بأي دين يكون التفجير جهادا السلفيون بريئون من العمليات الارهابية ارجوا التثبيت
08-10-2007, 06:08 PM
بأي عقل ودين
يكون التفجير والتدمير جهاداً !!

ويحكم ... أفيقوا يا شباب !!

للشيخ العلامة
عبد المحسن بن حمدالعباد
حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله نحمدهونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده اللهفلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأَشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريكله، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آلهوأصحابه، ومَن سلك سبيلَه واهتدى بهديه إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعد، فإنَّللشيطان مدخلَين على المسلمين يَنْفذُ مِنهما إلى إغوائهم وإضلالهم.

أحدهما: أنَّه إذا كان المسلمُ من أهل التفريط والمعاصي، زيَّن له المعاصي والشهوات ليبقىبعيداً عن طاعة الله ورسوله ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( حُفَّت الجنَّةبالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات ) رواه البخاري (6487)، ومسلم (2822).

والثاني: أنَّه إذا كان المسلم من أهل الطاعة والعبادة زيَّن له الإفراطوالغلوَّ في الدِّين ليفسد عليه دينه، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَهْلَالْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّالْحَقِّ ) ، وقال: ( قُلْْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْغَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُوَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ) ، وقال صلى الله عليهوسلم : ( إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين؛ فإنَّما هلك مَن كان قبلكم بالغلوِّ فيالدِّين )، وهو حديث صحيح، أخرجه النسائي وغيرُه، وهو من أحاديث حَجة الوداع، انظرتخريجه في السلسلة الصحيحة للألباني (1283).

ومِن مكائد الشيطان لهؤلاءالمُفْرطين الغالين أنَّه يُزيِّن لهم اتِّباعَ الهوى وركوبَ رؤوسهم وسوءَ الفهم فيالدِّين، ويُزهِّدهم في الرجوع إلى أهل

العلم؛ لئلاَّ يُبصِّروهم ويُرشدوهمإلى الصواب، وليبقوا في غيِّهم وضلالهم، قال الله عزَّ وجلَّ: ( وَلاَ تَتَّبِعِالْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ )، وقال وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَهَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ )، وقال: ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُعَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ ) ، وقال: ( أَفَمَنكَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِوَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ )، وقال هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَمِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌفَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ).

وفي صحيح البخاري (4547)،ومسلم (2665) عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تلا هذهالآية، فقال: ( إذا رأيتُم الذين يتَّبعون ما تَشَابَه مِنهُ فأولئك الذين سَمَّىالله فاحذروهم )، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من يُرِد الله به خيراً يفقِّهه فيالدِّين ) رواه البخاري (71) ومسلم (1037)، وهو يدلُّ بِمَنْطُوقِهِ على أنَّ مِنعلامة إرادة الله الخير بالعبد أن يفقهه في الدِّين، ويدلُّ بمفهومه على أنَّ مَنلَم يُرد الله به خيراً لم يحصل له الفقه في الدِّين، بل يُبتلى بسوء الفهم فيالدِّين.

