.. الجنة الحمراء ..
23-02-2010, 07:53 PM
، كون أن الجنةَ التي يتمناها كل واحد منا خضراء، وهي الجنة التي وعد بها الله تعالى عباده المتقين، لكن ومقابل هذا الوعد، نجد للأسف وعد الشيطان الذي يعدُ الناس بالفقر، الخوف، الجوع، الضياع والحرمان في جنة حفها بالشهوات والمغريات وأعطاها لون النار، التي خلق منها، وعرضها على الضعفاء وقليلو الإيمان ليلهيهم عن الدنيا والآخرة، وعن واجباتهم، أهاليهم وزوجاتهم وأبنائهم وحتى عن أنفسهم، وسماها لهم ''الجنة الحمراء''،
هو يبلغ من العمر 38 سنة، متزوج وأب لأربعة أبناء، عمل في إحدى الشركات كموظف بسيط، حيث كان يتقاضى راتبا شهريا لا يكاد يغطي مصاريف العيش، ولمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما على الأكثر، بحيث يقضي الأيام الباقية معتمدا على السلف أو ''الكريدي'' من أجل تغطية حاجيات أبنائه وزوجته وأمه التي تعيش معه في بيت ضيق.
ومع مرور الوقت، تراكمت عليه الديون وتسببت له في مشاكل عدة، وأصبحت تؤرق كاهله، حيث صارت بالنسبة له هما بالليل وذلا بالنهار!! وأضحى لا يتذوق طعم النوم ويقضي جل الليالي شارد الذهن، يفكر في كيفية سدادها أو في البحث عن طريقة ليقابل مدينوه، حيث 'لم يترك أحدا إلا واقترض منه مبلغا من المال، وهذا ما جعله يعيش مشاكل عديدة داخل أسرته ومع جيرانه وأصدقائه، وحتى زملائه في العمل، ومن كثرة هذه المشاكل، اقترح عليه مدير الشركة ترك الوظيفة مقابل مبلغ من المال، يتقاضاه كتعويض عن التسريح...فكر في الأمر، لكن سرعان ما أصبح ذلك الاقتراح ضرورة حتمية، لا سبيل بعده، فلم يجد سوى تقبلها والتوقف عن العمل من كثرة المشاكل والديون''.
منعرجٌ حسرة لا مفر منه...
''توقف عن العمل متقاضيا ذلك المبلغ الذي كان يراه في بادئ الأمر معتبرا وكافيا من أجل القيام بمشروع تجاري، وهذا ما فعله بالضبط، ودخل السوق، لكن من بابه الضيق ويعني..''السوق السوداء''، وصار يتجول في الشوارع ويبيع مختلف السلع، يقصد يبيع تارة ويهرب تارة أخرى، وفي معظم الأحيان، يجد الفائدة ورأس المال محتجزين لدى الشرطة''.
بقي يصرف من ذلك المال الذي حصل عليه مقابل تسريحه من وظيفته، وصار المبلغ ينقص شيئا فشيئا، و المشاكل تزداد يوما بعد يوم، حتى صار يخشى الدخول إلى البيته من كثرتها. وفي أحد الأيام، دخل البيت متأخرا وتشاجر مع زوجته بسبب توقفه عن العمل وخسارة وظيفته وتجارته في وقت واحد، ولم يجد من سبيل سوى العودة إلى الشارع، فخرج غاضبا في ساعة متأخرة من الليل، وحينها تفرقت به السبل وضاقت به الأرض بما رحبت، وبقي يمشي ويمشي دون دليل ولا صاحب ولا حتى هدفا معينا، باحثا عن مقهى أو ''قاعة شاي'' ليستريح فيها من كثرة المشي، ليتدفأ من شدة البرد، لكن كل المحلات كانت مغلقة وموصدة، فبقي يمشي ويفكر في حلٍ لهذه المشاكل، ولم يجد سوى داعيان اثنان يهمسان في أذنه، الأول يدعوه إلى التوبة وينصحه بالصلاة والطاعة والاقتراب من الله سبحانه وتعالى، والثاني ينصحه بالإنتحار...''
