مرض فرنسي استعصى على الشفاء.. اسمه الجزائر مرض فرنسي استعصى على الشفاء.. اسمه ال
22-02-2010, 10:25 PM
مرض فرنسي استعصى على الشفاء.. اسمه الجزائر
"العدوّان الحميمان
"العدوّان الحميمان".. عنوان كتاب وفيلم وثائقي فرنسي يصلح ليكون أصدق وصف للحالة المضطربة للعلاقات الجزائرية الفرنسية، وتعاملات الحكومات المتوالية في الجزائر وفرنسا منذ الاستقلال، إذ كان الوصف قبل هذا التاريخ هو: "العدوّان اللدودان"، وإقامة الدنيا في فرنسا هذه الأيام والتصريحات المختلفة ردا على اقتراح نواب جزائريين مناقشة قانون يجرّم الاستعمار لم يفصح عن محتواه حتى اليوم، ليس إلا نموذجا لطبيعة هذه العلاقات التي دونت في اتفاقيات إيفيان المعروفة، التي أفضت إلى وقف القتال.. والى جزائر مستقلة متعاونة مع فرنسا، مثلما أكده سؤال استفتاء تقرير المصير في 01 جويلية .1962 وعكس التصريحات الرسمية في الجزائر وفرنسا، المؤكدة لجودة العلاقات واستراتيجيتها، فإن واقع الحال لا يدع مجالا للشك بأن بين فرنسا والجزائر ما يفرّق أكثر مما يجمع، بسبب طغيان العقلية الاستعمارية الجديدة، التي تتجلى في تصريحات الفرنسيين، وأخطرها تجرؤ فرنسا الديمقراطية على عكس كل دول العالم ودون خجل على إصدار قانون يمجد الاستعمار في 23 فيفري ,2005 في حين كانت الجزائر تتوقع تفهما أحسن وأرقى بعد إصدار فرنسا لقانون سنة 2000 يعترف بأن ما حدث في الجزائر من سنة 1954 إلى 1962 كان حربا وليس عمليات حفظ للأمن. وبرغم إمكانات التقارب بوجود جالية هامة في فرنسا، فإن تعنت هذه الدولة ورفضها الاعتراف بمساوئها، واتخاذ مسؤولياتها في كوارث ناجمة عن قنابلها النووية وملفات عديدة أخرى، يرشح تطور العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى الأسوأ وربما لما لا تحمد عقباه.
العدوّان الحميمان
صديقنا المغربي قال أيضا إنه خلافا لانفصال كل من تونس والمغرب عن فرنسا الذي كان سلسا وليّنا، فإن انفصال الجزائر كان بمثابة "انسلاخ عن الوطن الأم" في إطار من العنف الكبير ومن المآسي والدماء والأشلاء، ملاحظا أن الرئيس الفرنسي ساركوزي كان ركز حملته الانتخابية في الجنوب الفرنسي بالذات وأن الجنوب الفرنسي هذا، أي طول السواحل الفرنسية المطلة على المتوسط، هو الموطن الرئيسي للأقدام السوداء وكبار المعمّرين وأصحاب الحنين إلى الماضي الاستعماري وأن تصويتهم له كان هو الذي صنع الفرق وجعله يفوز على منافسته الاشتراكية! مشارك آخر قال إن فرنسا، مهما كان الحزب الذي يحكمها أو سيحكمها، لن تسّلم مطلقا أرشيف الفترة الاستعمارية إلى الجزائر. بكل بساطة، لأن ذلك الأرشيف يتضمن وثائق عن أفعال ارتكبتها السلطات الاستعمارية وأصبحت اليوم أفعالا مجرّمة في القانون الدولي كجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم. وعليه، فإن فرنسا الرسمية لن تعتذر مطلقا عن ماضيها الاستعماري وعمّا يعتبره الجزائريون جرائم ضد الإنسانية. وللتذكير فقط، فقد كان "عدم اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري" أحد شعارات حملة ساركوزي وقد جوزي الجزاء الأوفى!