ومن سوء الفهم في الدِّين ما حصل للخوارج الذين خرجوا على عليٍّرضي الله عنه وقاتلوه، فإنَّهم فهموا النصوصَ الشرعية فهماً خاطئاً مخالفاً لفهمالصحابة رضي الله عنهم، ولهذا لَمَّا ناظرهم ابن عباس رضي الله عنهما بيَّن لهمالفهمَ الصحيح للنصوص، فرجع مَن رجع منهم، وبقي من لم يرجع على ضلاله، وقصَّةمناظرته لهم في مستدرك الحاكم (2/150 ـ 152)، وهي بإسناد صحيح على شرط مسلم، وفيهاقول ابن عباس: ( أتيتُكم من عند صحابة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من المهاجرينوالأنصار، لأبلِّغكم ما يقولون، المخبرون بما يقولون، فعليهم نزل القرآن، وهم أعلمُبالوحي منكم، وفيهم أُنزِل، وليس فيكم منهم أحد، فقال بعضُهم: لا تخاصموا قريشاً،فإنَّ الله يقول بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ )، قال ابن عباس: وأَتيتُ قوماً لَمأرَ قوماً قَطُّ أشدَّ اجتهاداً منهم، مسهمة وُجوههم من السَّهر، كأنَّ أيديهموركبهم تثنى عليهم، فمضى مَن حضر، فقال بعضُهم: لَنَكلِّمنَّه ولننظرنَّ ما يقول،قلت: أخبروني ماذا نقمتم على ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهرهوالمهاجرين والأنصار؟ قالوا: ثلاثاً، قلت: ما هنَّ؟ قالوا: أمَّا إحداهنَّ فإنَّهحكم الرِّجالَ في أمر الله، وقال الله تعالى إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ) ، وماللرِّجال وما للحكم، فقُلتُ: هذه واحدة، قالوا: وأمَّا الأُخرى فإنَّه قاتَلَ ولَميَسْب ولَم يَغنَم، فَلَئِنْ كان الذي قاتل كُفَّاراً لقد حَلَّ سَبيُهم وغنيمتهم،ولئن كانوا مُؤمنين ما حَلَّ قتالُهم، قُلتُ: هذه ثنتان، فما الثالثة؟ قال: إنَّهمَحَا نفسَه من أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين، قلت: أَعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبنا هذا، فقلتُ لهم: أرأيتم إن قرأتُ عليكم مِن كتاب الله ومن سنَّة نبيِّه صلىالله عليه وسلم ما يُردُّ به قولُكم أتَرضَون؟ قالوا: نعم! فقلتُ: أمَّا قولكم: حَكَّمَ الرِّجال في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم ما قد رُدَّ حُكمُه إلى الرِّجال فيثمن ربع درهم، في أرنب ونحوها من الصيد، فقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَتَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ) إلى قوله: ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍمِّنكُمْ )، فَنَشدتكم الله: أحُكم الرِّجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أَمْحُكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟! وأن تعلموا أنَّ الله لو شاء لَحَكم ولَميُصيِّر ذلك إلى الرِّجال، وفي المرأة وزوجها قال الله عزَّ وجلَّ وَإِنْ خِفْتُمْشِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْأَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا )، فجعل الله حكمالرِّجال سُنة مأمونة، أخَرَجتُ مِن هذه؟ قالوا: نعم! قال: وأمَّا قولكم: قاتَل ولميَسْب ولم يَغنم، أَتَسبُون أُمَّكم عائشة، ثمَّ تَستحلُّون منها ما يُستَحلُّ منغيرها؟! فلئن فعلتُم لقد كَفَرتُم، وهي أُمُّكم، ولئن قلتُم: ليست أمَّنا لقدكفرتُم؛ فإنَّ الله يقول: ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْوَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )، فأنتم تَدُورُونَ بين ضلالَتين، أيّهما صِرتُمإليها صِرتُم إلى ضلالة، فنظر بعضُهم إلى بعض، قلت: أخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم! وأمَّا قولكم: مَحا اسمَه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمَن ترضَون وأريكم، قدسمعتُم أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يوم الحُديبية كاتَبَ سُهيل بن عمرو وأباسفيان بن حرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين: اكتب يا علي: هذاما اصطلح عليه محمد رسول الله، فقال المشركون: لا والله! لو نعلم أنَّك رسول اللهما قاتلناك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللَّهم إنَّك تعلمُ أنِّي رسولالله، اكتب يا علي: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله، فوالله لرسول الله خيرٌ منعلي، وما أخرجه من النبوة حين محا نفسَه، قال عبد الله بن عباس: فرجع من القومألفان وقُتل سائرُهم على ضلالة ).

ففي هذه القصة أنَّ ألفين من الخوارجرجعوا عن باطلهم؛ للإيضاح والبيان الذي حصل من ابن عباس رضي الله عنهما، وفي ذلكدليلٌ على أنَّ الرجوعَ إلى أهل العلم فيه السلامة من الشرور والفتن، وقد قال اللهعزَّ وجلَّ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ).