''فكر مليا حتى وصل إلى مفترق طرق، حينها كان يشد تفكيره طريقين لا وسط بينهما، بما أن العودة إلى البيت في ذلك الوقت كانت مستحيلة، فوجد نفسه مجبرا على الاختيار واتخاذ القرار، التوبة أو الانتحار... وبعد تفكير طويل، وجد نفسه يتوجه نحو أحد المساجد، طرق الباب، فما من مجيب، وبعد انتظار طويل دون جدوى، فقد الأمل وواصل المشي حتى رأى وكأن نورا يسطع من بعيد، اقترب منه، فسمع صوت غناء ينبعث من هناك، اقترب أكثر، فرأى أناسًا يدخلون وأناساً يخرجون، نساء ورجال بكل الصفات ومن مختلف الشرائح والأعمار، ومن كثرة الأنوار والأضواء، لم يجد سوى الاقتراب لمعرفة المزيد، في بادئ الأمر، كان يحسب أنه عرس أو وليمة، لكن عندما اقترب أكثر، قرأ عند الباب لائحة كتب عليها عبارة .....ففهم أنه ''ملهىً ليلي''، وما لاحظه هو دخول الناس المحترمين فقط، وأما الخارجين، فكانوا في أسوء الحالات، فقال في قرارة نفسه، هذا هو المكان المناسب، ما دام لا يدخله إلا الحسن ولا يخرج منه إلا السيئ ، ومهما كان، فدخول هذا المكان خير من الانتحار ...
' يدخل ويخرج من إغواء الشيطان
'دخل فرحبوا به وأقعدوه في طاولة كبيرة مليئة بالأزهار والورود، وبقي ينظر إلى الأضواء التي تتغير ألوانها في كل لحظة ومن مختلف الأنحاء وفي كل الاتجاهات، أضواء تجعلك تبدوا جميلا مهما كانت صورتك، وأنيقا مهما كنت ترتدي، أما الموسيقى، فكانت صاخبة على أعلى مستوى من حيث حجم الصوت، حتى أنك لا تسمع القيل والقال، والوحيد الذي كان يتكلم، هو المغني الذي كان يحيي الأصدقاء، أو بالأحرى، يحيي الجميع، كونهم هنا جميعا أصدقاء''...'' هو كذلك صار صديقا وصاروا يقدمون له التحايا ويضحكون معه ويبتسمون له، فشعر حينها وكأنها الجنة...''
...''بينما يتمتع بتلك المشاهد والكلمات، جاء النادل أو ''الساقي'' كما يسمونه، وسأله عن طلبه، فأخبره أنه لم يطلب بعد، ولم يفعل في حياته شيئا كهذا، وطلب منه إحضار عصير كبداية، لكن حسب القانون هناك، فتناول المشروبات الكحولية ضروري!!، فقال لما لا أجرب ...؟ اليوم فقط .. وعندما قرر الشرب، احتار ماذا يختار، كونه لا يعرف أنواع الخمور، فطلب منه أن يحضر له كأسا من أحسن ما لديهم''.
...''بقي يشرب فشعر بالدوار نوعا ما، ثم طلب كأسا من العصير لكي لا يتغلب عله السكر، وتوقف عن الشرب بعدها، وبينما هو جالس فإذا بالساقي يعود ويسأله عن الطلب مرة ثانية وثالثة ورابعة و....وبالرغم من كل هذا، لم يشعر بالسكر، لأن تلك الفتاة التي جاءت لتجلس أمامه، بعدما أخبرها الساقي بأنه ليس مستهلكا، فجاءته لتلعب ذلك ''الدور''، بل وأرادت الذهاب أكثر من هذا، وطلبت منه أن يقدم لها تحية عبر المغني الذي كان يشبه الموزع الأوتوماتيكي ولا يتكلم إلا بالمال ...''
''وبينما هي تشرب وتغني، بقي يتأمل في الناس كيف يخرجون المال بسهولة، كيف يدخلون وكيف يخرجون... كيف يستقبلون وكيف يودعون، أو بالأحرى، يطردون بعد نفاذ المال والإفراط في الشرب. فيخرجون دون دليل ولا مال ولا حتى صديق يساعدهم على المشي، ففهم لماذا سميت الخمر بأم الخبائث''.
''هناك تذكر أولاده، تذكر تلك المائدة الصغيرة المليئة بالحب والدفء، تذكر زوجته، تذكر أمه، تذكر نفسه وربه، فخرج مسرعا إلى البيت دون النظر إلى الخلف، وعندما دخل وجد زوجته وأمه تنتظرانه، أما أبنائه، فقد ناموا بعد انتظار طويل، ومنذ فجر ذلك اليوم، لم ينقطع عن صلاته وعائلته وكذلك وظيفته الجديدة التي تحصل عليها أسبوعا فقط بعد ذلك''.
