باب كيد النساء..مكايد لفسخ الخطوبة
02-08-2009, 06:35 PM
مكائد لفسخ الخطوبة منقول عن الدكتورة

د. سميحة محمود غريب

السؤال
أن شاب أريد فتاة للزواج، وهي ذات خلق ودين، ومن عائلة طيبة، ولكن أبى وأمي رافضان زواجي بها، علمًا أني حديث التخرج وأبحث عن عمل مناسب. وسبب الرفض أعتقد أنه ضغوط خارجية من الأقارب، حيث يقولون إن الفتاة مريضة وقد أغمي عليها مرات عديدة.. علماً بأن أمي كانت مرحبة بهذه العائلة، وتقول إن الفتاة جميلة وذات خلق ودين، ولا أدري لماذا غيرت رأيها!! علمًا أن والديَّ قد رشحا لي فتاة لا أريدها. فأنا أريد البر بوالديّ، وفي الوقت نفسه أريد الزواج بالفتاة التي أحببتها.. أرشدوني مأجورين..

الجواب بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب، العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. أما بعد:
الزواج في الإسلام علاقة متعددة الأطراف، بمعنى علاقة اجتماعية شاملة تتعدى طرفي الزوج والزوجة إلى الأسرة الكبيرة الممتدة التي تشمل كل الأرحام، ولهذا اشترط الإسلام على أصح الأقوال موافقة الولي على الزواج، حتى يحفظ هذه العلاقة الإنسانية من أي شيء يعكر صفوها، وحتى يتحمل كبار الأسرتين تبعات الإصلاح بين الزوجين لو حدثت أي مشكلات أو سوء تفاهم يستوجب تدخل خارجي للإصلاح كما في قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريد إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً" [النساء: 35].
ولدي الكريم... فوض أمرك إلى الله -عز وجل- بعد أن تأخذ بالأسباب وتستخيره، فإن كان لك في هذا الزواج خير فسيرزقك ربك، ويوفق بينك وبين الفتاة التي تريدها.
ثم أحييك علي برك لوالديك، وحرصك على رضاهما، ففي رضاهما رضى الله –سبحانه وتعالى– والتوفيق في الحياة، فقد جعل الإسلام طاعة الوالدين فرضًا، وقد دلت الآيات والأحاديث على ذلك، ومنها قوله تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا". [العنكبوت:8]، ويقول الله تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا..." [الإسراء: 23]. وثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك) رواه البخاري ومسلم.
ولدي الكريم... ذكرت أن الفتاة التي تريد الزواج بها على خلق ودين، وهذا ما وصى به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين وصى: فاظفر بذات الدين، وذكرت أن عائلة الفتاة عائلة طيبة، مما يدل علي حسن منشئها، ولكن والديك يتعللان بأن الفتاة مريضة وأنها أغمي عليها مرات عديدة أي أنهم على صلة قريبة من الفتاة وعائلتها، ولهذا أعتبر أن لديهما أسبابًا أخرى لرفضهم زواجك بهذه الفتاة، فربما أنك حديث التخرج، وما زلت تبحث عن عمل، وهم لا يريدون زيادة في أعبائهم المالية، فارتباطك بمشرع الزواج من شأنه تحميلهم أعباء مادية لم يستعدوا لها في الوقت الحاضر، وربما هم يرشحون لك فتاة أخرى يفضلونها عن فتاتك التي تريدها، وربما أسباب أخرى. ومن الواضح أن مبررهم لرفض هذه الفتاة هو الحرص على ابنهم، وذلك بالبحث عن أفضل الخيارات. ولهذا ولدي العاقل عليك أن تحاول أن تقنع والديك بالتي هي أحسن وجرب أكثر من طريقة، فإذا أمكن توسيط شخص قريب من والديك، أو حكيم من العائلة يشرح لهما بأن الفتاة ذات دين وخلق، وأن عائلتها عائلة طيبة، وهي تحمل المواصفات التي تتمناها في شريكة حياتك، كل ذلك ربما يشفع لها، فإذا كان النقاش بهذه الطريقة العقلية فهذا سيجعل والديك -إن شاء الله- يقتنعان بفكرة الزواج بهذه الفتاة. ولا تنس يا بني أن تتقرب من والديك ومحاورتهما بالتي هي أحسن، واذكر لهما أن سعادتك ستكون -إن شاء الله- مع هذه الفتاة؛ لأن عاطفة الأبوة والأمومة دائما تبحث عن سعادة الأبناء، وثق بأن رفضهما ربما لسبب يحتاج فقط للحوار الهادئ المنطقي والعقلاني.
ولدي الكريم... تذكر بأن مسألة الزواج مسألة حساسة، ويترتب عليها علاقة بين أسرتين أيضا، وليس بين شخصين فقط، فمن الأفضل أن يكون هناك توافق ورضا من البداية، وحاول التفكير بعقلانية دون أي اندفاع عاطفي، وخاصة أنك قد بلغت سناً تسمح لك بالتفكير الهادئ الموزون الذي لا ينظر للكأس من جهة واحدة، فهذه الفتاة ليست المتدينة الوحيدة، كما أنها ليست الخلوقة وحدها، فما زالت الأمة بخير، ولهذا لا يجب أن تقف أبدا في وجه أهلك وتصر على هذه الفتاة، ولكن إصرارك يكون على معرفة الأسباب الموضوعية لرفضها. وتذكر قول الله تعالى: "وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم" [البقرة 216]، وقوله: "وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا"، و تأكد أن والديك يرفضان هذا الارتباط من منطلق حبهما لك، وحرصهما على مصلحتك. ونصيحتي أن تكون حكيما قدر الإمكان، فلا داعي أن تشعل أي معركة مع أهلك، ولا تحاول أبدا الوقوف في وجههم والزواج من هذه الفتاة دون رضاهم تمام الرضا، فالحياة الزوجية لا تخلو من المشكلات، وعند المشكلة يلوذ كل طرف بأهله، وعندها لن تجد إلا اللوم والعتاب، ولا أجد بأسا أن تفكر في الفتاة الأخرى التي رشحوها لك، واستخير الله في أمرها لعل الله يجعل فيها العوض عن الفتاة الأولى، ولا تنس الدعاء فهو سلاح المؤمن، وأحيي فيك إلحاحك بالدعاء، وتقربك إلى الله؛ لأن كل ذلك مما ييسر الأمور، كما أشكرك على موقفك من رضا والديك، وطلبك رضاهما، فأنت نعم الابن بإذن الله.
دعواتي القلبية لك بأن يشرح الله صدرك بالزوجة الصالحة التي تعينك على طاعة الله، وتقر عينك، وتكون لك سترًا وعونًا في الدنيا والآخرة.... اللهم آمين.