شُؤْمُ الْغَصْبِ
06-05-2010, 08:58 PM
يُروى أنّه كان على شاطئ البحر، صيّاد مسكين يشكو الفاقة والفقر، مرّت عليه فترة من الركود، فلا يحظى بصيد وحالت بينه وبين اليسر سدود/ وفيما هو يومًا يرمي الشّبكة، علّها تأتي ولو بسمكة/ أنعم الخلاّق عليه ومَنّ، بسمكة من غير مهارة منه ولا فن/ ففرح الصّيّاد وكاد يطير، من بعد الحزن والتكدير/ وشكر الله ربّ العالمين، فهو المعطي وهو المعين/ وبينما هو عائد إلى بيته الّذي يأويه، يحمل الخير إلى أهله وبنيه/ إذ يفاجئه رجل شرّير، شرّه بين القوم مستطير/ فغمرت الصّيّاد المخافة، وهرب منه مسافة/ فقال له: يا صيّاد قف، أعطني ما معك قبل أن يجفّ/ فأبى الصّيّاد وحاول التّمنّع، وازداد الشّرير بالتكبّر والترفّع/ وضربه بسوط في يديه، على وجهه وجانبيه/ حتّى انهار البائس، وتمتم بكلمات بصوت هامس/ فقال له: ماذا تقول؟، أعطني السّمكة الآن يا غفول/ وأخذ السّمكة فرحًا بما غَصَب، وترك الصّيّاد يبكي على ما منه سُلب/ وفيما الشّرير يمشي في الطّريق وحده، عضّت السّمكة على إبهامه بشدّة/ فحاول التخلّص، منها والتملّص/ فصرخ وتوجّع، وتألّم وتلوّع/ إلى أن وصل الدّار فقال: أنجدوني أكاد أموت في الحال/ فصار صوته كالأبواق، وفمّ السّمكة على إصبعه مُحكم الإغلاق/ فعالجه أهله وبنوه وحاولوا جهدهم أن يُنجدوه/ فما أفلحوا إلاّ بعد جهد جهيد، فأسنان السّمكة أثرها شديد/ ولم تمض أيّام عدّة، حتى ازداد المرض وأخذ حدّه/ فانتفخ الإصبع وازداد الورم، وما عاد الشّرير يتحمّل الألم/ فذهب إلى الطّبيب يشكوه سوء الأمر، فرآه وأشار عليه بالقطع والبتر/ وإلاّ فهلاكه قريب، لأنّ هذا المرض أثره عجيب/ فقطع إبهامه، ولم تنقطع آلامه/ بل أُشير عليه بقطع الكفّ، كي لا يتمدّد الألم ويلتفّ/ فقُطعت وما باليد حيلة، ومع ذلك بقيت يده عليلة/ ثم انتشر الألم في السّاعد، وصار يصرخ هل من مساعد/ وأشاروا عليه بقطع السّاعد فقطعه فما أشد الألم وما أفظعه/ ولم ينفع بتر ساعده ويده، بل زاد الألم ووصل إلى عضده/ فقيل له اقطع كتفك وإلاّ سترى، ذاك المرض في جسمك كلّه سرى/ فقُطع كتفه وهو يتألم، وزاد خوفه من الأمر أن يتأزّم/ فقيل له: ما سبب أحوالك المرتبكة؟ فأخبرهم بقصّة صاحب السّمكة/ فلاموه وقالوا له: إنّ الدّواء، أن تطلب السّماح منه فإن شاء الله يتوقّف الدّاء/ قبل أن يأتي على كلّ جسدك، وقد ابتدأ أوّل الأمر في يدك/ فصار ذاك يفتّش عن الصّياد، بحرص شديد على شواطئ البلاد/ حتى وصل إليه يصطاد السّمك، ولولا ذاك لكان من بؤسه هلك/ فوقع على قدميه يقبّلهما ويبكي، ويقول هذا خطئي، هذا ذنبي هذا إفكي/ فقال له الصّيّاد: من أنت وماذا تفعل؟/ فأخبره الرجل تفاصيل قصّته، فسامحه الصّيّاد على فعلته/ ثم سأله الرّجل عمّا قال، عندما أتاه بتلك الفعال/ فأجاب: إنّك عندما فعلت فعلتك، قلت يا ربّي أرني فيه قدرتك/ فقال الغاصب عاقبة الغصب، ووقعت عليه نتيجة السّلب والنّهب.
اللّهم حبّب إلينا الحلال وكرّه إلينا الفسوق والعصيان ولا تجعلنا من أصحاب القلوب القاسيّة
مـــ راق لي ــــمّا
اللّهم حبّب إلينا الحلال وكرّه إلينا الفسوق والعصيان ولا تجعلنا من أصحاب القلوب القاسيّة
مـــ راق لي ــــمّا