ومِمَّا يدلُّ على أنَّ الرجوع إلى أهل العلم خيرٌ للمسلمين في أمور دينهمودنياهم ما رواه مسلم في صحيحه (191) عن يزيد الفقير قال: ( كنتُ قد شَغَفَنِي رأيٌمن رأي الخوارج، فخرجنا في عِصابةٍ ذوي عدد نريد أن نحجَّ، ثمَّ نخرجَ على الناس،قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يُحدِّث القومَ ـ جالسٌ إلى ساريةٍـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: فإذا هو قد ذكر الجهنَّميِّين، قال: فقلتُ له: يا صاحبَ رسول الله! ما هذا الذي تُحدِّثون؟ والله يقول إِنَّكَ مَنتُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ )، و( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوامِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا ) ، فما هذا الذي تقولون؟ قال: فقال: أتقرأُ القرآنَ؟قلتُ: نعم! قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام، يعني الذي يبعثه فيه؟ قلتُ: نعم! قال: فإنَّه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يُخرج اللهُ به مَن يُخرج. قال: ثمَّ نعتَ وضعَ الصِّراط ومرَّ الناس عليه، قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال: غير أنَّه قد زعم أنَّ قوماً يَخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: يعنيفيخرجون كأنَّهم عيدان السماسم، قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنَّة فيغتسلون فيه،فيخرجون كأنَّهم القراطيس. فرجعنا، قلنا: وَيْحَكم! أَتَروْنَ الشيخَ يَكذِبُ علىرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فرجعنا، فلا - والله! - ما خرج منَّا غيرُ رَجلواحد، أو كما قال أبو نعيم). وأبو نعيم هو الفضل بن دكين هو أحد رجال الإسناد، وقدأورد ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى من سورة المائدة: ( يُرِيدُونَ أَنيَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا ) حديث جابر هذا عند ابنأبي حاتم وابن مردويه وغيرهما، وهو يدلُّ على أنَّ هذه العصابةَ ابتُليت بالإعجاببرأي الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار، وأنَّهم بلقائهم جابراً رضيالله عنه وبيانه لهم صاروا إلى ما أرشدهم إليه، وتركوا الباطلَ الذي فهموه، وأنَّهمعدلوا عن الخروج الذي همُّوا به بعد الحجِّ، وهذه من أعظم الفوائد التي يستفيدهاالمسلم برجوعه إلى أهل العلم.

ويدلُّ لخطورة الغلو في الدِّين والانحراف عنالحقِّ ومجانبة ما كان عليه أهل السنَّة والجماعة قوله صلى الله عليه وسلم من حديثحذيفة رضي الله عنه : ( إنَّ أخوفَ ما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن، حتى إذا رُئيتبهجته عليه وكان ردءاً للإسلام، انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيفورماه بالشرك، قلت: يا نبيَّ الله! أيُّهما أولى بالشرك: الرامي أو المرمي؟ قال: بلالرامي ) رواه البخاري في التاريخ وأبو يعلى وابن حبان والبزار، انظر الصحيحةللألباني (3201).

وحَدَاثةُ السِّن مَظنَّة سُوء الفهم، يدلُّ لذلك ما رواهالبخاري في صحيحه (4495) بإسناده إلى هشام بن عروة، عن أبيه أنَّه قال: (قلت لعائشةزوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السنِّ: أرأيتِ قول الله تباركوتعالى إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَأَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا )، فما أرى على أحدشيئاً أن لا يطوَّف بهما، فقالت عائشة: كلاَّ! لو كانت كما تقول كانت: فلا جناحعليه أن لا يطوَّف بهما، إنَّما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يُهلُّونلِمناة، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرَّجون أن يطوَّفوا بين الصفا والمروة،فلمَّا جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك، فأنزل الله ( إِنَّ الصَّفَاوَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَجُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ).
وعروة بن الزبير من خيار التابعين،وهو أحدُ الفقهاء السبعة بالمدينة في عصر التابعين، قد مهَّد لعُذره في خطئه فيالفهم بكونه في ذلك الوقت الذي سأل فيه حديثَ السنِّ، وهو واضحٌ في أنَّ حداثةَالسنِّ مظنَّةُ سوء الفهم، وأنَّ الرجوع إلى أهل العلم فيه الخير والسلامة.
::
بأيِّ عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهاداً؟! ::

بعد هذا التمهيد بذكرأنَّ الشيطانَ يدخل إلى أهل العبادة لإفساد دينهم من باب الإفراط والغلوِّ فيالدِّين، كما حصل من الخوارج والعصابة التي شغفت برأيهم، وأنَّ طريق السلامة منالفتن الرجوع إلى أهل العلم، كما حصل رجوع ألفين من الخوارج بعد مناظرة ابن عباسرضي الله عنهما، وعدول العصابة عمَّا همَّت به من الباطل برجوعها إلى جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.

بعد هذا التمهيد أقول: ما أشبه الليلة بالبارحة! فإنَّ ما حصل من التفجير والتدمير في مدينة الرياض، وما عُثر عليه من أسلحةومتفجِّرات في مكة والمدينة في أوائل هذا العام (1424هـ) هو نتيجة لإغواء الشيطانوتزيينه الإفراط والغلو لِمَن حصل منهم ذلك، وهذا الذي حصل من أقبح ما يكون فيالإجرام والإفساد في الأرض، وأقبح منه أن يزيِّن الشيطان لِمَن قام به أنَّه منالجهاد، وبأيِّ عقل ودين يكون جهاداً قتل النفس وتقتيل المسلمين والمعاهدين وترويعالآمنين وترميل النساء وتيتيم الأطفال وتدمير المباني على من فيها؟!

