عاقبة الظلم و أضراره
15-08-2009, 11:03 AM
عاقبة الظلم و أضراره
عَاقِبَةُ الظُّلْمِ
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) متفق عليه.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) أصل معنى الظلم: وضع الشيء في غير موضعه ، وهو في الشرع اسم لكل ما خالف شرع الله ، وهو ثلاثة أنواع ، الظلم الذي هذه حاله ثلاث ، ظلم في حق الله ، ولا تقل: إنه ظلم لله ، فلا يقال: إن العبد يظلم ربه بمعصيته أو بالشرك به ، لكنه يظلم نفسه في حق الله ( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) الظلم في حق الله ، وهو الشرك ، وهو أظلم الظلم ، كما قال تعالى: ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ولما نزل قوله تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أينا لم يظلم نفسه ، الإنسان معرض لظلم نفسه ، يعني بالمعصية ، بالمعاصي بالذنوب ، فبين لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أنه ليس الظلم المانع المنافي للأمن والهدى أي ظلم ، إنما المنافي كل المنافاة للأمن والهدى هو الشرك ، فالشرك هو الذي لا أمن معه ولا هدى ، نعم كل ظلم يفوت قدرا من الأمن والهدى ، فمن نجا من الظلم كله فاز بالأمن والهدى ، ومن نجا من الشرك الأكبر ، فله أمن ، فله مطلق أمن ومطلق هدى؛ لأن التوحيد يحصل به الدخول في الإسلام ، ويحصل به النجاة من الخلود في النار. والنوع الثاني ظلم العبد نفسه بالذنوب التي بينه وبين ربه ، من ترك واجب أو فعل محرم كما قال تعالى: ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ) فالظالم لنفسه هو الذي يترك بعض الواجبات ويفعل بعض المحرمات ، وفرض للعباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، كما قال عليه الصلاة والسلام في خطبته يوم النحر: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا من بلدكم هذا ) وفي الحقيقة إن كلًّا من أنواع الظلم هو ظلم من العبد لنفسه ، الشرك هو أعظم ظلم للنفس ، وظلم العباد في أموالهم هو دافع ، لكن هذا التصنيف تتبين به الأحكام ، فللشرك حكم يخصه ، وللسعي للمعاصي حكم يخصه ، وظلم العباد له حكم؛ ولهذا ظهر هذا الفرق في باب التوبة ، احتاج إليه في باب التوبة ، فأما الشرك فلا يغفر إلا بالتوبة ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) هذه الآية هي في غير التائبين ، فيمن لم يتب ، أما التائبون فذكر حكمهم في قوله: ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) وهكذا أيضا في شروط التوبة ، التوبة من السعي للذنوب يعتبر فيها الإقلاع والندم والعزم على ألا يعود، وفي مظالم العباد يشترط شرط رابع وهو رد المظالم ، وأداء الحقوق ، لا بد أن تحقق التوبة من ظلم العباد في أنفسهم أو دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم إلا برد الحقوق والاستعلال ، كما صح في الحديث ) من كان عليه لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم ) .
فانظر معي... على مراتب ، يدخل في ذلك الكلام في كبائر الذنوب ، فهي أيضا متفاوتة ، والله تعالى قد حرم الظلم على عباده ، بل حرمه على نفسه سبحانه وتعالى ، كما في الحديث القدسي: ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) فقوله: ( فلا تظالموا ) يظهر أنه أخص بالظلم الذي يكون بين العباد ظلم العباد بعضهم لبعض ، فلا تظالموا ، وقد قال سبحانه وتعالى فيما هو كالشرك ، وهو افتراء الكذب على الله: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ) هذا أيضا بدرجة الشرك ، افتراء الكذب على الله ، والتكذيب بآيات الله ، هذا من أعظم الظلم
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ
وقال تعالى:
وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ
هم الظالمون على الحقيقة ، الظالمون الظلم الأكبر ، قال تعالى:
مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ
.وفي هذا الحديث أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى سوء عاقبة الظلم ، وذلك في قوله:
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
فأهل التوحيد وأهل العدل ضد أهل الظلم وعاقبتهم كذلك ، وقال في المنافقين والمنافقات بعد الآية السابقة:
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا
يعني انتظرونا
انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ
فالكافرون هم في ظلمات كفر في الدنيا ، وفي ظلمات ظلمهم في الآخرة ، فالظلم ظلمات يوم القيامة ، ففي هذا تحذير بالغ من الظلم ، وجزاء الله للعباد قائم على العدل ، فهو سبحانه وتعالى أعدل العادلين لا يظلم مثقال ذرة ، فهو يجزي العاملين في الآخرة بعدله ، يجزي المؤمنين بفضله ، ويجزي أهل المعاصي وأهل الظلم بعدله ، لا يظلم مثقال ذرة ،
وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا
فهذا الحديث من جوامع الكلم ، يتضمن التحذير من الظلم كله بأنواعه من جميع الذنوب ، من ظلم العباد ، ومشهور عند الناس ، ويأتي تخصيصه أحيانا كما في الحديث الذي ذكرته ، جعلته بينكم، الناس في عرف يخصون الظلم بظلم بعضهم لبعض ، يقول: هذا ظلم فلان ظلم فلانا ، وهذا حقه ظلم اعتدى على الناس في دماءهم وأموالهم وأعراضهم ، وهو أحد أنواع الظلم، ومن خصوصية هذا الظلم أنه كذلك لا يغفر ، لا بد من استيفاء الحقوق لا بد من استيفاء ، الاستيفاء يكون من الحسنات ، من حسنات العبد كما في حديث المفلس: والآيات في كتاب الله في وعيد الظالمين ، وذم الظالمين ، ولعن الظالمين ،
أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ
كثيرة ، ولكن أكثرها في الظلم في حق الله ، الشرك والكفر؛ لأنه أمر ملزوم ... هم الظالمون الظلم المطلق ، وكما قال تعالى:
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ
وجاء أيضا ظلم العباد في ذكرهم في مثل قوله تعالى:
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
ومن أعظم ظلم الناس صدهم عن سبيل الله ، إذا كان يعني من ظلم الناس التعدي على حقوقهم وعلى خصوصياتهم ، في أنفسهم وفي أموالهم ، وفي أعراضهم فكذلك صدهم عن سبيل الله هو أعظم ظلم ، وهذا ما يفعله الكفار ، الكفار من أعمالهم الصد عن سبيل الله ، فيعاقبهم الله بمزيد العذاب كما قال تعالى:
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
وصدوا عن سبيل الله ، يعني صدوا غيرهم صدوا في أنفسهم ، أعرضوا وصدوا غيرهم ، يعني صرفوهم وصدفوهم ،
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ
نعم. أضرار الظلم
1- الظلم ظلمات يوم القيامة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الظلم ظلمات يوم القيامة))[1].
قال القاضي عياض: "قيل: ظاهره أنه ظلمات على صاحبه حتى لا يهتدي يوم القيامة سبيلاً حيث يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم. وقد تكون الظلمات هنا الشدائد، وقد تكون الظلمات ها هنا عبارة عن الاتكال بالعقوبات عليه، وقابل بهذه اللفظة قوله: ((الظلم)) لمجانسة الكلام"[2].
وقال ابن الجوزي: "وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب، لو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئاً"[3].
2- الظلم سبب هلاك الأمم:
قال تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيّنَـٰتِ} [يونس:13].
قال ابن سعدي: "يخبر تعالى أنه أهلك الأمم الماضية بظلمهم وكفرهم، بعدما جاءتهم البينات على أيدي الرسل تبين الحق فلم ينقادوا لها ولم يؤمنوا، فأحل بهم عقابه الذي لا يرد عن كل مجرم متجرئ على محارم الله، وهذه سننه في جميع الأمم"[4].
3- قبول دعوة المظلوم على الظالم:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))[5].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الولد على ولده))[6].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استعمل مولى له ـ يدعى هنيء ـ على الحمى، فقال: (يا هنيء، اضمم جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المسلمين، فإن دعوة المظلوم مستجابة)[7].
قال ابن عثيمين: "فيه دليل على أن دعوة المظلوم مستجابة لقوله: ((فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)).
وفيه دليل على أنه يجب على الإنسان أن يتقي الظلم ويخاف من دعوة المظلوم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك"[8].
4- اللعن للظالمين:
قال تعالى: {أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} [هود:18].
قال ميمون بن مهران: إن الرجل يقرأ القرآن وهو يلعن نفسه، قيل له: وكيف يلعن نفسه؟! قال: يقول: {أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} وهو ظالم[9].
5- إملاء الله للظالم حتى يأخذه:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته)) ثم قرأ: {وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ} [هود:102][10].
قال القرطبي: "يملي: يطيل في مدّته، ويصحّ بدنه، ويكثر ماله وولده ليكثر ظلمُه، كما قال تعالى: {إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً} [آل عمران:128]، وهذا كما فعل الله بالظلمة من الأمم السالفة والقرون الخالية، حتى إذا عمّ ظلمهم وتكامل جرمهم أخذهم الله أخذة رابية، فلا ترى لهم من باقية، وذلك سنة الله في كلّ جبار عنيد"[11].
6- حال الظالمين في الآخرة:
قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأبْصَـٰرُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} [إبراهيم:42، 43].
