دور المقال الادبي
03-01-2013, 10:23 PM
لقد كان لاكتشاف الكتابة الأثر العميق في رقي الفكر الإنساني، حتى أننا نكاد أن نجزم أنه لولا فضل الكتابة لظل الإنسان متخلفا، يعاني أزمات الاتصال الشفوي، ولقد كان للكتابة دور بارز في تنوع الفنون الإبداعية لاسيما الدور الفعال الذي لعبه، ولا يزال يلعبه المقال الأدبي.

ويعتبر المقال الأدبي ثمرة جهود رجال الفكر والفلسفة والإبداع الأدبي، منذ عصر النهضة الأوربية، أين كان للمقال الصحفي الأسبقية والتمهيد لظهور باقي أنواع المقال، لكن اختص المقال الأدبي عن غيره بقوة الألفاظ وسهولتها ورونقها الجمالي، وحسن العبارات وكثرة الخيال، وعمق المعنى، ودقة المفاهيم، ناقلا أفكار الكاتب إلى عامة الناس، باحثا في أسلوب شيق أحوال الناس ومشاكل وأزمات الشعوب اليومية، ناقدا الأفكار القديمة والأساليب البالية مدافعا عن القيم الإنسانية، ولقد كان لمقالات "سارتر" ، "فولتير" و "روسو" الأثر البارز في تحول الفكر الفرنسي ومن بعده الأوربي، والقفزة النوعية بخطوات عملاقة إلى التطور الثقافي والحضاري الذي يعيشه العالم المتقدم اليوم.

لا يزال المقال الأدبي يؤدي الدور المنوط به بكفاءة وفعالية كبيرتين، لا يمكن الاستغناء عنه، بل أنه ضرورة لشرح المبهمات وتبسيط المعنى للعامة، وإيصال المغزى كل العلوم والفنون، وإنه كلما كان هناك اجتهاد وكفاءة لدى الكاتب وسعة الخيال، كلما زاد المقال فائدة وإيضاحا، بل إننا اليوم ربما أكثر حاجة إلى المقال الأدبي لربط بحوث علماء الاجتماع، وعلماء النفس والطب بالواقع اليومي، وحمل عناء المواطن المشتت الذهن الفاقد للإرادة.


رشيد قوارف: الجزائر