وقدرأيت إيراد ما أمكن من نصوص الكتاب والسنة في مجيء الشرائع السابقة بتعظيم أمرالقتل وخطره، وإيراد نصوص الكتاب والسنة في قتل المسلم نفسه وقتل غيره من المسلمينوالمعاهدين عمداً وخطأ، وذلك لإقامة الحجة وبيان المحجَّة، وليهلك مَن هلك عنبيِّنة ويحيى من حيَّ عن بيِّنة.

وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يهدي من ضلَّإلى الصواب ويخرجهم من الظلمات إلى النور، وأن يقي المسلمين شرَّ الأشرار، إنَّهسميع مجيب.
ما جاء في تعظيم أمر القتل وخطره في الشرائع السابقة ::

قال الله عزَّ وجلَّ عن أحد ابني آدم: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَأَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، وقال الله عزَّ وجلَّ مِنْأَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساًبِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاًوَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تُقتل نفس ظلماً إلاَّ كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها؛ لأنَّه أول مَنسَنَّ القتل ) رواه البخاري (3335)، ومسلم (1677)، وقال الله عزَّ وجلَّ عن رسولهموسى صلى الله عليه وسلم أنَّه قال للخضر: ( أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِنَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً )، وقال عنه: ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنشِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ . قَالَ رَبِّإِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُالرَّحِيمُ )، وفي صحيح مسلم (2905) عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: ( يا أهلالعراق! ما أسْأَلَكُم عن الصغيرة وأركبَكم للكبيرة! سمعت أبي عبد الله بن عمريقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ الفتنةَ تجيء من ههنا، وأومأبيده نحو المشرق، من حيث يطلع قرنا الشيطان، وأنتم يضرب بعضُكم رقاب بعض، وإنَّماقتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ، فقال الله عزَّ وجلَّ له وَقَتَلْتَ نَفْساًفَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً )، وقول سالم بن عبد الله: ( ما أسألَكم عن الصغيرة وأركبَكم للكبيرة! ) يشير بذلك إلى ما جاء عن أبيه في صحيحالبخاري (5994) أنَّه سأله رجل من أهل العراق عن دم البعوض، فقال: ( انظروا إلىهذا، يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وسمعتالنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا )، يعني الحسن والحسينرضي الله عنهما.

وقال تعالى: ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَتَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّأَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ) ، وقال تعالى وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَاأَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِوَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ).
::
ماجاء في قتل المسلم نفسه عمداً وخطأ ::

قال الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّأَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّاللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً .وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماًفَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً ) ، وقال رسولالله صلى الله عليه وسلم : ( مَن قتل نفسَه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة ) رواه البخاري (6047)، ومسلم (176) عن ثابت بن الضحاك ، وروى البخاري (5778)، ومسلم (175) عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن تردَّى من جبلفقتل نفسَه فهو في نار جهنَّم يتردَّى فيه خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومَن تحسَّىسُمًّا فقتل نفسَه فسُمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنَّم خالداً مخلَّداً فيهاأبداً، ومَن قتل نفسَه بحديدة فحديدتُه في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنَّمخالداً مخلَّداً فيها أبداً )، وفي صحيح البخاري (1365) عن أبي هريرة قال: قالالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( الذي يخنق نفسَه يخنقها في النار، والذي يطعنهايطعنها في النار ).
وهذا الحديث في مسند الإمام أحمد (9618) وغيره وفيه زيادة: ( والذي يتقحَّم فيها يتقحَّم في النار )، وانظر: السلسلة الصحيحة للألباني (3421).

وفي صحيح البخاري (1364)، ومسلم (180) عن الحسن قال: حدَّثنا جُندب رضيالله عنه في هذا المسجد فما نسينا وما نخاف أن ننسى، وما نخاف أن يكذب جُندب علىالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال: ( كان برجل جراح فقتلَ نفسَه، فقال الله: بدرنِي عبدي بنفسه، حرَّمت عليه الجنَّة )، وروى ابن حبان في صحيحه (موارد الظمآن 763) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه : ( أنَّ رجلاً كانت به جراحة، فأتى قرَناً لهفأخذ مشقصاً، فذبح به نفسَه، فلم يُصلِّ عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم )، وقالالألباني في صحيح الترغيب (2457): ( صحيح لغيره ).