....كانت تجربة قاسية بالنسبة له ولعائلته، لكن سرعان ما تدارك الأمر، وتعلم من خلالها أشياء كثيرة واسترجع الثقة بالله وبنفسه، كما أنه أخذ دروسا وعبرا منها.
قصة واقعية
هو يبلغ من العمر 38 سنة، متزوج وأب لأربعة أبناء، عمل في إحدى الشركات كموظف بسيط، حيث كان يتقاضى راتبا شهريا لا يكاد يغطي مصاريف العيش، ولمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما على الأكثر، بحيث يقضي الأيام الباقية معتمدا على السلف أو ''الكريدي'' من أجل تغطية حاجيات أبنائه وزوجته وأمه التي تعيش معه في بيت ضيق.
ومع مرور الوقت، تراكمت عليه الديون وتسببت له في مشاكل عدة، وأصبحت تؤرق كاهله، حيث صارت بالنسبة له هما بالليل وذلا بالنهار!! وأضحى لا يتذوق طعم النوم ويقضي جل الليالي شارد الذهن، يفكر في كيفية سدادها أو في البحث عن طريقة ليقابل مدينوه، حيث 'لم يترك أحدا إلا واقترض منه مبلغا من المال، وهذا ما جعله يعيش مشاكل عديدة داخل أسرته ومع جيرانه وأصدقائه، وحتى زملائه في العمل، ومن كثرة هذه المشاكل، اقترح عليه مدير الشركة ترك الوظيفة مقابل مبلغ من المال، يتقاضاه كتعويض عن التسريح...فكر في الأمر، لكن سرعان ما أصبح ذلك الاقتراح ضرورة حتمية، لا سبيل بعده، فلم يجد سوى تقبلها والتوقف عن العمل من كثرة المشاكل والديون''.
منعرجٌ حسرة لا مفر منه...
''توقف عن العمل متقاضيا ذلك المبلغ الذي كان يراه في بادئ الأمر معتبرا وكافيا من أجل القيام بمشروع تجاري، وهذا ما فعله بالضبط، ودخل السوق، لكن من بابه الضيق ويعني..''السوق السوداء''، وصار يتجول في الشوارع ويبيع مختلف السلع، يقصد يبيع تارة ويهرب تارة أخرى، وفي معظم الأحيان، يجد الفائدة ورأس المال محتجزين لدى الشرطة''.
بقي يصرف من ذلك المال الذي حصل عليه مقابل تسريحه من وظيفته، وصار المبلغ ينقص شيئا فشيئا، و المشاكل تزداد يوما بعد يوم، حتى صار يخشى الدخول إلى البيته من كثرتها. وفي أحد الأيام، دخل البيت متأخرا وتشاجر مع زوجته بسبب توقفه عن العمل وخسارة وظيفته وتجارته في وقت واحد، ولم يجد من سبيل سوى العودة إلى الشارع، فخرج غاضبا في ساعة متأخرة من الليل، وحينها تفرقت به السبل وضاقت به الأرض بما رحبت، وبقي يمشي ويمشي دون دليل ولا صاحب ولا حتى هدفا معينا، باحثا عن مقهى أو ''قاعة شاي'' ليستريح فيها من كثرة المشي، ليتدفأ من شدة البرد، لكن كل المحلات كانت مغلقة وموصدة، فبقي يمشي ويفكر في حلٍ لهذه المشاكل، ولم يجد سوى داعيان اثنان يهمسان في أذنه، الأول يدعوه إلى التوبة وينصحه بالصلاة والطاعة والاقتراب من الله سبحانه وتعالى، والثاني ينصحه بالإنتحار...''
''فكر مليا حتى وصل إلى مفترق طرق، حينها كان يشد تفكيره طريقين لا وسط بينهما، بما أن العودة إلى البيت في ذلك الوقت كانت مستحيلة، فوجد نفسه مجبرا على الاختيار واتخاذ القرار، التوبة أو الانتحار... وبعد تفكير طويل، وجد نفسه يتوجه نحو أحد المساجد، طرق الباب، فما من مجيب، وبعد انتظار طويل دون جدوى، فقد الأمل وواصل المشي حتى رأى وكأن نورا يسطع من بعيد، اقترب منه، فسمع صوت غناء ينبعث من هناك، اقترب أكثر، فرأى أناسًا يدخلون وأناساً يخرجون، نساء ورجال بكل الصفات ومن مختلف الشرائح والأعمار، ومن كثرة الأنوار والأضواء، لم يجد سوى الاقتراب لمعرفة المزيد، في بادئ الأمر، كان يحسب أنه عرس أو وليمة، لكن عندما اقترب أكثر، قرأ عند الباب لائحة كتب عليها عبارة .....ففهم أنه ''ملهىً ليلي''، وما لاحظه هو دخول الناس المحترمين فقط، وأما الخارجين، فكانوا في أسوء الحالات، فقال في قرارة نفسه، هذا هو المكان المناسب، ما دام لا يدخله إلا الحسن ولا يخرج منه إلا السيئ ، ومهما كان، فدخول هذا المكان خير من الانتحار ...
