الراهن العربي في قلب الإعصار 2
19-05-2010, 10:11 PM
الراهن العربي في قلب الإعصار2
مسؤولية النخب عن التدهور العربي الراهن
مسؤولية النخب عن التدهور العربي الراهن
النخب متعددة, ويمكن حصرها في السياسة والاقتصاد والثقافة والأمن, مما يجعلنا نتناولها وربما فروعها واحدة بعد الأخرى.
النخبة السياسية
]تتمثل هذه النخبة الأساسية في السلطة والمعارضة, وهو مصطلح مستورد, مما يجعله ليس واقعيا بالقدر الكافي, بمعنى أن الواجهة أو الشعار المرفوع يمثل الأدوات التنظيمية السياسية العالمية المعاصرة, بينما تجسيده الميداني -عربيا- يختلف كثيرا أو قليلا حسب البلدان, وحسب المناطق الحضرية والريفية والبدوية في البلد الواحد, وحسب الطبقات والفئات الاجتماعية, مما يجعل الوضع في النهاية يتخذ شكلا آخر تماما, لا علاقة له - نسبيا- بما يعنيه هذا التصنيف السياسي في بلدان المركز أي بلدان الغرب حاليا, مصدر ذلك التقسيم السياسي للطبقة السياسية لديها إلى سلطة حاكمة ومعارضة, ضمن الممارسة الديمقراطية القائمة عندهم, أما عندنا فشيء آخر, مما يخلق تعقيدات غير محسوبة في فهم الممارسة السياسية, وهي النشاط الوحيد الذي يخضع لاستراتيجية محكمة في الوطن العربي.
لكن من أجل تقريب الوضع السياسي نأخذ النخبة الممثلة له على هذا الأساس مع الأخذ بالاحتياطات اللازمة حتى لا نقع في متاهات تخرجنا كليا أو جزئيا عن الموضوع, إذن هناك القسم الحاكم من النخبة أو السلطة, وهي في ذلك الموقع وبتفاوت في الممارسة الديمقراطية بين بلد وآخر من بلداننا العربية, بصورة غير صحيحة ديمقراطيا, بمعنى أن الوصول إلى السلطة – ليس في الغالب – ديمقراطيا, والبقاء فيها أيضا, مما يعني أن الشعب حتى في الجمهوريات ليس هو مصدر السلطة, ومن ثم لا يقوى على ممارسة الرقابة والتوجيه والتنحية عليها, الأمر الذي يدفع تلك السلطة التعسفية إلى الاستناد إلى قوى أخرى داخلية وخارجية تستمد منها وجودها واستمرارها في الحكم, وتنفذ إرادتها في ممارسة السلطة, وعادة ما تكون من الناحية الداخلية متمثلة في البنيات التقليدية للمجتمع وفي التحالفات السياسية والمالية القائمة, وهذه المراكز التي تمثل القاعدة الاجتماعية للسلطة, تميل بطبعها إلى السلوك النفعي, وبطبيعة الحال لفرض امتيازاتها وحمايتها بكل الوسائل, بمعنى أن المصلحة التي ترعاها السلطة ليست مصلحة الشعب, وفي هذا تفاوت من بلد عربي إلى آخر, وإنما هي مصلحة التحالف السياسي المالي القائم, والبنيات التقليدية للمجتمع, أو بالأحرى قياداتها, مثل شيوخ القبائل, والأعيان في المدن والريف, وما شابه ذلك مما يمكن وصفه بالقيادات التقليدية للمجتمع.
ومن الناحية الخارجية, هناك تبعية واقعية, كون الوطن العربي يقع حاليا, في هذه الحقبة من التاريخ أو الراهن فيما يسمى الأطراف حيث إن المركز هو الغرب وتحديدا أمريكا وأوروبا, هناك تقع قيادة العالم الآن, ولا بد للجهات الأخرى أن تعبر عن تبعيتها للمركز باعتبارها من الأطراف التابعة له, وإلا اعتبرت مارقة, وكان مصيرها كالعراق, وربما إيران التي يريدون إخضاعها والإطاحة بها مهما كان الثمن, باعتبارها من الأطراف المتمردة على المركز, والتمرد درجات, فيه ما يمكن قبوله مع وضعه تحت الملاحظة والحذر مثل فينزويلا وإلى حد ما سوريا, وهناك ما لا يمكن قبوله, كتلك المحاولات التي تقع في مناطق معينة, أهمها المنطقة العربية والإسلامية لأسباب يمكن أن نتناولها في مقال آخر. مما يعني أن النظم العربية القائمة اليوم تخضع إراديا أو قسرا إلى المركز الغربي لإدارة العالم المعاصر, وبالطبع فإن خضوعها درجات متفاوتة, وهنا يمكن أن نضع التصنيف الذي وضعه الغرب نفسه لهذه النظم وهو الممانعة منها و"المعتدلة", لكنها في النهاية تمثل كلها بدرجات متفاوتة مصالح الغرب في المنطقة, وإلا لما وفر لها الحماية الضرورية للاستمرار في السلطة وحتى الوصول إليها, وخلاصة الأمر هي أن السلطة القائمة في الوطن العربي عموما, لها قاعدة اجتماعية داخلية هي التحالف السياسي المالي, ومنه القيادات الراهنة للبنيات التقليدية للمجتمع, ومن الناحية الخارجية يدعمها المركز الغربي ويحميها, أي أمريكا وأوروبا, مما يجعل هذه النظم اختياريا أو اضطراريا ملزمة بخدمة المركزين الداخلي والخارجي الداعمين لوجودها ولوصولها إلى السلطة واستمرارها فيها, ويبقى السؤال قائما, ما دامت هذه السلطة لا يمكنها أن تذهب بعيدا في خدمة مصالح الشعب, حتى لو أرادت ذلك, لأنها ستقابل بالرفض من المركزين الداخلي والخارجي باعتبارهما مصدر السلطة وراعيها, ومن ثم الإطاحة بها إن هي حاولت التحالف مع الشعب وخدمة مصالحه, وإن كانت - في الغالب - لا تتنطع إلى هذا الحد, السؤال يبقى مطروحا بشأن المعارضة, ما دورها؟ وما ذا بقي لها من هامش للحركة مع النفوذ المحكم للمركزين الداخلي والخارجي المعتبران - فعليا- مصدر السلطة وداعمها وحاميها؟ وبالتالي هل يمكن وجود معارضة أصلا في ظل هذا الوضع؟ وإن افترضنا وجودها ولو بصورة شكلية, فما هي حقيقتها وسلوكها السياسي؟ ومكانتها من الممارسة الديمقراطية؟ وبالتالي هل يمكنها - إن هي أرادت – أن تدافع عن مصالح الشعب والوطن؟؟؟ أعتقد أن ذلك الموضوع يستحق إفراد مقال له, هو مقالنا القادم, أو الحلقة الثالثة من الراهن العربي في قلب الإعصار.