وأمَّا من قتل نفسه خطأفهو معذور غير مأزور؛ لقول الله عزَّ وجلَّ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَاأَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )، وقوله: (رَبَّنَا لاَتُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)، قال الله: (قَد فَعلتُ) رواه مسلم(126).
::
ما جاء في قتل المسلم بغير حقٍّ عمداً وخطأ ::

قتل المسلميكون بحقٍّ وبغير حق، يكون بحقٍّ قصاصاً وحَدًّا، والقتل بغير حقٍّ يكون عمداًوخطأ، وقد قال الله عزَّ وجلَّ في القتل عمداً: ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناًمُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِوَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )، وقال: ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَمَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُإِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً .يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً .إِلاَّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُسَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )، وقال الله تعالىفي سورتي الأنعام والإسراء: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُإِلاَّ بِالحَقِّ )، وقال في سورة الأنعام: ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْخَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاًكَبِيراً ) ، وقال تعالى قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاًبِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أولما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدِّماء ) رواه البخاري (6864) ومسلم (1678)،وقد أكَّد صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجَّة الوداع حرمة دماء المسلمينوأموالهم وأعراضهم بتشبيهها بحرمة الزمان والمكان، فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: ( خطبنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال: أتدرون أيَّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننَّا أنَّه سيُسمِّيه بغير اسمه، قال: أليس يومالنحر؟ قلنا: بلى! قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنَّهسيُسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس ذو الحجة؟ قلنا: بلى! قال: أي بلد هذا؟ قلنا: اللهورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنَّه سيُسمِّيه بغير اسمه، قال: أليست بالبلدة الحرام؟قلنا: بلى! قال: فإنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فيشهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربَّكم، ألاَ هل بلَّغت؟ قالوا: نعم! قال: اللهمَّ اشهد، فليُبلِّغ الشاهدُ الغائبَ، فرُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع، فلا ترجعوابعدي كفاراً يضرب بعضُكم رقابَ بعض ) رواه البخاري (67) و(1741)، ومسلم (1679)، وقدجاء هذا التأكيد أيضاً في حديث ابن عباس في صحيح البخاري (1739)، وحديث ابن عمر فيهأيضاً (1742)، وحديث جابر في صحيح مسلم (1218).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسولالله! وما هنَّ؟ قال: الشرك بالله، والسِّحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلاَّبالحقِّ، وأكل الرِّبا، وأكل مال اليتيم، والتولِّي يوم الزَّحف، وقذف المحصناتالمؤمنات الغافلات ) رواه البخاري (2766)، ومسلم (145).

وعن ابن عمر رضيالله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يزال المؤمن في فُسحة مندينه ما لم يُصب دماً حراماً )، وقال ابن عمر: ( إنَّ من وَرْطات الأمور التي لامخرج لِمَن أوقع نفسَه فيها سفك الدم الحرام بغير حلِّه ) رواهما البخاري في صحيحه (6862 ، 6863).

وقال عبادة بن الصامت: ( كنَّا مع رسول الله في مجلس، فقال: تُبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا،ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفسَالتي حرَّم الله إلاَّ بالحقِّ، فمَن وفَّى منكم فأجره على الله، ومَن أصاب شيئاًمن ذلك فعوقب به فهو كفَّارةٌ له، ومَن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه فأمرُهإلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذَّبه ) رواه البخاري (1 ومسلم (1709)، وهذا لفظمسلم.

وعن ابن عمر، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن حَمَلَعلينا السِّلاحَ فليس منَّا ) رواه البخاري (6874) ومسلم (161).

وعن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحلُّ دمُ امرئ مسلميشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنِّي رسول الله إلاَّ بإحدى ثلاث: النفس بالنفس،والثيِّب الزاني، والمفارق لدينه التارك للجماعة ) رواه البخاري (6878)، ومسلم (1676).

وعنه أيضاً: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( سبابُالمسلم فسوق، وقتاله كفر ) رواه البخاري (4، ومسلم (116).

