واعتبار، علو الذات وعلو القدر، وعلو القهر.
وإنه على العرش استوى، استواء يليق بعظمته وجلاله، ومع علوه المطلق وفوقيته، فعلمه محيط بالظواهر والبواطن، والعالم العلوي والسفلي، وهو مع العباد بعلمه، يعلم جميع أحوالهم، وهو القريب المجيب.
وأنه الغني بذاته عن جميع مخلوقاته، والكل إليه مفتقرون في إيجادهم وإيجاد ما يحتاجون إليه في جميع الأوقات، ولا غنى لأحد عنه طرفة عين، وهو الرءوف الرحيم، الذي ما بالعباد من نعمة دينية ولا دنيوية ولا دفع نقمة إلا من الله، فهو الجالب للنعم، الدافع للنقم.
ومن أصولهم الحثُّ على جمع كلمة المسلمين، والسعي في تقريب قلوبهم وتأليفها، والتحذير من التفرق والتعادي والتباغض، والعمل بكل وسيلة توصل إلى هذا.
ومن أصولهم النهي عن أذية الخلق في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم، والأمر بالعدل والإنصاف في جميع المعاملات، والندب إلى الإحسان والفضل فيها.
ويؤمنون بأن أفضل الأمم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأفضلهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصا الخلفاء الراشدون، والعشرة المشهود لهم بالجنة، وأهل بدر، وبيعة الرضوان والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. فيحبون الصحابة ويدينون لله بذلك. وينشرون محاسنهم ويسكتون عما قيل عن مساوئهم.
ويدينون لله باحترام العلماء الهداة وأئمة العدل، ومن لهم المقامات العالية في الدين والفضل المتنوع على المسلمين، ويسألون الله أن يعيذهم من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وأن يثبتهم على دين نبيهم إلى الممات.
هذه الأصول الكلية بها يؤمنون ولها يعتقدون، وإليها يدعون.

عنوان الكتاب:
القول السديد في مقاصد التوحيد

تأليف : الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي
قال الله عزوجل :وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .الآية رقم [126] من سورة [البقرة]
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "منْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا". أخرجه البخاري

فائدة من الاية والحديث أن إبراهيم عليه السلام أول مادعا الامن قبل الرزق والرسول صلى الله عليه وسلم بدا بالامن قبل الرزق ولو كان الرزق قليل يكفي يوم فكأنما حزيت له الدنيا
فهل من معتبر ؟