لا أخفي أنني سعدت بكلام إخواننا وقرأت فيه تعاطفا صادقا خاليا من كل نوايا خلفية من نوع تلك النوايا التي يلصقها كل نظام سياسي في هذا الشطر من العالم العربي بالنظام الآخر في معارك خاسرة طولا وعرضا، وأنني تمنّيت للحظات لو كانت علاقاتنا مع إخواننا الأقربين، المغاربة والتوانسة، هي الأساس وهي الهدف من تحركنا الدبلوماسي الخارجي دون حسابات البقالين والحانوتية والبزّازين. مرة أخرى وليست الأخيرة فشل نظامنا "الثوري" في وضعنا على سكة سليمة تقود إلى جعل الجزائر قوة جهوية مفصلية وقاطرة للمنطقة تتجاوز المشاكل السطحية والقضايا الآنية. ولكن لنعد إلى موضوعنا ونترك هذا الموضوع المفجع إلى فرصة أخرى.
"قامير" و"العكري" و"بونيول" و"ليزانديجان"
في زيارته الأخيرة لبلادنا، وقبلها، كرّر الرئيس ساركوزي أنه بصفته من مواليد فترة ما بعد استقلال الجزائر، فإنه وجيله لا يتحملاّن الإرث الاستعماري، مسبغا بذلك سمة شخصية ضيقة على سلوك دولة وسياسة قوة عظمى دولية. لأنّ المطلوب، وهذا ما يعلمه المبتدئون في السياسة وفي الدبلوماسية، لم يكن الطلب من ساركوزي كشخص أن يتحمّل إرث آبائه وأجداده الاستعماري، فهو يمكن له على المستوى الشخصي الضيق حتى أن يقول إن جده المباشر ليس فرنسيا وأن والده بالذات لم يكن فرنسيا حين اجتاحت الجحافل الفرنسية بلاد مزغنة، ولا أيضا حين أعلنت الجمعية الوطنية قانونها الشهير بإلحاق "مقاطعة الجزائر" بالتراب الفرنسي واعتبارها مقاطعة فرنسية مثلها في ذلك مثل الألزاس واللورين! إنه هنا لا يفعل سوى السير في خطى تلك السياسة الخبيثة التي جعلت من الجزائر مقاطعة وأرضا فرنسيتين، واستبعدت سكّانها من "مزايا ومنافع" التفرنس باستثناء اليهود منهم. ولا شك أن فرنسا، بمختلف أنظمتها، لا تزال تعتبرنا "بونيول" وفي أحسن الأحوال "أنديجان". هذا الموقف المتواصل بدون انقطاع عبر مراحل التاريخ، كرّسـه قانون تمجيد الاستعمار الذي صادقت عليه الجمعية الفرنسية في أواخر عهد جاك شيراك ونجحت بذلك في إفشال المسعى السائد آنئذ نحو إبرام معاهدة صداقة بين البلدين.
كشفت "قضية" الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني، المحتجز في فرنسا على خلفية قضية جنائية ـ سياسية تعود إلى عشرين سنة خلت، كشفت أن القضاء في بلد مثل فرنسا، يتأثر بالسياسة وبالجو السياسي السائد سلبا أو إيجابا، لكي لا نقول إنه يتلقى تعليمات من السلطات السياسية في بعض المجالات والحالات، وأنه يمكن أن يُجنّد هناك أيضا لخدمة أغراض سياسية. فبالرغم كل القرائن والأدلة التي ساقها الدبلوماسي الجزائري عن براءته، لم يكفّ وكيل الدولة عن تجديد وضعه تحت الرقابة القضائية فترة بعد أخرى، ليكتشف أخيرا أنه بريء. ماذا حقّق الجانب الفرنسي من مكاسب سياسية واقتصادية من وراء افتعال تلك القضية واستغلالها؟ ليس من الضرورة العودة إلى خيوط تلك القضية المعقّدة ولا إلى تداعياتها، ولكنّ ذلك لن يعفينا من التأكيد على أنه ينبغي على السلطات الجزائرية أن ترمي وراءها بدواعي الحذر والتردّد وربما حتى الهياب من معاملة جارتنا على الشاطئ الآخر من المتوسط بكل الفظاظة والخشونة بصفة ذكية طبعا للردّ على تمريغنا في الوحل كما فعلت "قامير" في نفس قضية حسني. هل يملك سياسيونا الأسباب لذلك؟ سنرى !