وعن ابن عباس: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة: مُلحدٌ فيالحرَم، و مبتغ في الإسلام سنَّة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حقٍّ ليهريق دمه ) رواه البخاري (6882).
وقال الله عزَّ وجلَّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْكُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُبِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌفَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّنرَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وفي صحيح البخاري (6896) عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( أنَّ غلاماً قُتل غيلة،فقال عمر: لو اشترك فيها أهلُ صنعاء لَقَتَلتُهُم )، وقال مغيرة بن حكيم، عن أبيه: ( إنَّ أربعة قتلوا صبيًّا، فقال عمر ... ) مثله.

وفي صحيح البخاري (7152) عن جندب بن عبد الله قال: ( إنَّ أوَّل ما ينتن من الإنسان بطنُه، فمَن استطاع أنلا يأكل إلاَّ طيِّباً فليفعل، ومَن استطاع أن لا يُحال بينه وبين الجنَّة بملءكفٍّ من دم هراقه فليفعل )، قال الحافظ في الفتح (13/130): ( ووقع مرفوعاً عندالطبراني أيضاً من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن جندب، ولفظه: ( تعلمون أنِّيسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحولنَّ بين أحدكم وبين الجنَّة وهويراها ملءُ كفِّ دم من مسلم أهراقه بغير حلِّه)، وهذا لو لم يرِد مصرَّحاً برفعهلكان في حكم المرفوع؛ لأنَّه لا يُقال بالرأي، وهو وعيد شديد لقتل المسلم بغير حقٍّ ).

وقال صلى الله عليه وسلم : ( ومَن خرج على أمَّتي يضرب برَّها وفاجرَها،ولا يتحاش من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهدَه، فليس منِّي ولستُ منه ) رواه مسلم (1848).

وهذه أحاديثُ لَم ترد في الصحيحين مِمَّا أورده المنذري في الترغيبوالترهيب، وأثبته الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/629 ـ 634):

عنالبراء رضي الله عنه : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لَزَوَالُ الدنياأهونُ على الله من قتل مؤمن بغير حق، ولو أنَّ أهلَ سماواته وأهل أرضه اشتركوا فيدم مؤمن لأدخلهم الله النار ).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنَّالنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( لَزَوَالُ الدنيا أهون على الله من قتل رجلمسلم ).

وعن بُريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قتل المؤمنأعظم عند الله من زوال الدنيا ).

وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أنَّ أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا فيدم مؤمن لأكبَّهم الله في النار ).

وعن أبي بكرة رضي الله عنه ، عنالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أنَّ أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتلمسلم لكبَّهم الله جميعاً على وجوههم في النار ).

وعن معاوية رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلُّ ذنب عسى الله أن يغفره، إلاَّالرجل يموت كافراً، أو الرجل يقتل مؤمناً متعمِّداً ).

وعن أبي الدرداء رضيالله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كلُّ ذنب عسى الله أنيغفره، إلاَّ الرجل يموت مشركاً، أو يقتل مؤمناً متعمِّداً ).

وعن أبي موسىرضي الله عنه ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أصبح إبليسُ بثَّجنودَه، فيقول: مَن أخذل اليوم مسلماً أُلبسُه التاج، قال: فيجيء هذا فيقول: لم أزلبه حتى طلَّق امرأته، فيقول: أوشك أن يتزوَّج، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عقَّوالديه، فيقول: يوشك أن يبرَّهما، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنتأنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قَتَل، فيقول: أنت أنت، ويُلبسه التاج ).

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) رواه أبو داود،ثم روى عن خالد بن دهقان: سألت يحيى بن يحيى الغسَّاني عن قوله: ( فاغتبط )، فقال: ( الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أحدهم أنَّه على هدى لا يستغفر الله،يعني من ذلك ).

وعن أبي سعيد رضي الله عنه ، عن النَّبيِّ صلى الله عليهوسلم قال: ( يخرج عُنق من النار يتكلَّم، يقول: وُكلتُ اليوم بثلاثة: بكلِّ جبَّارعنيد، ومَن جعل مع الله إلَهاً آخر، ومن قتل نفساً بغير حق، فينطوي عليهم فيقذفهمفي غمرات جهنَّم ).