قال ابن كثير: "يقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ} يا محمد {غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} أي: لا تسحبنه إذا أنظرهم وأجّلهم أنه غافلٌ عنهم مهمِل لهم لا يعاقبهم على صنعهم، بل هو يحصِي ذلك عليهم ويعدّه عليهم عداً، {إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأبْصَـٰرُ} أي: من شدّة الأهوال يوم القيامة. ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم وعجلتهم إلى قيام المحشر فقال: {مُهْطِعِينَ} أي: مسرعين، {مُقْنِعِى رُءوسِهِمْ} قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: رافعي رؤوسهم، {لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} أي: أبصارهم ظاهرة شاخصة مديمون النظر لا يطرفون لحظة لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحلّ بهم، عياذاً بالله العظيم من ذلك، ولهذا قال: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} أي: وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شيء لكثرة الوجل والخوف"[12].
7- حرمان الفلاح:
قال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} [الأنعام:21].
قال ابن سعدي: "فكلّ ظالم وإن تمتّع في الدنيا بما تمتّع به فنهايته فيه الاضمحلال والتلف"[13].
8- حرمان الهداية والتوفيق:
قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [القصص:50].
وطلب هداية التوفيق من الأدعية التي أوجبها الله علينا في أعظم مقام نقف فيه بين يدي الله عز وجل، وهو في الصلاة، حيث نقول في كل ركعة: {ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ}. فالظلم ـ أعاذنا الله منه ـ يكون سبباً لحرمان هداية التوفيق، وهذا يستلزم البعد عن مقامات الظلم حتى يستجيب الله دعاءنا في صلاتنا[14].
9- حرمان حبّ الله تعالى:
قال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [الشورى:40].
قال ابن سعدي: "أي: الذين يجنون على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم"[15].
10- حلول المصائب في الدنيا والعذاب في القبر:
قال تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [الطور:47].
قال ابن سعدي: "لما ذكر الله عذاب الظالمين في القيامة أخبر أن لهم عذاباً دون عذاب يوم القيامة، وذلك شامل لعذاب الدنيا بالقتل والسبي والإخراج من الديار، ولعذاب البرزخ والقبر"[16].
11- العذاب الأليم:
قال تعالى: {إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى:42].
قال ابن سعدي: "أي: إنما تتوجه الحجة بالعقوبة الشرعية {عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ}، وهذا شامل للظلم والبغي على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، {أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: موجع للقلوب والأبدان، بحسب ظلمهم وبغيهم"[17].
12- خذلان الظالم عند الله تعالى:
قال تعالى: {مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر:18].
قال ابن عثيمين: "أي: أنه يوم القيامة لا يجد الظالم حميماً، أي: صديقاً ينجيه من عذاب الله، ولا يجد شفيعاً يشفع له فيطاع، لأنه منبوذ بظلمه وغشمه وعدوانه"[18].
وقال تعالى: {وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [البقرة:270].
قال ابن عثيمين: "يعني: لا يجدون أنصاراً ينصرونهم ويخرجونهم من عذاب الله سبحانه"[19].
[1] أخرجه البخاري في المظالم (2447)، ومسلم في البر والصلة (2579).
[2] إكمال المعلم (8/48).
[3] فتح الباري (5/121).
[4] تيسير الكريم الرحمن (359).
[5] أخرجه البخاري في المظالم، باب: الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم (2448)، ومسلم في الإيمان (19) مطولاً.
[6] أخرجه أحمد في المسند (2/523)، وأبو داود في الصلاة، باب: الدعاء بظهر الغيب (1536)، والترمذي في الدعوات، باب: ما ذكر في دعوة المسافر (3448)، وابن ماجه في الدعاء، باب: دعوة الوالد ودعوة المظلوم (3862)، وحسنه الترمذي، والألباني في السلسلة الصحيحة (596).
[7] أخرجه مالك في الموطأ: كتاب الجامع، باب: ما يتقى من دعوة المظلوم (1890)، والبخاري في الجهاد، باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب (3059).
[8] شرح رياض الصالحين (4/623).
[9] تنبيه الغافلين (377).
[10] أخرجه البخاري في التفسير، باب: قوله تعالى: {وكذلك أخذ ربك...} الآية (4686)، ومسلم في البر والصلة (2583).
[11] المفهم (6/557).
[12] تفسير القرآن العظيم (2/561).
[13] تيسير الكريم الرحمن (274).
[14] الظلم ظلمات يوم القيامة لناظم سلطان (ص 29).
[15] تيسير الكريم الرحمن (760).
[16] تيسير الكريم الرحمن (818).
[17] تيسير الكريم الرحمن (760).
[18] شرح رياض الصالحين (4/597).
[19] شرح رياض الصالحين (4/597).
المصدر
http://www.alminbar.net/malafilmy/zolm/9.htm
http://www.taimiah.org/Display.asp?t...0017.htm&pid=1