ملايير فوق طبق من ذهب
وبالقطع فإن وزير التجارة الجزائر كان مُلهما، على ندرة الإلهام لدى حكامنا، حين صرّح أن فرنسا "تحبّ المال الجزائري ولكنها لا تحبّ الجزائريين". ولعل أكبر خطإ وقعت فيه سياستنا منذ رحيل الهواري بومدين، هو الاعتقاد من حين لآخر أنه في الإمكان دفع "قامير" أو "العكري" إلى الوقوع في عشقنا. لقد وجد وزيرنا للتجارة مدعاة للتأسف حين قال "إن شريكنا الفرنسي يحب السوق الجزائرية، وله حبّ شديد للمال الجزائري، ولكنه لا يحبّ الجزائريين بنفس الدرجة"! وفعلا، فإنه لمن العار "إدراج الجزائريين الذين جلبوا لفرنسا ستة ملايير دولار في 2009 على قائمة الدول الخطيرة"، كما قال الوزير.
ودِننا لو قلنا لك لا تحزن يا شيخ، الله يعوّضنا خيرا منها! لكن، لكي نطمح أن يعوّضنا الله خيرا من "العكري" كشريك من الدرجة الأولى، علينا أن نعمل لذلك وأن نشمّر على سواعدنا وأن نخرجها أولا وقبل كل شيء من كل حسابات سياستنا الداخلية، لا نستشيرها ولا نلجأ إليها ولا نطلب مساندتها ولا نسعى إلى نيل الحظوة في عينيها. وفي الواقع فإنني لا استطيع ببلادة قديمة متأصلة في أن أفهم كيف يمكن لفرنسا أن تؤثّر في شؤوننا السياسية الداخلية لو كنّا نحن غير راغبين في ذلك وغير ساعين إليه؟ كيف يمكن لنا أن ندفع فرنسا إلى تغيير موقفها، أو فلنقل بلهجة دبلوماسية، إلى جعل موقفها يتطوّر إيجابيا نحو مطالبنا، ونحن نردّد في كلّ لحظة أن علاقاتنا بها لن تتأثّر بمطلبنا الأساسي باعتذارها عن جرائم الاستعمار ضد الإنسانية المرتكبة في حقّ شعبنا؟ هناك داخل الغرفة السفلى من "البرلمان" الجزائري، مبادرة تتمثل في مشروع قانون بتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وبغض النظر عن مواقف بعضنا البعض من هذه المبادرة ومن توقيتها ومن فعاليتها، فإن موقف رئاسة الغرفة السفلى من "البرلمان" من عدم ربط العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية باستجابة السلطات الفرنسية لمطلب الاعتذار التليد، يدلّ على أن سياسيينا لا يزالون يعاملون "شريك الـ6 ملايير دولار" بكثير من التحوّط والاحتراس والمداهنة والمجاملة. وليس من الغريب أن يكون مكتب رئيس الغرفة السفلى من "البرلمان" وراء هذا الموقف وهو الذي حرص على تأكيده خلال زيارة أخيرة له إلى فرنسا!
كل من الطرفين يعمل على الاستفادة بأقصى ما يستطيع من "التاريخ المشترك" بين البلدين لخدمة أغراض سياسية محلية آنية. وليس هناك ما ينفي أن تكون مبادرة بعض الأحزاب عندنا وعلى رأسها الحزبان العتيدان، "لافالان" و"لاراندي"، وهما كما نعرفهما، جاءت بإيعاز "غير حزبي"، وأنها ستتوقف بمجرّد تحقيق ما سيعتقد أصحابها الحقيقيون أنها حققته!
العدوّان الحميمان
صديقنا المغربي قال أيضا إنه خلافا لانفصال كل من تونس والمغرب عن فرنسا الذي كان سلسا وليّنا، فإن انفصال الجزائر كان بمثابة "انسلاخ عن الوطن الأم" في إطار من العنف الكبير ومن المآسي والدماء والأشلاء، ملاحظا أن الرئيس الفرنسي ساركوزي كان ركز حملته الانتخابية في الجنوب الفرنسي بالذات وأن الجنوب الفرنسي هذا، أي طول السواحل الفرنسية المطلة على المتوسط، هو الموطن الرئيسي للأقدام السوداء وكبار المعمّرين وأصحاب الحنين إلى الماضي الاستعماري وأن تصويتهم له كان هو الذي صنع الفرق وجعله يفوز على منافسته الاشتراكية! مشارك آخر قال إن فرنسا، مهما كان الحزب الذي يحكمها أو سيحكمها، لن تسّلم مطلقا أرشيف الفترة الاستعمارية إلى الجزائر. بكل بساطة، لأن ذلك الأرشيف يتضمن وثائق عن أفعال ارتكبتها السلطات الاستعمارية وأصبحت اليوم أفعالا مجرّمة في القانون الدولي كجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم. وعليه، فإن فرنسا الرسمية لن تعتذر مطلقا عن ماضيها الاستعماري وعمّا يعتبره الجزائريون جرائم ضد الإنسانية. وللتذكير فقط، فقد كان "عدم اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري" أحد شعارات حملة ساركوزي وقد جوزي الجزاء الأوفى!