وأمَّا قتل المؤمن خطأ ، فقد أوجب الله فيه الديةوالكفارة، قال الله تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّخَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌمُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ) إلى قوله: ( فَمَن لَّمْيَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُعَلِيماً حَكِيماً).
:: ما جاء في قتل المعاهد عمداً وخطأ ::

قتل الذمِّيوالمعاهد والمستأمن حرام، وقد ورد الوعيد الشديد في ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه (3166) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعينعاماً )، أورده البخاري هكذا في كتاب الجزية، ( باب إثم مَن قتل معاهداً بغير جُرم )، وأورده في كتاب الديات، في ( باب إثم من قتل ذمِّيًّا بغير جُرم )، ولفظه: ( مَنقتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً )،قال الحافظ في الفتح (12/259): ( كذا ترجم بالذمِّيِّ، وأورد الخبر في المعاهد،وترجم في الجزية بلفظ: ( مَن قتل معاهداً )، كما هو ظاهر الخبر، والمراد به مَن لهعهدٌ مع المسلمين سواء كان بعقد جزية أو هُدنة من سلطان أو أمان من مسلم ).

ورواه النسائي (4750) بلفظ: ( مَن قتل قتيلاً من أهل الذِّمَّة لم يجد ريحالجنَّة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً )، ورواه أيضاً (4749) بإسنادصحيح عن رجل من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : أنَّ رسول الله صلى الله عليهوسلم قال: ( مَن قتل رجلاً من أهل الذِّمَّة لم يجد ريح الجنَّة، وإنَّ ريحها ليوجدمن مسيرة سبعين عاماً )، وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : ( مَن قتل معاهداً في غير كُنهه حرَّم الله عليه الجنَّة ) رواه أبوداود (2760)، والنسائي (4747) بإسناد صحيح، وزاد النسائي (4748): ( أن يشمَّ ريحها ).

ومعنى ( في غير كُنهه ) أي: في غير وقته الذي يجوز قتله فيه حين لا عهدله، قاله المنذري في الترغيب والترهيب (2/635)، وقال: ( ورواه ابن حبان في صحيحه،ولفظه قال: (مَن قتل نفساً معاهدة بغير حقِّها لم يرح رائحة الجنَّة، وإنَّ ريحَالجنَّة لتوجد من مسيرة مائة عام )، قال الألباني: ( صحيح لغيره ).
وأمَّا قتلالمعاهد خطأ، فقد أوجب الله فيه الدية والكفارة، قال الله عزَّ وجلَّ: ( وَإِنكَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىأَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُشَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماًحَكِيماً ).

وأقول في الختام: اتَّقوا الله أيُّها الشباب في أنفسكم، لاتكونوا فريسةً للشيطان، يجمع لكم بين خزي الدنيا وعذاب الآخرة، واتَّقوا الله فيالمسلمين من الشيوخ والكهول والشباب، واتَّقوا الله في المسلمات من الأمَّهاتوالبنات والأخوات والعمَّات والخالات، واتَّقوا الله في الشيوخ الرُّكَّع والأطفالالرُّضَّع، واتَّقوا الله في الدماء المعصومة والأموال المحترمة،( فَاتَّقُواْالنَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )،( وَاتَّقُواْ يَوْماًتُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْلاَ يُظْلَمُونَ )، ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍمُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُأَمَداً بَعِيداً )، ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ .وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ . لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌيُغْنِيهِ )، أفيقوا من سُباتكم وانتبهوا من غفلتكم، ولا تكونوا مطيَّة للشيطانللإفساد في الأرض.

وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُفقِّه المسلمين بدينهم، وأنيحفظهم من مضلاَّت الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم وبارك على عبدهونبيِّه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلفيون بريئون من الأعمال الإرهابية

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد
:

فإنَّ الله أرسل رسوله بالهدى ،
ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ، وإنَّ سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي ترجمة عملية لشريعة الله سبحانه وتعالى ؛ التي أوحاها إليه ، والتي أمره الله باتباعها في قوله تعالى : ) ثمَّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون * إنَّهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإنَّ الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ( ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الغدر ، والخيانة ، ويأمر بالصدق والعفاف ، والأمانة ، فقد كان صلى الله عليه وسلم : (( إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ، ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيـل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا ، وليدا )) رواه مسلم ، وفي رواية الطبراني في المعجم الصغير برقم الحديث 340 : (( ولا تجبنوا ، ولا تقتلوا وليدا ، ولا امرأة ، ولا شيخا كبيرا )) فحرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الغدر ، وحرَّم الخيانة التي يستعملها الإرهابيون ، وحرم قتل النساء والأطفال ، والشيوخ ؛ الذين لايستطيعون القتال ولايُقاتلون ؛ حرَّم قتل هؤلاء ، وحرَّم الإفساد، فالله سبحانه وتعالى يقول : ) ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعا إنَّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين ( وأخبر أنَّه لايحب المفسدين ، وأخبر أنَّه لايهدي كيد الخائنين .

