زواج السلطة والمال... وقوائم ''الزوالية''
04-02-2010, 12:03 PM

زواج السلطة والمال... وقوائم ''الزوالية'' إذا كان الأفافاس يرى أن الجزائر تعيش مرحلة انتقال السلطة من العسكر إلى أصحاب الملايير والنفوذ، فإن لويزة حنون ذهبت إلى حد مطالبة الحكومة بتقديم ''حصيلة'' عن الأموال والقروض التي استفاد منها أرباب العمل الخواص خلال السنوات الماضية. هذه التصريحات لا تترك أي مجال للشك في أن الزواج بين سلطة المال والسياسة في الجزائر قد تم وانقضى وهو بصدد إنجاب علاقة ''مشبوهة''.
ما جرى في شهر رمضان من انفلات لأسعار المواد الاستهلاكية لا يكشف فحسب أن وزارة الهاشمي جعبوب كانت مثل ''الأطرش في الزفة''، بل أظهرت أن السوق الوطنية أخضعت كلية تحت سلطة أصحاب ''الشكارة'' الذين فرضوا كلمتهم وجبروتهم على أسواق الجملة والتجزئة في آن واحد.. كما تبين كذلك أن آليات تنظيم السوق التي وضعتها مصالح وزارة الفلاحة كانت على الورق فقط ولم تجد طريقها إلى الميدان الذي تحكمت فيه من تحب أن تسميهم الحكومة بـ''المضاربين والسماسرة''، عوض تعريفهم بـ''البورجوازية'' الطفيلية أو المافيا المالية.
لكن في الوقت الذي هيمن أصحاب الملايير والنفوذ على أرزاق الجزائريين بجعل الأسعار الاستهلاكية تقفز إلى مستويات قياسية لا يصدقها العقل، خرج وزير التضامن جمال ولد عباس معلنا، لمن يهمهم الأمر، بأنه استطاع تطهير قوائم المستفيدين من أموال الشبكة الاجتماعية، بحيث تم إقصاء، حسب قوله، 99 ألف شخص كانوا مسجلين في قوائم المعوزين. وكان بالإمكان أن نرفع ''الشابو'' لجمال ولد عباس ونعظم له السلام لو نشر نماذج من الأشخاص الذين ضبطهم مندسين في قوائم الفقراء حتى يتبين الخيط الأبيض بين ''الفرطاس وصاحب القرون''، لكن ذلك لم يحدث لأن شفافية الحكومة تمنع ذلك.
وإذا كان يقال في المثل ''لي شقا على نسيبتو يفجخها'' فإنه كان منتظرا أن لا تقتصر عملية ''التطهير'' الحكومية على قوائم ''الزوالية'' وتمتد يدها لتطهير القوائم الطويلة لأصحاب القروض البنكية التي تقول الأرقام أن غير المضمون من هذه القروض التي خرجت من البنوك العمومية تجاوزت الـ100 مليار دينار. نقول هذا لأنه ما يدفع كميزانية لتغطية تكاليف الشبكة الاجتماعية لا يمثل في أحسن الأحوال حجم قرض واحد حصل عليه أصغر ''بزناسي'' بواسطة مكالمة هاتفية.
وما زالت زعيمة حزب العمال متفائلة من أنه بالإمكان معرفة ''حصيلة'' الأموال التي استفاد منها أرباب العمل الخواص وتنتظر من الحكومة أن تمدها بالمعطيات حول الإمبراطوريات المالية الجديدة، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لجبهة القوى الاشتراكية التي ترى بأن نفوذ العسكر تراجع لفائدة أصحاب الملايير الذين أصبحت سلطتهم أقوى من سلطة الدولة. ولما تدعو الباترونا المنضوية تحت راية منتدى رؤساء المؤسسات بضرورة إشراك الحكومة له في كل القرارات ''الهامة''، فهي ليست مجرد دعوة مناشدة بقدر ما تحمل في طياتها ''تحذير'' بأن قرارات الحكومة بحاجة إلى ''تأشيرة'' من أرباب العمل أولا قبل حتى الحصول على موافقة البرلمان. ولعل ردود الفعل التي أثيرت بشأن قانون المالية التكميلي لسنة 2009 الذي تحصل على مصادقة رئيس الجمهورية والبرلمان بغرفته، سوى مؤشر على أن مخالب وأنياب أصحاب الملايير قادرة على خلط أوراق الجهاز التنفيذي. ويرتقب في هذا السياق أن تشهد الأسابيع المقبلة معارك مختلقة بـ''فعل فاعل'' لإحداث ندرة في السلع وأزمات في تموين السوق من طرف أرباب الحاويات ودفع الحكومة إلى موقف المواجهة من الشارع قصد حملها على ''التراجع'' على كل التدابير ''التأديبية'' التي حاولت من خلالها ''أخلقة'' التجارة الخارجية.
ويكون بعض مؤشرات ذلك تخلي الدولة عن مراقبة السلع بالموانئ وكلفت فرقا خاصة للقيام بالعملية، وهو إجراء لا علاقة له بمحاولة تحسين الخدمة والتقليل من البيروقراطية، بقدر ما فرضته ضغوط، وهو معطى يشير إلى ضعف مؤسسات الدولة أمام البارونات الجدد الذين يريدون أحكام قبضتهم كلية على التجارة الخارجية. ويتجسد هذا الوهن أيضا من خلال تكليف المحضرين القضائيين بجمع الغرامات وذلك بعدما وجدت المصالح المكلفة بذلك عاجزة عن تحصيل تلك الأموال. ولعل هذا الوضع هو الذي جعل موظفي مصالح الضرائب يقترحون ضرورة إلحاق هيئتهم برئاسة الجمهورية لكسب القوة المطلوبة التي تسمح لهم بمجابهة أصحاب النفوذ، بعدما يكونوا قد لاحظوا أن ما يحصلونه من ضرائب لفائدة حزينة الدولة بعيد كل البعد عن حقيقة وحجم التعاملات التجارية والاقتصادية الجارية في البلاد.
هذا الوهن الواضح على أجهزة الدولة ساهم هو الآخر في انتشار الجريمة بشكل ينذر بخطر كبير، بحيث عرف شهر رمضان الذي تسجن فيه الشياطين، تسجيل معدل 800 اعتداء في الأسبوع وتم توقيف أزيد من 2223 شخص خلال 15 يوما بتهم تتراوح بين الجريمة المنظمة، الاغتصاب والاختطاف، وهي أرقام لا تجعل الجزائر تنافس مدينة نيويورك وجنوب إفريقيا بامتياز في اللأمن فحسب، بل في جعل المواطن يثق في استرجاع حقه بـ''ذراعه'' وليس بالقانون.
كلما اتذكر ان الطائرات التي تقصف السوريين سورية وقادتها سوريون بؤوامر سورية كرهت عروبتي واكاد انسلخ عن كل ما هو عربي