لا أخفي أنني سعدت بكلام إخواننا وقرأت فيه تعاطفا صادقا خاليا من كل نوايا خلفية من نوع تلك النوايا التي يلصقها كل نظام سياسي في هذا الشطر من العالم العربي بالنظام الآخر في معارك خاسرة طولا وعرضا، وأنني تمنّيت للحظات لو كانت علاقاتنا مع إخواننا الأقربين، المغاربة والتوانسة، هي الأساس وهي الهدف من تحركنا الدبلوماسي الخارجي دون حسابات البقالين والحانوتية والبزّازين. مرة أخرى وليست الأخيرة فشل نظامنا "الثوري" في وضعنا على سكة سليمة تقود إلى جعل الجزائر قوة جهوية مفصلية وقاطرة للمنطقة تتجاوز المشاكل السطحية والقضايا الآنية. ولكن لنعد إلى موضوعنا ونترك هذا الموضوع المفجع إلى فرصة أخرى.
"قامير" و"العكري" و"بونيول" و"ليزانديجان"
في زيارته الأخيرة لبلادنا، وقبلها، كرّر الرئيس ساركوزي أنه بصفته من مواليد فترة ما بعد استقلال الجزائر، فإنه وجيله لا يتحملاّن الإرث الاستعماري، مسبغا بذلك سمة شخصية ضيقة على سلوك دولة وسياسة قوة عظمى دولية. لأنّ المطلوب، وهذا ما يعلمه المبتدئون في السياسة وفي الدبلوماسية، لم يكن الطلب من ساركوزي كشخص أن يتحمّل إرث آبائه وأجداده الاستعماري، فهو يمكن له على المستوى الشخصي الضيق حتى أن يقول إن جده المباشر ليس فرنسيا وأن والده بالذات لم يكن فرنسيا حين اجتاحت الجحافل الفرنسية بلاد مزغنة، ولا أيضا حين أعلنت الجمعية الوطنية قانونها الشهير بإلحاق "مقاطعة الجزائر" بالتراب الفرنسي واعتبارها مقاطعة فرنسية مثلها في ذلك مثل الألزاس واللورين! إنه هنا لا يفعل سوى السير في خطى تلك السياسة الخبيثة التي جعلت من الجزائر مقاطعة وأرضا فرنسيتين، واستبعدت سكّانها من "مزايا ومنافع" التفرنس باستثناء اليهود منهم. ولا شك أن فرنسا، بمختلف أنظمتها، لا تزال تعتبرنا "بونيول" وفي أحسن الأحوال "أنديجان". هذا الموقف المتواصل بدون انقطاع عبر مراحل التاريخ، كرّسـه قانون تمجيد الاستعمار الذي صادقت عليه الجمعية الفرنسية في أواخر عهد جاك شيراك ونجحت بذلك في إفشال المسعى السائد آنئذ نحو إبرام معاهدة صداقة بين البلدين.
كشفت "قضية" الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني، المحتجز في فرنسا على خلفية قضية جنائية ـ سياسية تعود إلى عشرين سنة خلت، كشفت أن القضاء في بلد مثل فرنسا، يتأثر بالسياسة وبالجو السياسي السائد سلبا أو إيجابا، لكي لا نقول إنه يتلقى تعليمات من السلطات السياسية في بعض المجالات والحالات، وأنه يمكن أن يُجنّد هناك أيضا لخدمة أغراض سياسية. فبالرغم كل القرائن والأدلة التي ساقها الدبلوماسي الجزائري عن براءته، لم يكفّ وكيل الدولة عن تجديد وضعه تحت الرقابة القضائية فترة بعد أخرى، ليكتشف أخيرا أنه بريء. ماذا حقّق الجانب الفرنسي من مكاسب سياسية واقتصادية من وراء افتعال تلك القضية واستغلالها؟ ليس من الضرورة العودة إلى خيوط تلك القضية المعقّدة ولا إلى تداعياتها، ولكنّ ذلك لن يعفينا من التأكيد على أنه ينبغي على السلطات الجزائرية أن ترمي وراءها بدواعي الحذر والتردّد وربما حتى الهياب من معاملة جارتنا على الشاطئ الآخر من المتوسط بكل الفظاظة والخشونة بصفة ذكية طبعا للردّ على تمريغنا في الوحل كما فعلت "قامير" في نفس قضية حسني. هل يملك سياسيونا الأسباب لذلك؟ سنرى !