وعلى هذه الطريقة سار أصحابه ، فكانوا إذا أتوا قوماً
من الكفار يدعونهم إلى الإسلام أولاً فإن أبو وكانوا أهل كتاب دعوهم إلى الجزية ، فإن أبوا أعلنوا لهم القتال ، وأخبروهم أنَّهم سيقاتلونهم ، فيقاتلونهم بعد الإعلان لهم ، أمَّا إذا كان الكفار وثنيين فإنَّهم يخيرون بين الدخول في الإسلام أو القتال، ويقاتلونهم بعد إعلان القتال لهم .

أمَّا ما يعمله الإرهابيون في هذا
الزمن ؛ الذين يلبسون الأحزمة الناسفة أو يقودون السيارات المفخخة ، فإذا وجدوا مجموعة من الناس ، فجَّر اللابس نفسه أو فجَّر سيارته ونفسه ، فهذا أمرٌ ينبني على الخيانة ، فالإسلام بعيدٌ عنه كل البعد ، ولايقره أبداً .

وإنَّ ما يُعمل
الآن من الأعمال الإنتحارية في بريطانيا أو غيرها من البلدان ؛ إنَّما يعملـها ويخطط لها التكفيريون الخوارج ؛ الذين ذمهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان ؛ سفهاء الأحلام ؛ يقولون من خير قول البرية؛ يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ؛ لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهــم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة )) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال : (( شرُّ قتلى تحـت أديـم السماء )) وقال : (( خير قتلى من قتلوه )) وقال : (( طوبى لمن قتلهـم أو قتلوه )) وقال : (( أين ما لقيتموهم فاقتلوهم فإنَّ في قتلهم أجراً عند الله )) وقـال عنهــم : (( كلاب النار )) وقال : (( لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عاد )) وفي رواية : (( قتل ثمود )) وقال عنهم : (( أما إنَّه ستمرق مارقةٌ يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثمَّ لايعودون إليه حتى يرجع السهم على فُوَقِه )) ومعنى (( مرق )) خرج من الجانب الآخر ؛ والخوارج يمرقون من الدين ؛ أي يخرجون منه لايعلق بهم منه شيء .

وعلى هذا فمن المعلوم
أنَّ الإسلام بريءٌ من هذه التصرفات الهوجاء الرَّعناء ، وإنَّه ليشجب فاعليها ، وينكر أفعالهم .

وإنَّ الذين يتهمون السلفيين الذين يتبعون كتاب الله ، وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم ويسيرون على نهج الصحابة ؛ إنَّ الذين يتهمونهم بالتفجيرات في بريطانيا أو غيرها ؛ والتي تشتمل على قتل الأنفس ، وإتلاف الأموال ، وإراقة الدماء ، وإخافة الناس ، والخروج على الدولـة .

إنَّ الذين يتهمون
السلفيين بهذا هم الذين يفعلون هذه المناكر ، ويريدون أن يلصقوها بغيرهم هم أصحاب تنظيم القاعدة ؛ الذين يتابعون أسامة بن لادن ، والمسعري ، وسعد الفقيه ، وأمثالهم لأنَّ هؤلاء تربوا على كتب المكفرين من أمثال سيد قطب ، ومن معه في هذا المنهج الخاطـئ الذين يكفرون أمَّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم بغير حق ؛ بل يكفرون بالمعاصي، والمعاصي لايسلم منها أحد .

والحقيقة أنَّه لايجوز أن نكفِّر أحداً من
المسلمين إلاَّ من كفره الله سبحانه وتعالى كالمشركين شركاً أكبر ؛ قال الله عز وجل : ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين ( وقال سبحانه : ) ومن يدع مع الله إلهاً آخر لابرهان له به فإنَّما حسابه عند ربه إنَّه لايفلح الكافرون ( وقال سبحانه وتعالى : ) ولاتدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين ( وقال سبحانه وتعالى على لسان عيسى بن مريم أنَّه قال : ) يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنَّه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ( هذه هي الحقيقة التي لايجوز لأحدٍ أن يحيد عنها ، ومن زعم خلاف ذلك من المكفرين ؛ الذين يكفرون الموحدين المصلين الصائمين فهو مبطلٌ ، وداعٍ إلى الباطل ؛ هذه هي الحقيقة التي لايجوز الشك فيها ، ولا الميل عنها، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

أملاها

الشيخ / أحمد بن يحيى النَّجمي