' يدخل ويخرج من إغواء الشيطان
'دخل فرحبوا به وأقعدوه في طاولة كبيرة مليئة بالأزهار والورود، وبقي ينظر إلى الأضواء التي تتغير ألوانها في كل لحظة ومن مختلف الأنحاء وفي كل الاتجاهات، أضواء تجعلك تبدوا جميلا مهما كانت صورتك، وأنيقا مهما كنت ترتدي، أما الموسيقى، فكانت صاخبة على أعلى مستوى من حيث حجم الصوت، حتى أنك لا تسمع القيل والقال، والوحيد الذي كان يتكلم، هو المغني الذي كان يحيي الأصدقاء، أو بالأحرى، يحيي الجميع، كونهم هنا جميعا أصدقاء''...'' هو كذلك صار صديقا وصاروا يقدمون له التحايا ويضحكون معه ويبتسمون له، فشعر حينها وكأنها الجنة...''
...''بينما يتمتع بتلك المشاهد والكلمات، جاء النادل أو ''الساقي'' كما يسمونه، وسأله عن طلبه، فأخبره أنه لم يطلب بعد، ولم يفعل في حياته شيئا كهذا، وطلب منه إحضار عصير كبداية، لكن حسب القانون هناك، فتناول المشروبات الكحولية ضروري!!، فقال لما لا أجرب ...؟ اليوم فقط .. وعندما قرر الشرب، احتار ماذا يختار، كونه لا يعرف أنواع الخمور، فطلب منه أن يحضر له كأسا من أحسن ما لديهم''.
...''بقي يشرب فشعر بالدوار نوعا ما، ثم طلب كأسا من العصير لكي لا يتغلب عله السكر، وتوقف عن الشرب بعدها، وبينما هو جالس فإذا بالساقي يعود ويسأله عن الطلب مرة ثانية وثالثة ورابعة و....وبالرغم من كل هذا، لم يشعر بالسكر، لأن تلك الفتاة التي جاءت لتجلس أمامه، بعدما أخبرها الساقي بأنه ليس مستهلكا، فجاءته لتلعب ذلك ''الدور''، بل وأرادت الذهاب أكثر من هذا، وطلبت منه أن يقدم لها تحية عبر المغني الذي كان يشبه الموزع الأوتوماتيكي ولا يتكلم إلا بالمال ...''
''وبينما هي تشرب وتغني، بقي يتأمل في الناس كيف يخرجون المال بسهولة، كيف يدخلون وكيف يخرجون... كيف يستقبلون وكيف يودعون، أو بالأحرى، يطردون بعد نفاذ المال والإفراط في الشرب. فيخرجون دون دليل ولا مال ولا حتى صديق يساعدهم على المشي، ففهم لماذا سميت الخمر بأم الخبائث''.
''هناك تذكر أولاده، تذكر تلك المائدة الصغيرة المليئة بالحب والدفء، تذكر زوجته، تذكر أمه، تذكر نفسه وربه، فخرج مسرعا إلى البيت دون النظر إلى الخلف، وعندما دخل وجد زوجته وأمه تنتظرانه، أما أبنائه، فقد ناموا بعد انتظار طويل، ومنذ فجر ذلك اليوم، لم ينقطع عن صلاته وعائلته وكذلك وظيفته الجديدة التي تحصل عليها أسبوعا فقط بعد ذلك''.
....كانت تجربة قاسية بالنسبة له ولعائلته، لكن سرعان ما تدارك الأمر، وتعلم من خلالها أشياء كثيرة واسترجع الثقة بالله وبنفسه، كما أنه أخذ دروسا وعبرا منها.
قصة واقعية
الضمير والايمان هو الصوت الهادئ ... يخبرك بأن أحدا ينظر إليك.. فاتقي الله حيثما كنت.