ملايير فوق طبق من ذهب
وبالقطع فإن وزير التجارة الجزائر كان مُلهما، على ندرة الإلهام لدى حكامنا، حين صرّح أن فرنسا "تحبّ المال الجزائري ولكنها لا تحبّ الجزائريين". ولعل أكبر خطإ وقعت فيه سياستنا منذ رحيل الهواري بومدين، هو الاعتقاد من حين لآخر أنه في الإمكان دفع "قامير" أو "العكري" إلى الوقوع في عشقنا. لقد وجد وزيرنا للتجارة مدعاة للتأسف حين قال "إن شريكنا الفرنسي يحب السوق الجزائرية، وله حبّ شديد للمال الجزائري، ولكنه لا يحبّ الجزائريين بنفس الدرجة"! وفعلا، فإنه لمن العار "إدراج الجزائريين الذين جلبوا لفرنسا ستة ملايير دولار في 2009 على قائمة الدول الخطيرة"، كما قال الوزير.
ودِننا لو قلنا لك لا تحزن يا شيخ، الله يعوّضنا خيرا منها! لكن، لكي نطمح أن يعوّضنا الله خيرا من "العكري" كشريك من الدرجة الأولى، علينا أن نعمل لذلك وأن نشمّر على سواعدنا وأن نخرجها أولا وقبل كل شيء من كل حسابات سياستنا الداخلية، لا نستشيرها ولا نلجأ إليها ولا نطلب مساندتها ولا نسعى إلى نيل الحظوة في عينيها. وفي الواقع فإنني لا استطيع ببلادة قديمة متأصلة في أن أفهم كيف يمكن لفرنسا أن تؤثّر في شؤوننا السياسية الداخلية لو كنّا نحن غير راغبين في ذلك وغير ساعين إليه؟ كيف يمكن لنا أن ندفع فرنسا إلى تغيير موقفها، أو فلنقل بلهجة دبلوماسية، إلى جعل موقفها يتطوّر إيجابيا نحو مطالبنا، ونحن نردّد في كلّ لحظة أن علاقاتنا بها لن تتأثّر بمطلبنا الأساسي باعتذارها عن جرائم الاستعمار ضد الإنسانية المرتكبة في حقّ شعبنا؟ هناك داخل الغرفة السفلى من "البرلمان" الجزائري، مبادرة تتمثل في مشروع قانون بتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وبغض النظر عن مواقف بعضنا البعض من هذه المبادرة ومن توقيتها ومن فعاليتها، فإن موقف رئاسة الغرفة السفلى من "البرلمان" من عدم ربط العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية باستجابة السلطات الفرنسية لمطلب الاعتذار التليد، يدلّ على أن سياسيينا لا يزالون يعاملون "شريك الـ6 ملايير دولار" بكثير من التحوّط والاحتراس والمداهنة والمجاملة. وليس من الغريب أن يكون مكتب رئيس الغرفة السفلى من "البرلمان" وراء هذا الموقف وهو الذي حرص على تأكيده خلال زيارة أخيرة له إلى فرنسا!
كل من الطرفين يعمل على الاستفادة بأقصى ما يستطيع من "التاريخ المشترك" بين البلدين لخدمة أغراض سياسية محلية آنية. وليس هناك ما ينفي أن تكون مبادرة بعض الأحزاب عندنا وعلى رأسها الحزبان العتيدان، "لافالان" و"لاراندي"، وهما كما نعرفهما، جاءت بإيعاز "غير حزبي"، وأنها ستتوقف بمجرّد تحقيق ما سيعتقد أصحابها الحقيقيون أنها حققته!
كلما اتذكر ان الطائرات التي تقصف السوريين سورية وقادتها سوريون بؤوامر سورية كرهت عروبتي واكاد انسلخ عن كل ما هو عربي







