المقلاة الصغيرة و السمكة الكبيرة
27-10-2007, 01:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى أله و صحبه أجمعين، أما بعد
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
هذه القصة للأستاذ عمرو خالد. أثارت انتباهي و أنا أقرأها لما تحمله من مغزى كبير و معنى عميق, فأردت أن أنقلها إليكم راجية من الله أن تفيدكم و تفيدنا جميعا.
يروى أن صيادا كان السمك يعلق بصنارته بكثرة. و كان موضع حسد بين زملائه الصيادين. و ذات يوم, استشاطوا غضبا عندما لاحظوا أن الصياد المحظوظ يحتفظ بالسمكة الصغيرة و يرجع السمكة الكبيرة إلى البحر. عندها صرخوا فيه " ماذا تفعل؟ هل أنت مجنون؟ لماذا ترمي السمكات الكبيرة؟
عندها أجابهم الصياد : " لأني أملك مقلاة صغيرة "
قد لا نصدق هذه القصة, لكن للأسف نحن نفعل كل يوم ما فعله هذا الصياد. نحن نرمي بالأفكار الكبيرة و الأحلام الرائعة و الاحتمالات الممكنة لنجاحنا خلف أظهرنا على أنها أكبر من عقولنا و إمكانياتنا كما هي مقلاة ذلك الصياد. هذا الأمر لا ينطبق فقط على النجاح المادي, بل أعتقد أنه ينطبق على مناطق أكثر أهمية. نحن نستطيع أن نحب أكثر مما نتوقع, أن نكون أسعد مما نحن عليه, أن نعيش حياتنا بشكل أجمل و أكثر فاعلية مما نتخيل. يذكرنا أحد الكتاب بذلك فيقول " أنت ما تؤمن به " لذا فكر بشكل أكبر, أحلم بشكل أكبر, توقع نتائج أكبر, و أدع الله أن يعطيك أكثر.
ماذا سيحدث لو رميت بمقلاتك الصغيرة التي تقيس بها أحلامك و استبدلت بها واحدة أكبر؟ ماذا يحصل لو قررت أن لا ترضى بالحصول على أقل مما تريده و تتمناه؟ ماذا سيحدث لو قررت أن حياتك يمكن أن تكون أكثر فاعلية و أكثر سعادة مما هي عليه الآن؟ ماذا سيحدث لو قررت أن تقترب من الله أكثر و تزداد به ثقة و أملا؟ ماذا سيحدث لو قررت أن تبدأ بذلك اليوم؟
و لا ننسى حديث النبي محمد صلى الله عليه و سلم " إذا سألتم الله فا سألوه الفردوس الأعلى " و لكن قد يتبادر إلى الذهن هذا التساؤل.
ماذا لو بالفعل استبدلنا مقلاتنا بمقلاة أكبر, ثم لم نجد سمكا بحجم مقلاتنا. هل تعتقد أن السمك الصغير سوف يكون له طعم في تلك المقلاة الكبيرة؟ كلامي ليس سلبي و لا أحب أن أطرح شيئا يحمل نوعا من التشاؤم, و لكن ماذا يفعل صياد صغير لديه مقلاة كبيرة لم ترى سوى صغار صغار السمك, رغم تفاؤله كل صباح و هو ذاهب للصيد. و تفاؤله أيضا عند رجوعه و ليس بحوزته سوى سمكات صغيرة. فعل كل ما بوسعه, غير البحيرة و الصنارة و...و في الأخير نفس النتيجة. هل يظل يمشي و راء تفاؤل مظلم؟
و الجواب... واحدة من أهم الحقائق التي وصل إليها علم النفس في عصرنا أن الإنسان لديه القدرة على أن يعيش الحياة التي يريدها هو.
لدينا القدرة أن نعيش كما نشاء... و الخطوة الأولى هي الحلم. لنا الحق أن نحلم بما نريد أن نكونه و بما نريد أن ننجزه. الحلم الكبير سيضع أمامنا أهدافا و هذه هي الخطوة الثانية. هدف يشغلنا صباح مساء لتحقيقه و إنجازه. ليس لدينا عذر. هناك العشرات من المقعدين و الضعفاء حققوا نجاحات مذهلة. هناك عاهة واحدة فقط قد تمنعنا من النجاح و التفوق و تحويل التفاؤل إلى واقع.
هل تود معرفتها؟ إنه الحكم على أنفسنا بالفشل و الضعف و انعدام القدرة.الصياد الذي لا يجني إلا السمكات الصغيرة لابد أن يتخذ خطوة إيجابية. أن يغير مكان الاصطياد. أن يستخدم صنارة أخرى. أن يتخير وقتا أخر...التفاؤل وحده لا يغنى و لا يسمن.
لكن التشاؤم هو القاتل الذي أجرم في حق عشرات من الشباب و الشابات الذين نراهم هنا و هناك تعلوهم نظرة الحيرة و اليأس.

أسأل الله أن يوفقنا في سعينا و أنيتقبل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم, إنه سميع مجيب.